السبت، سبتمبر 01، 2007

حماس و المستور ...(1)؟

محمد داود
لقد نشأت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بين تجاذب وابتعاد من الخط الرئيسي والمتمثل في حركة الإخوان المسلمين الذي أنعكس فيما بعد على سلوكها لتصبح حركة مقاومة ومن ثم تدير سلطة وهمية، كذلك اتجاه قربها وبعدها عن مسألة تطبيق الشريعة، بالتالي كان إنشاء حماس يجسد ابتعاد منهج الإخوان المسلمين عن الفكر المقاوم في فلسطين منذ عام 48- 1987م، وإن سجلت بعض المواقف.
ودخول حركة حماس للسلطة وضعها بين فكي الكماشة حيث كان تلقائياً تجميدها للمقاومة بشكل عملي والعودة للاقتراب من المنهج الدعوي والسياسي التدريجي طويل الأمد للإخوان المسلمين الذي يتعمق على الدور الفلسطيني المحلي و الانشغال في هموم الحكم والسيطرة أكثر من مقاومة وصد العدوان الإسرائيلي. فالأخوان لم ينظروا لفلسطين بطبيعتها كونها ترزح تحت الاحتلال وكونها أيضا بلد صغير وفقير، وإن كان لهم تدخلاً فيكون مقصوراً على الشيوعيين ومواقفهم واتجاه بعض المظاهر والمخالفات الاجتماعية.
لقد عرضت حركة المقاومة الإسلامية حماس برنامجها الانتخابي ضمن حملتها الانتخابية الدعائية للانتخابات التشريعية وهي عبارة عن مقدمة وثمانية عشر باباً ، وبدأتها بآيات تحث على الإصلاح وعرضت في الجزء الأول المنبثقة عن المرجعية الإسلامية المقبولة عربياً وإسلامياً ... فبرنامج كتلة التغيير والإصلاح لم يقم بذكر ما هو ديني إلا في أثنين وعشرين بنداً من أصل مائة وتسعة وثمانين بنداً، أي تقريباً 12% من بنود البرنامج، وهي قليلة كحزب يطرح مشروع إسلامي "إسلام سياسي"، كان الهدف أن يكون واقعي ويتماشى مع التغيرات الداخلية والخارجية والاعتماد على الاستمالة والعاطفة الدينية وأيضاً المسيحية، الأمر الذي حرصت عليه حركة حماس في اختيار قوائمها الانتخابية سواء على نظام الانتخاب النسبي أو عبر الدوائر، حيث اعتمدت في ترشيحها على العديد من الدعاة، فضلاً عن السياسيين المحترفين وبالتالي كان من الطبيعي عليها أن تصدر أصوات سياسية تلبس ثوب الدين أحياناً وأصوات دينية تلبس ثوب السياسة أحياناً أخرى وحتى المرشحين الذين كانت دراستهم الأكاديمية بعيدة عن العلوم الدينية فقد قدتهم الحركة في دعايتها الانتخابية بأنهم خطباء مساجد.
دعمت لجنة الإفتاء التابعة لحركة حماس، والمتمثلة بهيئة علماء فلسطين من أجل حث عناصرها التسجيل فأصدرت حركة حماس فتوى شرعية من لجنة الإفتاء التابعة لها بتاريخ 17/9/2004م تؤكد فيها على تضافر الأدلة في القرآن والسنة على مشروعية الانتخابات في الفقه الإسلامي وترى أن الفقهاء يربطون الانتخابات بالشهادة حيناً وبالأمانة حيناً أخر ...
وكما عبر عن ذلك الدكتور يونس ألأسطل أحد قيادي حماس أن الظروف الاستثنائية تجيز للمسلم أن يزاحم الحكومة الوثنية أو العلمانية ليشارك في صنع القرار بدل من أن يكتوي بها، في المقابل كان الرفض داخل الأطر الثورية للحركة حيث أصدر الشيخ أحمد نمر من قيادات حماس أيضاً فتوى تحرم المشاركة في الانتخابات التشريعية وبالترشيح فيها، .... موضحاً أن الظروف لم تختلف لأنها جميعها تقع تحت سقف أوسلو متسائلاً عن شرعية المقاومة وأولويتها لتحرير فلسطين في برنامج الحركة الانتخابي. وعندما حازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في 25/1/2006م نظر المجتمع الدولي باستغراب من هذه التجربة، وسط قناعة باستحالة تقبل ما أفرزته الممارسة الديمقراطية، بالتالي كان المطلب الإسرائيلي والدولي بعدم التعامل مع أي حكومة تكون حركة حماس جزءً منها، وعملياً تم مقاطعة أعضاء حماس واعتقال نوابها، سيما بعد ضلوع الأخيرة بعملية أسر الجندي شليط . كان طموح حركة حماس أن يكون لها صوت داخل البرلمان الفلسطيني، والتأثير على صناع القرار، بالتالي المغالطة ألأولى كانت هنا هو مشاركتها في الانتخابات التشريعية وقد سبق أنها قاطعتها عام 96م واعتبرتها محرمه كونها إحدى إفرازات أتفاق أوسلو، بمعنى أن رفضها جاء علي خلفية سياسية وليس دينياً رغم سعي الحركة لدعم مواقفها دينياً.....
فهي لن تعمل في السابق أثناء وجودها في صف المعارضة كحركة معارضة في نظام ديمقراطي ولم تحاول التأثير لا في التشريع ولا حتى في قرارات السلطة التنفيذية من خلال آليات العمل الديمقراطي .... .....
وكرست جهدها للسيطرة على المجتمع وحشد تأييد واسع لصالح مواقفها المعارضة لأوسلو. "الجهاد وحزب التحرير الإسلاميين"، عبر عن احتجاجهما من سياسة حماس المهرولة نحو المهادنة والتنازل كتيار إسلامي قريب مع برنامجهما ،...
وأشار موقفهما المستاء من دخول حماس للانتخابات التشريعية والانغماس في وحل الحكومة على حد قولهم، لأنهما أاستشعارا بمأزق حماس. وبالفعل المأزق كبير بالنسبة لحماس في استعدادها لمواجهة التحديات التي ستواجهها بعد تشكيلها للحكومة، فالأمر ليس مقتصراً في تعاملها مع الحصار الخارجي الذي فرض على الحكومة أو حدد شكل علاقتها مع القوى الفلسطينية الداخلية، بل أيضاً مع كيفية تعاملها فيما يخص العلاقات بين الدين والدولة في فلسطين كحركة تأخذ من الدين الإسلامي مرجعً ومنهجً لها.
أما المأخذ الثاني هو هرولة قيادات حماس وراء التنازلات منذ اللحظة التي توجهوا بها إلى روسيا التي لا تقل خطورة عن سياسية أمريكا، منبع الكفر وأول الدول المبادرة بالاعتراف بالكيان الصهيوني كما أنها أكثرها إسهاماً في هجرة اليهود الروس إلى فلسطين.
نجاح حماس نقلها من موقع المعارضة إلى موقع السلطة بينما كان العكس بالنسبة لحركة فتح التي كانت رائدة السلطة مثلما رائدة المشروع الوطني الفلسطيني لكن الغريب في ألأمر أن الطرفين "فتح وحماس" يمارسان دورهما وكأنهما لا يزالان في موقعهما وأقولها على المكشوف بدون تحزب، بمعنى أن " حركة حماس لم تلتفت بصورة جدية بأنها أصبحت الآن تمثل السلطة بعد تشكيلها للحكومة فيما عيناها ترنوا نحو صفوف المعارضة، فيما حركة فتح هي ألأخرى لم تستوعب النتائج حيث استمرت بمزاولة أعمالها وكأنها لا تزال في السلطة وما أجبرها على التحدي ما قامت به حركة حماس بممارسة تغييرات وإقصاء على المستوى الوظيفي والمهني داخل مؤسسات السلطة.
طبيعة المرحلة افتقرت لوجود طرف ثالث يجمع بين الفصيلين "يسار والليبراليين" بهدف تقريب وجهات النظر وإنجاح حكومة الوحدة الوطنية، حماس من جهتها بعثت برسالة اطمئنان لدول العالم ودول الجوار على وجه الخصوص،وداخلياً أيضاً لأن الاعتقاد السائد بأن حركة حماس ...
حركة إسلامية نابعة من رحم الإخوان المسلمين، وتسعى لنشر الفكر الإسلامي وإقامة الخلافة الإسلامية . بالتالي ما كان مطروحاً على الساحة برنامجين مغايرين لبعضهما الأول هو برنامج "الرئيس أبو مازن والمتمثل بحركة فتح ... بينما الثاني تيار حماس والمتمثل برئيس الوزراء هنية"، هذا الاختلاف الكبير، سلطة برأسين وبهرمين لكل منهما برنامجه الانتخابي المغاير لسياسة الأخر، فتح المجال أمام صراعات وتداعيات كبرى، انتهت بحمام من الدماء الفلسطينية وتقسيم شطري الوطن المحتل بين ضفة وغزة، وسيطرة حماس على المقار والمؤسسات الحكومية وألأمنية وطرد أفراد الأمن والسلطة الذين سقطوا بين قتيل وجريح وطريد. وللحديث بقية كاتب وباحث

ليست هناك تعليقات: