الاثنين، أغسطس 20، 2007

في بوادر حسن النية الإسرائيلية


راسم عبيدات

.......في كل قمة تجمع الرئيس الفلسطيني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي " أولمرت "، يجري الحديث عن بوادر حسن نية إسرائيلية تجاه الفلسطينين، وما أن تنفض القمة حتى نكتشف أن مثل حسن النوايا هذه، يجري التخلي عنها تحت حجج وذرائع أن تنفيذها من شانه الإضرار بما يسمى بأمن إسرائيل، وكأن الذي يحتاج الأمن هم الإسرائيليين، وليس شعبنا الفلسطيني الذي يتعرض بشكل ممنهج ومنظم ورسمي لحملة من القمع الإسرائيلي المتواصل والتي تطال البشر والشجر والحجر، ولعل الجميع شاهد صور التنكيل بالأطفال الفلسطينيين على الحواجز الإسرائيليلة التي التقطها وبثتها الصحافة الإسرائيلية، والجميع يذكر أنه في القمة الأخيرة التي جمعت عباس مع " أولمرت " جرى الحديث عن إزالة حواجز " محاسيم " طيارة وحواجز ثابتة، للتسهيل على الشعب الفلسطيني على الأقل في إطار الحركة والتواصل والتنقل، لكي نكتشف أن " الجبل تمخض فولد فأراً " حيث أن الحواجز الثابتة والمقدر عددها ب82 وأكثر من 452 حاجز طيار أخذة بالزيادة، حيث أن أي مسافر من القدس إلى بيت لحم يلحظ ذلك بوضوح تام، فأكثر من خمسة إلى ست حواجز يومياُ في الطريق تستوقف الفلسطيني وتعيث تفتيشاً في أدق خصوصياته وتدمر نفسيته وتجعله " يعاف " جلده، وكل ذلك من أجل السلام وخدمة السلام، وأنا متيقن لو أن 1/100 من هذه الممارسات إستخدمت بحق أي مواطن إسرائيلي لقامت الدنيا وما قعدت حول إنتهاك حقوق الإنسان واللاسامية، ولربما تطلب أمريكيا جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث هذه المسألة، أما إذا كان الأمر يتعلق بفلسطيني أو عربي فهذا عمل مشروع ، لأن كل فلسطيني ، بل وحتى عربي هو مشروع " إرهابي " حتى يثبت عكس ذلك، عدا التفتيش على الحواجز الثابتة والذي أصبح دخولاً وخروجاً ، وعندما يجري الحديث عن أن إسرائيل تدرس القيام ببوادر حسن نية في شهر رمضان الفضيل مثل إطلاق سراح أسرى، وهذه " السمفونية " التي باتت لا تقنع حتى أصغر طفل فلسطيني ، وهي تأتي فقط من أجل ذر الرماد في العيون، فهذا الملف حتى هذه اللحظة لم يجري بحثه بشكل جدي، وإسرائيل ترى في الأسرى الفلسطينيين ورقة مساومة وإبتزاز، ومقابل إطلاق سراح جزء مهم منهم ، فإنه يتوجب على الفلسطينيين تقديم ثمن سياسي ،وهم يتعاملون معنا بلغة التاجر " شايلوك " ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق " نتنياهو " قال أنه لن يحصل الفلسطينيون على شيء مجاناً ومقابل حصولهم على أي شيء وحتى لو كانت حقوقهم الشرعية ، فعليهم ان يدفعوا ثمناً مقابل ذلك ، فمقابل 255 أسير فلسطيني شارفت محكومياتهم على الإنتهاء أطلقت إسرائيل سراحهم مؤخراً، بعد طول جدال ونقاش في المؤسسات الأمنية والدوائر العسكرية الإسرائيلية، فيما يسمى ببوادر حسن النية، جرى إعتقال 350 فلسطيني في الثلاثة أسابيع الأخيرة ، تحت حجج وذرائع أنهم مطلوبون لأجهزة الأمن الإسرائيلية، وزيادة تصاريح دخول العمال اللسطينيون إلى داخل الخط الأخضر من أجل العمل، أو السماح لسكان الضفة بالدخول إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى، نجد ان وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي " آفي ديختر " يحذر من أن مثل هذه التسهيلات قد تمس بالأمن الإسرائيلي، فإذا كانت مثل هذه الأمور الإنسانية، تشكل خطرا على أمن إسرائيل، فهذا يعني أن الذهنية والعقلية الإسرائيلية القائمة على الإستعلاء والغطرسة ومنطق القوة، غير مستعدة وجاهزة لصنع سلام مع الشعب الفلسطيني، وهي تريد من اللقاءات مع الجانب الفلسطيني، مجرد لقاءات أعلامية وعلاقات عامة، والظهور أمام العالم وكأن إسرائيل معنية بالسلام، والمفاوضات من أجل المفاوضات، أي مفاوضات عبثية لا تقود إلى إنهاء الإحتلال وإقامة دولة فلسطينية ، و"أولمرت " نفسه والذي أشبعنا وأتحفنا حديثاً وتطبلاً وتزميراً عن التنازلات المؤلمة مع الفلسطينيين في سبيل السلام ، صرح بشكل واضح ولا لبس فيه ولا يقبل التأويل، أنه لا لعودة اللاجئين الفلسطينين، ولا للعودة لحدود الرابع من حزيران/ 1967، والقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، وضمن هذه الرؤيا وهذا المنطق الإسرائيلي، لا أعرف عن أي سلام يجري الحديث ؟، وعن أية بوادر حسن نية ؟ أم أن الزعماء والقيادات العربية والفلسطينية، والذين يواصلون تقديم التنازلات المجانية لإسرائيل، تحت يافطة هجوم السلام العربي، لكشف إسرائيل وتعريتها وفضحها، والذي يصل بنا لتلبية كل الإشتراطات والإملاءات الإسرائيلية، بإسم الواقعية والعقلانية ومحاربة التطرف، وغير ذلك من الإسطوانة المشروخة والبضاعة الفاسدة ، التي من الصعب تسويقها وبيعها، وفي المقابل كل ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي من أقصى ما يسمى باليسار الصهيوني " لطيف دوري " وحتى أقصى اليمين الإسرائيلي " آفي إيتام " وليبرمان " متفقين على لاءاتهم، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين ولا لعودة القدس، وهي عاصمة أبدية لإسرائيل، ولا لإزالة الكتل الإستيطانية الكبرى، وهل تحت يافطة ما يسمى بالعقلانية والواقعية، مطلوب منا وإذا ما رفضت إسرائيل القبول بقرارات الشرعية الدولية، أن نتخلى عنها لصالح الرفض الإسرائيلي ، حتى لا نتهم " بالأرهاب " وبعدم الرغبة في السلام ، فنحن العرب تخلينا عن كل ثوابتنا ولاءاتنا ، فمن لاءات الخرطوم الثلاثة لا للصلح ولا للمفاوضات ولا للإعتراف، إلى نعم للصلح والمفاوضات والتطبيع قبل الإعتراف، وإسرائيل تواصل تعنتها ورفضها والتعاطي معنا وفق منطق الغطرسة والقوة، وكلما رفضت مطلوب منا نحن أن نتنازل ونستجيب، هذه التنازلات والإستجابات، اوصلتنا إلى حد أن يعتبر وزير الأمن الداخلي " آفي ديختر " أنه مجرد تقديم تسهيلات في النواحي الإنسانية للسكان المحتليين، والتي كفلتها كافة الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية، أنها تنازلات مؤلمة وقد تضر بأمن إسرائيل، وهم يريدون أن يوصلنا إلى أن مجرد السماح لنا كفلسطينين بالصلاة في الأقصى أو حتى الدخول إلى القدس وداخل الخط الأخضر من أجل العلاج والعمل، هو بمثابة تنازلات مؤلمة وهذا أقصى ما يستطعيون تقديمه ، فلا دولة ولا عودة ولا قدس ولا حدود، ونحن الفلسطينيون بحاجة إلى أن نعي جيداً، أنه بدون وحدتنا وإستمرار تمسكنا بحقوقنا وثوابتنا ، فإن الإحتلال سيختزل حقوقنا إلى مجرد قضايا إنسانية تصريح عمل هنا ، وإزالة كومة تراب هناك ، والسماح بالوصول إلى القدس من أجل الصلاة في الأقصى أو زيارة الأماكن المقدسة، أو تصريح لعمل أو جلب بضاعة من داخل الخط الأخضر وغيرها .

القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: