الثلاثاء، مايو 29، 2007

استقالة رئيس عربي ووجهان للرئاسة


يوسف فضل


لا يستطيع الانسان ان يقوم بفعل صحيح في جزء من حياته بينما هو مشغول بفعل خاطىء في جزء آخر. إن الحياة كل واحد لا يمكن تقسيمه .(مهاتما غاندي)

لا أكتب هذا المقال من بنات وأولاد أفكاري .إذا أنا بعيد عن الهذيان ولم اخدع القارىء بالعنوان بل اجزم أن الدهشة والاستغراب هما العلامتان الحصريتان الغريبتان اللتان ظهرتا على الوجه كتأثير أولي لقراءة العنوان . إذ لا يخطر على قلب إنسان عربي أن حاكم عربي يقدم على تقديم طلب اعفاءة من منصبه . إذ الخبر سمعته ممن أثق به لصلته القريبة من هذا الرئيس والخبر ليس للنشر إذا سميت اسم الرئيس لكن اعتقد انه سيكون للنشر إذا ذكرت (رئيس عربي ) دون ذكر اسمه خوفا على مستقبله السياسي وليس لتقرير حالة مستقبل حياتي . لكن بتقيسم حسبة البسط (الخبر ) على المقام (عدد الرؤساء العرب ) تكون النتيجة وجع رأس للرئيس ولي .

في الوقت الذي نزل فيه بعضا من الشعب السوري فارعا دارعا زرافات وجماعات إلى الشوارع والحارات والأزقة لا تقف أمامه أي قوة شرطة وبوليس محلي ودولي لأنه في تظاهره راقصة على أمواج من موسيقى الفرح أو لعله الفزع مرحبا بالاستفتاء لـ ( انتخاب ) أو تجديد ولاية أو إعادة مسمرة (تثبيت ) على الكرسي أو التعميد (الاختياري) الذي لا بد منه للرئيس بشار الأسد لفترة سبعة سنوات قادمة ، هناك رئيس عربي آخر قدم طلب إعفاءه من مسؤولياته الرئاسية . لمن قدم الطلب ؟ لمكتب التوظيف في المخابرات الأمريكية أو لمساعد سكرتير ثاني في السفارة الأمريكية في بلده .

من يجرؤ (على الكلام لبول فندلي )وعلى كتابه تك (لا ) في استمارة الاستفتاء ؟ فإذا كان الشعب السوري يقول نعم والعصا فوق رأسه فكيف بمن يتك (لا ) في الاستفتاء . الاستفتاء يعني عدم التغيير أو رفض وضع أسس للتغيير لان الرئيس يرشح نفسه ضد نفسه وأيهما يرضى بها الشعب فالرئيس هو الفائز . ولو افترضت (افتراض غبي ) أن نتيجة الاستفتاء كانت (لا) بنسبة 60% فهل يتنحى الرئيس أم يعيد الاستفتاء ؟ وهل سيخرج علينا الرئيس بعد الاستفتاء من فوق سيارة مكشوفة (لن يُغتال مثل كندي ) لتحية الجماهير على نضالها السلمي بانتقال السلطة من ألانا إلى ألانا . هل الاستفتاء هو الفهم الديمقراطي للاقتراع الحر الذي اكتسبة الرئيس بشار الذي درس علم طب العيون في بريطانيا ؟ هل هي عدم ثقة الرئيس بشعبة ؟ وهل يعتقد الرئيس أن جمهورية غيابات الجوع والخوف والطاعة لا يصلح لها إلا الاستفتاء ؟ لماذا لا يتم الاستفتاء على المنجزات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصناعية والحربية والمالية التي تمت خلال فترة حكمه ؟ اعتقد أن النتيجة ستقنعه بان يجدد أو لا يجدد فترة حكم مرة أخرى . إذا كانت أمريكا تريد تشكيل شرق أوسط جديد بالفوضى الخلاقة فهل الاستفتاء هو نوع آخر من الفوضى لكن بوجه جُمِل بمساحيق فرنسية أم نوع من تركيز البؤس البشري بصمت وقسوة .

الرئيس عبد الناصر هو أول من ابتكر الاستفتاء في العالم العربي على المرشح الأوحد للرئاسة بنعم ولا وذلك بعد التخلص من محمد نجيب في العام 1954م وقد ظهرت النتائج في الإذاعة والشعب لا يزال يتك بـ نعم أو لا وبخط نسخي بارز في مراكز الاستشفاء الرئاسية . ولأول مرة ظهرت في عالم السياسة العربية نسبة الاقتراع في أربعة خانات من التسعات بالمئة .


وجه آخر للرئاسة ، اعتقد أن هذا الرئيس الذي قدم طلب اعفاءه من الرئاسة سيتنازل عن مبلغ مستحقات نهاية خدمتة جراء استخدامه (غير المقصود) من أوراق وقرطاسية المُلك العام أو إرسال رسائله الشخصية بالناسوخ أو إرسال واستقبال رسائل اليكترونية على حساب الدولة أو ركوب الدراجة الهوائية أو المحلقة في السماء أو لعله ( لا يتذكر ) أخذ بعضا من مخازن التموين للدولة دون وجه حق . لقد تلبسه الضمير الواعي لمحاسبتة على بعض اللمم في انه ربما حصل على بعضا من الأموال غير المستحقة له أو أن وزير ماليته قد (أخطأ ) في تسليمه الراتب بحوافز إضافية أقلها رقم واحد وأمامه ستة أصفار وربما استدركت ذاكرته أن في ثورة غضبه قد غل قطعة أرض لنفسه أو لا بناءه أو لمحاسيبه أو حصل على نسبة عمولة من شراء صفقة سلاح لمحاربة شعبه لذا وابرءا لذمته أمام الله (ليخرج نظيفا وشفافا من الدنيا ) سيتنازل عن مستحقات نهاية الخدمة ليضرب المثل في الموظف الأمين ويكون القدوة لموظفي الدولة الآخرين .

هل صحيح أن الحاكم العربي لا يملك قوة اعفاء نفسه من ما يقدمه من خدمات (جليلة ) لشعبة ؟هل الحاكم العربي هو مُلك يمين لقوى داخلية وخارجية تسيره البلد كما تراه لمصلحتها ؟ هل يعجز الحاكم العربي عن ايجاد وسيلة تعفيه من مسؤولياته ؟ لماذا لا يطرح نفسه في سوق الانتخابات الحرة وهو على ثقة انه لن يفوز لعلمه المسبق بما صنعت يداه برعيته .

هل جاءت صحوة ضمير هذا الحاكم بعدما تعب من الرفاهية أم من قرفه من الأوامر والتوجيهات باستقبال فلان وإلقاء التصريح المعد وتوقيع المعاهدة في التاريخ والمكان المقرر لها ؟

الحاكم العربي إنسان يريد أن يتمتع أو يأخذ إجازة من الرفاهية وحاشية المنافقين أو قد مل من سياسة القمع ضد الشعب . قال الرئيس حسني مبارك (ليس هو الذي قدم طلب الإعفاء )في إحدى لقاءاته مع عماد الدين الأديب:" أتمنى أن احصل على إجازة وأسير في الشارع مثل أي رجل عادي " . ولا ابسط من تحقيق هذه الأمنية " عدلت فأمنت فنمت " .

الحاكم العربي المسكين يريد أن يتمتع بحياته وخصوصياته بعيدا عن الإعلام مثل أي إنسان عادي يخرج ويدخل البيت كما يحلو له دون بروتوكولات (حكام صهيون ) وحرس ودون رقيب وحسيب عليه وبعيد عن الإعلام الذي يصدع رؤوسنا بأخباره حتى متى يغير ملابسه الداخلية . وهو يرغب (بدافع الحسد لمواطنه ) بممارسة هواية السب والشتم والقذف بحق أمريكا لأنه يعلم أن الحلم ممنوع عليه مثلما كان يمنعه عن مواطنيه لان الحلم موقف للواقف أو القاعد .

خمسة توصيفات لا يمكن للإنسان الفكاك من عارها أو اردانها وهي : السياسة والمافيا والماسونية والعمالة والحزب الشيوعي السوفيتي السابق . لان الشخص الذي يعمل مع إحدى هذه الجهات لا يستطيع أن يترك باختياره إلا إذا كانت الجهة هي التي تريد التخلي عنه وغالبا ما يكون التخلي عنه إما بفضيحة أو قتل . أو أن يختار حرية الانتحار .

editor@grenc.com
nfys001@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: