السبت، أكتوبر 24، 2009

أين لجنة التحقيق يا سيد عباس؟

د. فايز أبو شمالة
بحرص مبالغ فيه على الوطن، وبمصداقية كاملة في التصدي لحركة حماس، ولمن لف لفها، انبرى عدد من المسئولين، والكتاب الفلسطينيين في الدفاع عن السيد عباس، وراحوا يدفعون عنه مسئولية تأجيل عرض تقرير "غولدستون"، ويلصقونها بآخرين، ولمزيد من التأكيد على وجود هؤلاء الآخرين المشبوهين الذي شوهوا القرار الفلسطيني الحكيم، فقد أعلن السيد ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية، في 4/10 أن السيد عباس بصفته رئيساً للشعب الفلسطيني، قد أصدر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق في ملابسات تأجيل عرض تقرير "غولدستون" للتصويت، وستعرض اللجنة تقريرها على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال مهلة أسبوعين من تاريخه، على أن يرئس اللجنة السيد "حنا عميرة" عضو اللجنة التنفيذية وعضوية كل من "عزمي الشعيبي"، و "رامي الحمد الله".
لقد حمدنا الله في حينه على هذا القرار، وعلى الجرأة في المراجعة والمحاسبة، وتحميل المسئولية لكل من خان الأمانة، ولكننا نتساءل ونحن في نهاية شهر أكتوبر، وقد مضى أكثر من عشرين يوماً فلسطينينا على صدور القرار. ما مصير لجنة التحقيق؟ ولماذا لم نسمع عنها شيئاً؟ هل عقدت اجتماعها، أين نتائج عملها؟ وهل حددت المسئول عن قرار التأجيل؟ ومن هو؟ أم أن هنالك تغطية على الخطيئة؟ وما تفسير ذلك؟
إن تشكيل لجنة التحقيق، واطلاع المواطن الفلسطيني على نتائج عملها، لهو الدليل على صحة أو خطأ مسار القيادة الفلسطينية بشكل عام، فإذا كان قرار تشكيل لجنة التحقيق حقيقة، فأين هي؟ وإذا كان مجرد كلام، وبهدف امتصاص نقمة الشعب، فإن ذلك يضع كل الشعب الفلسطيني أمام مفرق ثقة باحترام، أو عدم احترام القيادة السياسية الفلسطينية. فإذا انعدمت ثقة الشعب الفلسطيني في احترام، وتصديق تصريحات المسئولين في أعدل مسألة، وأوضح قضية، وأفضح محك عملي تابعه كل الفلسطينيين، فمعنى ذلك؛ أن الثقة بمسائل أخرى سياسية يجب أن تكون في محل شك! إلا إذا كانت القيادة السياسية تنظر إلى الشعب الفلسطيني على أنه مغفل، وغير جدير بالاحترام!.
ترى، ما رأي المسئولين، والكتاب الذين اعتبروا قرار التأجيل خطأ، وحملوا المسئولية لأولئك الآخرين، وماذا يقولون اليوم؟ أما يتوجب عليهم أن يجهروا بكلمة حق لصالح مستقبل تنظيم فتح السياسي الذي ينتمون إليه؟ وبماذا سيردون وقد سمعوا السيد عباس يقول في القاهرة: "أن موضوع التأجيل أدى إلى مكاسب كبيرة، حيث أن جميع الأعضاء قرءوا التقرير بعناية وارتفع عدد المؤيدين من 18 دولة أول مرة، إلى 25 دولة في المرة الثانية، وكذلك كان له تأثير على الدول الممتنعة وهى روسيا والصين والأرجنتين والبرازيل، فحدث تحول في مواقفها، وكذلك الدول الرافضة مثل النرويج عادوا وقبلوا، والدول المعترضة مثل فرنسا وبريطانيا انسحبت من الجلسة فقط، وهذا مكسب حققته السلطة الفلسطينية".
فما رأيكم أيها القادة، والمفكرون، والكتاب، والسياسيون الفلسطينيون بهذا الكلام؟ هل كان التأجيل قراراً حكيماً، وإرادة فلسطينية واعية، أم كان خطيئة؟ وهل ترتضون أن يصير الشعب الفلسطيني أغنام الشرق الأوسط، تخشى عصا الراعي، وتطمع في أعشابه الممنوحة؟ إن كان ذلك كذلك، وتأكد للجميع عدم تشكيل لجنة تحقيق في خطيئة تأجيل عرض تقرير "غولدستون"، وعدم اعتراض أي مسئول فلسطيني، فاذبح يا سيد عباس على طاولة المفاوضات ما يحلو لك من أغنام الثوابت الوطنية، واطعم أصدقاءك، وضيوفك الإسرائيليون ما طاب لهم من لحم القضية الفلسطينية، ولا تهتم لثغاء الأغنام.
fshamala@yahoo.com

ليست هناك تعليقات: