الأحد، أغسطس 12، 2007

القدس قبل عشرين عاماً


راسم عبيدات
.......في صفحة المقالات الرئيسية، تخصص جريدة القدس جزءاً من الصفحة، لما جرى من أحداث قبل عشرين عاماً، وأحياناً وإن لم يكن غالباً وانت تقرأ جريدة اليوم، تقول لا داعي لقراءة الجريدة اليوم ، فأحداث واوضاع الأمة العربية تعيد تكرار نفسها، ولكن هذا التكرار على نحو أشد سوءاً وإنحطاطاً وإنحداراً وطلاق شبه كامل إن لم يكن كامل مع ما هو إيجابي ومشرق ومفرح من قيم وأخلاق ومبادى، حتى انك وأنت تطالع أو تتابع إذا إبتلاك الله في السياسة أخبار وأحوال هذه الأمة، فأنك تصاب بحالة من الغثيان تصل حد التقيء والبراءة من هذه الأمة، ويدور في خلدك الكثير من الأسئلة وتستذكر وتستحضر كل الصفحات المشرقة من التاريخ العربي، وتقول وتسأل هل حقاً ؟، كانت هذه الأمة على درجة من العزة والمنعة والقوة والإحترام بين الأمم، أم أن كل هذا التاريخ مزور ؟، وأيضاً لولا الخوف من أن تتقاطر عليك دور الإفتاء والمراجع الدينية لإتهامك بالكفر والردة والإلحاد وتكذيب كلام الله ورسله، لقلت هل حقاً ؟، هذه الأمة هي نفسها التي يقول عنها القرآن الكريم " كنتم خير أمة أخرجت للناس ... " أو التي يقول عنها الرسول الكريم محمد (صلعم ) ،" الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين " وإذا كان حقاً، هذه الأمة نفسها التي إنتصرت لصرخة إمرأة، مالها لا تنتصر لشعب يتعرض للقتل والإبادة بشكل يومي وممنهج في عاصمة الرشيد والخلافة، عاصمة الحضارات، ومالها لا تنتصر للأقصى والمقدسات في فلسطين، بل أنها تشارك في الحصار الظالم التي فرضته أمريكيا وأوروبا على الشعب الفلسطيني، امة تستدخل الهزيمة بمحض إراداتها وتبررها بالواقعية والعقلانية، وتصف كل من يريد الصمود والمقاومة، بالخروج على النص والتغريد خارج السرب، وبأنه يحلم احلام شيطانية ووردية،مال هذه الأمة وصلت إلى درجة من الذل والهوان، إلى حد أن الأمم والشعوب، تتعامل معها على أنها خارج البشرية العاقلة، ولا وزن أو قيمة لها، امة لم يعد يوحدها ويجمعها لا وحدة هدف ولا مصير ولا تاريخ، ولا جغرافيا، أمة تغلب مصالحها القطرية على المصالح القومية، وتشارك في أحلاف وتكتلات ضد بعضها البعض، أمة أسقطت من قاموسها ومن خياراتها، الخيار العسكري لإستعادة وتحرير الأوطان، وألغت معاهدة الدفاع العربي المشترك وإستبدلتها بمعاهدات وتحالفات مع اعدائها، وأصبحت تستجدي هذه الحقوق على أبواب من هم اعداء هذه الأمة، وسبب المآسي والويلات والمصائب التي لحقت بها، أمة تتعرض أقطارها للتقسيم والتجزئة والتذرير، ويدخل أبنائها في حروب وصراعات عرقية ومذهبية وطائفية وعشائرية وقبلية، خدمة وإرضاءاً لمصالح وأهداف خارجية، وقودها شعوبها وخيراتها وثرواتها وإفقار شعوبها وإحتجاز تطورها وتقدمها، وتهلل وتطبل وتزمر لديمقراطية القتل والموت والدمار، وكان هذه الأمة بها مس من شيطان او جنون، وترقص طرباً لسياسة الفوضى الخلاقة الأمريكية التي تطالها من المحيط إلى الخليج، والتي تعيد رسم جغرافيتها، بما يخدم المصالح والأهداف الأمريكية في المنطقة، أمة تصر على " تجريب المجرب " ليس مرة بل مرات، أمة تجري وراء السراب والأوهام، أمة تتعامل مع شعوبها على أساس" عنزة ولو طارت "، أمة إنتقلت من لاءات الخرطوم الثلاثة لا صلح ولا مفاوضات ولا إعتراف بإسرائيل، إلى الصلح والتفاوض والتطبيع قبل الأعتراف، أمة كان مطلوب منها أن تعترف بقرار مجلس الأمن رقم 242، واليوم مطلوب منها أن تعترف بخارطة الطريق وتقرير تينت وتقرير زيني وتقرير دايتون وتقرير ولش ورؤية بوش وتحفظات شارون على خارطة الطريق وتحفظات أولمرت على المبادرة العربية ...إلخ، وكلما إعترفت وتنازلت، كلما زادت المطالب والإشتراطات، حتى لم تبقى ورقة توت تستر عورة أي نظام عربي ، والذي يريد من الأنظمة أن يبقى مستوراً، ولا يخلع تضغط عليه الأنظمة العربية من أجل الخلع " ، وعلى قاعدة " ما في حدا أحسن من حدا "

آه ما أشبه اليوم بالبارحة إقرأ القدس قبل عشرين عاماً، وقارنها بما يحدث اليوم عربياً وفلسطينياً، مشروع ريغان لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، مبادرة الأمير السعودي عبدالله، والتي تبنها قمة فاس العربية، مقترحات شولتز ومقترحات فرنسية وأخرى بريطانية والدعوة لعقد مؤتمر دولي لحل الصراع العربي – الإسرائيلي وهكذا دواليك، وما يحدث اليوم يعيدنا إلى نفس التحركات والدعوات والمقترحات قبل عشرين عاماً، رؤية بوش ومقترحات بلير واللجنة الرباعية ومقترحات ساركوزي وبراون ، ورايس وبرودي وغيرها، والتي لم تنتج شيئاً، على صعيد حل الصراع وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل نسمع مبادرات ومقترحات وجولات مكوكية وإجتماعات وزيارات وتحركات سياسية، من أجل حل الصراع العربي – الإسرائيلي ، نتيجتة حتى اللحظة الراهنة صفر بإمتياز، ونحن نسمع طحنا ولا نرى طحيناً وخضاً متواصلاً للماء، وبدلاً من أن نتقدم خطوة نتراجع خطوات، وليس على الطريقة اللينينية خطوة للأمام وخطوتان للوراء، بل خطوات للوراء والإرتداد والتنازلات اللامنتهية، وكل مرة يريد منا الأمريكان ان نصطف خلفهم في سبيل مصالحهم وأهدافهم، يلقون لنا بجزرة العمل على حل الصراع وإقامة دولة فلسطينية، وبعد تحقيقهم لأهدافهم يتنكرون لوعودهم ويقلبون لنا ظهر المجن، ونستمر في إستعطافهم وإستجدائهم بطريقة مبتذلة ورخيصة، وقبل عشرين عاماً كانت فلسطين محتلة، والآن أضحت فلسطين والعراق والحبل على الجرار ، ونحن كمن " يأتمن الذئب على غنمه " أو " يطلب الدبس من قفا النمس " ، والإسرائيليين بكل ألوان طيفهم السياسي من أقصى يسارهم إلى أقصى يمينهم يمسكون بلاءاتهم ويثبتون على مواقفهم لا لعودة اللاجئين ولا لعودة القدس، ولا للتخلي عن الكتل الإستيطانية الكبرى وألف لاء أخرى، ونحن من يقول لا أو يريد ثباتاً على الموقف، نخذله ونحاول القضاء علية بشتى الطرق والوسائل، فبعد عشرين عاماً ما يسمى بحمامة السلام الإسرائيلي ومؤسس الإستيطان في الضفة الغربية وصاحب المشروع النووي الإسرائيلي " شمعون بيرس " يقول لا ضرر لو فاوضنا الفلسطينيين عشرين عاماً ولم نعطيهم شيئاً، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق شامير في مدريد كان يخطط لمفاوضة الفلسطينيين عشرات السنيين، هذه هي العقلية الإسرائيلية قائمة على الغطرسة والعنجهية، وترى نفسها في ظل الحضانة السياسية والعسكرية الأمريكية فوق القانون الدولي ، فهل عشرون عاما بل أكثر من خمسين عام كافية لإقناعنا، بأنه في سبيل أن نستعيد حقوقنا علينا أن نمتلك أوراق قوة، ونجيد لعبة المصالح، لولا نسليم أمورنا وقدرنا إلى الآخرين والذين يتلعبون بنا ، ويستخدموننا ضد بعضنا البعض، فهل نصحو ام نستمر في سبات عميق .؟


القدس – فلسطين

ليست هناك تعليقات: