الأربعاء، مارس 31، 2010

عذرا أحزابنا..ليس هكذا يحيى ذكرى يوم الأرض

المحامي لؤي زهيرالمدهون
عضو اللجنة الوطنية – حزب فدا
Loayzohir@gmail.com

تحدث المتحدثون في المحافل والفعاليات الوطنية في ذكرى يوم الأرض الخالد، وأصدرت البيانات الرسمية من قبل الهيئات والأحزاب، وكتب الكتاب وسردوا الحقائق التاريخية إحياءً لهذا اليوم لكونه محطة هامة من محطات النضال الوطني، مشكورين على نقلهم لهموم وتضحيات ونضالات شعبنا للأمتين العربية والإسلامية، ولكل أحرار العالم، ولكنني في مقالي هذا لن أبدأ من حيث بدأ الآخرون ولن أبدأ من حيث انتهوا، ولكنني سأبدأ حديثي لائما فصائل العمل الوطني والإسلامي، وكل من حمل هموم هذا الوطن ومعانته من فلسطينيين وعرب ومسلمين وأصدقاء دون الحديث عن الصفات والألقاب .
تابعت كما تابع الكثير فعاليات إحياء ذكرى النكبة الرابعة والثلاثون ممن شارك في الفعاليات؛ أو قرأ للإخوة الزملاء من الإعلاميين والصحفيين والكتاب، وحتى تصريحات القيادات الفلسطينية المتسابقة على نشر أخبار تحركاتها ومشاركتها في مثل هذه الفعاليات، تحدثوا عن حضور عشرات المشاركين، ومن حاول التفخيم تحدث عن المئات من المشاركين، وأنا ممن شارك في هذا الفعاليات أقول وبكل صراحة أنهم كانوا بضع مئات من المشاركين جلهم قيادات فصائل العمل الوطني وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الشعبية والمخاتير والوجهاء وبعضا من رجال الدين.
لم تكن مشاركة هؤلاء هو المؤسف ولكن المؤسف هو حشد ممثلي الفصائل المتواجدون بمفردهم في هذه الفعالية الوطنية؛ لمئات الألوف وعشرات الألوف والألوف في ذكرى إحياء تأسيس فصائلهم وأحزابهم، حيث كانت لجان الطوارئ وإعلان النفير الحزبي العام من اجل الحشد وشحذ الهمم من اجل إنجاح هذه الكرنفالات الحزبية، لكي يتفاخروا بهذه الأعداد من أجل المزاودة على بعضهم البعض؛ وتسخيرها لخدمة التعصب الحزبي الأهوج بالاستفادة منه في حالة طرح مبدأ المحاصصة الحزبية، في نوع من أنواع التناقض فيما تطرحه الأحزاب من مطالبتها تعزيز مبدأ التمثيل النسبي الشامل في حال إجراء الانتخابات ، وتصارعها على مبدأ المحاصصة وإثرائه في حالة طرحه، وهذا ما لمسه الكثير من الإعلاميين والصحفيين والكتاب وعامة الشعب بمزاودة الفصائل على بعضها البعض، فكانت المزاودة في العمل النقابي والمؤسسات الوطنية، حتى تسمية الساحات لم تسلم من هذا النمط من التعصب، فكانت الساحة الصفراء والخضراء والحمراء.. والله أعلم إن كان هنالك ألوان جديدة في الطريق أم لا.
إن تعدد الأحزاب الفلسطينية وتزايدها يوحي إلى وجود شعب مثقف مدني قادر على مجابهة التحديات التي تعصف بقضيته الفلسطينية، قادرا على تسويق همومه للمجتمع الدولي، من خلال انتهاجه نهج المقاومة الشعبية وانتهاجه لكل ما من شأنه أن يعزز المقاومة الممنهجة القائمة على أسس علمية مدروسة، كل من خلال موقعه ومهامه الحزبية والوظيفية والنقابية وعلاقاته وشراكته مع الأصدقاء وما أكثرها من شراكات في ظل التكنولوجيا والتطور العلمي والمتمثل بالنت الذي أضحى به العالم قرية صغيرة، ولكن وللأسف لم نرى ذلك في فعالياتنا الوطنية، وإن وجدناها في فعالياتنا الحزبية.
إن انحراف الأحزاب الفلسطينية وابتعادها عن اتخاذ دورها الريادي الذي عهدناها عليه في الماضي؛ واتخاذها من العمل الحزبي غطاءا لتمرير المصالح الشخصية والمصالح الحزبية والفئوية الضيقة بانتزاع المهام الوطنية والوظيفية والتمثيل الرسمي في المحافل الوطنية والدولية، متناسين الهدف الرئيس من وراء تأسيس هذه الأحزاب، يجعلنا نقول أن قيادات الأحزاب والفصائل هم أحوج الناس لحضور دورات التثقيف الحزبي والتعبئة الحزبية والوطنية أكثر من غيرهم من عامة الشعب، لكونهم القادة ومن يوجه عامة الشعب للطريق الصائب نحو التحرر وإقامة الدولة الفلسطينية.
إن ما جعلني أتحدث بأن القادة هم أحوج بدورات التثقيف الحزب والتعبئة الوطنية، هو عدم حثهم لكوادرهم الحزبية، وأعضاء أحزابهم وأنصارهم ومؤيديهم للمشاركة في مثل هذه الفعاليات الوطنية، وحفظ طاقاتهم الحزبية للفعاليات الحزبية الخاصة التي لا تخدم في اغلب الأحيان المشروع الوطني، هذا من جانب وشرحه طبعا يطول، ومن جانب أخر هو ما حدث في أحد الفعاليات الوطنية التي شاركت بها إحياءً لذكرى النكبة، وهو تهافت القيادات المركزية بل تصارعها لحمل الشعار المركزي الذي حمل عنوانا كبيرا لهذه الفعالية الوطنية الهامة التي شكلت حدثا تاريخنا هاما في مسيرة نضال شعبنا في مواجهة المشروع الصهيوني بتهويد الأرض، ليس من اجل إيمانهم بهذا الشعار وأنا أتحدى إذا كان من حمله قد قرأه، ولكن التهافت كان من أجل التقاط الصور التذكارية والتوثيق ومراءاة لوسائل الإعلام التي دوما تركز في التقاطها للصور لكبار القادة، وما جعلني اشمئز من هذا العمل هو إلقاء القادة العظام لفصائل العمل الوطني لهذا الشعار على الأرض بعد انتهاء الفعالية في المكان الذي ألقى كل واحد منهم كلمته، هذا الشعار الذي كان قبيل دقائق يتصارعون على حمله أمام وسائل الإعلام، وقبل أربعة وثلاثون عام سقط من أجله الشهداء والجرحى.
إذا كان هذا هو حال القادة فما بالكم بحال من هم دون القادة، الم يحق لي ولكل أبناء شعبنا أن يلفظ هذا السلوك المشين، وان يلفظ التعصب الحزبي الأهوج الذي اضر بقضيتنا الفلسطينية، وبوحدتنا الوطنية، وبوحدة ثرى هذه الأرض الطيبة، التي نحتفل بذكراها في يوم هبت جماهير شعبنا في الجليل والمثلث والنقب معربة عن تمسكها بأرضها وحقوقها الوطنية ضد سياسة التهويد في الثلاثين من آذار عام 1976م، مقدمين الشهداء وعشرات الجرحى ومئات المعتقلين قبل أربعة وثلاثون عاما، لم يكن فصيلا أو شخصا ما من دعا لهذه الهبة، وإنما الانتماء للأرض هو من اخرج أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده منددين بالإجراءات الإسرائيلية بمصادرة الأراضي العربية في الجليل والمثلث وكل أرجاء الوطن.
للأسف، وأقولها بحسرة، لقد فقدت أحزابنا وفصائلنا في كسب مصداقية الشارع الفلسطيني ممّا انعكس على مردودها الإشعاعي وأدى إلى فقدان موقعها في الساحة السياسية التي كانت ترتكز على المزج بين ارتباطها بهويتها الوطنية وبين العمل على الرقي بأساليب النضال الجديدة ، كما أخفقت الأحزاب والفصائل في تحصين بيتها الداخلي ليتم اختراقه من طرف مجموعة من الانتهازيين المختصون في الترحال السياسي بين الأحزاب لحماية مصالحهم الفردية ليتبعهم في ذلك الانتهازيون والمتملقون من داخل الحزب وخارجه، والتي ساهمت في الوصول إلى هذا الوضع المتردّي والمخزي.

ليست هناك تعليقات: