الأربعاء، ديسمبر 09، 2009

لا قدس في أوروبا

د. فايز أبو شمالة
القدس الإسلامية موجودة في قلب الشرق، من يريدها عاصمة للدولة الفلسطينية عليه أن يتخذ القرار بشأنها في بلاد الشرق، لا أن يهرب إلى بلاد الغرب، وينتظر الإنصاف والعدل لقضاياه التي خربش غزلها الساسة الأوروبيون، ومن آمن بالحلول المنزلة من خلال المفاوضات عليه أن يعشق قدساً أخرى غير قدس المسلمين، وأن يجد عاصمة على الورق الأبيض الناعم، التي كتبت عليه الوثائق الدولية المعطوبة، وقد تراجع عن تأييدها مجلس الاتحاد الأوروبي، وهو يكرر بكلام جميل: "أن المستوطنات والجدار العازل أقيما في أراض محتلة، وأن هدم المنازل وطرد سكانها غير قانوني بموجب القانون الدولي، ويشكل عقبة أمام السلام، ويهدد بجعل حل الدولتين مستحيلا" هذا الكلام الجميل فارغ المضمون قد عجز عن الطلب من إسرائيل بإزالة الجدار العازل، واقتلاع المستوطنات من الأراضي المحتلة سنة 1967، واكتفى البيان الأوروبي بحثّ حكومة إسرائيل على أن تنهي على الفور جميع الأنشطة الاستيطانية في القدس الشرقية، وبقية الضفة الغربية بما في ذلك النمو الطبيعي، وتفكيك جميع المواقع النائية التي أقيمت منذ مارس 2001.
لقد انسجمت أوروبا مع أمريكا في رؤيتها للمستوطنات في الضفة الغربية، وخضعت للمشيئة اليهودية، وتواضعت في طلبها من حكومة إسرائيل بتفكيك المستوطنات العشوائية فقط، والمقصود هنا؛ هي تلك العشوائيات التي أقيمت بعد سنة 2001، أما المستوطنات التي أقيمت قبل هذا التاريخ، وتحتل 40% من أراضي الضفة الغربية ، فالبيان لا يطالب بإزالتها، وإنما يطالب بوقف الأنشطة فيها، بما في ذلك مدينة القدس التي طالب البيان بتسوية وضع المدنية على أنها عاصمة الدولتين في المستقبل، ومن خلال التفاوض. وما أطول حبل التفاوض الذي امتد ثمانية عشر عاماً من الفشل باعتراف كبير المفاوضين الفلسطينيين!
فأين هو انتصار الشرعية والقانون الدوليين في هذا الإعلان الأوروبي الذي رحب فيه السيد سلام فياض، ولاسيما بعد أن نجحت إسرائيل في إملاء مضمونه السياسي؟
لقد أضحى كل طفل في السياسة يدرك أن الحل في يد الفلسطينيين، وهم أصحاب القرار، وذلك مجرد أن يلمع الرعب في سماء الشرق، ويضيء برق المقاومة دهاليز الشك، ويخطف الأبصار، ليصير مصير مستوطنات الضفة الغربية هو نفسه مصير مستوطنات غزة التي تم إخلاؤها دون مفاوضات، ودون انتظار إعلان من الدول الأوروبية، أو اللهاث خلف قرار فارغ المضمون يصدر عن مجلس الأمن.
**

فتاة جزائرية تراقب معبر رفح
كتبت لي فتاة جزائرية أكثر من رسالة بالمضمون ذاته، وأني لأعجب من أين لفتاة الجزائر هذه المعلومة عن غزة؟ قد تكون معلومات صحيحة دون أن أدري، وقد تكون خاطئة، ولكن الذي سيجيب على التساؤلات هو المسئول الفلسطيني في غزة عن إدارة المعابر، ومن خلال بيان رسمي يوجه إلى الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية حول طريقة عمل معبر رفح، ومن هو المسئول عن إغلاقه وفتحه، وآلية السفر من خلاله!.
تقول الفتاة الجزائرية في رسالتها: أنا أخت من الجزائر، مسلمة حاملة لهم الأمة العربية، وموجعة بغطرسة وغباء حكامنا، عاشقة لفلسطين، ولكل ذرة من ترابها، وجريحة في أعماقها كجرح القدس المغتصب في عز صحوة إسلامية إعلامية لا غير. أقرأ كل صباح حين وصولي إلى مكتبي كل ما يتعلق بأخبار فلسطين، وغزة والقدس والضفة الغربية وحماس وفتح، والمفاوضات في ظل جولات أعتبرها جولات سياحية استعراضية لكلا الطرفين، أو مسرحية من إنتاج هوليودي، وإخراج إسرائيلي.
سيدي، قرأت مقالكم "إسماعيل هنية عسل بلا قبلات" ولا أخفي عليكم سيدي أنني من المعجبات بشخصية الرجل، نعم القائد المستقيم الحافظ لكتاب الله، والمقيم لصلاة التراويح، نعم الإمام، اطلعت على شخصيته عبر الإنترنت، لم أعثر على أي موقع يسيء إلى شخصه، وهذا يدل على نظافته، عكس بعض السياسيين من كلا الحزبين. ويمكنني أن أقول: أنكم أنصفتم في حقه. ولكن هل أنصف حزبه في حق أهل غزة، وهو يفرق في التعامل مع من يؤيده، ومن لا يريد أن يؤيد أحداً سوى القضية؛ الأم العزيزة الغالية الجريحة فلسطين؟
لماذا يغلق معبر رفح في وجه من ليس حمساوي ؟ لماذا ترفض تأشيرات المرور وتعاد الوثائق إلى كل من لا ينتمي إلا حزبهم؟ هل أصبح أهل غزة غير المتحزبين مغضوب عليهم من كل الطغاة؟ هل هي لعنة من الله عليهم أم لعنة بني جلدتهم وحب التسلط والإذلال، هذا المرض العضال المتنقل الذي يصيب كل حاكم عربي؟
سيدي الفاضل ،تجرأت عن الكتابة إليكم لأعبر لكم عن بركان الغيظ الثائر في صدري عن هذه التصرفات من المسئولين عن المعبر، وطريقتهم في تكسير آمال هذا الشعب الباحث عن مجال للتنفس ولو لفترة قصيرة، لقضاء حاجاتهم وزيارة أهلهم خارج الوطن، أو جمع شمل أب وزوجته وأولاده الأربعة، والنظر إلى الوليد الأخير، الذي لم يعرف لا صورة ولا صدر الأب الحنون، نعم سيدي هذه قصة صديق لي، عزيز على قلبي، جاء إلى الجزائر للتدريس في جامعة من الجامعات، وهو متمكن جداً، ومحبوب في الوسط الطلابي، منذ شهور وهو يحاول استقدام أولاده، الدولة الجزائرية أعطته كل التسهيلات، إلا أن باسطي الأيدي على المعبر يرفضون إعطاء العائلة تأشيرة المرور،لأن الرجل كان في يوم من الأيام مع فتح. لماذا هذه الكراهية بين الإخوة ،أبناء الوطن الواحد، لماذا؟ أتمنى أن تخصصوا يوما مقالا لهذه المشكلة. وأطلب منكم سيدي أن تتدخلوا لدى رئيس الحكومة، وأطلب منه الكف عن هذه المعاملات نهائيا، وأشكركم سيدي على كل مقالاتكم. عاشقة أرض الأنبياء.
أحقاً اتهام الفتاة للمسئولين عن المعبر، أم هنالك قصور إعلامي في توصيل الحقيقة، والتوضيح لكل الناس: بأن المسئول عن فتح معبر رفح وإغلاقه هي جمهورية مصر العربية؟
fshamala@yahoo.com


ليست هناك تعليقات: