الجمعة، نوفمبر 13، 2009

مصر بحاجة لإنتخابات ديمقراطية نزيهة كي يُحتذى بها

يسرية سلامة

مع اقتراب موعد الإستحقاق الدستوري للإنتخابات المصرية تتسارع وتيرة التوقعات والتكهنات بالمستقبل الذي ستفضي إليه نتائج هذه الانتخابات، ولعل الموجة الأعلى في اللغط الدائر ما يتعلق بترشيح السيد جمال مبارك لمنصب الرئاسة، فقد اعتبر البعض ذلك توريثا لموقع الرئاسة كونه ابن الرئيس محمد حسني مبارك، وآخرون اعتبروا أن الترشح لهذا المنصب هو حق لأي مواطن مصري بغض النظر عن نسبه وأصله طالما لا يوجد ما يمنع من ترشحه للانتخابات قانونيًا، فالجميع سواسية أمام هذا الحق، ولم يمنع القانون ابن الرئيس أو زوجته من الترشح لهذا المنصب كفرد من أفراد الشعب، معتبرين أن رأي الشعب يبقى الفيصل في كون هذا المرشح أو ذاك يصلح لموقع الرئاسة من عدمه، ففي الإنتخابات يكرم الإنسان أو يهان، وصندوق الانتخابات هو محكمة الشعب لكافة المرشحين .
أنا لا اتفق مع تلك الفئة من الشعب المثيري زوبعة الادعاء بأن ترشح السيد جمال مبارك يعني توريث للمنصب الرئاسي، وأدعوهم لإعادة النظر في مواقفهم، والإنشغال في قضايا أهم، وهي كيف تكون الانتخابات القادمة ديمقراطية بالمعني الحقيقي للكلمة؟ وكيف لها أن تضمن تكافؤ الفرص لجميع المرشحين؟ وكيف تضمن رقابة حقيقية وشفافية عالية أثناء إجرائها؟ هذه القضايا وغيرها ما يجب التركيز عليه، والأهم كيف تستطيع القوى السياسية والفعاليات المختلفة تأهيل وإعداد الشعب لإختيار المرشحين بناء على برامجهم السياسية والإجتماعية؟ لا أن يبقى الكثيرين أسرى لنزق العائلية والتبعية الشخصية، أو لبعض الذين يغدقون العطاء أثناء الحملات الإنتخابية ليتمكنوا من شراء أصوات الشعب، فهم يتذكرون الفقراء والمساكين والمقيمين في المناطق العشوائية والأرياف فقط أثناء حملاتهم الانتخابية لأنهم بحاجة لأصوات هؤلاء، وعندما يحققوا ما يريدون يديرون ظهورهم لمن انتخبهم، وكانوا سببا في أن يتبوأ هذا المرشح أو ذاك موقع ما أو كرسيًا في مجلس الشعب .
لقد عبرت الانتخابات السابقة عن ثغرات بحاجة لأن نعالجها كي تصبح التجربة المصرية تجربة ديمقراطية يحتذى بها في أرجاء الوطن العربي، فمصر التي تمثل قلب الأمة العربية، والتي تقود مصالح العرب جميعًا، بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضي لأن تشكل بتجربتها نموذجًا ديمقراطيًا يُحتذى به، إن ذلك سيزيد من رصيدها، وسيقطع الطريق على كافة المتربصين بدورها وبمستقبلها، وسينهي حالة التنذر التي ترافق إنتخاباتها، والتي يترصدها البعض بقولهم، إن الإنتخابات المصرية يتم تفصيلها بما يحقق مصالح الفئات الحاكمة، وهي تفصل على المقاس .
آن الأوان لأن ينطلق شعبنا المصري لرحاب الحياة الديمقراطية الواسعة، الديمقراطية الملتزمة بالقانون والتي تحقق مصالح الشعب، وليست تلك الديمقراطية التي يستغلها البعض لتحقيق مصالح تتعارض وقيم المجتمع المصري وطبيعته الوسطية المنفتحة على العالم بما يحقق ويعزز شخصية مصر وفي قلبها شخصية الإنسان المصري المتميزة .

Yousria_salama@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: