السبت، مارس 17، 2007

خريطة طريق" عسكرية لبنانية لنزع سلاح حزب الله


السياسة/ لندن – حميد غريافي
وضعت مسألة تسليح الجيش اللبناني واعادة تأهيله بصورة جذرية على الأسس الاصلية اللبنانية التي كانت سورية خلال احتلالها الطويل للبنان نسفتها كلياً واستبدلتها بعقيدتها البعثية، على نار حامية في الأمم المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا ودول الاتحاد الاوروبي والدول العربية الفاعلة، كأساس وحيد لانقاذ البلد من محنه وازماته والتدخل الخارجي في شؤونه الداخلية، اذ بدا واضحاً من اسراع الادارة الاميركية وحكومات فرنسا وبريطانيا وألمانيا وايطاليا وبلجيكا الى الموافقة الفورية على شحن السلاح الى المؤسسة العسكرية اللبنانية، مع اصرار الامين العام الجديد للامم المتحدة بان كي مون على ضرورة دعم وتمكين الجيش اللبناني وقوى الامن كنقطة مركزية كما قال في تقريره الأخير حول كيفية تطبيق القرار الدولي ،1701 ان على اللبنانيين انفسهم اقتلاع شوكهم بأيديهم « لناحية » تجريد الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من سلاحها تطبيقاً للقرار الآخر1559، دون ان ينتظروا من الدول المساهمة في القوات الدولية (يونيفيل) تعريض ابنائها للاخطار، ودون تكرار كارثة ما حصل للاميركيين في العراق وافغانستان الذين حلوا هم محل القوى العسكرية المحلية في البلدين لتنظيفهما من الارهاب، اخذين هذه المهمة الدموية بصدور ابنائهم.
وكشفت مصادر اللوبي اللبناني في واشنطن النقاب للسياسة امس الجمعة عن ان قادة قوى 14 اذار الحاكمة في بيروت ابلغت اخيراً هذه الدول ان الدولة اللبنانية لا تريد للقوات الاجنبية المرسلة الى جنوب لبنان ان تتعرض للخطر بالحلول محل الجيش اللبناني في تنظيف بيته الداخلي من المتمردين عليه، وان هذا الجيش في حال تسليحه جيداً واعادة تأهيل بعض ألويته المخترقة من عملاء ايران وسورية، قادر على القيام بالمهمة كما قام بها في مطلع التسعينات لدى تجريده الميليشيات اللبنانية من اسلحتها تطبيقاً لاتفاق الطائف حتى ولو اضطر الى استخدام القوة هذه المرة.
وقالت المصادر في اتصال بها من لندن ان اطرافاً لبنانية من قلب النظام الحاكم الان طمأنت الاميركيين والامم المتحدة والدول الاوروبيةالمشاركة في قوات يونيفيل الى ان لبنان لا يسعى بمطالبته نشر تلك القوات على الحدود اللبنانية السورية لمنع تهريب السلاح عبرها، الى زجها في نزاعات مسلحة ، اذ انه في حال تم هذا الانتشار بالفعل، فان سورية لن تغامر بأي شكل من الاشكال بالتعرض لها او التحرش بها، في حين ان الحدود ستقطع كلياً، وهذا امر يناسب اللبنانيين في ظروفهم الضاغطة الان، تمهيداً لمرحلة نزع سلاح الميليشيات متى بات الجيش قادراً على ذلك.
ونقلت مصادر اللوبي اللبناني عن مسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون) ومستشارية الامن القومي الاميركيتين قولهم ان طمأنة الحكم اللبناني هذه لعبت الدور الاهم للافراج عن صفقات تسليح مهمة وواسعة للجيش اللبناني، اميركية واوروبية، قد تبلغ اكثر من 650 مليون دولار، 350 مليونا منها هي جزء من الدعم الاميركي وحده المقرر للبنان في مؤتمر باريس -3 والبالغ بمجمله ما يقارب بليون دولار.
دراسة (خارطة الطريق)
وكشف هؤلاء المسؤولون الاميركيون النقاب عن ان واشنطن والعواصم الاوروبية المعنية باخراج لبنان من ازمته تسلمت من الاطراف اللبنانية الحاكمة دراسة مفصلة ومهمة لانواع الاسلحة التي يحتاج اليها الجيش اللبناني مبنية على أنواع اسلحة حزب الله والفصائل الفلسطينية العميلة لسورية داخل وخارج مخيمات اللاجئين في لبنان وضعتها لجنة عسكرية - امنية (استخبارية) لبنانية مشتركة بالتعاون مع جهات غربية وعربية تمتلك المعلومات الأكثر دقة عن انواع السلاح تلك بما فيها صواريخ ارض - ارض من مختلف الاعيرة والفاعليات والقذائف المضادة للدبابات والدروع وصواريخ ارض- جو المحمولة على الكتف وقذائف المدفعية والراجمات والالغام الارضية ذات الفاعلية المتطورة.
وقال هؤلاء المسؤولون ان الدراسة العسكرية اللبنانية ركزت على الترسانة التقليدية لحزب الله وحركة أمل والفصائل الفلسطينية اذ تعتبر ان هذه الترسانة هي المطلوب مواجهتها وليست الصواريخ التي استخدمها الحزب عن بعد ضد اسرائيل في حرب تموز (يوليو) الماضي، لان اي احتكاك على الارض بين الجيش ومقاتلي هذه الاطراف مجتمعة كما هو متوقع سيكون بواسطة الاسلحة التقليدية لدى الطرفين ومن هنا كان تأكيد الدراسة على عنصر الدبابات والآليات الثقيلة في غيابه عن ترسانة حزب الله، وهو عنصر حاسم في المواجهات البرية داخل وخارج المدن.
وفيما رفض مسؤولو الدفاع والامن القومي الاميركيون القول ما اذا كان وزير الدفاع اللبناني الياس المر حمل معه هذه الدراسة النهائية الى واشنطن الاسبوع الماضي، اكدوا انها ارسلت الينا من جهتين لبنانيتين داخلية وخارجية من داخل الولايات المتحدة.وقالت مصادر اللوبي اللبناني التي التقت الاسبوع الفائت الامين العام للامم المتحدة وعدداً من مساعديه في نيويورك ان الحاحهم على مسألة نشر قوات فاعلة على الحدود السورية- اللبنانية لوقف تدفق السلاح الايراني - السوري الى حزب الله وجماعات متطرفة اخرى، عائد الى مخاوفهم المتزايدة الناجمة عن اتصالاتهم باسرائيل من ان تقوم حكومة اولمرت في اي وقت، بشن حرب اخرى على معاقل حزب الله والمنظمات الفلسطينية في لبنان، في محاولة هذه المرة للقضاء نهائياً على بناها التحتية العسكرية التي نجت من حرب تموز (يوليو) الماضي، ما من شأنه تعريض لبنان مجدداً لمزيد من الخسائر البشرية والمادية التي لا تحتمل، كما من شأنه تعريض المنطقة برمتها لحرب اوسع في حال انجرار سورية وايران اليها ما يشكل خطراً داهماً على منطقة الشرق الاوسط بكاملها.
ونقلت المصادر عن مون انطباعات بان الاسرائيليين قد يقدمون فعلاً على هذا العمل الحربي ما لم تقم الامم المتحدة بواجبها الكامل في تنفيذ دقيق للقرارين 1701 و1559 واقفال طرقات تهريب السلاح من سورية الى لبنان ووضع خطة لتجريد حزب الله والآخرين من اسلحتهم محددة بتوقيت معين وحاسم.
واماطت المصادر اللثام للسياسة عن ان الدراسة العسكرية - الامنية اللبنانية تطرقت الى (خارطة طريق) على الجيش اللبناني بعد اعادة تأهيله وتنقيته من العناصر التي تعتنق عقيدة حزب الله الايراني والعقيدة السورية ومن ثم تسليحه اتباعها لاستعادة زمام الامور على كل اراضيه وقالت ان هذه الخريطة تقوم تدريجياً على ما يلي:
1) فتح باب التطوع لدخول الجيش امام 15 او 20 الف جندي وضابط جديد من الطوائف الثلاث السنية والمسيحية والدرزية، للحلول محل 20 الف ضابط وجندي حالي ينتمون عقائديا وحزبيا الى حزب الله وحركة امل واحزاب لبنانية عميلة لسورية وتكون عملية التطوع هذه سريعة كي يستقبل هؤلاء المتطوعون الجدد الانواع الحديثة من السلاح الغربي الذي يكاد تدفقه يبدأ على المؤسسة العسكرية اللبنانية من اجل استيعابها، اذ يبدو ان اي معركة عسكرية لنزع سلاح حزب الله في نهاية المطاف ستحمل هؤلاء العشرين الف عقائدي ومحازب داخل الجيش وهم من الطائفة الشيعية على الانشقاق عن الجيش والالتصاق بأحزابهم.وعلى الدول الغربية والعربية المساندة للدولة اللبنانية الجديدة التكفل برواتب وتجهيزات المتطوعين الجدد الذين يمكن ما يشبه التعاقد مع احزابهم المعادية لايران وسورية لمدة معينة من الزمن لا تتجاوز السنتين. وتقول الدراسة ان ادخال هؤلاء المتطوعين من تلك الاحزاب سيوفر على المجتمع اللبناني خوض حرب داخلية ميليشياوية كما حدث عام 1975 اذ ستتحول تلك الميليشيات الى جزء من المؤسسة العسكرية وتحارب من داخلها نظامياً.
2) بعد اكتمال تسليح الجيش والتمعن جيداً باقتراح ادخال المتطوعين الجدد عليه تبدأ المرحلة التالية من خريطة الطريق وهي مباشرة عمليات نزع السلاح من ايدي الفصائل الفلسطينية المتطرفة او السلفية داخل المخيمات اي من اسفل السلم كما اقترحت الدراسة، لتنتقل بعدها الى الفصائل المنتشرة خارج المخيمات بحيث تكون هذه العمليات التي تساندها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح المسيطرتان على معظم المخيمات في لبنان بمثابة بروفة للانتقال فيما بعد الى حزب الله وحركة أمل.
3) قد يحتاج الجيش اللبناني في عملية نزع سلاح حزب الله الى سلاح جوي يسانده في ضرب مواقع الصواريخ باسلحة تكتيكية كما فعلت اسرائيل في الايام الاخيرة من حرب تموز (يوليو) باستقدامها قنابل اعماق خاصة من الولايات المتحدة عبر بريطانيا ومن المستودعات الاميركية في قطر، وتقترح الدراسة في هذا المجال الاستعانة بمقاتلات من الاسطولين الاميركي والفرنسي المتواجدين في البحر الابيض المتوسط قبالة لبنان وسورية حالياً، إذ سيكون اي دعم منهما متطابقا مع وجود القوات الدولية بموجب القرار 1701 لحمايتها في حال تعرضها للاخطار ولسوف تكون كذلك بسبب تنسيقها الحميم مع الجيش اللبناني وتواجدها في مناطق مشتركة معه في الجنوب.
4) قد تكرر سورية ما فعلته لدعم القوات الفلسطينية في الاردن عام 1970 عندما ارسلت لواء من دباباتها ومدرعاتها لقتال الجيش الاردني، فتعبر بعض نقاط الحدود اللبنانية لمساندة حزب الله وجماعاتها الفلسطينية المنتشرة داخل لبنان قرب الحدود السورية مثل مناطق قوسايا وحشمش ورعيت ويحفوفا في البقاع الاوسط. وهنا تقترح الدراسة تدخلاً دولياً ضاغطا على نظام بشار الاسد لمنعه من التحرك العسكري ضد لبنان تحت طائلة استخدام القوة ضده. لذلك نرى ان نقل القرار 1701 الى كنف الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة قبل تحرك الجيش اللبناني في اي من مراحل عملياته امر حيوي وضروري كي يكون رادعاً للسوريين عن اي مغامرة.
**
موقع يا بيروت

ليست هناك تعليقات: