الاثنين، مايو 07، 2007

عذراً شباب "حزب الله"


سعيد علم الدين
اتَّهَمَنا الشيخ حسن نصرالله في احتفال اربعين الامام الحسين في الرويس يوم 9/3/07 ، مُتَّهِماً معنا كل: العقلانيين في استعمال عقولهم وتجاربهم وليس انفعالاتهم وعواطفهم، والواقعيين في النظرِ إلى الظواهر وليس الاندفاع وراء تخيلاتهم، والمنطقيين في تحليل الأمور وليس ترك العنان لتصوراتهم، والمفكرين بهدوء لحل المعضلات وليس تعقيدها، والمتألمين على ما يحل بنا من كوارث ومآسٍ ومحاولة تخفيفها، والثابتين على مواقفهم ثبات جبالنا، والمعتدلين في قراراتهم لمصلحة أجيالنا، اتَّهَمَنا الشيخ حسن واتهم معنا كل الحكماء العرب بقوله:"البعض مصاب بعقدة الضعف والنقص وهوان النفس إلى حد أنه لا يمكن أن يتصور إنتصاراً عربياً على إسرائيل مثلاً، فإسرائيل عنده منتصرة ولو هُزمت ولو اعترفت بالهزيمة".
قبل الرد على كلام الشيخ نريدُ أن نُواسي عائلة قبلان وغندور بمصابهما الأليم، ونهيب بدورهما الوطني في وئد الفتنة، ونواسي أهل كل الضحايا الأبرياء الذين سقطوا بسبب مخططات الحلف الإلهي الجهنمية ضد لبنان والمنطقة العربية.
ونحي من خلال الزيادين الشهيدين العزيزين هذه الوحدة الوطنية الراقية التي تجلت في بيروت وتحصنت في وجه الفتنة والتفرقة بقيادة رجال دين بررةٌ أخيار، وسياسيين حكماء من قوى 14 آذار سيفتخرُ بهم الوطن على مر الأجيال.
فمن السهل أن ندمر وطنا أما إعادة الإعمار فبحاجةٍ إلى هاماتٍ كبار كهامة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبقية رفاقه الأبرار.
نحي كل قطرة دم: عربية كردية، إسلامية مسيحية، فلسطينية عراقية، سودانية صومالية، جزائرية مغربية، سعودية لبنانية، بريئة زكية تسقط هذه الأيام بفعل الاحتلال والحروب والغدر والإرهاب القذر، وكل قطرة دم بريئة زكية سقطت في لبنان بسبب كارثة حرب تموز.
نهيب بهذا التضامن الوطني الفذ مع المهجرين والمنكوبين والمشردين والمقاومين، الذي أكد وحدة أرض وشعب لبنان في وجه سماسرة المستوطنات الإلهية وشراء الأراضي خدمة لمشاريع إيران الامبريالية.
نحي صمود الجنوبيين الأشاوس في الدفاع عن قراهم وبلداتهم في وجه العدو الصهيوني، وبالأخص بطولات شباب "حزب الله" في التصدي للآلة العسكرية الإسرائيلية ببسالة قتالية أربكت جنرالات إسرائيل وسببت لقيادتها الميدانية والسياسية المفاجآت الغير سارة. هذه الإرباكات لاحظناها في اسبوع الحرب الاول من خلال تردد اسرائيل في القيام بالحملة البرية وطلب المزيد من جنود الاحتياط، في ظاهرة أكدت عدم استعدادها للحرب وتسرعها في اتخاذ القرار كما جاء في تقرير "لجنة فينوغراد" مناقضاً ادعاءات الحزب اللاهي بأن إسرائيل كانت تستعد لشن حرب على لبنان في آذار.
وفي الوقت الذي نحي فيه تصدي شباب "حزب الله" وصمودهم نقول لهم عذراً يا شباب! لا بد وأن ننتقد مغامرة قيادتكم اللاهية بمصير الوطن وتسببها بمأساة كارثية كنا وكنتم في غنى عنها قذفت بلبناننا المنهك من جراء المغامرات والاجتياحات والانتهاكات عشرات السنوات إلى الوراء وأدت ممارساتها الفوضوية اللاحقة والمستمرة لخدمة المشاريع المشبوهة ولتعطيل المحكمة الدولية إلى زيادة المتاعب الجمة من سياسية واقتصادية ومادية واجتماعية ومعيشية للشعب اللبناني.
ولهذا ردا على كلام الشيخ نقول: المصاب الحقيقي بعقدة الضعف والنقص وهوان النفس، هو من يخشى الحقيقةَ والانتقاد ويواجهُ الكلمةَ الحرةَ والحجةَ المنطقيةَ بالرصاصة الخائنةِ وغدرِ الاغتيال، يزج أصحاب الرأي والمفكرين المثقفين الأحرار كميشال كيلو في سجون الاعتقال، العاجز عن تحرير أرضه والراضي ببقاء جولانه ذليلا دون مقاومة عشرات السنوات تحت نير جيش الاحتلال، ويسميها ممانعةً ضِحْكاً على الذقون وهي في الحقيقةِ مخانعةً ومسالمةً دون جدال ومصافحةً ومفاوضةً من أمام ستار.
أما الاعتدال فقد فرض نفسه على العقل العربي بعد صراعٍ دامٍ، أصاب لبنان منه الكثير، مع عدوٍ شرس عدواني متفوق علميا وديمقراطيا وحضاريا ويجابهنا بكل أنواع الأسلحة، وأهمها الديمقراطية وما تقرير "لجنة فينوغراد" إلا أحد أهم هذه الأسلحة الذكية.
عدوٌّ في جهوزية تامة ويرد على مغامراتنا فورا بالأفعال وليس على طريقتنا الانفعالية العاطفية الحماسية بالتهديد برميه في أقاصي البحار أو إبادته بصاروخ زلزال.
عدوَّ جلب للفلسطينيين واللبنانيين والوطن العربي الهزائم المتكررة والوبال ومنذ عام 48 هذه وللأسف حقائق مرة مريرة وليست تصورات وتخيلات وأقوال.
إسرائيل ليست في نظرنا أبدا منتصرةً ، بل دولةٌ عدوةٌ شريرةٌ ومغتصبةٌ للحق العربي. ولكن وللأسف نحن من خلال تكرار أخطائنا وعجزنا عن المحاسبة، ومن خلال تهورنا ومغامراتنا وعنترياتنا وعنجهياتنا وتخلفنا وتصوراتنا وشعاراتنا البالية في الحرب الشعبية الطويلة الأمد بقيادة الراحل حافظ ووريثه بشار الأسد، نقدم لها انتصارات بأبخس الأسعار تكلف شعوبنا وحاضرنا أبهظ الأثمان.
والمثل الشعبي يقول "اليد يلي ما فيك عليها قبلها وأدعُ عليها بالكسر"
نحن أحرارٌ يا شيخ حسن وسنبقى لبنانيين عرباً نحيا بكرامة وعنفوان ونموت أحراراً من أجل سيادة وخلاص وقيامة دولة لبنان وتحقيق أهداف انتفاضة الاستقلال.
نحن لا نريد ان نتصور فلقد شبعنا تصورات وتخيلات وعنتريات وذرائع تقدم لإسرائيل على طبقٍ من فضةٍ منذ عام 68 لتحرق أطفالنا وتدمر منازلنا وتجتاح قرانا وتحتل التلال.
مزارع شبعا احتلتها إسرائيل من سورية عام 67 وهي في الأساس مشكلة مفتعلة ظاهرة للعميان ليبقى لبنان ساحة مستباحة للغربان.
نحن يا شيخ حسن نريد أن نحلل ونتأمل ونناقش ونتبصر ونعتمد على الحقائق وليس على التصورات والأوهام والخيال.
فبالرغم من أن دورة الحياة النظامية الإسرائيلية والحركة الاقتصادية عادت إلى طبيعتها بعد الحرب مباشرة، فما زال لبنان حتى الساعة يعاني ويدمَّى يوميا بفعل القنابل العنقودية التي حصدت بعد انتهاء الحرب وحتى الآن أكثر من 250 مواطنا بين قتيل وجريح، وقرى ما زالت مدمرة، وجسور لم تعمر بعد أو بشكل مؤقت، ومصانع تنبعث منها رائحة الحرائق، وشواطئ ملوثة بالنفط الأسود والقار لعشرات السنوات حتى ولو تم تنظيفها، وبيئة مناخية مسمومة بسبب احتراق مواد كيميائية ضارة للصحة، وآلاف المعاقين بسبب الحرب ومرضى نفسيين، وناس مشردة بلا مأوى ومنازل مدمرة وكهرباء مقطوعة ومقننة وأشغال مشلولة ومعطلة، وحالة اقتصادية يرثى لها بسبب هروب الاستثمار والسياح وتعطيل موسم الاصطياف المهم جدا للبنان الشحيح الموارد. ولولا همة وجهاد حكومة السنيورة وجلبها للمساعدات وإعادة الإعمار لكان لبنان اليوم في الحضيض.
وكأن القيادة الحزب لاهية النجيبة وناكرة الجميل لم تكتف غرورا بكل ما سببته من معاناة للشعب اللبناني المظلوم، فزادت معاناته ظلاماً قاتماً وظلما فاجراً بإعلانها الحرب على هذه الحكومة الرشيدة الدستورية، وعلى هذا الشعب الصابر المصابر، وعلى هذه الدولة المستباحة، وكل ذلك هروبا من المحاسبة ولكي لا تقول لهم الناس ماذا فعلتم بنا يا مشايخ الحزب اللاهي؟
مشايخٌ ما زلت تتشدق فوق الأنقاض بانتصارات كلامية وهمية: تهدد وترعد وتتوعد وتزبد. لهذا ولكي نعيد الأمور إلى نصابها لا بد من قول الحقيقة في وجه كل فاجرٍ أثيم. الحكومة تعمر وهم يهددون غير آبهين!وإذا كان تدمير لبنان يعتبرُ نصراً فساعدنا الله على بعض التائهين، المصابين بعقدة الضعف والنقص وهوان النفس إلى حد أنهم لا يمكن أن يتصوروا لبنان: وطنا عربيا رائدا، سيدا حرا مستقلاً، ديمقراطيا حضاريا مشعاً على الشرق والغرب.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

ين عزت اسرائيل لبنان ومكثت فى جنوبه عشرين عاما .. هل كان ذلك تخطيطا لقتل لبنان وهدمه كما فعلت بسوريا ومصر والاردن ؟؟ الا ترى حقا ان عدونا هو اسرائيل وليس حزب الله .. لقد كان حقد اسرائيل على لبنان مثل حقد هتلر على يهود العالم ..كان انتقامها اعمى وعنيف لانه حاقد ؟؟ لا ادرى لماذا انت دائما ضد حزب الله ..انهم وحدهم من ارعب اسرائيل وضرب عمقهم وازال من عقلية الكثيرين عقدة الخوف .. لو انتهت قصة الاحتلال لانتهت كل مشاكل العرب ..