الأحد، يونيو 10، 2007

أول الخطوات : تبادل أوراق المصالح في العراق

يوسف فضل


إن حاجة الظالم إلى الحرية
أكثر من حاجة المظلوم
فالذي يسلب إنسانا حريتة
يصير هو نفسه أسير الحقد والكراهية
!!(نيلسون مانديلا)

منذ فترة وصديقي يشتكي لي معاناته من كوابيس عربية سياسية تزوره كل ليليه فتراه عند الاستيقاظ يتثاءب كأنه يخرج الأنفاس المكتومة ويمسح على عينية لإزالة القذى المتراكم عليهما ليزيل آثار معركة معاناته مع كوابيسه ثم ينشط نفسه بغسلهما بالماء والصابون .

هو مدمن مشاهدة الفضائيات العربية والإخبارية على وجه الخصوص التي تسبب له تسمم في تحليلاته وأفكاره اثر جرعات الأخبار السياسية التي تحتاج إلى من يقرأ بين سطورها . ولأنني أقف على ما يراوده من أحلام فكلما رآني بادرني وبحسن نية بقوله :" لعله خير " فهل هو يطمئن نفسه بأنه على موعد مع ولادة لحدث عربي مهم لما يراه في أحلامه ؟ أم أنه يريد أن يشركني لما سيترتب على أرض الواقع العربي من واقع كوابيسه . في الآونة الأخيرة كثرت كوابيسه عندما نشرت الأخبار عن اجتماع أمريكي وإيراني لتقرير مصير منطقة الشرق الأوسط .

لقد وافقني عندما ذكرت سابقا انه إذا لم يتم الاتفاق بين أمريكا وإيران حتى نهاية شهر يونيو فان المنطقة العربية بخاصة سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ستشهد صيفا حارا . لكن بفضل ما أفادني به صديقي الحالم بالأوجاع العربية أن فرنسا وقطر كانتا عرابتا الاجتماع بين أمريكا وإيران وقد نتج عنه مولودا جديدا وبصحة ممتازة ومكتمل النمو مع انه جاء من حمل خارج رحم المنطقة العربية .

كنت أفضل أن تكون المعلومة التي قدمها لي صديقي مختصرة ومباشرة لكنه أخذ في سرد التفاصيل التي جمعها من واقع أحلامه لتكون إجابة مترددة بارتعاش الصواب والخطأ لي . قال :-

شخصية بوش
بوش هذه الشخصية التي ستعرفها الإنسانية أكثر من الشيطان فهو يظهر لي أن أعنَس السنُّ وجهه قبل أوانه . إذ أتذكره في بداية تسلمه الرئاسة الأمريكية وهو مفعم بحيوية عريس ليلة دخلته وكان نشاطه ملحوظ والتفاؤل يرسم ضحكة عريضة مع ما صاحب فوزه بالانتخابات من تساؤلات كثيرة على كيفية نجاحه . لكنه حاليا يعيش حالة من تراكم الحزن والبؤس بل والشفقة تطل من نبرة صوته وما يصاحبه من النحس كما صاحب الممثل توفيق الدقن (أنا من المعجبين به وبتمثيله – ألو يا أمم )من نحس عندما أرسل اثنان من (نجباء) عصابته لخطف محبوبته وإحضارها له للزواج منها . فقاما بإحضار أمها( حماته ) ملفوفة بغطاء اسود التي كان يكرهها . وأثناء فك الغطاء كان يخاطب محبوبته :" يا حبيبتي خلصنا من وش أمك العكر " لكنه فوجيء بان حماته هي المخطوفة . وأمام هول الصدمة من رؤيته لوجه حماته انتابته حالة من التيه والخرس فتقدم به العمر سريعا متجاوزا مراحل النمو الطبيعية إلى أن مات . والرئيس المهزوم بوش يعيش حالة من التيه ولا يعرف كيف يتصرف بل هو اقرب إلى من يريد الانتحار (كما أدعت الصحافة الأمريكية ) على منوال أي طالب أمريكي يقوم بقتل زملاءه الطلبة الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم ثم يطلق الرصاص على نفسه كما حدث في مذبحة فرجينيا التي قتل فيها 32 شابا جامعيا لان الطالب الكوري الجنوبي سونغ هيو تشاو كان مصابا بـ (الأموك لاوف Amoklauf) وهو مرض يقع في اندونيسيا يقتل فيه المصاب به كل من حوله حتى لو كانوا من الطير أو القطط والأطفال ثم يقتل نفسه .

وقد كتب الكثير من التحليلات النفسية عن تلك الشخصية التي تتسم بالسوداوية والنقمة والغضب بل والمسكونة بأباليس تلمودية توحي إليه زخرف القول .

أسباب إحباط بوش ؟
لا أتمنى أن أكون مكان هذا الرئيس لأكبر دولة قوية حاليا فرئيس مخابراته جورج تينيت انقلب عليه ورد على بوش " بأنه لم يقدم معلومات مغلوطة لإدارة بوش وإنما ديك تشيني (الذي تحول أي دجاجة ) هو الذي طلب من المخابرات تلفيق التقارير عن أسلحة الدمار الشامل لدى صدام حسين . أي تزوير المعلومات . وقد خسر بوش حليفة الأسباني ازنار ثم تلاه حليفه توني بلير( كلبه كما تسميه الصحافة البريطانية ) وبذلك خسر حزب العمال في بريطانيا . وحاليا خسر مجلس الشيوخ والنواب في الكونجرس الأمريكي . وهؤلاء هم من ساعدوه لتحقيق كراماته الدراويشية التي كشفها للعالم بدءا من احتلاله للعراق بدعوى تدمير أسلحة الدمار الشامل لكن صدام حسين خذله ولم يكن عنده أسلحة دمار شامل . ثم جاءت الكرامة الثانية للشعب الأمريكي وهي نشر الديمقراطية ليكون العراق أنموذجا لواحة ديمقراطية أمريكية تحسده كافة شعوب الأرض لكن تأثير هذه الكرامة جاء فوق ما يحتاجه الشعب العراقي من نهر الدم وعودة طائرات الشحن الأمريكية بالجثث الأمريكية وأغلبيتهم من طالبي الجنسية الأمريكية . والكرامة الثالثة التي نحس بها بوش انه راهن على الجيش والمارينز اللذان لم يحققا الأمن في العراق فاستعان بشركات الأمن مما حمل الخزينة الأمريكية العبء المالي الكبير . وقد فتح الله على بوش بالكرامة الرابعة التي نعيشها حاليا وهي القضاء على الإرهاب فجاءت الاستطلاعات والتحقيقات الأمريكية أن وتيرة الإرهاب في ازدياد بسبب سوء إدارة بوش . المنحوس منحوس ولو أن بوش صارح للشعب الأمريكي انه احتل العراق للحصول على البترول والله العليم لجف النفط في العراق . لان كل أمر يخطط له بوش يأتي مردودة عكس ما يتمنى . ربما تكون كرامته هي اتفاقه مع إيران على العراق وهو ما سيكون .

بل أن النحس سيطال الرئيس الأمريكي القادم حتى لو حكم فترتين متتاليتين لان ما أفاء به الله من نعم الدمار على يد بوش لن يصلحه رئيس أمريكي قادم بل ربما لعقد قادم .

علاقة إيران أمريكا
قدم نجاح الحوار الأمريكي الإيراني دليلا إضافيا لمن تنقصه الأدلة على أنه لا خلاف حقيقيا بن الطرفين فقد قدمت إيران كامل المساعدة لأمريكا في احتلال أفغانستان والعراق وبذلك تخلصت إيران من النظام السني في أفغانستان والنظام العلماني في العراق . لكن بما أن لإيران مشروعها القومي الفارسي فقد ابتعدت عن السياسة الأمريكية لاعتقدها انه من المتوجب أن تكافأ من قبل أمريكا على ما قدمته من تعاون لها . وكانت إيران تعتقد أنها ورطت أمريكا في العراق مما يعني أن تبادر أمريكا بالاعتراف بالمشروع القومي الفارسي . لكن ما يدور حاليا بين أمريكا وإيران هو خلاف إسرائيلي إيراني . أي أن إسرائيل لا تريد دولة نووية أخرى في المنطقة حتى لو قام تحالف بين إسرائيل وإيران لان معطيات المستقبل تعني عداء المنطقة لإسرائيل من منطلقات دينية . لذا فان ما يجري بين إيران وأمريكا هو خدمة لأهداف إسرائيلية .

ما الذي يجري في لبنان ؟
وحيثما يعتقد أن ما يجري حاليا في لبنان هو استعراض ما بين القوى المؤيدة لأمريكا والمؤيدة لإيران تمهيدا وإعدادا للمواجهة بين أمريكا وإيران وصولا إلى القول ان مقدمة الحرب القادمة بين أمريكا وإيران هي الشرارة التي ستنطلق من لبنان ، ولكن الحرب لن تنشب فالتحالفات الحالية على الساحة اللبنانية سيعاد فرزها ضمن معادلة جديدة لأن الخريطة السياسية في لبنان أشبة بقوس قزح تتداخل وتتغير مواقع ألوانه بتغيير نفوذ القوى المؤثرة . وأن أحداث نهر البارد للتغطية على أحداث تطبخ في منطقة أخرى في الشرق الأوسط


وقد بدأت البشائر في معركة فتح الإسلام التي هي نوع من الضغط الإيراني . فإيران تسخن الموقف حاليا في لبنان . وأمريكا ترسل قطع أسطولها الحربي إلى الخليج . لكن كيف ومتى يصل التسخين إلى مرحلة الانفجار فهذا ما ستشهدة الأيام القادمة ؟ لذا سارعت أمريكا بإرسال أسلحة كمساعدة مستعجلة للجيش اللبناني الذي لا يملك الذخائر ولا المناظير الليلية بينما قوات فتح الإسلام تملكها وتملك والمدافع . وكله تضخيم لعدد 70 عنصرا والبعض قال 200 عنصرا ارتهنوا مخيم نهر البارد وأطلقوا شعارات ممزوجة بين اللعب على وتر القضية الفلسطينية والقضية الدينية الإسلامية .

أرسلت أمريكا مساعداتها للجيش اللبناني (كما جاء في الأخبار) بطائرات من الكويت والأردن ومصر والإمارات وقطر . ثم أعلن أن هذه المساعدات كانت مقررة سابقا للبنان . ثم عدلت صيغة الخبر بان هذه المساعدات من الدول العربية أي من القواعد الأمريكية المتواجدة في هذه الدول العربية.

وإذا تطور الوضع ، الأمر يتوقف على نتائج الاتفاق بين أمريكا وإيران ، سيتبع مساعدات أخرى مثل إرسال خبراء لتدريب القوات اللبنانية وإيجاد مصوغات قانونية لتدخل القوات الدولية لحماية لبنان من الفلتان الأمني وسحب السلاح وهي المهمة التي لا يستطيع الجيش اللبناني الضعيف القيام بها فستقوم قوات دولية أخرى بهذه المهمة ومنها سحب سلاح حزب الله .

هناك من يعتقد أن مشكلة صغيرة في مخيم نهر البارد التي أخذت أصداء محلية ودولية سيكون لها تداعيات الحرب كما انفجرت حرب في بداية الحرب الأهلية اللبنانية عندما قامت قوات الكتائب اللبنانية بقتل أطفال فلسطينيين في باص كان مارا في منطقة عين برمانة واستمرت الحرب الأهلية اللبنانية خمسة عشر عاما .

أيضا كل الأسطول الحربي الأمريكي متواجد في الخليج وهم ليسوا هناك للاستعراض بل لتحسين شروط التفاوض الخشن مع إيران . وهذا يذكرني بقول الرئيس حسني مبارك عندما جاءت السفن الحربية للحلفاء إلى الخليج العربي قال موجها كلامة للرئيس صدام حسين " دول مش جايين يبرطعوا . مبيهزروش "

حزب الله
موقف حزب الله لا يحسد عليه فهو مكبل حاليا مع أن السيد نصر الله أعلن سابقا أن حربه مع إسرائيل هي آخر الحروب كما أعلن من قبل السيد أنور السادات . إذ لو نشبت الحرب الأهلية فسيكون هو الخاسر بل سيؤدي إلى التخلص منه . فهو قد شجب ما حدث في مخيم نهر البارد وهو لا يستطيع أن يرفض ما يقدم من مساعدات عسكرية للجيش اللبناني الضعيف . وسيظهر خطأه من تحالفه من عون لأنه من المتوقع أن هذا الحليف سيترك حزب الله وينضم إلى القوى المسيحية الأخرى المؤيدة لأمريكا . وعند نشوب حرب أهلية في لبنان سيخسر حزب الله لأنه لم يعد يحظى بالتأييد الشعبي السابق من الشعب اللبناني .

موقف الدول العربية .
أدركت الدول العربية ما ستقوم به أمريكا من (مناورات) لضرب إيران فبادرت بإعادة تقديم المبادرة العربية لتخفيف من حدة الوضع المتأزم لكن إسرائيل رفضت المبادرة لان اجندتها مختلفة عما تفكر به الدول العربية . ويدرك الجميع أن أمريكا تتفاوض مع إيران لغياب الجامعة العربية التي هي تجسيد للنظام العربي الذي لم يستطع توفير أدنى مقومات الحماية الشخصية للمواطن . لذا تجري المفاوضات ولا حس ولا حلمسه للجامعة العربية أو أي تدخل من أي دوله عربية . فحزب الله يشارك في رسم الوضع الجديد ما بعد الفوضى الخلاقة أكثر من أي دولة عربية .

سني وشيعي
ظهرت الحملات الترويجية لهذه النعرة الطائفية مباشرة بعد هزيمة إسرائيل في حربها مع حزب الله . وهي التهيأة النفسية في وضع شرخ بين السني والشيعي لدعم المشروع الأمريكي إذا فشلت أو نجحت المفاوضات مع إيران .اخذ الإعلام العربي على إبراز ما فعله الشيعة في سنة العراق وهذا كان قصورا من طرف الشيعة الذين عادوا سنة العراق على أساس أنهم بعثيون ولم ينظروا إلى التعامل مع العراقيين على أساس انتمائهم الوطني . وقد وصل الأمر بالمسلم السني ان لا يشعر بالألم لو تعرض الشيعي وبخاصة الإيراني لأي أذى. حتى أنني اعتقد ان السنة في العراق سيقاتلون إلى جانب القوات الأمريكية ضد إيران كما قاتلت قوات شيعية مع القوات الأمريكية عند دخولها العراق .

فرز القوى المتحاربة
في حالة نشوب الحرب ستكون أمريكا وإسرائيل والدول العربية السنية وبعض الفصائل الفلسطينية ضد إيران وسوريا وحزب ا لله وبعض القوى الفلسطينية .

ماذا تعتقد أمريكا عن إيران .
تدرك أمريكا أن إيران العمائم السود تعلمت الدرس من العراق فاعدت نفسها بطاقة من القوة الصاروخية المدمرة التي ستدمر الخليج العربي (أعلنت إيران أكثر من مرة بأنها ستدمر الخليج ونفطه ) لأنها لا تثق بدول الخليج التي تحرض أمريكا وبريطانيا على ضرب إيران باستثناء قطر التي تعلن السلام والقوات الأمريكية التي ستشارك في ضرب إيران متواجدة على أراضيها.

إيران العمائم السود لا تعيش في قصور فقصور الشاة متاحف للشعب الإيراني والإيرانيون لا يبنون قصورا مثل العرب ولا يحتاجون للجان تفتيش لقصورهم حتى أن الاروبيين لا يبنون قصورا بل أن قصور الإقطاع هي متاحف للشعب . العرب هم الذين يبنون القصور . فإيران العمائم السود مشغولة ببناء منصات الصواريخ ومصانع ومراكز الطرد المركزي .
إيران بلد فقير ولا تعيش على الرفاهية لكنها تسير على النموذج الهندي بلد فقير لكنه مكتفي ذاتيا والرئيس الإيراني احمد نجادي متقشف في حياته ويملك ثلاثة قمصان وبنطلونان وبدلة قديمة وسويتر موديل قديم .


لا يستخدم هذا السيناريو الحربي
عادة تقوم أمريكا قبل الحرب بضرب طوق من الحصار على العدو وذلك بالتعاون مع حلفائها كما حصل مع العراق . وقد نجح حصارالعراق لان الدول العربية والاسلامية المحيطة بالعراق
قد احكمت الحصار حتى وصل الامر ان يستخدم الطبيب العراقي سرنجة الابره ثلاث مرات قبل التخلص منها . وقد استخدمت أمريكا النفس الطويل أي الحصار ودخول عناصر من المخابرات وبنات آوى (الجواسيس ) لنشر الفوضى وتفجيرات وايجاد معارضة ومليشيات معارضة لصدام حسين . وكل هذا مما لم يحصل بعد مع إيران .

السيناريو الحربي الجديد
إذا كان الحال كما سبق فلماذا يوتر الأعلام الأمريكي الأجواء والدعوة لحرب قادمة ضد إيران ؟ لماذا لا تتبع أمريكا نفس اسلوبها في الحصار ضد إيران المتبوع بالضربة العسكرية وليس الغزو والاحتلال كما حصل مع العراق ؟ هناك من يقول أن الإدارة الأمريكية قد حسبت اوراقها واحتمالاتها من الربح والخسارة . فاذا اقدمت أمريكا على ضرب إيران فستكون الخسائر اقل مما لو صبرت على إيران لفترة خمس سنوات مثلا. فأمريكا تفضل الاقدام على ضرب إيران حاليا ثم يتبعها حصارا شاملا . والهدف من الحصار هو تأخير الاصلاحات مما يعني استمرار نخر السوس في الجسم الإيراني . فإيران تعتبر دولة ديمقراطية .
فاذا تخلصت إيران من ديمقراطيتها بعد الضربة فهذا يعزز الحصار عليها وإذا ظهرت قوى معارضة داخلية فهذا لصالح أمريكا واستمرار الحصار لمدة 15 عاما سيؤخر اعادة التصنيع المستقلبي لإيران لان الهدف من الضربة العسكرية هو لاحتواء إيران مجددا .

سيناريو مقدمة الضربة
ستعمل أمريكا على جر إيران للحرب أي بإيجاد ذريعة مقنعه لشن حرب على إيران مثل ان تختطف إيران بعض البحارة الأمريكان وتعلن إيران مسؤليتها عن الاختطاف أو أن تقوم أمريكا بتدمير طرادا أمريكا وتتهم إيران بذلك أو سقوط طائرة حربية أمريكية فخيال السينما الهوليودية متوفر.

ولكن الأدلة الواقعية تقول أن الطرفين لن يوفرا جهدا من أجل التوصل إلى تسوية فيما بينهما تسمح بتبادل بعض أوراق المصالح وبالدرجة الأولى في العراق وأن كل الإجراءات السابقة هي لفرض حوار خشن من طرف أمريكا ضد إيران للحصول على مكاسب من المفاوضات لان بوش يدرك أن ضرب إيران سيزيد من أزمته الداخلية لكنه يفضل إنقاذ كامل عصابات الاقتصاد الأمريكية الداعمة له وهو كان قاب قوسين أو أدني من خضوعه للمحاكمة والانهيار والتعرية أمام الشعب الأمريكي وهذا ما تدركه إيران التي أعلنت أنها الجهة الوحيدة القادرة على إخراج أمريكا من ورطتها من العراق بكرامة النفس . ويدرك بوش أن إيران لن تلحق الهزيمة العسكرية بأمريكا لكنها ستحلق بها الأضرار وبدول الخليج . وستعمل إيران على التهديد بإطالة مدة الحرب بإغلاق مضيق هرمز لتكون السفن الأمريكية رهينة ولإلحاق الضرر بحلفاء أمريكا من حرمانهم من النفط . وهناك ورقة رابحة بيد إيران وهي رفع يدها عن العراق واستقالة الحكومة العراقية مما يعني أن العراق تحت الاحتلال الأمريكي أو أن تعزز إيران هيمنتها في العراق عبر الحكومة العراقية التي تضم أحزابا تتخذ من إيران مرجعية لها مما يعني إثارة أزمة سياسية جديدة للاحتلال الأمريكي . وقد تتفتت أمريكا كنتيجة لاحقة لهذه الحرب كما انتهت الدولة الرومانية بعد غزوها لقرطاج فالتداعيات المحتملة كثيرة لأن العراق سيكون نقطة انكسار أمريكا وهي نقطة يتفق عليها الطرفان .

لذا إن أفضل ما يمكن أن يخرج به الاجتماع الأمريكي الإيراني لصالح الطرفين الشريكين في العراق هو الحصول على مكاسب على حساب العرب لان أيتنازل من أيطرف سيكون على حساب العرب أي تقسيم نفوذ لأن أي اتفاق بين أمريكا وإيران سيكون على حساب المصالح العربية مجتمعة لان أمريكا أو إيران لن تقدم تنازلان من مكاسب لها في تكساس أو أصفهان ، مثلا :
1- أن تقدم أمريكا شهادة حسن سيرة وسلوك لإيران أي الرضى الأمريكي عن إيران بإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما مما يعني إعادة التعاون بين إيران وأوروبا .
2-الاعتراف الأمريكي بإيران بأنها قوة نووية عالمية سلمية .
3- الإقرار بالمشروع الإيراني الصفوي ومصالحه في المنطقة بإعطاء إيران نفوذ في الجزيرة العربية بدءا من اليمن إلىالبحرين .
4- أن يتم الاتفاق على إقرار إيران بان المنطقة الجنوبية للعراق هي تحت إشراف البريطانيين
5- أن تضحي إيران بالعرب الشيعة في العراق أي إلحاق جزء منهم لبريطانيا والجزء الآخر لأمريكا .
6- رفع الدعم الإيراني المادي والمعنوي عن حماس أي السماح لإسرائيل بذبح حماس . بذلك يتم وضع حل نهائي للقضية الفلسطينية بان يقوم الجيش الإسرائيلي بالقضاء المبرم على السلطة والشعب الفلسطيني بدءا من حملة السلاح الفتحاوي والحمساوي وكل من يضع في بيته سكين بذلك يرتاح بوش وإسرائيل من الوجع الفلسطيني . ويعود طرح الحل عبر الأردن كما تقول إسرائيل أن الملك عبد الله آخر ملك للأردن
7- تخلي إيران عن حزب الله والعرب الشيعة في لبنان .
8- ترك سوريا لمحيطها العربي . وستعود سوريا إلى اتفاق دمشق الذي يضم السعودية ومصر وسوريا وستبدأ سوريا مباحثاتها مع إسرائيل بدعم عربي وإيراني .
9- تحصل أمريكا على العراق ولا يكون هناك انسحاب أمريكي بل تخفيض لعدد القوات الأمريكية في العراق . وتقوم الحكومة العراقية المشكلة بعد الاتفاق بالموافقة على تأجير قواعد عسكرية في العراق بعيدة المدى على غرار التواجد الأمريكي في كوريا . حرقت أمريكا رجالات إيران في الفترة السابقة والآن جاءت مفاوضات الانسحاب لطرح رجالات أمريكا لحكم العراق لمرحلة ما بعد الانسحاب .
10- إقرار إيران بالمصالح الأمريكية في كل من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن .
11- تعاون أمريكي إيراني للقضاء على المقاومة العراقية .
12- الأكراد دولة مستقلة ضمن دولة العراق وبحماية أمريكية .

ستشهد العلاقات الإيرانية السورية فتورا كمقدمه لتنفيذ الاتفاق بين أمريكا وإيران لكن سينشب صراع بين إيران وإسرائيل على مصالحهما في منطقة الخليج . عندما ربح الأمريكان الحرب في أفغانستان طلع لهم من تورا بورا ( الأفغان العرب ) وعندما استطاع الأمريكان القضاء على نظام صدام حسين طلع لهم ( العراقيون العرب ) . من الآثار الجانبية لحرب أمريكا في العراق أن ظهرت على السطح الأمريكي ظاهرة الأمريكيين الناقمين على المجتمع الأمريكي وهم من المحاربين والهاربين والمصابين وعائلات القتلى الأمريكان .

. أما دول الخليج العربي (باستثناء عمان وقطر ) فهم المتضررون لأنه مهما خسرت أمريكا وإيران فلن تكون خسارتهما كما خسارة العرب الذين جلبوا الدمار لأوطانهم لان تنفيذ الاتفاق ستكون على أرضهم لأنهم تقبلوا أن تلحق بهم لعنة العراق .المشهد قاتم لأنه خرج عن طور التفكير العقلاني . والدهر أروِدُ ذو غِيَر .

المقاومة العراقية
يعد هذا الاتفاق تحديا جديدا للمقاومة العراقية لأنه عند بداية المفاوضات بين أمريكا وإيران زادت المقاومة العراقية من عملياتها الميدانية لتوصيل رسالة للأمريكان بان إيران لا تقرر مصير العراق وإنما المقاومة العراقية هي التي تقرر مصير العراق السياسي . فهل تقدر المقاومة العراقية على التصدي للاتفاق وإخراج أمريكا وإيران من العراق ؟ الجواب في رحم السنوات القادمة .

editor@grenc.com
nfys001@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: