الثلاثاء، أبريل 17، 2007

ولمن أهدى حسن نصر الله النصر؟

سعيد علم الدين
هذا إذا كان هناك نصرٌ؟
فبطل ممانعة التوطين "الزلمي" الممدة ولايته بعثيا بشَّارياً ومن خلف الستار كما أصبح معروفاً اليوم إيرانيا إلهيا، ليكون جسراً سهلَ العبور عليه لفرض دولة ولاية الفقيه على لبنان إميل لحود، كان قد أعرب عشية ذكرى اندلاع حرب 75 التآمرية لاحتلال لبنان من قبل النظام البعثي، "عن اسفه لاستمرار فئة من اللبنانيين في التنكر للانتصار الذي حققته المقاومة الوطنية على اسرائيل في حرب يوليو الأخيرة".
نحن لا نتنكر لصمود شباب لبنان الشجعان في صد العدوان وإرباك العدو الإسرائيلي في الميدان رغم تفوقه المعروف مسبقا بالعتاد الحربي والطيران، إنما نتنكر لمن استغل هذا الصمود نصراً إلهياً سياسيا من أوهام ليهيمن به على قرار حكومة لبنان السيدة الحرة بعد أن هيمن على رئاسة الجمهورية وخطف مفتاح البرلمان، وليحول لبنان بالتالي إلى تابع ذليل لمشاريع ملالي إيران في محاربة الشيطان.
وأليس الشيخ حسن نصر الله هو أول من سَيَّسَ حرب تموز وحول واجب الدفاع الطبيعي عن الأرض وهذا الصمود اللبناني إلى نصر إلهي هلامي على طريقة آلهة أثينا في الانتصارات الخرافية؟
وكان الشيخ نصر الله قد قال في مقابلة أجرتها معه قناة المنار في برنامج حديث الساعة: انه شعر بالسعادة لدى سماعه بخبر استقالة رئيس اركان جيش الاحتلال دان حالوتس.
ما هذه السعادة الجنائزية التي يتحدث عنها الشيخ وأشلاء أطفال لبنان مازال تحت الأنقاض، والناس تئن بألم من كوارث حرب تموز التدميرية، والوطن ما زال ينزف دماً، حيث القنابل العنقودية تحولت إلى أفخاخِ موتٍ بعد انتهاء وقف اطلاق النار وحتى الآن لأكثر من 250 مواطنا، وحيث قراه ومدنه ما زالت بسبب مغامرات شيخ البازورية مدمرة؟
مع احترامي الكامل لأهلنا الكرام في البازورية الغالية والضاحية الصابرة والجنوب الشامخ في وجه الأعداء.
وأقولها من قلبي أتمنى شخصيا أن يكون الشيخ حسن نصر الله دائما سعيداً ولكن يجب أن لا ينسى في نفس الوقت سعادة الشعب اللبناني!
وأن لا يحقق سعادته على حساب تعاسة اللبنانيين، هذا إذا كان منهم؟
الشعب اللبناني دفع غالي الأثمان ومنذ عقود بسبب قضية فلسطين الحبيبة ومأساته شعبها الرهيبة. لقد ضحينا بما فيه الكفاية، وقمة الظلم والتصلب والاستبداد والغرور والتعجرف والعناد، أن يحملنا حسن نصر الله وحدنا تبعات هذه القضية المأساة ويجعلنا رهائن بيد إيران وسوريا لتحقيق مشاريعهم وحل مشاكلهم وليس العمل من أجل القضية الفلسطينية، سوى مزايدات إيرانية وتنازلات سورية.
ألا يستحق الشعب اللبناني وأطفاله قليلا من السعادة التي نتمناها لك على طول يا أبا هادي!
ألا يحق للمزارع الجنوبي أن يفرح بجني محاصيله مع عائلته بهدوء وسلام؟
أطالبك بإعادة البسمة والسعادة الحقيقية للطفل اللبناني لكي ينمو في وطنه معززا مكرما ويترعرع بين أقرانه سعيداً وليس مشردا ضائعا فاقدا جذوره في بلاد الاغتراب.
لقد طفح الكيل يا شيخ حسن، فمغامراتك العبثية المستمرة أرهقت الشعب الصابر بما فيه الكفاية،
وآخرها مغامرة جر لبنان إلى الفتنة من خلال الاعتصام الفاشل والاضطراب الشامل لإسقاط الحكومة الوطنية.
وقبل أن يكون القائد سعيدا عليه أن يفكر بسعادة شعبه ومستقبله، وإلا تحول إلى صدَّام الكارثة أو نيرون المجنون، الأول سبب لبلاده العظيمة الغنية القوية أكبر كارثة في تاريخ الشعوب، نعيش فصولها التي لم تنته بعد بحرقة ودموع، والثاني أحرق روما ليمتع عينيه بمنظر النيران وهي تشتعل بأطفالها ونسائها وشيوخها وتأكل بألسنتها الحياةَ والعمران! إنها انتصار ثقافة الموت!
وهل كان هدف نصر الله من الحرب التي أشعلها بسبب خطفه للجنديين استعادة مزارع شبعا والأسرى أم استقالة حالتوس؟
ألا يدري الشيخ حسن أن في إسرائيل الكثير من الحلاتيس ومنهم من هو ألعن وأفتك من دان حالتوس بعشرات المرات؟
ألا يدري الشيخ حسن أنه حتى ولو استقال بسبب حرب تموز وزير الدفاع المرتاع بيرتس وتبعه رئيس الوزراء المستاء اولمرت، فهذا لا يعني شيئاً في أي نظام ديمقراطي مبني على المؤسسات وليس على عبادة وتقديس الأفراد؟
وماذا يعني في لغة الانتصار عندما يستقيل أولمرت بسبب إخفاقاته في حرب تموز؟ هذا يعني انتصار للديمقراطية الإسرائيلية الشفافة في معاقبة المسؤول المخطئ وسيأتي بالتأكيد شخص أدهى من أولمرت يتجنب أخطاءه. وبالنسبة لنا يجب أن لا يشعرنا ذلك بالسعادة على العكس بالتفكير والتأمل، كيف هم يعاقبون من يخطئ وكيف نحن نصفق للزعيم الذي يرتكب آلاف الأخطاء والخطايا بحقنا ونتمسك بتلابيبه ونقدسه حتى الموت. إنها انتصار ثقافة الموت!
وعندما اشتكينا من تصرفات باراك جاء نتنياهو أوسخ منه، وعندما فرح البعض لذهاب نتنياهو جاء شارون ألعن منهما، الذي أخذ يتفنن بحقد في قتل الفلسطينيين وزعمائهم وتدمير بنيتهم التحتية ومحاصرة الرئيس عرفات وعزله عن العالم، وعندما غاب شارون فرح البعض فحل محله أولمرت الذي أخذ يتفنن في تدمير ومحاصرة وتقطيع أوصال لبنان.
ومن هنا فالسعادة لاستقالة حالتوس هي سعادة عابرة، مزيفة، وهمية، مؤقتة وتعبر عن قصر نظر صاحبها وفهمه المغلوط للنظام الديمقراطي.
وليس المهم من استقال أو أقيل في إسرائيل، وإنما المهم ماذا حقق النصر الذي يدعيه "حزب الله" للبنان.
فالنصرُ له معالمٌ تُرى بالعين المجردة أو النواظير، كتحرير مزارع شبعا وليس الابتعاد عنها عشرات الكيلومترات إلى ما وراء الليطاني كما فرضت إسرائيل لإنهاء الحصار والتدمير.
والنصر له ظواهر ملموسةٌ تلمس باليد، كالبقاء في المواقع العسكرية وليس خسارتها أمام العدو على وقع الأناشيد، أو تسليمها للجيش اللبناني الذي كان مرفوضا وغير قادرٍ ومن نتائج الحرب صار بقدرةِ قادر، مرحباً به، مقبولاً ومعه الآلاف من الجيوش الأجنبية ومن مختلف الأمم والأصناف.
النصر مادي ظاهر محسوس وليس وهمي غيبي الهي غير ملموس.
النصر الحقيقي في لبنان المنكوب بالمآسي والفتن والويلات منذ عشرات السنوات، وبسبب الأشقاء الذين ورطوه بخبثٍ ودهاء وجلسوا يتفرجون عليه ويساومون على مصيره وهو يتلقى الضربات التدميرية من الأعداء، واذا أراد التململ من قبضتهم جاوبوه بتهم الخيانة والعمالة للصهيونية، وهم أول الخونة والجواسيسِ والعملاء، حتى أنهم أباحوا لأنفسهم خدمة لأعداء العروبة قتل خيرة رجاله بخسة من خلال الاغتيالات السياسية التي جرحت اللبنانيين جرحا بليغا وعميقا لن تبلسمه الأيام بسهولة.
النصر الحقيقي للبنان المنكوب بالحروب منذ أزمان لا يعبر عنه بصفِّ الكلام في مهرجانٍ عاطفي، تضليلي سفسطائي، بلا دليلٍ على النصرِ وبرهان، وإنما بالإخلاص لشعبه وحكومته ومساعدة دولته على النهوض، لإعادة السلام والهدوء والأمان، وتفعيل اتفاقية هدنة عام 49 مع إسرائيل، التي فرضت على إسرائيل احترام سيادة لبنان حتى عام 68 انطلاق الثورة الفلسطينية من العرقوب.
وقبل أن يطالب نصر الله من الأعداء احترام سيادة لبنان عليه هو أولا أن لا يفرط بها لمصلحة إيران وسورية.
الحربُ لها نتائجُ سياسيةٌ تفرضُ نفسها على الخاسر ومهما حاول على طريقة العربِ المشهورة في الإنكار والتبرير، والتلاعبِ بالألفاظِ والتعابير، وتحويل الهزيمة النكراء إلى نكسةٍ، والانسحاب المذل إلى بطولةٍ، وواجب الصمود إلى نصر استراتيجي كبير، وخسارة الاستراتيجية الدفاعية وكشف أسرارها للعدو بسبب استعمالها إلى نصر إلهي ليس له في الكون مثيل.
المنتصر لا يخسر ماء وجهه أمام الملايين استجداء لوقف اطلاق النار التي أشعلها هو مع إسرائيل معرضا لبنان لأفدح الأخطار والخسائر
وعندما يتوقف القتال يرفع رأسه محرضا ضد حكومته متهما إياها أبشع الاتهامات.
حقاً الزعيم الوطني وليد جنبلاط سياسي مدركٌ لما يقولُ ويفعل: يقرأ مجريات الأحداث بتبصر، يحللها ببعد نظر، ويصيب في معظم الأحيان
فعندما ظهر صمود المقاتلين في الجنوب في حرب يوليو وهم يجابهون بشراسة زحف الجيش الإسرائيلي، كان جنبلاط أول من اعتز بصمودهم واعتبره نصراً. حيث تساءل ببعد نظر إلى من سيهدي السيد حسن نصر الله هذا النصر؟
ورد يومها الشيخ نصر الله على عادته بتسرعٍ بأنه سيهديه للشعب اللبناني. وظهر اليوم أن رد الشيخ المتسرع ذكرنا بكذبة اول نيسان حيث في خطاب 8 نيسان أهدى النصر المُدَّعى لقتلة الشهيد الرئيس رفيق الحريري!
أهداه للقتلة عندما رفض المحكمة، وأغلق البرلمان وهدد الحكومة وما زال يهدد البلد بالحرب الأهلية مبتزا الأمم المتحدة لكي لا تأتي المحكمة تحت الفصل السابع.
أهداه للقتلة الأشرار عندما اعتكف من الحكومة بسبب المحكمة واستقال وافتعل الحرب وزايد على حساب الضحايا والأبرياء!
عجبا كيف يتناسى نصر الله أن الشهيد رفيق الحريري هو أول من هب بشهامة لإقناع العالم بحق المقاومة، واستطاع أن يشرعها غصبا حتى عن أمريكا! وهو أول من ساعد وأحسن إلى الجميع وبالأخص أهل الجنوب وتكفل ضحايا مجزرة قانا ؟
ولكن حقا صدق القول الشريف "اتق شر من أحسنت إليه".
موقف نصر الله من المحكمة يؤكد أنه يعلم علم اليقين من اغتال الشهيد رفيق الحريري ورفاقه وصولا الى الشهيد بيار الجميل.
ولهذا فحزب الله لن يتورع أن يضحي بلبنان من أجل منع تشكيل المحكمة الدولية، وكل حركاته وانفعالاته ومغامراته وحروبه وخطاباته واعتصاماته وثلثه المعطل وتهديداته تشير إلى ذلك.
ومن أجل ذلك يسعى لإبقاء لبنان منقسما وشراء بعض ضعاف النفوس بالدولار العفن.
صحيح أنه أعلن تأييده لتشكيل المحكمة مبدئيا إلا أن الأصح أنه رفضها عمليا وعلنيا بالمطلق مدافعا عن الضباط المشتبه بهم الأربع وكأنهم معتقلي رأي كالسجناء السياسيين في سورية مثلا.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

Dear Said,
I fully agree with what you've said. I hope Sheikh (HASSAN) would read carefully your words and react accordingly.

Ken