الثلاثاء، أكتوبر 13، 2009

المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟

حسام الدجني

تساؤل يؤرق العقل الباطني للجميع، ابتداءً من النخب السياسية وليس انتهاءً بأصغر طفل فلسطيني، حيث يطرح جميع أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة العاملين في مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني، هذا التساؤل صباح مساء، وقد ترتفع بورصة هذا التساؤل بعد كل خطاب للزعيمين السيد محمود عباس زعيم حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح", والسيد خالد مشعل زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس". ولو تابعنا معدلات ارتفاع وانخفاض البورصة للعقل الباطني الفلسطيني خلال الأسبوع الماضي، لوجدنا تداعيات تقرير غولدستون على جماهير حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في أسوأ حالاتها.

المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ تساؤل واقعي في ظل انقسام بغيض، فالمستقبل مجهول, والكل الفلسطيني مأزوم، وحلبة الصراع على أشدها بين الحركتين فتح وحماس, فخطاب عباس ضد حماس لا يرتقي لأن يدخل في قلوب الناس، ولا يقنع زهرة فلسطينية ذاقت ويلات حرب ضروس شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وأيضا خطاب مشعل يحمل بين كلماته مسافات كبيرة بين هذه الكلمات، وحروف كلمة مصالحة، أو حتى كلمة وفاق.

المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ لو قلنا المستقبل لفتح لماذا؟ حركة فتح لها تاريخ وماضي، والتي لا يتجرأ أي فلسطيني في التشكيك في تاريخ الثورة الفلسطينية والتي كان لفتح شرف انطلاقتها، فهي حركة الشهداء, وحركة الجرحى والأسرى, وهي العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية, والتي وقعت اتفاق أوسلو عام 1993م, وأنشأت السلطة الفلسطينية, وسيطرت على القرار السياسي والمالي للسلطة, وانفتح العالم عليها, كذلك تميزت بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل, وبعد فوز حماس وسيطرتها على قطاع غزة, أصبحت فتح الحركة المدللة عند الغرب كونها تشكل أحد الأعمدة الرئيسة المشكٌلة للسلطة الفلسطينية ومنهجها المبني على التسوية السياسية دون عسكرة الانتفاضة (برنامج مرشح فتح لانتخابات الرئاسة 2005، السيد محمود عباس), فهي من تتحكم في قوت أكثر من مئة ألف موظف حكومي, وتتحكم في حركة المشاريع الاستثمارية التي يشرف عليها القطاع الخاص الفلسطيني.

ولو قلنا المستقبل لحماس, فحركة حماس هي حركة مؤسساتية قوية موحدة, حركة تحرر وطني منهجها الإسلام، تعتبر امتداد لحركة الإخوان المسلمين العالمية، مما يعطيها زخما قويا، ودعماً لوجستياً كبيراً, كذلك تمتلك قوة تأثير قوية على العكس من أي حركة وطنية فلسطينية، فهي تستطيع تحريك الشارع العربي والإسلامي، وقد تنجح في تحريك الشارع الدولي من خلال كاريزمية قيادييها، وامتدادها الأيدلوجي, فحماس تمتلك سلاح العقيدة وهو أقوى الأسلحة الفتاكة في العصر القديم والحديث، على العكس من الحركات العلمانية واليسارية, فحماس تستمد قوتها من وعد الله في القرآن والسنة, وهذا يعطيها ثقة وقوة وعزيمة قد يصعب كسرها.

المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ قد يقول قائل نحن واقعيون، والسياسة هي فن الممكن, والسياسة مصالح, والأنظمة السياسية في العالم علمانية التوجه، فلا مكان للدين في السياسة، فجميعنا متدينون.
وقد يقول آخر: أن الصراع مع اليهود هو صراع عقائدي وصراع ديني، وهم ينطلقون في صراعهم معنا من منطلق ديني, ونحن كذلك وقد وعدنا الله بالنصر المؤزر.


المستقبل لمن؟ لفتح أم حماس؟ ومن وجهة نظري وفي قراءة استشرافية للمستقبل, ومن دراسة التاريخ والجغرافيا, أجتهد فأقول: أن أي حركة تحرر وطني انطلقت على هدف التحرير وحادت بعد ذلك عن هذا الهدف كان مصيرها الذوبان, وأن أي حركة قد ترهن قرارها السياسي والمالي في يد أعدائها قد لا يكون لها مستقبل سياسي, أيضاً إن أي حركة سياسية قد تغلظ في تعاملها مع أبناء شعبها لا مستقبل سياسي لها, وأي حركة تتعامل بكبرياء وغرور قد لا يكون لها مستقبل سياسي, وأي حركة لا تمتلك مطبخ سياسي (مؤسسة) سيكون قرارها مبني على مصالح وأهواء قد ينتقل من خلاله من الخطأ إلى الخطيئة, ومن يرتكب خطيئة سياسية لا مستقبل سياسي له وهناك الكثير الكثير.

عند إسقاط ما سبق على الحركة الوطنية الفلسطينية ستجد أن جميع القوى الوطنية والإسلامية تحتاج إلى إعادة تقييم شاملة فمن خلال ما سبق لا مستقبل لأحد لا لفتح ولا لحماس ولا لغيرهم, ولهذا ينبغي على الجميع الاطمئنان والعمل بروح وطنية عالية, فنظامنا السياسي طالما وهو تحت الاحتلال هو نظام مأزوم ولن يستمر طويلاً, لذا ينبغي على الجميع توحيد الجهود والوقف الفوري عن كل المهاترات الإعلامية, وتوقيع اتفاق المصالحة الوطنية, عبر تبني برامج وطنية يلتقي عندها الجميع, فالانتخابات لوحدها هي ليست الحل السحري، لأننا تحت الاحتلال وطالما بقي الاحتلال بقيت الأزمة السياسية, فعلى الجميع الانتباه إلى ذلك وتحديداً الوسيط المصري, فالبرنامج الوطني الموحد للمرحلة المقبلة هو بمثابة العلاج الشافي للمشكلة الفلسطينية.

حسـام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: