الاثنين، مارس 15، 2010

هل إسرائيل طعنت أوباما في ظهره؟



لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
Loayzohir@gmail.com
إدانة، توبيخ، استدعاء سفراء، دهشة والعديد من الألفاظ الدبلوماسية ، هل هي مسكن موقت لاستيعاب غضب الجامعة العربية والدول العربية أم هي حقيقة ناتجة عن إحراج إسرائيلي متعمد للادراة الأمريكية، إن المتتبع لحيثيات زيارة نائب الرئيس الأمريكي، وللمؤتمرات الصحفية التي عقدها جو بايدن مع أركان الدولة العبرية، لوجد بها الغزل والمدح الأمريكي لحكام إسرائيل، مثنيا على أداء الحكومة الإسرائيلية باتخاذها قرارا بوقف الاستيطان لمدة عشرة شهور، هذا القرار الذي لم يكن نتيجة مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير، بل على العكس من ذلك كان قرارا أحادي الجانب من قبل حكومة الاحتلال، ولكنه كان مرحبا به دوليا "أمريكيا وأوروبيا"، لكونه من وجهة نظرهم يخدم العملية السلمية، أما إعلان الدولة الفلسطينية كنتيجة للمماطلة الإسرائيلية وتهرب حكومة الاحتلال من تنفيذ التزاماتها فهو إجراءا غير موافق عليه نظرا لكونه قرارا أحادي الجانب، على الرغم من أنه سيسهم في إنجاح عملية السلام واستقرار منطقة الشرق الأوسط أكثر بكثير من قرار الحكومة الإسرائيلية بتجميد الاستيطان لمدة عشرة أشهر.
إن ما تم تداوله في أوساط المسئولين الأمريكيين وبعضا من أعضاء الكونغرس الأمريكي بأن إسرائيل طعنت أوباما في ظهره، بإعلان الحكومة الإسرائيلية عن إقامة(1600) وحدة سكنية في مستوطنة "رمات شلومو" شمال شرق القدس أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ومن قبلها الإعلان عن إقامة (112) وحدة سكنية في مستوطنة "بيتار عيليت" على طريق بيت لحم- الخليل أثناء زيارة المبعوث الأميركي جورج ميتشل، لم يكن ذا أهمية كون الهدف الرئيس لزيارة نائب الرئيس الأمريكي للمنطقة هو الجلوس مع أركان دولة الاحتلال من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس باراك اوباما والحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، تمحو الانطباع السائد بأن بينهما أجواء توتر، وتعيد العلاقات المميزة، وذلك لخدمة المعركة الانتخابية للكونغرس، التي يخوضها أوباما بقلق وفقا لمصادر إسرائيلية.
إن حديث نائب الرئيس الأمريكي أمام طلبة جامعة تل أبيب وتأكيده على صهيونيته بقوله " أنه كان يتمنى لو أنه يهودي حتى يكون صهيونياً، وأن والده أبلغه أنه حتى يكون صهيونياً فليس عليه بالضرورة أن يكون يهودياً" لهو مؤشر قوي على قوة العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، وعلى استحسان الولايات المتحدة الأمريكية في اختيار سفرائها وممثليها لدى دولة الاحتلال، حيث لم تعدو مهمة نائب الرئيس الأمريكي عن كونه سفيرا للبيت الأبيض والإدارة الأمريكية في مهمته في إسرائيل، حيث أن منحه شهادة تشير إلى قيام إسرائيل بغرس عدة أشجار في غابة "الأمة" في مدينة القدس تخليداً لذكرى والدته كاترينا بايدن التي توفيت قبل أشهر عدة عن عمر يناهز 92 عاماً، تكشف عن هدف زيارته الدبلوماسية، وعن حجم العلاقات الحميمة التي تربط نائب الرئيس الامريكي ودولة الاحتلال .
إن دعوة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لجميع الأطراف بالامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية تزعزع الثقة وتخرب على الجهود لاستئناف المفاوضات لا محل ولا مكان لها في ظل تأكيده في ذات المؤتمر الصحفي على أهمية الخطوة التي اتخذها نتنياهو بتجميده الاستيطان في الضفة الغربية واصفا إياها بأنها ذات أثر ميداني، رغم كونه قراراً إسرائيلياً أحادي الجانب وليس جزءا من اتفاق مع الادراة الأمريكية أو الفلسطينيين.
إن حديث السيد بايدن عن ثلاث مسارات للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، أحدها القائم حاليا ويعتبر مفاوضات غير مباشرة، والثاني مفاوضات جارية حاليا بمستوى التنسيق اليومي حول بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ويتم مع رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، ومسار ثالث بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ما هو إلا تشكيكا بالموقف العربي والموقف الفلسطيني وإحراجا لهم، في ظل تهدئه نتنياهو للنواب المتطرفين في الكنيست الإسرائيلي أمثال داني دنون بتأكيده لهم إن ما يتم الحديث عنه لن يخرج عن كونه تفاوض حول إطار التفاوض وشكله وأسلوبه، وأنه عند البدء في التفاوض حول القضايا الجوهرية ستكون مفاوضات مباشرة وسيطلع المواطنين على تفاصيلها، حيث ما زالت الحكومة الاسرائيلية تحجم حتى الآن عن قبول مطالب فلسطينية بان تضمن المفاوضات غير المباشرة الحديث عن "قضايا الوضع النهائي" بما في ذلك ترسيم الحدود ومصير المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ووضع القدس.
إن الغضب الأمريكي لم يكن بسبب إعلان الحكومة الإسرائيلية عن خطة البناء، وإنما لتزامن الإعلان الإسرائيلي مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل، حيث لم يتعدى الموقف الرسمي الأمريكي سوا بعض الألفاظ الدبلوماسية، والتي انتهت باستدعاء وزارة الخارجية الأميركية السفير الإسرائيلي لديها السيد مايكل اورن للإعراب عن تحفظها من الإعلان الإسرائيلي عن إقامة وحدات سكنية جديدة في شمال شرقي القدس، دون مطالبة الحكومة الإسرائيلية العدول عن قرار البناء، كما طالبتها القيادة الفلسطينية كشرط للدخول في مفاوضات غير مباشرة مع حكومة الاحتلال.
إن الإجراءات التي اتخذها بنيامين نتنياهو في اجتماع حكومته الأسبوعي لم تتعدى اللوم لأركان حكومته، لإعلانهم عن خطة البناء، مشدداً على أنه ما كان لهذا الإعلان أن يحدث البتة، أي إن نواياه كانت تتجه نحو الاستمرارية بعملية الاستيطان، والتي كشف عنها خلال جلسة عقدتها كتلة الليكود مؤكدا خلالها موقفة القاضي باستمرار البناء الاستيطاني في القدس الشرقية، واستئنافه للاستيطان في كافة أرجاء الضفة الغربية بعد انتهاء المدة المحددة من قبله بعشرة أشهر.
إن عدم اتخاذ الحكومة الإسرائيلية في اجتماعها الأسبوعي قرار بإلغاء المشروع الاستيطاني الأخير الذي اثأر حفيظة الأمريكيين، لهو مؤشر قوي لدعم الإدارة الأمريكية لكافة النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، ولهو تأكيد أخر على إن العلاقة الإسرائيلية الأمريكية اكبر بكثير، حيث أكدها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنفيه تقييمات الصحافة الإسرائيلية التي تحدثت عن حدوث أزمة دبلوماسية في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية كنتيجة للإعلان عن خطط لبناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، حيث طالب الصحافة بعدم الانجرار والانسياق وراء هذه التحليلات والتقييمات مخاطبا إياهم بقوله "هونوا على أنفسكم".
إن الحكومة الإسرائيلية دوما تفتعل الأحداث كلما حدث انفراجا في عملية السلام، حيث تكمن نواياها بالمماطلة والتسويف والتأجيل والتعطيل وإحداث الأزمات التي من شأنها أن تعمل على تعثر العملية التفاوضية لعدم المضي قدما في عملية السلام التي من شأنها أن تعمل على تعطيل برامجها وخططها الاستيطانية الهادفة إلى تهويد القدس والأراضي الفلسطينية وطمس معالمها العربية والإسلامية، حيث لم يعد بعد ذلك ما يمكن التفاوض بشأنه كنتيجة لتنامي المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وفقاً للسياسيات الإسرائيلية المعطلة لاستئناف المفاوضات ، وبالتالي استحالة ترسيم الحدود بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل، ومن ثم التسليم بسياسة الأمر الواقع من قبل القيادة الفلسطينية.
لذلك كان لزاما على جامعة الدول العربية ، بعد الاستخفاف بقرارها باستئناف العملية التفاوضية أن تتخذ قرارا عربيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967م، وانتزاع قرارا امميا بالاعتراف بها، ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة اتجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي استنادا على القرار الاممي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، والعمل على تحرير الدولة الفلسطينية وفقا للمواثيق والمعاهدات والقرارات الدولية؛ بدلا من تعليق استئناف المفاوضات سواء المباشرة أو الغير مباشرة إذا لم تلغ القرارات الإسرائيلية، هذا الموقف الضعيف جعل نتنياهو يتمادى بغطرسته واستخفافه بالدول العربية مؤكدا بأن " المحادثات غير المباشرة مع السلطة الفلسطينية سوف تستمر كما هو مقرر في أوائل الأسبوع القادم على الرغم من الأزمة مع الولايات المتحدة واحتجاجات السلطة الفلسطينية والعالم العربي".

ليست هناك تعليقات: