الاثنين، أبريل 12، 2010

هي شوارعنا…ونحن نسمّيها

سعيد الشيخ

مجرد ان تعلن الادارة الامريكية احتجاجها على اسم يود الفلسطينيون اطلاقه على شارع في اراضي السلطة التي يديرونها على جزء من بلادهم التاريخية.. فان هذا الاحتجاج يعتبر خرق فاضح لمبادئ الحرية التي تتشدق بها بمناسبة وغير مناسبة. عدا عن انه دعم لسياسات الاحتلال الاسرائيلي التي لم تتوقف عند اي حدود او قوانين واعراف دولية.

والغريب والمستهجن في هدا الاجتجاج من دولة عظمى لها انياب ومخالب منتشرة في كل اصقاع الارض ،ان تترك مشاكل العالم التي تتهدد السلم العالمي وتلتفت الى مسائل صغيرة لا تخص الا الشعب الفلسطيني.. وكأن الحرية الشخصية هي حكر للحضارة التي تمثلها الولايات المتحدة ولمن يدور في فلك سياساتها التي تثبت يوما يعد يوم كم هي متوحشة وقاتلة مثل صواريخها العابرة للقارات،و ما حديثها عن الحرية والديمقراطية الا طلاء مكشوف لا يخفى على الشعوب التي ذاقت وتذوق الامرّين نتيجة لهذه السياسات الممنهجة، ولو اختلفت الادارات المتعاقبة..وحتى لو اختلفت هذه في الشأن الداخلي ولكنها حتما تتفق في سياسة اخضاع شعوب الارض.

والامر الآخر المستهجن في هذا المجال ان هذه الولايات التي تريد اخضاع شعوب الارض حسب رؤيتها ومنطقها، تخضع بكل ليونة لرؤية دولة الاحتلال الاسرائلي التي ترى بإطلاق اسماء شهداء فلسطينيين على شوارع فلسطينية عمل يندرج تحت يافطة ثقافة الارهاب..وهو العمل البديهي الذي اقدمت عليه البشرية منذ مهد الحضارة المدنية عندما اطلقت اسماء رجالاتها البارزين على ميادين وشوارع مدنها. وشاءت الهجمة الاستعمارية والاستيطانية على فلسطين ان يكون للشعب الفلسطيني رجاله وابطاله الذين يستحقون التقدير والتكريم لنضالهم وتضحياتهم، وهذا اقل ما يفعله الفلسطينيون تجاه شهدائهم عندما يطلقون اسماءهم على شوارع “محررة “من احتلال غاشم.

ادارة الرئيس “اوباما” لا تقدم التغيير الذي نادت به عشية الانتخابات الرئاسية الامريكية ، خاصة تجاه رؤيتها للصراع العربي_الاسرائيلي.فهي ما زالت تنتهج سياسة المكيال بمكيالين، وتتبع سياسة المعايير المزدوجة حيث سياسة التضليل ما زالت قائمة خاصة عندما تتهم مناضلي الحرية والتحرر من الفلسطينيين بالارهاب .

بينما كان الارهاب قبل اسابيع قليلة عاريا وناصعا وهو يعريد بشكل مجنون في شوارع وفنادق امارة دبي. حيث فريق من القتلة يربو الى ثلاثين عضوا في الموساد الاسرائيلي ينقضّون على رجل اعزل.

انه الارهاب الاسرائيلي الخالص والواضح كما كل مرة ومند اكثر من ستين عاما،وببصمات اوروبية التي تحولت مع مرور الوفت دون ان تتخذ الحكومات التي زُوّرت جوازاتها اي اجراءات على مستوى الجريمة، قد تحولت الى تواطؤ قبيح من شأنه ان يفتح ملفات اغتيال جميع القادة الفلسطينيين والدور الاوروبي والامريكي فيها.

ما شكل هذا “الارهاب” الذي تراه الادارات الامريكية المتعاقبة؟.. والجرائم الاسرائيلية المتكررة تقدم الدليل تلو الدليل..من جرائم الاستيطان مرورا بتزوير التاريخ الى الشرائع العنصرية،ومسلسل المجازر بحق الانسان الفلسطيني الذي وجد فوق هذه الارض منذ مهد التاريخ .

ان عظمة امريكا، لو كانت عظمة اصيلة ان تقرأ تاريخ الشعوب وحضاراتها قبل ان تلقي علينا بيانات احتجاجها على شارع نسميه. او ربما غدا على مولود ليس له انتماء سوى لهذه الارض.

وعندما يتشبث الفلسطيني بأرضه ويتمسك بصموده تحت سماء وطنه لا تعدم “اسرائيل” وسيلة لإلغاء هذا الكائن الاسطوري. وان رفضها لمسميات شوارعنا ما هو الا محاولة لقتل الوطنية في الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني.

وما كان من الحصافة من الادارة الامريكية ان تحتج على بداهة الحرية والتحرر في فلسطين .. أما وقد فعلت ذلك فتلك صفاقة واسفاف لا يليقان بدولة عظمى تنادي بالحرية والديمقراطية!

* كاتب وشاعر فلسطيني

www.alwanarabiya.com


ليست هناك تعليقات: