الجمعة، أكتوبر 05، 2007

هل " خرى " المستوطنين نعمة لأهل المكبر؟؟؟

راسم عبيدات
"المكبر" السواحرة الغربية ضاحية من ضواحي القدس الجنوبية، القدس التي جرى إحتلالها قبل أربعين عاماً، وفرض عليها القانون الإسرائيلي قسراً، وأعلن ضمها للمناطق المحتلة عام ثمانية وأربعين في أقل من شهر، وفرض على سكانها قسراً أيضاً الهوية الإسرائيلية ذات اللون الأزرق، والتي يحسدهم عليها شعبنا في الضفة والقطاع، على إعتبار أنها تمنحهم العديد من الإمتيازات، والتي لو عرف شعبنا حقيقة هذه الإمتيازات لقال بالفم المليان " طز " على مثل " هيك " إمتيازات، وبالعودة إلى "خرى" المستوطنيين ونعمته لأهل المكبر، فأهل المكبر يدفعون صاغرين كل الإستحقاقات الضريبية المفروضة عليهم لحكومة وبلدية الإحتلال، هذه الحكومة الملزمة حسب القوانين والأعراف الدولية، بتوفير الخدمات الأساسية من صحه وتعليم وخدمات للسكان المحتلين، ولكن حكومة الإحتلال وبلدية القدس ، يقدمون هذه الخدمات بالقطارة، ودائماً الحجج والذرائع جاهزه لا توجد ميزانيات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ونحن في القرن الواحد والعشرين، فأغلب سكان المكبر بدون شبكة مجاري، رغم مرور أربعين سنة على الإحتلال، والمطالبة المستمرة من السكان بتوفير هذه الخدمات، ولكن كل بلديات الإحتلال المتعاقبة، تسير على نفس النهج والرؤية، عرب أقل وخدمات أقل، أما حول الشارع الرئيسي الواصل للبلدة، فهو من عهد حكومة الإنتداب البريطاني، ولم يجري عليه أية تحسينات أو تغيرات، بإسثناء إضافة " قفة زفتة " هنا أو هناك، وهو مليء بالحفر والمطبات وبدون أرصفة، أو ممرات مشاه، وبدون أعمدة إنارة، رغم أن الشوارع في المستوطنات المجاورة، تتوفر فيها هذه الخدمات، وهي عبارة عن " اوستردات " جاهزة لهبوط الطائرات عليها في الحالات الإضطرارية، وتجري صيانتها بشكل دوري، وتقحف وتقحط وتغير زفتتها بشكل سنوي، أما حول البناء فحدث ولا حرج، فالحصول على رخصة البناء رغم تكاليفه الباهظة، والتي قد تصل إلى خمسين ألف دولار أو أكثر ،والتعقيدات والأجراءات التي ترافق إصدار الرخصة من شروط غاية في التعجيز، فأنه يمنح السكان ما نسبته 37.5 % من المساحة للبناء عليها كحد أقصى، والبناء بشكل عامودي لا يزيد عن طابقين، وأنا لا أريد أن أطرق إهمال وتقاعس وقصور بلدية القدس في المجالات الأخرى من تعليم وحدائق عامة وملاعب ومتنزهات، فالحديث عن ذلك يطول ويطول، ولكن الذي حدث يا أخوان وبشكل مفاجيء، أن البلدية ما أن أعلن عن بدء العمل في مستوطنة " تسيون زهاف" في قلب بلدة جبل المكبر، حتى إمتلئت خزائنها بالميزانيات، وغيرت الكثير من الشروط والقوانين المتعلقة بالبناء والتراخيص وغيرها، وشنت البلدية بالتعاون مع المستثمر الإستيطاني " عبود ليفي" حملة على أرض السكان المجاورين العرب، وصادرت مساحات واسعة منها تحت يافطة وشعار المصلحة العامة، والمصلحة العامة في عرف البلدية، هو تشريع إقامة الحي الإستيطاني، ومصادرة هذه الأراضي لخدمته، فبقدرة قادر أصبح هناك ميزانية ضخمة لشبكة مجاري خاصة بالمستوطنة، والتي كان يراهن أهل المكبر المساكين ، انه مع وصول هذه الشبكة للمستوطنة، فإن الله قد يتوب عليهم من الحفر الإمتصاصية وما تسببه من مكارات صحية ، وتكاليف مالية باهظة ، ويقوموا بربط مجاريهم على هذه الشبكة، ولكنهم إكتشفوا أنه حتى في " الخرى " هناك تفرقة عنصرية، ومحظور عليهم إستخدام أو الربط على شبكة المجاري الخاصة بالمستوطنة ، " وخراهم " يجب أن يخضع لفحص دقيق ولربما يكون فيه جين أو بكتيريا " إرهابية " تسبب الأذى للمستوطنيين وأبنائهم، أما حول الشارع الذي لم تجري عليه أية تغيرات منذ عهد الإنتداب البريطاني، بإستثناء بعض الترميمات البسيطة، فأنه مع هلول بشائر المستوطنيين ، وحتى قبل هلولهم، فإنه تم توسيعة في المناطق والشوارع المؤدية إلى المستوطنة، بحيث أصبح " أوستراد " وأقيمت له الجدران الإستينادية ، وتم وضع " كندريمات " له ، وأرصفة للمشاة وزرعت الأشجار على جوانبه،أما حول أعمدة الإنارة والتي دائماً كانت تقول البلدية، أنه لا تتوفر لها ميزانية، وأذكر أنه راجعنا البلدية لوضع أربعة أعمدة على هذا الشارع لشدة ظلمته وصعوبته ، وكذلك وضع أربع " أضواء كاشفة على مقبرة البلدة ، حتى لا سمح الله في حالات الدفن للأموات في المساء يتمكن الناس من مشاهدة بعضهم، وكذلك حتى يستطيعوا دفن الميت بكرامة، وكان الرد لا تتوفر ميزانيات، وفجأة توفرت ميزانيات لعشرات أعمدة الإنارة والأضواء الكاشفة الموصلة للمستوطنة، وطبعاً هذا لا يندرج في إطار العنصرية والتفرقة، لأن هناك فقط أولاد سارة وهم جيدين ويستحقون و أولاد هاجر وهم غاية في السوء ولا يستحقون، وفيما يتعلق بالبناء فسبحان مغير الأحوال والقوانين، المستثمر الإستيطاني "عبود ليفي" أعطي تراخيص وبشكل سريع ودون إستيفاء الشروط اللازمة، ومنح نسبة بناء 125%، بالإضافة لبناء عمودي ستة طبقات ، رغم أن كل السكان العرب المجاورين والملاصقين للمشروع الإستيطاني، لم يسمح لهم بالبناء سوى بإرتفاع طابقين، والأنكى من ذلك أن هذا المستثمر الإستيطاني ، لم يكتفي بذلك ، بل أصبح يعترض على إقامة أي بناء في المنطقة للسكان العرب، وحتى لوكان على بعض كليوات المترات من المستوطنة، بحجة أن إقامة الأبنية العربية تشوه البيئة والطبيعة،وتحجب منظر القدس المحتلة عن المستوطنيين، وتصوروا هذا التعسف والإجحاف،أبنية بأرتفاع طابقين،ستحجب الرؤية والمنظر عن أبنية بإرتفاع ستة طبقات!!،
وهذا المستثمر الإستيطاني لم يكتفي بذلك،بل أخذ يهدد بنبش قبور أهل البلدة ورمي الجثث في العراء تحت حجة ويافطة أنه يمتلك ثلاثة دونمات من أرض المقبرة ، ولكم أن تتخيلوا لو أن عربياً قام بنبش قبر أي يهودي، لقامت الدنيا ولم تقعد ولتحركت أمريكيا ومعها أوروبا الغربية ومجلس الأمن والأمين للأمم المتحدة للتنديد بذلك، ووصفه بالعنصرية والحقد على اليهود وغيرها،ولكن كل شيء في شريعة الغاب والإحتلال جائز، وما دامت إسرائيل دولة فوق القانون، فهي يحق لها ما لا يحق لغيرها، ومستثناة من كل العقوبات التي تجرمها وتدينها بسبب سياساتها الغارقة في العنصرية والخارجة عن كل الأعراف والقوانين الدولية .
وفي النهاية ما على سكان جبل المكبر " السواحرة الغربية " وكل السكان المقدسيين سوى الصمود والتشبث بأرضهم، وإستمرار المطالبة بحقوقهم مقابل الضرائب المجباة منهم، وخوض كافة أشكال النضال المشروعة في سبيل ذلك، بما في ذلك اللجوء إلى المحاكم الدولية، فهم مستهدفون كسكان ووجود، وكبار الساسة الإسرائيليين يعبرون عن ذلك بشكل واضح وصريح، مطلوب السيطرة التامة والكاملة على القدس الشرقية، ولكن بأقل عدد ممكن من العرب، وترحيل العرب من القدس مشروع وسواءاً تم بالطرق القانونية والمشروعة أو غيرها ، وسكان " المكبر" قبل غيرهم وكذلك كل المقدسيين يدركون أن " خرى " المستوطنيين لن يكون نعمة عليه، بل كل مستوطنة تزرع في قلب قراهم ومدينتهم ستكون نقمة عليهم، وتمهيداً لترحيلهم وطردهم من المدينة المقدسة .


القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: