الأحد، أبريل 08، 2007

من لائحة الشرف إلى مذكرة الشرفاء

سعيد علم الدين
لقد كشفت الأزمة الحالية الخطيرة التي تعصف بلبنان، ومنذ التمديد الإكراهي للحود خريف 2004 ، حقيقة البعض وعَرَّتْهُم حتى من ورقة التوت، فغدوا عراة لا يخجلون من عوراتهم التي أحاطوها بهالات مقدسة واهيةٍ، وألقابٍ كبيرة مزيفة، وعقولٍ شريرة فاعلة، وأفكارٍ منحطة سافلة.
وهل هناك مقدس ملتحٍ، ومعمم مبجل يدافع عن المجرم علناً ولا يخجل؟ وهل الناس عميان بلا نظر ؟ يا قاتلي الشرفاء ساعة أذان الظهر!
ألا ترتعدون من كلمة: الله واكبر على كل من طغى وتجبر!
حتى أنهم يرتكبون المعاصي والآثام، ويغطون على المجرمين بجببهم علنا أو يشاركون في الإجرام، مخالفين صراحةً الحديث الشريف " إذا ارتكبتم المعاصي فاستتروا!"
وأين سيستتروا بعد أن سقطت ورقة التوت عنهم في قلب بيروت ؟
لقد انكشفت نواياهم السيئة ولم تعد تنطلي حركاتهم واعتصامهم، وتصعيدهم وانقلابهم، وصراخهم وزعيقهم، وسكناتهم وهمساتهم حتى على السذج والعوام، وغدت الأكاذيب شعارهم، والأضاليل مرادهم، والشتائم صفاتهم، وقلب الحقائق بوقاحة والتهجم على الشرفاء بنذالة، وحب الفساد بين الناس والإفساد في الأرضِ، وبث الفتنة بين المذاهبِ وشل الاقتصاد، وجر البلد للدمار والخراب، وحتى خيانة الوطن والأهل والخبز والملح والأصدقاء والقيم والمبادئ هدفهم المعلن، وشيء عادي بالنسبة إليهم لن يشرفهم في حياتهم وسيلاحقهم كوصمة عار بعد مماتهم.
ولن يرحمهم التاريخ وسيقذفهم على مزبلته كما قذف الطغاة الظالمين عبر العصور! والأمثلة لا تحصى وحتى في العصر الحديث: فأين صدام، وأين تشاوشيسكو، وأين ميلوشيفتش، وأين هونيكر؟
ما زلنا نذكر لائحة الشرف من 29 نائبا ضد التمديد المشؤوم التي نشرتها يومها "النهار" بفخر على صفحتها الأولى. لائحةُ شرفٍ، لأن 29 نائبا رغم إرهاب المخابرات السورية، قالوا بجرأة الأبطال: كفى 29 سنة من كابوس الاحتلال السوري، والإذلال البعثي وسلب القرار الوطني بأيدي الفرس المجوس! لا للتمديد ، لا للوصاية ، لا للتبعية ، لا لرئيس يفرض على لبنان من قبل سوريا وإيران. نعم للحرية تظلل جباه النواب الشجعان كالأرزة الخضراء ، نعم للديمقراطية الحقيقة نبني بها لبنان وليست الشكلية، نعم لسيادة الدولة فوق كامل أراضيها، نعم للاستقلال الكامل ، نعم للقرار الوطني الحر ولرئيس يختاره الشعب اللبناني!
ومن هؤلاء النواب من ظل ثابتا ثبات جبال لبنان الشامخة حتى اليوم على موقفه البطولي هذا، كنواب اللقاء الديمقراطي وعلى رأسهم الزعيم الوطني المناضل وليد جنبلاط.
أما رافع شعار الكرامة الوطنية الرئيس الشهيد العملاق رفيق الحريري فقد كان يعيش ظروف صعبة جدا مع نظام بشار المهيمن ودميته البعثية لحود ولهذا فقد قال في مطلع العام 2004 "ان لبنان متجه الى افق مسدود في حال لم يتغير اسلوب الحكم القائم حاليا" في اشارة واضحة الى دعوته لتغيير الرئيس، لأنه شم رائح التمديد بذكائه الحاد قبل ان يفكر به احد. وسار مكرها فيه تحت تهديد بشار الأسد بتكسير لبنان فوق رأسه.

إلا أن موقفه الحقيقي ظهر في مجلس النواب عندما صوت اثنين من أعضاء كتلته وهما النائبان أحمد فتفت وغطاس خوري ضد التمديد فابتسم لهما وهنأهما على شجاعتهما فيما أصيب باقي أعضاء كتلته بالإحراج والذهول!
ولا بد هنا من ذكر عريس انتفاضة الاستقلال عضو لائحة الشرف النائب الشهيد بيار الجميل.
لائحة الشرف من 29 نائبا حرا التي نشرتها النهار خريف عام 2004 تلتقي اليوم مع مذكرة الشرفاء إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ممهورة بتوقيع تسعين نائبا حراً أو بالأحرى 91 لأن الشهيد بيار الجميل ما زال قانونيا نائب المتن الشمالي بحكم عدم انتخاب البديل.
فتحية إلى هؤلاء النواب الشرفاء الأحرار من قوى 14 آذار: طلاب الحقيقة والمحكمة والعدالة والسيادة والاستقلال وقيامة لبنان بعد 30 سنة من الهوان، وتطبيق الدستور بعد أن سدت في وجوههم السبل خداعا وتضليلا من جانب عملاء إيران وسورية، وبعد أن أغلق رئيس المجلس السيد نبيه بري مخالفا الدستور والنظام الداخلي باب المجلس التشريعي في وجوههم، بعد كل ذلك كان لا بد لهم من اتخاذ الخطوة المطلوبة والمنطقية بالتوجه علنا إلى الشرعية الدولية، التي اصدرت العديد من القرارات في هذا الشأن، وتسليمها مذكرة مهمة، مليئة بالوقائع التاريخية ومقرونة بالحقائق يدحضون فيها كل مزاعم وأضاليل وهرطقات "معارضة" وعبثها بالدستور وتعطيلها للبرلمان لكي لا تقر المحكمة لبنانيا.
دعوا فيها الأمين العام الى "اتخاذ كافة الاجراءات البديلة التي يلحظها ميثاق الأمم التحدة والتي تؤمن قيام المحكمة الدولية التي وافق عليها مجلس الأمن".
هذا هو المطلوب فعريضة الاكثرية هذه وفي هذا الوقت بالذات تعتبر خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لا بد منها بعد التعطيل المستمر للبرلمان من قبل السيد بري. واذا كان بري يستطيع دون حق تعطيل البرلمان وإقفاله فهو عاجز عن تعطيل أكثرية نواب الشعب ومنعها عن القيام بواجباتها الوطنية وما يطالب به الشعب ويمليه عليهم ضميرهم الحر.
الآن الكرة في مرمى الامم المتحدة ومجلس الامن.

ولا أعتقد أن مجلس الأمن سيخيب آمال ثورة شعب الأرز بصرختهم المدوية في 14 آذار"بدنا الحقيقة" لقد غدت الحقيقة مطلب عالمي رددته بوضوح ما بعده وضوح المستشارة الألمانية في بيروت السيدة ميركل وأكدت عليه في نفس اليوم رئيسة مجلس النواب الأمريكي السيدة بيلوسي وقبلها السيد بان كي مون ومؤتمر القمة العربي في الرياض.
وفي مؤتمر القمة أيضا بعد أن استقبل الرئيس السنيورة نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف الذي سئل: ماذا عن موضوع المحكمة الدولية؟

فأجاب: "نحن نريد المحكمة الدولية ونعتبر أن الحقائق في الجريمة التي أدت إلى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا بد وأن تصل إلى نتائج، ونحن نؤيد التحقيق في هذا الشأن".
لن تستطيع قوى الإجرام ومها تذاكت واحتالت وهددت وتوعدت على وقف المحكمة من الوصول إلى الهدف المنشود بكشف الحقيقة ومعاقبة القتلة.

أعذارها الواهية كحجة التسييس، أو حجة الغوص في التفاصيل إلى ما لا نهاية بهدف التعطيل، أو القول بتوافق الشعب اللبناني، وإلا! كلها سترتد عاراً عليها بعد أن فضحتها أكثر وأربكتها خطوة الأكثرية هذه.
لقد توافق زعماء الشعب اللبناني على طاولة الحوار وبتوا المحكمة كبند أول دون أي إشكالات. كما أنه لا يوجد لبناني واحد سَوِىُّ العقل سليم القلب صاحب ضمير وشرف وأخلاق ودين يستطيع أن يرفض محاكمة من قتل خيرة أبنائه وإخوانه من زعماء كبار وقادة ومفكرين وسياسيين. فقط المجرم هو من يضع العراقيل ومن يحالف المجرم هو شريك معه في الجريمة.
لقد انكشفت حقيقة أنصاف أرباع الرجال للعالم اجمع بعرقلتهم لإقرار المحكمة في مجلس النواب وإغلاقهم حتى المجلس أمام نواب الأمة بحجج غريبة عجيبة أقبح من ذنوب، ولا مثيل لها في العالم الديمقراطي.

وجاء اتهام أحد أنصاف أرباع الرجال ميشال عون لنواب الأكثرية بالخيانة العظمى على المذكرة، كوصمة عار على جبينه تؤكد هذيانه بعد أن قبض ثمن مواقفه الخيانية هذة ومنذ عودته التسونامية الى لبنان 150 مليون دولار من ايران. وإذا رفعت ايران السعر فهو على استعداد ان يتعمم علنا ويتيمم ويشرب من ماء زمزم ويصير اسمه آيه الله محمد عون!
لقد أعمت الملايين عيني عون فلم يعد يرى فظائع النظام السوري ومخابراته واغتيالاته بحق لبنان، ولا أطماع إيران بتحويل لبنان إلى تابع لدولة الفقيه، ولا خطورة سلاح حزب الله كعامل مهدد للسلام والأمن، ولا أخطاء نبيه بري القاتلة بحق النظام الديمقراطي وإغلاقه البرلمان. بل حسب منطق عون المقبوض بالملايين فالحق دائما على الأكثرية، لأنها أجبرت بري على إخفاء المفتاح، في مؤامرة منها، لكي لا يستطيع عون تحقيق الإصلاح؟

ليست هناك تعليقات: