الأحد، يناير 31، 2010

وداعا يا أبا الديمقراطية والعلمانية الإندونيسية

د. عبدالله المدني

قبل يوم واحد فقط من رحيل العام 2009 وبدء العام الجاري، خطفت يد المنون الرئيس الإندونيسي الأسبق عبدالرحمن عبدالواحد أثناء تواجده في إحدى مستشفيات جاكرتا للعلاج من أمراض السكري والقلب والفشل الكلوي. وبهذا إنطوت صفحة من صفحات تاريخ كبرى البلاد الإسلامية سكانا، كان فيها الراحل، رغم عجز جسده وضعف بصره، بطلا لا يشق له غبار في القتال من أجل ما يؤمن به دونما مواربة أو نفاق أو محاباة لهذه الجهة أو تلك.

و بطبيعة الحال سيكتب التاريخ عن واحد أو "غوسدور" كما عرف في أوساط الجماهير، أنه أول رئيس لأندونيسيا ينتخب إنتخابا حرا ديمقراطيا من بعد ثلاث رؤساء جاؤوا إلى السلطة بطرق ملتوية أو في ظل ظروف غير طبيعية. غير أن الأهم من ذلك ما سيكتب عنه لجهة إيمانه العميق بالتعددية السياسية والعلمانية كشرطين أساسيين لنهوض بلاده وتقدمها. هذا على الرغم من أنه كان وريث إسرة دينية و يقود حزبا إسلامي التوجه لكن بوجه متسامح ورؤية معتدلة لا تقصي الآخر غير المسلم ولا تضطهده ولا تلغي حقوقه كمواطن.

كان بمقدور واحد أن يقدم لوطنه أشياء كثيرة خلال فترة رئاسته القصيرة (21 شهرا) التي بدأت عاصفة وإنتهت أيضا عاصفة، غير أن التركة كانت ثقيلة وكبيرة. ذلك أن ما رسخه سلفه الديكتاتور أحمد سوهارتو – بالتعاون مع بطانته وأفراد أسرته وجنرالات جيشه وأعضاء حزبه الحاكم - في مفاصل الدولة والمجتمع الإندونيسي من صور الفساد والنهب والمحاباة والتمييز والقمع خلال ثلاثة عقود من حكمه الديكتاتوري كان عصيا على المعالجة في ظل ديمقراطية ناشئة وأحزاب متباينة الأهواء وجماعات إنفصالية ترنو إلى تمزيق الكيان الإندونيسي الموحد، خصوصا وأن السنوات الأولى من إستقلال البلاد في ظل زعميها الأول أحمد سوكارنو ذهبت هباء دون أن تسمح بتطوير قواعد الدولة الحديثة ذات المؤسسات الدستورية المنيعة والإقتصاد المتين كنتيجة لسياسات الأخير الإرتجالية وإنصرافه إلى الشعارات الهوجاء ومحاربة طواحين الهواء بإسم التصدي للامبريالية وتطبيق الإشتراكية الوطنية تارة والترويج للحياد الإيجابي والمحافظة على السيادة والإستقلال تارة أخرى.

وهكذا لم يتمكن واحد الذي كان قد وصل إلى قصر مرديكا الرئاسي تحت شعار "ريفورمسي" أي الإصلاح من تحقيق أجندته، وبالتالي شهد عهده الكثير من الإضطراب والشد والجذب، معطوفا على الإفٌتتال الطائفي والأعمال الإرهابية وتزايد نفوذ الإسلاميين، وإنتشار الفضائح المالية.

على أن كل هذا، وغيره ( مثل مهادنته لنظام سوهارتو في وقت من الأوقات من أجل تجنيب شعبه المزيد من القمع) لم يحجب عن أعين الإندونسيين دور الرجل الفعال في إسقاط الديكتاتورية السوهارتية، ثم دوره لاحقا في تشييد قواعد العهد الديمقراطي الجديد.

ولعل أفضل دليل على مكانة الراحل في نفوس مواطنيه – رغم خلفياتهم الإيديولوجية والثقافية المتباينة – أن موته وحدهم فجاؤواء من أقاصي البلاد لتشييعه في موكب مهيب تقدمه الرئيس الحالي "سوسيلو بامبانغ يودويونو" (رغم عتبه على واحد بسبب لجؤ الأخير في عام 2005 لتشكيل إئتلاف معارض ضده بإسم الأرخبيل اليقظ المتحد)، إضافة إلى الرئيسة السابقة/ زعيمة حزب أندونيسيا الديمقراطي السيدة ميغاواتي سوكارنو بوتري التي كانت يوما ما نائبته في رئاسة الجمهورية، بل التي تصادمت معه في أكثر من منعطف وقضية. ليس هذا فقط، وإنما أيضا إجماع الكثيرين من ساسة إندونيسيا وقادة الرأي فيها على تسمية واحد كبطل قومي وإعلان يوم ميلاده مناسبة وطنية.

والمعروف أن واحد المولود في بلدة "جومبنغ" بشرق جاوه في عام 1940 لعائلة محافظة، تولى قيادة تنظيم "نهضة العلماء" في عام 1984 ، وهو التنظيم الذي كان جده العلامة "هاشم الأشعري" قد أسسه قبيل إستقلال البلاد في عام 1949 ورعاه ورسخ جذوره في الأرض حتى صار واحدا من أكبر التنظيمات الإسلامية في الثمانينات، بل صار صاحب قواعد شعبية فاقت الخمسين مليون نسمة. ومما لا شك فيه أن قيادته لهذا التنظيم الكبير منحه نفوذا كبيرا وصوتا مسموعا للدفاع عن التعددية ورؤيته الخاصة حيال الكثير من القضايا الإسلامية والأحكام الشرعية والفقهية. تلك الرؤية التي كانت مثار جدل كبير بسبب خروجها على المألوف ومحاولتها المزج ما بين الحداثة والموروث. كما أن ذلك النفوذ المتأتي من قيادته لتنظيم ديني جماهيري سمح له شخصيا بدخول عالم السياسة الشائك، على الرغم من تشدده المبدئي حيال إنغماس تنظيمه رسميا في السياسة، من منطلق أن الدين والسياسة خياران شخصيان.

وفي عام 1998 إصيب واحد بجلطة كنتيجة لتداعيات مرض السكر، الأمر الذي سبب له ضعفا شديدا في البصر و تثاقلا في المشي و الحركة. غير أن ذلك لم يوهن من عزيمته لجهة مقاومة السياسات الأمنية البشعة لنظام سوهارتو الذي راح خلال عقد التسعينات يسعى وراء القيادات الإسلامية الكبيرة في الداخل من أجل عقد تحالفات معها كوسيلة لتجميل صورة نظامه في الخارج. وبدلا من أن يرضخ واحد لمساومات سوهارتو، عقد تحالفا سياسيا مع الخصم اللدود للأخير ممثلا في إبنة بطل الإستقلال أحمد سوكارنو (السيدة ميغاواتي سوكارنو بوتري). ذلك التحالف الذي كان بمثابة اللبنة الأولى في تجييش الجماهير ضد نظام سوهارتو المترنح وقتذاك تحت وطأة تداعيات أزمة 1997 النقدية الآسيوية.

و مما لا جدال فيه أيضا أن إمتلاك الراحل لرؤية منفتحة وضمير متسامح، رغم ترعرعه في عائلة دينية محافظة، وفي بلد الجل الأعظم من سكانه مسلمون، كان أحد نتائج تنقلاته في بيئات مختلفة وإختلاطه بأصحاب ثقافات متباينة، فضلا عن وجود ميل شخصي مبكر لديه للقراءة المتعمقة في مختلف المجالات والإستمتاع بالموسيقى والفنون والرياضة. ذلك الميل الذي عزاه الكثيرون إلى ما رسخه فيه والده عبدالواحد (المناضل في صفوف الحركة الوطنية من اجل الإستقلال وأول وزير للشئون الإسلامية في تاريخ إندونيسيا المستقلة)، وجده لأمه زليخة "بشري الشنشوري"، ومعلمته الماركسية في مدرسة "الليسيه فرانسيه" بجوكجاكرتا في الخمسينات التي شجعته على مطالعة كتب لينين بالانجليزية

حيث نجد في سيرته الذاتية أنه تنقل في سنوات تعليمه الأولي ما بين المدارس القرآنية التقليدية والمدارس العصرية الأجنبية، ثم تنقل خلال مرحلة تعليمه الجامعي ما بين جاكرتا وعاصمتين من أكثر العواصم العربية إنفتاحا وإزدهارا في الستينات (القاهرة وبغداد). وأنه إلى جانب إنشغاله في تلك العواصم بالدراسة وتثقيف الذات، إنشغل أيضا بالسينما والغناء والصحافة وتعلم اللغات وتكوين الصداقات مع الطلبة المغتربين من شتى الجنسيات، والإطلاع على مؤلفات كبار رواد الفكر الليبرالي ومتابعة السجالات الفكرية في الصحافتين المصرية والعراقية باللغة العربية التي أتقنها وأجادها قبل حصوله في عام 1963 على منحة مجانية للدراسة في جامعة الأزهر.

ومن هنا لم يكن غريبا أن ينصرف الرجل بعد عودته إلى إندونيسيا من الشرق الأوسط إلى الإشتغال بالتعليم وإدارة المدارس والمعاهد والجامعات من أجل تخريج كوادر متخصصة، ومنفتحة على علوم العصر ومتسامحة إزاء الآخر. كما لم يكن غريبا أن ينصرف الراحل لاحقا إلى الإشتغال بالسياسة وتقديم نفسه كزعيم فصيح ذي مواقف صريحة وجريئة أمام الأصوليين والمتشددين، وشخصية ذات أفكار حرة ونشاط مكثف ضد الأدلجة والمؤدلجين.

نعم! لقد كانت للراحل أخطاء، بل سلسلة متتالية من الأخطاء التي أثارت الرأي العام ضده وأفقدته المصداقية في وقت من الأوقات. وفوق ذلك راح الرجل يعالج كل خطأ بخطأ أكبر دونما إكتراث بالانتقادات الموجهة إليه، حتى أن أحد المعلقين العرب كتب عنه ساخرا: "يبدو أن ما يقال عن الرئيس الإندونيسي واحد هو عن واحد تاني". فواحد أخطأ مثلا بتردده في ضرب آل سوهارتو منذ البداية، فتركهم يعيثون في البلاد فسادا وتأجيجا للقلاقل. وحينما قرر ضربهم بعد فوات الأوان كانت النتيجة هو تواري إبن الديكتاتور السابق عن الأنظار ليواصل مهامه في التحريض والتخريب من تحت الأرض. وهو أخطأ أيضا حينما إعتمد سياسة المراوغة والحلول الوقتية لمواجهة أزمات متفاقمة كانت تحتاج إلى الحسم السريع. وهو أخطأ ثالثا حينما حصر إتصالاته ومشاوراته في دائرة ضيقة من الأتباع والأقارب ممن وضع فيهم ثقته وترك لهم الحبل على الغارب، فكانت النتيجة أن إستغل بعض هؤلاء تلك الثقة وضعف الرئيس البدني في تمرير ما يحلو لهم من إجراءات بغية الكسب غير المشروع وتحقيق مصالح خاصة.

على أن التاريخ لن ينسى لواحد أنه بدأ ونجح إلى حد بعيد في إنهاء الدور المزدوج للمؤسسة العسكرية في الحياة المدنية الإندونيسية وتحجيم إمتيازات جنرالاتها وتقليص نفوذهم. وسيذكر التاريخ له أيضا أنه كان أول رجل مثقف ثقافة عالية ينتخب لإدارة بلاده، حيث كل من سبقوه – بإستثناء الرئيس الإنتقالي "بحر الدين يوسف حبيبي" – لم تكن مؤهلاتهم الدراسية تتعدى الشهادة الثانوية. كما سيذكر التاريخ له أن الهم الإقتصادي شغل حيزا واسعا من تفكيره وذلك من منطلق أنه لا سبيل أمام إندونيسيا للحفاظ على وحدتها الوطنية والتخلص من شبح التفكك والتطرف والعنف إلا بتوفير الحياة الكريمة الآمنة والحقوق الإجتماعية المتكافئة لعشرات الملايين من الجياع والعاطلين والمهمشين والمحبطين. أما الهم الآخر الذي شغل مساحة كبيرة أيضا من تفكيره فقد كان كيفية إعادة الوهج للسياسة الخارجية الإندونيسية وعلاقات بلاده مع العالم الخارجي ولا سيما مع العملاقين الآسيويين الكبيرين الهندي والصيني واللذين تعامل معهما سوهارتو بسلبية غير مبررة طيلة 32 عاما من عهده الأسود.


د. عبدالله المدني

*باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين

تاريخ المادة: يناير 2010

البريد الإلكتروني: elmadani@batelco.com.bh

من ذاكرة الأسر: الأسير المجاهد فؤاد الرازم يدخل عامه الإعتقالي الثلاثين

راسم عبيدات

.....كل شيء تغيرت معالمه في القدس وسلوان يا أبا القاسم،منذ غادرتها قسراً قبل تسعة وعشرين عاماً إلى سجون الاحتلال،والتغير طال البشر والشجر والحجر،فالمستوطنون يحاصرون قريتك وبيتك من كل الاتجاهات،وأسماء الشوارع تغيرت،حتى عين الماء في سلوان غيروا اسمها،والمسجد الأقصى الذي تحلم بالتحرر والصلاة فيه،هم يقتربون منه،ويتحينون الفرص لهدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه،فالحفريات والأنفاق من حوله ومن تحته وفي كل الاتجاهات،وهزة أرضية خفيفة كفيلة بتصدعه وانهياره،وسلوان مسقط رأسك،عشرات البيوت فيها استولى عليها المستوطنون، وأحياء بكاملها ستهدم،كما هو الحال في حي البستان،والطرد والتهجير أضحى جماعياً،والقدس تتهود أرضاً وتتأسرل سكاناً،وردود الفعل العربية والإسلامية وحتى الفلسطينية منها، هي مدافع من الشعارات الثقيلة،وصليات رشاشة من "الهوبرات" الإعلامية والخطب العصماء،وسيل جارف من بيانات الشجب والاستنكار.

ولكن لا بأس أبا القاسم فرغم كل هذه اللوحة السوداوية،فعلينا أن لا نستوحش طريق الحق لقلة السائرين فيه،والرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام يقول"الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين"،ولو الخوف من مراجع الإفتاء الأنظماتية والسلطانية،وقصفي بصواريخ مطورة من فتاوي التكفير والتخوين والزندقة،لقلت أن هذه الأمة من محيطها إلى خليجها ،كفت عن الإنجاب وأصبح يحكمها المخاصي من محيطها الى خليجها،وثورة تبقي أسراها في السجون أكثر من ثلاثين عاماً،مهما كانت الحجج والذرائع فهي مخصية.

حملتهم أنت وغيرك من جنرالات الصبر وكل عمداء الحركة الأسيرة المسؤولية عن بقائكم هذه المدة الطويلة في سجون الاحتلال،فهم فاقدي الإرادة ولا يولون قضيتكم الاهتمام الكافي، ابدأها من السلطة بشقيها أو جناحيها واختمها بأصغر فصيل فلسطيني،ستسمع نفس الجمل والعبارات والديباجات المنمقة.

أبو القاسم واحد من القيادات الاعتقالية للحركة الأسيرة إلتقيت به وتعرفت عليه في سحن عسقلان عام 2001،وكان من أبرز قيادات حركة الجهاد الإسلامي على مستوى السجون،وهو إنسان يميل إلى الهدوء،والنقاشات الجادة والعلمية،وليس بالإنسان المغلق أو أصحاب نظريات الإقصاء أو التخوين والتكفير،مهامه ومشاغله كثيرة،وخصوصاً أن انتفاضة الأقصى ،طالت المئات من أنصار وأعضاء حركة الجهاد الإسلامي في الضفة والقطاع،وهذا الجيش بحاجة إلى التوعية والتنظيم والتعبئة والتعريف بالواقع الاعتقالي،ومخططات إدارات السجون وأجهزة مخابراتها في الإيقاع بالمناضلين،ومحاولة كسر إرادتهم وتدمير معنوياتهم والانقضاض على منجزاتهم ومكتسباتهم.

وأبا القاسم رغم كل مشاغله التنظيمية ودوره الحزبي الداخلي،باعتباره العنوان الأبرز لحركة الجهاد في سجون الاحتلال،كان يجد المتسع للتفاعل الوطني والحديث عن الهم الإعتقالي العام والأوضاع السياسية،وكان يتحدث بمرارة وحسرة وألم عما آلت إليه أوضاع الحالة الفلسطينية الداخلية من انقسام وانفصال،وما تركته من الكثير من المخاطر والتداعيات السلبية على واقع الحركة الأسيرة الفلسطينية.

وأبو القاسم المعتقل منذ 30 /1/1980، تنقل بين الكثير من سجون الاحتلال،هذا الاحتلال الذي يلجأ الى الترحيل الدائم للقيادات الإعتقالية،لمنعها من بناء وإقامة بنية تنظيمية مستقرة،وكذلك من أجل كسر إرادتها والتأثير على معنوياتها،والعمل قدر الإمكان على الحد من دورها وتأثيرها تنظيمياً وإعتقالياً.

وأبو القاسم شارك في كل المعارك الإعتقالية،معارك الأمعاء الخاوية،دفاعاً عن حقوق ومنجزات الحركة الأسيرة الفلسطينية في وجه إدارات السجون،وكان نصيبه أكثر من مرة العزل في الزنازين وأقسام العزل في مختلف سجون الاحتلال،ولكن هيهات أن تنال منه لا السجون ولا أقسام العزل ولا الزنازين،وفي كل مرة يعزل فيها يزداد صلابة وقناعة وإيماناً بحتمية الحرية والنصر.

وأبو القاسم في سنوات إعتقاله الطويلة،مر عليه عشرات ألاف الأسرى ممن تحرروا من الأسر،وبقي أبو القاسم يودع أسرى ويستقبل أسرى وما زال على هذا المنوال أملاً بحرية قريبة،كما أنه مرت عليه لحظات وأيام صعبة وقاسية،والقول له هنا"لقد صدمت وحزنت جداً وشعرت بمرارة كبيرة عندما تم شطب أسمي أنا ومناضلين آخرين من صفقة التبادل عام 1985،ومما خفف عني أنها شملت المئات من الأسرى من ذوي الأحكام العالية،وأيضاً بعد أوسلو مر علي أنا وأخوتي ورفاقي من أسرى القدس والثمانية وأربعين عشرات عمليات الإفراج،ولم تطل أياً منا كوننا من القدس والثمانية وأربعين،ولتنازل المفاوض فلسطيني وتخليه عنا طواعية،وفي هذا السياق روي لي في سجن عسقلان عام 2001 الأسير المقدسي ياسين أبو خضير الذي دخل عامه الثالث والعشرين،"كم كانت صدمتي كبيرة وشعرت بخيبة أمل كبيرة،ولم أخفي سخطي وعدم ثقتي بالسلطة والأحزاب والتنظيمات"،فبعد عملية إفراج في مرحلة ما بعد أوسلو قال"جاء الشرطي الى باب غرفتي وأبلغ كل الأسرى الموجودين فيها،بأنه سيفرج عنهم،وبقيت في الغرفة وحيدا،وكما كان هذا الوضع محبطاً وصادماً لي ولغيري من أسرى القدس والداخل"،أما الأسير الرازم وحول ذات الموضوع فيقول"هذه المواقف المحبطة من صفقات الإفراج وعمليات التبادل بلورت عندي موقف داخلي بأن لا أثق بأي حديث عن عملية إفراج حتى أكون في القدس بين أهلي وبصحبة زملائي الأسرى القدماء،وأصحاب الأحكام العالية وكبار السن والمرضى والأسيرات والأشبال".

والرازم خلال سنوات اعتقاله الطويلة أيضاً،تعرض إلى العديد من المواقف المؤثرة والمحزنة والمؤلمة وبالأخص،وفاة والدته قبل أربعة أعوام تقريباً،وحرمانه من مشاهدتها لمدة ست سنوات قبل وفاتها،وفي ذروة مرضها وخطورة وضعها تقدم بطلب لإدارة مصلحة السجون لزيارتها ولو لبضعة دقائق في المستشفى،ولكن تأبى تلك الإدارة التي لا تعرف الإنسانية الى أبوابها طريق تلبية طلبه،ولكن بعد إلحاح شديد وتدخل بعض المؤسسات والهيئات الحقوقية،سمح بإحضار والدته في سيارة الإسعاف لتزوره بسجن:أوهلي كيدار" في بئر السبع حيث كان يقبع هناك،وسمح لهما بالتقاط بعض الصور المؤلمة والقاسية للقاء الصعب وكأنه لقاء الوداع الأخير،وبالفعل توفيت والدته بعد عشرين يوماً من اللقاء.

وبعد ما زال أبا القاسم وجنرالات الصبر وعمداء الأسرى ينتظرون،ينتظرون حرية مشرفة تليق بنضالاتهم وتضحياتهم،حرية عزة وكرامة وانتصار على السجان والجلاد،فهل يحقق آسري الجندي المخطوف "شاليط" أملهم،أم سيبقون ينتظرون وقد ينتقلون من شهداء مع وقف التنفيذ إلى شهداء فعليين؟.

يا عبد الله الثاني هل أنت مقتنع بما تقول؟

د. أفنان القاسم

نحو مؤتمر بال فلسطيني (26)

في حوار له على هامش مؤتمر دافوس، صرح ملك الأردن عبد الله بن الحسين أن الحل هو حل الدولتين أو الدولة الواحدة، وهو يرمي هنا إلى الضغط على إسرائيل التي ترى في حل الدولة الواحدة تهديدا لهويتها ووجودها، بينما الضغط على حكام تل أبيب كان يمكن له أن يكون حاسما لو لوح عبد الله الثاني بمشروع الإتحاد المشرقي الذي اقترحته عليه، لأن الاتحاد قوة للعرب، وعن طريقه فقط وليس عن طريق أي شيء آخر (كقناعة إدارة أوباما بحل الدولتين مثلما يحاول البعض عبثا إقناعنا) يمكن تحقيق الحل الأول، إنه دينمو التأسيس، وضمان للهويات كلها والكيانات، وما عدا ذلك كل شيء وهم بوهم وخيال خيمري وفكرة كاذبة، وملك الأردن يعرف تمام المعرفة أن حل الدولتين في الظرف الراهن لا يمكن أن يتحقق إلا في رؤوس الذين ما زالوا يعولون على ذلك. وبعد سنوات من الترداد والتردد المملين واللف والدوران المتعبين وإدارة الأزمة بل الأزمات التي عاثت بالأردن ولم تزل، أتساءل إذا ما كان عبد الله الثاني مقتنعا بما يقول أم أنه يراهن على معجزة تأتي من البيت الأبيض، وحتى هذه المعجزة التي هي سياسية هو لا يؤمن بها، فيعول على معجزة الخطاب، وهذا ما حصل في دافوس. ولكن لمعجزة الخطاب اليوم أثرا محدودا وغير فاعل لأنها للخصم ليست بذي بال بل هي تصب في صالحه. لماذا إذن لم يهدد الإسرائيليين والأميركيين بخطتي للسلام الطريقة الوحيدة التي يجبرهم فيها على المجيء إلى طاولة المفاوضات وبشروط واضحة للتفاوض فكلا الطرفين تجمعهما مصالح واحدة ولا علاقة البتة بلوبي أو بتعنت ولا بصلافة أو بصفاقة؟ لماذا لم يطرح فكرة الإتحاد المشرقي الذي هو في صلب الخطة شرطا للتوصل إلى حل؟ لماذا لم يحطم مئات الآلاف من الأواني المستطرقة لخطاب قديم اهترأ وتعفن لكثرة ما اجتر؟ لماذا على الأقل لم يشر إلى خطتي كما أشار إليها ثاباتيرو -الذي قرأها- حين لقائه به عندما ربط حل الدولتين بكل دول المنطقة؟

الحقيقة أن ملك الأردن لم يتخلص من تركة أبيه في سياسته الخارجية وفي سياسته الداخلية، ولم يثبت جدارته كملك جديد برؤية جديدة وكملك حر ببطانة حرة، لقد قيد نفسه بكل ما أملته على الأردن وشعب الأردن اتفاقية وادي عربة، وقبل ذلك بالتبعية الغير المشروطة للسياسة الأميركية، لهذا بقيت للملك الجديد رؤية الملك القديم، وكأن الحسين بن طلال، وهو في جَدَثِهِ، هو الحاكم الحقيقي. ولقد قيد نفسه بكل من نزل بالأردن إلى الحضيض الأسفل، بلصوصه من أبناء العائلات والعشائر، الذين كنت أدعوهم على مسمع الملك حسين برجال البساط لا البلاط، فبالله عليك أن تقول لي هذا الرفاعي الذي هو رئيس وزراء الأردن ما الذي أهله لهذا المنصب غير قرابته بواحد آخر بعيد دمر الأردن في عهده اسمه سمير الرفاعي؟ حتى ولو كان من خريج هارفارد وأوكسفورد والسوربون معا مجرد أن ينتسب إلى هذه العائلة شيء يجعلنا نشك في أمره ولا نثق بقدراته، وقس على هذا أبناء أبي الراغب وأبناء المصري وأبناء المجالي وأبناء التلهوني وأبناء اللوزي وأبناء سيدي المجترحي فكلهم أمخاخ وعباقرة، كل هؤلاء هم هنا ليس من أجل "الخصخصة"، كلمة عزيزة على عبد الله الثاني، ولكن الخسخسة في السياسة، والقصقصة في الإقتصاد، لهذا السبب الأردن من أفقر بلدان العالم، وعشر سنوات الحكم الأخيرة من أسوأ سني هذا البلد الذي لست أدري كيف لم يزل صامدا وواقفا على قدميه لولا صلابة بنيه وتضحيتهم.

وقس على ذلك الادعاء الجريء الآخر، الأردن الديمقراطي! الأردن الذي تحكمه القرارات المؤقتة أو أنصاف القرارات لن يمكنه أبدا أن يكون ديمقراطيا، الأردن الذي صحافته تقيء كل يوم عشرات المقالات التي تمتدح أو التي لا تمتدح ولكن من جوه الامتداح لن يمكنه أبدا أن يكون ديمقراطيا، الأردن الذي ينتظر الموقف الرسمي من خطتي لتكتب صحافته عنها ولا يجرؤ أحد على قول كلمة فيها سلبا أم إيجابا لن يمكنه أبدا أن يكون ديمقراطيا. الأردن الديمقراطي نعم يوم يصبح الاتحاد المشرقي الذي أقترحه حريته الحقيقية واقتصاده الحقيقي ورجال بلاطه الحقيقيين كما يجري في المملكة البريطانية والمملكة الأسبانية والمملكة السويدية، وليس لأن ابن عمي كان وزيرا أرثه أو ابن خالي كان أميرا أحلم بالتاج على رأسي كمن يحلم غيري بالعصا على قفاه.

www.parisjerusalem.net

مبروك لمصر

حسام الدجني

شكرا لك يا مصر، لقد أدخلتي الفرحة في قلوب العرب والمسلمين، أما أبناء قطاع غزة فنكهة انتصارك بطعم آخر، لقد خرجت غزة بكل ألوانها السياسية والعمرية لتحتفل وتهتف تحيا مصر، لقد سمعت مدينة الإسماعيلية التي تبعد آلاف الأميال عن قطاع غزة هتاف الجماهير المتعطشة للنصر وحتى إن كان رياضياً فالرياضة غذاء الروح، تحيا مصر.

إنها بطولة أمم أفريقيا، نعم تستحق مصر البطولة ويكل جدارة وبدون مجاملات، لقد دخلت الذاكرة العربية أسماء جديدة كاللاعب الرائع جدو، وزيدان ومتعب وغيرهم.

مبرو لمصر، مبروك لمبارك، فالاسم لا ينقصه تبريكات لأنه مبارك، مبروك للشعب المصري العظيم، ومبروك للدماء المصرية في قطاع غزة، شهداء الجيش المصري التي تعانق شهداء فلسطين.
غزة اليوم تفرح مع أبناء شعبها المصري فهم أشقاء بالدم واللون واللغة والدين، لعن الله الحدود التي تقطع شرايين الأمة العربية، كم يتمنى أهل قطاع غزة أن تزال هذه الحدود ويحتفل الفلسطيني بجوار شقيقه المصري فرحا وحبا لمنتخب مصر.

مبروك لمصر، ومبروك للجزائر فكلنا عرب وكلنا مسلمون، نتمنى أن يتكرر فرحتنا بمصر مع منتخبنا الشقيق الجزائر في كأس العالم، فكلنا جزائريون في جنوب إفريقيا، ومصريون في انغولا، وفلسطينيون في مقارعة الاحتلال.

مبروك لمصر، مبروك للأمة العربية والإسلامية، مبروك للإعلام، مبروك لكل فلسطيني رفع علم مصر خفاقاً في عنان قطاع غزة، ليرسل رسالة الى كل المتشككين والمتربصين في ضرب علاقات قطاع غزة مع مصر، فمصر شقيقة كبرى، وحنونة على أبنائها ونحن أبنائك يا مصر.

مبروك لمصر، مبروك لمصر، مبروك لمصر......

كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

الذميون وثقافة حزب الله المدمرة

الياس بجاني


إن الصراع المصيري الحقيقي المعاش اليوم �في لبنان هو بين ثقافتين متناقضتين لا يجمع بينهما أي شيء، ولا بد لواحدة منهما أن تسود على الأخرى عاجلاً أم أجلاً.

من الجهة الأولى ثقافة الحياة المتجذرة في إيمان وعقول وفكر وممارسات وعلاقات ورسالة وضمائر اللبنانيين منذ سبعة آلاف سنة وعناصرها هي الديموقراطية، والحريات، والانفتاح، والتعددية، والمحبة والسلام بدل الحقد والحروب، والتعلق بالقانون والشرائع والمجتمع المدني والصداقات الإقليمية والدولية.

ومن الجهة الثانية ثقافة الموت المدمرة التي يسعى حزب الله إلى فرضها على اللبنانيين جميعاً بالعنف والإرهاب والغزوات، وهي ثقافة همجية تقدس الموت والانتحار وترفض الآخر وتعمل للقضاء عليه، ونشر عقيدة ولاية الفقيه المذهبية بالفرض، والتجييش بالقوة والتخوين والعبودية في أطر مفاهيم الجهاد الإيراني العنفي الساعي لاستعادة حلم الإمبراطورية الفارسية تحت مسمى �"الأمة" المذهبي.

ثقافة لا تمت للتاريخ اللبناني بصلة، ولا لقيم وأخلاق وطبيعة اللبنانيين، وهي لا تحاكي أمانيهم وتطلعاتهم لا حاضرا ولا ماضياً ولا مستقبلاً. ثقافة مستوردة من إيران الملالي تعمل على تفكيك الكيان اللبناني متعدد الحضارات والثقافات والأديان، وتخريب مؤسساته وتعطيلها، وضرب وتهديم كل مقومات وأسس القانون والمجتمع المدني، وفك كل الارتباطات اللبنانية بالمجتمعين الدولي والإقليمي، ورفض كل القرارات الدولية، واستعداء كل دول العالم الحر والجوار العربي، وجعل وطن الأرز ساحة قتال وقاعدة ومنطلقاً للمشروع الإيراني التوسعي والمذهبي.

ثقافة حزب الله الشيطانية هذه سلاحها آلاف المقاتلين، ومليارات بترو دولارات إيران، وآلاف الصواريخ، وترسانة من الأسلحة تفوق بمرات ما هو بحوزة الجيش اللبناني، إضافة إلى دويلة ميليشياوية وأصولية ببناها التحتية ومؤسساتها كافة وخصوصاً التعليمية منها، ومربعات أمنية هي بؤر للإرهاب والأصولية منتشرة في بيروت والبقاع والجنوب وجبل لبنان وصولاً حتى الشمال.

يجهد حزب الملالي ليلاً ونهاراً بواسطة السلاح وكل وسائل الإرهاب الفكري والديني والمالي والغزوات والفتن لاقتلاع ثقافة الحياة اللبنانية وإرهاب المؤمنين بها، وتهميش حاملي لوائها وشل قدراتهم وعزلهم ووضعهم في موقف دفاعي، وفرض الذمية والخوف على كل تحركاتهم وأقوالهم.

على المستوى الشعبي لم يحرز الحزب الإيراني تقدماً يذكر والناس تقاوم بشجاعة وإيمان وقد دلت نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، كما نتائج كل الانتخابات النقابية في كل الحقول على رفض غالبية اللبنانيين لثقافة الموت والسلاح.


أما على مستوى السياسيين والأحزاب والمثقفين فالحال مختلفة تماماً حيث بات السواد الأعظم من هؤلاء وتحديداً في المجتمع المسيحي النخبوي ذمياً ودونياً بعد أن شح زيت قناديل إيمانهم وخاب رجاؤهم وماتت في وجدانهم كل مكونات المحبة والكرامة واحترام الذات.

بنتيجة الجهل أو الخوف أو الأنانية لا فرق يسوّق هؤلاء لثقافة حزب الله في كل إطلالاتهم الإعلامية، فهم ودون أن يسألهم أحد نراهم يقاربون قضايا الوطن المصيرية والهوية والتاريخ والثوابت والصداقات بخجل وجبن وصوت خافت.

باستمرار وعلى خلفية الشعور بالذنب وعقد النقص يجرون عمليات فحص دم لوطنيتهم ولبنانيتهم ومعتقداتهم من خلال التبجح الببغائي بشعارات ومفاهيم كاذبة وبالية من مثل: "ما حدا يزايد علينا بالعداء لإسرائيل"، و "حزب الله حرر الجنوب وقدم الشهداء"،� و"حتى سنة الألفين كانت مقاومة حزب الله مشروعة وكل اللبنانيين معها"، و"ما حدا يزايد علينا بالعروبة، كلنا عرب والطائف حسم الأمر"، وتطول قائمة الدجل والنفاق,

الكارثة هنا تكمن في غياب شبه كلي للمنظومة الثقافية والسياسية والحزبية والوطنية القادرة علمياً وإيماناً وجرأةً ورجاءً على الوقوف في وجه هجمة ثقافة حزب الله الكاسحة. والخطير أن الطاقم السياسي المُفترض أن يدافع عن ثقافة لبنان ويحميها ويسوّق لها هو في معظمه فاقد الثقة بقدسية قضيته ووطنه وإنسانه، وجاهلاً للتاريخ والتضحيات، ودوني في فكره وممارساته وخطابه، وأولوياته تتمحور فقط في نطاق مصالح ومنافع ذاتية وحزبية ضيقة.

للأسف، لقد نجح حزب الله بفرض معايير ثقافته الأصولية في ما يخص العداء والخيانة والوطنية على فريق كبير من السياسيين اللبنانيين المسيحيين المنتمين إلى أحزاب تحمل شعارات الحرية والسيادة والاستقلال والهوية والتاريخ والتميز وترفض ثقافته وتعارض مشروعه. بنتيجة الجهل وعشق النفوذ ومركبات الكراهية والحقد وضعوا أنفسهم في مواقف دفاعية ليس إلا وفشلوا فشلاً مدوياً في حمل مشعل ثقافة لبنان التاريخية. إنهم عميان بصر وبصيرة وجهلة يقودون الوطن ومواطنيه نحو الهاوية. محزن جداً أن تصبح ثقافة لبنان يتيمة ومتروكة وفريسة سهلة لحيتان أصولية في النهاية لن توفر أحداً.

المطلوب من الأحزاب السيادية اللبنانية، ومنها المسيحية تحديداً مراجعة نقدية ذاتية معمقة ووجدانية لأولوياتها وأهدافها ولممارسات قادتها وسياسييها ونهج وسائل إعلامها، والعودة قبل فوات الأوان إلى خوابي الثوابث الوطنية اللبنانية التي يحمل لواءها دون كلل أو مساومة البطريرك صفير، وإلا سنبكي كالنساء وطناً سيضيع منا لأننا لم نحمه كالرجال.

ليعلم كل من يخجل بماضي نضال مجتمعنا وبتضحيات أبطالنا المشرِّف، وبتحالفاتنا الضرورية في محطات تاريخية ومصيرية كرمى لرفيق درب سياسي آني، ومواقع ومنافع مستجدة، وليعلم كل من يساوم على ثقافتنا وهويتنا وتاريخنا وجذورنا لأي سبب كان، ليعلم أنه ليس مؤهلاً لأن يتبوأ أي مسؤولية، كما أن من يتقلب ويتلون بمواقفه هو خطر ولعنة على مجتمعنا ومصير بقائنا، ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع ويتعظ.

الغرب يتعامل مع البصاق الإسرائيلي كالمطر

عمرة هاس / ترجمة صالح النعامي

يتضح إن إسرائيل تلجأ إلى الكثير من الوسائل والطرق لتكريس تصورها لحل الصراع مع الفلسطينيين، وسرعان ما يتبين أن أي إجراء يقدم عليه الكيان الصهيوني يأتي فقط لخدمة هذا التصور الذي يتناقض تماماً مع التصور الفلسطيني. الكاتبة والمعلقة الإسرائيلية عميرة هاس أشارت إلى واحدة من الأساليب التي تحاول من خلال إسرائيل تحديد حدود الكيان الفلسطيني العتيد، وذلك من خلال تعاطيها مع موظفي المنظمات الدولية العاملة في مناطق السلطة الفلسطينية. وفي مقال نشرته في صحيفة " هارتس " توضح هاس المنطق الإسرائيلي منطق السياسة الإسرائيلية في التعاطي مع موظفي المنظمات الدولية وعلاقتها بموقفها من الصراع مع الفلسطينيين، وهذه ترجمة المقال:

تواصل إسرائيل عبر وزارة داخليته البصق في وجه العديد من الدول الصديقة لها، وهذه الدول تواصل الثناء على إسرائيل بسبب المطر المنهمر عليها. لقد قامت الوزارة مؤخراً بإلغاء بطاقات الإقامة والعمل لعدد كبير من موظفي المنظمات الأجنبية العاملة بشكل خاص في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ومعظم هذه المنظمات منظمات تعمل في المجال الإنساني. وبدلاً من هذه البطاقات قامت الوزارة بمنح الموظفين الدوليين بطاقة سائح وهي بطاقة تحد إلى حد كبير من حرية العمل والحركة لهؤلاء الموظفين.

بهذا الأسلوب تعبر إسرائيل عن قمة الاستخفاف بمنظمات الإغاثة الإنسانية الدولية والجهود الإنسانية التي تقوم بها، مع العلم أن هذه المنظمات تقوم بإطفاء النيران التي تشعلها سياسة التمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، فمؤسسات رسمية وخاصة في دول الغرب الصديقة لإسرائيل بشكل خاص تقوم بالتعويض عن بعض الأضرار التي لحقت بالفلسطينيين جراء الاحتلال الإسرائيلي. لأول وهلة تبدو المساعدات التي تقدم للسلطة الفلسطينية والمنظمات الدولية العاملة في المناطق المحتلة كدليل على تأييد العالم للفلسطينيين وحقهم في إقامة دولة في حدود الرابع من حزيران عام 1967. لكن هذه المساعدات في الواقع تساعد إسرائيل على مواصلة الاحتلال. في العام 1993 عندما تم التوقيع على إتفاقية أوسلو لم يطلب أحد من إسرائيل دفع تعويضات للفلسطينيين بسبب الاضرار التي نجمت عن الاحتلال، حيث قامت الدول الغربية بدور إسرائيل في ذلك، بدلاً من ممارسة ضغوط قوية عليها لتضع حد لسياساتها الهادفة لمنع تطوير الضفة الغربية وتلك التي تؤدي الى مزيد من المآسي في غزة. وترى الدول الغربية أن أخذ مليارات الدولارات مما يجود به دافع الضرائب الأوروبي أسهل من ممارسة ضغوط على إسرائيل لكي تحترم القرارات والقوانين الدولية بشكل يؤدي إلى تقليص مدى ارتباط الفلسطينيين بالمساعدات الدولية. إلغاء بطاقات العمل لموظفي المنظمات الدولية هو صورة أخرى من الصور التي تعبر عن الكيفية التي تحدد بها إسرائيل حدود الكيان الفلسطيني العتيد. فهذا السلوك يدلل على أنه ليس وارداً لدى إسرائيل السماح بضم القدس الشرقية للدولة الفلسطينية، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عن كثب محاولاتها تقليص الثقل الديموغرافي للفلسطينيين في المدينة. كما أن الكيان الفلسطيني الجديد لن يضم قطاع غزة، حسب العرف الإسرائيلي، في نفس الوقت فإن جدار الفصل الذي أقامته إسرائيل في عمق الضفة الغربية بات يمثل محور الإجماع الإسرائيلي كالحدود الفاصلة بين إسرائيل والضفة الغربية، والآن تجري إسرائيل محاولات لضم منطقة ( ج ) التي تشكل حوالي 60% من مساحة الضفة الغربية لإسرائيل. من هنا فإن وزارة الداخلية الإسرائيلي تلعب دورها في تكريس هذه الحقائق وذلك عبر فرض قيود على رعايا الدول الأجنبية، حيث أن هذه الإجراءات تدلل على إن اسرائيل تسمح لهؤلاء الموظفين بالحركة في مناطق ( أ ) و ( ب )، التي تشكل معاً 40% من مساحة الضفة الغربية، وبدون القدس وغزة و تقريباً جميع مناطق ( ج ). لقد فظنت وزارة الداخلية لتحديد لتمييز حدود إسرائيل غير المحددة عن قصد والجيوب التي تشكل السلطة الفلسطينية.

وحسب المنطق الإسرائيلي فإنه لا يحق للسلطة الفلسطينية السماح لأحد من الأجانب بدخول الجيوب التي تشكلها عبر المعابر الدولية التي تسيطر عليها إسرائيل، لذلك تواصل وزارة الداخلية عدم السماح لعشرات الرعايا الأجانب من دخول مناطق السلطة، مع العلم أن لهؤلاء علاقات عمل مع السلطة الفلسطينية، أو علاقات أسرية واجتماعية. والذي يثير الدهشة إن ممثلي الدول الغربية يبررون ذلك لإسرائيل ويقولون أنه من حق إسرائيل السيادي فرض قيود دخول على الأجانب تحديداً في المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل. بهذا العمى السياسي والكرم المالي تتعاون دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة في تنفيذ الخطوات أحادية الجانب التي تقدم عليها إسرائيل، وعلى الأخص تحديد الجيوب الفلسطينية.

رابط المقال:

http://www.haaretz.co.il/hasite/spages/1145134.html


السبت، يناير 30، 2010

كلاهما يقول، وكلاهما يفعل

د. فايز أبو شمالة
يصر نتانياهو على مواصلة الاستيطان في الضفة الغربية، ويمارس ذلك بالفعل، وليس بالقول، وفي رسالة بليغة المعاني، توجه "نتاياهو" بعد لقائه مع المبعوث الأمريكي "جورج ميتشل" إلى كتلة "غوش عتصيون" الاستيطانية، وقال: لقد جئت إلى هنا كي أغرس شجرة، ومن ثم سأتوجه إلى مستوطنة "معاليه أدوميم"، والهدف هو إرسال رسالة واضحة بأننا هنا، وسنبقى هنا نزرع ونبني، وهذه المنطقة ستبقى جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل إلى الأبد. فماذا يمكن أن يقول المفاوض الفلسطيني بعد هذا الإصرار الإسرائيلي على مواصلة الاستيطان؟. لقد أصر السيد عباس على ضرورة وقف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات. ولكنه من جهة أخرى يقول: أننا سنواصل المفاوضات، ولا طريق آخر غير المفاوضات، وأنه لن يسمح بأي مقاومة للإسرائيليين.
وكما وعد نتنياهو الإسرائيليين، توجه بعد يومين إلى مستوطنة "معالية ادوميم" التي تعتبر كبرى مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، وقال فيها: "بعد أن تم تحرير المدينة (يروشليم) القدس، فُتحت الطريق إلى البحر الميت، واليوم تقف "معاليه ادموميم" على هذا الطريق كجزء من القدس، وأضاف: "نحن هنا، وسيستمر وجودنا هنا، وسنبني هنا لان المكان جزء من القدس السيادية. لقد حضرت إلى هنا من مجمع "غوش عتصيون" جنوب القدس الذي يمثل البوابة الجنوبية للقدس، والآن أنا في "معاليه ادوميم" البوابة الشرقية للقدس، وقريبا سأزرع شجرة في مستوطنة "آرئيل" كما زرعت فيها جامعة". في مقابل ذلك، رفض السيد عباس الاستجابة لطلب المبعوث الأمريكي باستئناف المفاوضات دون شروط، بينما تواصل قوات الأمن الفلسطينية منع المقاومة فعلياً، وما زالت تسمي المقاومة عنفاً.
وكما وعد "نتايناهو" الإسرائيليين، توجه إلى مستوطنة "أرييل" بالقرب من مدنية نابلس، وشارك فيها بزراعة الأشجار، وقال: "أسلافنا عاشوا هنا، وهنا نحن سنعيش، وسنبني" لقد جاءت زيارته لمستوطنة "آرييل" بعد تصريحات عباس للتلفزيون الروسي حول استعداده للاعتراف "بالدولة اليهودية في إطار اتفاق سلام شامل، وجاءت بعيد ساعات عل تصريحات الرئيس الأمريكي، باراك أوباما التي حمل فيها حركة حماس، وما أسماه "اليمين الإسرائيلي" مسؤولية تعثر عملية السلام، معتبرا "أن نتنياهو يحاول التحرك مسافة اكبر مما يرغب فيه ائتلافه الحاكم". وبالفعل، لقد تحرك في اتجاه تعزيز بقاء المستوطنات.
في المقابل؛ يكرر السيد عباس القول: بضرورة أن تستأنف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها قبل عام، ولكنه يتشاور مع الدول العربية في إمكانية استئناف المفاوضات غير المباشرة، وعن قرب، مقابل رزمة تحسينات حياتية، بينما يواصل السيد نتانياهو العمل على الأرض، ويقول: لنبدأ التفاوض من نقطة الصفر، ودون شروط.
فهل مرَّ عليكم أصدق من فعل السيد نتاياهو، وأبلغ من قول السيد عباس!.
fshamala@yahoo.com

نظم التربية والتعليم عند العرب... أزمات ومقترحات

زهير الخويلدي

"أن نربي لا يعني أن نصنع كهولا وفق نموذجا جاهزا وإنما أن نحرر كل إنسان مما يمنعه من أن يكون ذاته وأن نسمح له بأن ينجز نفسه وفق عبقريته الخاصة." أوليفيه ريبول

العناية بالتربية والتعليم رهان حقيقي بالنسبة إلى كل الدول التي تنشد النهوض والتقدم وذلك لما يفضي إليه من حسن تصرف في الموارد البشرية وتهيئة مدنية متبصرة للأجيال المستقبل من أجل أخذ المشعل وتحميلها مسؤولية تنظيم الشأن العام والارتقاء بالحياة المؤسساتية نحو الأفضل وتوفير اطر وكوادر قادرة على تسيير شؤون المجتمعات.

ولئن حاولت بعض الدول العربية بعد حصولها على الاستقلال المراهنة على هذا القطاع الاستراتيجي وقامت بإصلاحات هيكلية في نظم التعليم وتجاوزت الازدواجية وأرست برنامجا موحدا وتخطت المسالك الموازية والطرق التقليدية إلا أن البعض الآخر ركز انتباهه على مشاكل أخرى وتعامل ببرودة مع ملف التربية والتعليم وكان الحصاد هو بقاء نسب الأمية مرتفعة وفقدان الكفاءات وتدني مستوى الثقافة والوعي لدى عامة الناس.

علاوة على ذلك هناك تراجع في المردود في البلدان التي عنيت بالتربية والتعليم وظهور بوادر أزمة خانقة في مستوى الجودة والمردودية وفي مجال الانقطاع المبكر عن الدراسة وفي معدلات النجاح وقيمة الشهادات العلمية بالمقارنة مع بقية بلدان العالم وفي ترتيب المؤسسات الجامعية على الصعيد الدولي وتقلص نسب صناعة الذكاء وهجرة الأدمغة إلى دول المركز. فماهي أسباب تردي الوضعية التي تحيط بالعملية التربوية؟ ولماذا بات تعليمنا لا يخرج سوى الفاشلين العاطلين عن العمل؟

إن أسباب الأزمة عديدة ويمكن أن نذكر منها ما يلي:

- فراغ البرامج من المضامين والمبادئ المتوازنة التي تقدر على بناء مواطن متصالح مع ماضيه ومتطلع إلى المستقبل عبر قراءة نقدية لواقعه. ما نلاحظه هو تركيز مختلف البرامج المدرسة على الجانب الشكلي وإسقاط جملة من المقررات دون مراعاة خصوصية البيئة الاجتماعية والنسيج النفسي والثقافي الذي تتنزل فيه.

- فوضى القرارات وارتجالية التدابير وضعف في المناهج والأسانيد البيداغوجية وغياب الرؤية الإستراتيجية والتخطيط العلمي والإبقاء على الطرق التقليدية التي تكرس نفس الذهنية القروسطية وتشجع على الإتباع والتلقين.

- تدهور قيمي كبير تمظهر في بروز العنف اللفظي والبدني في الوسط التربوي وتوتر العلاقة بين جميع مكونات العلمية التربوية من مربين وتلاميذ ومشرفين.

- سلعنة التعليم وربطه بسوق الشغل واختزاله في عملية التكوين وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية والتعويل على الحلول التسكينية من أجل تحقيق أعلى نسب النجاح كميا دون مراعاة الكيف والدرجة.

- الوضعية الاجتماعية الصعبة للمربي وتشوه صورته في المجتمع وتدهور طاقته الشرائية ومحدودية إمكانياته المادية مما يفتح الباب بالنسبة إليه للتضحية برسالة العلم من أجل ضمان لقمة العيش.

- تراجع التعويل على اللغة العربية الفصحى وضعف الناشئة في مستوى تعلم اللغات الأعجمية وميل المربين إلى استعمال اللهجات الدارجة حرصا على التبليغ والإفهام.

هذه بعض من مظاهر الأزمة التي تعصف بالتربية والتعليم وذلك من خلال تشخيص جزئي والتي يسهل معالجتها لو اتخذت الحكومات الخطوات التالية واستعاد الرأي العام الشعبي الرغبة في التعلم وأدرك أهمية احترام العلم وأهل وتقديس المؤسسات التربوية:

- العناية الدقيقة بالبرامج ومحاولة التأليف بين تحقيق التجذر وتحصيل التحديث والابتعاد عن البرامج الجاهزة المملاة من الخارج وكذلك تفادي البرامج الماضوية التي تكرس الجمود وتعيد إنتاج نفس البضاعة المعرفية وتشد الناشئة إلى الخلف.

- اعتماد تصور متكامل وبناء مشروع إصلاحي وتحقيق الاستقرار والمداومة في نفس التمشي التربوي مما يعزز الثقة ويقوي اللحمة والتفاهم بين مكونات العملية التربوية.

- إحداث ثورة أخلاقية في الفضاء التربوي وذلك بإعادة الاعتبار إلى القيم الأصيلة والمبادئ الكونية وحث الناشئة على التمسك بها واستخدام أساليب التوعوية الكافية والترغيب السلمي الهادئ.

- الكف عن ربط التعليم بالاقتصاد وتنظيم الدروس الخصوصية والتفكير بجدية في منعها والتأكيد على الرسالة التربوية السامية للتعليم والفائدة الوجودية منه والتمسك بمبدأ التعليم من أجلى تحصيل العلم وليس التعليم من أجل الحصول على شغل.

- توجيه الاستثمار نحو قطاع التربية والتعليم ورصد اعتمادات كافية والترفيع في النسب المخصصة من الميزانيات إلى هذا القطاع مما يحسن من التجهيزات والمرافق ويطور من مداخيل المربين ويقيهم من كل ضروب الاحتياج.

- تضافر الجهود من طرف كل مكونات المجتمع من أجل إعادة الاعتبار للمؤسسة التربوية وللمربي باعتباره محور العملية التعليمية وتدخل وزارات الإعلام والثقافة من أجل توفير كل المستلزمات المرئية واللامرئية وإحداث مكتبات متطورة تضم الدوريات والمنشورات الجديدة وتشجع على التعريب والترجمة وتعزيز مكانة الفصحى والتمكن من اللغات الأجنبية والمطالعة والتثقيف وتقوم بعصرنة التعليم مما يواكب مجتمع الفرجة وزمن الصورة.

إن الغاية من التعليم هي إبداع قيم جديدة وتثبيت السلم الاجتماعي وتربية الناس على فنون التمدن والرقي وان"السلم الاجتماعية لا تتحقق إلا إذا وضع كل واحد بين قوسين الحركيات العميقة التي تبرر هذه القيم المشتركة"مثلما يقول بول ريكور في كتابه من النص إلى الفعل. إن التعليم هو مجموعة من العمليات والإجراءات التي تمكن كل طفل من الحصول التدريجي على قدر معين من الثقافة يميزه عن الحيوانات. ألم يقل كانط أن "المدرسة ليست هي المكان الذي يجب أن نتركه ، بل المؤسسة التي تهدف ليس فقط لمعرفة الحقيقة على وجه الخصوص، ولكن لتعلم التفكير"؟

خلاصة القول أن أزمة التعليم عند العرب هي عينة من أزمة التعليم في العالم بما في ذلك الدول المتقدمة إذ يشهد الكون اليوم تراجعا رهيبا للعلوم الإنسانية في ظل تفجر الثورة الرقمية وتعويض الفيديوسفير الغرافوسفير وحلول المرئي بدل المكتوب، كما أن المحاولات المبذولة من طرف بعض الهيئات المشتركة سواء العربية كالأسيسكو أو الدولية مثل اليونسكو لا يمكن أن يستهان بها وقد حققت نتائج مقبولة . ورغم ذلك تظل غير كافية ومحتاجة إلى حراك داخلي وتوفر قابلية ذاتية للتنمية والنهوض.فمتى يعود البريق إلى المدارس والمعاهد والجامعات في حضارة اقرأ؟ وما السبيل إلى شد رحال وجدان الناشئة إلى العلم مع تذكيرهم بأن المعلم كاد أن يكون رسولا وبأن العلماء هم ورثة الأنبياء؟

كاتب فلسفي

طلقــات ســــــريعة

مجدى نجيب وهبة


*** أوباما يطالب الرئيس الفلسطينى محمود عباس بالإعتراف بحماس رغم الأحداث الدامية وسقوط مئات الضحايا بين الطرفين والإتهامات التى طالت حماس بالتطرف والإرهاب ... فهل يسعى الرئيس الأمريكى إلى الإعتراف بالإرهاب حين ميسرة .


*** جمال أسعد كلاكيت للمرة المليون ، يظل قابع فى الذرة لحين حدوث أحداث طائفية ليهل علينا بفتواة الصادمة فقد كتب فى مجلة روزاليوسف الصادرة فى 30 يناير 2010 إصراره على إتهام الأقباط بالإستقواء بالخارج والذى تزامن مع ظهور ما يسمى على حد زعمه بجماعات أقباط المهجر ... وذلك رداً على الإهتمام الأمريكى بالحريات الدينية حول العالم ووصول لجنة الحريات الأمريكية إلى مصر لتقصى أحداث العنف الأخيرة .

ويبدو أن المفكر جمال أسعد لا هم له سوى التجريح فى أقباط مصر بالداخل والخارج دون الإلتفاف إلى سقوط عديد من الضحايا فى حوادث العنف ضد أقباط مصر بالصعيد ونقول له لقد سئمناك وسئمنا هذا الحوار الكريه .


*** القذافى يطالب الليبيين بالهجرة لأوروبا والزواج من هناك للحصول على الجنسية الأوربية ونشر الفكر الأخضر للثورة الليبية ... على صعيد أخر رفض الإفراج عن 300 عضو فى تنظيم القاعدة إلى أجل غير مسمى فى السجن بعد أن أتموا مدة عقوبتهم ... " برافوا " .


*** فى المباراة الأخيرة للفريق المصرى لكرة القدم إستطاعت مصر أن تنتقم من همجية أم درمان 2009 ، تلك الموقعة التى خططت ونفذت على ملعب أم درمان وكان الثأر بعد 70 يوماً ، حيث أذل الفراعنة الذئاب فى موقعة أنجولا 2010 .


*** خرجت بعض الأقلام منذ أمد ليس بالبعيد للتهليل للأمن حيث أعلن الأخير أنه تم القضاء على الإرهاب بالصعيد وأن ما تبقى هى بعض الفلول الهاربة التى كانت تتخذ من مزارع القصب ساتر لعملياتها الإجرامية مما دعا بعض الأجهزة الأمنية فى ذلك الوقت العصيب إلى جمع زراعات القصب بل إبادة هذه المحاصيل ... ثم بعد فترة قيل أن صعيد مصر ينعم بالهدوء والسلام والتنمية ، ولكن يبدو أن هذه الفلول بدأت فى النمو والتكاثر مع تواكب تراخى أمنى حاد فخرج منها الزرع الشيطانى الكمونى وأمثاله ... نعم إنها أورام سرطانية يجب المتابعة والمثابرة حتى يتم القضاء عليها .


*** فى إتصال هاتفى طلب منى والد الشهيد أبانوب بمناشدة بعض المحامين الشرفاء للدفاع عن دم الشهيد أبانوب وهو مستعد بأى مبالغ مالية تطلب منه ، ولست أدرى ماذا أقول له فعلى حد علمى أن تحويل القضية إلى محكمة أمن دولة عليا "طوارئ" سيكون الحكم فيها بات ونهائى غير قابل للطعن فيه ، وعموما الرسالة واضحة للمحاميين الشرفاء البعيدين عن الشهرة والتلميع الإعلامى للرد عليها من خلال الموقع أو الإتصال بنا .


رئيس مجلس إدارة النهر الخالد

Email: elnahr_elkhaled2009@yahoo.com


ومن الإدمان ما قتل



علي مسعاد
Msaadali1971@gmail.com



الحدث الإعلامي الأبرز ، خلال نهاية الأسبوع الجاري ،على الصفحات الأولى للجرائد الوطنية كما نشرات الأخبار المحلية ، هي " مجزرة " *سيدي مومن ، المجزرة " الرهيبة " ، التي راح ضحيتها ، أم " المتهم " وشقيقته الحامل في أيامها الأخيرة وزوجها وابنهما الصغير ، الجريمة " البشعة " ، التي اهتز لها الشارع المحلي ، بعمالة سيدي البرنوصي ، جريمة ، لم تعرف ، أسبابها الحقيقية ، التي كانت وراء تصفية شاب مدمن على " القرقوبي " ل 5 أفراد من أسرته ، حتى كتابة هذه السطور، لكن وحده " الإدمان " كان العنوان الأكبر ، وراء هذه " الإبادة الجماعية " .
" الإدمان " ، حتى القتل ، على كل أشكال المخدرات وأنواعها ، والتي راح ضحيتها " المتهم " ، مقترف " الجريمة " في حق أصوله ، كما يذهب ضحيتها ، الكثير من شابات وشباب اليوم ، بسبب البطالة ، الفراغ وبسبب غياب دور الأسرة ، التي تخلت عن دورها ، للأسف ، لتترك " للشارع " ، الوقت الكافي ، للإتيان على آخر ما تبقى من المبادئ الأخلاقية والقيم الروحية لدى جيل اليوم ، الذي ضاقت به حجرات الدراسة ، فوجد في صالات الألعاب ، ومقاهي " الشيشة " و" رأس الدرب " ، المجال الأوسع ، لممارسة نزواته وحماقاته ، التي يذهب ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء ، ويكفي قراءة " سريعة " لصفحة الحوادث ، بجرائدنا المحلية والوطنية ، حتى تطالعنا التفاصيل الكاملة ، لما يحدث
من جرائم ، بسبب الإدمان على " القرقوبي " و " الشيشة " وكل أنواع " الهلوسة " .
وهي ، عوامل بيولوجية ،نفسية واجتماعية ، كما يرى الدكتور عبد الجبار شكري ، أستاذ باحث في علم الاجتماع وعلم النفس، تؤدي بمتناولها إلى تشتت ذهني يغيب فيه تماما المنطق والعقل ومقاييس القيم (الحلال والحرام ) و(المباح والمحظور) ، ناهيك عن " التبلد العاطفي " على حد تعبير الدكتور شكري ، بحيث يفقد الشخص حساسية وجدانية عند القيام بأعمال ، خصوصا إيداء النفس وإبداء أقاربه ، هذا دون الحديث عن الاغتراب والدونية والرغبة في الانتقام ، من نفسه ومن المجتمع .
المجتمع ، الذي ضاق درعا ، بتخلي الجمعيات المحلية والوطنية عن دورها ، في التأطير والتكوين والجهات المسؤولة المعنية بقطاع الشباب ، في الضرب بيد من حديد ، على كل من ساهم ويساهم في ترويج " السموم " صفوف جيل الشباب ، و كذا بفشل المنظومة التربوية و الأسرية في الحد من انتشار الظاهرة ، ظاهرة انتشار حبوب " الهلوسة " ، المخدرات والقرقوبي .
وهي ، ظواهر اجتماعية خطيرة ، انتشرت كالنار في الهشيم ، بين صفوف جيل وجد ضالته في حبوب " الهلوسة " ، التي سبق لبرنامج " تحقيق " بالقناة الثانية ، أن خص لها
حلقة متميزة ، سلط الضوء من خلالها ، عن أسبابها ومسبباتها ونتائجها ، بشكل لاقى استحسان الكثيرين ، لكن دون أن تجد رسالته الآذان الصاغية ، من الجهات المعنية ، لاستيعابها والإسراع ، بالحد من النزيف الذي جرف إليه الكثير من شابات وشباب اليوم .
فإلى ، متى سنظل مكتوفي الأيدي ، نلعب دور المتفرج على حدث ويحدث وسيحدث ، مع إلقاء اللوم على الآخرين وحدهم ، قي الوقت عينه ، أننا كلنا معنيون ، من سلطات محلية ، رجال أمن ودرك ، مؤسسات قطاعية ، مجتمع مدني ، أنت وأنا ، كل من جهته ، بالحد من انتشار كل أنواع " المخدرات " ، في بيوتنا ، في دروبنا، في أزقتنا ، في مقاهينا ، في مدارسنا ، لأذنا ، بكل بساطة ، اليوم أو غدا قد نكون أول ضحاياها .

هامش :
* المتهم : شاب عمره 34 سنة ، مدمن على " القرقوبي " وكل أشكال المخدرات ، له سوابق عدلية .
* زمن الجريمة : حدد بين الساعة الخامسة وخمس دقائق والسادسة إلا الربع من يوم الثلاثاء 26 يناير
* مكان الجريمة : شقة بإقامة " الشرف " بسيدي مومن
* وقائع الجريمة :" المتهم " قتل والدته وابن إخته البالغ من العمر 10 سنوات وأخته الحامل زوجها
* وقت اكتشاف الجريمة : الساعة السابعة مساء
البرنوصي نيوز . البرنوصي . حي البرنوصي . سيدي البرنوصي .

سلاح فلسطيني أخطر من النووي

نقولا ناصر

كشف وزير الحرب في دولة الاحتلال الإسرائيلي إيهود باراك يوم الثلاثاء الماضي عن سلاح فلسطيني استراتيجي يتمثل في "عدم التوصل إلى اتفاق إسرائيلي – فلسطيني وترسيم الحدود بين الجانبين" قائلا إن هذا السلاح "بالنسبة لإسرائيل أخطر من حيازة إيران لقنبلة نووية"، ومع ذلك يبدو المفاوض الفلسطيني متضامنا مع دولة الاحتلال وكل "شركاء السلام" الإقليميين والدوليين في الإصرار على تجريد عرب فلسطين من السلاح الوحيد المتبقي لهم.

فعدم ترسيم الحدود بين المواطنين الفلسطينيين وبين المستوطنين اليهود "في أرض إسرائيل التاريخية" هو "التهديد الأخطر على مستقبلنا وليس القنبلة الإيرانية" لأنه "في حال قام بين نهر الأردن والبحر (المتوسط) كيان واحد فإنه سيكون بالتأكيد غير يهودي" يقود إما إلى "دولة ثنائية القومية" أو إلى "دولة أبرتهايد"، كما قال باراك في سياق محاضرة شاملة ألقاها في مؤتمر "المركز الإسرائيلي للإدارة" بجامعة "بار ايلان"، مضيفا أن "الزمن لا يعمل في مصلحتنا" وأن لنا "مصلحة عليا" في "حل الدولتين".

ومع ذلك فإن هذا هو على وجه التحديد الحل الذي تعتبره القيادة المفاوضة لمنظمة التحرير الفلسطينية "المشروع الوطني" للشعب الفلسطيني.

وفي إطار "تهالك" باراك ثم تهالك هذه القيادة على هذا الحل لا يعود مستغربا أن لا يقتنع "شركاء السلام" العرب والدوليين برفض هذه القيادة لاستئناف المفاوضات وان يتحول جميعهم تقريبا إلى عامل ضغط عليها لاستئنافها، فباراك ذهب إلى شرم الشيخ يوم الأربعاء الماضي ليشجع مضيفه الرئيس المصري حسني مبارك على الايغال في ما ذكرت التقارير الإعلامية إنه ضغوط مصرية على كلا طرفي الانقسام الفلسطيني وما ذكرت التقارير نفسها بأنه شكوى منها ينقلها رئيس القيادة المفاوضة محمود عباس إلى القادة العرب في السعودية وغيرها.

ولا يعود مستغربا أن ينضم الرئيس الروسي إلى هذه الضغوط بحث عباس على استئناف المفاوضات عندما التقى الرجلان في منتجع سوتشي يوم الثلاثاء الماضي ليعلنا اتفاقهما في ختام اللقاء على استئنافها، ليتساءل المراقب عما إذا كان المفاوض الفلسطيني قد أبقى لنفسه أي خيار غير الرضوخ لضغوط الشركاء الذين ارتهن قراره السياسي لهم بحجة سقوط كل أسلحته الأخرى، التي يسقطها طوعا بسبب هذا الارتهان تحديدا، بينما باراك يعلن عن سلاح ما زال الفلسطيني يمتلكه وهو أقوى من القنبلة النووية الإيرانية وأخطر منها على دولة الاحتلال.

ولذلك لا يعود مستغربا كذلك أن يعلن المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل عن عودته إلى المنطقة في جولة جديدة قريبا، مقترحا خلال جولته الأخيرة أن يقوم بدبلوماسية المكوك بين المتفاوضين بعد أن ترك في عهدة هذه القيادة اقتراحا "وعدت بدراسته" لاستئناف مفاوضات على مستوى وزاري أدنى من التفاوض بين القيادات.

إن ما أعلنه رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريس مؤخرا عن اجتماعات له مع عباس وكبير مفاوضيه صائب عريقات وعن زيارة عريقات لبيريس في مكان إقامته "كل بضعة أسابيع" ثم الإعلان عن مشاركة رئيس حكومته سلام فياض "شخصيا" مساء الثلاثاء المقبل إلى جانب باراك في مؤتمر هرتزليا بتل أبيب، إنما هي مؤشرات إلى أن هناك مفاوضات سرية تجري وأن المفاوضات العلنية ليست إلا مسألة وقت وأن شروط هذه القيادة المعلنة لاستئناف المفاوضات هي للاستهلاك المحلي تذكر بشروطها التي سبقت مؤتمر أنابوليس عام 2007، خصوصا بعد أن خذل كل شركاء السلام هذه القيادة بعد أن راهنت عليهم في دعم شروطها.

والمفارقة المفجعة لا تكمن فقط في أن هذا "المشروع الوطني" قد تحول إلى غطاء "شرعي" فلسطيني لاستفحال الاستيطان السرطاني اليهودي الذي يقوض الأساس المادي لحل الدولتين طوال عقدين من الزمن تقريبا منذ اختيار القيادة المفاوضة لهذا الحل كمشروع وطني ومنذ اختيارها للتفاوض كاستراتيجية وحيدة لتحقيقه بقدر ما تكمن أيضا في أن الوريث الشرعي لقيادة أول حركة سياسية فلسطينية تتبنى حل الدولتين بتبنيها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 قبل أكثر من ستين عاما، وهي على وجه التحديد الحزب الشيوعي الفلسطيني (العربي – اليهودي)، يجد جماهيره اليوم في دولة الاحتلال نفسها مهددة بالترحيل الجماعي تحت شعارات "يهودية" دولة الاحتلال، وتبادل الأراضي، والتبادل الديموغرافي وغيرها من إفرازات "المشروع الوطني" الفلسطيني لحل الدولتين.

لا بل إن عضو الكنيست محمد بركة القيادي في الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، وريثة ذاك الحزب الشيوعي، لا يجد أي غضاضة وطنية في قبول دعوة من رئيس أكثر كنيست عنصرية ضد العرب في تاريخ دولة الاحتلال، للانضمام إلى وفد يقوده رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، العدو اللدود لحل الدولتين، لحضور الاحتفال يوم الأربعاء الماضي بتخليد الذكرى السنوية الخامسة والستين لتحرير معسكري اعتقال نازيين في بولندا، دون أي مراعاة للمشاعر الوطنية أو حتى الإنسانية لمليون ونصف المليون من مواطنيه الفلسطينيين المحاصرين في أكبر معسكر اعتقال تقيمه دولة الاحتلال في العالم اليوم بقطاع غزة، أو مراعاة مشاعر ناخبيه أنفسهم الذين كانوا يحتجون على تجريد زميله العربي الفلسطيني في الكنيست، سعيد نفاع، من حصانته البرلمانية على خلفية محاكمته بتهمة السفر لسوريا قبل ثلاثة أعوام ويحتجون في الوقت نفسه على الحكم بسجن رئيس الحركة الإسلامية في دولة الاحتلال الشيخ رائد صلاح بتهمة التحريض ضد تهويد القدس الشريف التي يجمع عرب فلسطين على كونها عاصمة الدولة الفلسطينية، أي دولة فلسطينية، أو مراعاة الحصار الذي تفرضه حكومة دولة الاحتلال وبرلمانها على القيادة الفلسطينية نفسها التي تلتقي معه على "حل الدولتين".

ويبدو واضحا تماما أن الخلاف بين هذه القيادة وبين باراك وحكومته هو "نزاع" على ترسيم الحدود وليس صراعا بين استراتيجيتين، وبالتالي فإنه قابل للتفاوض والمساومة في إطار الاتفاق الذي لم يعد يوجد أي شك فيه على مبدأ "تبادل الأراضي"، وإن كان هذا الاتفاق لم يوثق بعد في أي اتفاق رسمي موقع، باستثناء التوقيع شبه الرسمي لأمين عام اللجنة التنفيذية للمنظمة ياسر عبد ربه على وثيقة مبادرة جنيف سيئة الصيت، وهو الاتفاق الذي شجع دولة الاحتلال على اتخاذه مدخلا لابتزاز مزيد من التنازلات من مفاوض المنظمة للمطالبة أيضا ب" التبادل الديموغرافي" الذي يمثل سياسة رسمية معلنة لوزير خارجية دولة الاحتلال المستوطن في إحدى المستعمرات اليهودية بالضفة العربية،أفيغدور ليبرمان، وثلاثة عشر من قادة حزبه "إسرائيل بيتنا" الأعضاء في الكنيست.

لكن الأهم من كل ذلك هو أن السلاح الأخطر من القنبلة النووية الذي أشار باراك إليه يعطي مصداقية لاستراتيجية المقاومة الفلسطينية التي تراهن على أن الزمن لا يعمل في مصلحة دولة الاحتلال، كما قال باراك نفسه، بقدر ما يفقد استراتيجية التفاوض الفلسطيني أي مصداقية بقيت لها.

* كاتب عربي من فلسطين

nicolanasser@yahoo.com*


عندما يفقد المقدسيون صوابهم المفقود أصلا

د. صلاح عودة الله

قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن أطلق الكاتب والأستاذ والصحفي المرحوم محمد أبو شلباية صرخته المدوية"واحسرتاه يا قدس" وذلك من خلال كتاب حمل أسم هذه الصرخة..في صرخته هذه عبر عن حزنه وحسرته عما سيحل بالقدس إذا ما استمر الوضع كما كان عليه في تلك الفترة..ورغم حداثة الاحتلال في ذلك الوقت إلا أن المرحوم "أبو مؤنس" كان يتوقع ويعرف تماما ما سيحل بالقدس وكأنه منجما ويجيد قراءة الفنجان, فرحمك الله يا أبا مؤنس ونعم, واحسرتاه يا قدس...!.
ألم يحن الوقت لنفتش عمن ينقذنا من جهلنا ومن تخلفنا؟..ألا يصدق فينا القول بأننا أمة ضحكت بل خجلت من جهلها الأمم؟..لماذا نصر على التمسك بعادات وتقاليد تخجل منها حتى الأمم التي عاشت في العصور الحجرية؟..ألم يحن الوقت لنضع مصالح الوطن العليا عامة والقدس خاصة فوق كافة المصالح الحزبية والقبلية والعشائرية والفئوية الضيقة؟..هل أصبح قتل النفس البشرية دون أي سبب أمرا طبيعيا وعاديا بل محللا؟..هل هانت علينا القدس التي تشهد أكبر وأوسع عملية تهويد, بل وأكثر من ذلك بكثير, فنحن نشارك بهذا التهويد.. "الأقصى في خطر", شعار نتباهى بترديده, فالحفريات تهدد بانهياره, ولكن هل سألنا أنفسنا:ألم يحن الوقت للعمل وترك الشعارات الرنانة, وهنا أستثني قلة قليلة وعلى رأسها الشيخ المناضل رائد صلاح, هذا الشيخ الجليل الذي قدم للقدس وأقصاها ما لم تقدمه دول العالمين العربي والاسلامي مجتمعة..هذا الشيخ الذي حكمت عليه المحكمة الصهيونية بالسجن لأنه يعمل وبإخلاص من أجل القدس ومقدساتها ولا يكتف بإطلاق الشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
ازدادت في السنوات الأخيرة في مدينة القدس وضواحيها أعمال العنف والمشاجرات العائلية والتي يدفع ثمنها في أغلب الأحيان أناس لا علاقة لهم بها لا من قريب ولا من بعيد..شجارات عائلية مخزية ومقرفة ومزهقة لأراوح الأبرياء..شجارات سببها الرئيسي في معظمها تافه.."صفة سيارة"," قيادة سيارة بسرعة جنونية في أحد الأحياء المأهولة بالسكان", "شاب مراهق يدعي بأن شابا آخر نظر إليه بنظرات غريبة", وغيرها الكثير من الأسباب التافهة.
إن من يتابع ما يجري في القدس في الفترة الأخيرة يؤكد بأننا عدنا إلى زمن داحس والغبراء..القدس تعيش وضعا يأكل فيه القوي الضعيف, تماما كما تلتهم الأسماك الكبيرة الأسماك الصغيرة..القدس تحكمها شريعة الغاب, بل أجزم بأن للحيوانات شريعة تفوق في قوانينها وحكمتها تلك الشريعة التي تسيطر علينا في فلسطين عامة والقدس خاصة.
مما يؤسف حقا أن نقول وعلى الدوام بأن الاحتلال هو السبب في كل مشاكلنا, مع عدم إنكاري بأن الاحتلال هو المعني بهذه الظاهرة وغيرها من الظواهر الاجتماعية التي تؤدي إلى تسيب الشباب وبذلك يبتعدون عن مقارعته..إن واقع الاحتلال للقدس وباقي أراضي الوطن يجب أن يجعلنا يدا واحدة قوية, لا أن نقوم بقتل بعضنا بعضا..فمن الخلافات العائلية المنبوذة وصولا إلى ما جرى بين حركتي فتح وحماس لهو أمر يرضي الاحتلال بل يجعله يرسخ أسسه, ومن هنا نجد أنفسنا مضطرين للقول: وداعا يا قدس ووداعا يا فلسطين.
إن الشجار العائلي المؤسف والمخجل في نفس الوقت الذي حدث مؤخرا بين عائلتين في مدينة القدس والذي كان سببه أتفه من تافه, بل لا مبرر له..شجار كان فيه القتلى والجرحى وتدمير محلات تجارية..شجار وكغيره من الشجارات تكون له آثاره على المدى البعيد, فالانتقام والأخذ بالثأر من سماته الرئيسية. انه لأمر تقشعر له الأبدان..إن من شاهد هذا الشجار يجزم بأنه يشاهد حربا بين جيشين, فقد تحول شارع صلاح الدين في القدس المحتلة إلى ساحة حرب, الجيش الصهيوني يراقب عن بعد ما يجري في هذه الساحة وهمه الوحيد هو اعتقال من يحمل السلاح الناري" غير المرخص".
إن هذا الشجار سيحل وكغيره بدفع الدية وتعويض المتضرر والحق الكبير يأكل الحق الصغير..ولكن ما قيمة الأموال مقابل قتل نفس بشرية تترك من خلفها الأطفال الأبرياء اليتامى؟, انه سؤال من بين العديد من الأسئلة, فهل من مجيب؟, وهنا أقول أين المروءة التي سئلت وهي تبكي عن سبب بكائها, فأجابت:كيف لا أبكي وأهلي جميعا دون خلق الله ماتوا؟.
انه لمن المؤسف أن نرى حشودا من الشباب يتم تجييشها خلال ساعات بل دقائق معدودة عند وقوع شجار عائلي, متبعين سياسة"أنا وأخوي على ابن عمي, وأنا وابن عمي على الغريب", وفي المقابل نشاهد غياب واضح وجلي لهذه الحشود عندما يتعلق الأمر بهدم البيوت ومصادرة الأراضي والحفريات التي تهدد الأقصى وغيرها الكثير من الأمور التي تهدد القدس بالتهويد وابعاد سكانها الفلسطينيين العرب عنها, لكي تصبح يهودية بحتة. مع احترامي للقضاء العشائري ودوره, إلا إن المطلوب منه ومن القوى الوطنية الشريفة أن تقوم بإلغاء هذا الحل السحري..هذا الحل الذي أصبح هو الحل الرئيسي لكافة مشاكلنا صغيرة كانت أم كبيرة..انه"فنجان القهوة"..إن هذا الفنجان اللعين أدى إلى زيادة أعمال العنف, فمفتعل المشكلة يدرك بأن هذا الفنجان سيحل له قضيته مهما كانت. ندرك تمام الإدراك بأن الاحتلال هو الرابح الوحيد من هذه الظواهر المخزية, ومن هنا وفي ظل غياب سلطة وطنية ومؤسسات قانونية, فإننا نطالب القوى السياسية بكافة ألوانها وأطيافها بأن تقوم بتشكيل لجنة موحدة حيادية قادرة على وضع حد لمثل هذه الظواهر والسبل كثيرة وواضحة, وكذلك نطالب من لهم علاقة بالقضاء العشائري أن يكونوا حياديين وأن يحكموا عقولهم وضمائرهم وليس قلوبهم والعادات العربية والإسلامية من كرم وتسامح, وكذلك نطالب رجال الدين أن يقوموا بدورهم الفعال من خلال خطبهم بدلا من إصدار فتاويهم الفارغة من كل مضمون..تلك الفتاوي التي تقوم بالتخوين والتكفير وتعميق جذور الطائفية والمذهبية في مجتمعنا.
نطالب كذلك الشباب بالتفكير ولو قليلا من الوقت قبل افتعال مشاكلهم, فمشاكلهم التافهة هذه, قد تؤدي إلى سفك الدماء و"تخريب" بيوت كثيرة, وكذلك نطالب"مشايخ" العائلات بعدم الهرولة وراء تصرفات أبناء عائلاتهم الطائشين, فتحكيم العقول هو السلاح الفعال وليس"فنجان القهوة السحري". والى كل المقدسيين وبغض النظر عن انتمائهم العشائري أو الحزبي أقول: إن ما يحدث في مدينتكم لهو على درجة عالية جدا من الخطورة, فلنحكم عقولنا ومنطقنا ولنبتعد عن العشائرية والقبلية المقيتة, فهي التي ستدمر ما تبقى من قدسكم..فالوطن والقضية والقدس أغلى ما نملك, ومن لا وطن له لا حياة ولا وجود له.
وأختتم قائلا بصرخة المرحوم أبو شلباية:"واحسرتاه يا قدس"..إنها فعلا صرخة مدوية جدا, فهل من مجيب؟..ويا أبا مؤنس, قم من بين الأموات واصرخ مرة أخرى, فلعل صرختك هذه تلاقي آذانا صاغية ولعلها تحيي ضمير من يعتقدون بأنهم أحياء ولكنهم في القبور ينعمون..وليكن شعارنا الوحيد هو"كلنا فداك يا قدس".
-القدس المحتلة

الجمعة، يناير 29، 2010

إلى الأبد، ابق يهودياً

د. فايز أبو شمالة
كنت طفلاً في الحادية عشر من عمري عندما حدثت المحرقة، وما زلت أذكر كلمات أبي، ووصيته لي: إلى الأبد، أبق يا ولدي، يهودياً. هكذا وظف شمعون بيرس رئيس دولة إسرائيل الذاتي لخدمة العام اليهودي، وهو يتحدث أمام البرلمان الألماني في الذكرى التي يسمونها "الكارثة والبطولة" بينما جلس أعضاء البرلمان مؤدبين في حضرة الرئيس الإسرائيلي، ولم تبد منهم أي مشاغبة، أو رفض لهذا التحقير اليهودي لتاريخ ألمانيا، والأدهى من ذلك؛ أن أعضاء البرلمان قاطعوا شمعون بيرس بالتصفيق أكثر من مرة، بل وقفوا لدقائق مع نهاية الكلمة، وهم يصفقون، ويبايعون "شمعون بيرس" يهودياً تنكّس أمامه رؤوس الألمان، ويقسم قادتها السياسيون بين يديه يمين الخضوع لليهود.
كنت مندهشاً وأنا أتابع كلمة شمعون بيرس باللغة العبرية، وقد بثتها الإذاعة، والتلفاز الإسرائيلي، وكانت الدولة في غاية الفرح، بينما صدى حروف اللغة العبرية تتردد وسط برلين، في المبنى التاريخي "البندوستاغ"، وشمعون بيرس يقول: في مثل هذا اليوم قبل سبعين سنة نفذ النازيون الألمان جرائهم بحق اليهود أبناء جلدتي، وفي سنة 1951، اعترف المستشار الألماني بالمحرقة اليهودية، وبحق دولة إسرائيل بالتعويض، وها هي ألمانيا تدعو إلى هذا اليوم العالمي لإحياء الكارثة، كدليل على صداقتنا، وتواصل العلاقة الحميمة بين ألمانيا وبين إسرائيل، وبين أوروبا وبين إسرائيل، وما عليكم إلا الحلم الرائع للمستقبل.
أليس غريباً هذا التذلل الأوروبي لليهود؟ وهل حقاً هذه هي ألمانيا؟ وهل هذه هي حقيقة الشعب الألماني؟ فما الذي سحق عقول الأوروبيين، وذاكرتهم؟ وكيف انقلبوا على أنفسهم، وهم من قرأ تاريخ اليهود، ولامسوا بأعينهم ما قاله: "بار بوروخوف" ممن وضعوا الأساس لدولة إسرائيل، ورفعوا شعار: "بالدم والنار سقطت يهودا، بالدم والنار ستقوم يهودا". ومع ذلك يتنكر الأوروبيون لماضيهم، وينسون الحاضر، وهم يصغون للقاتل "نتانياهو" وهو يقول في الاحتفال المركزي للذكرى في بولندا: جئت من "أورشليم" لأقول لكم: إلى الأبد لن ننسى، ولن نصفح، ولن نسمح لم ينكر حدوث الكارثة، بأن يمحو ذاكرتنا.
إنه الخوف اليهودي على الذاكرة المزيفة التي زرعوها في عقول البشر لأغراض عقائدية، وهم حريصون على توظيفها باستمرار، ولاسيما بعد أن فضحت حرب غزة حقيقتهم، كما قال الكاتب الإسرائيلي "جدعون ليفي": إن ألف خطاب ضد اللاسامية لن يطفئ النار التي أضرمتها حملة "رصاص مصبوب"، ليس فقط ضد إسرائيل بل ضد العالم اليهودي بأسره. وهذا ما يستحث العرب والفلسطينيين لأن يبعثوا ذاكرتهم، وأن يرددوا صباح مساء: إلى الأبد سنبقى عرباً مسلمين، وإلى الأبد لن ننسى حقنا في فلسطين، ولن نسمح لم تآمر على حقوقنا، وأخرجنا من ديارنا، بأن يخرجنا عن ديننا، ومن ذاكرتنا، أو أن يدنس تضحياتنا.
fshamala@yahoo.com

من أسباب سقوط الطائرة الإثيوبية والفرنسية واليمنية إلى عطل في التصنيع

الكابتن الطيار نادر جنيد

من المعروف أن زيادة وزن الطائرة تزيد من مصروف الوقود ولهذا السبب قامت الشركات الصانعة بتخفيف أوزان الطائرات.
ومن هذا التخفيف إلغاء الأكبال الواصلة بين عجلة القيادة
flight control wheel والبدلات pedals وأسطح القيادة Elevators , Ailerons , Rudders حيث كان في الطائرات القديمة أكبال تصل بينهم وهي تعمل بالتوافق مع دورة الهيدروليك لأسطح القيادة لتخفيف الجهد عن الطيار بواسطة مضخات تعمل على الكهرباء أو بالضغط
فإذا تعطلت دورة الهدروليك او انقطعت الكهرباء فيبقى الطيار مسيطر على أجهزة القيادة ويستطيع إتمام الرحلة بأمان بإذن الله ولكن بجهد عضلي حتى لو أصبح عطل كهربائي كامل وحتى إذا انطفأ جميع محركات الطائرة بالكامل يستطيع الطيار أن يحافظ على سرعة الطائرة تقيه من سرعة الانهيار ويستطيع الطيار الهبوط على سطح الماء أو الأرض بأمان .
حيث أن طيران الطائرة عبارة عن سرعة تولد الرفع وأسطح قيادة للسيطرة وبفقدانهم لا يوجد طائرة .
مثل مقود السيارة الذي يعمل بالتوافق مع الهدروليك فإذا تعطلت دورة الهدروليك وانكسر زراع مقود السيارة فلا نستطيع السيطرة على السيارة
حيث إذا نقصت سرعة الطائرة تحت سرعة الانهيار فان الطائرة تسقط على الأرض أو على الماء كتلة جامدة .
وبإلغاء هذه الأكبال نقص وزن الطائرة أكثر من 2000 كغ باستثناء كبلين لسطح التوازن الافقي stabilizer control وسطح التوازن العمودي Yaw control
وفي رأي السطح العامودي Yaw control غير كافي لمنع الطائرة من الدوران حول المحور الطولي control Roll
وابقوا المضخات الهدروليكية التي تعمل على الكهرباء لتحريك أسطح القيادة
هذا النظام موجود في طائرة ايرباص 320 والتي احمل طرازها ومع العلم اني لم ادرس طراز الطائرات التي سقطت الا أني ناقشت احد مهندسي الصيانة في مصر للطيران أثناء دراستي لطراز الايرباص 320 بان إلغاء الأكبال وخاصة الأكبال التي تحرك أسطح الدوران الأفقي
Ailerons Roll control
سوف لن يستطيع الطيار السيطرة على الطائرة إلا انه أجابني في جميع الطائرات الحديثة تم إلغاء أكبال أسطح القيادة لتخفيف الوزن ولا اعرف ان تم ذلك في الطائرات الثلاث
وفي رأي وباحتمال 50% أن الطائرة وأثناء تسلقها ودورانها باتجاه الممر الجوي حدث عطل كهربائي وتوقفت مضخات أسطح القيادة عن العمل ولم يبقى أسطح قيادة يستطيع الطيار أن يجعل طائرته في الأفقي المستقيم وان كبل Yaw control غير كافي لإعادة توازن الطائرة
ووقعت الطائرة في انهيار حلزوني وربما سيكشف الصندوق الأسود صحة هذه الفرضية
وينطبق هذا التحليل للطائرات الثلاث ان لم يكن عمل تخريبي
رحم الله الضحايا والهم أهلهم الصبر والسلوان وانتبه صانعوا الطائرات إلى هذا الخطأ في التصنيع

سوري الجنسية

من اجل برلمان خال من المشبوهين؟

كفاح محمود كريم

كشفت محاولة إقصاء مجموعة من المشبوهين بانتمائهم أو ارتباطهم بحزب البعث، الذي حكم العراق طيلة ما يقرب من أربعين عاما وتورط في عمليات إبادة جماعية للسكان في شمال البلاد وجنوبها، وتسبب في تدمير شامل للبنية التحتية لواحدة من أغنى وأثرى بلدان العالم قاطبة، كشفت تورط الكثير من المسؤولين العراقيين من الخط الأول في التغطية على هؤلاء المشبوهين وإيصالهم الى دفة الحكم في السلطات الثلاث، ومن ضمنهم السيد صالح المطلك الذي لم ينف انتمائه أو ارتباطه أو تضامنه مع البعث ومجمل سياسات النظام السابق، والذي يشغل موقعه في مجلس النواب الذي يفترض على خلفية قانون الاجتثاث وتعديلاته ومواد الدستور الدائم أن لا يكون تحت قبة البرلمان أي شخص تفوح منه رائحة البعث، فكيف كان المطلك رئيسا لكتلة مهمة في البرلمان وكيف كان ظافر العاني ( الشهير بجوابه لمراسل العربية قبل سقوط النظام عن عدد الصواريخ العراقية المتبقية حيث قال: لدينا سبعة وعشرين مليون صاروخ، ويقصد كافة المواطنين العراقيين والمعنى واضح جدا ) والآخر الذي يتفاخر بانتمائه للبعث أمام مجلس النواب وعشرات آخرين من أمثالهم ومن الحاقدين على العراق الجديد واهم ثوابته وأساسياته في الديمقراطية والفيدرالية طيلة السنوات الخمس الماضية؟

والمثير في عملية الإقصاء أنها تزداد وتكبر مثل كرة الثلج حيث من المتوقع أن يصل العدد الى مئات من المسؤولين والموظفين الكبار والعسكريين والأمنيين في وزارتي الداخلية والدفاع، في واحدة من أهم عمليات التطهير والاعتقال التي أطلق عليها الشارع العراقي بالانقلاب على خلفية ما جرى قبل عدة أيام من منع للتجوال وانتشار واسع للقوات المسلحة بشقيها العسكري والأمني في مناطق معروفة بولائها لحزب البعث ومجموعة إياد علاوي والمطلك، والغريب إن مفهوم الانقلاب كان يستخدم دوما حينما تنقلب ثلة من المغامرين العسكريين في جنح الظلام لتستحوذ على السلطة والمال كما فعلها البعثيون مرتين في 63 و 68، بينما هذه المرة تم توظيف المفهوم الانقلابي بشكل مغاير تماما حيث تنقلب السلطة على بعض من أجزائها وموظفيها!؟

وفي كلتا الحالتين أو الصراعين هناك خلل واضح في طبيعة الصراع الاجتماعي والسياسي في العراق بين مجاميع من الحركات والأحزاب والكتل السياسية في ما بينها ومع تشكيلات ترتبط بالماضي ومحاولة إعادته أو تصنيعه من جديد باستخدام آليات ووسائل واعتمادات، لشرعنة نشاط وفعل كل طرف من الأطراف في قوانين الاجتثاث والدستور تارة وشرعية المقاومة والاحتلال لإباحة العنف والإرهاب تارة أخرى، وبين هذا وذاك يتم صهر وإذابة الأهالي في بودقة العنف والعنف المضاد وما يلحقه من فاقة وبطالة وانحسار في الخدمات الأساسية وتقهقر في المستوى المعاشي والحضاري.

ويبدو إن عمليات الاجتثاث والإقصاء لم تشمل كل البعثيين بل حصدت مجموعة بعينها يصفها البعض بالجناح العلماني في حزب البعث والتي كانت ابعد مسافة عن صدام حسين مقارنة مع المجاميع الأخرى التي توصف هي الأخرى بالتشدد والشوفينية القومية والتطرف المذهبي وتتوافق مع أجندات داخلية للحكومة أو خارجية قريبة، وقد استبعدت من عمليات الاجتثاث والإقصاء، بل نالت كثير من الدعم والتأييد في انتخابات مجالس المحافظات في العام الماضي، كما حصل في الموصل وكركوك وديالى.

إن المراقب لعمليات الاجتثاث والإبعاد يخرج بحصيلة غير ايجابية لما يحصل فالعملية في مجملها تخضع لمزاجات ومحسوبيات الكتل والأحزاب الرئيسية التي تقصي من تريد وتبقي من تستفيد منه ومرور سريع على المشهد الرقمي عشية التاسع من نيسان على حجم الهيكل التنظيمي لحزب السلطة في العراق نرى جدولا يثير الرعب لأول وهلة ولكنه يبدو أكثر سهولة بعد التحقق من طبيعة معظم المنتمين الى صفوف ذلك الحزب، فقد ضم في صفوفه ما يقرب من ( 1200000 ) مليون ومائتي ألف عضو أي رفيق حزبي، يقابلهم ما يقترب من ( 32000 ) اثنين وثلاثين ألف عضو قيادة فرقة، يقودهم ( 6000 ) ستة آلاف عضو شعبة تقريبا، يخضعون لقيادة ما يقارب من ( 250 ) مائتين وخمسين عضو قيادة فرع في كافة محافظات العراق، ومع أعضاء القيادتين القطرية والقومية ومكاتبهما الرئيسية ( الإعلام والمهني والمنظمات والعسكري ) يصبح حجم هيكلهم اقرب الى ( 1240000 ) يتبعهم ما لا يقل عن ضعفهم من المؤيدين والأنصار وبحجمهم من المرتزقة والانتهازيين فيكون الرقم فعلا مثير للخوف والتوجس وأنت تفكر في اجتثاثه أو إلغائه بالكامل؟

إلا أن الحقيقة بعيدة كل البعد عن تلك الأرقام المثبتة على جداول وسجلات المسؤولين سابقا وحاليا عن الحجم التنظيمي لحزب البعث وحتى في تعريف البعثي نفسه، فالعراقيون يدركون كيف كان النظام يزج الناس في حزبه ويضطر أفواجا آخرين بالانتماء الى تنظيماته طلبا للماء والهواء والغذاء والتعيين، وليس كل من انتمى الى ذلك الحزب أصبح مجرما أو خارجا عن القانون لمجرد انه كان بعثيا حتى من أولئك الذين تقدموا في سلم المسؤوليات بحكم تراكم الزمن أو الموقع الإداري، وربما قادت هذه المعطيات والاستنتاجات الكثير من زعماء الأحزاب والحركات السياسية الفاعلة بعد السقوط الى السماح لبعض من قيادات البعث والمتعاونين معه الى الاشتراك في العملية السياسية وخصوصا إن الأمريكان يفضلون بعثا علمانيا مدجنا على الكثير من المتطرفين الآخرين (!).

وهكذا تأتي عمليات الاجتثاث بعد ما يقرب من سبع سنوات حركة سياسية متأخرة جدا لا يمكن تعريفها في أحسن الأحوال إلا كونها تصفية لحسابات انتخابية ربما لا علاقة لها بموضوع البعث الذي يفترض إن معظم قياداته انتهت إما الى السجن أو الإعدام أو الهروب والتورط في تعاملات مأجورة مع دول الجوار، وتشتت الآخرون الى أحزاب وفرق متناحرة تقتاد على بقايا أموال هُربت وسرقت من المال العام قبل سقوط بغداد، وما تبقى منهم أولئك الذين تم إيصالهم الى مجلس النواب أو الحكومة بواسطة القطار الأمريكي أو بعض عربات الأحزاب السياسية الرئيسية، والأكثرية لا علاقة لهم بأي شيء يذكر لأنهم أساسا كانوا متورطين في الانتماء لحزب السلطة كما ذكرنا إما لتعيين أو دراسة عليا أو قبول في جامعة أو ما الى ذلك.

ومن هنا تبرز أسئلة أكثر جدية أو ربما أكثر مرارة حول طبيعة المرشحين الى مجلس النواب وهل إن الشبهة والإقصاء يبقى محصورا فقط بالانتماء الى الحقبة السوداء وحزبها ومؤسساتها بصرف النظر عن الأمور الأخرى؟

وهل سيأخذون بنظر الاعتبار النزاهة المالية والمصداقية في التعامل والطهارة الاجتماعية ومدى صلاحية المرشح وطنيا وأخلاقيا؟

أم إن هذه الأمور مجرد ذنوب بسيطة أو شطحات لا تأثير لها على مستقبل البلاد وسمعة مؤسساتها البرلمانية والتنفيذية؟

وأخيرا إذا كانت كثير من مفاصل الدولة تعج بالمشبوهين سياسيا وماليا وتأهيليا واجتماعيا وأمنيا، فانه من الكارثة والمأساة والإحباط أن يكون مرجعنا في الحكم والتشريع مرتعا لمجموعات من أولئك المشبوهين والمرتشين بعد أكثر من ست سنوات من التجربة والممارسة.

فلنعمل جميعا من اجل برلمان خالٍ من المشبوهين؟
kmkinfo@gmail.com

ما تقيش بنت بلادي

علي مسعاد
Msaadali1971@gmail.com

إذا كانت صورة الرجل العربي " المسلم " ، مشوهة بامتياز ، في السينما الأمريكية كما الأوروبية ، لأسباب دينية واستعمارية ، معروفة لدى الكثيرين ، فإن صورة المغربيات " المشوهة " في السينما المصرية الجديدة ، لا مبرر لها على الإطلاق ، والتي لطالما تبجح ممتهنوها ، برغبتهم في أن تكون ، سينما "نظيفة" ، لا تخدش حياء عشاقها بلقطات الجنس والعري والقبلات ، والمنتشرة ، " أكثر من الهم على القلب " في مجمل الأفلام الشبابية "المقرصنة " كما المعروضة بالقاعات التجارية .
والمتتبع ، لما يعرض ، حاليا ، بالقاعات السينمائية التجارية ، من أفلام مصرية ، سيقف حتما عند صورة " المشعوذة " في فيلم " حبيبي نائما " لمخرجه احمد البدري ، و الفتاة " المتحررة" من كل شيء ، في فيلم يسرى نصر الله " إحكي يا شهرزاد " ، والتي جلبت على بطلتها ، العديد من الانتقادات الجارحة ، على المستوى الإعلامي المكتوب منه والإلكتروني ، هذا دون الحديث عن " بائعة الهوى " في فيلم " الباحثات عن الحرية " لمخرجته إيناس الدغيدي ، وغيرها من الأعمال الفنية والدرامية ، التي ساهمت بدور كبير في تنميط صورة المرأة المغربية وإظهارها على غير حقيقتها .
وهي " غيض من فيض " ، كما يقولون ، بحيث أن هناك الكثير من الأفلام ، التي لم تنصف المرأة " المغربية " و سعت إلى إبراز صورة غير حقيقية عنها ، وعن المغربيات اللواتي ، ناضلن من أجلن الحرية ، الديمقراطية والعدالة ، بمستواهن الفكري ،الدراسي والعلمي ، ولعل ، أبرز مثال ، على ذلك هو ،الحوار الذي خصت به ابنة درب السلطان ، عالمة الفلك المغربية والتي استطاعت بذكائها وطموحها ، لأن تكون كأول امرأة عربية ، تتألق في مجال الفلك والعلوم الدقيقة ، قناة "الجزيرة " القطرية ، لهو خير مثال ، لما وصلت إليه المرأة المغربية الطموحة ، الشيء الذي لا يتساوق ورغبات العديد من مرضى النفوس و الدين لا يرون في "المغربية " إلا كراقصة أو بائعة هوى ، و مستعدة في أحسن حالاتها ، لتنزع ثيابها ، لأول من تصادفه ، في الطريق ، من دول العرب و الخليج .
وهي ، كما أسلفت ، الصورة " المغلوطة " الأكثر تداولا وانتشارا ، على الإطلاق ، على مستوى شبكة الانترنيت ، فيما الصورة "الحقيقية" عن المرأة المغربية المناضلة ، المثقفة و الباحثة والتي استطاعت أن تقول كلمتها بقوة العلم والمعرفة ، بالكاد تجد لها مكانا تحت الشمس .
و ما العناوين البارزة التي تتصدر الصفحات الأولى للعديد من أغلفة الصحف والمجلات المطبوعة و كذا المواقع الإلكترونية ، بين الفينة والأخرى ، إلا " قطرة " من بحر الأحكام " الجاهزة " عن المرأة المغربية والتي ارتبطت لدى الكثير من المشارقة ، بصور " غير حقيقية " ومبالغ فيها بشكل كبير ، لكنها ، للأسف ، لقيت رواجا ، على الشبكة كما الأفلام السينمائية ، بسبب سياسة " النعامة " التي أرتكن إليها العديد ، من رجالات الفن والثقافة والنخبة " الواعية " ببلادنا ، عوض " المواجهة " وتحمل المسؤولية ، للحد من تداعيات أنفلونزا " التشويه " والمسخ التي تطال " المغربيات " أينما رحلن وارتحلن .

الخميس، يناير 28، 2010

والد الشهيد " أبانوب " تتساقط دموعه .... وهو يردد " أنا خايف ... من يحمينى

مجدى نجيب وهبة

* فى ذكرى تأبين ضحايا وشهداء الغدر والكراهية بنجع حمادى والذى نظمه " منتدى الشرق الأوسط للحريات " تحت رعاية الكاتب والناشط الحقوقى الأستاذ مجدى خليل مساء يوم 27 يناير 2010 ، كنت ضمن المدعويين للمشاركة فى هذه الذكرى الأليمة ... جموع غفيرة وحشد غير مسبوق .. ورغم ضيق المكان إلا أن هذه الجموع والأطياف البشرية أصرت على المشاركة ... القلوب موجعة والدموع تحجرت فى العيون حشد من الأقباط والمسلمين بل دعونا من هذه الكلمة لنقول حشد من المصريين حضروا جميعاً للتنديد بالتطرف والإرهاب الذى علينا أن نعترف أنه نجح فى التوغل والسيطرة على صعيد مصر بالكامل !!! ... حشد إعلامى وجماهيرى فقد أحس أبناء الوطن بالخطر القادم وسرطان الإرهاب ليلتهم الجميع .


* كان من الحضور والد الشهيد أبانوب كمال ناشد ومعه نخبة من أبناء مركز نجع حمادى ، كما كان ضمن الحضور بعض من أقباط المهجر والسياسيين ورجال الدين والإعلاميين ، وبدأ المؤتمر ببعض كلمات التأبين من السادة الحاضرين والتى تلخصت فى المطالبة بمحاكمة المسئولين عن هذه المذبحة القذرة وليست محاكمة الكمونى وحده .. ثم تقدم والد الشهيد أبانوب لإلقاء كلمته .. كان الرجل القوى والمتماسك والذى قطع مئات الكيلومترات غير متصوراً أن يقف مثل هذا الموقف العصيب الذى لم يعتاده أبناء الصعيد ..


* كان والد الشهيد يعتقد أنه سيوجه شكر لهذه الجموع الغفيرة التى حضرت خصيصاً لتعزيته ومواساته هو وجميع أسر الضحايا ثم يعود إلى بلدته ، ولكن ما أن جلس والد الشهيد أبانوب إلا وإنهار وتحول إلى البكاء كالأطفال .. منظر قد تعجز الأقلام عن وصفه أو الحديث عنه ، وليت الأب إكتفى بالبكاء للتعبير عن حزنه العميق وحجم المصاب ولكن المفاجأة أن يصرخ فى الجموع بينما دموعه تتساقط " أنا خايف " ... ظل يردد " أنا خايف .... يمكن ماروحش بيتى ويقبضوا علىّ أو حد يقتلنى ... أرجوكم إحمونى " ومن خلال دموعه التى أبكت الجميع صرخ بأعلى صوته مناشداً رئيس الدولة بحمايته !!!! .


* فلاح بسيط ولد من نبت هذه الأرض الطيبة رواها بالعرق والدم ورغم هالات الحزن التى عبرت عنها قسمات وجهه إلا أن ملامحه السمراء التى شربت من ماء النيل طبعت فى وجهه صورة الأرض الطيبة والنهر الخالد لترسم صورة صافية من أجمل معانى الحب والتسامح .... قطع والد الشهيد مئات الكيلومترات هو وبعض أبناء عشيرته وأصدقائه لكى يعزينا ونعزيهم ... صرخ وسط الجموع وهو يردد " أنا خايف ... أريد الحماية " ... الأب يفقد إبنه فى ليلة عيد الميلاد وهو يحكى وسط دموعه أنا اللى قتلت إبنى ... لقد طلبت منه الذهاب إلى الكنيسة والعودة لكى نجلس جميعا حول المائدة لتناول إفطار العيد عقب خروج الكنيسة وبينما أنا جالس إذ بأخى يقول لى " أبانوب غرقان فى دمه " ... ماذا أفعل .... ماذا أفعل وأنا مريض وأتعالج من فيروس مدمر !!!!!!! ... وبعد أربعين يوم يحضر إلى القاهرة فى حفل تأبين روح هؤلاء الشهداء ، ليطلب الحماية وهو يبحث فى عيون الحاضرين ويصرخ من يحمينا !! ...

كل ذلك يحدث رغم ما قيل عقب الأحداث وما صرح به محافظ قنا والقيادات السياسية ونائب الدائرة عبد الرحيم الغول ومسئول الكنيسة الأنبا كيرلس ووصف الحالة الأمنية والتأخى بين أبناء الوطن بالإستقرار ... والتسابق فى القبلات والأحضان الزائفة .. فهل صرخة الأب الملكوم والبائس والمجروح لم تصل إلى أذن السيد المحافظ ونيافة الأنبا كيرلس والنائب الغول الذين صرحوا جميعاً بالحياة الوردية وتقابلوا بالأحضان حول نعوش الضحايا الذين أريقت دمائهم ، ظل يرددون وهم يضللون العالم كله بصورة غير حقيقية بل ومزيفة بتلك الحياة التى ينعم بها نجع حمادى بل أن المحافظ أكد أنه رغم الجريمة البشعة التى حدثت فى ليلة عيد الميلاد المجيد .. إلا أن محافظة قنا ستظل نموذجاً يحتذى به فى الوحدة الوطنية والمحبة والأخاء بين أبنائها ونتساءل أى نموذج تتحدث عنه أيها المحافظ هل تتحدث عن علاقة المحبة التى تربط بين الإخوة المسلمين والأقباط منذ عدة قرون عديدة والتى لا تحتاج إلى أمثالك لتتغنى بها فهى باقية سوى رغب الحاقدين أو لم يرغبوا .


* هذه النماذج الوطنية موجودة فى كل قرى ونجوع ومحافظات المحروسة ... ولكنك تجاهلت أنت وقافلتك الميمونة التى تجوب بها القرى والنجوع فى حراسة مدير الأمن وبعض قيادات أمن الدولة وسط تهليل وترحيب المنافقين والمضللين من القيادات الإرهابية والمتسرطنة فى الصعيد وهى التى تحرك الغوغاء والصبية والمشردين وأرباب السوابق أمثال الكمونى ... تجاهلتم هذه الأصابع التى أنتم أول من تعرفونها قد يكونوا أعضاء فى مجلس الشعب أو بعض القيادات الأمنية التى أدمنت وتشربت من الفكر السلفى للإرهاب من فكر بن لادن وحسن نصرالله وحكم طالبان وتوجيهات إيران والتوغل الشيعى .... تجاهلت أنت ونيافة الأنبا كيرلس بالتواطؤ مع الأمن المنبطح بمحافظة قنا وبعض دعاة الفتنة الموالين للإخوان والإرهاب ... من دعاة المنابر بالجوامع وفى الزوايا والحوارى وفى مراكز الشباب وتركتوا كل هؤلاء الكلاب لتنهش فى جسد الوطن وتشبثتم بكرسى الحكم دون أن تراعوا القسم الذى أقسمتموه أن أدافع عن أبناء هذا الوطن ...


* قطع الأب الملكوم مئات الكيلومترات ليصرخ من الفزع وسط دموعه " أنا خايف ... أنا باطلب الحماية " حتى جعل الحاضرين يتساءلون أى ذنب إرتكبه هذا الأب حتى يفقد إبنه ثم يظل مرعوباً وتساءل الجميع من الذى يهدده ... هل الغول أم أمنا الغولة أم هؤلاء السفلة المأجورين .


* حكى الأب الملكوم ما لا يمكن تصديقه ... لم أصدق ما يقوله أبو الشهيد وسط دموعه ... قال : " وصلت السخرية فى المركز أنه يتم تقسيم بيوت ومنازل الأقباط ونحن مازلنا نعيش فيها فمثلاً فى حوار بلطجى مع صديقه أنا سوف أحصل على منزل أبو حنا يرد الأخر ليقول له دع هذا المنزل لى فأنا لى ثلاث أبناء وزوجة ، خد إنت منزل أبو مينا " وهكذا يستمر هذا الحوار البذئ أمام الأقباط دون خجل أو خوف من المساءلة وهو ما جعلنا نتساءل كيف وصلنا إلى تلك المرحلة وكيف ترك الأمن والدولة الحبل على الغارب لهذه القلة الفاجرة ثم نعود ونطالب الجميع بالتروى والتمهل .. هذا وقد خرجت بعض الأقلام تطالب المسئولين بالموقف الجاد والحاسم عقب تلك الأحداث لوضع حد لها ورغم مرور أربعون يوماً على هذه المذبحة إلا أنه وجدنا أنه لم يتغير شيئاً وأن الإرهاب لم يعد يخجل مما يفعل فهل هذه الوقفة الجادة التى تتحدثون عنها وترفضون أى إدانة لتلك الأحداث الإرهابية أعطت الذريعة لهؤلاء ليقول البعض عقب كل ما يحدث أن هذا هو شأن داخلى فى محاولة لغلق الملف لصالح الإرهابيين كما نشر بعض السادة المسئولين أننا لا نسمح لأى أحد أن يتدخل في شئوننا حتى ولو كان المقصد هو ردع تلك العمليات الإجرامية فإذا لم يكن كذلك فماذا يكون ولماذا قطع هذا الأب المجروح كل هذه الكيلومترات ليذرف الدموع كالأطفال ويصرخ ويقول أنا خايف

* أين هذه الوقفة الجادة والصريحة مع النفس ونحن نشاهد تقسيم منازل الأقباط بين السفلة والمأجورين وهم يستعدون لطردهم منها عقب إفتعال أى حادث إرهابى أمام بعض الأجهزة الأمنية والشرطة ... يكفى أن تتهم أى فتاة سافلة شاب مسيحى بإغتصابها لتتحرك هذه المجموعات الغوغائية بصورة ليست عشوائية بل منظمة ، وهذا يعنى الإتفاق المسبق على الجريمة والإستعداد للهجوم والتى تبدأ بضرب كل شخص مسيحى يقابلونه فى الشارع أمامهم سواء كان رجلاً أو إمرأة أو شاباً أو فتاة وتقود هذه الحملات الصبية والمتسولين مع ترديد هتافات إسلامية ... إسلامية حتى ينضم إليهم راغبى السرقة والإجرام وكأنهم يقومون بغزوة إسلامية جديدة ... فتكون هى الزريعة لإقتحام جميع المحلات التجارية الخاصة بجميع المسيحيين لتكسيرها وسرقتها ولا يتركوها إلا بعد أن تكون فارغة تماماً ثم بعد ذلك إشعال النيران فيها


* كل هذه السيناريوهات البغيضة قد تكررت فى أكثر من واقعة بنفس الأسلوب وإن تغيرت المبررات ويحدث على مرأى ومسمع من قوات الأمن والشرطة المصرية التى تحصل على رواتبها من دافعى الضرائب من الأقباط التى تنهب أموالهم ... وللأسف فموقف الشرطة واضح ولم يتغير منذ أحداث الكشح فهى تترك الغوغاء يقومون بأعمال السلب والنهب ، بل وتفسح لهم الطريق للهروب بالغنائم دون أدنى إعتراض ... مما دفع بعض الغوغاء للإعتراف بأن الشرطة والأمن يقوموا بحمايتهم وكأنهم ما يقومون به هو عمل شرعى وقانونى يوافق عليه الإسلام والدولة ، وهو ما ينطبق عليه الأحداث الأخيرة التى حدثت فى فرشوط ، بل والمصيبة التى تعودنا عليها أن يساق المجنى عليهم إلى جهاز أمن الدولة مكبلين بالأغلال مثلهم مثل المجرمين ويتم إيداعهم فى الحجز هم وبعض البلطجية ... ثم يبدأ الفصل الأخير بمساومة الأقباط والتنازل عن البلاغ المقدم منهم من سرقة أو إعتداء أو إهانة فى مقابل غلق الملف والإفراج عنهم ، وهو ما يضطر المجنى عليهم قبوله للهروب من الإهانة والضرب المبرح والحجز داخل أقسام الشرطة وبعد كل ذلك يخرج علينا محافظ قنا وأسقفها المبجل ونائبها الغول ليصدروا بيانات فيشينكية بأن كل شئ تمام التمام ... وفى سياق أخر يواصل البعض الهجوم على أقباط المهجر بصفتهم غرباء على الوطن ولا يمتون لأقباط مصر بصلة وإتهامهم بالخيانة العظمى .


* ومن المضحكات المبكيات ما يقوله أبو الشهيد أبانوب حيث إغتصب المدعو أسامة عباس منزل بولس مينا عبد الشهيد بمركز نجع حمادى الذى يقيم فيه فقد خرج الأخير من منزله لقضاء بعض الحاجات وعند العودة وجد المغتصب قد إحتل المنزل بما فيه ولأن صاحب المنزل يعلم ما سوف يتعرض له فى حالة اللجوء إلى العنف فقد كان أكثر حكمة وتروى بالذهاب إلى القضاء وقدم دعواه التى شملت المستندات الدالة على صحة أقواله وظلت القضية تتداول فى المحاكم منذ عام 2006 حتى حصل الشاكى على حكم قضائى رقم 50 لسنة 2007 حيث صدر الحكم فى 31/10/2007... ونحن الأن فى بداية عام 2010 ويعجز المدعى بتنفيذ الحكم القضائى حتى الأن بإستلام شقته وطرد المغتصب بل ومن المضحك أنه حتى تلك اللحظة يسدد المطرود القيمة الإيجارية للعقار ولا يجد من يحميه لتنفيذ الحكم القضائى الصادر .. فى الوقت الذى تزيل فيه أبراج بزعم عدم حصولها على تراخيص من الجهات المختصة رغم أن هذه الجهات هى التى تترك أصحاب العقارات دون إكتراث ببنائها حتى ترتفع وتنتهى عمليات البناء للمبنى ثم تمليكه أو تأجيره ثم بعد ذلك تقوم حملة من الأشاوس لإزالة هذه الأبراج تنفيذاً لقرار السيد المحافظ... أما فى حالتنا فيعجز السيد محافظ قنا عن تنفيذ قرار محكمة وليس قرار إدارى بتمكين مواطن مسيحى من العودة إلى شقته ، بينما هو يهرول لحضور جلسات مجلس الشعب الموقر للإدلاء بالبيانات الحنجورية وسط تصفيق حاد من المضللين والمنافقين ، بينما يهاجم المجلس النائبة جورجيت قلينى لأنها تجرأت لتدافع عن الأقباط والحقيقة ...


* " أنا خايف .. أريد الحماية " ... صرخة الأب نداء نتوجه به السيد رئيس الدولة الذى أدان الإرهاب فى خطابه الأخير بالإحتفال بعيد الشرطة .


* " أنا خايف .. أريد الحماية " ... صرخة الأب نتوجه بها إلى كل شرفاء مصر لرفع الظلم فوراً عن هؤلاء المطحونين ومحاسبة المسئولين فى محافظة قنا .

* " أنا خايف .. أريد الحماية " ... صرخة الأب نتوجه بها إلى قداسة البابا لمحاسبة نيافة الأنبا كيرلس فهو بتكذيب ما قاله أتاح فرصة لخروج رؤوس الأفاعى من جحورها لمهاجمة أقباط مصر والوقوف بجانب هؤلاء المرتزقين والسفلة والمأجورين وطمس الحقيقة .

* " أنا خايف .. أريد الحماية " ... صرخة الأب نتوجه بها إلى كافة دول العالم .. لعدم غلق هذا الملف فقد أطلقت هذه الصرخة بعد الأحداث الدامية بـ 20 يوماً ولم يتغير شيئاً بل مازالت الإهانات والجروح مستمرة .. وليس لنا سوى كلمة أخيرة ....... مصر إلى أين .



رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد

Email: elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

الأربعاء، يناير 27، 2010

للفلسطينيينَ قيادةٌ خارجُ فلسطينَ

د. فايز أبو شمالة
لطالما سعت إسرائيل لإيجاد قيادة فلسطينية داخل الأراضي المحتلة، قيادة محلية تتحمل مسئولية العمل السياسي الفلسطيني. ولكن باءت محاولاتها بالفشل، حتى وهي تخلق روابط القرى، وتدعمها كقيادة بديلة، لأن الفلسطينيين صرخوا: منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي التي تمثل مصالح كل الفلسطينيين أنّى تواجدوا، وهي النبع التي يرد حوضها كل الرعاة الظمأى للحرية.
سببان كانا وراء التفتيش الإسرائيلي عن بدائل محلية لقيادة العمل السياسي؛ الأول: إن وجود قيادة فلسطينية داخل حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، يعني وجود قيادة تحت السيطرة، وغير قادرة على تجاوز الأفق الإسرائيلي، مهما علت تطلعاتها، ومن يتشكك في ذلك، ليقرأ النتيجة التي وصل إليها الشهيد ياسر عرفات، أو ليعرف ما هو مصير الوزراء الفلسطينيين، وأعضاء المجلس التشريعي، ورؤساء البلديات الذين ينتمون لحركة حماس؟
الثاني: قيادة فلسطينية داخل حدود الضفة الغربية وقطاع غزة، هي قيادة تمثل مصالح أربعين في المائة من الشعب الفلسطيني، وتفتش عن حلول لا يتجاوز مداها المساحة الجغرافية لمدن الضفة الغربية وقطاع غزة، بالتالي فهي قيادة تخلت رغم أنفها عن يافا، وحيفا، وعكا، وصفد، وعسقلان، وبيت دراس، ولا تعبر عن طموح اللاجئين.
إذن؛ لم تكن إسرائيل غبية، وهي تحاول خلق قيادات محلية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، ولم يكن الشعب العربي الفلسطيني غبياً وهو يصر على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد، وهذا ما أعجز إسرائيل التي لجأت إلى التحايل، والخداع السياسي لتدجين منظمة التحرير، وجعلها قيادة محلية بديلة، بشعارات وطنية كبيرة، قيادة تمارس عملياً ما استعصى على غيرها ذات يوم، ولا غرابة، والحال هذا، أن تجد الشعب الفلسطيني قد تغير، بعد أن اختفت منظمة التحرير الفلسطينية التي هتف لها ممثلا شرعيا وحيداً، ليحل محلها منظمة تحرير لا تمثل أحلام، وطموحات كل الشعب الفلسطيني سواء أكان في الشتات، أو في دول اللجوء، أو داخل الوطن المحتل؟.
هل يفهم من كلامي هذا أننا بحاجة إلى قيادة سياسية فلسطينية خارج حدود السيطرة الإسرائيلية؟ أقول: نعم، ويجب أن تكون مرجعية القرار السياسي الفلسطيني خارج حدود فلسطين المحتلة، وبعيداً عن المجال الإسرائيلي الذي فرض نفسه على القرار الفلسطيني، ومن يدعي أن هنالك حرية رأي، وتعبير، وانتخابات حرة، واختيار نزيه للقيادة، واستقلالية للقرار الفلسطيني فهو واهم، ويزكي الاحتلال، ويطهر سلاح الإسرائيليين من الدم الفلسطيني.
بحضور الرئيس الأمريكي بيل كلنتون، شاركتُ شخصياً سنة 1998 في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في مدينة غزة، كان المؤتمرون الفلسطينيون يصفقون للرئيس الأمريكي بلا وعي، وبلا عقل، وكأن الرجل الأمريكي جاء محرراً لفلسطين، لقد صفق المؤتمرون لذكر أي شيء له علاقة بالرئيس الأمريكي، فإذا قيل: زوجة الرئيس، صفق المؤتمرون، وإذا قيل: البيت الأبيض، صفق المؤتمرون، وإذا قيل: الجيش الأمريكي، صفق المؤتمرون، وسط هذا الضجيج السياسي المأساوي، صرخت بصوت صاخبٍ غاضبٍ: كفى. لم يبق لكم إلا التصفيق لكلب كلينتون. انتبه إلي صراخي بعض الحضور، ومن ضمنهم؛ مراسل التلفزيون الإسرائيلي "يهودا عاري"، الذي نظر إلي بشماتة، وهو يواصل التغطية الإخبارية التي انسجمت مع زفير الإسرائيليين، الذي لوّث أحلام غزة.
fshamala@yahoo.com


زلزال هايتي وفوضى الإمبراطورية


زهير الخويلدي

"إن المسؤولية الأخلاقية تقتضي أن نأخذ بعين الاعتبار خير هؤلاء الذين تأثروا بقراراتنا اليومية دون أن يكونوا قد شاركوا في إتخاذها"[1].

يبدو أن بعض بلدان المركز فقدت الصواب وتخلت عن كل القيم الإنسانية التي أبدعها العقل البشري بعد رحلة من التقدم قادته من عصور الجمود إلى زمن النور ويبدو أن الكثير من دول الأطراف لم تعد قادرة على تحمل أعباء ومخلفات ما تصدره إليها دول المركز من نفايات سامة وسلبيات وما تصدره العولمة الاختراقية من فقر ومرض وبطالة وموت.

وقد تجلت هذه الداروينية السياسية المبرمجة التي تؤمن بالبقاء للأصلح والانتخاب الطبيعي مؤخرا في ما أصاب جزر هايتي من زلزال مدمر قضى تقريبا على ثلث سكانها أي مائتي مواطن برئ وحول عاصمتها إلى أكوام من ركام حيث ذهب ضحيتها العديد من الأشخاص من جنسيات مختلفة. وقد كشف الرئيس الفنيزويلي هوغو تشافاز نقلا عن مصادر روسية أن السبب الحقيقي وراء زلزال هايتي هو اختبار أجرته أمريكا على جهاز صدمات ونية البعض من بينهم إسرائيل استخدام أسلوب الكوارث الطبيعية مثل الصواعق والزلازل كطرق غير تقليدية في الحرب ضد بعض الدول المارقة وربما يكون النظام الإيراني وبعض فصائل المقاومة هو المستهدف القادم من هذه التجارب والمناورات.

إن قيام الدول المتقدمة ببعض التجارب التكنولوجية أو الصناعية والحربية غير التقليدية مثل "الكيمتريل" بقدر ما يفيد اقتصاديتها ويدفع البشرية نحو الأمام على مستوى التقدم المادي بقدر ما يضر بالتقدم الروحي ويهلك معالم الحياة في الدول النامية المجاورة لها والتي لا تتحمل المسؤولية ولا تجني أية فائدة من نجاح مثل هذه التجارب.

لقد أثبت قمة كوبنهاغ الأخيرة حول المخاطر التي تهدد الأرض مدى تكالب أقطاب العالم القدامى والجدد على الارتقاء الحضاري والتصنيع الطاقوي والحربي ولو كان ذلك على حساب البيئة والمحيط والأرض وبينوا عدم اكتراثهم بخطورة التهديدات بالتصحر وتناقص الأمل في البقاء والتعمير بالنسبة للنوع البشري على الكوكب.

إن تحذيرات بعض الدول الأمريكية بشأن الأضرار التي تحدث للطبقة الأرضية ولاستقرار المناخ وجيهة وذات مغزى وينبغي أن تؤخذ محل الجد من طرف الدول المصنعة لأنه لا يعقل أن يشطب مئات الآلاف من الآدمية بسبب حرص بعض الشركات الاحتكارية على إجراء تجربة نووية في عمق البحر أو في الصحراء رغم علم علماء الأرض لأن مثل هذه التجارب قد تولد مشاكل بيئية كثيرة وتحدث مضاعفات على التوازن وحركة التيارات المائية والهوائية وما تنتجه من أعاصير وكوارث في غير وقتها وتربك المشهد وتصيب المناخ بالجنون.

إننا نشاهد اليوم كيف ترتفع درجات الحرارة في الشتاء وتنخفض في الصيف وكيف أدت سخونة الأرض إلى ذوبان جبال الجليد في المتجمدين وارتفاع منسوب البحار فوق الدرجات المعهودة وهو ما يهدد بالطوفان واختفاء بلدان بأسرها من الخريطة ولنا في تسونامي خير مثال.

إن التفسير الفلسفي لما يحدث يتمثل عدم التناسب بين نمو القوة وتعاظم وسائل الفتك والتخويف ونمو الحكمة والتقدم في مملكة الغايات والقيم. إن عولمة التقنية قد تزايدت كثيرا بحيث أصبحت تمثل تهديدا خطيرا على التوازن الكوسمولوجي والتكامل بين الظواهر الطبيعية والمسؤولية الأخلاقية التي تشرع لها الإتيقا المستقبلية ينبغي أن تكون في نفس الحجم بالمقارنة مع كمية القوة العنفية التي تحاصر مستقبل الكائن الآدمي في الدنيا وتمنعه من الحلم والتحرك بحرية في الفضاء وحسن التصرف في الزمان.

إن الإتيقا المستقبلية كما بين هانس جوناس يجب أن تجمع بين معرفة الأسباب المادية التي تتحكم في الطبيعة من الناحية الموضوعية قصد توجيهها توجيها إنسانيا وبين معرفة الغايات البشرية من الناحية الذاتية قصد إصدار جملة من الأحكام والأوامر الإلزامية تجعل من فعل الإنسان في الحاضر مدركا للاستتباعات المنجرة عنه في المستقبل ومتحملا مسؤولية سكنى العالم ورعاية الوجود ومضطلعا بوظيفة الاستخلاف والتعمير.

إن المنطق يستوجب أن نعيد العقل والأخلاق إلى عالم يعيش دون ضمير ويعامل الأدميين دون رحمة أو شفقة وأن ننهي النمط الإمبراطوري في التواجد في الكون وننتقل من الفوضى الهدامة أوالخلاقة إلى التعقل الرشيد والتدبير العقلاني للشأن الانساني واستعادة التنظيم المؤسساتي للنوع البشري.

فكيف نعمل على مواجهة المخاطر المحدقة بالأرض نتيجة التصنيع ونوقف حمى التسابق على الإفناء؟ أليس المطلوب هو قيام ثورة خضراء ووعي ايكولوجي انسي من أجل إعادة الأمل إلى الوجود في عالم نظيف وخال من التهديدات؟

----------------------------------

[1] Hans Jonas, pour une éthique du futur, Editions du Rivages, 1998, p69.


أزمات متعدّدة لأمَّة واحدة

صبحي غندور


تشهد المنطقة العربية جملةً من الأزمات المتراكمة زمانياً والمتفاعلة مكانياً، وهي في معظمها أزمات تحمل سمة التعدّدية في مظاهرها وفي أسبابها أيضاً.

فبعض الأوطان العربية يعاني الآن من خطر الاحتلال أو التدخّل الخارجي إضافةً إلى خطر الصراعات الداخلية، بل ربّما مخاطر الحرب الأهلية. وهنا تشترك مشكلة تحدّيات الخارج مع انقسامات الداخل.

أوطان عربية أخرى تمرّ في ظروف سياسية تبرز فيها أعطاب الحكم والمعارضة معاً. فلا الناس راضية عن الحاكم ولا هي مقتنعة أيضاً بالمعارضة البديلة. فهذه أوطان تعيش مشكلة الحكم والمعارضة معاً.

حتى في البلاد التي لا تعاني من مشكلة تحدّيات الخارج وانقسامات الداخل، أو من ثنائية أزمة الحكم والمعارضة، نجد الاختلال قائماً فيها حول مسألتي العدل السياسي والعدل الاجتماعي.



وهناك مشاكل تشترك فيها عموم المنطقة العربية، خاصّةً حينما يتعلّق الأمر بالمسائل الفكرية والثقافية وبكيفية فهم الدين والهُويّة الوطنية والقومية. فالهويّة الوطنية تُمارس الآن وكأنّها نقيض للهويّة القومية وفي مواجهتها. كذلك أضحت الأولويّة للانتماءات الطائفية والمذهبية، وعلى حساب الانتماء إلى الوطن الواحد والقيم الدينية المشتركة. كما أنّ التطرّف في الفكر أو في الأسلوب هو اللون السائد الآن على معظم الحركات السياسية العاملة بأسماء دينية وطائفية.

إنّ هذه المشاكل العربية المشتركة هي الحاضن الآن لكثير من الأزمات الوطنية أو الإقليمية. وهذه المشاكل والأزمات العربية هي ليست وليدة الحاضر أو الماضي القريب فقط، بل هي محصّلة لتراكم كمّي في الأوضاع السياسية على امتداد شريط زمني طويل، نحصد نتائجه حينما تشتدّ تحدّيات الخارج إذ تظهر جليّة أكثر أمراض وأعطاب الداخل في مواجهة هذه التحدّيات.

لكن دروس التاريخ تعلّمنا أيضاً أنّ المنطقة العربية هي نهر جارف لا بحيرة راكدة. وهذا ليس بخيار لأبناء هذه الأمَّة، بل هو قدرها المحتوم بما هي عليه من موقع استراتيجي مهم، وبما فيها من ثروات طبيعية ومصادر للطاقة، وما تختصّ به وحدها من أماكن مقدّسة لكلِّ الرسالات السماوية. فحتّى لو اختارت بعض شعوب الأمَّة العربية العزلة عن جوارها وعن العالم المحيط بها، فإنّها لا تقدر على ذلك بسبب خيارات القوى الأخرى الإقليمية والدولية التي تطمح للسيطرة على ما في هذه البلدان من خيرات.

ثمّ إنّ الصراعات بين القوى الإقليمية والدولية وتنافسها على المنطقة العربية، يزيد من هدير هذا النهر الجارف في المنطقة. فالسؤال إذن هو ليس حول حدوث التغيير فيها أو عدمه، بل عن نوعية هذا التغيير ومواصفاته واتجاهاته، وعن أطرافه المستفيدة أو المتضرّرة، سواء محلّياً أو خارجياً.

فالصراعات والتحدّيات وحركة التغيير، هي قدَر بلدان الأمّة العربية، لكن ما يتوقّف على مشيئتها وإرادتها هو كيفيّة التعامل مع هذه التحدّيات، وهو أيضاً نوعية التغيير الذي يحدث على أرضها وفي مجتمعاتها.

إنّ واقع الحال العربي الآن لا يحمل رؤيةً عربية مشتركة فاعلة لمستقبل أفضل، ولا يقوم في معظم الأحيان والحالات على مرجعيات فكرية وسياسية سليمة. فهناك إمّا استسلام للأمر الواقع ولإرادة الخارج، أو تصدٍّ في المقابل لهذا الواقع من خلال قوى متعدّدة المرجعيات وتتناقض لديها الأفكار والأساليب.

إنّ كثيرين من أبناء الأمّة يتشكّكون الآن من هُويّتهم العربية وممّا هو مشترك بين بلدان هذه الأمّة، دون إدراك منهم أنّ ما هو قائم من وضع سلبي لا يعبّر أصلاً عن العروبة نفسها. فالحديث هو عن "أمَّة عربية" بينما هي أوطان وحكومات متعدّدة، وأحياناً متصارعة، بينما المتعاملون مع هذه الأمّة العربية من قوًى إقليمية ودولية هم أمم موحّدة بكل معاني التوحّد أو التكامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري. فلو أنّ حال هذه القوى كان شبيهاً بحال العرب الآن، لما استطاعت أصلاً أن تشكّل تحدّياً أو خطراً على غيرها. فالعرب أمّة منقسمة تتعامل مع أمم متحدة!!

ولعلّ أخطر ما في الواقع العربي الرّاهن هو الشعور باليأس والإحباط وفقدان الأمل بمستقبل أفضل.

***

ليس هناك من بداية واحدة فقط لمعالجة كلّ هذه المشاكل المتأزّمة في المنطقة العربية، فأيُّ نجاح في تفكيك أزمة هو عنصر مهم للمساعدة في حلّ باقي الأزمات، لكن المدخل الصحيح لأيِّ عمل ناجح هو توفّر الفكر السليم الذي يقود هذا العمل ويحرّك طاقات القائمين به. الأمّة العربية تحتاج الآن إلى رؤية فكرية مشتركة تحسم الخلل والتناقض المفتعل بين هُويّات مختلفة لأوطانها ولشعوبها، بحيث يتعزّز معاً، وفي وقتٍ واحد، الولاء الوطني على حساب الانتماءات الضيّقة الأخرى، كما هو مؤمّل أيضاً على صعيد الهُويّة العربية ومجالات التعبير المختلفة عنها، داخل المجتمعات وبين الحكومات.

فالتّعامل مع سلبيّات الواقع والعمل لإيجاد بدائل إيجابيّة يتطلّب الخروج أوّلاً من المأزق الذي يعيشه الفكر العربي المعاصر في كيفيّة تحديد جملة مفاهيم ترتبط بالهويّة والانتماءات المتعدّدة للإنسان العربي، وبدور الدّين في المجتمع، وبالعلاقة الحتمية بين حرّية الوطن وحرّية المواطن، وبالفهم الصحيح للعروبة وللمواطنيّة وللعلاقة مع "الآخر"، وأخيراً في التلازم المنشود بين الفكر والحركة.

فهناك قطاع كبير من العرب لا يجد أهمّية الآن للأمور الفكريّة أو للمؤسّسات المهتمّة بالفكر والثقافة، وهذه الفئة من العرب تجد أنّ الأولويّة الآن هي للأمور الحركيّة والعمليّة حيث لا يجوز إضاعة الوقت والجهد في قضايا الفكر والتنظير، بينما نجد في المقابل العديد من المفكّرين العرب يكتفون بطرح الفكر ولا يساهمون في بناء المؤسّسات التي تقدر على تحويل الأفكار إلى برامج عمل تنفيذيّة.

فالفكر في المجتمع هو كالإعداد الدّراسي والجامعي الذي يوجِد الأساس العلمي والنظري السّليم للأعمال الحركيّة المطلوبة في المجتمع. الفكر هو الذي يحدّد الأهداف المرجوّة من أيّ عمل، وهو الذي يصنع وضوح الرؤية خلال مسيرة تنفيذ برامج العمل. لكن لا قيمة للفكر إذا لم يعالج عمليّاً مشاكل قائمة وإذا ما بقي أسير الكتب وعقول المفكّرين. فالقيمة الحقيقيّة لأي فكرة تتحصّل من مقدار تعاملها مع الواقع ومشاكله والقدرة على تغييره نحو الأفضل.

إنّ أساس العطب في الجسم العربي هو في الفكر أولاً وقبل أن يكون في طبائع نظم الحكم أو كيفيّة المشاركة الشعبية في الحياة العامّة. والحديث عن الفكر لا يعني فقط النخب المثقفة في المجتمع، بل هو شامل لما يسود الأمَّة من تراث فكري ومعتقدات وعادات وتقاليد ومفاهيم لأمور الدين والدنيا، شكّلت بمجملها الواقع العربي الراهن.

إنّ إصلاح الفكر العربي بشموليته التاريخية والجغرافية لا يضع فقط الأهداف السليمة للمستقبل، بل يحدّد أيضاً ضوابط الأساليب ووسائل العمل التي تكفل النجاح والتقدّم والتغيير نحو الأفضل.

من ذاكرة الأسر: الأسير المناضل حسام شاهين يدخل عامه الإعتقالي السابع

راسم عبيدات

.....حسام شاهين مناضل من قرية السواحرة الشرقية/ القدس،تربى في بيت عرف فيه أغلب أفراد الأسرة طريقهم إلى سجون الاحتلال أكثر من مرة،فوالده المناضل زهدي شاهين سجن واعتقل أكثر من مرة،وكان لفترة طويلة أمين سر حركة فتح في قرية السواحرة الشرقية،وهو من القيادات الفتحاوية المعروفة على مستوى القدس،وله بصمات واضحة في العمل الجماهيري والمؤسساتي في السواحرة الشرقية،وساهم في القيادة والإشراف على العديد من المشاريع الهامة والحيوية في البلدة من كهرباء وماء ومؤسسات أخرى،وكذلك أشقاؤه وشقيقاته تعرضن للاعتقال بسبب أنشطة وفعاليات وأعمال نضالية ضد الاحتلال،ومرت فترة كان فيه حسام وشقيقه محمد وشقيقته سوسن في المعتقل في نفس الفترة.

وحسام من صغر سنه انحاز للوطن على حساب العشيرة والقبيلة وخرج من تلك العباءة وأنتمى للشبيبة الطلابية،وكان دينمو وشعلة نشاط،يشارك في كل الفعاليات والأنشطة الجماهيرية من مظاهرات واعتصامات وندوات ومحاضرات وغيرها،وحسام ما كان يميزه أنه يهتم بتثقيف نفسه،مؤمناً بمقولة الكلمة المقاتلة كالطلقة المقاتلة،ونشاطه وفعله على الأرض قاده لكي يكون سكرتير الشبيبة الطلابية في منطقة القدس،وعمل مع أخوة له من فتح والشبيبة في مختلف محافظات الوطن على إقامة الشبيبة الطلابية على مستوى الوطن،وليصبح حسام سكرتير علاقاتها الخارجية.

وحسام الذي طورد لفترة تزيد عن ثلاثة سنوات،وليجري بعدها اعتقاله من أحد البيوت في مدينة رام الله،وفي التحقيق الطويل معه كان صلباً وعنيداً،وتمسك بمواقفه لم يهب أو يخف أو يرتعب من محققيه،بل كان يجادلهم ويناقشهم ويسخر منهم،ويطمئنهم أن الاحتلال مهما طغى وتجبر فهو إلى زوال،وخرج منتصراً من التحقيق،وشكل حالة رمزية لأخوته ورفاقه المعتقلين،وتنقل في أكثر من سجن وتعرض للعزل أكثر من مرة،وحسام الذي التقيته في سجن عسقلان عام 2006،وليس تحيزاً له كونه ابن لنفس البلدة التي أنا منها،بل كلمة حق لا بد من قولها فهو من القيادات الواعية والمتنورة فتحاوياً واعتقالياً،ولم يكن مغلقاً أو عصبوياً،بل كان يعرف جيداً أن عنوان الصراع،مهما اختلفنا كأسرى وفصائل هو الاحتلال،وما كان يؤلمه ويثير غضبه ما وصلت إليه الحالة الاعتقالية والحركة الأسيرة من تراجع وانهيار،وكذلك حال حركة فتح والذي نأى بنفسه عن المشاركة في انتخاباتها الداخلية،رافضاً الأسس والمعايير التي تقوم عليها تلك الانتخابات،والتي اعتبر أنه تكريس للعشائرية والجهوية،وما كان يحزنه كثيراً حالة الخواء الثقافي التي تعيشها الحركة الأسيرة وفي المقدمة منها حركة فتح،وأشد ما يقلقه في هذا الجانب التركيز على التثقيف في القضايا والأمور الدينية وبما يظهر فتح وكأنها حركة إخوان مسلمين،وحسام من المهتمين والمتابعين للشأن السياسي والشأن الإعتقالي،وله العديد من الكتابات في الشأنين السياسي والأدبي وبالتحديد في هموم وقضايا الأسر،وأذكر أنه كان يجري الكثير من اللقاءات والمقابلات مع العديد من الأسرى وبالتحديد القدماء منهم تمهيداً لإصدار رواية حول واقعهم وظروف اعتقالهم،وكان يحرص على المادة التي يجمعها أو يكتبها كالحرص على حدقات عيونه،وهو يعرف أن الاحتلال في هجماته وتفتيشاته المستمرة والمتواصلة لغرف وأغراض الأسرى،قد يصادر أو يتلف تلك المواد،

وبالفعل قامت إدارة سجن رامون الصحراوي بتاريخ 14/12/2009 بعزل المناضل حسام شاهين في زنزانة انفرادية،بعد أن صادرت منه(كافة انجازاته وكتاباته الأدبية على مدى خمس سنوات ماضية،الكتب،كافة المراسلات الشخصية التي استلمه من عائلة منذ اعتقاله،الصور الشخصية لأفراد عائلته وأصدقائه)،وعملية عزل الأسير حسام شاهين،أكثر من مرة ولأكثر من فترة،تأتي في إطار سياسة إدارات السجون المستهدفة القيادات والكادرات الاعتقالية،من أجل التأثير على معنوياتها ومحاولة كسر إرادتها،والحد من دورها وتأثيرها على بقية الأسرى،فيما يتعلق ببناء منظمات إعتقالية،وبناء مؤسسة اعتقالية وطنية،والتصدي ومقاومة سياسة إدارات السجون الإسرائيلية،في هجماتها المستمرة من أجل سحب منجزاتها ومكتسباتها،وإبقاءها في حالة من الدفاع المستمر،وشل قدرتها على الفعل،ومنعها من التواصل أو القدرة على خلق أوضاع تنظيمية مستقرة،ولتحقيق ذلك تعمد الى ممارسة سياسة التنقلات والعزل المستمر بحق الكثير من قادة وكادرات الحركة الأسيرة.

وحسام شاهين والذي كما قلت عرفته قبل الاعتقال وبعده،كان يسكن في قسم (د) من سجن عسقلان وفي غرفة رقم 28،مع أخوة أغلبهم من الأسرى القدماء،والذين مضوا على وجودهم في المعتقل عشرين عاماً فما فوق،وللقول لحسام هنا"كنت أخجل من النظر اليهم،خوفاً من أسمع تأنيبهم وتساؤلاتهم،وشتمهم وسبهم للسلطة والفصائل والأحزاب،والقول ماذا فعلتم من أجل أن ننال حريتنا؟،وأي ثورة هذه التي تتخلى عن جنودها؟،وهل تعتقدون أن هذا النهج التفاوضي العقيم سيحرر أي منا؟" وطبعاً حسام إما أن يلوذ بالصمت أو يشاركهم وجهة نظرهم،أو يحاول امتصاص ثورتهم او غضبهم،ودون أن يجامل أو يبرر الإهمال والقصور بحقهم،وأذكر يوم أن أعلن أن حزب الله أسر جنديين إسرائيليين في تموز/2006،كيف كان حال هؤلاء المعتقلين،بحيث ان معنوياتهم أصبحت تطال عنان السماء،وأصبح كل ما لديهم من أجهزة تلفاز وراديو مسخرة فقط لسماع التطورات عملية الأسر،وبدؤوا يبنون أحلامهم وتصوراتهم،على أساس أن مسألة خروجهم من السجن مسألة وقت،ويقول حسام "أنه أصبح غير مسموح لي بإدارة جهاز التلفاز على أي محطة أخرى غير الجزيرة،أو القول لهم بأن مسألة التحرر من الأسر،قد تجانب توقعاتهم وأحلامهم"،وأخذ كل واحد منهم يخرج من شنطة أغراضه الملابس التي سيخرج بها من المعتقل،والأغراض والمقتنيات التي سيتركها لأخوته ورفاقه الأسرى،وكانوا بلغة المسخرة والمزح يقولون لحسام،سنترك لك كل أجهزة التلفاز والمراوح يا حسام،لكي تشاهد ما تريد من برامج،وتستمع بالهواء البارد في هذا الجو القائظ والخانق.

وحسام مع دخوله عامه الإعتقالي السابع،لم يتحرر لا هو ولا غيره من الأسرى القدماء من الأسر،فقد جاءت الظروف مجافية لتوقعاتهم،ولم يكن الجنود الذين أسرهم حزب الله أحياء،واليوم مع أسر"شاليط" فمن حق هؤلاء الأسرى وبالتحديد القدماء منهم،أن يكونوا على رأس قائمة الأسرى المفرج منهم،وأيضاً القيادات السياسية والاعتقالية،بالضرورة أن تكون ضمن هذه الصفقة،وعلى السلطة والفصائل أن تولي قضية الأسرى،أعلى درجات الأهمية،لكي لا يبقى حسام في السجن فترة حكمة الثلاثة وعشرين عاماً،ولكي لا يتحول عشرات الأسرى من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين.

-200 يوم ،على انتخاب أعضاء مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي : ماذا تحقق من وعودهم؟


علي مسعاد
Msaadali1971@gmail.com


لعل ، من بين الملفات الثقيلة ، التي كانت تنتظر أعضاء المجلس الجماعي بسيدي البرنوصي ، عند توليهم المسؤولية كمنتخبين وناطقين باسم الكتلة الناخبة ، خلال انعقاد دورات مجلسهم العادية كما الاستثنائية ، بالنظر إلى كونه من الملفات الآنية والمستعجلة ، ولا يحتمل التأخيرأو التأجيل ، مهما كانت الدواعي والظروف ، على الأقل ، في المرحلة الراهنة ، حيث الكل يجمع على خطورته وكذا راهنيته ، محليا وقاريا ، هو ملف "البيئة ".
وهي ، أي - البيئة - ، لعمري ، من بين الملفات الساخنة بالمنطقة ، مثلها مثل ملف ( الشغل ، الباعة المتجولين ، الملك العمومي ، السكن الصفيحي ، الأسواق النموذجية، ..إلخ ) والتي لم تحظى بالاهتمام اللازم و النقاش المسؤول ، على طاولة أعضاء المجلس الجدد/ القدامى ، لدراستها والوقوف على أسبابها ومسبباتها و ذلك للحد من نتائجها الوخيمة على صحة ساكنة الحي ، التي لطالما عانت في صمت .
- هل لأن ملف "البيئة " ، ليس من أولياتهم أم أن هناك أوراش مفتوحة ومشاريع قيد الإنجاز ، لا تترك لهم متسع من الوقت ، للتداول والنقاش في ملف يهم الجميع ، وخاصة منهم ،الفئة المتضررة وبامتياز ، من استفحال تلوث "البيئة" ؟ا
أم ، هي الحسابات السياسوية ، وراء تأجيل الملف حتى إشعار آخر؟ا أم هل أن هناك جهات أخرى ، ليس في مصلحتها إثارة الملف وإخراجه للوجود ؟ا أم إن شئنا التحديد ، وبكلمات دقيقة بعينها ، صحة المواطن هي آخر اهتمامات أعضاء المجلس ؟ا
ملف " البيئة " ، كما أسلفت ، وكما لا يخفى ، على الكثيرين ، يكتسي أهميته ، بالنظر لما يخلفه من أضرار ومشاكل صحية ، الإحصاءات وحدها ، كفيلة بفضح المسكوت عنه في هذا الملف .
فهو ، واحد بين الملفات العديدة ، التي لطالما انتظرته الساكنة ليخرج إلى الوجود والواقع ، في مختلف المجالس المنتخبة ، التي تعاقبت على تسيير مقاطعة سيدي البرنوصي ، لكن ، للأسف ، أملها كان دائما يخيب ، كلما عادت الوجوه نفسها ، لتسيير شأنها المحلي ، الشيء الذي يفقدها ما تبقى لديها من الأمل ، في تدبير ملف حساس وثقيل ، بشكل جدي ومسؤول ، خاصة وأنه يحظى باهتمام فئة عريضة منهم .
ولعل جولة قصيرة ، بالشوارع الرئيسية للحي ، والتي قد لا تتطلب الكثير من الدقائق ،حتى يقف المرء ، أمام هول حقيقة الأشياء ، فبين إقامة سكنية وإقامة سكنية ، توجد إقامة سكنية ، في غياب كلي للمساحات الخضراء أو الحدائق ، باعتبارها المتنفس الوحيد أمام قاطنيها ، الدين يعانون ،من غياب للمنتزهات الترفيهية والفضاءات العائلية ، بشكل لا فت للنظر .
ناهيك عن " أدخنة " و" سموم " ، الشركات الضخمة ، المتعددة الجنسيات والتي يساهم قربها من الأحياء السكنية ، في / من عمق معاناتهم الصحية ، ولعل في تزايد الحالات المرضية ، التي ترتاد العيادات الطبية كما المستشفيات ، إلا ناقوس خطر ، لما يتخبط فيه الكثير من المواطنين ، في جانب مهم من حياتهم الصحية ، دون أن تجد الآذان الصاغية ، ممن هم على إطلاع بخبايا الملف وخطورته .
ومما يعمق من جراحات ساكني المنطقة ، هو لامبالاة الجهات المنتخبة وكذا المعنية ، بواقعهم البيئي ، الذي يسبب لهم الكثير من الأمراض والأوبئة ، والتي لا تعرف طريقها إلى مكاتبهم ، للحد من تداعياتها وإيجاد حلول واقعية لها ، وإلا ما هو دورهم ، كمنتخبين ومعنيين بالقطاع ؟ا .
الآن ، وقد مرت 200 يوما ،على انتخاب أعضاء مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي ، هل من حقنا أن نتساءل ، إلى متى سيظل ملف "البيئة " مركونا ، بين الأدراج ، وإلى متى سيظل المجتمع المدني
بالحي ، ينهج سياسية " الصمت " ، والتواري خلف الستار ، في الوقت الذي يجهز ، بلا حياء أو خجل ، على ما تبقى من " الفضاءات الخضراء" بالمنطقة ، لتتحول بدورها ، إلى أحياء سكنية جديدة ، دون مراعاة لصحة العديد من المرضى ، الدين هم بحاجة ماسة ، إلى كل شبر أخضر ، قد يمرر في غفلة من الزمن ، عبر صفقات تجهل تفاصيلها ، لمن يملك أكثر ، خاصة مع التوسع العمراني والنمو الديمغرافي الذي تعرفه المنطقة .