الجمعة، أكتوبر 19، 2007

حول الجوع والموت والاستزلام في زمن الحصار


عطا مناع

- فلسطين
تقول الدراسات التوثيقية والبحثية أن أكثر من 60% الشعب الفلسطيني يعيشون تحت خط الفقر، وفي قطاع غزة تجاوزت معدلات الفقر رواندا، إذا نحن نسير باتجاه الهاوية وعلى كافة الصعد على اعتبار أن الاقتصاد هو المحرك الرئيس لعجلة الحياة سواء على الصعيد السياسي أو ألقيمي والإبداعي والثقافي، وطالما ان فلسطين بلد تعيش تحت خط الفقر حسب دراسات أجرتها صحف عبرية استغرب من عدم إعلان المستوى السياسي في الضفة الغربية وقطاع غزة إننا شعب منكوب وعلى حافة الانهيار،والانهيار يعبر عن نفسه بالمزيد من الأزمات والتفاعلات الداخلية السلبية لتزاد الجريمة والتفكك الاجتماعي وبروز النزعة الذاتية عند الأفراد والجماعات، ولكي لا اذهب بعيدا في التحليل واربط بين الأسباب والنتائج والعلاقة الجدلية لقانون التراكم لا بأس من الخوض في مضمون "النظام السياسي الفلسطيني" الذي اخذ صفات بدائية رغم ظهوره بشكل حضاري للوهلة الأولى.
ورغم ان الشعب الفلسطيني يواجه الجوع والحصار بمخزونة الوطني وقد يكون مجبرا لا بطل، لان دولة الاحتلال تفرض قوانينها دون ممانعة من احد في الداخل والخارج سوى النغمات الببغاوية التي اعتاد عليها الشعب وملها لأنها فارغة من أي مضمون وطني أو سياسي ، نغمة تتسم بالعفوية واللامبالاة للواقع المرير الذي يحيط بالشعب الفلسطيني، هذا الشعب الذي تكالبت علية قوى الكون بجنسياتها المختلفة، وليصبح فريسة لقوى وأيدلوجيات اتسمت بالنرجسية والدموية وفقدان البوصلة، وخير دليل على هذا الكلام سيل التصريحات التي تؤكد قبول التفاوض مع دوله الاحتلال رغم الصلف والتعنت الإسرائيلي الذي وصل إلى حد الإذلال والتعامل بدونية مع المفاوض الفلسطيني الذي يتعامل بليونة مع الإسرائيلي وبتطرف مع الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني المحاصر والمجوع وقع فريسة العفوية السياسية والاستزلام الوطني والمزايدات الفارغة التي دفعت بة إلى اليأس والإحباط والاستسلام للواقع المرير، هذا الواقع الذي يدور في حركة مفرغة من الاشتراطات والمواقف والممارسات التي تؤكد أن الصراع بين غزة والضفة لا زال في بداياته، وان الفلسطينيون استطاعوا أن يوجدوا المشكلة ولكنهم عاجزون عن إيجاد المخارج والحلول الكفيلة بإخراج شعبهم من النفق المظلم الذي يعيش فيه، وبمعنى آخر فان دولة الاحتلال التي تلعب على التناقض الفلسطيني الداخلي تمسك بخيوط اللعبة لنصبح في غزة والضفة شئنا أم أبينا مجرد دمى تتحرك بإرادة إسرائيلية، فدولة الاحتلال أصبحت تتحكم بكل مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية ، فهي التي تشبع وتجوع وهي تقرر الحرب والسلام، دولة الاحتلال تطيل الأعمار وان شاءت تقصرها وبإرادتها يتلقى الموظفون مرتباتهم، انها تتحكم بالمياه والهواء والحدود ..... بمعنى آخر تمسك بالحبل على رقابنا.
الصورة قاتمة، والمستقبل ضبابي، والانقسام شبة حتمي، والثوابت الفلسطينية التي قد الشعب في سبيلها ملايين الشهداء والجرحى والأسرى مهددة بالضياع، ونحن نغرق في نقاش عقيم حول من الذي أخطاء، هل هي فتح أم حماس، ومن يجب أن يعتذر أولا وواجب من أن يبادر بالخطوة الأولى أو يعتذر للشعب...."ما أعظمنا" ننام على أبواب دولة الاحتلال نستجدي حقوقنا المشروعة ونفتي بالمفاوضات مع الآخر وندير الظهر لبعضنا، نسطو على حرماتنا وتقاليدنا باسم الوطن.. تختطف وتقتل ونقمع باسم الوطن.. ننشر الرعي في أوساط العائلات باسم الوطن.. نفرط بالوطن باسم الوطن، أليس ما نعايشة ألان هو التفريط بحد ذاته ولا فرق بين طرف وآخر إلا بالقدرة على تمرير الخطايا واستخدام ما يسمى بالأوراق التي يتحكم بها كل طرف، نحن لا نمارس السياسة وله بحدها الأدنى، أيعقل أن نذهب إلى التسوية ونحن في ضعاف وممزقين ومتخاصمين، كيف يقنعون الشعب بالمقاومة وهم يمارسون التطهير السياسي ويكملوا ما بدء بة الاحتلال.
في زمن الجوع والحصار يأكل الأخ لحم اخية ويحلل المحرمات ويتجاوز الخطوط الحمراء، في زمن الحصار تعم الفوضى وتسير الشعوب على رأسها تفقد البصر والبصيرة ويتحكم الفوضويون والمتآمرون بمصالح الناس، وفي زمن الحصار يتحول العدو إلى صديق والأخ إلى عدو وتختلط الالون ببعضها البعض ويصبح الجنون عين العقل، وقد يحق للفلسطيني أن يتساءل.. من يحاصرني.. إن الحصار الذي نخضع له ليس إسرائيليا بحتا رغم ما نعانيه جراء سياسة الدولة العبرية، نحن نحاصر أنفسنا ونستقوي على بعضنا ونجوع السواد الأعظم من شعبنا، الحصار ليس عدم توفر الأسباب المادية للحياة فكم من الشعوب عاشت هذه التجربة وتجاوزتها بوحدتها وتصميمها على تجاوز المحن، إن الحصار والجوع المعنوي والألم الذي يعتصر كل فلسطيني شريف سببه الفلسطيني الذي نسي أنة يخضع للاحتلال بكل ممارساته التيئيسية الفاشلة، وبعنى آخر وبدون لف أو دوران الصورة واضحة غزة تحاصر رام اللة والعكس صحيح. يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش حاصر حصارك لا مفر ... اضرب عدوك لا مفر... حاصر حصارك لا مفر اضرب عدوك لا مفر... سقطت ذراعك فالتقطها.. وسقطت قربك فالتقطني

ليست هناك تعليقات: