الأحد، أكتوبر 18، 2009

اعتداءات المستوطنين كوميديا مكشوفة


سامح عوده

مستوطن صهيوني يرشق الخمر على سيدة فلسطينية في مدينة الخليل

واثقون من أن الهجمة المستعرة الحالية على القرى والبلدات الفلسطينية التي يقوم بها رعاع المستوطنين منظمة، وهي أشبه بأفلام الكوميديا المحبوكة بطريقة خبيثة، لكنها مكشوفة للفلسطينيين كونهم الذين يحترقون ليل نهار بنيران اعتداءاتهم، دون أن يقدم أحد لهم عوناً، فعروبتنا حفظها الله أسقطت كل شيء من قاموسها حتى ال " لا " أصبحت ثقيلةً على الألسن ، أما المستوطنون فهم يتلقون العون من حكومتهم ويهود العالم الذين يساندونهم في كل ما يقومون به من أعمال تخريب وتدمير في الأراضي الفلسطينية، وهم لا يجرؤون على دخول البلدات والقرى الفلسطينية إلا تحت حماية من جيشهم المحتلُ لأرضنا الفلسطينية، مع نفي الأخير مساندته لهم..!! لذلك نحن الفلسطينيون نسميها " كوميديا " كون فصولها محروقة منذ البداية، وممثلوها معروفون وهم الجيش الذي أطلق العنان ، والمستوطنون الذين يمارسون ما يشتهون من عبث على الأرض الفلسطينية، وبالتالي فان هذا الفيلم الهزيل الإخراج لا يمكن أن تمر علينا مشاهده.

تزايدت في الآونة الأخيرة اعتداءات المستوطنين خلال الأشهر الأخيرة، وخلال موسم قطاف الزيتون رصدت وسائل الإعلام مئات الاعتداءات في معظم محافظات الوطن، وصورت وحشيتهم وهمجيتهم في اعتداءاتهم على المواطنين الأبرياء العزل، وممتلكاتهم، ومقدساتهم ، وأبرزها وأكثرها دمويةً في مدينتي الخليل، والقدس كونهما البؤرة الساخنة في الصراع مع الاحتلال ومستوطنيه، وفي منطقة نابلس فقد سجلت أحداث أخرى مشابهة، الأمر الذي جعل أجندة الأخبار تتثاقل ُ بما حملته من أنباء تبعثُ في النفس غُصّة.

تنص الاتفاقيات الدولية وما تلاها من عهود ومواثيق دولية على الحق للفلسطينيين وكل البشر "بالتنفس علناً" وتركزُ أيضاً على أن الحق في العبادة هو حق مقدس لكل البشر، والاهم عدم المساس بأماكن العبادة أياً كانت، إلا أنه في الحالة الفلسطينية يمكن أن يقال الكثير، فكل أماكن العبادة سواء كانت إسلامية أم مسيحية تحت قبضة الجيش والمستوطنين، وما يسجل يومياً من انتهاكات في مدينة القدس هو انتهاك للحق الإنساني في العبادة، والحالة مشابهة في باقي الأراضي الفلسطينية، الخليل ، وبيت لحم، ووو ولان الصمت العالمي غليظ ..!! فقد تمادى المستوطنون في طغيانهم وتجبرهم، فمن يكبحُ جماحهم؟! ومن يلجمُ هذا الجنون المستعر ؟! بالتأكيد إن هذا البرنامج الاستيطاني للمستوطنين لم يأتِ من الفراغ، ولم يخرج إلى العلن إلا بعد أن أدرك المستوطنون أن الصمت العربي أولاً والدولي ثانياً في صالحهم، وأن الحماية للمدنين العزل أصبحت كسراب في الصحراء.

قيل قبل أشهر وخلال لقاءات ونقاشات مطولة أن الانتفاضة القادمة ستكون انتفاضة ضد المستوطنين وجيش الاحتلال، هذا الحديث في مضمونه مقلق كون الفلسطينيين وحدهم هم من سيواجهون المستوطنين، في الوقت الذي هم بأمس الحاجة لمن يساندهم على الأقل ولو إعلامياً، لكن انتفاضة من هذا النوع تحتاج إلى مقومات لتصمد أكثر، حتى تكون نتائجها فعالة، وتضمن لنا كفلسطينيين العيش بسلام كباقي البشر، لذلك من المهم استمرار العمل والمساندة للمناطق الفلسطينية المرشحة لاعتداءات المستوطنين، والعمل داخلياً وخارجياً للوصول إلى الهدف الأسمى وهو إزالة المستوطنات وهدم الجدار ورحيل المستوطنين والاحتلال عن أرضنا، وهذا لا يأتي إلا من خلال:

فلسطينيا: على صعيد الأفراد في التجمعات والقرى والبلدات التي تكثر اعتداءات المستوطنين عليها من الضروري رصد وتوثيق تلك الاعتداءات، وعدم السكوت عن تلك الاعتداءات مهما كلف الثمن، كما أنه يتوجب زراعة الأراضي وتشجيرها حتى لا يلجأ المحتلون لمصادرتها .
ومن المهم أن تشارك في هذا البرنامج مؤسسات المجتمع المدني كونها كثيرة وتمتلك طاقات وإمكانيات هائلة، والتي تشكل ركيزة أساسية في العمل الوطني عبر توفير إمكانياتها وتوجيه برامجها للمناطق التي سجلت فيها اعتداءات للمستوطنين وذلك من خلال : تسخير كل إمكانياتها الإعلامية لصالح رصد وتوثيق اعتداءات المستوطنين اليومية، وتوفير جزء من ميزانياتها لصالح إنجاح أي فعالية تقام في المناطق الساخنة مع المستوطنين، وتثقيف المواطن الفلسطيني وتوعيته كيف يواجه المستوطنين، لان القسم الأكبر من طاقات المؤسسات الأهلية يذهب هدراً خاصة فيما يتعلق بتعليم حقوق الإنسان، ولا اقصد هنا الإساءة بالعكس قصدت الترشيد، جزء في مقاومة المستوطنين وجزء في الجانب الآخر وهو التثقيف المدني .

أما الحكومة الفلسطينية بصفتها الراعية لنا كمواطنين، ممثلةً بالرئاسة والحكومة، واعلم مسبقاً أنها لم تقصر، فعليها توفير الدعم اللازم للمناطق الساخنة والتي تعتبر بؤرة مواجهة مادياً ومعنوياً، والتوجه إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن عبر تشكيل غرفة عمليات تضم نخبة القانونين الفلسطينيين، والعرب، للضغط على مجلس الأمن بتوفير الحماية للمدنين الفلسطينيين، والاستمرار في برنامج إعلامي موجه يخدم الهدف الأسمى وهو تسليط الضوء على إجرام المستوطنين، والابتعاد عن المناكفات مع أولئك الذين ظنوا أنهم حققوا شيئاً في غزوة " غزة " ..!! فالقافلة تسير والعصافير تطير..!! والبقاء للأصلح دائماً..

عربيا : الحالة العربية المزرية فيها الكثير مما يمكن ان يقال، وليس المطلوب فتح جبهة مع إسرائيل، لأننا مدركون حجم التشرذم والضعف الذي وصلنا إليه، وبالتالي توفير الدعم اللازم لصالح مقاومة الاستيطان والمستوطنين، والعمل مع السلطة الفلسطينية من خلال المجموعة الدولية والأمم المتحدة لاستصدار قرارات فاعلة تنهي الاحتلال، وليس وقف اعتداءات المستوطنين، وتسخير كل الطاقات الإعلامية العربية لصالح فضح ما يقوم به المستوطنون الآن، من أعمال وحشية همجية تجاه المواطن والأرض والمقدسات.
دوليا: إذا ما أحسن العمل فلسطينياً وعربياً واستغلت الطاقات بشكل جيد ستكون النتائج على المستوى الدولي مرضية خاصة في مجلس الأمن والأمم المتحدة ، هناك في المجتمعات الغربية من يناصرون القضية الفلسطينية، وليس صحيحاً أن الغرب كله معادٍ للعرب والفلسطينيين، التجربة أثبتت أن المتضامنين الأجانب الذين يقيمون في الأراضي الفلسطينية الآن اثبتوا جدارتهم ووقوفهم الصادق إلى جانب الفلسطينيين، وخير دليل على ذلك " راشيل كوري " التي داستها جرافة إسرائيلية أثناء تواجدها في إحدى المناطق الساخنة في التصدي للاحتلال وجيشه بغزة قبل عدة أعوام .
الأيام القادمة تحمل نذير شؤم، واعتداءات المستوطنين لن تتوقف، والوعود التي يقدمها جيش الاحتلال الذي يدعي البراءة بالعمل على وقف نشاط المستوطنين كاذبة، لأن المؤشرات الحالية تدل على أن ما يقوم به المستوطنون هو عمل منظم يمكن أن يكون خلفه تنظيم متطرف، والأدهى من ذلك أن الجيش الذي يدعي البراءة هو من يعبد الطريق للمستوطنين عبر توفير الحماية لهم، فهذا الفيلم " الكوميدي " لن يمر علينا لأننا مللنا الكوميديا التافهة ...!!

ليست هناك تعليقات: