الأحد، مارس 29، 2009

ما السر وراء رفض عباس القبول بـ 93% من أراضي الضفة..؟

محمد داود

كثرة التصريحات في الآونة الأخيرة عن رفض الرئيس عباس العرض الإسرائيلي حول نية إسرائيل التنازل عن 93% من أراضي الضفة الغربية، بما فيها أحياء من القدس الشرقية .بمعنى الانسحاب من 93% من مناطق الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وتسليمها للسلطة الفلسطينية.

وهذا العرض ليس بالأول، فقد عرض أيهود باراك أكثر من هذا العرض إبان توليه منصب رئاسة الحكومة، عندما بدأت مفاوضات الوضع النهائي في كامب ديفيد، والتي فشلت بسبب رفض إسرائيل الانسحاب الكامل من الضفة الغربية وقطاع غزة، والعودة إلى حدود سنة 1967، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في عودة اللاجئين واتخاذ القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة. إذ أصرت إسرائيل على التخلي عن حق العودة واقترحت تعويض اللاجئين مالياً من خلال صندوق دولي تؤخذ أمواله من عرب الخليج وزيادة على ذلك اقترحت أن يعوض اليهود الذين قدموا من الدول العربية إلى إسرائيل من الصندوق نفسه، وقدرت قيمة هذه التعويضات بخمسة عشر مليار دولار كما أقرت الوثائق الإسرائيلية بأنها ستسمح بعودة عشرة الاف لاجئ فلسطيني فقط على مدار خمسة عشرة عاماً، وباسم لم شمل العائلات، أما من تبقى من خمسة ملايين لاجئ فيعوضوا ويتم توطينهم في البلدان التي هاجروا إليها، كما يسجل بشأن موقف إسرائيل من قضية اللاجئين أنها تنصلت من أية مسؤولية لها عن النكبة.

رفض الرئيس الراحل عرفات بشدة هذا العرض السخي، من وجهة نظر إسرائيل جملةً وتفصيلا ودعا لتصعيد المقاومة، وبدأت الضغوطات الإسرائيلية والأمريكية والعربية، تنهال عليه؛ انتهت فصولها بتصفية عرفات جسدياً، وإعادة احتلال أراضي الضفة الغربية وبناء الجدار العازل، وفرض واقع جغرافي وديمغرافي جديد.

الرئيس عباس اليوم هو أمام نفس النسخة من العرض الإسرائيلي، رغم ذلك رفض عباس الخوض في هذه المغامرة الجديدة القديمة، بعد أن أدخلت إسرائيل مقترحات جديدة وخطيرة، تحتاج إلى موقف شعبي وفصائلي، لأنها قضايا مصيرية وتستوجب الإجماع الوطني عليها وتحتاج إلى مصالحة وموقف "م.ت.ف" كونها الجهة المخولة في الخوض في غمار المفاوضات ولكن بعد دخول الفصائل الرافضة لمشروع أوسلو وعلى رأسها حركتي"حماس والجهاد".

من هذه القضايا إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، والخلاص من فلسطينيين الداخل "عرب الـ 48"، الذين أصبحوا في نظر إسرائيل القنبلة الديمغرافية المستقبلية، وذلك بترحيلهم إلى الكيان الفلسطيني أي حل الدولتين ويهودية الدولة مثلما تحدثت عنها ليفني وباركها بوش في وقت سابق.

إن الهدف الإسرائيلي يصب أكثر من أي وقت مضى على ضرورة الخلاص من فلسطيني الـ 48، وما الإجراءات القمعية التي يتعرض لها أهلنا في أم الفحم وغيرها من المدن والقرى الداخل على يد قطعان المستوطنين إلا جزء من سياسة إسرائيلية هادفة إلى طرد شعبنا الصامد في الداخل، "واعتبارهم عقدة الحل" في لحظة ينشغل الفلسطينيون حول السبل الكفيلة نحو المصالحة الوطنية، وينشغل باقي الفصائل في دراسة المقترح الإسرائيلي حول عدد الأسرى ونوعيتهم، بينما ينشغل العالم العربي حول كيفية إنجاح المصالحة الفلسطينية، أم المواطن الفلسطيني لايزال يبحث عن كيفية الحصول على غذائه ومقتضيات الحياة في ظل الحصار والإغلاق؛ منتظراً لحظة الأعمار، لما دمرته الحرب الأخيرة.

كاتب وباحث

ليست هناك تعليقات: