الثلاثاء، مارس 06، 2007

توقيفات بعد العبوات وسلاح متوسط تحت الأرض


النهار
كتبت هيام القصيفي
:

لم يكن تفصيلا ان يتناول البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ثلاث مرات في عظاته الاسبوعية دور الجيش وضرورة رعايته واعتباره صمام الامان، ولم يكن مستغربا ايضا ان تتناول بعض التعليقات السياسية دور الجيش وعقيدته في وقت يزور وزير الدفاع الياس المر الولايات المتحدة في سعي الى الحصول على تجهيزات للجيش.

لا تنفصل العناصر الثلاثة عن مجريات التجاذب السياسي في لبنان، فالبطريرك الماروني الذي لا يزال في مجالسه الخاصة يستعيد واقعة يوم الثلثاء 23 كانون الثاني، ويؤرقه ما ينقله اليه اطراف مسيحيون عن حقيقة وضع الشارع المسيحي، وعن سباق التسلح المتنامي، لا يرى هذه الايام سوى الجيش ضماناً حقيقياً للسيطرة على الوضع، بعدما اثبت نجاحه في سلسلة محطات بدءا من الانسحاب السوري، ثم تطبيق القرار 1701، وتطويق التظاهرات في بيروت، واخيرا في يومي 23 و25 كانون الثاني الماضي.

ورغم تعبيرين استخدمهما رئيس الهيئة التنفيذية لحزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع يوم الثلثاء 23 كانون الثاني حين تحدث عن "تواطؤ الجيش" قبل ان يتراجع عن هذا التعبير متحدثاً عن "ضغوط هائلة تعرضت لها المؤسسة العسكرية"، وما اشار اليه رئيس الحكومة في احد الاجتماعات الامنية عن "تلكوء للجيش"، بقي ثمة خيط رفيع يفصل بين التعامل مع المؤسسة العسكرية وبين التعامل مع قائدها العماد ميشال سليمان، الذي رفع في 24 كانون الثاني، الكتاب الذي قيل انه كتاب استقالة، ولم يكن كذلك، وحدد فيه السببين الموجبين المتمثلين في كلام السنيورة وجعجع ليطلب اجراء تحقيق في ما جرى، كذلك إعطاءه اجازة من اجازاته مدى ثلاثة اشهر ليتم التحقيق خلالها.

بالمعنى الاداري التقني، طلب قائد الجيش اجازة، ولم يستقل، لكن اي جيش يغيب قائده ثلاثة اشهر، لا بد من ان يتعرض لهزة قوية، تجعله عرضة لتوجيه السهام نحوه، وهو الامر الذي حاول تداركه وزير الدفاع الياس المر، فطوّق طلب الاجازة والتعرض ليس لقائد الجيش فحسب، بل للجيش ولبعض ضباطه الكبار.
لم تنته المسألة عند هذا الحد، فتفجير الحافلتين في عين علق، دفع المر الى رفع الصوت عاليا، والحديث عن ضرورة الربط بين الاجهزة الامنية، وهو ما رفضه بعض قيادات في 14 آذار ووزراء وشخصيات لاسباب منها سياسية تتعلق باعادة تفعيل دور المر، ومنها لاسباب تتعلق بالتنافس القائم اساسا بين الاجهزة الامنية، وعدم اعطاء المؤسسة العسكرية التي يشرف عليها المر دورا متقدما على قاعدة الاول بين المتساوين.اقفل باب الربط بين الاجهزة الامنية، على مضض، لكن الانتقادات على خلفية سياسية استمر لبعض الجيش وليس كله، في حين يوجه البطريرك الماروني عظاته الاسبوعية للاشادة بالجيش.

لم يكن سيد بكركي بعيدا عن اجواء معلومات تصل اليه من اطراف كثر، غربيين على الاخص، يعتقدون ان امساك الجيش كمؤسسة بالوضع الامني هو رهان كبير، يجب التعويل عليه، في ظل الخلافات السياسية المتجذرة، وانفتاح الساحة الامنية في لبنان على كم من المعلومات والتفجيرات. في هذا الوقت عاد الحديث عن المعابر الحدودية وضرورة ضبط وضعها منعا لتسريب السلاح، في ظل بروز دور الجمارك في ملاحقة سيارات وشاحنات تضبط في داخلها اسلحة فردية. وبدأ مسلسل اكتشاف العبوات الناسفة، وزيارة المر للولايات المتحدة التي تأخرت بسبب تعرضه لمحاولة اغتيال، والتي يعول عليها المهتمون بدور امني للجيش في تفعيل اجهزة المؤسسة.

وتؤكد معلومات حصلت عليها "النهار" ان ثمة معطيات امنية يجب التوقف عندها بدقة.أولاً، بالنسبة الى السلاح، كل لبناني تقريبا لديه سلاح فردي عبارة عن مسدس او اسلحة رشاشة، وما هو تحت الارض منها اكثر بكثير مما هو فوق الارض، ولدى جميع الافرقاء من دون استثناء أسلحة عبارة عن اسلحة "دوشكا" وقاذفات "آر بي جي”.

وهذا الامر وان كان معروفا سابقاً يتخذ اهمية كبرى اليوم، خصوصا في ظل الخوف المتزايد من تفلت القوى السياسية والحزبية من التزام حالة السلم والذهاب نحو الخلاف السياسي الحاد.ثانيا استنفار لدى جميع عناصر الاحزاب والتنظيمات، وسباق يقلق الجهات الامنية بقوة من الشمال الى الجنوب، على اعادة تنظيم صفوفها.

وترصد المعلومات الامنية جهات وتنظيمات محددة، وخصوصا توسع بعض شركات الامن الخاصة في اعمالها. ثالثا في ما يتعلق بضبط الحدود لمنع تهريب السلاح، تُعد حاليا خطة امنية وعسكرية يتولى القيادة فيها الجيش بالتعاون مع كل الاجهزة المختصة،وسيبدأ تطبيق اول نموذج من هذه الخطة في منطقة الشمال، لتشمل لاحقا الشاطئ والبقاع.

مع العلم ان لبنان لا يزال ينتظر اجهزة مراقبة و"سكانر" للتفتيش على المعابر، وان ثمة اجهزة وصلت ولم تستخدم بعد في انتظار تدريب العناصر عليها. وسيكون للجيش اللبناني تبعا لذلك قوة احتياط للمؤازرة عند المعابر الرسمية البرية، في حين ان 8 آلاف جندي يغطون حاليا كل المعابر غير الشرعية.

والخطة الجديدة قد لا تحتاج الى زيادة العديد، اذا ما زودت القوة الامنية والعسكرية الاجهزة المتطورة اللازمة.رابعاً، بالنسبة الى العبوات المكتشفة في اكثر من منطقة، تمكن الجيش من توقيف عدد من الاشخاص في صيدا وغيرها من المناطق في هذا الملف، مما سيسمح بتحديد دقيق للخلفيات السياسية والامنية وراء وضع العبوات على منطقة جغرافية واسعة ومتشعبة.خامساً، اما اكتشاف السلاح في سيارات وشاحنات فلا تبعده المعلومات التي توافرت عن خلفية سياسية تقضي بتزويد احد الاجهزة الامنية المعلومات الأمنية التي يحصل عليها لجهاز الجمارك: "المحايد"، وذلك لمنع تصادم الجهاز الامني مع الاحزاب المنتمية الى 8 آذار.

ليست هناك تعليقات: