الاثنين، ديسمبر 28، 2009

ما أذكى السياسيين الفلسطينيين

د. فايز أبو شمالة
ما أحوجنا في فلسطين إلى هؤلاء القادة الأذكياء! وكم نتمنى أن يمنّ الله على أمتنا العربية والإسلامية وعلى شعوب الأرض بقيادات حكيمة مثل قياداتنا الفلسطينية، لقد آتاهم الله من الدراية والمعرفة بالغيب ما أعجز قادة إسرائيل، وحال دون سيطرتهم على شبر واحد من أرض فلسطين، بل أن القيادة الفلسطينية تقرأ الواقع بشكل أذهل أعداءهم، وحيرهم في الرد، فبعد أن تقدمت قوة صهيونية معادية، وتعمدت تصفية رجال المقاومة الذين اتهموا بقتل أحد المستوطنين، بعد هذا العدوان الصارخ على مدينة نابلس، صدر الرد العاقل من السلطة الفلسطينية، الذي اعتبر هدف ا لعدوان الإسرائيلي المجرم هو "تخريب النجاحات التي حققتها السلطة في الضفة الغربية، وتدمير الهدنة في قطاع غزة، للهروب من استحقاقات السلام، وقال البيان الرسمي: أن الجريمة تأتي في إطار مساعي الحكومة الإسرائيلية للتهرب من عملية السلام عبر إعادة المنطقة إلى مربع العنف، ثم التذرع بعدم وجود شريك فلسطيني يمكن الجلوس معه على طاولة المفاوضات.
ضمن هذا المنطق السياسي الفلسطيني الحكيم، فإن كل فعل يقوم فيه المحتلون من إرهاب يهدف إلى الإيقاع بالسلطة الفلسطينية، وتوريطها، وجر الشعب الفلسطيني إلى دائرة العنف، وعليه يجب التنبه إلى الحيلة الإسرائيلية الهادفة إلى إظهار ضعف السلطة الفلسطينية، وعجزها، وعدم قدرتها عن الدفاع عن مواطنيها، وعلى الجميع الالتزام بتعليمات السيد عباس الذي حرّض على عدم مقاومة المحتلين، وعدم التعرض للمستوطنين، وعدم التفكير برجم الغاصبين بحجر صغير ما دام يتربع على كرسي الرئاسة.
تعليمات واضحة تقضي بألا ينجر الفلسطينيون وراء الاستفزاز الإسرائيلي حتى ولو واصل اليهود قتل الفلسطينيين بدم بارد، وحتى ولو تواصل الاستيطان بكثافة، وحتى ولو هدموا المسجد الأقصى، وحتى ولو حشروا الفلسطينيين في أكياس نايلون، وألقوا بهم على كومة الزبالة، وواصلوا تصفية الأطفال في حضن أمهاتهم، لقد صار العار كل العار هو التفكير الفلسطيني بالرد على العدوان الإسرائيلي، وصار الخزي كل الخزي لمن يفكر بالمقاومة. وهذا ما يعرفه الإسرائيليون، وما ورد في صحيفة يدعوت أحرنوت العبرية "بأن قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد تلقوا تعليمات صارمة بالحفاظ على الهدوء، كما طلب من عناصر حركة فتح، ومن المطاردين سابقا بـعدم الدخول إلى دائرة عنف جديدة، تحرج السلطة، وتهدد الجهود الأمنية الكبيرة التي قامت بها حكومة فياض في السنوات الأخيرة، وذكرت الصحيفة: أن الجيش الإسرائيلي أشاد بجهود أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بعد مقتل المستوطن، ووصفها بأنها صارمة، ومثيرة للإعجاب حيث اعتقلت السلطة الفلسطينية 120 ناشطا فلسطينيا في إطار التحقيقات للكشف عن المنفذين، ونقل الموقع عن ضابط رفيع في قيادة المنطقة الوسطى قوله إن أجهزة أمن السلطة عملت بعزم، ولكن إلى جانب ذلك، فإن لدي الإسرائيليين التزام بالعمل ضد من نفذ العملية وإغلاق الحساب معه.
لقد أغلق الإسرائيليون حسابهم مع نابلس، فمتى ستفتح نابلس حساب الآخرين؟
fshamala@yahoo.com


ليست هناك تعليقات: