الأربعاء، أغسطس 01، 2007

بلد المليون أسير إلى أين؟


عطا مناع


اعتقلت دولة الاحتلال الإسرائيلي مليون مواطن فلسطيني منذ عام سبعة وستون، بهذه الطريقة عالجت بعض المواقع الالكترونية هذه القضية التي تم تناولها كخبركما بقية الأحداث التي تعصف بفلسطين، الملفت للنظر أن الفلسطيني تحول من قضية إلى خبر قد يلقى اهتمام من بعض الأوساط ولكن الأكيد أن الإهمال والهروب من مواجهة الحقائق ما يميز التعاطي مع الشأن الفلسطيني، وبالتحديد القضايا المركزية مثل قضية الأسرى التي تشغل بال عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية .
وبحسبة بسيطة فأن اعتقال مليون مواطن من بلد لا يتجاوز عدده السبعة ملايين هذا يعد بعشرات الملايين في حال تحدثنا عن الولايات المتحدة الأمريكية أو أية دولة أوروبية، مما يكشف عن مدى الكارثة التي نتعرض لها كفلسطينيين، إن هذا الرقم كإرثي لأننا نتحدث عن بشر قضوا ملايين السنين في ظروف اعتقال فاشية تجاوزت القوانين والمواثيق الدولية المتمثلة باتفاقية جنيف في التعامل مع الأسرى، حيث استخدمت دولة الاحتلال ولا زالت سياسة الموت البطيء في تعاطيها مع الأسرى الفلسطينيين.
إن دولة الاحتلال تجاوزت كافة الخطوط الحمر مستغلة الضعف والإهمال الفلسطيني من جهة وموازين القوى من جهة أخرى، ولعل الكثيرون يعرفون أن العلاج الناجع لكل الأمراض في السجون هي حبة الاكامول، وان الأسرى في سجون الاحتلال يعيشون أوضاعا مميتة، الهواء محسوب على الأسرى.. المياه شحيحة.. العلاج للإمراض الصعبة يعرقل وهذا أدى إلى استشهاد أكثر من مئة وتسعون أسيرا فلسطينيا منذ عام 1967كان أخرهم الشهيد شادي الصعيدي الذي استشهد أمس في سجن نفحة الصحراوي سيء الصيت جراء الإهمال الطبي وهو ليس الوحيد الذي اعدم بقرار إسرائيلي حيث تؤكد وزارة شؤون الأسرى أن 24% من الأسرى الشهداء قضوا جراء الإهمال الطبي، ناهيك عن الاستشهاد في أقبية التحقيق أو الإعدام ميدانيا، الحديث يطول عن الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق أسرانا، وقد يستطيع أي معني الاطلاع على حقائق مذهلة في المواقع المتخصصة بهذا الشأن.
لا يمكن التعامل بتجريد مع الأرقام المتعلقة بالجوانب الإنسانية، لان مليون أسير في سجون الاحتلال يعني انتظار ومعاناة مليون أم فلسطينية، ووفاة المثات من الأمهات والآباء دون إلقاء نظرة الوداع، وكم من بيوت العزاء فتحت في الزنازين لتعزية أسرى فقدوا أعزاء عليهم، وكم من السجناء الذي لا زالوا في شوق لابن ولد بعد الاعتقال ولم يتسنى لهم من رؤية أبنائهم إلا في الشجن، وكم من السجناء الذين فقدوا شهداء عزيزون، وكم من أسير فلسطينية وضعت مولودا داخل السجن في ظروف قاسية ليبقى داخل السجن ويعاني الأسر لحين الإفراج عنة، ومن لم يسمع بالطفل نور الذي عانى مع والدته كافة أصناف القمع ليتنشق الغار قبل الهواء.
مليون أسير فلسطيني وعشرات ألاف من الشهداء والجرحى ناهيك عن عائلات لا تعد ولا تحصى من المشردين الذين هدمت منازلهم من قبل دولة الاحتلال، ورحلة الآلام التي لم تنتهي لملايين اللاجئين، شعب قدم ولا زال من اجل تقرير مصيره واستعادة ما سرق منة في ظل ظروف دولية وعربية وفلسطينية اتسمت بالتسويف حينا والتأمر أحيانا لتتحول القضية الفلسطينية من قضية شعب لمشكلة إنسانية لمجموعة من الناس يفترض أن تحل بشكل خلاق كما قال الرئيس عباس، وبالتأكيد فأن قطاع واسع من الشعب لا يعرف ماذا يعني الحل الخلاق في ظل أن قادة الاحتلال يقولون في كل مناسبة إن لا عودة للاجئين الفلسطينيين وان المستوطنات ستبقى جاثمة على صدور الفلسطينيين وان الدولة الموعود ستقام على 90% من الضفة والقطاع وطبعا سيبقى الجدر والمستوطنات والأراضي المصادرة بمعنى أن تلك الدولة ستقام في التجمعات السكانية، وهناك من يروج لهذه الدولة"المسخ".
من حق كل من عاش تجربة الاعتقال أن يتساءل، أين ذهبت تضحياتنا، ومن المسئول عن هذا الهبوط والانحطاط الذي نعاني منة، الفلسطيني لم يضحي يحياتة من اجل طبقة تتصارع على السلطة والمال، على أمراء الصراع الذي ذهبوا بعيدا في تناقضاتهم أن ينزلوا من أبرجهم العاجية ويفتحوا الشبابيك السوداء ليروا الحالة الفلسطينية، ويستمعوا إلى نبض الشارع الذي كفر بهم ووضعهم في مصاف أعداء الشعب،لان العدو ليس فقط من بسلب الأرض، إن الذي يفرط في الأرض عدو والذي يغلب الخلاف الداخلي على الصراع الاستراتيجي عدو، الذي يفسد عدو ومن يسفك دم اخية الفلسطيني عدو من الدرجة الأولى.أعداء الوطن والشعب كثيرون، كل ينهش على طريقته ، والشعب يقف منشدها مما يجري، على ماذا نتقاتل؟ ومن المستفيد من وضع الشروط للحوار، أمان آن الأوان لكي يعتذروا وبدون استثناء على الخطايا والجرائم التي ارتكبوها بحق شعبهم، الشعب ينتظر أن يقفوا أمام أنفسهم ، هذا بعيد المنال لان القادة الحقيقيون من يواجهوا الشعب ويعترفوا بأخطائهم، قادتنا من طراز مختلف فصلوا كما أراد لهم من يحركهم، وهذه مشكلتنا.المستقبل مجهول وبلد المليون أسير يقاد ممن لا يعرف معنى الموت من اجل الحياة، مفاتيح البلاد ورقاب العباد سلمت لأعدائنا من قبل طبقة ينطبق عليها قول الشاعر العراقي مظفر النواب أنها تسمي احتلال البلاد ضيافة.

ليست هناك تعليقات: