الأحد، أكتوبر 21، 2007

أمراء التطبيع والعبث بالمخيمات الفلسطينية



عطا مناع
أحيانا يشعر المرء بالخجل لأنة عاش ليشاهد المخيم الذي شكل عبر سنوات اللجوء القاسية محطة للعودة والتمسك بالحقوق التي قدسها اللاجئون إلى درجة الجنون ، قلت تشعر بالخجل لما آلت إلية الأوضاع في المخيمات الفلسطينية أو بعضها ليتحول اللاجئ إلى مجرد مادة للفرجة أو للدراسة من قبل جهات لا لون لها ، لدرجة انك كانسان يقيم في المخيم تشعر بالغربة جراء التزاحم الغير مبرر لأفواج الضيوف ألثقيلي الظل والذين يفرضون أنفسهم عليك تحت شعار التعاطف معك دون أن يطرقوا بابك ويحترموا خصوصياتك كانسان له الحق بان يقول لا للعبث في مخيمي أو حياتي وثقافتي وفقري.
للمخيم نكهة متميزة للذي يريد أن يفكر بمغامرة ما، فمثلا المخيم كنز لملتقطي الصور حيث المشهد المكتمل ، الشوارع الضيقة والأطفال في الشوارع ومجمعات النفايات بمحاذاة الشوارع الرئيسة والمتطوعين الجاهزين للمساعدة فهم يمتلكوا الخبرة والمعرفة بخفايا الأمور في المخيم وما يسعد ضيوفنا ألثقيلي الظل، قد يخرج علي احد ويقول أنت متخلف ودقة قديمة ولا تواكب العولمة والتطور والتبادل الثقافي بين الشعوب وخاصة تلك التي تتعاطف معنا، قد أكون كذلك ولكني اعتز بواقعي وبخصوصية أبناء جلدتي وبالتحديد الأطفال الذين هم المادة المفضلة للمتاجرة، ولا بد أن بكون واضحا للقارئ أن الأطفال وبالتحديد في فلسطين هم الضمانة الأكيدة للتواصل مع الذات والحقوق، وبالتالي نحن أمام وضع حساس وخطير، وحتى أتحرر من الطرح النظري أريد أن اعكس الواقع حيث أقيم"مخيم الدهيشة" الذي أصبح محجا لكل من هب ودب، بالأمس حيث كنت أعالج سطح منزلي من بعض ما لحق بة من خراب سمعت أصوات أطفال الحارة وبشكل غير اعتيادي، تطلعت وإذا بأربعة أشخاص يحملون الكاميرات يوزعون الشواقل عليهم في محاولة لاستقطابهم وخلق جو من التفاعل، المستفز أنهم دهموا حارتنا دون معرف وباشروا بالتقاط الصور دون ضابط وبطريقة تعكس احتقارا لهذا الواقع، خاصة أن الصور الناجحة للفلسطيني في الغرب هي الصورة الخارجة عن المألوف ، استمر المشهد لنصف ساعة وتجمع الأطفال الذي وجد ضيوفنا فيهم ضالتهم أكملوا شغلهم وغادروا الحارة وفي جعبتهم ما يرضي الجهة التي يعملون معها، غادروا الحارة وخلفوا ورائهم أطفالا غير مدركين بواطن ما يجري.
إنهم يجلبون إلى مخيماتنا لنعرض عليهم كبضاعة سهلة التسويق،أنا أتساءل لماذا نسمح لهؤلاء بالتحكم في حياتنا والتعامل معنا"كفئران لأبحاثهم" ومادة لإشباع غرورهم ، لا أريد أن أعمم هناك استئناءات، لكنني أقف أمام صورة لطفل لاجئي بجانب مجمع النفايات مطولا، لا أحبذ أن أرى أطفالنا تنتهك حقوقهم واستقطابهم بهدف الاستثمار، وخاصة في ظل الفوضى المنظمة والممنهجة للمؤسسات أو بدقة اكبر للدكاكين التي تدعي أنها تنشط للرقي بالأطفال، اوكد على بعض الاستثناءات، ولكني اشدد أن الأطفال والمرأة في فلسطين هدف للجهات الداعمة التي تدفع بدون حساب تحت شعار النهوض بواقع هاتين الشريحتين المسحوقتين قبل وبعد البرامج التي تدعي الاستهداف الايجابي لهما. وبصراحة نحن في المخيمات بحاجة إلى برامج تتقاطع مع ثقافتنا وواقعنا كلاجئين، لكن المشكلة تتمثل في أمراء التطبيع الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، أمراء التطبيع الذين لا ضابط لتعاملاتهم وعلاقاتهم وبرامجهم، المهم بالنسبة لهم التمويل وبعد ذلك فلتحرق البلاد والعباد، أمراء التطبيع يتكاثرون كما الفئران ومع كل يوم يمر يهبط مستوى أداءهم ويصبح همهم زيادة الحساب في البنوك، لقد تحدثت في مقالة سابقة عن احد أمراء التطبيع الذي سرق وعلى عينك يا تاجر ما لا يقل عن 200 ألف دولار من إحدى المؤسسات الفاعلة في إحدى مخيمات بيت لحم، استغرب لما يصمتون عنة رغم امتلاكهم وثائق تدينه رغم أن كافة حساباته في البنوك الإسرائيلية كما أكد لي مسئول في داخلية المحافظة.
من حق كل فلسطيني يقيم في تجمع تنشط فيه مؤسسات غير حكومية أن يقف على نشاطها، ومن واجب القائمين على هذه المؤسسات أن يعتمدوا الشفافية في نشاطاتهم وتعاملاتهم، وبالضرورة أن يقف المجتمع المحلي أمام المؤسسات المغلقة والعائلية وسياسة التوريث في هذه المؤسسات، من حقي وحقك عليهم أن يحافظوا على خصوصياتنا ولا يسمحوا لأي كان التجول في شوارعنا واستغلال الحاجة عند بعضنا، من حقنا أيضا أن نقول للبعض الناشط في مؤسسات المجتمع المدني من أين لك هذا، ومن واجب سلطتنا ضبط أوضاع المؤسسات التي ضاق سماء المخيمات بها ، يجب أن تكون هناك ضوابط وتنظيم حتى لا نصحو في يوم ما لنجد أنفسنا محاصرين بالعلب الإسمنتية التي يشكل المخيم أرضية خصبة لها، وقد يكون الوقت مناسبا لنرفع الصوت في الوطن والشتات في وجه كل من يعمل على استغلال شعبنا وإخضاع مؤسسات المجتمع المدني لرقابة دقيقة وفرز الغث من السمين ونبذ أمراء التطبيع.

ليست هناك تعليقات: