الاثنين، أبريل 02، 2007

"القومي" ـ "القوات": الصراع على الساحة الكورانية



روي عريجي


التمدن
الحوادث الامنية التي تحصل من وقت الى آخر بين "الحزب السوري القومي الاجتماعي" وحزب "القوات اللبنانية" في العديد من المناطق اللبنانية "المسيحية"، وخاصة في قضاء الكورة، لها خلفية تاريخية تعود الى تاريخ الخلافات الحادة التي بدأت في عهد الانتداب الفرنسي على لبنان ثم حكومة الاستقلال والتي أدّت الى اعدام انطون سعادة زعيم الحزب القومي سنة 1949، ثم اغتيال رئيس الوزراء رياض الصلح سنة 1951 من قبل القوميين، وبعدها المعارك الدامية خلال الحرب اللبنانية سنة 1975 الى اغتيال الرئيس بشير الجميل سنة 1982 من قبل القوميين ايضاً (حبيب الشرتوني).


وهذه الحوادث التي تأخذ اليوم شكلاً سياسياً آنياً، هي بالاصل خلافات عقائدية بين مؤمنين بالامة السورية ومن ضمنها لبنان ( الحزب القومي)، وبين مؤمنين بالكيان اللبناني الذي يحفظ حق المسيحيين بالوجود (حزبا الكتائب والقوات اللبنانية).


وكما كان حزب الكتائب برئاسة بيار الجميل مدعوماً من الدولتين اللبنانية والفرنسية لضرب الحزب القومي، الذي يلغي بعقيدته الدولة التي أسستها فرنسا سنة 1920، كان ايضاً الحزب القومي في فترة ما بعد الطائف مدعوماً من الدولة اللبنانية والنظام السوري لضرب حزب القوات.


وحالياً يشكل حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع رأس حربة الهجوم على الحزب القومي من خلال البيانات والتصريحات الاتهامية والحوادث المتفرقة. فهل التاريخ يعيد نفسه؟


رأي القوميين


مرجع سابق في الحزب القومي قال: "ان هناك محاولات لاضعاف الحزب في الكورة لصالح القوات اللبنانية التي لا تملك أرضية مسيحية قوية لعملها الحزبي في غير الكورة، بعد سيطرة التيار الوطني الحر وحلفائه المسيحيين على معظم المناطق المسيحية في لبنان، وأتى توقيف القوميين في الكورة في هذا المضمار".


وهذه الحملة المنظمة على الحزب القومي في الكورة مردّها بحسب مصدر قيادي في الحزب في الكورة الى "ان الحزب لا توجد طائفة تحميه، لذلك هو عرضة للهجوم". اما المرجع القومي السابق فيقول: "ان من أسباب هذه الحملة ان القيادي في الحزب النائب أسعد حردان (والمجموعة التابعة له) اعطى الحزب صبغة الميليشيا التي تأتمر بأوامر المخابرات السورية، التي تتهمها قوى 14 آذار بالاغتيالات والتفجيرات على الساحة اللبنانية، لكن اليوم وفي هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الحزب يقف القوميون صفاً واحداً لحماية حزبهم".


ويقول المصدر القيادي الكوراني: "ان التوقيفات الاخيرة لقياديين في الحزب القومي في الكورة بعد مداهمات مخازن أسلحة محكمة الاغلاق، ومصرّح عنها عند المدعّي العام الراحل ريمون عويدات، والمشاكل الفردية التي يفتعلها القواتيون في بعض قرى الكورة بهدف اثبات وجودهم الضعيف، تطلبت من قيادة الحزب هناك الطلب من كلّ المواطنين والرفقاء اتخاذ أقصى درجات ضبط النفس محذرة اياهم من المحاسبة الحزبية".


انطوان زهرا بالمقابل قال نائب القوات المولج متابعة هذا الملف انطوان زهرا، لـ "التمدن": "ان القوات اللبنانية تحترم الحزب القومي من ناحية الرأي السياسي والعقائدي، كما ترفض المنطق العسكري والامني الذي يتعامل عبره مع المواطنين. والقوات تحرص على سلمية العمل السياسي لكن اذا حصلت تجاوزات فنحن نتكل على القوى الامنية اللبنانية التي تحفظ الامن، رافضين منطق الردّ المباشر من قبلنا على اي اشكال يحصل لاننا لسنا القوى الامنية".


وتؤكد بعض المصادر المواكبة لما يجري بين القوميين والقوات لـ "التمدن" "ان تشابك الوضع الاجتماعي والعائلي في مختلف أقضية الشمال، والذي بدوره ينسحب على القرى والبلدات في الكورة يسبب مشاكل يومية نتيجة الاستفزازات من قبل الاطراف السياسية المختلفة وخصوصاً القوميين والقواتيين في مختلف المناطق". وتعتبر بعض المصادر "المسؤولة" "ان بقاء الامر على هذه الحال سيقلب الوضع من درجة الغليان السياسي الى حدّ الانفجار الامني.


كما تتردد في الشارع الكوراني شائعات عن عمليات تسليح فردية وجماعية لدى القومي والقوات وهذا ما ينعكس سلباً على الجو الامني العام".


مهرجان ميلاد انطون سعادة


في ما يخصّ المهرجان الذي نظمه الحزب القومي في الكورة بمناسبة ميلاد انطون سعادة يؤكد المصدر القومي "ان هذا المهرجان هو للتأكيد على ان الحزب القومي والكورة توأمان، وهذا الاحتفال، خلافاً لما أشيع هو كوراني بامتياز، لكن الخطباء كانوا على الصعيد المركزي، ما يؤكد ان المعارضة متماسكة مع بعضها البعض في السراء والضراء".


اما النائب زهرا فيقول "ان المهرجان هو محاولة لاعادة صبغ الكورة بطابع الحزب القومي وبرموز المعارضة التي اطلقت السهام السياسية في كلّ اتجاه، لكن طبعاً هذه المحاولة لن تنجح".


وعن توقيت المهرجان يلاحظ بعض المراقبين السياسيين "ان الكورانيين يشعرون، ان كوادر الحزب القومي تعيش حالة من الاحباط الامني والسياسي بالاضافة الى نوع من الخوف والهلع من ان يصل قرار التوقيف اليها وخاصة بعد المعلومات التي ترد بالتواتر الى المواطنين عن الحالة الصعبة التي يعاني منها الموقوفون في سجن رومية، فأتى المهرجان بمثابة جرعة دعم للحزب في الكورة". لكن المصادر "المسؤولة" أكدت لـ "التمدن" "ان بثّ مثل هذه الشائعات مدروس بطريقة تهدف الى زعزعة نفوس الحزبيين واضعاف عزيمتهم".


خارطة سياسية جديدة للمنطقة في ما يتعلق بالكلام عن محاولة السلطة والقوات اللبنانية "افراغ" الكورة من الحزب القومي حسب ما جاء في كلمات خطباء المهرجان يؤكد المصدر القومي هذا الامر "الذي يهدف الى وصل بشري (خزان القوات اللبنانية العسكري) بالبترون وجبل لبنان الى بيروت، بالاضافة الى محاصرة الوزير سليمان فرنجية في زغرتا والرئيس عمر كرامي في طرابلس. لكن هذه المحاولة لن تنجح طالما هناك قومي واحد في الكورة".


من ناحيته يعتبر النائب زهرا "ان قطع التواصل بين المناطق اللبنانية هو عمل عصابات وقطاع طرق، فزغرتا لم تتعرض للاذى والخطر الا من قبل الحزب القومي وكانت القوات اللبنانية تدافع عنها. وطرابلس هي بأغلبيتها الساحقة حليفة لنا".


اذن، هل سينجح مخطط إفراغ الكورة من القوميين؟ هل سيسيطر القواتيون على قرار الكورة السياسي والامني؟ وهل سيقوم الحزب القومي باعادة النظر بسياساته وتصرفات كوادره؟ وهل ستفكّ المعارضة اللبنانية ارتباطاتها بالحزب القومي اذا ما صحّ ما تشيعه قوى 14 آذار عن قيام الحزب بتهديد السلم الاهلي في البلاد؟


أسئلة عديدة قد تحمل الاجابة عنها الايام المقبلة.

ليست هناك تعليقات: