الأحد، مارس 22، 2009

الشروط الأمريكية - الاسرائيلية حاضرة على طاولة الحوار الوطني الفلسطيني

راسم عبيدات

.......يبدو أن الحوار الوطني الفلسطيني الجاري في القاهرة،والذي علق لفترة محدودة وبقيت هناك قضايا عالقة لم يجري الاتفاق عليها،تتعلق بالحكومة الفلسطينية هل حكومة وفاق وطني أو حكومة وحدة وطنية؟،وكذلك موضوعة المنظمة ومرجعيتها والانتخابات ومواعيدها وشكل وكيفية إجرائها.

هذه المسائل الخلافية التي انتهى عندها الحوار على أساس أن يجري رفع هذه القضايا للجنة العليا وأمناء الفصائل للحسم فيها،وربما قلنا أن هذه المسائل والخلافات سنجد لها تخريجه تقربنا وتجعلنا متيقنين من اقتراب إنهاء حالتي الانقسام والانفصال بين شطري الوطن،ولكن يبدو أن الأمور ليست على هذه البساطة والسذاجة،فكما كانت الإدارة الأمريكية حاضرة في الكثير من مؤتمرات القمة والمؤتمرات السداسية والسباعية العربية لما يسمى بمحور الاعتدال العربي،وهذا الحضور كان يصل حد وضع جدول الأعمال وصياغة البيانات الختامية،وهذا حال الحوار الوطني الفلسطيني،والذي نكتشف بعد جهلنا وغباءنا أنه يجري تحت سقف الشروط الأمريكية والتي هي بالأساس شروط إسرائيلية،وأي خروج عن هذه الشروط معناه فشل الحوار،وتوزيع وكيل التهم بإفشال الحوار لهذا الطرف الفلسطيني أو ذاك ليس له معنى ويجافي الدقة والحقيقة،وبالملموس فقبل أن تتبلور صيغة الاتفاق النهائي للحوار،وجدنا ممثل الحكومة المصرية الرعاية للحوار الوزير عمر سليمان،يطير إلى بروكسل وواشنطن لإقناعهما بقبول حكومة وفاق وطني لا تلتزم بشروط الرباعية والالتزامات السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، والمرجح والواضح أن عمر سليمان قد فشل في زحزحة المواقف الأمريكية والأوروبية في قبول حكومة وفاق وطني لا تتقيد وتلتزم بالاشتراطات السابقة.

ومن هنا فإن الحوار الوطني إذا ما استمر تحت سقف واشتراطات أمريكا وإسرائيل،أي تشكيل حكومة فلسطينية لا تحظى بثقة الشعب الفلسطيني،بل تكون قادرة على كسر الحصار كأولية على نيل ثقة الشعب الفلسطيني،فهذا الحوار ليس أكثر من ملهاة وحوار طرشان وإضاعة للوقت،وفي كل مرة يجري فيها الحوار الوطني الفلسطيني،نجد أن أمريكا ومعها بعض الأطراف العربية والفلسطينية هم من يفشلون هذا الحوار،فمبادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح للمصالحة الفلسطينية،مكالمات "بوش ورايس" هي التي أفشلتها وكذلك اتفاق مكة.

ومن هنا علينا القول بأن هناك في الساحة الفلسطينية ورغم كل المتغيرات الإقليمية والدولية من يصر على أن أي حكومة فلسطينية ستتشكل يجب أن تلتزم بالاتفاقيات السابقة وشروط الرباعية،وبالتالي فإن العقدة الجوهرية والتي تتوقف عليها مسائل الحوار الأخرى،وهي تشكيلة الحكومة ونوعها وبرنامجها،لن تجد لها طريقاً للحل.

وثمة من يسأل والسؤال مشروع هنا،لماذا في الكثير من المسائل تخلت أمريكا وأوروبا الغربية عن اشتراطاتها،بينما تصر على هذه الاشتراطات في الشأن الفلسطيني،فعلى سبيل المثال لا الحصر،وجدنا أمريكا توعز للسعودية للحوار مع جماعة طالبان من أجل رفع "الفيتو" عنها وإشراكها في الحكومة الأفغانية،وسوريا وايران اللتان دائماً تصفهما أمريكا من دول محور الشر،وتفرض عليهما العزلة والحصار لدعمهما ومساندتهما وحضانتهما لما يسمى"بالإرهاب" حركات وقوى المقاومة،وكذلك السعي المستمر لمنع ايران من امتلاك أسلحة الدمار الشامل،نشهد حجيجاً وانفتاحاً أمريكياً على البلدين،وحزب الله وجدنا بريطانيا وأمريكا ورغم أن الحزب لم يتغير ولم يبدل مواقفه تفتحان حوار معه وتتعاملان مع الحكومة اللبنانية التي يمتلك فيها الثلث الضامن، بينما على الصعيد الفلسطيني لم نلمس مثل هذا التغير في هذه المواقف،وهل مرد ذلك إلى أمريكا وإسرائيل أم إلى الطرف الفلسطيني المفاوض،؟

إن نظرة متفحصة للأمور تؤكد أن هناك في الساحة الفلسطينية من تأخذ العزة بالإثم،ويريد أن يثبت لنا صحة الأمور على قاعدة"عنزة ولو طارت" فنهج المفاوضات المتواصل منذ أكثر من سبعة عشر عاماً لم يحقق أي تقدم واختراق جدي،ليس فقط في المسائل الجوهرية لاجئين،قدس،استيطان،حدود ،مياه وغيرها،بل حتى في الأمور ذات الشأن الحياتي،وأي اتفاقيات هذه التي يتحدثون عنها وإسرائيل داستها بدباباتها،وهناك حكومة إسرائيلية مغرقة في اليمينية والتطرف لا تعترف ولا تلتزم بهذه الاتفاقيات؟.

أن الخلل الجوهري والمسؤولية من يتحملها هنا هو من يصر في الساحة الفلسطينية،على أن أي حكومة فلسطينية عليها الالتزام بشروط الرباعية والاتفاقيات السابقة،فنحن نرى أن حل عقدة الحوار وتجاوز الفشل بكل نتائجه الكارثية،لن يتأتي إلا من خلال حكومة وفاق وطني فلسطيني،بدون أي برنامج سياسي،تكون مؤقتة ويناط بها إدارة الشأن الحياتي للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية المتزامنة،وتولى عملية الأعمار في القطاع،وهذه الحكومة تلتزم بقرارات هيئة الأمم والشرعية الدولية،وتكون مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية،على أن تكون مدعومة عربياً وبالتحديد من مصر والسعودية وسوريا،وكذلك ترعاها وتدعمها القمة العربية القادمة في الدوحة،وترفع عنها الحصار والإغلاق،وتعمل على تسويقها أوروبياً ودولياً،وحينها نجد أن العالم لا يجد مناصاً من التعاطي مع هذه الحكومة،أي نجاح الحوار وتجاوز شروط الرباعية والالتزامات السابقة،سيكون ممكناً فقط إذا ما تخلت السلطة الفلسطينية ودعاة الحياة مفاوضات عن أفكارهم وقوالبهم الجاهزة ولازمتهم التي يرددونها بمناسبة وبدون مناسبة من أن أي حكومة فلسطينية قادمة،يجب أن تلتزم بشروط الرباعية والاتفاقيات السابقة،فهذه المواقف هي التي تشجع إسرائيل وأمريكا وأوروبا على التمسك بمواقفها واشتراطاتها،وبالتالي إصرارها على تلك المواقف،في ظل تشكل حكومة يمين وتطرف في إسرائيل،ليس فقط لا تعترف بالاتفاقيات السابقة،بل تعلن علناً وجهراً أنها لا تعترف بالطرف الفلسطيني كشريك وأقصى ما تقدمه من تنازلات هو تحسين الشروط والظروف الاقتصادية للفلسطينيين مقابل السلام،يجعلها هي من يتحمل مسؤولية فشل الحوار الوطني الفلسطيني وتعميق حالتي الانقسام والانفصال بين جناحي الوطن،وإضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية وفتح الأبواب على مصراعيها للمشاريع المشبوهة والتصفوية للقضية الفلسطينية.

ليست هناك تعليقات: