الجمعة، أغسطس 17، 2007

قبل أن نحتفلَ بذكرى نصرٍ ألهي

سعيد علم الدين
قبل أن نحتفلَ بذكرى نصرٍ ألهيٍّ لم يكن وما كان على أرض الواقع والبرهان. إلا أننا نحتفلُ به فقط لنُرضِيَ غرورَنا ، ونغرِّرَ بشبابِنا ، ونهيِّجَ رعَّاعَنا ، ونخَدِّرَ شعوبَنا ، ونخدَعَ أنفسَنَا ، ونشَوِّهَ حاضرَنا ، ونزورَ تاريخَنا ، ونتكاذَبَ على بعضنا ، ونباركَ أخطاءنا لنكررها بجهالتنا. وهل هناك من يجرؤ على محاسبتنا؟
فكيف إذا كنا بعمائم وجبب وهالات مقدسة لا يعتريها الشطط!
وقبل أن تصدحَ حناجرُنا بأناشيدَ الفرح ، وأهازيجَ فقدت معانيها من شدة القرح ، وبأغانٍ أصمت آذاننا من كثرة ترديدها على مسامعنا ، وقبل أن نطلقَ الرصاصَ الحيَّ ابتهاجاً فوق رؤوسنا ونجرح الأبرياء الآمنين في بيروتنا ، ونفرقعَ مفرقعاتِ الغَيِّ سروراً في سمائنا ، ونفلتَ العنانَ لزماميرَ البغْيِّ والتحدي والاستفزازِ غروراً من أبواقِ سياراتِنا ، أليس من الأجدى أن نتذكر أكثر من 1300 شهيد برئ فقدناهم بسبب ما يسمى "النصر الإلهي" أو كارثة حرب تموز وما تبعها من ضحايا بسبب القنابل العنقودية الإسرائيلية. علينا أن نحني بخشوع وإجلال لأرواح الأبرياء الطاهرة التي أزهقت هدراً في حرب مدمرة غير متكافئةٍ كنا في غنى عنها ولا علاقة للبنان بها سوى زجه غصبا عنه في آتونها خدمة لمشاريع النظام السوري وطموحات النظام الإيراني.
وماذا حقق حرب تموز من نتائج مسرة لشعب لبنان؟
لا شيء سوى المآسي والتشرد والتهجير والفقر والموت والأكفان
ونهر طويل من الدماءِ العزيزةِ والدموع والأحزان
وفقدان الأحبةِ والأصدقاءِ والخلان
وتكاثر الثكالى والأيتام!
ولكن من نتائج حرب تموز المسرة أيضا عودة الجنوب الحبيب بعد طول غياب قسري إلى صدر الوطن، الذي ضمه بسواعد الجيش اللبناني على كل النقاط الحدودية لبسط سلطة الدولة الشرعية على كامل أراضيها. ولولا العرقلات السورية لكانت شبعا وهضابها الخصبة وينابيعها الفوارة اليوم تحت السيادة اللبنانية. ولكن هذا كان ممكن أن يتحقق على طاولة الحوار الوطني ومن خلال العمل السياسي للحكومة دون حرب وكوارث وضحايا لو أن الحزب الإلهي وقائده الملهم الذي يدعي اللبنانية أراد حقا الخير للبنان وشعبه. ولكن من يعطل الوسط التجاري، ويضرب الموسم السياحي، ويقفل المجلس النيابي، ويثرثر مع ف. الشرع ضد الشقيقة الكبرى السعودية لا يريد الخير للبنان وشعبه!
وماذا حقق حزب الله من حرب تموز؟ يقول الشيخ حسن بأنه أفشل مشروع الشرق أوسط الجديد الأمريكي. هذا كلام فضفاضي وادعاء غير ممكن برهنته والتعويل عليه. ويقول أيضا أن أضعف إسرائيل وضعضع مؤسستها العسكرية. ولكن ما نستطيع تأكيده هو العكس. حيث أنه من نتائج حرب تموز الكارثية على العرب هو تشجيع إدارة بوش لزيادة حجم المساعدة العسكرية الأميركية الى الدولة العبرية لتصل الى نسبة 25%، أي ثلاثين مليار دولار لعشر سنوات.وقال مساعد وزيرة الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز خلال حفل التوقيع البارحة في وزارة الخارجية في القدس إن "هذه المساعدة العسكرية الأميركية وقدرها ثلاثون مليار دولار استثمار لصالح السلام الذي لا يمكن تحقيقه إذا لم تكن إسرائيل دولة قوية".
وتابع أن "الولايات المتحدة وإسرائيل وعدداً كبيراً من دول المنطقة يواجهون وضعاً تحاول فيه إيران الحصول على قدرة نووية وهناك تعاون بين سوريا وإيران وحزب الله (اللبناني) ومجموعات أخرى مسؤولة عن النزاع في المنطقة".
وكان صدام حسين قد أطلق صاروخين على إسرائيل، أبان حرب تحرير الكويت، جلبوا لها المليارات من المساعدات العسكرية الأمريكية والعطف العالمي الغير مسبوق.
حتى أن المانيا التي كانت تحاول دائما أن تظهر بمظهر الحياد في الصراع العربي الإسرائيلي تحمس وزير خارجيتها السابق غينشر وزار إسرائيل تحت القصف الصدامي متضامنا معها وفي جعبته هدية من بطاريات باتريوت الدفاعية تساوي قيمتها 2 مليار من الدولارات كما أذكر.نحن نحتفل بالنصر الإلهي على خيباتنا الممتالية وإسرائيل تحاسب قادتها على أقل هفوة أدت لعدم تحقيقها النصر الكاسح. .

ليست هناك تعليقات: