الثلاثاء، يونيو 26، 2007

إنها الدعارة الثورية


سعيد علم الدين

لا بد من إدانة شديدة لهذا الانفجار البربري الخطير ضد قوات السلام الاسبانية. للتذكير هذه قوات صديقة لا مصلحة مادية تجنيها لما تقوم به من خدمات جليلة لا تقدر بثمن لدعم الجنوبيين. تكلفت المتاعب وعناء السفر وأتت خصيصاً لمساعدة لبنان وشعبه ضمن القرار الدولي 1701، حفاظا على أمن الجنوب من الاستباحة المستمرة، ورعاية للسلام ضد الانتهاكات الإسرائيلية المختلفة.
ولكن من له مصلحة في هذا الاعتداء؟
بالتأكيد كل من هدد وتوعد بزعزعة الاستقرار في لبنان والتبشير بالحرب الأهلية في حال تم إقرار المحكمة الدولية. لأنه وبكل بساطة هذا المهدِّدُ يريد إثبات وجوده بتنفيذ تهديده. وفي المقدمة يأتي بشار الأسد ومن ثم الحزب اللاهي فتهديدات نصر الله ونعيم قاسم ومحمد رعد ومن ثم أبواق العملاء الصغار من جماعة الثامن من آذار كوؤام وهاب مثلا، الذي ما زال تصريحه في 18/4/2007 اثر لقائه عمر كرامي من أن "القرار 1701 وقوات "اليونيفيل" سيكونان أولى ضحايا إقرار المحكمة الدولية تحت الفصل السابع"، ترن في آذاننا ومن وراء الجميع بالطبع ملالي إيران المهدِّدون وفي اليد البندقية الإفرنجية وعلى الكتف الصاروخ الموجة بالموجات الحرارية.
ولهذا ولا عجب أن يرسلوا جميعاً عصاباتهم المغسولة الدماغ إلى حد الطاعة العمياء، والمغرر بها اسلاميا في خلطة مخابراتية إيرانية سورية شيعية سنية بدايتها تثبيت ولاية الفقيه ونهايتها من تيه إلى تيه وتحت عناوين مموهة وأسماء مفبركة ك "فتح الاسلام" إلى الشمال وإلى الجنوب "جند الشام". فقط الحلف الايراني السوري واذنابه من تنظيمات واحزاب الهية وشيطانية لهم مصلحة في هذا الانفجار الارهابي الذي ياتي تزامنا مع ما يحدث في الشمال. وذلك للتاكيد، على انه لا استقرار في لبنان ما دام العالم يواجه إيران النووية ويعمل لتشكيل المحكمة الدولية. وكان الحلف المذكور من قم إلى دمشق ومن القاعدة التره بورية إلى الضاحية الجنوبية الثورية قد رفض رفضا قاطعا المحكمة، إلا أنه قبل على مضض القرار 1701 الذي انهى حرب تموز، ثم عاد وامتعض رافضا النقاط السبع وكل ما نتج عنها من خطوط وطنية عريضة اتفق على اللبنانيون بحرارة، ولم يعترض عليها في حينها أحد.
للتذكير هذا القرار استجداه من حكومة السنيورة استجداءً والى حد الانسحاق حسن نصر الله ومن ورائه إيران وسورية. وهم وأذنابهم ينقلبون عليه اليوم تفجيرا.
الهدف ابقاء لبنان ساحة حرب مفتوحة للتفجيرات والاغتيالات وشراء الضمائر بِفَتِّ الدولارات الطاهرات لبعض الجماعات.
وفي الماضي القريب كانوا يصمون آذاننا بأبواقهم العالية، عندما كانوا يقومون بعملياتهم البطولية لتحرير الوطن السليب ويعلنون مسؤولياتهم عنها ويتبجحون في الإعلان، إلى حد أنك تعتقد أنهم قد حرروا شبرين من أرض فلسطين وزرعوا مزارع شبعا بالباذنجان واسترجعوا كامل هضبة الجولان.
أما اليوم في عصر الدعارة الثورية والبهتان والنفي المستمر والتنديد اللفظي والتكاذب واللف والدوران فإنهم تحولوا من أبطال قنوات فضائية وإعلام إلى خفافيش ليل تعيث اغتيالا وتفجيراً وخراباً ودمارا تحت جنح الظلام: فهم يغتالون وينفون أي علاقة لهم بعملية اغتيال ويستنكرون أشد استنكار ويدعمون براءتهم بأعظم الأقسام. ويريدوننا بكل بساطة أن نصدق أقوالهم ونتهم إسرائيل مصدر كل تآمر واغتيال وعدوان. وإذا قلنا لهم مهلاً: علينا بمحكمة لمحاكمة المتهمين أو تبرئتهم!
تحولوا فوراً إلى أفاعي سامة وثعابين. قائلين: أتريدوننا أن نضع رؤوسنا تحت مقصلة الأمريكيين!
إنها والله، الدعارة الثورية لثوار آخر زمان!
ولهذا فهم يقترفون إرهابهم الثورجي المتذاكي الجديد، في ضرب الصواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان لاستفزازها بالرد، وتفجير قوات اليونيفيل جنود السلام، وكل ذلك في السر والكتمان.
تماما كالذاهب الى بيت الدعارة أو بائعات الهوى يسير متلطياً بكوفيته أو قناعِهِ أو معطفهِ خلف الحيطان لكي لا يفضحه إنسان أمام الجيران وفي كل مكان.
وهل ممكن أن لا يعرف الحزب اللاهي من قام بهذا العمل الإجرامي؟
بالتاكيد هو أول العارفين وقد قال زعيمه حسن نصر الله يوما أنه: لا يمكن أن يرفرف عصفور أو يطلق صاروخ، ولا يمكن ان تطير برغشة أو تُفَجَّرَ سيارة، ولا يمكن أن تدب نملة أو يوضع لغم في ارض الجنوب دون ان يكون الحزب الأسطورة قد علم بالتفاصيل قبل أن تقع.
كيف لا وعيونه المبثوثة في كل زاوية ووراء كل شجرة وخلف كل شباك على علم مسبق بكل حدث. لذلك فهذا التفجير تم على الارجح بحماية ورعاية لوجستية من الحزب اللاهي وبأوامر ايرانية سورية لخلط الاوراق وتخويف قوات اليونيفيل وترهيب مجلس الأمن.
ويقال بأن الحزب استنكر. مرحبا استنكار!
وكان الحزب اللاهي قد استنكر جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل جرائم الاغتيلات أشد استنكار ولكنه رفض تمرير المحكمة الدولية لكشف الحقيقة في مجلس الوزراء، وأغلق مجلس النواب وجعل من لحود ببغاء يردد ما يقوله حزب المقاومات من شعارات.
لقد فقد حسن نصر الله مصداقيته ومنذ هروبه من طاولة الحوار الوطني إلى حرب الوعد الصادق الذي تحول إلى دمار حارق واعتصام باعت، خاصة بعد أن انفضح أمره، وريقة خانعة بيد إيران وورقة صفراء بيد بشار الاسد المارق.
هذا الهجوم على قوات اليونيفيل هو رسالة واضحة الى مجلس الأمن الذي يحاول حل قضية مزارع شبعا من خلال مهندسيه وذلك لنزع الذرائع من يد الحزب اللاهي وبالتالي السلاح. وهذا ليس من مصلحة الحزب في تحرير ما بعد حيفا.
وكان مجلس الأمن قد أرسل فريقا تقنيا لدراسة وضعية الحدود السورية ومنافذها الغير الشرعية التي ترسل سورية من خلالها العصابات والسلاح والمخابرات والتنظيمات لتخريب الاستقرار.
المتفجرة كم أسلفنا هي رسالة ترهيب لمجلس الامن لكي يترك وضع شبعا على حاله، ولكي لا يتم نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية مع سورية.
والا كيف ستُدخلُ ايران وسورية الصواريخ والسلاح ومجرمي القاعدة الى لبنان؟
ولهذا فمهما تلطوا وتخفوا واستنكروا ونفوا فهم مكشوفون لكل صاحب نظر وبصيرة، لأنه لا مصلحة لهم باستقرار لبنان والجنوب ما دامت مطرقة المحكمة الدولية تطرق رؤوسهم.

ليست هناك تعليقات: