الاثنين، مايو 14، 2007

مسيلمة !!

اسحاق الشيخ يعقوب
كاتب سعودي

في اليوم العالمي للصحافة كنت أدير برأسي ذات اليمين وذات الشمال.. أتفقد الحضور الجميل الذي تجمّع امام البرلمان البحريني ليؤكد موقفا انسانيا تضامنيا رائعا لحرية الكلمة وانسنة ديمقراطيتها الصحافية، ليس في مملكة البحرين وانما في جميع ارجاء العالم.
ما أجمل وأروع هذا الحضور الثقافي والصحافي الذي تجلت روحه الانسانية بالهدوء والصمت الذي شق عنان السماء.. كشف عن اشد احتجاجات حكمته الحضارية الصامتة المدللة على ان الصحافة الحرة هي مرآة المجتمع التي تعكس همومه وتدعو إلى تحقيق انسانيته وصون كرامته في الحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان.. وقد دلل اعتصام الصحافة والثقافة الصامتتين على نهج سياسي وثقافي وصحافي ينم عن وعي تخلقت به جمعية الصحافيين البحرينية ليكون مثالا حضاريا تحتذي به جميع القوى السياسية والفكرية والاجتماعية في المجتمع بعيدا عن الممارسات الغوغائية في المظاهرات والاعتصامات الموتورة التي عهدناها من قوى الاسلام السياسي والمذهبي الطائفي.
ولم يكن عدم مشاركة الاسلام السياسي بثنائية شقيه وتعدد فرقه السلفية والاخوانية والمذهبية الطائفية في هذا اليوم العالمي للصحافة الذي يؤكد على حرية الفكر والتعبير والضمير والعقيدة كحق من حقوق الانسان الا دليلا اكيدا على عدم ايمان هذه القوى المتأسلمة بالثقافة وبحرية الصحافة ومبدئية انتقاديتها العقلانية الهادفة للكشف عن الحقيقة!
وقد اثبتت الايام ان الاسلام السياسي الاخواني والسلفي المذهبي الطائفي.. جميعهم ينطلقون فيه من قاعدة واحدة وان اختلفت وتباينت معالم ممارساتهم عليها.. فهم لا يؤمنون بحرية الفكر وحرية الضمير التي عن طريق ممارستها الديمقراطية تتجلى الحقيقة متوهجة في الصحافة والثقافة.. ولم تكن راياتهم السوداء التي رفعوها ضد الثقافة في الاحتفالية الفنية الجميلة التي فجر موسيقى الحانها مارسيل خليفة في شاعرية قاسم حداد على ايقاع ايماءات روحية في ترانيم عذوبة ابدية الجسد! الا دليلاً واضحاً على الروح الانغلاقية المترعة بأحقادها والمتدفقة كراهية وبغضاء من الآخر الذي لا يتشكل في دوائرهم ولا يأكل من على موائدهم ولا يشرب من مياههم ولا يسترشد بمفاهيمهم ولا يتبنى تعاليمهم: فانه يناله اقصاؤهم وتكفيرهم!!
وما كان مترقبا من احدهم ان يلبي دعوة جمعية الصحافة البحرينية في المشاركة باليوم العالمي للصحافة.. فقد كانت مواقفهم وسلوكياتهم السياسية والفكرية لا تخفي عداءها الدفين والمتجدد ضد ضمير الصحافة والثقافة على حد سواء.. ولم يكن دفاعهم عن مسيلمة الذي فتح قاموس شتائمه ضد رئيس تحرير جريدة »الأيام« وتضامنهم سلفيا واخوانيا تحت قبة البرلمان في احباط طلب وزارة العدل في رفع الحصانة ودفع النائب مسيلمة الشتام الى ساحة القضاء لينال عقابه العادل!
ان هذا الموقف التضامني الظلامي البرلماني المعادي لإرادة القضاء ونزاهته يشكل انتهاكا غير مبرر ضد استقلالية القضاء وعدالته.. ويخل بالحاكمية الدستورية في ان يكون الجميع تحت سلطة القانون سواء بسواء.لقد خطت الظلامية البرلمانية وعلى مختلف انتماءاتها الاخوانية والسلفية والمذهبية الطائفية واقع تخلفها وعدميتها الثقافية والانسانية ليس في تضامنها مع الجاهلية الشتائمية في شخص مسيلمة الكذاب وانما في الضمير البرلماني الذي يشكل ارادة الشعب التشريعية في التجاوز غير الاخلاقي والحيلولة ضد إرادة القضاء في أخذ مجراها العادل في حق مسيلمة الشتام والكذاب!
إن الضمير الصحافي الذي يتجلى واعدا بانسانيته التنويرية المكافحة في جريدة »الأيام« سوف لن يهدأ بالا يقظا ولن يألو جهدا تنويريا حرا في ملاحقة قوى الظلام والتخلف.. أينما اناخوا ركابهم واينما ارتحلوا واينما تجمعوا واينما عقدوا الصفقات واينما تآمروا واينما تآفكوا في افراغ مشروع الاصلاح من مضامينه الانسانية التنويرية.. وسوف تواصل الصحافة والثقافة الحرة في مملكة البحرين مساراتها التنويرية نحو غد التنمية الانسانية بالرغم من تكالب وتضامن قوى الظلام والتخلف ضدها.

ليست هناك تعليقات: