الأربعاء، أغسطس 08، 2007

ممكنات حكومة عراقية جديدة بفضاء إيراني- سعودي


راسم عبيدات

التطورات المتلاحقة والمتسارعة على الساحة العراقية، والتي تشير إلى فشل الخطط الأمنية الأمريكية في العراق، والتعمق الأمريكي في المستنقع العراقي، وارتفاع كلفة الإحتلال بشرياً ومادياً، بفعل المقاومة العراقية المتصاعدة والمتطورة والمتزايدة كيفياً وكما، هو الذي يدفع واشنطن إلى تحميل حكومة المالكي لهذا الفشل، وبالتالي التضحية بها على مذبح المصالح والمخططات الأمريكية ،وهذا يأتي في إطار الخطة السياسية الأمريكية، لإعادة تشكيل السلطة العراقية وبما يتناسب مع مشروع الحلف الإقليمي الذي تكرس في شرم الشيخ، حيث واضح ان الأمريكيين يسعون إلى تكريس حضور سعودي مباشر في المعادلتين العراقية والفلسطينية من خلال البعد التمثيلي لسنة العراق، وهو ما يفسر الإستقالات الأخيرة في الحكومة العراقية لوزراء جبهة التوافق العراقية، والذي أرى أنه يأتي من أجل تمهيد الطريق وفتح المجال، لدراسة وإختبار مدي إمكانية إقامة وتكوين سلطة عراقية جديدة، يكون فضائها الأقليمي إيراني – سعودي، ناهيك أن مثل هذه التصورات قد ترضي الطموح السعودي بتزعم سنة العراق وإحتوائهم أو احتضانهم في أية عملية سياسية محتملة أو قادمة في العراق، وهذا الخيار والرهان قد يصطدم بعقبات جدية من طراز، أن العلاقة السعودية مع بعض الأطراف السنية المشاركة في الصيغة السياسية التي أقامها الأمريكان، قد لا تضيف أي بعد أو إحتضان أو شعبية للصيغة السياسية الجديدة، حيث أن الشارع السني العراقي الذي يحتضن أغلب القوى والأحزاب والحركات المنخرطة في المقاومة العراقية ضد الوجود والإحتلال الأمريكي، ينظر بعين الريبة والتشكك تجاه السعودية ومواقفها من الإحتلال الأمريكي، وهو يرى في السعودية حليف وخادم للسياسات الأمريكية، كذلك الشارع السني قد يرى في هذه الخطوة، محاولة لعزل وتهميش الدور والنفوذ السوري، وبما له من ارتباطات وتشابكات شعبية واقتصادية وتاريخية وسياسية،وكذلك ينظر الشارع السني والمقاومة العراقية بمختلف ألوان وأشكال طيفها السياسي إلى سوريا بإعتبارها أحد الحلفاء والداعمين للمقاومة العراقية والرافضة للإحتلال الأمريكي للعراق، ولربما تراهن أمريكيا على التحالفات الإقليمية الجديدة لحل هذه المعضلة، والتي ترى في التحالف السوري الإيراني عقبة هامة أمام تحقيق مثل هذا التصور، أما التكريس السعودي في المعادلة الفلسطينية، فهو الإصرار الأمريكي على حضور السعودية للمؤتمر الإقليمي الذي تطرحه الإدارة الأمريكية لحل القضية الفلسطينية في الخريف القادم، والضغط على إسرائيل من أجل القبول بالمبادرة العربية للسلام التي طرحتها السعودية، مع مراعاة التحفظات الإسرائيلية عليها وبالتحديد ما يخص عودة اللاجئين الفلسطينيين، وفي إطار الترتيبات الأمريكية لمخططاتها ومشاريعها الجديدة ،فهي تعكف على عقد لقاءات أمنية مكثفة مع الإيرانيين، حيث تواصل اللجنة الأمنية الثلاثية الأمريكية الإيرانية العراقية اجتماعاتها في بغداد ، والتي تدرس انعكاسات الاستقالات والانسحابات للعديد من الكتل والقوى العراقية من الصيغة الحكومية الأمريكية القائمة ( السلطة العراقية )، من أجل التمهيد لعقد لقاءات على المستوى السياسي، ودراسة إقامة صيغة سياسية جديدة ( سلطة عراقية جديدة ) ، تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأمريكية والإيرانية في العراق، وكيفية تسويق صيغة سياسية جديدة ( سلطة عراقية )، بفضاء إقليمي إيراني – سعودي، وبما يضمن قبول ضمني سوري بذلك، ولكسب ود سوريا وموافقتها على ذلك فقد طلبت أمريكيا، بعقد اللقاءات الأمنية الأمريكية - البريطانية–الإيرانية في سوريا، وبما يشير إلى أهمية الدور السوري الإقليمي، رغم الحملات الإعلامية العنيفة التي تشنها الإدارة الأمريكية على القيادة السورية ودورها، وحيث أن سوريا وإيران في تحالف قوي، فأمريكيا ستحاول فك عرى هذا التحالف وكسره، وبالتالي نجاح هذا المخطط الأمريكي، رهن بمدى الإغراءات التي تقدمها واشنطن لسوريا من أجل كسب ودها، أو السكوت عن مثل هذه الصيغية السياسية، والسوريين من التجارب السابقة، يجيدون جيداً لعبة المصالح وهم لن يقبلوا بذلك لما يشكله من مخاطر على حضورهم ودورهم ونفوذهم في العراق، إلا إذا ضغطت أمريكيا على إسرائيل في موضوعة إعادة الجولان، ناهيك عن إيران لا يمكن لها أن تضحي بتحالفها مع وسوريا، وهي تدرك ان رأسها مطلوب أمريكياً وإسرائيلياً، ولربما أيضاً تتوجس الكثير من دول الجوار العربي من تنامي دورها ونفوذها في المنطقة، مما يضعها في موقف التضاد والتعارض مع السياسات والمخططات الإيرانية في المنطقة .
إذا اللوحة تبدو شديدة التشابك والتداخل والتعقيد، وهي رهن بالتطورات الإقليمية والدولية، وتحديداً حدة ودرجة الصراع الأمريكي – الإيراني ، فأية انفراجات في ملف العلاقات الإيرانية الأمريكية، من شأنه أن يمهد لحلول في الملفات الأخرى وتحديداً في الملفات العراقية والسورية اللبنانية والفلسطينية، وبالتالي يمهد ويسمح بإقامة صيغة سياسية جديدة في العراق بتوافق أمريكي - إيراني، أما إذا اتجهت الأمور نحو التصعيد والتأزيم ، ولجأت امريكيا إلى الخيار العسكري في تعاملها مع إيران وحلقات الصراع الأخرى، فإن المنطقة ستدخل في حالة من الفوضى الشاملة، وبالتالي فإن الخطط الأمريكية في العراق قد تتعثر، أو أن الأمور قد تخرج عن نطاق السيطرة الأمريكية، وخصوصاً أن قوى المقاومة العراقية تتقوى وتتصلب وتزداد قوة وجرأة، وقد تصبح الصيغ السياسة الحالية ( الحكومة العراقية ) في خبر كان، إذا ما تمكنت المقاومة العراقية من هزيمة المشروع الأمريكي هناك، وطرد قوات الاحتلال الأمريكية من العراق ، وهذه الهزيمة قد يبنى عليها هزيمة المشروع الأمريكي إقليمياً، وبما يهدد الوجود والمصالح الأمريكية في المنطقة، ولذا فإن أمريكيا من أجل ضمان مصالحها ووجودها في المنطقة، قد تكون معنية أو مضطرة لتجميد أو تبريد الصراع في هذه الحلقة أو تلك، وذلك من أجل أن تضمن لها حالة من الاصطفاف الواسع خلف أهدافها ومشاريعها ، وبعدما تتمكن من إنجاز أهدافها في الحلقة التي تسعى لتدميرها، سرعان ما تعود عن وعودها وتعهداتها في الحلقات والساحات التي قبلت بتجميد أو تبريد الصراع فيها، لفرض شروطها واملاءاتها عليها، وختاماً نقول أن تركيب أو تعين سلطة عراقية جديدة، بفضاء إقليمي إيراني – سعودي، يعتمد بدرجة أساسية على الخيارات الأمريكية وشكل تعاطيها مع القوى الإقليمية في المنطقة إيران وسوريا ومعهما قوى المقاومة والممانعة والمعارضة العربية، تصعيداً يعني فشل الخيار الأمريك ، وتبريداً يعني نجاحات أمريكية، وتبقى رهناً أيضاً بمدى قوة وصلابة وتطور وتنامي قوى المقاومة العراقية، وبإختصار تبق الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات .
القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: