الخميس، ديسمبر 24، 2009

دونيس روس ماكرو فلسطين

د. أفنان القاسم

نحو مؤتمر بال فلسطيني (22)

"ماكرو" تعني طراخور، وهو جنس سمك من العظميات الشائكات الزعانف، ولصفة الطراخور هذه أُطلقت على القواد في شكله وفي تفكيره وفي سلوكه، وهذا هو دونيس روس مستشار أوباما للشأن الشرق الأوسطي الذي عرفناه قبل أوباما بكثير وعرفنا فيه بسيكولوجية المتنفذين في البيت الأبيض الذين يعتقدون أنهم يملكون تحليلا دقيقا لشعوب يتحكمون بمصائرها بينما هم يفتقرون إلى الحدس ولا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم، وباعتراف روس نفسه على التلفزيون الفرنسي منذ عدة أشهر عندما قال بخصوص عودة عرفات إلى فلسطين "كان علينا أن نؤسس لنظام ديمقراطي تقوم عليه الدولة الفلسطينية"، بعد أن عملوا على انقسام الفلسطينيين إلى تيارين متعارضين، واليوم لا يرى أن الحلول المرحلية المجتزأة لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمات وتعقيد المشاكل أكثر فأكثر، فهو يروج إلى بيع عشرين بالمائة من "عرض" فلسطين حسب خطة تقضي بانسحاب إسرائيل من المناطق "ب"، التي تعادل مساحتها 20% من الضفة الغربية ووفقا لاتفاقات أوسلو تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية إداريا ولكنها أمنيا خاضعة لسيطرة إسرائيل –أنظر ما أجمل هذا التخبيص الهوليودي إدارة فلسطينية تحت عسكرة إسرائيلية ويقولون انسحاب ونهاية احتلال- وهو يدرك كبائع للهوى أن إشباع الرغبة غير ممكن إلا بامتلاك كل الجسد، لكنه يناور بسفاهة عهدناها عنده ليوهم أنه على خلاف في سوق الجسد الفلسطيني مع إسرائيل، وهو لا يفعل ذلك إلا ليسوي هذا الخلاف بينهما، فبمن يسخر هذا الطراخور؟ نتنياهو قال لا لأوباما، أوباما قال نعم لنتنياهو، نتنياهو رجل صعب القياد لا يمكن إرغامه، أوباما رجل سلس القياد يمكن لنتنياهو أن يقول له لا، نتنياهو وأوباما، أوباما ونتنياهو، والاثنان في سوق بيغال الأميركي من وراء دونيس روس: "ثدي فلسطين للبيع! بطنها! فخذها!" وكلهم يعبثون بالوقت، ويبررون لما يجري، لما يتعمدون أن يجري، وإلا من هو هذا الأهوج الخرع نتنياهو الذي تتوقف حياة كل إسرائيله البلد الخزق على مليارات الدولارات الأميركية؟

الحل عليه أن يكون كاملا وحالا كما جاء في خطتي للسلام حل به تجد كل المسائل الأساسية نهايتها وذلك بإرضاء كل الأطراف والطرف الفلسطيني أولها.

الحل لا يكون بكونفدرالية، مشروع السي آي إيه القديم المترهل الطراخوري، بين الأردن وفلسطين وإسرائيل تسيطر إسرائيل القوية في كل شيء عليها وتوسع من رقعتها وتكون منطلقا رسميا لها إلى كل دول المنطقة أسواقا وأيادي عاملة وثروات، الحل يكون باتحاد كما تقترحه خطتي بين شركاء وأنداد، باتحاد يقام في الوقت الذي تقام فيه دولة فلسطين، فلا تشكل هذه نهاية لإسرائيل كما يدعي قادتها ولا نهاية لأي دولة من الدول العربية كما يعتقد حكامها ولا نهاية لأمريكا وكل دول الغرب والعالم كما يظن سادتها، لأن فلسطين بالنسبة للطبقات المسيطرة كلها تعني نهاية لها، وعدم وجودها هو حجر إرساء نفوذ الصغار والكبار في العالم، هكذا هو الاعتقاد السائد، وخطتي تقلب هذا الاعتقاد رأسا على عقب، وتلح على دور فلسطين كدينمو اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي محلي وعالمي.

الحل يكون بتغيير عقلية القِوادة الأميركية وبسيكولوجيا زعران البيت الأبيض، هم زعران العالم، فكيف تريد من السقطة في إسرائيل ألا يكونوا أوسخ؟

الحل يكون كما يرتأيه مؤتمر بال القادم الذي سيفرض وجهة نظره على الجميع وسيعيد للتحضر معناه وللتقدم بعده العادل وللإنسان إنسانيته.

www.parisjerusalem.net

ليست هناك تعليقات: