الأحد، أغسطس 19، 2007

يا رب يروح اليونسكو



محمد عيداروس
أسابيع قليلة مرت علي الدعوة التي أطلقها الوزير الفنان فاروق حسني التي طالب من خلالها كل مصري غيور علي وطنه بالتبرع ولو بجنيه لصالح مشروع المتحف المصري الكبير الذي سيتكلف ملياراً ونصف المليار جنيه الوزير أدام الله عليه نعمة الأناقة ومتعه بموفور الوسامة قال: ان الجنيه لا يتجاوز مصروف طفلة صغيرة في اليوم لكنه سيساهم في مشروع أثري وثقافي وطني علي درجة بالغة من الأهمية.. ونحن بدورنا انتقدنا الدعوة وطريقتها ليس تقليلاً من قيمة المشروع لاسمح الله.. ولكن احساساً منا بالغلابة من أبناء هذا الوطن الذين هم في أمس الحاجة للجنيه.. فالخبز قبل الفن والاثار والثقافة..

وإذا كان سيادته وهو يجلس علي عرش الثقافة المصرية منذ 20 عاماً عاجزاً عن تمويل مشروعات وزارة من المفترض انها من أغني وزارات مصر بما تدره من عائد ضخم سواء كان إيرادات المتاحف والمعارض أو رسوم المزارات الأثرية فعليه أن يبحث عن نفسه في موقع آخر ولا يطالب الغلابة بسداد فواتير عجز الوزارة عن تمويل مشروعاتها.. ثم لماذا دائماً يجب علي الغلابة أن يدفعوا.. مرة لسداد ديون مصر.. وأخري لتمويل مستشفي سرطان الأطفال.. وثالثة لبناء المتحف.. والله أعلم ما الذي سيدفعونه غداً ولصالح من؟..

عموماً الدعوة سقطت من تلقاء نفسها لأن الغلاء التهم جنيهات الغلابة ولم يترك لهم مساحة ولو صغيرة للتفكير في هذا الترف الذي يدعوهم إليه سيادة الوزير.. لكن يبدو أن الرد السماوي جاء ليوقف مثل هذه المهازل ويضع أصحاب هذه الدعوات أمام مسئولياتهم التي يتغافلون عنها ويستسهلون اللجوء لجيوب البسطاء.. فقد سقط مستشار سيادة الوزير متهماً بالحصول علي الرشوة والتربح من وراء منصبه.. حيث ألقت الرقابة الإدارية القبض علي أحد الرجال المقربين من الوزير الفنان وهو أيمن عبدالمنعم رئيس صندوق التنمية الثقافية والذي اختاره الوزير شخصياً للإشراف علي مشروعات الوزارة طيلة 14 عاماً كاملة..

سقط الرجل بعد أن كشفت الأجهزة الرقابية عن علاقاته المتشعبة مع شركات المقاولات التي تقوم بتنفيذ عمليات الإنشاء والترميم التابعة للوزارة.. والبداية كانت عندما ألقت الرقابة الإدارية القبض علي المهندس الاستشاري لمكتب الوزير الذي سرعان ما أرشد عن أيمن عبدالمنعم الذراع اليمني لسيادة الوزير صاحب دعوة تبرع ولو بجنيه..
وحتي تتضح معالم المأساة لابد لك أن تعرف المشروعات التي تولي أيمن عبدالمنعم المتهم بالرشوة من شركات المقاولات لتسهيل صرف مستحقاتها من الوزارة الإشراف عليها و في مقدمتها مشروع تطوير القاهرة الأثرية الذي تكلف ما يزيد علي المليار دولار ومشروع تطوير منطقة الأهرامات وأبو سنبل ومعابد النوبة..

بالاضافة لإشرافه علي متحف الحضارة بالفسطاط الذي تكلف 350 مليون جنيه هذا إلي جانب عدد كبير آخر من المشروعات التي لعل أهمها مشروع المتحف المصري الكبير الذي وجه سيادة الوزير الدعوة لأهالي مصر الغلابة بالتبرع لصالحه ولو بجنيه.. ولا أدري ومعي الملايين إلي أين كان الجنيه سيتوجه هل بالفعل إلي المشروع أم إلي جيوب السادة المشرفين والمستشارين من أصحاب "الكروش" الواسعة التي لا تشبع والذين استحلوا دم هذا الشعب وجنيهاته القليلة..

أعتقد ان عدالة الله التي لا تغيب قد ردت علي دعوة سيادة الوزير واقتصت لهم ممن يستكثرون عليهم دخولهم المتواضعة ويحسدونهم علي معاناتهم اليومية من أجل الحياة علي هامش مصر التي يلوكون لحمها 3 مرات كل يوم.. ويشربون دم أبنائها بعد الأكل.. ثم يستأنسون بعد ذلك بحديثهم المفتعل عن الوطنية والتضحيات التي تبدأ بالروح بالدم وتنتهي بجنيه سيادة الوزير.. يا ناس أين حمرة الخجل فالمشهد العبثي تكرر كثيراً وخلال سنوات قليلة من محمد الوكيل لعبدالرحمن حافظ.. ومن الحباك لأيمن عبدالمنعم والله أعلم من سيقع غداً..

الأجهزة الرقابية تضرب المربوط لعل السايب يخاف.. لكن من الواضح أن السايب لا يخاف.. ويعتقد ان هناك من يسنده ويبعده عن دفاتر التحقيق والمساءلة القانونية..
عموماً نتمني التوفيق للوزير الفنان في انتخابات اليونسكو.. علي الأقل لن يجرؤ علي دعوتنا للتبرع ولو بجنيه لصالح مشروعاته وأتمني أن يكون القادم للجلوس علي مقعد سيادته ليس من مستشاريه إياهم.. والا يبقي عليه العوض ومنه العوض.
بقلم محمد عيداروس نائب رئيس تحرير مجلة شاشتي
نقلا عن مجلة شاشتى التى تصدر عن دار التحرير للطبع والنشر ومؤسسة الجمهورية للصحافة

ليست هناك تعليقات: