الخميس، أغسطس 30، 2007

شر البلية ما يرقص


محمد عيداروس
صحيح شر البلية ما يرقص".. فالخبر الذي نشرته إحدي الصحف مصحوباً بإحصائية صادرة عن جهاز الرقابة علي المصنفات الفنية المسئولة عن إصدار تراخيص العمل للراقصات يحتاج وقفة متأنية ومراجعة شاملة ليوميات وطن يبدو أن بناته قررن أن يرتدين بدلة الرقص ورجاله اكتفين بالإمساك بالطبلة ولا أدري من هو الجمهور الذي سيشاهد إذا كان معظم البنات سيرقصن.. وأغلب الرجال سيقبضن..؟ ما علينا!
الإحصائية تؤكد أن هناك 7200 فتاة يتقدمن للرقابة سنويا طالبات الحصول علي رخصة راقصة.. أي أن 20 بنتا وسيدة يطلبن من الجهاز المحترم إذناً يوميا باحتراف هز الوسط!
المثير في الخبر أن الجهاز أكد أن 3 منهن فقط ينجحن في الاختبار ويحصلن علي الترخيص يوميا.. وهنا أتوقف سائلاً عن جهل مني.. ما هي الاختبارات الصعبة والمعقدة التي يضعها جهاز الرقابة علي المصنفات.. والتي تعجز المسكينات عن اجتيازها.. وهل هناك لجنة متخصصة من الخبراء تشرف علي هذه الاختبارات لتضمن حيادها ونزاهتها أم لا..؟ بالتأكيد هناك لجنة ويتقاضي أعضاؤها بدلات ومكافأت وحوافز عن هذا الجهد المضني الذي يبذلونه يوميا.. وبالتأكيد هناك من بين أفراد اللجنة من يؤمن بالدور الهام الذي تلعبه الراقصة في نهضة الشعوب.. بدليل هذا الكم الكبير من "الساقطات".. أقصد اللاتي سقطن في الامتحان.. "برضه" ما علينا!
لكن المثير في الإحصائية أن أغلب المتقدمات للحصول علي تصريح بامتهان الرقص من حملة المؤهلات العليا.. اللاتي اتخذن قرارهن بتعليق الشهادة الجامعية علي الحائط وإرتداء بدلة الرقص لأنه ببساطة شديدة بيكسب أكتر حيث يؤكد الخبر المنشور أن دخل الراقصة في المتوسط هو 5000 جنيه يوميا.. صحيح الرقم كبير ومفزع لأنه يصل ل150 ألف جنيه شهريا لو الراقصة الجامعية كانت لياليها "كومبليت" طول الشهر.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا كان الحرص علي التعليم من البداية..؟ وإذا كانت سنوات التعليم التي تمتد لتصل ل16 سنة لم تفلح في أن تدعم في عقل الفتاة قيمة الكفاح والعمل يبقي تعليم إيه الذي نشغل أنفسنا به ونتوسم فيه خيرا لهذا الوطن الذي أصبح الرقص فيه هو جواز المرور لعوالم الشهرة والمال.
أخشي أن يأتي يوم علي مصر فأجدها علي الخريطة وقد ارتدت بدلة الرقص وأمسكت بالصاجات وغرقت في هز الوسط ولا يجد أحد لنفسه فيها دور سوي الإمساك بالطبلة أو "لم النقوط".
فالواضح أن البنات قد عرفن مبكراً أن الصعود في مصر المحروسة قد ارتبط ب"الرقص".. وأن الناجحون في هذا الزمن من احترفوا التمايل يمينا ويساراً فوق أحبال المناصب أو حروف الكلمات لهذا قررن أن يتجهن مباشرة للهدف دون لف أو دوران ويرقصن ع المكشوف.. واللي مش عاجبه.. يشوف نفسه ويبطل رقص.
ليس بعيدا عن الموضوع قرأت خبراً آخر يؤكد خروج جامعات مصر من تصنيف أهم 500 جامعة علي مستوي العالم.. في حين حلت الجامعة الأمريكية بالقاهرة في المركز 11 علي مستوي افريقيا.. يعني الشهادة الجامعية اللي مستكترينها علي الهانم الراقصة أم رخصة ليس لها معني.. وصحيح "شر البلية ما يرقص" في وطن كله أصبح "بيرقص".

محمد عيداروس نائب رئيس تحرير مجلة شاشتي
AIDAROS00@YAHOO.COM

نقلا عن مجلة شاشتى التى تصدر عن دار التحرير للطبع والنشر ودار الجمهورية للصحافة

ليست هناك تعليقات: