السبت، يوليو 07، 2007

ليس المهم أن يبقى الفارس في مكانه، إنما على حصانه!

سعيد علم الدين
تعليقا على ما قاله النائب في كتلة الحزب اللاهي محمد رعد بعد زيارته للحود حيث سئل: كيف تقرأون مغادرة العديد من نواب الاكثرية الى الخارج في هذه المرحلة؟ أجاب: "هذا مؤشر على إفلاس الاكثرية وعجزها عن حكم البلد وتأمين مستلزمات ومقومات الحياة فيه".
كلام النائب اللاهي رعد المحمي بمظلة مخابراتية سورية واقية ومربعات أمنية حامية والغير مستهدف بعملية اغتيال، مخجل جداً، ضعيف فكريا وسخيف دستوريا ويدل دلالة واضحة على إفلاسه الإنساني والوطني. لأنه أثبت بكلامه أن حياة زملائه النواب المستهدفون في كل لحظة من قبل النظام السوري بعملية اغتيال لا تعني له شيئاً، ولأنه أثبت أيضا أنه متحجر الشعور ويعيش في شنغهاي تجاه الفواجع الأليمة التي حلت وما زالت تحل بالشعب اللبناني بسبب الاغتيال السياسي الذي يضربه ومنذ التمديد الإكراهي "للزلمة" لحود. الاغتيال الذي لا يضرب فقط القادة السياسيين المظلومين، بل ويحصد أيضا معهم العشرات من الأبرياء المدنيين، عدا الدمار الرهيب التي يحدثه خسائرَ اقتصادية ومادية للبلد والناس التي تفقد أملاكها وتنقطع لقمة عيشها وأرزاقها. ففي حادثة اغتيال الشهيد النائب وليد عيدو الأخيرة قالت صاحبة إحدى المحال الذي تضرر بفعل الانفجار بأن عائلة مكونه من 9 أفراد تعتاش منه وهو مورد رزقها الوحيد. هذا مثلٌ، ومِثْلُ هذه العائلة أمثال.
خروج النواب المستهدفون في هذا الظرف الحاسم، قرار سليم ويخفف من الضغط الهائل والمتواصل على القوى الأمنية اللبنانية المنهمكة في مكافحة الإرهاب المصدر من أقبية قصر المهاجرين الدمشقي وفي طول البلاد وعرضها. والتي ستتفرغ عندها لمواجهة المجرمين بدل حماية النواب المستهدفين.
رعد أثبت أيضا أنه فاقد العاطفة تجاه أهل الضحايا من أرامل وأيتام وعائلاتهم المفجوعة بفقدانهم بطريقة الاغتيال السياسي البشعة، وعديم الإحساس لما حل بحياة نخبة من زملائه النواب الشرفاء من أحرار 14 آذار الذين استشهد منهم حتى هذا التاريخ 5 عظماء في سبيل حرية وسيادة واستقلال وكرامة وقيامة لبنان. للتذكير هؤلاء هم حملة فكر وعلم وثقافة ونور وطموح وبناء وعمار وقلم حر وكلمة حق جريئة من أجل خلاص لبنان من محنه، الساكت عنها هو الشيطان الأخرس بعينه.
أريد أن أسأل النائب اللاهي هنا. ماذا سيكون موقفه الرعدي لو حل هذا الشيء بنواب حزبه اللاهي الذي لم يخسر شخصية بارزة واحدة خلال حرب تموز لأنهم كانوا كلهم مختبئين في الملاجئ السرية المحصنة والمكيفة بردا وسلاما، بينما الشعب اللبناني يحترق بالنيران بسبب مغامرتهم ومقامرتهم وعنجهياتهم الصاروخية ويتعرض للويلات والجوع والفقر والموت ويهجَّرُ المليون من بناته وبنيه، ويُقتلُ ويجرحُ الآلاف من مدنييه، ويحاصر برا وبحرا وجوا على من فيه.
كان الأجدى بالنائب اللاهي لو كان جديا في قوله وليس لاهيا أن يطلب بصرامته المعهودة أو المصطنعة من رئيس البرلمان نبيه بري أن يفتح أبواب المجلس لكي يمارس النواب دورهم التشريعي وليس التنفيذي. لأن الظاهر أن النائب رعد يخلط بين دور النائب في التشريع ومراقبة الحكومة ودور الوزير في الحكم. ولا عجب بعد ذلك أن يقرأ الدستور بالمقلوب لأن ثقافة المقاومة لم تصل إلى مرحلة استيعاب أن الدول تبنى على الكلمة والقوانين والدستور، وليس على الفوضى والمربعات الأمنية واستباحة الأوطان لمشاريع شيطانية بألبسة إلهية نهايتها الفشل الذريع والخزي والعار المريع. الدستور ينص على صلاحيات النائب ومجلس النواب في التشريع ومراقبة الحكومة، وعلى صلاحيات الوزير ومجلس الوزراء في الحكم وإنتاج القرار السياسي الوطني الحر .
للظروف أحكامها والبطولة ليست ثرثرة تصريحات وصف كلمات، و مجازفة تقود إلى الممات، بل هي قدرة على المواجهة بذكاء وثبات لتحقيق الانتصار على الأعداء.
فأحرار 14 آذار السياديون الاستقلاليون يواجهون حربا مخابراتية خسيسة قاتلة شاهدناها أخيرا مرسومة على وجه البطل وليد عيدو. وفي قلب العاصفة المطلوب من الإنسان اتقاء الأخطار، إلى أن تهدأ العاصفة وينجلي الغبار! ومع اقفال المجلس النيابي بواسطة بري ماذا يفعل النواب في لبنان؟ وخاصة نواب 14 اذار منهم! أينتظرون لكي يصطادهم المجرمون؟ هؤلاء الديمقراطيون الممكن أن يتعرضوا في أي لحظة لعملية اغتيال في سبيل انقاص عدد النواب لضرب الشرعية اللبنانية.
هناك حكومات منفى وليكن ايضا مجلس نواب في المنفى المهم ان لا يسكت الصوت الحر في وجه انظمة الاغتيال والغدر.
البطولةُ هنا في المقارعة والمواجهةِ وليس المجازفةِ. وليس المهم أن يبقى الفارس في مكانه، إنما المهم أن يصول ويجول كراً وفراً على حصانه، والأهم الاستمرار في المواجهة لتحقيق الانتصار على الأشرار. ويجب أن لا ننسى أن الرموز الكبار لقوى 14 آذار كلهم باقون صامدون ثابتون في لبنان ثبات أشجار الأرز في جباله.

ليست هناك تعليقات: