السبت، يوليو 28، 2007

انتهازية النائب ميشال عون

سعيد علم الدين
الديمقراطية قبل أن تكون معارك انتخابية رياضية حامية الوطيس، واحترام مطلق من الساسة للمواثيق والدستور والمواعيد والقوانين، وتبادل سلمي سلس للسلطة بين الحكم والمعارضة دون ثلث معطل تفرضه الأقلية على قرار الناخبين، هي نظام سياسي مبني على قيم أخلاقية عالية ومبادئ إنسانية شفافة سامية. النصر فيها دائما للحرية والمجتمع المدني ولجميع الافرقاء المتنافسين حيث لا غالب هنا ولا مغلوب ولا كسر عظم للخصم وإعلان حروب وإنما مسيرة وطنية مستمرة تقررها إرادة الشعوب للتغيير وتجديد الدماء، متبادلة بين الديمقراطيين الشركاء في حكم البلاد.
وإلا كيف سيتم النهوض بالمجتمع إلى النجاح ومحاربة الفساد وتحقيق الإصلاح؟
هل بترديد المواعظ التي أتخمتنا بها المنابر من المساء إلى الصباح، أو بتدبيج الخطب النارية العنترية التي أدمت شرقنا في حروب عبثية لا تسمح لنا أن نرتاح، أو برفع الشعارات التي أصبحت فاقدة المعنى والمبنى وأغرقتنا في مستنقعات من الدماء والأتراح؟!
أهم مبادئ الديمقراطية هي الاستقامة وليس التقلب، والنزاهة وليس التذبذب، الصدق في القول والفعل والتفاني في خدمة المجتمع والناس والتضحية لمصلحتهم وليس التضحية بهم وبمستقبل الوطن للوصول إلى الكرسي.
وإلا كيف سيحقق السياسي الإصلاح عندما يكون هدفه الأسمى المنصب وغايته العليا الوصول إلى الكرسي؟
من يدعي الإصلاح لا يحتاج إلى منصب لكي يصلح. هو يستطيع ذلك إن كان قاعدا على كرسي الحكم أو واقفا على قدميه يعمل بهمة المصلحين العصماء في سبيل الخير العام. والأمثلة لا تعد ولا تحصى.
ومن يدعي الإصلاح يعمل أولا لكي يستطيع الاصلاح على قيام الدولة السيدة الديمقراطية المستقلة ولا أن يترك أبوابها مشرعة من جميع الجوانب للرياح، تعيث بها اغتيالا وتخريبا وتفجيرا.
والإصلاح لا يتحقق بالتبجح أمام الميكروفونات. خاصة عندما ننقلب على أنفسنا وتكذب أفعالنا ما تقوله أفواهنا.
أن يعترض النائب ميشال عون على الانتخابات بأنها صادره عن حكومة غير شرعية ويحاول الطعن بدستورية دعوة الهيئات الانتخابية في المتن وبيروت على أساس أن لحود يرفض التوقيع على مراسيمها ثم يعود ويشارك بها وكأن شيئاً لم يكن!
لهو شيء يدعو إلى العجب العجاب ويعبر أفضل تعبير عن حقيقة الجنرال الهوائي الانفعالي المتذبذب الانتهازي. فهو يعمل عكس قناعاته، ضاربا بالمبادئ والقيم عرض الحائط ومنتهزا الفرصة المتاحة للوصول فقط إلى المنصب، أي انتهازي.
إنها انتهازيةٌ مرفوضة بالنسبة للوضع اللبناني الحالي المصيري ومضرةٌ وتتخطى كل التقاليد المحترمة والحدود في الوصول إلى الهدف المنشود.
انتهازية لا توجد فيها التفاتة إنسانية إلى مشاعر وحقوق أهل الضحايا. وكأن عون بتصرفه هذا كان ينتظر اغتيال الشهيد النائب بيار الجميل ليحل محله. إلا أن الناخب المتني سيكون له بالمرصاد. وسيرد الصاع صاعين لكل من يريد العبث بمستقبل البلاد.
معيب أن يحدث ذلك في وطن قدم أكثر من 150 ألف شهيد.
معيب وأكثر من معيب أن تقدم ناس من أجل سيادة واستقلال وكرامة الوطن الأرواح وأخرى همها الكرسي وتنتهز الفرصة المتاحة للتنظير دون تفعيل عن السيادة والوطنية والكرامة مع أن تاريخها ملطخ بعار الهروب والاستسلام وترك الجنود يتعرضون دون إشعار للموت المباح.
عمل عون هذا بعيد عن الأخلاق الديمقراطية وهو انحدار في العمل السياسي إلى حضيضه الإفلاسي. هذا شيء يدعو للأسف الشديد ويؤكد على حقيقة جوهر نظرة عون إلى أن المنصب قبل المبدأ، وهذا شيء معيب أيضا في بلد ذاق الأمرين من أهل الكراسي والمناصب والطموحات المدمرة.
من يعترض على شرعية الانتخابات ودستوريتها لا يشارك بها لو كان يحترم مبادئه وموقفه السياسي أمام الناخبين. السياسة مواقف بطولية شريفة ثابتة للنساء والرجال وليست أوامر يتلقاها من وراء الحدود النائب الجنرال.الشرعية الحقيقة لا تؤخذ من توقيع رئيس مطعون بشرعيته أصلا وإنما بمشاركة الشعب بقوة في صنع القرار. فشارك أيها المواطن الناخب في بيروت والمتن بصوتك بقوة واعتزاز ليكون فوز المرشح الرئيس امين الجميل والمرشح السيد محمد الأمين عيتاني فوزاً ساحقاً للبنان السيد المستقل، مزلزلا وبامتياز! .

ليست هناك تعليقات: