الأربعاء، سبتمبر 19، 2007

الأحد عشر ألف أسير فلسطيني إلى كم مبادرة حسن نية يحتاجون ؟؟؟


راسم عبيدات
........ في ظل اللقاءات الفلسطينية والإسرائيلية المتكررة، أصبح هناك حديث ممجوج وإسطوانة مشروخة، عن ما يسمى بتعزيز سلطة الرئيس الفلسطيني عباس، وتعزيز هذه السلطة يتطلب تقديم تنازلات من إسرائيل، ومن ضمن ما يسمى بهذه التنازلات، إطلاق سراح أسرى فلسطينين، وقبل شهرين أطلقت إسرائيل سراح 250 أسير فلسطيني ، أغلبهم شارفت محكومياتهم على الإنتهاء، وأعتقلت إسرائيل في ثلاثة أسابيع ما يزيد عنهم بمئة معتقل، ومع مجيء شهر رمضان تجدد الحديث، عن نية إسرائيل إطلاق سراح مئة أسير فلسطيني، وما ان تم الإعلان عن الخبر، حتى سارع العديد من أعضاء الكنيست والوزراء الإسرائيليين، إلى القول أن إطلاق سراح المئة أسير فلسطيني من شانه تعزيز ما يسمى " بالإرهاب "، مما إضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي لسحب هذا البند من جدول أعمال الكنيست المدرج للنقاش، وبالتالي إذا كان إطلاق سراح مئة أسير فلسطيني ، تتحكم في مواصفاتهم وأسمائهم ومدة الحكم المتبقية لهم الأجهزة والدوائر الأمنية الإسرائيلية، فالأحد عشر ألف أسير فلسطيني، والذين أكثر من ألف منهم محكوم بالسجن المؤبد، كيف سيطلق سراحهم ؟
هل سيطلق سراحهم بالإرتهان إلى حسن النوايا الإسرائيلية ؟ ونحن نخبر ونعرف جيداً العقلية والذهنية الإسرائيليتين القائمتان على الغطرسة والعنجهية، والتي ترى أنه على الفلسطينيين أن يدفعوا ثمناً سياسياً ، إذا ما أرادوا أن يطلق سراح أسراهم وفق حسن النوايا الإسرائيلية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم حزب الليكود " بنيامين نتنياهو" ، عبر عن وجهة النظر الصهيونية بشكل واضح، عندما قال على الفلسطينين أن يقدموا ويدفعوا ثمناً مقابل أي خطوة إسرائيلية إيجابية تجاههم، وإذا ما إفترضنا حسن النية عند الإسرائيليين وهذا بالطبع غير وارد، وإذا ما منّوا علينا كل ثلاثة شهور بإطلاق سراح مئة أسير، فإن إطلاق سراح الأحد عشر ألف أسير فلسطيني، على إعتبار أن هذا الرقم ثابت، رغم انه مرشح للزيادة المستمرة في ظل حملات الإعتقالات الإسرائيلية المتكررة لأبناء شعبنا الفلسطيني، يحتاج إلى أكثر من 25 عاماً ، على أن يستثنى منهم أسرى القدس والثمانية وأربعين، لأن الطرف الفلسطيني وفق الإتفاقيات التي وقع عليها لا يمثلهم ، وبالتالي فإن مصيرهم مرهون ومعلق إلى ما يسمى بالحل النهائي، والذي قد تنقضي أعمارهم وليس زهرات شبابهم في السجون قبل أن يأتي، ناهيك انه إذا ركّن الفلسطينيون إلى هذه الطريقة، فإن عدداً ليس بالبسيط من الأسرى الفلسطينيين سيستشهد في السجون الإسرائيلية، حيث أن هناك حوالي مئة أسير فلسطيني قضوا عشرين عاماً فما فوق في السجون الإسرائيلية، وهذا لم يحرك أي وازع أخلاقي أو إنساني ، عند ما يسمى بمؤسسات حقوق الإنسان ودعاة الديمقراطية والحرية الغربيين، والتي ذرفت وتذرف الدمع يومياً على ثلاثة جنود إسرائيليين مأسورين عند حزب الله وحركة حماس، ومن هنا فإن هذا النهج العقيم، يجب التخلي عنه وضرورة أن يصر الطرف الفلسطيني ، في أية مفاوضات مع حكومة الإحتلال، ان يكون هناك جداول زمنية محددة وواضحة ،لإطلاق سراح الأسرى بعيداً عن أية تصنيفات أو إشتراطات إسرائيلية، فهذه قضية جوهرية وأساسية لشعبنا الفلسطيني، وأي حديث عن مفاوضات وتسوية وتفاهمات وإتفاقيات مبادىء وغيرها ، ستكون عقيمة ومفرغة من محتواها، دون أن تتضمن بنداً ملزماً للتنفيذ والتطبيق لهذا العنوان بالذات، فلا يعقل أن يجري حديث عن مؤتمرات في الخريف، وهناك أسرى فلسطينيين يقضون أكثر من خمسة وعشرين عاماً في السجون الإسرائيلية، حتى أن المناضل الرفيق سعيد العتبة " أبو الحكم "، عميد الحركة الأسيرة، دخل في عامه الإعتقالي الحادي والثلاثين ، ولو أن هناك معتقل إسرائيلي في أي من السجون العربية قضى ربع هذه المدة، لقامت الدنيا وما قعدت حول اللاسامية والإضطهاد وإستهداف الإسرائيليين، ولربما طلبت أمريكيا وأوروبا الغربية، ومعها ما يسمى " بالهيومن رايتس " عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، لبحث هذا الموضوع تحت البند السابع، والطلب بمعاقبة الدولة العربية التي تعتقل هذا الإسرائيلي، ليس إقتصادياً، بل ولربما عسكرياً، ولعل الجميع يذكر عندما كانت مصر تعتقل الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام، كيف تحركت كل العواصم الغربية عن بكرة أبيها وتدخلت على مستوى الرؤساء من أجل إطلاق سراحه، وكذلك بلغت درجة النفاق والإزدواجية الأمريكية والأوروبية الغربية ذروتها ، عندما قام حزب الله في تموز 2006 ، بأسر جنديين إسرائيليين، حيث هبت أمريكيا وأوروبا عن بكرة أبيهما رؤوساء وحكومات وشعوب، للمطالبة بإطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين، ودون أن ينبسوا ببنت شفة عن الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين، والذي مضى على إعتقالهم عشرات السنيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية، والذين يتعرضون لممارسات قمعية وإذلالية، لا تتفق وأدنى معايير القوانين الدولية، فكم حالة تعرضت للتعذيب في السجون الإسرائيلية، وكم حالة توفيت جراء التعذيب والإهمال في السجون الإسرائيلية، ولم يحرك الغرب المجرم ولا مؤسساته الحقوقية ساكناً تجاه ذلك، وبما يثبت عنصرية هذا الغرب وإنتقائيته وإزدواجيته وكذبه ودجله في المعايير والأحكام والحقوق والمبادىء، والتي يجري تطبيقها والتزام بها فقط بما يخدم أهدافه ومصالحه .
ومن هنا فإن الركون إلى حسن النوايا الإسرائيلية لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينين، وفي ظل العقلية الإسرائيلية القائمة على الغطرسة والعنجهية والإستعلاء، والتي تقيم الدنيا وتقعدها عند الحديث عن أية رغبة لإطلاق سراح أسرى فلسطينين، حيث الأجهزة الأمنية وإعتراضاتها، وأعضاء الكنيست والوزراء وإعتراضاتهم وغيرهم، ومن ثم الحديث عن السلام ومبادرات حسن النية وما يسمى بالتنازلات المؤلمة، ليس إلا لذر الرماد في العيون، ولكسب الوقت لتنفيذ المخططات الإسرائيلية وسياسة فرض الأمر الواقع، وعلى الفلسطينين أن يجربوا ويعملوا على طرق كل الأبواب والأساليب والأشكال، التي تؤمن عودة أبنائهم وخروجهم من السجون والمعتقلات الإسرائيلية، فمن غير المعقول ربط مصير أبناءنا المعتقليين والأسرى لحسن النوايا الإسرائيلية، ولتصنيفات الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية، أسرى قدس، أسرى ثمانية وأربعين، أسرى غز ، أسرى ضفة، أسرى أيديهم ملطخة بالدماء .. الخ، فالسلام الذي لا يضمن بشكل فعلي إطلاق سراح كل أسرى شعبنا الفلسطيني ، ليذهب إلى الجحيم، وليذهب معه كل من يقبل على نفسه المساومة في هذه القضية الجوهرية والمفصيلية بالنسبة لشعبنا الفلسطيني.


القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: