الاثنين، أكتوبر 08، 2007

قراءة في كلمة سماحة الشيخ حسن نصرالله في ذكرى يوم القدس

راسم عبيدات
......... في الكلمة التي ألقاها سماحة الشيخ حسن نصر الله في يوم القدس، كعادته كان واضحاً وصريحاً، ومشدداً على المقاومة وأهميتها ودورها في الصمود والثبات والتحرير، حيث قال أنه بفضل المقاومة اللبنانية، مناضلين وخبرات ومقاتلين وتضحيات، تمكن اللبنانيون من تحرير الجزء الأعظم والأكبر من أرضهم المحتلة، وبفعل المقاومة أيضاً، تمكن الفلسطينيون من تحرير قطاع غزة ، مما يؤكد ويثبت صدقية ونجاعة هذا الخيار والنهج، إذا ما توفرت هناك القيادة المؤمنة بهذا الخيار، والممتلكة للإرادة، والتي تبني قراراتها واستراتيجياتها على هذا الخيار.
وقال سماحته بأن الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض لأبشع أشكال وأنواع الظلم والاضطهاد على يد دولة الاحتلال الإسرائيلي ، لم يتلقى الدعم والإسناد الكافيين ، وهو لا يريد من العرب لا جيوشاً ولا أسلحة ولا فتح جبهات، حيث أنه في ظل الواقع العربي المعاش، والذي يشهد ويعيش حالة من التردي والانهيار والتراجع غير المسبوق وحتى التحلل ليس القومي فقط بل والوطني أيضاً، فأنه من الصعب في مثل هكذا وضع، أن يكون هناك إستراتيجية عربية موحده، والمطلوب من العرب، هو أضعف الإيمان، ألا وهو عدم المشاركة في الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني، والمبادرة إلى رفعه، وأشار إلى عدم الاكتراث واللامبالة من قبل الرأي العام الدولي بالمأساة الفلسطينية، حيث أضحت معاناتهم من شهداء وجرحى ومعتقلين ونهب واغتصاب لأرضهم، مجرد أخبار عادية وهامشية في وسائل الأعلام.
وأيضاً في الشأن الفلسطيني دعا سماحته إلى عدم المشاركة في المؤتمر الذي دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية في الخريف القادم، حيث أن الهدف من هذا المؤتمر هو فرض الاملاءات والاشتراطات الأمريكية - الإسرائيلية على الأمة العربية، أي التطبيع مقابل لا شيء ، وخصوصاً ونحن نستمع لخطابات ووجهات نظر قادة الحكومة الإسرائيلية، والتي تؤكد على أنه، يجب عدم توقع الكثير من هذا المؤتمر، وأنه لن يبحث في القضايا الإستراتيجية والجوهرية، مثل اللاجئين، القدس ، الاستيطان والحدود وغيرها ، وهذا ما عبر عنه كل من " بارك وليفني وأولمرت"، حيث أشاروا أن إسرائيل لن تنجر لتقديم تنازلات إستراتيجية في هذا المؤتمر، وكذلك عادوا لنغمة عدم وجود الشريك الفلسطيني وضعفه، وأن صنع السلام مع الفلسطينيين لن يكون ممكناً قبل عشرين أو ثلاثين عاماً.
وفي موضوع ذو صلة بالشأن الفلسطيني والعربي قال سماحته، أنه في الوقت الذي يواصل فيه العرب الحديث عن السلام، فإن أمريكيا وإسرائيل تقرعان طبول الحرب، حيث شاهدنا قبل فترة وجيزة ، العربدة الجوية الإسرائيلية في الأجواء السورية، والاختراقات اليومية والمتكررة للأجواء اللبنانية من قبل الطائرات الإسرائيلية ، وفي العراق حيث بادر المتطرف عضو مجلس الشيوخ الأمريكي " بايدن " إلى طرح مشروع على ذلك المجلس، يهدف إلى تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات ، ورغم أن القرار غير ملزم، إلا أننا خبرنا السياسات الأمريكية جيداً، فهي قبل مرحلة التنفيذ الفعلي، تهيأ لذلك بحملة سياسية وإعلامية ونفسية واسعة، وهذا ما شاهدناه قبيل الغزو الأمريكي للعراق واحتلاله، وهو ما يحدث الآن في موضوع الملف النووي الايراني، مما يكشف الأهداف الحقيقية للغزو الأمريكي، وهو طحن الشعوب وانهاكها وإدخالها في متاهات الحروب الداخلية والأهلية، وتحت تمظهرات وتسميات مختلفة مذهبية وعرقية وطائفية وقبلية وعشائرية، وهذا ما نشهده في العراق حيث الاقتتال السني – الشيعي ، والشيعي – الشيعي ، والسني – السني ، والعربي - الكردي، والكردي التركماني، وهذا المشروع الأمريكي التدميري، مشروع الفوضى الخلاقة، تريد أمريكيا أن تسحبه على باقي الوطن العربي، والساحة المرشحة بعد العراق لهذا المشروع هي لبنان ، حيث أن ما يقلق إسرائيل كثيراً، هو تزايد قوة المقاومة وصلابتها وتجذرها وكثافة حضورها وانتشارها في لبنان ، وبالتالي فإن تفجير الوضع الداخلي اللبناني من شأنه خدمة المخططات الإسرائيلية – الأمريكية في المنطقة، ومن هنا جاء اتهام سماحته لإسرائيل بجملة الاغتيالات التي طالت نواب الموالاة، والتي كان آخرها اغتيال النائب أنطوان غانم.
وفي الموضوع اللبناني، قال سماحته أن المعارضة قدمت الكثير من التنازلات في سبيل وحدة لبنان، وفي موضوعة الموافقة على مبادرة الرئيس نبية بري، فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، حيث تخلت عن شرط حكومة الوحدة الوطنية، ودعت إلى انتخاب الرئيس وفق الدستور اللبناني بالثلثين، وإذا تعذر ذلك فإنه دعا للعودة إلى الشعب واستفتاءه بإعتباره مصدر التشريع والسلطات، أي التعديل الدستوري لمرة واحدة وانتخاب الرئيس من قبل الشعب مباشرة، وبالمقابل فإن الموالاة لم تلتزم بإنتخاب الرئيس بالثلثين، وهي تجري استعداداتها وتحضيراتها، من أجل انتخاب الرئيس على قاعدة النصف +1 ، بكل ما يحمله ذلك من مخاطر على وحدة لبنان ومستقبله، وبما يقوده إلى دهاليز ومتاهات الحروب الأهلية والداخلية، وما يؤشر على ذلك، هو وصف قوى الموالاة لدعوة سماحة الشيخ حسن نصراللة بالانتخاب المباشر للرئيس من قبل الشعب في حالة عدم التوافق عليه بأنها " إرهاب سياسي " ، وكذلك انتقدت دعوته لانتخاب الرئيس على قاعدة الشخص وليس البرنامج ، فسماحته قال أن لبنان يريد رئيساً للبنان، يقدم المصلحة العامة على المصالح الخاصة وصادق ويفي بوعده ولا يشترى بالدولارات، وهذا ما يشكل الضمانة لا الورقة أو الخطاب الذي يعلنه، ولا يخضع للإملاءات والضغوط والاشتراطات الداخلية والخارجية، ولا يتلقى التعليمات من السفارات.
وقال سماحته أنه ضد التدخلات من أي نوع ومن أي بلد سوريا، السعودية، أمريكا وفرنسا وغيرها، وفي الوقت الذي تدعو فيه أمريكيا إلى عدم التدخل في الشأن اللبناني والحرية في انتخاب الرئيس، فإنها تمارس عكس ذلك وهي لم تكف عن تدخلاتها المتواصلة في الشأن اللبناني، ورغم كل ما يحصل على المستوى العربي من ردة وانهيار وتراجع، وما تقوم به العديد من القوى والقيادات العربية من تهويل وتضخيم للأمور، فإن سماحته أشار إلى أن المستقبل ليس مخيفاً ألى هذا الحد، فهناك أخطار وتحديات وأعاصير، وعلى الأمة وقواها الحية والمناضلة أن تكون مستعدة وجاهزة لمواجهة هذه التحديات، والتصدي وإفشال هذه المخططات والمخاطر التي تستهدف الأمة ووجودها ومستقبلها، وفي ختام كلمته شدد سماحة الشيخ حسن نصر الله على أن حزب الله ومعه كل قوى المعارضة، حريصة على وحدة لبنان وسلمه وأمنه واستقراره، وعلى استمرار نهج الحوار والتوافق من أجل حل القضايا الخلافية في الساحة اللبنانية .


القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: