الجمعة، أبريل 16، 2010

يا ليتهم قسموا

د. فايز أبو شمالة
يتفلسف بعض الكتاب العرب والفلسطينيين، ويرددون خلف بعض السياسيين: بأن الفلسطينيين أفضل شعب ضيع الفرص التي سنحت له، وكلما لاحت لهم فرصة أضاعوها بتشددهم. هذا الكلام يتساوق مع الرواية الإسرائيلية، ويدعي بأن غباء العرب السياسي أوقعهم في ورطة الرفض، وساعد إسرائيل على التملص من الضغط الدولي، وأوقع العرب في ورطة تضييع الفرص، ويسوقون رفض العرب قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1947، نموذجاً للضعف العربي، والفشل السياسي. ولكن المدقق في حقيقة الموقف العربي والفلسطيني يجد مصداقية للرفض، ويكتشف أن العرب أغبياء لو وافقوا على قرار التقسيم الذي يعطي اليهود أكثر من نصف فلسطين، وهم لا يمتلكون بالحيلة، والسرقة، والتآمر، وفق الوثائق الدولية، سوى 6% فقط من أراضي فلسطين، ويكتشف أن شعار "يا ليتهم قسموا" الذي أطلقته المرأة العسقلانية أثناء الهجرة، لم يكن صائباً كما يدعي البعض .
قد يقول أحد الخبثاء: لقد ضيع التشدد في حينه فرصة قيام الدولة الفلسطينية، ومكن إسرائيل من السيطرة على 78% من أرض فلسطين. وهنا أقول: لم تكن تلك فرصة، وإنما كانت قرصنة يهودية أسهمت الخيانة في تمريرها، وساعد الضعف العربي على تطويرها، ولاسيما أنها تزامنت مع استيراد الخوف والفزع من اليهود، وترافقت مع القصور في العمل المقاوم الذي يتناسب مع رفض قرار التقسيم، فكانت الفرص الضائعة هي عدم الإعداد الجديد لمواجه العصابات اليهودية التي اغتصبت فلسطين تحت بصر العرب، وسمعهم.
لقد دللت الأحداث المتتالية بعد ذلك على أن الموافقة على قرار التقسيم أو عدم الموافقة ما كانت ستغير المخطط اليهودي، وما كانت ستجنب الفلسطينيين العدوان الإسرائيلي، والدليل؛ موافقة الفلسطينيين والعرب على نتائج الحرب، وسكوتهم على دولة إسرائيل التي قامت على ثلاثة أرباع فلسطين. فلو كان هدف اليهود دولة وفق قرار التقسيم، لاكتفوا، وحمدوا "إلياهو" ربهم، ولكنهم واصلوا عدوانهم على غزة سنة 1956، وهاجموا الضفة الغربية، واحتلوا باقي فلسطين، وأجزاء من دول عربية أخرى سنة 1967.
قضية الصراع مع اليهود لا علاقة لها بالفرص الضائعة، فقد وافق الفلسطينيون على اتفاقية أوسلو وهي أردأ اتفاقية يمكن أن يقبل فيها فلسطيني، فهل رضت إسرائيل، واكتفت بذلك، وحرصت على تطبيق الاتفاقية التي لم ترد في حلم اليهود سنة 1947، أم ظلت الدولة العبرية تدفع في اتجاه تنفيذ مخططها القائم على تدمير الإنسان، وتواصل الاستيطان، حتى ضجر، وانفجر رأس من وقع الاتفاق مع اليهود، وقلبه انفطر.

ليست هناك تعليقات: