الأربعاء، مايو 16، 2007

فتوش يفند بالقانون وعمار يستبد بالميكرفون

سعيد علم الدين
المعارضة السياسية هي قمة العمل النضالي التحرري من أجل التغير وفي وجه الطغيان كمعارضة "البريستول" الحضارية قبل الانسحاب السوري من لبنان ووقوفها الجريء في وجه نظام الوصاية الإرهابي المخابراتي.
وهي وسام ديمقراطي مشرقٌ على صدور أصحابها وليست بلطجية سياسية كإغلاق مجلس النواب، وعرض عضلات في وجه الحكومة لإسقاطها بالإرهاب، واعتصامات إلى ما لا نهاية في قلب بيروت لشل الاقتصاد، والقيام بإضراب أدى إلى قتلى وجرحى وتكسير وقطع طرقات، واختراعات سفسطائية من ميشال عون وعنتريات، وتراهات من وئام وهاب، ومخالفات دستورية واضحة من بري ولحود وفذلكات، وهرطقات جوقة محمد رعد وتدفيشات على عمار وإشاعات جريدة الديار، وأكاذيب قناة "المنار".
أما النائب اللاهي علي عمار فقد أظهر حضارة الحزب الإلهي وزادها يوم الثلاثاء 15 أيار حبتين بتهديده لنواب الأكثرية والحكومة والعرب والأمم المتحدة ومجلس الأمن في حال إقرار المحكمة الدولية مذكراً بتهديدات صدام حسين.
وهل يعرف النائب عمار المهدد الصاخب الممانع عمن يدافع؟
وهل يدري أبعاد ما يقول عندما يريد أن يحمي القتلة المجرمين بصواريخه الزلزالية ومواسير المدافع؟
وسمعناه جميعا بالأذن وشاهدناه بأم العين كيف يقمع النواب، تماما كما يقمع نواب كتلته ميشال عون، وكيف يستبد بالميكرفون ويغتصب دور النائب فتوش الذي شرح لنا بحجة دامغة وتواضع العلماء فقرات الدستور مفندا القضايا من خلال المراجع والقانون. وبدلا من أن يرد المعارض اللاهي عمار بالحجة والمنطق على كلام نواب الأكثرية جاء ليهدد بهمجيةٍ ويأخذ دور النائب فتوش بالكلام "تدفيشا وبلطجية" قائلا بصوت مرعد مزبد مذكراً بمحمد رعد: " أنا بوشي ما حدا بيرفع صوتو ها!!!!" وإلا سأكسر البرلمان على رؤوسكم أيها العملاء المتأمركين! مذكرا بتهديدات بشار الأسد للرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وعجباً لماذا يأتي عمار إلى البرلمان؟
لأنه لو كان حقا منسجما مع نفسه لما أتى، تضامنا مع "استازه" بري الذي أغلقه في وجه النواب تعطيلا ويعتب على كل من يأتي إليه.
هذا يدل أيضا على تناقض جماعة "معارضة": فهم يغلقون البرلمان ويأتون إليه، وهم مع المحكمة الدولية ويعطلونها، وهم مع سيادة لبنان ويخترقونها بمربعاتهم، وهم يَعِدون الناس بإعادة الإعمار بالمال الطاهر دون مساعدة الدولة ونظامها الكافر ويصرخون بوجه السنيورة لأنه لا يتخطى القوانين ويساعد بالفوضى الخلاقة على الدفع لكل من هب ودب. وهم مع النقاط السبع خلال الحرب وضدها بعد الحرب. وهم مع لبنان قولا وكلاما وضده فعلا وإيلاماً!
وهل حقا جماعة 8 آذار أتباع نجاد وخامنئي وبشار معارضة؟ لا!
لأن المعارضة التي تسيطر على رئاسة الجمهورية وعلى رئاسة مجلس النواب، عدا أنها تملك جيش ميليشياوي و50ألف صاروخ غير شرعي هي ليست معارضة وإنما تشارك مشاركة فعلية في حكم البلاد. ولا ينقصها إلا إعلان دولة ولاية الفقيه العتيدة التي ستحل مشاكل البشرية وتجعلها سعيدة.
فالمعارضة لكي تكون معارضة وتستحق هذا اللقب وتحصل على وسام الشرف الديمقراطي، عليها أن تحترم إرادة الشعب وتعرض فكراً وحجةً ومنطقاً، ولا تستعرضُ نراجيل وخِيَما وعضلات، ولا تسعى لفرض نفسها على الحكومة الدستورية فرضاً أو إسقاطها بالعنف الهمجي أرضاً.
وعليها أن تعمل بجدارة لكسب ثقة الشعب لكي تنجح في الانتخابات القادمة وليس تنفيره منها ومن مغامراتها الكارثية وما سببته للبنان من خسارة، ومن تصرفاتها المؤذية للمواطن الذي يشعر نحوها بمرارة، وعلى مساحة البلاد طولا وعرضا.
المعارضة الديمقراطية البرلمانية الحية هي حياة أي نظام ديمقراطي حضاري ناجح مزدهر، مُعَبَّراً عنها من خلال مجلس النواب الشرعي الدستوري.
الحائز على شرعيتِهِ من إرادة الشعب الذي انتخبه بحريةٍ، وعلى دستوريَّتِهِ من دستور البلاد وقوانينها المرعية، وليس على شاكلة مسرحية انتخابات مجلس الشعب السوري المعين من قبل السلطة العلية وتوجيهات الدكتاتور رئيس قبيلة حزب البعث القرداحية، على وقع هتافات الأزلام المخابراتية وأهازيج الدبكة الفلكلورية.
وفي هذه المناسبة لا بد من توجيه تحية إكبار لبنانية إلى أحرار ومناضلي سورية العربية الديمقراطية التعددية الأصيلة الأبية القادمة رغم حكم الطاغية الآفل قريبا على طريقة الروماني نيكولاي شاوسيسكو.
ولا بد من توجيه التحية إلى كل المعتقلين اللبنانيين في سجون البعث الهمجية بتعسف عدواني حاقد على كل لبناني، ومن دون حق ومحاكمة وعدالة لا تساوي ذرة نخالة، مطالبين بالإفراج الفوري عنهم.
تحية إلى المثقفين موقِّعي بيان بيروت -دمشق ، دمشق - بيروت الذين أرادوا ببيانهم الفاتح فتح طرق صحيحة وثابتة وسالكة وتاريخية دائمة لعودة علاقات المحبة الأخوية المتأصلة بين الشعبين الشقيقين بعد أن حولها النظام السوري إلى طرقات ملتوية وعلاقات مشبوهة من عملاء وأزلام وأتباع وبهاليل ومخانيع.
فالمعارضة الديمقراطية الحية هي وسام ديمقراطي مشرق على صدور أصحابها من معتقلي الرأي في سورية.
وسورية نابضة حية بأحرارها الأحياء في سجونهم العبقة بياسمين الربيع الدمشقي كميشال كيلو ومحمود عيسى وعارف دليلة وكامل اللبواني وأنور البني وغيرهم الكثيرين وليس بأذلائها الأموات في قصورهم الخاوية كالورثة بشار وماهر وبشرى وأصف شوكت، وذليلهم رستم غزالي، وعملائهم من معارضة 8 آذار، وبهاليلهم من اللبنانيين الصغار، ودميتهم إميل لحود الذي أرسل تقريراً مفصلاً ومسجلاً الى قائده بشار عن لقائه بالبطريرك.
والمعارضة الديمقراطية الحية بحاجة إلى ساسة ديمقراطيين وليس قبضايات بلطجيين على شاكلة ديمقراطيي 8 آذار ووجههم البرتقالي المائل إلى الاصفرار وقريبا إلى الزوال ميشال عون الذي عاش في أعرق دولة ديمقراطية 15 عاما وعاد منها لا يعرف "كوعو من بوعو" في الفكر الديمقراطي. وللأسف دون أن يتعلم شيئاً من حضارة وثقافة الشعب الفرنسي الراقي. عاد إلى وطنه الغريق في المشاكل وبدل أن ينقذه يريد إغراقه من أجل القعود على الكرسي كما غرقت التيتانك.
وكيف؟
على حساب النظام والدستور والشرعية التي لا يقرر صحتها نصر الله وبري ولحود ومزاج النائب ميشال عون الوصولي تحت عباءة الولي الفقيه الأصولي، وإنما فقط مجلس النواب.

ليست هناك تعليقات: