الخميس، ديسمبر 31، 2009

احذروا حركة حماس

د. فايز أبو شمالة
يصرُّ "شمعون بيرس" رئيس الدولة العبرية أن حركة حماس هي الخطر المتربص بالسلطة الفلسطينية، وأن عدم استئناف المفاوضات سيجعلها تسيطر على الضفة الغربية، ومن منطلق الحرص على السلطة الفلسطينية يحذر "شمعون بيرس" السلطة من خطر حركة حماس، ويدعوهم إلى عدم إضاعة فرصة التفاوض مع الإسرائيليين. لقد تكرر هذا الكلام على لسان معظم السياسيين الإسرائيليين؛ بدءاً من زعيمة حزب كاديما "تسفي لفني" وزعيم حزب العمل "أهود براك" وحتى "بن أليعزر" وغيره من اليهود الذين أبدوا حرصاً خبيثاً على السلطة الفلسطينية، وتحذيراً من حركة حماس، وأكاد أجزم أن معظم ساسة إسرائيل ـ ما عدا أقطاب اليمين، والمتدينين ـ قد وجهوا الدعوة للسلطة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات لتفويت الفرصة على حركة حماس التي ستخرج منتصرة من عدم استئناف المفاوضات.
أي دهاء إسرائيلي هذا الذي حذر في يوم من الأيام منظمة التحرير الفلسطينية من حركة حماس، ونجح في جرها إلى التوقيع على اتفاقية أوسلو سنة 1993؟ وأي تحذير هذا الذي لا ينطلي إلا على سياسي مأجور، ولاسيما بعد تجربة ثمانية عشر عاماً من المفاوضات العبثية، اتضح خلالها للجميع أن القضية الفلسطينية أكبر من سلطة فلسطينية وهمية، وأكبر من حركة حماس، وأن المهم بالنسبة للفلسطينيين ليس السلطة أو حركة حماس، وإنما المهم هو الأرض التي ستقام عليها سلطة منظمة التحرير، أو ستقف عليها حركة حماس، ودون هذه الأرض فلا قيمة لأي سلطة فلسطينية، ولا معنى لحركة حماس!.
إن صلب الصراع العربي الإسرائيلي هو الأرض، ولا جدوى للنزاع بين التنظيمات الفلسطينية طالما ظلت الأرض خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بالتالي ليس مهماً من هو المسيطر على الأوضاع في غزة، أو من هو المسيطر على الأوضاع في الضفة الغربية، وإنما المهم؛ من هو القادر على حماية الأرض، ولا داعي لأن يعزف الأعداء على وتر الانقسام، فالانقسام زائل، والوحدة الوطنية الفلسطينية هي المصير الذي يتسابق إلية كل فلسطيني حريص على الأرض الفلسطينية، لذا فإن الأسلوب الإسرائيلي الخبيث الداعي إلى استئناف المفاوضات لئلا تكسب حماس، كلام مردود على أصحابه اليهود، ولا ينطلي على الشعب الذي يري: أن الأهم من حركة فتح، والأهم من حركة حماس، هي الأرض التي يطمع فيها الإسرائيليون، ويكيدون لتواصل السيطرة عليها، واستيطانها، وطرد سكانها العرب تحت ذريعة المفاوضات التي عاب عليها المفاوض الفلسطيني نفسه، واعترف بأنها كانت تغطية غاشمة سهلت للمستوطنين اليهود اغتصاب أجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية.

الدفاع عن الديمقراطية الجذرية1: حوار مع ميشيل ولزار حول جورج أورويل

ترجمة زهير الخويلدي

ماذا يعني مفهوم الديقراطية الجذرية عند ميشيل ولزار ؟ وهل عثر عليها بالفعل عند جورج أورويل ؟ وماهي النقاط التي ثمنها في تصوراته السياسية التنبؤية؟ وماذا عاب عليه؟ وهل هو ليبرالي معاد للشيوعية والنازية أم أنه ظل اشتراكيا؟

كل هذه الأسئلة ينبحث عن أجوبة لها من خلال هذه المقابلة التينشرتها المجلة الأدية الفرنسية في عددها الأخير لشهر ديسمبر.

"يدرس هذا الفيلسوف الأمريكي ( Michael walzer ) في برنستون في مؤسسة For Advanced ويشرف على مجلة المعارضة Dissent لقد اهتم منذ مدة طويلة بعمل أورويل والذي خصص له واحدا من فصول دراسته المشهورة عن النقد الاجتماعي في القرن العشرين.

من أي زاوية كان أورويلOrwell اشتراكيا ؟ هل هو حسب رأيكم تشكل سابق للمثقف المناهض للكليانية مثلما أعلنتم في النقد الاجتماعي في القرن العشرين؟

ميشيل ولزار:

أورويل هو فوق كل ماهو اشتراكي ديمقراطي. انه يقينا مثقف مناهض للكليانية قرر تنبيه اليساريين البريطانيين من خاطر الستالينية. ولكنه بالخصوص رفض كل اصطفاف للجوقة اليسارية مع السلطة وكل اطلاقية للدكتاتور وكل نزعة نخبوية طليعية. إني متأكد اليوم أنه أصبح العدو لليساريين الذين يقدسون الرموز الشعوبية مثل هوغو تشافاز في فينوزويلا أو الإسلاميين مثل أحمدي نجاد في إيران.

ألا تلاحظ تحفظه على تعريفه بوصفه منشق عن يمين اليسار؟ ألا يعني هذا ميزة اشتراكية تخصه؟

ميشيل ولزار:

لا أعتقد أنه توجد أدنى صعوبة تحول دون تصنيف نفسه على أنه يساري حتى وان كان لا يعجب الكثير من أصدقائه اليساريين. اشتراكيته كانت مرتبطة بشكل تام بالثقافة العمالية البريطانية وأيضا بسمات الثقافة البرجوازية التي تمثلها بواسطة مؤلف مثل شارلز ديكونز على سبيل المثال. أورويل تصور أن الاشتراكي هو متفق مع أشكال الإنتاج الثقافي. وبالتالي كان ناقدا لاذعا لليساريين الذين يزعمون أن الاشتراكي يفرض على خلاف ذلك قطيعة تاريخية كبيرة وخلق إنسان جديد. لقد ظل يعتقد في سياسة لليسار قابلة أن تحمل من قبل الرجال والنساء العاديين . إنها سياسة غير محتاجة إلى الطليعة ورغم ذلك قادرة على إنتاج مجتمع مزدهر بشكل واسع.

لماذا كان غاضبا من استعادة عمله من طرف المحافظين؟

ميشيل ولزار:

أعتقد أن "ضيعة الحيوانات" و"1984" قد تم اعتبارها إنتقادات داخلية إلى اليسار. إنها كانت تقصد جمهورا من اليسار البريطاني حيث الأعضاء قد أخفقوا في قياس ما حدث في أوروبا في منتصف القرن العشرين. هؤلاء الناس لم يفهموا الهول وبالتالي كانت سياستهم ليس فقط بريئة بل هشة. يجب على المرء أن يفهمهم أن الشمولية قوبلت من اليسار بمعارضة تامة وعنيفة. إن أورويل يعرف أن المحافظين الذين استعملوا كتبه كحجة موجهة ضد اليسار ليسوا شريسين جدا ولا مناهضين جدا للشمولية وهو لم يرض بذلك. إن ما اعترض عليه هو أن يكون مستعملا. ولم يحلم أن يعطى لمناهضته للشمولية أي بعد وصفي

ألا ترى أن اللياقة البريطانية كانت هشة جدا؟

ميشيل ولزار: اللياقة في عينيه ليست ضعفا وإنما تكون سياسة كافية وليست برنامجا. إن ما يطلبه أورويل هو احترام للمشاعر واعتقادات الناس العاديين، انه يطبق تظننه حول مواجهة كل سلطة تنفيذية وخاصة عندما تكون هذه الأخيرة في يد أوليغارشيا أي عدد صغير من الأفراد. لقد أبدى مقته تحديدا من المواجهة مع الوحشية السياسية ومن مسارات المشاهدة والاعترافات العدمية والانطواء على الذات والكذب المستمر.

أحد الفلاسفة الفرنسيين هو جان كلود ميشيا نعت دفاعه عن الجماعية اللائقة common decency بأنها فوضوية عارمةTory ، ماذا يوحي لك هذا التحديد؟

ميشيل ولزار:

أورويل الذي أعرفه هو قريب جدا من الليبرالية البرجوازية أكثر من الفوضوية العارمةtory . لكنه يحب أيضا وبشدة بالبرنامج الاشتراكي في الوطننة nationalisation وإعادة التوزيع. انه بحق يحير التعليم الموجه إلى المثقفين التكنوقراطيين في المجتمع الاشتراكي القادم. لكن طريقته في أخذ هذا الاهتمام على عاتقه هي دفاعه عن الديمقراطية الجذرية. ويقينا ليس له أي تعاطف مع الطبقة القديمة الحاكمة. إن وصفه للانجليزيين كعائلة موجهة من قبل شخصيات سيئة تفتح في الآن نفسه على معنى الانتماء وعلى مقصده في وضع الشخصيات الخيرة في مواقع المراقبة. إن هذا ليس البتة برنامجا فوضويا.

ماهو مدى 1948 بعد عشرين سنة من سقوط الجدار؟

ميشيل ولزار:

يمكننا على الأقل في الحين أن نأمل في إنهاء الأشكال النازية والشيوعية من الشمولية. بيد أننا لم ننته من شملنة totalisation السياسة . نحن مازلنا لم نغادر بعد الإغراء الشمولي في هذه الإصدارات الدينية على سبيل المثال حتى مع هذه النخب المفترسة أو الطغاة الشعوبيين الذين يحسبون ظاهريا على اليسار. أورويل هو دائما ضروري.

مقابلة أجراها ألكسيس لاكروا

الانجليزي جورج أورويل 1903-1950 هو كاتب مؤلف 1984 وهو ليس مجرد متوقع عبقري بل هو أيضا أسلوبي بارز ومفكر سياسي ناهض الآن نفسه النازية والستالينية بحث طوال حياته عن الحد الأوسط بين الالتزام والصرامة وبين الاشتراكية والإنسانية.

أما ميشيل والزار فهو قد كتب الزمن الثاني للنقد الاجتماعي ودوائر العدالة والحروب العادلة والحروب غير العادلة ومن النزوح إلى الحرية."[2]

لكن هل هناك ديمقراطية جذرية وأخرى معتدلة؟أليست الديمقراطية نسيجا مكتملا ونسقا من القيم لا يقبل التجزئة والتقسيم؟ وألايوجد تناقض في القول ديموقراطية ووصفها بكونها جذرية؟ أليس كل تجذير هو عمل قصووي غير ديمقراطي؟

--------------------------------

[1] Magazine littéraire, N 492 Décembre 2009, Orwell Ecrivain et prophète politique, article : Michael walzer, lad défenseur d’une démocratie radicale, p81.

[2] Michael walzer, la défenseur d’une démocratie radicale, Magazine littéraire, N 492 Décembre 2009, ,p81.

2010 عام الحسم في أزمات الشرق الأوسط

صبحي غندور


لا شكّ أنَّ واشنطن قد نجحت في فرض تقويمٍ زمنيٍّ جديد على العالم هو تاريخ 11/9/2001 حيث أصبح هذا التاريخ محطّة زمنية تؤرّخ لمرحلةٍ جديدة في حياة معظم بلدان العالم. وإذا كانت أحداث العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قد ارتبطت بشكلٍ كامل بتداعيات ما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، فإنَّ العام 2010، وهو باكورة عقد زمني جديد، لن يختلف عن سلفه لا من حيث ساحات الأحداث، ولا أيضاً من حيث ارتباط هذه الأحداث بالقرارات الأمريكية التي تُؤثّر على العالم كلِّه.

لكن ميزة العام 2010 هي بأنَّه سيكون "عام الحسم" على أكثر من صعيدٍ دولي وعربي، خاصّةً أن إدارة أوباما تملك رؤى وأساليب أمريكية واضحة تجاه قضايا عالمية عديدة، بعدما تعثّرت وفشلت رؤى وأجندة الإدارة السابقة.

لقد أعطت أحداث 11 سبتمبر 2001 أعذاراً دولية لتوسّع السيطرة العسكرية الأمريكية عموماً، ورسّخت واشنطن لدى الآخرين مفهومها الخاص للحرب على الإرهاب، وأصبحت شبكتها الأمنية تغطّي معظم دول العالم، وامتدّ حلف الناتو من شواطئ طرفي الأطلسي إلى أطراف روسيا والقارة الآسيوية، وأصبح الوجود العسكري الأميركي فاعلاً في معظم الدول المجاورة للصين، وفي غالبية دول العالم الإسلامي.

وإذا كان من الطبيعي أن أميركا ردّت عسكرياً على أحداث أيلول/سبتمبر من خلال التوجّه إلى أفغانستان، باعتبار أنَّ هذا البلد كان ساحة التواجد والحركة لجماعات "القاعدة"، فإنَّ ما حصل لاحقاً من تركيز أميركي على العراق والمنطقة العربية، هو الذي ميّز حروب وصراعات العقد الأول من القرن الحالي.

التبرير الرسمي الأميركي لذلك التركيز على المنطقة العربية، كان باعتبار أنّ مؤسسي "جماعات القاعدة" هم بالغالبية من جنسيات عربية، وكذلك كل من قاموا بالعمليات الإرهابية في سبتمبر 2001 ضدّ أميركا، وبأنّ المنطقة العربية مليئة بالمنظّمات المعادية للسياسة الأميركية وبمشاعر الغضب ضدّ الولايات المتحدة.

لقد نجحت واشنطن عملياً في تأمين وجودٍ عسكري وأمني أميركي فاعل في عدّة بلدانٍ إسلامية (باكستان- أفغانستان- العراق- إندونيسيا- الفيليبين- الجمهوريات الإسلامية التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي وتركيا) إضافةً إلى معظم البلدان العربية، بينما تعثّرت المشاريع الأميركية الرامية لتوسيع هذه السيطرة لتشمل إيران بشكلٍ خاص، رغم التواجد العسكري الأميركي في كل الجوار الإيراني. فإيران هي الدولة الإسلامية الكبرى التي ما زالت أجواؤها وأراضيها غير مستخدمة أميركياً، وهي تشرف على منطقة الخليج العربي كلّه وما فيها من ثرواتٍ نفطية، وهي (أي إيران) ما زالت – حسب المفهوم الأميركي- مصدر دعمٍ لعدّة منظماتٍ سياسية وعسكرية إسلامية تناهض السياسة الأميركية. أيضاً، فإنَّ إيران تجاور أفغانستان وبحر قزوين الذي يحوي هو الآخر ثرواتٍ نفطية، وهي كدولة تشكّل أمَّةً قائمةً بذاتها، وتُعتبر قوّةً إقليمية كبرى في منطقة هي حسَّاسة جداً للمصالح الأميركية ولكيفيّة التحكّم بمصالح دول كبرى أخرى في العالم.

لذلك رأت واشنطن أنَّ المسألة العراقية هي أمر مهم لسياستها الخاصة بالمنطقة العربية، كما هي المدخل للتعامل مع المسألة الإيرانية، وبأنَّ نجاح أميركا في ترتيب أوضاع العراق سيسهّل أسلوب التعامل الأميركي مستقبلاً مع الشأن الإيراني، علماً أنَّ واشنطن قد استخدمت في السابق الحرب العراقية/الإيرانية لإضعاف البلدين معاً ولاستنزاف ثروات المنطقة، وقد نجحت آنذاك بذلك إلى حدٍّ كبير.

لكن واشنطن لم تنجح في احتواء إيران، أو في تقليص نفوذها الإقليمي، رغم وضعها أميركياً في "محور الشر" الذي أعلنه الرئيس الأميركي السابق بوش، ورغم العقوبات ومحاولات العزل والضغط على الدول الكبرى الأخرى لتجميد علاقاتها مع طهران.

أيضاً، حاولت واشنطن قطْع أوصال إيران العربية بتشجيع التيّارات السياسية المذهبية، التي أخذت دفعاً جديداً بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

***

إنّ العام 2010 لن يكون عام حسم الموقف الأميركي من إيران فقط، بل هو أيضاً عام حسم مصير التسوية السياسية للصراع العربي/الإسرائيلي في جبهاته الفلسطينية والسورية واللبنانية. فواشنطن تراهن الآن على تداعيات هذه التسوية المنشودة لتهيئة الظروف المناسبة لتنفيذ جدولة الانسحاب الأميركي من العراق، ولعزل التأثير الإيراني على جبهات الصراع مع إسرائيل، ولتحسين "الصورة الأميركية" في عموم العالم الإسلامي.

المشكلة الآن، أن الكلّ ينتظر ما ستفعله إدارة أوباما في مطلع العام الجديد بينما واشنطن تنتظر "تعديلات" في المواقف الإيرانية والإسرائيلية حيث أصبحت مواقف طهران وتل أبيب هي العقبة الأبرز أمام أجندة إدارة أوباما لمنطقة الشرق الأوسط. وتراهن الإدارة الأميركيّة على إحداث جملة متغيّرات في المنطقة بأسلوب مخالف للحالة التي سارت عليها الإدارة السابقة من حيث الانفراديّة في القرارات الدوليّة وفي التصادم مع الحلفاء الأوروبيين وتجاهل القوى الكبرى الفاعلة. فإدارة أوباما تسير وفق منهج يعتمد التشاور والتنسيق مع الدول الدائمة العضويّة في مجلس الأمن، وفي استصدار قرارات عن المجلس بإجماع أعضائه، فيما يخصّ أزمات عديدة، لكن دون التراجع طبعاً عن مقتضيات المصالح الأميركية في الحفاظ على الدور الأميركي الريادي للعالم.

ولا أعتقد أنَّ واشنطن تستهدف من ضغوطها الواسعة على طهران أو من تصنيف إيران بأنّها التحدّي الاستراتيجي الأكبر لأميركا، التمهيد لحرب عسكريّة معها، بل هو تحرّك أميركي يريد في هذه المرحلة دفع الحكم الإيراني للقبول مضطرّاً بخيارات واشنطن، بشأن العراق أوّلاً ثمّ مسألة التسوية الشاملة مع إسرائيل.

إذن، هي سنة حاسمة للسياسة الأميركيّة في عموم منطقة الشرق الأوسط، ولمستقبل الصراع الأميركي/الإيراني، ولآفاق القضيّة الفلسطينيّة، وللعلاقات الأميركية مع سوريا وانعكاساتها على الأوضاع اللبنانية والفلسطينية.

لكن مشكلة أميركا في المنطقة العربية تحديداً ما زالت تتأزَّم حصيلة "ازدواجية" المواقف الأميركية في مسألة الإرهاب. فحينما تعتدي إسرائيل على العرب والفلسطينيين، تجد واشنطن الأعذار المناسبة لهذا السلوك الإرهابي الإسرائيلي، لكن حينما يقاتل الفلسطينيون جيش الاحتلال الإسرائيلي فإنَّ أميركا تتبنَّى فوراً مقولة إسرائيل بأنَّ مقاومة الاحتلال هي من الأعمال الإرهابية!

ورغم الإيجابية الشكلية التي تميَّزت بها تصريحات الرئيس أوباما وأركان إدارته عن ضرورة "تجميد بناء المستوطنات" وعن ضرورة "أن تعمل إسرائيل أيضاً على وقف العنف"، فإنَّ هذه المواقف الإيجابية الشكلية لم تصل بعدُ إلى عمق أزمة الثقة العربية بالسياسة الأميركية في المنطقة.

فالمعايير العربية لكيفية رؤية التغيير بالسياسة الأميركية يتطلَّب من واشنطن أن تعود بسياستها إلى ما كانت عليه في الخمسينات، أيام العدوان الثلاثي (البريطاني والفرنسي والإسرائيلي) على مصر بعد تأميم قناة السويس، حيث كانت السياسة الأميركية (والمصالح الأميركية) ترفض العدوان على مصر وترفض احتلال سيناء والقناة مهما كانت الأعذار التي رفعها المعتدون، كما تفهَّمت واشنطن آنذاك حقَّ الشعب المصري بالمقاومة للاحتلال، والدعم العربي الكبير لهذه المقاومة.

أمَّا بعد ذلك، فقد أصبح زواج المواقف الأميركية والإسرائيلية هو مصدر "الازدواجية" في السياسة الأميركية بالمنطقة: مفهومٌ أميركياً ما تقوم به إسرائيل، ومرفوضٌ أميركياً ما يقوم به العرب ! وما لم تدرك واشنطن أنَّ جذور أزمتها و"صورتها المشوَّهة" في المنطقة العربية، والعالم الإسلامي عموماً، تعود لهذا "الزواج الأميركي الإسرائيلي"، فإنَّ سياساتها ستتعثّر المرّة تلو الأخرى.

جمال مبارك ثمن التوريث وقف بناء الجدار

ممدوح أبو السعيد

تثير زيارة وزير الاستخبارات المصري السيد عمر سليمان إلى تل أبيب بتاريخ 20/12/2009 علامات استفهام حول الملفات التي قد يتم مناقشتها مع الجانب الإسرائيلي في هذا الوقت بالذات، توقيت الزيارة ينم عن ذكاء خارق للسيد عمر سليمان، لأنها تأتي في وقت وصلت فيه صفقة التبادل مع حركة حماس إلى مراحل متقدمة، وهذا وقع فيه الإعلام العربي والدولي، حيث تصدر ملف الجندي جلعاد شاليط الملفات التي يحملها السيد سليمان، ولكن الأمور عكس ذلك، فقد كان السيد عمر سليمان يحمل ملف تعطيل الصفقة وتنسيق المواقف من خلال الضربة الأخيرة لحماس وقطاع غزة، والمتمثلة بجدار الموت الفولاذي، والذي حصلت مصر مقابل ذلك بعض الانجازات منها:
1- قبول الولايات المتحدة وإسرائيل والمجتمع الغربي بمبدأ توريث الحكم والذي بمقتضاه قد يتسلم السيد جمال مبارك الحكم بعد والده.
2- عدم قطع المعونة الأمريكية لمصر، وتكفل الولايات المتحدة ببناء الجدار الفولاذي.
3- صفقة الطائرات الأمريكية لمصر (F16) لحماية النظام من الخطر الإيراني المحدق!!
4- التوسل من تل أبيب بعدم إقامة مشاريع مائية في أثيوبيا، خوفاً على الثروة المائية لنهر النيل.
5- السماح للنظام المصري بانتهاك الديمقراطية عبر التزوير وانتهاك حقوق الإنسان من خلال سياسة غض البصر الأمريكية.

قد يكون النظام المصري حقق ما يريد ولكن الشعب المصري الحاضر الغائب في هكذا قضية، فالاسطوانة المشروخة عبر استخدام مصطلح الأمن القومي المصري لم تعد ذات جدوى، فالخيانة أصبحت وجهة نظر، والنظام المصري يبحث عن أمن قوي يحمي شخوص هذا النظام الذي أرهق مصر وأرهق الأمة العربية، فمعدلات البطالة والهجرة إلى الخارج والفساد والفقر وصلت إلى أعلى معدلاتها، والنظام المصري يبحث عن من يحميه.

هنا ابرق إلى السيد جمال مبارك رسالة مفادها أنك سيدي إذا أردت التربع على عرش مصر من خلال تأشيرة أمريكية أو إسرائيلية فأنصحك سيدي أن لا تقبل، لأن الله والتاريخ سيلعنك، والشعب والقضاء المصري والجيش المصري لن يسمح لك، والطريق المثلى لتحقيق أمنيتك هي العودة إلى القومية العربية، والشعب المصري، وأن يخرج الآن وليس غداً موقف منك يرفض الجدار ويفك الحصار عن غزة، ستجد غزة ستخرج عن بكرة أبيها امتداداً للشعب المصري العظيم لتبايعك وتدعمك، حيث ستلتحم مسيرات الزقازيق بالقاهرة بالإسماعيلية بغزة هاشم دعماً لك.

سيدي جمال مبارك لقد آلمنا مصابكم الجلل بوفاة ابن شقيقك الأكبر قبل شهور، وأتمنى عليك أن تستذكر إخوانك وأبناءك أطفال فلسطين وهم يموتون بسبب الجدار.......

كاتب وباحث فلسطيني

إذا لم تستح فاصنع ما شئت

خضر خلف

من خلال الأيام القليلة الماضية اطلعت على تصريحات عربية تخبرنا أن في الأمة العربية قوتان رئيسيتان ، وان هناك أيضا مستودع استراتيجي داعم لكل دولة عربية قد تتعرض لمصاعب ، وخبر أخر يكشف لنا أن وزارة الاتصال (الإعلام) المغربية تلقت رسالة من صحيفة «معار يف» الإسرائيلية تطلب فيها من الوزارة اعتماد الصحافي نعام شمعون نير مراسلا للصحيفة في المغرب وذلك لتغطية الأحداث السياسية وشؤون اليهود في المغرب .... حقاً أذا لم تستحي فاصنع ما شئت
الخبر الأول يطل علينا معالي وزير الخارجية المصرية السيد أحمد أبو الغيط ليعلن لنا أن في الأمة العربية قوتان رئيسيتان يجب حمايتهما وهما مصر والسعودية مؤكدا أن بلاده لا يمكن أن تترك السعودية بمفردها ويجب أن تدعمها إلى أبعد مدى ، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الكويتية (( كونا)). وجاء في بيان صحافي أن تصريح أبو الغيط جاء خلال برنامج يذيعه التلفزيون المصري يؤكد فيه أن مصر هي المستودع الاستراتيجي الداعم لكل دولة عربية قد تتعرض لمصاعب مشيرا إلى أن هناك أوضاعا في الخليج تشير إلى مواجهات..
بدابة أود القول بأننا وعلى امتداد الوطن العربي نؤمن بان جمهورية مصر العربية كبيرة قوية عظيمة وأم الدنيا بشعبها وعروبتها وعطائها ألا محدود ، وبشموخ وكبرياء وكرم ونبل وعزة أهلها ، وتاريخها وتاريخ عظمائها ورجالها وماضيها وحاضرها ، فهي تجسد العروبة والإسلام ومستقبل الأمة .
وبلا شك أن للقوة أهمية في العلاقات الدولية سواء كانت عملية أو نظرية ، والقوة بحد ذاتها تنقلنا لمعناها ومفهومها الحقيقي ألا وهو العسكري وفي السياسة والتعاون نعتبرها ونعرفها التهديد بالقوة من اجل قمع هذا الطرف أو ذاك ، كما أن القوة اليوم تعرف في السياسة الدولية والقانون الدولي إيجاز استعمال القوة لفض المنازعات الدولية ، ومن اجل الحد من العدوان وإشعال الحرب وان تكون أكثر إنسانية ، ومن اجل ذلك اقر ميثاق الأمم المتحدة توصيات ومخططات لمواجهة التهديد وخرق السلم ، ووضع مبدأ تحريم استعمال القوة في العلاقات الدولية مع إبقاء خيار استعمالها لحالة الدفاع الشرعي عن النفس ،
عالمنا العربي وللأسف تتآمر عليه الدول القوية لتجزئته وإضعافه و نهب خيراته وثروته ، وجعله يعيش ضمن حالة من عدم الاستقرار ... ومن يريد من العرب أن يتصف بالقوة أو أن يصف نفسه بها فهذا بحد ذاته مسؤولية كبيرة على الدولة ، لان هذا يلزمها أن تكون فاعلة وضاغطة على المجتمع الدولي لإجبار المعتدي وإخضاعه للإرادة الدولية ، وبذلك ستكون لدينا بداية لإنهاء الصراعات في منطقتنا هكذا يجب أن تكون القوة العربية في المنطقة .. أن ندعي ونقول أن في الأمة العربية قوتان رئيسيتان يجب حمايتهما ، يعني لنا هذا التعبير بحد ذاته أن هذه القوة بحاجة لمن يحميها وبالنهاية فإنها ليست بقوة ، أي أنها تحمل تعبير ومفهوم وتعريف أخر، يعني بان في الأمة العربية دولتان رئيسيتان لهما ثقلهما في المنطقة هذا هو التعريف الحقيقي ، فكيف تكون قوتان رئيسيتان وبنفس الوقت نطلب حمايتهما ، لان هذا اعتراف ضمني بان فاقد الشيء لا يعطيه ، والتعبير فيجب حمايتهما إنما هذا اعتراف بالضعف وطلب الحماية ، وهذا الطلب طبعا مرسل إلى الإدارة الأمريكية والدول العظمى بان لا تتخلى عن مصر والسعودية يعني رسالة إعلان عن إنشاء تحالف مصري سعودي أمريكي إسرائيلي وليس للعرب فيه شان
يقول معالي الوزير أبو الغيط أن في الأمة العربية قوتان رئيسيتان ويدعي واصف نفسه انه المستودع الاستراتيجي الداعم لكل دولة عربية قد تتعرض لمصاعب ... يا سلام ما أحلى هذا الكلام يا معالي الوزير ، ولكن اسمح لي أن استوضح منك ماذا فعلت القوتان الرئيسيتان في الأمة العربية والإسلامية ومستودعك الاستراتيجي الداعم لكل دولة عربية قد تتعرض لمصاعب و الاستيطان يتواصل في القدس ، والعمل على تهويدها والهيمنة على المسجد الأقصى ، لإقامة الهيكل مكانه؟.
أين كان المستودع الاستراتيجي والقوتان الرئيسيتان وإسرائيل تمارس سياسة العقاب الجماعي في حصارها لقطاع غزة ، وقمع جميع سكانه مدنيين عزل ، قابعين تحت نير الاحتلال وهذا بحد ذاتها ممارسة إجرامية ، سكانه مدنيين عزل ولهم حقوقهم التي يضمنها القانون الدولي والاتفاقات الموقعة بين الدول ، وأهمها اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م. فهل كانت قوتكم يا معالي أبو الغيط ضاغطة لتوفير الحقوق التي يضمنها القانون الدولي والاتفاقيات الموقعة بين الدول ؟؟.
يا معالي الوزير إسرائيل تتحدى المجتمع الدولي أقامت الجدار، و سرقة الثروات الفلسطينية ، وتواصل سياسات الاجتياح والاعتقال وتطبيق نظرية الأرض المحروقة ، بتحدي للقانون الدولي والمنظمات الدولية وكل القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن بهذا الخصوص ، وتتحدى مشاعر نحو أربعمائة مليون عربي ونحو مليار مسلم ، وتتجاهل الحقوق الفلسطينية ، وتضع العراقيل أمام تسوية وكان أخر العراقيل أن أعلنت كلينتون وفي القصر الجهوري المصري تخلي البيت الأبيض عن شرط إيقاف الاستيطان ، فأين القوتان الرئيسيتان في الأمة العربية والإسلامية و المستودع الاستراتيجي الداعم لكل دولة عربية قد تتعرض لمصاعب ،
يا معالي الوزير فهل هناك من مصاعب ومصائب أكثر أهمية من تواصل الاستيطان في القدس ، والعمل على تهويدها والهيمنة على المسجد الأقصى ، لإقامة الهيكل مكانه ، وتشريد المقدسين وهدم بيوتهم ، وقتل أطفال فلسطين وشيوخها ونسائها ؟.
يا معالي الوزير أن من يريد خلق أوضاعا في الخليج تشير إلى مواجهات هي أمريكا من اجل تمزيق جسد الأمة العربية والإسلامية ، وتريد من العرب والمسلمين أن يكونوا السباقين بإشعال فتيل الحرب بأيديهم ، لان وضع أمريكا الاقتصادي والعسكري في العراق وأفغانستان لا يسمح لأمريكا خوض حرب مع إيران لأنها ستكون خاسرة ، وكذلك إسرائيل لا توجد لديها المقدرة بان تكون السباقة في ضرب إيران لأنها لا تستطيع إنهائها ولا تستطيع امتصاص ردة فعل إيران ، واكبر دليل على ذلك خروجها خاسرة وباعترافها بحربها على لبنان ، فلهذا إن الدارة الأمريكية تعمل على تزيف الحقائق وتنشر الذعر والرعب والخوف لدى دول المنطقة لجرها إلى حرب مع إيران من اجل أن تمتص الدول العربية والخليجية ردة فعل إيران وتدفع منطقتنا الثمن وتكون الحرب عربية إيرانية .
أيها القراء الأعزاء على امتداد الوطن العربي الكبير بأمته العربية والإسلامية أواصل معكم لمناقشة ما يحصل على الساحة السياسية المغربية ، أندري أزولاي مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس و بالتنسيق مع إبراهيم الفاسي نجل وزير الخارجية المغربي ، وبصفته رئيسا لمعهد اماديوس المنظم للمؤتمر ، توجه من قبلهم دعوة رسمية إلى وزيرة خارجية الكيان الصهيوني السابقة تسيبي ليفني ، لحضور منتدى(ميدايز) في مدينة طنجة المغربية فتحضر ليفني وتستقبل على ارض المغرب .
إن هذا بحد ذاته يشكل اختراق وتهميش لتقرير لجنة تقصي الجامعة العربية وتقارير الهيئات الحقوقية الدولية وتقرير غولدستون ألأممي الذي يوصي بمطالبة للمجرمين بملاحقتهم ومحاكمتهم.
مذكرة اعتقالٍ بريطانيةٍ بحق وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني ، وذلك لدورها في العدوان الأخير على قطاع غزة ، بصورة إجرامية بشعة ، جريمته ترتكب على مرأى ومسمع من العالم كله ، حيث قتل وبدم بارد أكثر من 1400 شهيد فلسطيني ، أكثرهم من الأطفال ، وجميعهم من المدنيين العزل ، تقابل هذه المذكرة بدعوة لمشاركة ليفني في مؤتمر و منتدى عربي ، وعلى أرض عربية لتجسيد مساساً بالموقف السياسي العربي ، وبتوجهات المجتمع الدولي وبالحقوق العربية الفلسطينية.
ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد ، صحيفة «معاريف» الإسرائيلية تطلب من وزارة الاتصال (الإعلام) المغربية اعتماد الصحافي نعام شمعون نير مراسلا للصحيفة في المغرب لتغطية الأحداث السياسية وشؤون اليهود .
معالي وزير الاتصال السيد خالد الناصري يخرج لنا بالقول والتوضيح من خلال اللقاء الصحافي المعتاد الذي يجري أسبوعيا مع المراسلين إن الوزارة وصلتها رسالة بذلك ، وأنه سيتم التعامل مع الرسالة بطريقة عادية ودقيقة انطلاقا من مجموعة من المقومات الوطنية ، وقال إن المغرب ليست له علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ، وأضاف قائلا: ((أعتقد أن الجميع يعرفون هذا)).
متجاهلا معالي الوزير تنامي المبادلات التجارية بين المغرب والكيان الإسرائيلي ، وهذا ما أكدته صحيفة التجديد اليومية المغربية أن واردات المغرب من إسرائيل ارتفعت خلال نوفمبر( تشرين ثان ) من السنة الحالية لتصل إلى مليون و800 ألف بعدما كانت في نفس الشهر من السنة الماضية في سقف 200 ألف دولار ،
أليست هذه بعلاقات يا معالي الوزير الناصري ونوع من أنواع التطبيع.
نعم إذا لم تستح فاصنع ما شئت

الأربعاء، ديسمبر 30، 2009

صار لكم أمٌ وأبٌ

د. فايز أبو شمالة
كانوا أيتاماً وسط أهليهم، فقد تناستهم الاتفاقيات، وقفزت عن ظهرهم اللقاءات، وتجاوزتهم المفاوضات، فصاروا أرقاماً لدى شانئهم، وصاروا ذكرى، وحروفاً منسية في الملفات، لا حزن يرحمهم، ولا كظم الآهات، عاد المسافر، وجاء البعيد، وما عادوا. وتوطن الغريب، وضحكت الدنيا لمن ألقى عن كتفه عبء النضال، ونفض عن كفيه غبار المعركة، وراح يعلّق النجوم والكواكب على أكتافه التي تدلت بلا بنادق، وراح يحمل الرتب العسكرية بعد أن ردم الخنادق، وطأطأ رأسه ليعبر من ثقب الأمن الإسرائيلي بعد أن نكَّس البيارق. ومع ذلك ظل الأسرى الفلسطينيون والعرب خلف القضبان ينتظرون، ويرقبون، وهم يحرسون شمس الأمل بتجدد المقاومة.
لقد ظل الأسرى الفلسطينيون والعرب أسرى قناعاتهم التي لم تتلوث بلقاءات، ولم تتبدل بكلام زائف، ظلت قناعاتهم غير منقوصة؛ بأن سجانهم هو عدوهم، ولن يكون في يوم من الأيام طرفاً آخر، سجانهم هو عدوهم الذي يحتل أرضهم، والذي حاربوه. وزج بهم خلف القضبان، قبل أن يصيروا كالأيتام مع التوقيع على اتفاقية أوسلو، التي ألقت بهم في بحر الندم، وداست عليهم بصلف، ومشت على جثثهم المنسية وسط ظلام الوهم، بلا وهج طريق، وبلا نهج وفاء، لقد تركتهم اتفاقية أوسلو أيتاماً من فكرة المقاومة التي أنجبتهم، وأيتاماً من حنان الانتماء الذي ترعرعوا بين يديه، وأيتاماً من معاني التضحية والفداء التي غفوا على صدرها، واطمئنوا لها، أيتامٌ تنجلي أمامهم الحقيقة التي تقول: من يقصّر عن تحرير أسراه، سيعجز حتماً عن تحرير أرضه، وسيفشل في تحقيق ما ابتغاه.
أيها الأسرى الفلسطينيون والعرب في السجون الإسرائيلية، طريقكم الذي اخترتموه، وعبدتموه بالدم والدمع، يسير عليه عشرات ألاف ممن يتبع خطوتكم، اطمئنوا يا سجناء الحرية، طريقكم يهدر فوقه المقاتلون، فلا تقلقوا، ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، فقد صار لكم أبٌ مجاهدٌ، وأمٌ تئن رغم الحصار، ولكنها أمٌ تقاوم، وتدعوكم إلى الرسوخ، وتعدكم بعودة الشموخ، فلم تعودوا أيتام أوسلو، يا أيها الأسرى، لقد صار لكم أمٌ وأبٌ، وصارت لكم عائلة فلسطينية تنتظركم، واسمها: المقاومة، وصارت حريتكم هي الطريق لتحرير فلسطين.
fshamala@yahoo.com

حرية "الإيمان" من حقوق الإنسان

د. ابراهيم عباس نـَــتــّو
عميد سابق بجامعة البترول -السعودية

لعل من الممكن القول بأن هدفاً من أهداف "الدين" هو تثبيتُ القيم، و بلورة الأخلاق الحميدة..بأمل أن يتبع ذك تثبيتها في النفوس. و يبدو أن من شأن النفوس التعطش الى حالة معينة من الإيقان واليقين، في حالة من الاقتناع و الاطمئنان الذاتي، مما يدفعها، في بحث روحاني، الى التعلق بدين ما. فللدين -فيما وراء الرمز و المجاز- تأثير بليغ؛ و فيه مضمار للسعي الى تحقيق منزلة "النفس المطمئنة."ا

و لكن، لقد شهد العالم، و يشهد، سجالات من الصراع و التضاد و التنابذ و الاستقطاب بين الأديان.. بل بين أجزاء و"مذاهب" الدين الواحد..بكل أسف. و لقد بلغ ذلك عند بعضهم الى تحريم و تجريم التفاهم و التلاقي و التخاطب مع أتباع المعتقدات الأخرى.ا

و مع ذلك، و من حسن الطالع، يحدث أيضا أن تطفو على السطح..بين الفينة والفينة..دعواتٌ إلى "الحوار".. و إلى تنظيم "الندوات" في عدة مواقع ..داخل الدولة الواحدة، و في عدة مواقع جغرافية، إقليمية وعالمية. و لكن، يصعب توقع أي مردود ايجابي لأي ندوة أو مؤتمر إذا كانت بعض "العقائد" والنظم الدينية تحرّم و تجرّم التفاهم و التعايش بين أتباع دينهم و أتباع الديانات الأخريات.

و هنا يتحول السؤال إلى حيرة: إذا كان في الناس من يخالفك العقيدة أو يختلف عنك(رغم تمتع هذا الشخص بفضيلة أساسية مشهودة)، فلـِمَ إذن عدم التسامح معه؟ و لماذا ترى أنت أن عقيدتك هي الأفضل.. و أن فلسفتك أنت في الحياة هي الأسمى؟!

نعم، لقد تم بالفعل عقد عدة "حوارات" وندوات و مؤتمرات.. بل و حتى لقاءات قممية. فكان أن عقد ما لا يقل عن ستة حوارات وطنية في أنحاء المملكة، و دُعي إليها عدد من المشاركين(و في أحيان أيضا عدد من المشارِكات) خلال السنوات القليلة الماضية. و شملت تلك التجمعات عينات من مختلف الخلفيات الفكرية و الاقتصادية و الجغرافية؛ و اعتبر عقد تلك الحوارات انجازاً على المستوى الداخلي و فتحاً في تاريخ البلاد.ا

كما و التأم الشمل في أكثر من حوار إقليمي بشعارات مثل "التقريب" بين المذاهب، و "التحاور" بين الأديان. و رُكز -في مرحلة معينة- على "السماوية" منها.. و شاركت المملكة في هكذا حوارات ومؤتمرات.ا

ثم عقدت أيضاً في2005م جلسة خاصة لمؤتمر عالمي للفقه الإسلامي على مستوى رابطة العالم الاسلامي في مكة المكرمة، لغرض التقارب بين المذاهب، بل و للاعتراف بما بلغ مجموعها يومئذ ثمانية مذاهب. و كان ذلك إيذانا بالقبول بأكثر من "المذاهب الأربعة" التي كانت متداولة.ا

ثم كان أكثر من "ندوة" للحوار بين الأديان ..بما فيها الإسلام، و المسيحية، و اليهودية(ممثلة في عدد من كبار الحاخامات و أيضا رئيس دولة إسرائيل) شمل ما وراء "الأديان الثلاثة أو ألأديان السماوية الثلاثة"؛ و تم عقد هذا المؤتمر هذه المرة في نيويورك، تحت مظلة الأمم المتحدة ليكسب الصفة الأممية و الكونية.ا

و كان عقدُ ذلك المؤتمرُ الكونيُ عَقبَ اللقاء التاريخي بين الملك عبدالله بن عبدالعزيز و البابا بِنيدكْتالسادس عشر ..في مقر البابوية، في الفاتيكان، في روما.ا

كل هذا وذاك عمل حسن و ايجابي و حميد؛ و فيه إظهار واضح للسعي إلى التقارب بين المعتقدات..أو على الأقل الاعتراف المتبادل بين مختلف الأديان المتواجدة في تلك المؤتمرات في أنحاء الكرة الأرضية.ا

و لكن.. يبقى التفعيل الأوضح لتوصيات تلك الحوارات والندوات و المؤتمرات و اللقاءات القممية؛ خاصة و أن المملكة هي الآن في خضم المضي في إنشاء ما لا يقل عن خمس مدن نموذجية في أنحاء البلاد، منها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ... قرب مدينة جدة على الساحل الغربي من المملكة؛ و بجوارها مدينة جامعية نموذجية، جامعة الملك عبدالله للعلوم و التقنية -كاوست- في منطقة ثـُوَل. و مما يتوقع معه ويُخطط له استقدامُ أعداد غفيرة من الاختصاصيين، بما فيهم أساتذة الجامعة من أنحاء العالم المتقدم.. كان بينهم رئيس الجامعة، من دولة سنقافورة، و هو آسيوي صيني مسيحي.ا

و لما كان من المفروغ منه القول بـ"ان المعلم والطبيب، كليهما # لا ينصحان إذا هُما لم يُكرَما"؛ و لمّا كان من أساس أساسيات حسن التعامل و الإكرام تلبية الحاجات الأساسية، كتأدية العاملين مناسك معتقداتهم مثلاً، فلعله آن الأوان للاعتراف بحق كل أولئك في ممارسة ما يعتقدون، في أماكن معينة و لو كانت نائية، لاستمتاع عموم المستقدمين و المقيمين، فيكون ذلك من احترام خصوصياتهم و حسن إيوائنا لهم..ا

فإن منح فسحة من حرية المعتقد و القبول بالتعددية في الاعتقاد سيعزز التسامح و سيرسخ الاحترام و الوئام ليس فقط بين مختلف المجتمعات.. بل و بين أفراد المجتمع الواحد. و من المهم جداً تلبية متطلبات الجماعات المختلفة، داخلياً و خارجياً، و حماية حق كل فرد في "الإيمان"..على النحو الذي يَعتقدُ هو/هي به؛ فوجود مثل هذا الفسح و التعايش سيتيح لكل دولة تحترم الحرية المعتقدية أن تصبح أكثر استقراراً و أمناً.. و تقدماً و ازدهارا.ا

و بهذا نكون قد أكدنا التزامنا بما جاء في الاعلان الأممي لحقوق الإنسان الذي تم التصريح به من على منبر الأمم المتحدة قبل أكثر من ستين عاماً، في العاشر من ديسمبر 1948م، ثم وقـّعَ عليه -وقتها و منذها- (جميعُ الأعضاء)، و هو أن:-
"لكل شخص الحق في حرية التفكير، و الضمير/الوجدان، و الدين. و يشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، و حريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد و إقامة الشعائر و الممارسة و التعليم، بمفرده أو مع جماعة، و أمام الملأ أو على حدة." المادة18من الوثيقة.

نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة

د. صلاح عودة الله

عام كامل مر على المجزرة الصهيونية التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا في غزة العزة..غزة هاشم, ولا يزال الجرح مفتوحا والذاكرة حية..كيف لا فهم لا ينسون, فلماذا ننسى؟.
بعد مرور عام على هذه المجازر التي لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلا, من حقنا أن نسأل:أين وصلت قضيتنا وما هو مستقبلها؟, الانقسام بين ما تبقى من شطري الوطن لا يزال قائما ولا نرى في الأفق القريب حلا سحريا يعيد وحدة الشطرين المنقسمين أصلا بفعل الاحتلال. عام مر ولا تزال رائحة دماء الضحايا الأبرياء تغزو سماء غزة, ولا يزال عويل النساء والأطفال يبكي الحجر والشجر, ولكنه عجز عن التأثير في قلوب الاخوة الأعداء, فالمصالح الحزبية الفئوية الضيقة أعمت قلوبهم وأفقدتهم البصر والبصيرة.
غزة تصرخ, ولا مجيب, فقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي..حصار قاتل طال الانسان والأرض والشجر والحجر في ظل صمت رسمي عربي واسلامي وفلسطيني أيضا..صمت مخزي قذر يعجز اللسان عن وصفه, وفي المقابل شاهدنا ولا نزال نشاهد حراكا دوليا لكسر هذا الحصار, ويصر وزير خارجية مصر أبو الغيط على عدم تمكين الهيئات الدولية التي تهب لمساعدة اخواننا في غزة من تقديم مساعداتها, ولطالما فسدت الأطنان من المواد التموينية والطبية وهي تنتظر موافقة الجهات الرسمية المصرية للدخول الى قطاع غزة..أليس هذا هو زمن العهر والقحط والذل والهوان؟..أليس هذا هو زمن"ألرويبضة"؟.
من منا لم يشاهد"ابن الأناضول" رئيس وزراء تركيا أردوغان وهو ينسحب من مؤتمر وملتقى دافوس الأخير واصفا الرئيس الصهيوني شمعون بيريس بأنه رئيس شعب قاتل للأطفال, وفي المقابل يصر أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى على الاستمرار في حضور جلسات المؤتمر, علما بأن تركيا تسعى جاهدة للانضمام الى السوق الأوروبية المشتركة, ولكن ضمير أردوغان الحي منعه من الاستمرار بالجلوس الى جانب بيريس وضمير عمرو موسى الميت جعله ينصاع لبان كي مون عندما أمره بالجلوس, تماما كما ينصاع طفل صغير السن لأمر والده.
الأمثلة كثيرة على التخاذل العربي الرسمي ولا حصر لها, ولكن أين دور ذوي القربى؟..أين دور سلطة رام الله بل سلطة دايتون؟..رغم أن هذه السلطة كانت تنتظر اعادة غزة اليها وعلى طبق مليء بجماجم أطفالها ونسائها وكهولها, الا أن العدو الصهيوني وبعد ثلاثة أسابيع من حرب الابادة أعلن وقفها من جانب واحد، جارا خلفه أذيال الهزيمة، بعد أن فشل في تحقيق أهدافه من هذه الحرب، فلم يتمكن من كسر شوكة المقاومة ولم يستطع اعادة غزة إلى سلطة رام الله..سلطة كان رموزها على الجانب المصري من معبر رفح ينتظرون أن يدخلوها فاتحين, ولم تتمكن كذلك من ايقاف اطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة، واستمرت الحكومة الشرعية في أداء مهماتها، ولم تقم بتحرير جنديها الأسير..باختصار شديد بامكاننا القول ان هذه الحرب أثبتت أن الجيش الذي لا يقهر، قد قهرته غزة..لله درك يا غزة.
بعد مرور عام على المحرقة التي ارتكبها الصهاينة بحق أطفال ونساء وشباب وشيوخ غزة وحصار خانق مستمر منذ ثلاثة أعوام، كنا نتوقع أن يقوم النظام المصري بطلب المغفرة على ما اقترفته يداه, ولكن هذا النظام يصر وعلى الدوام أن يخذل توقعاتنا, فقد وصلت هديته لاخواننا في القطاع..فصمود اخواننا الغزيين أصبح أشد خطورة على مصر من الكيان الصهيوني وسلاحه النووي الفتاك, نعم لقد أصبحت غزة عاملا خطيرا يهدد الأمن القومي للنظام المصري, فقوة هذا الأمن أصبحت بين ليلة وضحاها مربوطة بتشديد الحصار على غزة..لكن غزة لا تخاف هدير البحر..غزة شامخة تأبى الركوع.
نعم, لقد وصلت هدية هذا النظام, فبدأ ببناء الجدار الفولاذي..جدار العار, ولكنه نسي أن من صمدوا أمام أبشع مجازر العصر سيتمكنوا من ايجاد العديد من الطرق والوسائل للتغلب على هذا السور..سور مصر العظيم.
انه لأمر مؤلم حقا أن نشاهد جورج جالوي الأكثر عروبة من أعراب النفاق والعهر والهوان يتقدم ومن معه مسيرة شريان الحياة ويعرضون أنفسهم للخطر والهلاك من أجل تقديم المساعدات بأنواعها المختلفة لشعب قتله الدمار والحصار, في وقت يصر فيه النظام المصري على منع هذه المسيرة من الوصول الى غزة..وهنا تراودني بعض التساؤلات:ألا يخجل هذا النظام من ترحيبه بزيارة وزير خارجية الكيان الصهيوني ليبرمان الذي هدد مرارا وطالب بقصف السد العالي؟..ألا يخجل هذا النظام من علم كيان يرفرف في سماء مصر..كيان يطمع بأن تكون حدوده من النيل الى الفرات..علم يرفرف في سماء من كانت تسمى فيوم من الأيام بمصر العروبة..مصر عبد الناصر؟.
قبل أيام صادفت الذكرى الحادية والثلاثون لرحيل الرئيس الجزائري هواري بومدين, ولا تزال صورته"موستاش", أي صاحب الشنب معلقة في كل بيت جزائري, بومدين الذي قال ذات يوم مقولته الشهيرة التي هزت أركان الكيان الصهيوني وسجلها التاريخ بأحرف من ذهب"نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، هذه الشهادة "الهوارية" الخالدة هي شعار كل الجزائريين الذين اكتووا بنار المستعمر الفرنسي، تمام كما يكتوي أبناء شعبنا الفلسطيني اليوم بنار المستعمر الصهيوني..رحل هواري بومدين, لكن الجزائريين لا يزالون يرددون إلى يومنا هذا مقولته:"نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"..فهل سيحفظ النظام المصري الحالي هذه المقولة ويقوم بترديدها والعمل بها تماما كما فعل بومدين وعبد الناصر؟.
أختتم بالقول, ستبقى غزة أبية شامخة بمقاومتها..ستبقى أسطورة حية تضيء كل بيت, تعلم العالم من أقصاه الى أدناه كيف يكون التمسك بالأرض والدفاع عنها..في الذكرى الأولى لحرب الابادة الصهيونية الفاشلة..ذكرى الصمود والتصدي, نقول:لن ننثني يا سنوات الجمر, واننا حتما لمنتصرون..المجد والخلود للشهداء الأبرار والخزي والعار للصهاينة ومن سار في فلكهم من الأعراب الأغراب..وما بعد الليل الا بزوغ الفجر.

فتح ما بين الاحتفال والاحتقان في ذكرى انطلاقتها

سامي الأخرس
لم تغيب الثورة منذ انطلاقتها عن بؤرة اهتمام المواطن الفلسطيني الذي يجد بها تعبيراً عن مضامين الثورة والانتماء، والتأكيد على أهدافه الوطنية، ورمزيته الحزبية، وهو ما دأبت عليه القوى والأحزاب الفلسطينية في الفترة الأخيرة في التحضير لإحياء ذكرى انطلاقتها لتضمن وجودها والتعبير عن نفسها وسط ضجيج الحالة الفلسطينية، وضوضاء قسمت الوطن لجناحين متصارعين.
قبل عدة أيام احتفلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحركة المقاومة الإسلامية(حماس) بذكرى الانطلاق والتأسيس، واليوم تحتفي فتح كبرى الحركات الوطنية بذكرى تأسيسها وسط ضجيج من نوع خاص، يعلو سنة تلو سنة وسط حالة من الانقسام السياسي والجغرافي ، يفرض حظراً شاملاً على عناصر فتح ويمنعهم من التعبير عن مشاعرهم بالاحتفال بذكرى التأسيس في غزة المسيطر عليها من حركة حماس، وهو من باب المناكفة السياسية بين القطبين (فتح وحماس).
تأتي انطلاقة الثورة الفلسطينية (فتح) هذا العام في خضم حالة من الجدل الداخلي في حركة فتح التي لا زالت لم تستفيد كثيراً مما حدث في غزة قبل عامين، فلا زالت فتح تعيش في زمن بعيد عن الواقع السياسي والتنظيمي الذي أصبحت عليه الحالة الآن، حيث لا زالت فتح تضم في جنباتها كل أصوات الاسترزاق السياسي، حاملوا طبول الجعجعة والزفات الإعلامية للحصول على مكتسبات مادية وفخرية على حساب البذور الأصيلة المغروسة في تربة فتح التي نعرفها، فتح الأصالة التي رسخ مبادئها خليل الوزير ، وصلاح خلف، وياسر عرفات وجيش من الشهداء على رأسهم عروس فلسطين دلال المغربي، ورفيق السالمي، وزياد مصران......الخ من قافلة لا زالت تعمد الأرض بالدم والبارود.
خمسة وأربعون عاماً من تأسيس حركة فتح التي عاصرت وقادت الثورة الفلسطينية، سواء اتفقنا على ذلك أم اختلفنا فإنها حقيقة قائمة لا يمكن القفز عنها أو إنكارها أو تجاوزها، كما لا يمكن الإجحاف بحق هذه الحركة الكبرى في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني، والتي تعتبر مكون هام وحيوي من مكونات التاريخ الفلسطيني الذي شهد انجازات وانتصارات، إضافة للإخفاقات والانتكاسات التي حدثت ولكنها لم تكسر الثورة، ولم تقض عليها أو تنال منها بل كانت دوماً تزيدها قوة وعنفواناً وتوجهاً واشتعالاً.
فاليوم فتح تحتفي بانطلاقتها وهي تتعرض لظروف غاية في التعقيد سواء على الصعيج السياسي الفلسطيني الذي شكلت نظامه العام وعموده الفقري الأساسي والركزي، أم على المستوى التنظيمي الذي يشهد حالة من التجديد على المستوى القيادي بعد انعقاد مؤتمر الحركة الأخير وإعادة انتخاب لجنتها المركزية ومجلسها الثوري، أم على المستوى الوطني الذي استطاعت أن تضع من خلاله مشروعها السياسي وتسير به من الثورة إلى السلطة التي جُسدت في غزة والضفة الغربية، وأضحى مهدد بالفشل والانزواء تحت ضغط الانقسام وممارسات الاحتلال، إضافة لعدة ظروف أخرى تحيط بحركة فتح.
خمسة وأربعون عاماً ولا زال التاريخ يدون أن حركة فتح لا زالت على رأس الهرم السياسي الفلسطيني، تخوض التجارب والمعارك تجربة تلو الأخرى، ومعركة تلو الأخرى، دون أن تنكسر أو تنزوي، رغم حالة الضعف التي ألمت بها عن السابق، وهو حالة طبيعية أمام التحديات التي واجهتها فتح ولا زالت تواجهها وخاصة على صعيد مكوناتها التنظيمية الداخلية التي ترهلت منذ بسط السلطة الوطنية، حبث بدأ ت الانتماءات الوظيفية تغلب على الانتماءات الحزبية، وأصبح ينظر لفتح كشركة استثمارية عامة يمكن من خلالها الاستثمار الوظيفي وتحقيق المصالح الخاصة لبعض المنافقين والموتورين بعظمة الذات والجاه، ويتنافسون في النفاق والدجل باسم فتح لإدراكهم أن انتمائهم لا يكلفهم أي تضحية كانت، بل هو انتماء في زمن جني الغنائم، فكيف أقارن بين من يدعي فتحاويته لأجل مكسب في منصب بأحدي الوزارات أو الجامعات ويبحث عن الفتح لاستثمار اسمها، وبين فتحاوية ضحت براتبها وبحريتها لتحلق بمؤتمر فتح في بيت لحم وتتحدى بأنوثتها كل الصعاب؟!
فاليوم فتح تحتفل بذكري تأسيسها وهي في وضع غاية بالصعوبة والخطورة، ولكنها قادرة على تخطي هذه المرحلة والنهوض بثوب جديد أكثر رونقاً عندما تعقد العزم على التصحيح الداخلي، وتتمسك ببذورها الأصلية التي عشقت فتح وضحت لأجلها، وعندما تغربل الولاءات والانتماءات بعيداً عن بطاقات التعريف في الروابط والجمعيات والجامعات والمنتديات، ففتح انطلقت من جدران المخيم، وشوارع المدن، وأزقة القرى، وجنبات الألم، ولم تكن فتح بيوماً شركة استثمارية الهدف منها منصب وزير أو عقيد أو مدير، أو عميد جامعة......الخ. من مرضى المناصب وربطات العنق المزركشة بالنفاق والخداع، ففتح بحاجة لأبن بار لا يلقي بندقيته ويولى الدبر، ويترك موقعه وينحرف لأقصي المسار.
ففتح الثورة الفلسطينية التي يجب الحفاظ عليها سواء مدحناها أم انتقدناها، لأنها جزء حيوي من النسيج الوطني النضالي، ولا بد الحفاظ على هذا الجزء الذي اختلفنا وسنختلف معه لكننا لن نحاربه ونقتله لأنه إن سقط يسقط مشروعنا الوطني.
فذكرى فتح الخامسة والأربعون ذكرى لكل فلسطيني ارتوى من ضرع الوطن حباً ..... وانتماءاً... وإخلاصاً..

ويل لدولة تتهم مواطنيها باطلاً بالعمالة

الياس بجاني
ويل لدولة ظالمة في أحكامها وحكامها دمى تحركها قوى غريبة بالريموت كونترول

نشرت وكالة لأنباء الوطنية التابعة للدولة اللبنانية بتاريخ 29 كانون الأول/09 الخبر التالي تحت عنوان: عودة لبنانيين فارين إلى فلسطين المحتلة والجيش تسلمهما من الصليب الاحمر الدولي في الناقورة: "عاد من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة المتعاملان مع جيش انطوان لحد سابقا نديم ابو رافع (50 عاما)، وهو من منطقة حاصبيا، وخليل ابو حمد (90 عاما)، من منطقة مرجعيون، وذلك عبر الصليب الاحمر الدولي من منطقة رأس الناقورة، حيث تسلمهما الجيش اللبناني الذي استبقاهما لاجراء المقتضى القانوني". وأشار مندوبنا "ان ابو رافع وابو حمد كانا قد دخلا الأراضي الفلسطينية المحتلة إبان اندحار جيش الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب في العام 2000".)

يقول المثل اللبناني الشعبي شنيعتان لا يشعر بهما أحد وهما موت الفقير وخيانة الغني. على خلفية هذه العقلية المبنية على مركبات التقية والذمية يُعامِل حُكام لبنان أهلنا الموجودين في إسرائيل منذ العام 2000 . علماً أن القاصي والداني يعرف تمام المعرفة أن أهلنا هؤلاء قد لجأوا إلى هناك مجبرين لا خوفاً فقط من تهديدات السيد نصرالله الوقحة والإرهابية والإجرامية لهم قبل الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في أيار سنة 2000 حيث هددهم بالدخول إلى مخادعهم "لبقر بطونهم في الأسرة"، وإنما أيضاً خوفاً على لبنان من دفع المزيد من الدماء بدون سبب.

العماد ميشال عون الحليف الأول اليوم لحزب الله الإرهابي والحامي الشرس لسلاحه الميليشياوي، والناقض لكل موقومات ما هو دولة ومؤسسات وثوابت لبنانية وقوانين وقرارات دولية، كتب في 27/05/2000 مقالة تحت عنوان: "متى التحرير؟" تناول فيها مأساة أهل الجنوب عقب الانسحاب الإسرائيلي. هذا بعض ما جاء فيها: "بماذا تفتخر الدولة ومجتمعها المنافق بعد الانسحاب، وقد لجأ آلاف اللبنانيين الأبراء إلى إسرائيل؟ لماذا خافت النساء وهربت الأمهات مع أطفالهن إلى المخيمات الإسرائيلية؟ أليس الذي حدث هو نتيجة خطابات "بقر البطون في الأسرة" على مرأى ومسمع من دولة، تركض لاهثة وراء هذا الخطاب، لأنها عاجزة عن القيام بواجباتها، فتتبناه بصمتها، متخلية عن جميع مسؤولياتها الأمنية والقضائية؟ وبأي صفة يُطمئن "رئيس الجمهورية" شعبه كي يعود إلى أرضه، وهو فاقد السيادة عليها، ويتميز بغيابه الدائم عن ممارسة مسؤولياته".

ويضيف عون: "أين القضاء؟ أين قوى الأمن، أين الجيش؟ فإن لم تكن هذه المؤسسات قد أعِدَّت لمثل هذه الظروف فلأي سبب قد وجدت إذاً؟ هل أصبحت كل هذه المؤسسات وسيلة لفرض سيادة الدولة والفكر الواحد على الجامعات لتحجيم الفكر الحر فقط؟."

وعن هرطقة محاكمة أهل المنطقة الحدودية الذين لجأوا إلى إسرائيل يكمل عون في المقالة ذاتها قائلاً: "على هذه الدولة "الكرتونية" قبل أن تتّهم أياً كان من الجنوبيين، أن تُعلن عن المبادرات التي أطلقتها خلال خمسة وعشرين عاماً لإنقاذهم ورفضوها، وبعد ذلك تستطيع أن تبدأ بمحاكمتهم. ولكن أن تأتي اليوم لتحاسب بروح ثأرية من استطاع البقاء في أرضه بعد هذا الزمن الطويل، فهذا ما يجب التوقف عنده قبل الإقدام عليه."

يشار هنا إلى عون لحس منذ سنة 2006 كل كلامه ونقض كل عهوده ووعوده وانتقل كلياً إلى قلب المحور السوري الإيراني. كلام عون في مقالته هذه هو أكبر إدانة لكل ما يقوم به اليوم من ممارسات تمنع قيام الدولة وتعيد الاحتلال السوري وتشرعن سلاح حزب الله وتزور الحقائق، والسؤال: أين هو عون اليوم من كلامه هذا، وهل بقي له أية مصداقية ولو بمقدر حبة خردل؟

أما رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي وعد في خطاب قسمه بالعمل على استعادة أهلنا الموجودين في إسرائيل لأن "حضن الوطن يتسع للجميع"، فقد تبين بعد مرور ما يقارب السنتين على توليه سدة الرئاسة أن ما قاله كان مجرد كلام مفرغ من معانيه. فالرئيس هذا ومعه العماد عون وكل نوابه مضافاً إليهم كل نواب 14 آذار و8 آذار مسيحيين وغير مسيحيين قد نقضوا الوعد الرئاسي في بيان الوزارة الحالية حيث جاء في بندها رقم 17: " ستولي الحكومة اهتمامها بتسهيل عودة اللبنانيين الموجودين في إسرائيل بما يتوافق مع القوانين المرعية الإجراء."
فعندما نعلم كما هم يعلمون أن القوانين المرعية الإجراء هذه هي "غضومية" الهوى والنوى وتعتَبِر أهلنا الجنوبيين متعاملين وخونة ينكشف خداعهم جميعاً ويظهر للعيان نفاقهم وعدم احترامهم لأنفسهم ولمواطنيهم وللحقيقة والعدل وتسقط حتى ورقة التوت.

نسأل بأي حق أو شريعة، وطبقاً لأي قانون من قوانين الدولة اللبنانية تنعت الوكالة الوطنية للإعلام التابعة مباشرة لوزارة الإعلام العائدين من إسرائيل طوعاً بالمتعاملين مع ما سمته جيش أنطوان لحد؟ وهل فعلا كانا فارين أم أنهما غادرا مع الآلاف من أهلنا الأشراف إلى إسرائيل بسبب تهديدات السيد حسن نصرالله؟

عيب هذا الكلام المشين والمهين بحق من كتبه ومن أجاز نشره وبحق كل من سكت عليه من السياسيين والمسؤلين. فهذه الاتهامات الباطلة والظالمة لو صدرت في أي دولة تحترم الإنسان والقوانين لكان بمقدور المواطنين اللذين عادا من إسرائيل أن يقاضيا الدولة بملايين الدولارات. كما اننا نستهجن "نوم" وزير الاعلام السيد طارق متري الذي يتحفنا كل يوم بأرائه النيرة على ما تمرره أصابع حزب الله وسوريا في وكالة الإعلام الرسمية من سمموم دون ان يكلف نفسه عناء قراءة اخبار نشرتها قبل صدورها.

أي عاقل يصدق أن هذا الشيخ الجليل أبن التسعين الذي بالتأكيد قتله الحنين إلى تراب لبنان المقدس وأراد أن يُدفن فيه وليس بأي تراب آخر هو عميل وخائن وفار؟ وهل في سنة الألفين عندما لجاُ إلى إسرائيل بعمر الـ 81 سنة كان عميلاً ومتعاملاً أيضاً؟ خافوا الله واتقوه وتذكروا أن يوم الحساب آت لا محالة.

عيب والله عيب هذا التصرف الهمجي الذي ترتكبه الدولة بحق مواطنيها الأشراف فهو لا يليق أبداً بحضارة لبنان وبتاريخه وبعطاءات وعبقرية أهله. إنها دولة مغربة عن ذاتها ومنسلخة عن كل القيم والمبادئ والشرائع. إنها دولة لا تحترم مواطنيها وتتهمهم باطلاً وزوراً بالعمالة فبؤس هكذا دولة، وبؤس هكذا مسؤولين لا يعرفون من المسؤولية سوى التبعية والإرتهان والظلم.

لهؤلاء المسؤولين "الكرتونيين" ولقيادة حزب الله التي تعيق عودة أهلنا الأبطال عن طريق الإرهاب والتخويف وفبركة الملفات والإتهامات الباطلة، ولكل القيادات والأحزاب الراضخة صاغرة لإملاءات حزب ولاية الفقيه نقول، اسمعوا ما يقوله الكتاب المقدس (ملاخي/الفصل2 /1-9)، لعل تستفيق ضمائركم المخدرة وتتقون الله في اعمالكم وأقوالكم:
"والآن إليكم من الرب هذه الوصية أيها الكهنة إن كنتم لا تسمعون ولا تبالون أن تعطوا مجدا لاسمي. أنا الرب القدير، أرسل عليكم اللعنة وأجعل بركتكم لعنة، بل إني لعنتها لأنكم لم تبالوا بوصيتي. ها أنا أمنع عنكم الزرع وأرمي وجوهكم بالزبل، زبل ذبائح أعيادكم، وأبعدكم عني، فتعلمون أني أرسلت إليكم بهذه الوصية ليثبت عهدي مع لاوي أبيكم. كان عهدي معه للحياة والسلام، فأعطيتهما له ليخافني، فخافني وهاب اسمي. شريعة الحق كانت في فمه ولا جور في شفتيه. سار معي بالسلام والاستقامة ورد كثيرا من الناس عن الإثم. شفتا الكاهن تحفظان المعرفة، ومن فمه تُطلب الشريعة لأنه رسول الرب القدير وقال الرب القدير: أما أنتم فحدتم الآن عن الطريق، وجعلتم كثيرا من الناس يرتابون في الشريعة، ونقضتم عهد لاوي أبيكم. أيها الكهنة فأنا أيضا أجعلكم منبوذين سافلين عند جميع الشعب، بقدر ما لم تحفظوا طرقي، وحابيتم هذا وذاك في أحكامكم".

في حال أراد أهل الحكم والسياسة في لبنان فعلاً محاكمة أهلنا الموجودين في إسرائيل بتهمة التعامل، فليتفقوا على معيار قانوني واحد للعمالة معترف به دولياً ومن بعدها يطبقوه بِعدلٍ على الجميع دون استثناء. عندها سيظهر من هو العميل حقيقةً ومن هو الشريف، ومما لا شك فيه أن الذين لجأوا إلى إسرائيل سيتبين أنهم أشرف من الشرف نفسه، أما المتعاملون فمعروفون للجميع وهم يتباهون بعمالتهم وسلاحهم ودويلتهم ليلاً نهاراً فيما هم عملياً يتحكمون بأرزاق وأعناق الناس ويهيمنون بقوة الإرهاب على مفاصل الدولة اللبنانية بالكامل.

في النهاية الويل وثم الويل لدولة ظالمة في أحكامها، وحكامها دمى وأقزام تحركهم قوى غريبة بالريموت كونترول.

الثلاثاء، ديسمبر 29، 2009

في ذكرى انطلاقتها الخامسة والاربعين :فتح الى أين

حسام الدجني


من بيوت حي الزيتون بمدينة غزة انطلقت الفكرة، ومن عيلبون الحبيبة انطلقت الرصاصة في الاول من يناير عام 1965، هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، والتي انطلقت لهدف التحرير، وقدمت الغالي والنفيس لتحقيق الهدف، فهي حركة الشهداء والاسرى والجرحى، هي أم الجماهير، هي من أعاد معاني النصر بعد هزيمة حزيران 1967، هي حركة فتح، حركة الرئيس الشهيد ياسر عرفات وخليل الوزير ابو جهاد وأبو إياد وغيرهم المئات بل الآلاف.
نستذكر في ذكرى انطلاقة فتح عملية عيلبون والكرامة وغيرها، ولكن حركة فتح هي مجموعة من البشر ولا قدسية لغير القرآن والسنة النبوية وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمسيرة خمس واربعون عاماً أصابت فيها فتح وأخفقت، فأين أصابت وأين أخفقت....
نبذة تاريخية
عندما قام القائد الكردي صلاح الدين الايوبي بالتفكير في تحرير بيت المقدس، التف العرب والمسلمون حوله، وقاتلوا كتفاً بكتف الى جانبه، وبعد وفاته أصبح اهتمام الدولة الايوبية بالحكم والسلطة والمال والجاه، فانفضوا الناس من حولها، وسقطت الدولة الأيوبية.
في الاول من يناير من العام 1965، قامت حركة فتح بنسف نفق عيلبون في اول عملية عسكرية لها في الارض المحتلة ليلة الجمعة أول كانون الثاني عام 1965. وبهذا كانت الشرارة الاولي لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.
ويصادف هذا العام أن يكون الاول من يناير يوم جمعة لنتذكر بطل تدمير نفق عيلبون الشهيد أحمد موسى إبراهيم الدلكي أول شهيد لحركة فتح.
بعد عملية عيلبون وانطلاق الثورة الفلسطينية التفت الجماهير الفلسطينية والعربية حول حركة فتح، لتصبح الحركة الاكبر، والسواد الاعظم من الشعب الفلسطيني، في اشارة واضحة ان الشعوب تبغض الاحتلال وترغب في مقاومته.

إنجازات فتح:
اعتذر من قرائي الكرام بأن خمس واربعون عاماً لا نستطيع ان نجمل كل الانجازات او الاخفاقات ولكننا نجتهد لعلنا نغطي الانجازات الاكثر أهمية.
1- من أهم انجازات فتح أنها نالت شرف الطلقة الأولى "الثورة الفلسطينية" بعد نكبة عام 1948.
2- حافظت على الهوية والكينونة الفلسطينية، في وقت سعت بعض الدول الى تذويب هذه الهوية.
3- دعمت صمود اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.
4- حافظت على النظام السياسي الفلسطيني عبر تعزيز المؤسسات السياسية الفلسطينية وبناء أركان الدولة الفلسطينية.
5- خففت من هول هزيمة حزيران، وحاربت التطبيع مع دولة الكيان.
6- صمودها الاسطوري في بيروت بعد حصار كبير وقاسي.
7- فضح الاحتلال الاسرائيلي في المحافل الدولية.
8- قيادة فتح للقيادة الوطنية الموحدة في الانتفاضة الاولى عام 1987، وقيامها بجانب الفصائل الاخرى بتلقين العدو دروساً قد لا ينساها من العمل المقاوم.
9- تشكيل خلايا كتائب شهداء الاقصى والقيام بعمليات نوعية ضد الاحتلال في انتفاضة الاقصى.
10- في عهد فتح قامت اول انتخابات ديمقراطية نزيهة شهد لها القاصي والداني.


إخفاقات فتح:
1- هيمنت حركة فتح على منظمة التحرير الفلسطينية، واستحوزت على القرار السياسي الفلسطيني وعلى المؤسساتية السياسية الفلسطينية.
2- شخصانية النظام السياسي الفلسطيني، وغياب الديمقراطية عن مؤسسات المنظمة، وتداعيات ذلك على القرار السياسي الفلسطيني.
3- تدخل المنظمة والتي تهيمن عليها فتح في شئون داخلية للدول العربية.
4- تدخل زعيم فتح الرئيس ياسر عرفات في ازمة الخليج وموقفه الداعم للرئيس صدام حسين في احتلال الكويت، والذي دفعت ثمنه المنظمة (بالاضافة الى اسباب اخرى) عبر توقيع اتفاق اوسلو.
5- توقيع اتفاق اوسلو وانشاء السلطة الفلسطينية على الرغم من بعض الايجابيات الموجودة بالاتفاق، الى ان انتقال فتح من مربع المقاومة الى مربع السياسة في ظل استمرار الاحتلال والظروف الاقليمية والدولية المحيطة يشكل اخفاقاً للمنظمة ومن خلفها فتح كونها تهيمن على مؤسسات المنظمة.
6- ذوبان فتح داخل مؤسسات السلطة والتي شابها الفساد والترهل والمحسوبية، القى بظلاله على مؤسسات الحركة فغابت وذابت داخل بوتقة السلطة الفلسطينية.
7- برنامج فتح الانتخابي في انتخابات الرئاسة، والذي غيب عسكرة الانتفاضة في ظل وجود احتلال قمعي غاصب.
8- قبول فتح بتدخلات اقليمية ودولية في نتائج الانتخابات التشريعية 2006 مما دفع بتفاقم الامور بين الاخوين الشقيقين فتح وحماس.
9- تجاوز فتح للدستور الفلسطيني وعدم احترام القوانين الفلسطينية، وتسخير طاقات منظمة التحرير الفلسطينية لقضايا خلافية داخلية، وغياب مؤسسات م.ت.ف عن القضايا الجوهرية.
10- حسم حركة فتح لمواقفها السياسية بما يتناسب ويتواءم مع محور الاعتدال، مما يدخلها في صراعات عربية عربية حركة فتح في غنى عنها كونها حر كة تحرر وطني.
11- أخفقت حركة فتح في مؤتمرها السادس عبر بعض الشبوهات التي رافقت نتائج الانتخابات الداخلية.

حركة فتح تحتاج الى مراجعة شاملة، تصوب الاخفاقات وتكرس الانجازات، وتعيد اللحمة الى الوطن، وتنهي الانقسام عبر توافق وطني فلسطيني، وتعود الى برنامجها التي انطلقت من أجله، فالاحتلال ما زال مستمراً، ورئيس السلطة الفلسطينية الامين العام لفتح محمود عباس اعلن فشل المفاوضات، فأين تسير فتح الان؟؟ هل تعود الى برنامجها وميثاقها الاول فتعود جماهيرية فتح، ام تبقى متمسكة بخيارات فاشلة من اجل المحافظة على إنجازات شخصية وعلى رواتب موظفين.


كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@hotmail.com

ثمة نور في آخر النفق

سامح عوده



من على شرفات العام الجديد، رسالة وفاء إلى وطني

ليكن نهاركَ أيها الوطن، وليكن هواءك، وترابكَ، وأهلك بخير وفي أحسن حال،

..!!

أتمنى أن تصلك رسالتي هذه قبل أن تتجه عقارب الوقت إلى العام الجديد؛ وأنت

وطـــني الحبيب :

كنتَ مشرقاً دائماً، وستبقى كذلك، ليقيني أن جسدكَ المثخنُ بالجراح, جراح الأحبة، وجراح الأعداء. الذين منعوا شمسكَ من السطوع ..!! لذا كن بخير دائماً لأنني أركَ في أجمل صوركَ، مشرقاً بهياً، بهيئة ملاك رباني طاهر، ولولا ذلك لكنتَ اسماً عبر كباقي الأسماء، التي مرت في عوالمنا كطيف للحظات واندثرتَ، أما أنت فنحن على يقين أمك راسخاً لا نموت، ولذلك فقد نقشناك في الذاكرة، على جدران القلوب، حتى لا تتمكن عوامل التعرية، والمناخ، التي يحاول المتآمرون فرضها علينا من بلاد الثلج إلى بلاد السجاد ..!! فكل محاولاتهم ستبوء بالفشل،لأنك الحقيقة الباقية، والروح الباقية، فهل يحيى الجسدُ بلا روح.

"انتهت الرسالة "

أدركُ تمامًا أن الحالة الفلسطينية معقدةٌ، وأن الصورة قد تداخلت فيها الألوان فما عدنا نميزُ بين الأبيض والأسود، وقد تداخلت خطوط الفرشاة فيها طولاً وعرضًا، ولم تعد ناصعةً كما كانت.!

وأدركُ أيضاً أننا لسنا في الجنة، إننا في فلسطين- سيدة البدايات والنهايات- وان ما يجري على ارض الواقع من انقسام بغيض،حمل شعبنا ويلات ستبقى لسنوات أخرى قادمة، واحتلال لعين، تمرَّسَ في قتلنا، وذبحنا، وحاصر غزة ودمرها، وهود القدس، وبنى جدارًا عنصريًا، ومستوطنات تنتشرُ في الجسد كالسرطان، ومستوطنون عاثوا في البلاد خراباً .

هذا ما حملته أوراق التقويم منذ النكبة الأولى عام 1948م وحتى قبل شروقَ شمسُ العام 2010م ..

ستون عام ونيف، وأوراقنا مثقلة بما حملته من أخبار، يحضرني قول الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي " يعلق مالك حداد بتهكم مرّ، يجب قلب الصفحة، هل فكرتم في وزن الصفحة التي تقلبها ؟ "

إن صفحاتنا مثقلةٌ، بالأخبار غير السارة، والأوزار، لأننا لم نحسن الأداء، ولأن حجم المؤامرات التي مررت علينا، وتُمرر، تعجز الجبال عن حملها، فحملها الفلسطيني مرغماً فالأمر قدر ..!!

أوراق العام الماضي ضجت بما حملت، لذا نتمنى أن تكون صحائف العام الجديد معطرةً، تحمل أنباء الوحدة التي غاب نورها عنها، وأنباء الخلاص من الاحتلال، الأمران ممكنان، لكن الوحدة هي الأهم، أما الاحتلال وان طال أمده فانه لا محالة زائل .

إن أصعب الحالات التي تمرُ هي مرحلة المخاض، لحظات قاسية، لا يشعر بها إلا من جربها، هذا إذا لم يكن الحملُ كاذبًا، وباعتقادي إننا نمرُ بأصعب حالات المخاض، فليس هناك مقاومة، وليس هنالك سلام، ولا مصالحة، ولا .. ولا .. ومع ذلك فلا بد من الأمل، أمل طالما تمنيناه، أمل بغد جميل، لان الغد هو الآتي، وعلينا أن نعيش مع الغد، ولا نبقى مكبلين بحبال الأمس .

قبل أيام قليلة احتفلت الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الغربي بإشعال شموع عيد الميلاد المجيد، وبعد أيام ستحتفلُ الطوائف المسيحية التي تسير وفق التقويم الشرقي شموعًا أخرى، فكل عام وهم جميعًا بخير، هذا هو شعبنا يعلمنا " إما نكون وإما نكون " مخالفين المقولة الدارجة " لا نكون "، لذلك أحيت الطوائف المسيحية أعيادها، ورفعت اكفها إلى رب السماء عاليًا بأن يكون في العام الجديد الأمن والسلام لشعبنا، ونحن توجهنا بأفئدتنا معهم إلى مهد السيد المسيح عليه السلام في مدينة بيت لحم بنفس الدعاء، لان قيمنا الفلسطينية علمتنا أن تكون فلسطينيتنا فوق كل شيء، لهذا " كانت تسمى فلسطين، وصارت تسمى فلسطين، سيدتي أستحق لأنك سيدتي أستحق الحياة " .

وقبل أن نقلب َ أوراق العام الجديد, فأنني لا أرى إلا محمود درويش ابن هذه الأرض معبراً عن دعاء الشعب الفلسطيني بكافة طوائفه، ومذاهبه، وفي كافة أماكن تواجده نرفعُ أيدينا عالياً بالدعاء معه مرددين :

فيا وطن الأنبياء...تكامل!
ويا وطن الزارعين.. تكامل!
ويا وطن الشهداء.. . تكامل!
ويا وطن الضائعين .. تكامل!
فكلّ شعاب الجبال امتدادٌ لهذا النشيد.، وكل تراب الأرض يردد هذا النشيد .

سيلومني البعض، أبناء هذه الأرض وغيرها بأنني " نوراني " أكثر من النورانيين أنفسهم، وأنا سأقول بأن كل شعوب الأرض أصابها ما أصابنا، بل وربما ابتليت بأكثر مما ابتلينا به، ومع ذلك استطاعت أن تعود فينيقاً من تحت الرماد، لذلك سأدع الاستسلام لليأس جانبًا، وأغني أغنية للغد لأنه ثمة نور في أخر النفق، بعد هذا المسير الطويل في دهاليز النفق المعتم .

جميلة الهباش : عنواني الكرة الارضية

مأمون شحادة
مختص بالدراسات الاقليمية
الخضر - بيت لحم – فلسطين
wonpalestine@yahoo.com


اسئلة كثيرة تراودني ما بين هنا وهناك وانا على متن قاربي الصغير، حيث اخذت الاسئلة تلاطم عقلي كما الامواج تلاطم قاربي، لا ادري ما الذي يعتري هذا البحر على طول المسافة ما بين هنا وهناك مقارنة بعقلي.
صحيح ان المسافة الطويلة ترهق من يسير، لكن الانتماء الى هذه الطريق من خلال معرفة الهدف تجعل ممن يسير عليها يعرف ماذا يريد والى اي طريق يتجه.
هنا تجتاح السائل موجة من الاسئلة الكثيرة تضعه على محك الاجابة فيما يسمى بالصراحة، ولكن أأنت قادر على ان تكون صريحاً في اجابتك وفق منظومتك الانسانية؟ ولا تنس انك انسان ولك فطرة ولدتها كل نساء الارض فيما يعرف بالاصل التكويني، ولكن الظروف الحياتية والتنشئة تختلف من مجتمع الى اخر .
قاربي الصغير اقترب كثيراً من شاطئ النسيان، حتى اخذ حراس هذا الشاطئ بالقاء القبض علي بتهمة اختراق الحدود الانسانية، والتهمة انني اشتقت الى اخوة لي في الطرف الاخر من حدود التجزئة والقسمة لهذه الارض، حيث وجه الي سؤال، فحواه انني لست من مواطني هذا الشاطئ، انما من مواطني الشاطئ الاخر، حتى اخذت بالاجابة قائلاً: ان معادلة التكوين لهذه الارض تحتوى على الكثير من العناصر المهمة التي يجب عدم اغفالها، فيما يسمى بالانتماء لهذه الكرة الارضية.
ولوانك خرجت من قريتك متوجها نحو المدينة وسألت من اي منطقة انت، حتما ان الاجابة ستكون متعلقة بقريتك، فيما ان الخارج من مدينته نحو محافظة اخرى ستكون اجابته باتجاه مدينته، هكذا هي المعادلة.
فلو خرجت من اطار دولتك الى دولة اخرى فستكون اجابتك نفس الاجابة السابقة بالانتماء الى قطريتك، ولكن!! لوخرجت من اطار قطريتك الى كوكب اخر خارج كوكب الارض، فماذا ستكون اجابتك؟ هل ستقول انا من سكان الارض؟ نعم، ستكون اجابتك هكذا وبغض النظر عن اي عرق او مجتمع انت، وستكتفي باجابة انك انسان من سكان كوكب الارض .
هنا يأتي السؤال مترافقاً مع حيرة وتلبك في الطرح. بما انك انسان وفطرة بوصلتك تشير الى الارض، فلماذا يقتل الانسان اخاه الانسان؟ وانت تعرف ان الارض لو تعرضت لغزو خارجي من كوكب اخر فسنكون كلنا معشر البشر في خندق واحد ومن كل الاعراق والمجتمعات ضد هذا الغزو الخارجي.
ولكن المكابرة على الحقيقة "قتلتنا" جميعاً، وانت تعرف، وانا اعرف اننا نؤلم الارض كل يوم، رغم ان الارض مصممة على ان ندفن فيها جميعاً، فتربة قبرك لا تختلف عن تربة قبري، فالارض واحدة والشمس واحدة والقمر واحد، ولكن الكواكب كثيرة ومختلفة، فلا تعتقد انك وحيد في هذا الكون، فالكون واسع ولكن اعيننا ضيقة لا تحتمل الرؤية الا في مجال القتل واتهام الاخر والاستثناء .
عدت الى قاربي لاعود الى الجهة الاخرى من الشاطئ ومعي أمنية طفلة فلسطينية مبتورة الساقين تحلم بأن تصبح صحفية*، لكن رصاصة من الخلف اخترقت احلامي ما بين طرح معادلتي وعودتي، ولغة القتل انتصرت على المعادلة الانسانية في طرح لغة التفاهم ما بين البشرية، حتى اخذ الموج يلاطم جثتي الملقاة على شاطئ النسيان ما بين مد وجزر، فلم تجد جثتي اي انسان يتجرأ على دفنها، فعاد قاربي الصغير وحيداً الى شاطئ الذكريات في الطرف الاخر، وانا لم ازل ملقى على شاطئ النسيان كما هي الارض في طريقها الى معانقة المريخ .ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
* جميلة الهباش، طفلة فلسطينية من قطاع غزة بُترت ساقاها قبل عام اثر الاعتداء الاسرائيلي على غزة، حيث ان امنيتها المستقبلية ان تكون صحفية واذاعية.

حصاد عام فلسطيني منصرم

راسم عبيدات

........غزة حصار متواصل ،وأعمار مؤجل يستعاض عنه للمشردين والمهدومة بيوتهم بفعل العدوان الإسرائيلي، ببيوت من الطين المقوى،في خطوة يستشف منها تواطؤ وكالة الغوث مع الرباعية في إطالة أمد الحصار على شعبنا هناك،وغزة لا تعود فقط للعصر الطيني،بل مرجح عودتها الى المشاعية البدائية،في ظل جدار أو سور فولاذي يقام بعمق 30 متراً على حدود القطاع من الجهة المصرية،بحجج وذرائع حماية حدود مصر وأمنها،وحدود مصر وأمنها وأمن كل العرب،بل المنطقة بكاملها لا يهددها الفلسطينيين،بل مصر وكل العالم العربي،يعرفون جيداً من يهدد أمنهم وينهب خيراتهم وثرواتهم ويزرع الموت والدمار في بلدانهم،وغزة المثخنة بالجراح وشعبها يجترحون المعجزات من أجل استمرار البقاء والصمود والمقاومة،ويعلنون أنهم لن يستسلموا ولن يرفعوا الراية البيضاء لا بفعل العدوان ولا الحصار ولا الجدار،فالصمود والمقاومة كانت دائماً قاطرة الشعوب،وفي كل مراحل التاريخ نحو الحرية والاستقلال.

القدس مهد الديانات السماوية،قلب فلسطين النابض ومسرى الرسول(صلعم) وقبلة مسلمين الأولى،منذ احتلالها وضمها عام 196،لم تشهد هجمة إحتلالية إحلالية،إقصائية بهذه الشراسة والضخامة والشمولية،هجمة تطال وتستهدف بشرها ،شجرها وحجرها،وكل بقعة فيها،فالاحتلال لا يوفر لا زقاق ولا حارة ولا شارع ولا حي ولا بلدة فيها،بل استيطان في قلب أحيائها العربية،وأحزمة وأطواق استيطانية في الأطراف وفي الداخل وفي القلب منها،ونهب للأرض واستيلاء على المنازل،وهدم البيوت لم يعد فردياً،بل خطا خطوات كبيرة، نحو الطرد والترحيل القسري والهدم الجماعي لأحياء بأكملها،كما هو حال حي البستان في سلوان فأكثر من 88 منزلاً فلسطينياً يسكنها أكثر من 1500 مهددة بالهدم،وأوامر بالهدم بحجة البناء غير المرخص غير مسبوقة،أكثر من 1054 أمر هدم،وهدم فعلي ل 103 وحدات سكنية منها 33 هدم ذاتي،وتشريد ل 581 فلسطينياً هم مجموع ساكنيها،وسحب لهويات أكثر من 4577 فلسطينياً مقدسي،وبما يعادل 21 ضعفاً للمعدل السنوي لسحب هويات المقدسيين على مدار أربعين عاماً،والإغلاق يطال الكثير من المؤسسات المقدسية،بما فيها من تقدم خدمات إنسانية أو أنشطة اجتماعية،ولم يعد مسموحاً للفلسطيني أن يقيم أي نشاط في القدس حتى المخيمات الصيفية للأطفال أو الإفطارات الجماعية في رمضان وحتى بيوت العزاء،والأقصى يقترب الخطر منه بشكل غير مسبوق فالحفريات من حوله ومن تحته،وقطعان المستوطنين تواصل اقتحاماتها له بشكل شبه يومي،لكي تعربد وتقيم طقوسها التلمودية والتوراتية في ساحاته،وحتى حفلات المجون والفسق،تمهيداً لفرض أمر واقع فيه أقله تقسيمه كما هو حال الحرم الإبراهيمي في الخليل،أو هدمه من أجل إقامة هيكلهم المزعوم مكانه،

باختصار القدس تفقد طابعها العروبي،والعرب والمسلمين يواصلون "الجعجعات والهوبرات" الإعلامية والخطب الرنانة والشعارات الطنانة،والقيادات الدينية والوطنية والفعاليات الشعبية والوطنية،تمنع ليس من دخول الأقصى، بل وتبعد عن القدس كما هو الحال مع الشيخ رائد صلاح وغيره.والبلدة القديمة من القدس أكثر من سبعين بؤرة استيطانية تنتشر في قلبها وأكثر من 1300 عقار فيها استولى عليها المستوطنون هم وجمعياتهم المتطرفة والحبل على الجرار.

أما في الضفة الغربية،فقطعان المستوطنين، تستبيح الأرض الفلسطينية غير آبهة بتقسيماتها مناطق ألف أو باء أو جيم أوخطط الجنرال "دايتون"،فكلها عند المستوطنين سيان"أرض إسرائيل"،حيث نشهد حالة من الانفلات لهؤلاء المستوطنين غير مسبوقة،يقتحمون القرى الفلسطينية من أقصى جنوب الضفة إلى أقصى شمالها،يقتلون ويجرحون ويدمرون الممتلكات ويقتلعون الأشجار ويحرقون ويسرقون المحاصيل،بل ويقتلون أبناء شعبا بدم بارد كما حصل في الخليل وقرى نابلس،وجرائمهم هذه مغفورة بل ويباركها حاخاماتهم وجنرالاتهم وقياداتهم،ويصدرون الفتاوي التي تدعو لقتل الفلسطينيين وطردهم،ونحن كفلسطينيين نتلهى ونقتتل على سلطة وهمية،أصبح هم القائمين عليها المحافظة عليها كمشروع استثماري،وكذلك توفير الأمن ليس لأبناء شعبنا،بل للاحتلال ومستوطنيه،فهذه السلطة لم تحل دون اقتحام قوات الاحتلال لمدينة نابلس قبل أسبوع،ولتعدم بدم بارد ثلاثة من خيرة أبناءها ،تحت حجج وذرائع قتل مستوطن صهيوني،ولكي تشكر أجهزة أمن الاحتلال السلطة وأجهزتها،على مواقفها الصارمة والجهود التي بذلتها لملاحقة المقاومين بعد عملية قتل المستوطن في طولكرم،وهم يريدون لهذه السلطة أن تتصادم مع أبناء شعبها لا حمايته وتوفير الأمن والأمان له من عربداتهم وزعرناتهم جيش ومستوطنين وحكومة,,الخ.

أما شعبنا في الداخل الفلسطيني،فيواجه هجمة أشرس وأخطر،وينظر إليه على أنه سرطان في قلب دولة الاحتلال،لا بد من طرده وتهجيره واقتلاعه بالطرق المشروعة وغير المشروعة،ومنع تبلور هويته القومية والثقافية، فنحن نشهد الكثير من القرارات العنصرية،المستهدفة وجوده وأرضه وتاريخه وهويته وثقافته وتراثه وذاكراته،حيث قوانين منع أحياء النكبة،وربط المواطنة بالولاء لدولة إسرائيل ورموزها،وسياسة تكميم الأفواه المغلفة بما يسمى بمنع التحريض،والتدخل في المناهج التعليمية العربية،وفرض مواضيع يهودية على تلك المناهج،تمجد دولة إسرائيل ورموزها،وتستعيض عن النكبة بالاستقلال والاحتلال بالتحرير، وتمجد التراث والهوية والتاريخ اليهودي وغيرها،وأيضاً هناك معارك شرسة يخوضها شعبنا هناك،دفاعاً عن أرضه ووجوده،حيث المشاريع الاستيطانية والتي تطال قلب القرى والمدن العربية،والتهويد الكامل للمدن المختلطة،من خلال طرد العرب منها ومنعهم من إقامة أبنية جديدة أو حتى ترميم الأبنية القائمة، وغيرها الكثير من إجراءات العنصرة والتهويد والطرد والاقتلاع.

أما شعبنا في أرض ومخيمات اللجوء والشتات،فرغم أنه ما زال مسكوناً بهاجس العودة،فهو يمارس بحقه الكثير من الظلم،بل وحتى الجرائم والمجازر،ففي العراق قتل الكثير من أبناء شعبنا،وطردوا وهجروا من بيوتهم لمجرد أنهم فلسطينيين،وهم يعيشون في ظروف غاية في المأساوية وانعدام الأمن،أما في لبنان فعدا أنهم محرمين من الكثير من الحقوق المدنية،فأهلنا وشعبنا في مخيم نهر البارد،من بعد ما تحصن فيه وهروب جنود عصابة ما يسمى بفتح الإسلام اليه،وتدمير الجيش اللبناني له،لم يعد له أبناء شعبنا وعمليات الأعمار لم تبدأ بعد،رغم سماعنا عن بدء دوران العجلة هناك نحو الأعمار.

هذا حصاد عام فلسطيني،يضاف اليه وضع فلسطيني في أسوء مراحله ومحطاته،حيث الانقسام والانفصال يتجهان نحو التعمق والتكريس،والوضع الداخلي الفلسطيني يزداد ضعفاً وتآكلاً،واٌحتلال يفرض الوقائع على الأرض،ونحن تغيب عنا المصالحة والوحدة والإستراتيجية الموحدة،ونجهد أنفسنا وحناجرنا في الاقتتال على سلطة وهمية،ليس لها أي مظهر من مظاهر السيادة الفعلية،فالجميع من الوزير وحتى الغفير،يحتاج الأذن والتصريح الإسرائيلي في الدخول والخروج والحركة والتنقل وغيرها،فهل نعيد حساباتنا ونجري عملية تقيم ومراجعة شاملة،تطال كل سياساتنا وبرامجنا ومواقفنا وآليات عملنا،حتى نخرج بحصاد أفضل في العام القادم،أم نستمر في السير نحو الهاوية وضياع الحقوق وتبديد المنجزات،وتدمير المشروع الوطني،كما فعل نيرون في روما.؟

بيان المرجع السياسي لشيعة العرب حول الاحداث الاخيرة في ايران‏

بسم الله ناصر المظلومين مبيد الظالمين
{ولاترکنوا الى الذين ظلموا فتمسکم}

بيان

نتابع بقلق بالغ و عن کثب تطورات الاوضاع و مسار الاحداث في إيران وقد صعقنا بشکل خاص لنبأ إستشهاد عدد من المواطنين الايرانيين الابرياء على يد جلاوزة نظام ولاية الفقيه في مناسبة مقدسة کيوم عاشوراء ناهيك عن حملة المداهمات و المواجهات العنيفة مع المنتفضين بوجه النظام الاستبدادي الذي يرزخ على صدر الشعب الايراني منذ ثلاثة عقود والتي کشفت الوجه الحقيقي للنظام الدموي الذي لايؤمن بغير لغة العنف و القمع و الإقصاء.

ان تصميم نظام ولاية الفقيه على منازلة أبناء الشعب الايراني الشجاع و إسالة دمائهم في الشوارع و إهانة و هدر کرامتهم الانسانية في سجونهم الرهيبة، يعطينا إنطباعا بأن هذا النظام القمعي قد قرر أن يهدم و يدمر کافة خطوط الرجعة مع شعبه و إختار طريق المواجهة الى النهاية على أمل أن يخيف الشعب الايراني الشجاع بلغة الحديد و النار، وقد تناسى هذا النظام کيف ان هذا الشعب الاعزل هو بنفسه من أسقط نظام الشاه الاستبدادي و هزم کافة أجهزته الامنية و القمعية وانه قادر و بکل تأکيد على إعادة نفس السيناريو مع هذا النظام خصوصا وان النهج المغالي في القسوة و العنف الذي بات يمارسه النظام مع کافة أبناء الشعب من دون أي فرق قد أعطى الشعب أکثر من مبرر لکي يعلن صرخته المدوية العالية في سماء إيران برفض نظام ولاية الفقيه من أساسه وان تداعيات و سياق الاحداث يؤکد بأن الشعب قد صمم نهائيا على المضي قدما في طريق إسقاط هذا النظام الدموي و إقامة نظام آخرا أکثر عدلا و إنصافا و إنسانية و خدمة للشعب.

اننا بصفتنا نمثل المرجعية السياسية للشيعة العرب، في الوقت الذي نعلن فيه دعمنا و اسنادنا الکاملين للإنتفاضة الجماهيرية للشعب الايراني و نبارکها و ندعو من العلي القدير أن ينصرها فإننا في ذات الوقت ندين فيه و نشجب بشدة هذه الاجرائات الدموية اللاانسانية و الااسلامية البعيدة کل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف لنظام ولاية الفقيه وندعوه کي يحتکم الى لغة العقل وان يتقي الله في دماء و کرامة عباده من أبناء الشعب الايراني، فإننا ندعو المراجع الدين والعلماء في حوزة قم الى إبداء مواقفهم المطلوبة طبقا للموازين الشرعية و تقديم دعمهم المعنوي للشعب الاعزل الذي يواجه اسلحة متطورة في أيادي شريرة لاتأخذها رأفة و لاشفقة بالناس، واننا نحث المراجع والعلماء وطلبة الحوزة في قم على سحب البساط من تحت أقدام النظام وعدم إعطائه المزيد من الوقت کي ينهش بلحم الضعفاء و المساکين و الفقراء و المحرومين من الشعب الايراني البطل، ان النظام الايراني إذ قام بسفك الدماء الطاهرة لمجموعة من بريئة من الشعب الايراني وفي مناسبة عاشوراء المقدسة فإنه قد أکد للعالم أجمع من انه قد صار في نفس الجانب الذي کان يقبع فيه جلاوزة يوم عاشوراء من قبيل ابن زياد و شمر بن ذي الجوشن وبموجب ذلك فقد صاروا من الظالمين بکل جلاء وان الآية القرآنية الکريمة(ولاترکنوا الى الذين ظلموا فتمسکم) تدعوکم أيها المراجع ايها العلماء لکي تحددوا موقفکم من هؤلاء الظالمين وتلتزموا جانب المظلومين من أبناء الشعب الايراني الشجاع.

المرجع السياسي للشيعة العرب
السيد محمد علي الحسيني
3 محرم 1431 لبنان /بيروت


الاثنين، ديسمبر 28، 2009

ما أذكى السياسيين الفلسطينيين

د. فايز أبو شمالة
ما أحوجنا في فلسطين إلى هؤلاء القادة الأذكياء! وكم نتمنى أن يمنّ الله على أمتنا العربية والإسلامية وعلى شعوب الأرض بقيادات حكيمة مثل قياداتنا الفلسطينية، لقد آتاهم الله من الدراية والمعرفة بالغيب ما أعجز قادة إسرائيل، وحال دون سيطرتهم على شبر واحد من أرض فلسطين، بل أن القيادة الفلسطينية تقرأ الواقع بشكل أذهل أعداءهم، وحيرهم في الرد، فبعد أن تقدمت قوة صهيونية معادية، وتعمدت تصفية رجال المقاومة الذين اتهموا بقتل أحد المستوطنين، بعد هذا العدوان الصارخ على مدينة نابلس، صدر الرد العاقل من السلطة الفلسطينية، الذي اعتبر هدف ا لعدوان الإسرائيلي المجرم هو "تخريب النجاحات التي حققتها السلطة في الضفة الغربية، وتدمير الهدنة في قطاع غزة، للهروب من استحقاقات السلام، وقال البيان الرسمي: أن الجريمة تأتي في إطار مساعي الحكومة الإسرائيلية للتهرب من عملية السلام عبر إعادة المنطقة إلى مربع العنف، ثم التذرع بعدم وجود شريك فلسطيني يمكن الجلوس معه على طاولة المفاوضات.
ضمن هذا المنطق السياسي الفلسطيني الحكيم، فإن كل فعل يقوم فيه المحتلون من إرهاب يهدف إلى الإيقاع بالسلطة الفلسطينية، وتوريطها، وجر الشعب الفلسطيني إلى دائرة العنف، وعليه يجب التنبه إلى الحيلة الإسرائيلية الهادفة إلى إظهار ضعف السلطة الفلسطينية، وعجزها، وعدم قدرتها عن الدفاع عن مواطنيها، وعلى الجميع الالتزام بتعليمات السيد عباس الذي حرّض على عدم مقاومة المحتلين، وعدم التعرض للمستوطنين، وعدم التفكير برجم الغاصبين بحجر صغير ما دام يتربع على كرسي الرئاسة.
تعليمات واضحة تقضي بألا ينجر الفلسطينيون وراء الاستفزاز الإسرائيلي حتى ولو واصل اليهود قتل الفلسطينيين بدم بارد، وحتى ولو تواصل الاستيطان بكثافة، وحتى ولو هدموا المسجد الأقصى، وحتى ولو حشروا الفلسطينيين في أكياس نايلون، وألقوا بهم على كومة الزبالة، وواصلوا تصفية الأطفال في حضن أمهاتهم، لقد صار العار كل العار هو التفكير الفلسطيني بالرد على العدوان الإسرائيلي، وصار الخزي كل الخزي لمن يفكر بالمقاومة. وهذا ما يعرفه الإسرائيليون، وما ورد في صحيفة يدعوت أحرنوت العبرية "بأن قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد تلقوا تعليمات صارمة بالحفاظ على الهدوء، كما طلب من عناصر حركة فتح، ومن المطاردين سابقا بـعدم الدخول إلى دائرة عنف جديدة، تحرج السلطة، وتهدد الجهود الأمنية الكبيرة التي قامت بها حكومة فياض في السنوات الأخيرة، وذكرت الصحيفة: أن الجيش الإسرائيلي أشاد بجهود أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بعد مقتل المستوطن، ووصفها بأنها صارمة، ومثيرة للإعجاب حيث اعتقلت السلطة الفلسطينية 120 ناشطا فلسطينيا في إطار التحقيقات للكشف عن المنفذين، ونقل الموقع عن ضابط رفيع في قيادة المنطقة الوسطى قوله إن أجهزة أمن السلطة عملت بعزم، ولكن إلى جانب ذلك، فإن لدي الإسرائيليين التزام بالعمل ضد من نفذ العملية وإغلاق الحساب معه.
لقد أغلق الإسرائيليون حسابهم مع نابلس، فمتى ستفتح نابلس حساب الآخرين؟
fshamala@yahoo.com


رسالة إلى المجتمع الغربي...من أين يأتي (الإرهاب) وكيفية التعامل معه

حسام الدجني

رسالتي موجهه إلى أجهزة الاستخبارات في دول العالم، والى صانعي القرار، والى مجلس الأمن الدولي، وكل من يهمه الأمر.
إلى كل من يتهم المقاومة بالإرهاب على الرغم من أن القانون الدولي أجاز مقاومة المحتل. ووفق القانون الدولي من حق البلدان التي تعرض للعدوان أو التهديد أن تقوم بتوفير جميع مستلزمات مقاومة العدوان وصده بمختلف الأشكال وبكل ما هو متاح ومتوفر لأبناء الوطن، ولكن ماذا نعمل مع عالم ظالم...
من أين يأتي (الإرهاب)؟
سؤال تبحث عن إجاباته منظومة دولية استخباراتية عظمى، تحاول تفكيك الشفرات، ولكنها تفشل، عقدت مئات ورش العمل، واستضافت الخبراء من كل الدول، وأنفقت المليارات ولكن (الإرهاب) والعنف مازال مستمراً، بل يزداد قوة وشراسة، لماذا؟

تشكل السياسات الدولية في الشرق الأوسط أحد أهم الأسباب وراء ازدياد وتنامي قوة (الجماعات الإرهابية) ومن ذلك:
1- ازدواجية المعايير التي يتعامل معها الغرب في إدارة الملفات في الشرق الأوسط هي من أهم منابع (الإرهاب والعنف) كما يحلو للغرب تسميته، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
* تعامل الغرب مع الديمقراطية، حيث يرى الغرب أن الديمقراطية يجب أن تكون على حسب المزاج العام الدولي وإلا... فالغرب قاطع حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفرض عليها حصاراً سياسياً واقتصادياً لم يشهد له التاريخ المعاصر من قبل، إثر فوزها بالانتخابات التشريعية عام (2006)، بينما اعترف بحكومة يمينية صهيونية عنصرية لا تعترف بالاتفاقيات ولا بعملية السلام.
* الانحياز الكامل لإسرائيل، والتعامل بمكيالين مع قرارات الشرعية الدولية، فما يتعلق بإسرائيل هي غير ملزمة به، أما ما يتعلق بأي قطر عربي أو إسلامي، فحتمية التدخل العسكري للحلفاء أمر حتمي.
* التعامل مع الملف النووي الإيراني، وتجاهل الملف النووي الإسرائيلي.

2- شمولية النظام الإقليمي العربي، وغياب الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
3- تفشي الفقر والبطالة وتقسيم المجتمعات إلى طبقة ارستقراطية وطبقة مهمشة بل معدمة.
4- غياب التوزيع العادل للثروات في الشرق الأوسط.
5- الأطماع الاستعمارية للغرب في المنطقة، وسيطرتها على مقدرات الأمة.
6- التدخل الغربي السافر في الملفات والقضايا الداخلية للدول العربية والإسلامية.
7- إعطاء صبغة أيدلوجية على العلاقة بين الغرب والمسلمين، مثال على ذلك تصريح الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عندما أطلق تسمية الحروب الصليبية في حربه على الإسلام والمسلمين.
8- دكتاتورية الحريات الدينية في الغرب، حيث ينتهك شخص رسولنا الكريم محمد، وتمنع المآذن، ويعتقل العلماء، وتغلق المؤسسات بتهمة تمويل (الإرهاب)، بينما اللوبي الصهيوني يدعم إسرائيل التي تقتل وتفتك صباح مساء بالفلسطينيين وباللبنانيين.
9- تعزيز الدولة القطرية الضعيفة في العالم العربي والإسلامي، ومحاربة أي بذور وحدة بين الأقطار العربية والإسلامية، فهم اليوم يبتدعون الجدار الفولاذي بين مصر وغزة، وإذا نجح في خنق غزة، سيطبقونه في أفغانستان وإيران والسودان وكل الدول العربية.
10- تعزيز سياسة المحاور في الشرق الأوسط، والعمل على نقل الصراع السياسي بين المحورين إلى صراع عسكري، المستفيد الوحيد منه إسرائيل وحلفائها.
11- انتهاك كرامة المواطن العربي والإسلامي، من خلال انعدام السيادة الوطنية في البلدان العربية والإسلامية، فمعظم الدول يوجد بها قواعد وثكنات عسكرية للغرب.
12- عمليات التجسس العلني على الدول العربية والإسلامية بذريعة الإرهاب، وما القمر الاصطناعي الجديد التي أطلقته فرنسا (هيليوس-2ب) لمراقبة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة خير دليل على ذلك.
13- انتهاك أعراض المسلمين في العراق على يد الشركات الأمنية الأمريكية بلاك ووتر وغيرها، فالمرأة العراقية ينتهك شرفها وتستغيث وتقول يا زعماء العرب، ولا أحد يستجيب.

ما سبق ليست هي إلا بعض من الأسباب التي تدفع من أبناء الأمة العربية والإسلامية من اللجوء إلى الاستشهاد في سبيل الله من أجل الدفاع عن كرامة الأمة وشرفها.

إستراتيجية مقترحة لمحاربة الإرهاب الدولي:
1- الانسحاب من أفغانستان والعراق وباكستان، وترك شعوب المنطقة لاختيار ممثليهم عبر انتخابات نزيهة.
2- حل الصراع العربي الصهيوني وفق قرارات الشرعية الدولية، والمبادرة العربية، وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري من كل المناطق المحتلة.
3- تفكيك الملف النووي في كل دول العالم وعلى رأس ذلك إسرائيل.
4- العمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية في الأقطار العربية والإسلامية.
5- التوزيع العادل لثروات المنطقة.
6- إعادة النظر في السياسة الخارجية الأمريكية والتي تعتمد على منطق العصا والجزرة، والتدخل في الشئون الداخلية (الفوضى الخلاقة).
7- إغلاق معتقل غوانتانمو، والعفو عن المعتقلين الإسلاميين، والسماح بالحريات الدينية في الغرب.
8- بناء علاقات بين الدول على أساس الاحترام والمصالح دون الإساءة والتدخل في شئون الآخر.
9- تفكيك القواعد العسكرية الأمريكية من الشرق الأوسط، والعمل على تأمين مصالح الدول الغربية من خلال الدول العربية والإسلامية.

في حال قامت الولايات المتحدة والمجتمع الغربي بالعمل على إنهاء الملفات الساخنة من خلال ما سبق، لن تجد أي مواطن من الممكن أن يلجأ إلى التطرف، بل سيعمل الجميع من أجل الاهتمام في تطوير قدرات بلدانهم، ولكن هذا بعيد كل البعد عن السياسة وقد يقول البعض أن هذه أحلام يقظة، وأنا أقول إن الواقع الصحي هو ذلك وأن البديل عن ذلك هو مزيد من التطرف ومزيد من العنف ومزيد من المقاومة.

كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com

المرجعية السياسية للشيعة العرب..لماذا؟

السيد محمد علي الحسيني
لم تکن فکرة تأسيس المجلس الإسلامي العربي في لبنان، بفکرة طارئة أو عرضية تتعلق بظروف ومناخات سياسية وفکرية مرحلية أو آنية, و لا کانت تجسيداً لطروحات فوقية وافتعالية تفرض قسراً على الواقع، وإنما کانت أساساً حاجة ملحة وحيوية بالغة الأهمية لحرکة الواقع وتفاعلاتها وتداخلاتها وتداعياتها المختلفة, ولاسيما وأن بلدان الوطن العربي بشکل خاص، وبلدان العالم الإسلامي بشکل عام، مقبلة على أوضاع سياسية ـ اقتصادية ـ أمنية بالغة الدقة والتعقيد تتعلق بشکل مباشر بالتغيير الحاصل في معادلة توازن القوى على الصعيد الدولي خصوصاً وإننا نشهد ثمة تراجعا للدور الأمريکي وبروز محاور دولية جديدة جميعها تسعى بصورة أو بأخرى لإيجاد مواطئ أقدام لها في البلدان العربية والإسلامية.

إن إعادة صياغة معادلات توازن القوى ومناطق النفوذ بين الأقطاب الدولية المتنفذة، سيکون لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على منطقتنا, وسيتجلى ذلك التأثير بالسعي لإحداث نوع من التغيير او شيء يشبه ذلك أو يقرب منه"کخلخلة الأوضاع الأمنية أو السياسية والاقتصادية" بقصد إضعاف أطراف وتقوية أخرى, من أجل أهداف محددة سلفاً، ومن هنا فإننا شهدنا ونشهد الحرکة الدؤوبة لأطراف إقليمية (إيران و ترکيا مثلاً) من أجل التناغم والانسجام مع حرکة الواقع الجديد مثلما أن أطرافاً دولية نافذة قد أوجدت لها مناطق نفوذ جديدة في دول المنطقة من خلال التداخل الاقتصادي وتوظيف رؤوس الأموال والعلاقات السياسية والعسکرية المتقدمة نسبياً، في ظل هذه الظروف الإستثنائية، تبادرت إلى أذهاننا أطروحة المجلس الإسلامي العربي في لبنان, ولاسيما وقد رأينا سعياً محموماً لتوظيف مشکلة الأقليات العرقية والدينية والطائفية من أجل خدمة الاهداف المرسومة, وقد کان توظيف الشيعة العرب بشکل سياسي ـ عقائدي ضمن برنامج محدد الأبعاد والنتائج والاهداف، من أهم الأسباب المباشرة التي دعتنا للتسريع بطرح أطروحة‌ المجلس وصياغة نظريته الفکرية ـ السياسية لکي تستوعب حرکة القوى المضادة على صعيد الشيعة العرب وإجهاضها قبل أن تبلغ مرحلة اللاعودة لا سمح الله تعالى, وقطعاً لم يکن دربنا مفروشاً بالورود والرياحين, بل وحتى لم تکن هنالك أرض منبسطة أمامنا لکي نتحرك عليها بسهولة, وإما کانت المهمة والواجب الملقى على عاتقنا صعباً ومعقداً بمستوى الظروف والمناخات التي ولد وترعرع فيها، لکننا ورغم ذلك ومع کل ذلك الکمّ الکبير من المشکلات والصعوبات التي واجهتنا، فقد صممنا على المضي قدماً لتحقيق حلمنا في إيجاد مرجعية سياسية رشيدة للشيعة العرب تکون بمستوى وحجم التحديات المطروحة في الساحة وتکون بمثابة قبس ومنار لإرشاد وتوعية الشيعة العرب من المخاطر والتحديات المختلفة التي تواجههم أو تنتظر مواجهتهم من جانب أعدائهم أو الذين يتربصون بهم شرا. وقد طرحنا رؤيتنا والخطوط العامة لأفکارنا بشأن المهمة والوظيفة المصيرية الحاسمة الملقاة على عاتقنا, وأهمها أننا سعينا لعملية فكّ ارتباط"فکري ـ عقائدي"مابين جماهير الشيعة العرب من جانب، وبين تلك الأطراف الأجنبية التي تسعى لاستغلالهم وتوظيفهم کلبنة أو آجر لبناء حائط أو أساس مصالحهم الآنية أو المستقبلية في المنطقة حيث بيّنا أنه من الضروري جداً أن يتنبه الشيعة العرب إلى أن هناك عملية خلط مشبوهة ومقصودة بين الشيعة کقضية طائفية من جهة, و بين أوطانهم ونظمهم السياسية من جهة أخرى، أي بکلام آخر خلق هُوة بين الشيعة العرب وأوطانهم وشعوبهم من أجل النفوذ من خلال ذلك لأهدافهم المرسومة. وهذا لايعني بالمرة من أننا نقف کمجرّد بيدق لتأييد ومساندة النظم السياسية في البلدان العربية وعدم الاکتراث بمشاکل وأزمات مطروحة على الساحة تنتظر الحلّ والمعالجة، إذ أن سياسة المجلس الإسلامي العربي تقوم أساساً على أن يکون للظالم خصماً وللمظلوم عوناً وبالطرق الحضارية والسلمية المتبعة وفق الأعراف الدولية خصوصاً وأننا نملك العديد من قنوات الحوار والتواصل مع مختلف الدول العربية, و بإمکاننا على أساس ذلك من مشاورتهم وطرح وجهات نظرنا بخصوص المشاکل التي تحدث من أجل الالتفاف على أية ثغرة قد يسعى الاعداء للنفوذ من خلالها ,والنقطة الجوهرية والأساسية التي نطلب من الشيعة العرب وضعها أمام أنظارهم، هو عدم تجاهلهم لکونهم جزءاً لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي لأوطانهم, وإنه مهما حدث أو جرى من مشاکل وأزمات، فإن ذلك لايعطي مبرراً للتخلي عن الهوية الوطنية مثلما لايعني أنهم قد صاروا خارج أسوار وحدود أوطانهم.

وهناك نقطة جوهرية وحساسة أخرى في طرحنا لأنفسنا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، إذ نعتقد بأن نظرية ولاية الفقيه بما طرحته وتطرحه من آراء و مفاهيم بالغة الخطورة في تأثيرها السلبي على ذهنية وتفکير وقناعات الشيعة العرب واستغلالها للاستئثار بالطروحات السياسية في مواجهة المراجع الشيعة الذين ينأى غالبيتهم بأنفسم جانباً من التصدي للمسائل السياسية، وإننا في الوقت الذي وجدنا أن نظام ولاية الفقيه يدسّ السمّ بالعسل ويسعى لاستغلال طيبة وتلقائية الشيعة العرب من أجل مآرب مشبوهة لاعلاقة لها بالمذهب ودعائمه الاساسية بأي شکل من الأشکال، فقد رأينا بأنه من واجبنا التصديّ لهذه الطروح الخاطئة, والتي فيها الکثير من الالتباسات والإشکاليات المختلفة کي لاتخلو الساحة لهذا النظام وينفذ مايريد ويرجو، ومن هنا أخذنا على عاتقنا مهمة المرجعية السياسية للشيعة العرب لنقف نداً وغريماً لنظام ولاية الفقيه بمختلف مفاصله ومرافقه و مبادئه وطروحاته. وقد شعرنا ومنذ بداية الطريق، أن هذا النظام بمختلف أساليبه و إمکانياته يقف بوجه مشروعنا, ويحاول بطريقة أو بأخرى ممارسة ضغوطات مختلفة ضدّنا على أمل أن نتخلى عن مبادئنا وأفکارنا وطروحاتنا، لکننا ومع تزايد الضغوط وزيادة الصعوبات والمشاکل التي تقف حجر عثرة بوجه تطوير مشروعنا الاستراتيجي هذا ودفعه للأمام، فقد صممنا على المضيّ قدماً بمشروعنا وقبول المنازلة حتى نهاية المطاف إيماناً منّا بقدرات أمتنا العربية وإمکانياتها في مواجهة المشاکل والأزمات والتحدّيات والتصدّي لها بالشکل المطلوب.

*المرجع السياسي لشيعة العرب.
www.arabicmajlis.org

سياسة الإهمال الطبي قي السجون: الأسير محمد الريماوي نموذجاً

راسم عبيدات


....الأسير محمد الريماوي"أبو أماني" واحد من الذين شاركوا في عملية اغتيال الوزير المتطرف"زئيفي"،جرى اعتقاله في القدس،بعد يومين من اغتيال الوزير الإسرائيلي المتطرف وصاحب مشروع الترحيل"الترنسفير" للعرب الفلسطينيين،وقد تعرض هذا الأسير الأردني الجنسية من أصل فلسطيني إلى عملية تعذيب قاسية في مراكز التحقيق الإسرائيلية،وقد حرصت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وبأوامر مباشرة من أجهزة مخابراتها على عزله في أقسام العزل في السجون الإسرائيلية المختلفة،وكما في التحقيق فقد تعرض الى عملية تنكيل وقمع منظمة من قبل ادارة مصلحة السجون الإسرائيلية،كانتقام منه لدوره في عملية اغتيال "زئيفي"،ولصلابته وعناده ومواقفه الحازمة والصارمة فيما يخص الأسرى وحقوقهم ومطالبهم.

وأبو أماني والذي كان لي شرف التعرف عليه في سجن عسقلان عام/ 2006 والسكن معه في غرفة واحدة رقم 26، تكتشف أن هذا الإنسان الثائر والذي بقدر ما يختزن حباً لشعبه ووطنه،يختزن حقداً على من يقمعون ويضطهدون شعبه ويحتلون أرضه،وأبو أماني كان يقضي وقته في السجن وفق الحديث النبوي الشريف "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبد الدهر ولآخرتك كأنك تعيش غداً" فهو لا يترك أي دقيقة من وقته تذهب سداً،فتراه دائم الحركة بين هذا الرفيق يستحثه على القراءة والمطالعة أو التحضير لجلسة تنظيمية أو ثقافية،أو ذاك الرفيق والطلب منه الصحو مبكراً،أو يذهب لزيارة الغرف من أجل التفاعل مع الأسرى الآخرين من الفصائل الوطنية والإسلامية،وهو مولع جداً بالثقافة،ولدية قناعة تامة بمقولة الراحل الكاتب المصري الكبير يوسف ادريس عن كتب الشهيد غسان كنفاني "أقرؤها مرتين مرة لتعرفوا أنكم موتى بلا قبور، قبور الثقافة بلا ثورة،والثورة بلا ثقافة"،وتطبيقاً لتك المقولة كنت تجده ينهك ويجهد نفسه في المطالعة والقراءة واعطاء الجلسات الثقافية والتنظيمية وغيرها،وأيضاً العمل على اكتساب المزيد من المعارف والخبرات والتجارب في مختلف الميادين،بدءاً من العمل التنظيمي وانتهاءاً بالفكر والاقتصاد،وما كان يميز هذا الرفيق غيرته الشديدة على الحزب والرفاق والتواضع والبساطة،وكم كنت أقول لو توفر لدينا مئة كادر من طراز هذا الرفيق،لشكلوا معاول بناء ونهوض في أوضاع الجبهة الشعبية في كل المجالات،وما شدني لهذا الرفيق أنه من الكادرات القليلة التي لا تجامل في العمل الحزبي أو التنظيمي،أو تغلب الجانب الشخصي والقبلي والجهوي على المفاهيم الحزبية والتنظيمية،ورغم حدية مزاجه وعصبيته الزائدة أحياناً،لكنه على المستوى الرفاقي ولاعتقالي،يشعرك بدفء عالي في العلاقة.

وقد استطاع هذا الرفيق أن يشكل مثالاً ونموذجاً لرفاقه الأسرى وكل أبناء الحركة الأسيرة على مستوى التعامل والعلاقات وفرض الاحترام على الآخرين،كما أنه لم يستنكف عن أي عمل أو مهمة يكلف بها من قبل رفاقه،وكان في أغلب الأوقات على رأس الهرم القيادي لمنظمات الجبهة الشعبية في السجون،وهذا جعله محط استهداف ادارات السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها،وبالتالي حرصت على أن تبقيه في حالة من عدم الاستقرار والتنقل الدائمين بين زنازين وأقسام عزل سجونها المختلفة،وأكثر من مرة تعرض أبو أماني للقمع والتنكيل بسبب مواقفه ودوره التعبوي والتحريضي.

وأبو أماني قبل ما يقارب السنة أو أكثر عانى من مرض غامض،بحيث كان يخرج من فمه دم عند السعال،وراجع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وطبيب المعتقل أكثر من مرة،ولكن دون جدوى،فأطباء السجون هم جزء من أدوات القمع وينفذون سياسة منظمة ومبرمجة بحق الأسرى الفلسطينيين،وفي الكثير من الأحيان يساومون الأسير بين العلاج أو التعامل مع مخابرات ادارة السجون،ويتعمدون المماطلة والتسويف والإهمال لأطول فترة ممكنة، ولا يقدمون للأسير العلاج المطلوب،بل وكأنهم يتلذذون بالآم أسرانا،ويتركون حالة الأسيرة الطبية تتفاقم إلى أبعد حد ممكن،حتى يصبح علاج الحالة صعباً أو ميئوسا منه وخصوصاً إذا ما كان الأسير محكوم بالسجن لمدة طويلة،وخطورة حالة الأسير أبو اماني،وتهديد المعتقلين بأخذ خطوات نضالية احتجاجية،اذا ما استمرت إدارة مصلحة السجون في المماطلة والتسويف،بعدم تقديم العلاج له ونقله للمستشفى،ومنذ أكثر من ثلاثة شهور جرى نقل أبو اماني إلى مستشفى سجن الرملة،وحتى اللحظة لم يجري أي تشخيص دقيق لحالته،ووضعه الصحي يتدهور بشكل كبير ومتسارع،فتارة يقولون أنه قد يكون مصاباً بالسرطان وأخرى بالسل،وتارة أخرى يرجحون مرضاً في المعدة،وفي هذا السياق تقول ابنته زكية الريماوي،والتي زارته قبل خمسة أيام في مستشفى سجن الرملة في حديث "لإذاعة صوت الشعب:"نحن في المنزل قلقون عليه،ووضعه الصحي صعب جداً،ويعاني من إهمال طبي فظيع،هو متواجد الآن في سجن الرملة،لكن سيتم نقله الى مكان ثان،الرعاية الصحية فيه أسوء والإهمال الطبي أكثر وضوحاً"مضيفة:دخلت عليه بالأمس مرتدية كمامة،وتحدثت معه من خلف عوازل زجاجية،وكان موقفاً صعباً على كلينا،وأثناء حديثي خرجت من فمه بعض التقيحات مما أخافني كثيراً"

حالة الأسير الريماوي،مثالاً صارخاً على ما يعانيه أسرانا من إهمال طبي متعمد،فمستشفى سجن الرملة لا يوجد فيه سوى أربعين سريراً محجوزة لأسرى يعانون من أمراضاً مزمنة،وهناك عشرة أسرة أخرى لأسرى يخضعون للعلاج ويغادرون،فعدد الأسرة والتجهيزات والخدمات الطبية غير كافية،ولا تصل إلى الحد الأدنى،وإدارة السجون،تواصل تعنتها وترفض إدخال أطباء من الخارج لفحص الأسرى،فمنظمة أطباء بلا حدود أبدت استعدادها للدخول إلى السجن ومعاينة حالة الأسير الريماوي،ولكن إدارة مصلحة السجون رفضت ذلك الطلب،وإزاء ذلك لا بد من البحث عن وسائل وآليات تلزم إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بالسماح بإدخال أطباء من الخارج لمعاينة الأسرى المرضى،ويجب التركيز على ضرورة انتزاع قرار دولي بالسماح للأطباء الأجانب من المنظمات الطبية الدولية بالدخول إلى سجون الاحتلال ومعاينة الأسرى الفلسطينيين،وهذا يحتاج إلى حملة شعبية قوية،حملة توقف عمليات القتل والموت البطيء والمتعمد،نتيجة الأهمال الطبي بحق أسرانا،فأكثر من 197 أسيراً فلسطينياً منذ عام 67 وحتى اللحظة استشهدوا جراء سياسة الإهمال الطبية تلك والحبل على الجرار.

ولتكن هناك حملة شعبية قوية،تضغط على إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لإنقاذ حياة الأسير الريماي،هذا الأسير الذي جاد بروحه وعمره ودمه من أجل الوطن،وليكن الريماوي وغيره من الأسرى المرضى في مقدمة الأسرى المطلوب تحررهم من سجون الاحتلال في صفقة التبادل،ولتعمل المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والمؤسسات الحقوقية والانسانية والبرلمان في الأردن للضغط على الحكومة الأردنية،من أجل مطالبة إسرائيل بإطلاق سراح هذا المناضل الذي يحمل الجنسية الأردنية.

المأزق الفلسطيني بين العبث وبين المواجهة

نقولا ناصر

(أموال المانحين لم تعد قادرة على التحكم بمرجل الرفض الفلسطيني لاستمرار الوضع الراهن)

يكاد الوضع الفلسطيني يقترب من لحظة انفجار كمخرج وحيد من مأزق الحصار السياسي الذي يضيق أكثر فأكثر على رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية وسلطة الحكم الذاتي المحسوبة عليها وحركة فتح المفترض أنها تقود المنظمة والسلطة معا، وكمخرج أيضا من مأزق الحصار العسكري الذي يهدد الجدار الفولاذي الذي يبنيه سلاح المهندسين الأميركي تحت الأرض على الحدود المصرية المشتركة مع قطاع غزة بتحويله إلى حصار محكم لا ثغرات فيه تحت الأرض أو فوقها، بينما تحول بناء هذا الجدار إلى عامل جديد يزيد من تفاقم الاصطراع العبثي بين طرفي الانقسام الفلسطيني، حيث ينفخ الاحتلال الإسرائيلي وحليفه الأميركي في رماد هذا الاصطراع كلما بدا لهم أنه همد من أجل حرف أي انفجار فلسطيني إن وقع عن المواجهة مع الاحتلال إلى مواجهة فلسطينية – فلسطينية أو مواجهة فلسطينية – عربية.

ويستشعر الفلسطينيون جميعا وفي مقدمتهم طرفا الانقسام المأزق الذي يحاصرهم جميعا، لكن هذا المأزق وخطر انفجار الوضع الراهن الذي لم تعد أموال المانحين قادرة على ضمان استمراره ليسا كافيين كما تشير كل الدلائل إلى دفع القيادات الفلسطينية إلى الارتفاع إلى مستوى المسؤولية الوطنية لإدراك أن وحدتهم الوطنية هي ملاذهم الوحيد للخروج من المأزق وللتصدي لأي مواجهة مع الاحتلال الذي يبدو مصمما على دفع الوضع الفلسطيني نحو انفجار يجعل مثل هذه المواجهة حتمية، اللهم إلا إذا حدثت معجزة تقود إلى انفراج يمنع الانفجار والمواجهة الحتمية اللاحقة له، غير أن احتمال حدوث معجزة كهذه هو "صفر" كما قال غيرشون باسكين من مركز إسرائيل – فلسطين للأبحاث والإعلام في ندوة البحر الميت التي رعاها الروس الأسبوع الماضي.



إن مقتل مستوطن إسرائيلي من إحدى المستعمرات الاستيطانية القريبة من نابلس بالضفة الغربية، لأول مرة منذ فترة طويلة نسبيا، وما أعقب ذلك من انفلات رعاع المستوطنين ضد ممتلكات الأهالي الفلسطينيين المسالمين في الجوار ثم اغتيال ثلاثة شهداء فلسطينيين إثر اقتحام قوات الاحتلال لمدينة نابلس، واستشهاد ثلاثة آخرين من مواطنيهم برصاص هذه القوات وهم يحاولون عبور حاجز بيت حانون (إيريز) على حدود قطاع غزة مع دولة الاحتلال، خلال الأيام القليلة الماضية، ما هي إلا مؤشرات تحذير من انفجار متوقع.

في مقابلة له مع الوول ستريت جورنال الأميركية في الثاني والعشرين من الشهر الجاري حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحذيرا غير مباشر من انتفاضة فلسطينية محتملة عندما تعهد بأن لن يسمح "لأحد ببدء انتفاضة جديدة، أبدا، أبدا"، لكنه استدرك بأن سيمنع ذلك "طالما أنا في منصبي، أما إذا تركت، فإنها لا تعود مسؤوليتي، ولا استطيع أن أقدم أي ضمانات."

وفي مواجهة الخطر المحدق، يبدو المشهد الفلسطيني عبثيا، وعدو نفسه، كما تشير محاولة ربط بدء أي انتفاضة ببقاء أو عدم بقاء عباس في منصبه، فمن تجربة الانتفاضتين الفلسطينيتين السابقتين يدرك أي مراقب بأن الانتفاضة لا تستأذن أحدا لكي تنطلق. وتزداد عبثية المشهد الفلسطيني عبثا عندما يسارع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس كتلتها في المجلس التشريعي، عزام الأحمد، إلى محاولة حرف أي انتفاضة حذر منها عباس وتعهد بمنعها وتختمر تحت السطح حاليا ضد الاحتلال بالدعوة بدلا من ذلك إلى "انتفاضة ضد حماس" في القطاع المحاصر، ليتسرع القيادي في حماس يحيى موسى في الانجرار إلى فخ الاحتلال الذي وقع فيه الأحمد بالدعوة إلى "انتفاضة" ضد السلطة بالضفة، ليبدو الوضع الراهن الفلسطيني، إعلاميا في الأقل، وكأنما يساهم في مجموعه، بوعي أو دون وعي، في "تآمر" على انتفاضة وطنية واقعية محتملة ضد الاحتلال والوضع الفلسطيني الراهن.

وبينما تحاول حكومة دولة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو جهدها لتحويل أنظار الرأي العام العالمي بعيدا عن الوضع الفلسطيني المتفجر إلى خطر "عسكري" نووي إيراني ما زال يفتقد الحد الأدنى من الأدلة لإثباته ، وبينما نجح نتنياهو في تجنيد إدارة باراك أوباما الأميركية لصالح أجندته التي تضع هذا الخطر المفترض على رأس جدول أعمال المجتمع الدولي، ينزلق قطاع غزة ومصر نحو مواجهة إعلامية وسياسية قد تتطور إلى ما هو أخطر تخدم جهود دولة الاحتلال لتحويل الأنظار بعيدا عن سياساتها التي قادت إلى المأزق الراهن في بعده الفلسطيني الداخلي وفي "عملية السلام" وفي إحكام الحصار وتشديد العقوبات الجماعية المفروضة على قطاع غزة وأهله.

فعلى سبيل المثال، قال مسؤولون مصريون ل"الأهرام ويكلي" في عددها الأخير إن الوضع "متوتر" على الحدود المصرية الفلسطينية، وإن "الأمن المصري لديه أدلة مادية على أن ناشطين من حماس شقوا طريقهم عبر الأنفاق" إلى شبه جزيرة سيناء، وإن "هذه العناصر موجودة هناك لاختبار الأرض لعبور واسع لآلاف من الفلسطينيين للحدود" للاحتجاج على بناء الجدار الفولاذي.

في الحادي والعشرين من الشهر قالت ستة عشر منظمة حقوق إنسان عالمية من العاصمة الفرنسية باريس إن "المجتمع الدولي قد خان" الشعب الفلسطيني في غزة. وفي الواقع أن المجتمع الدولي قد خان عرب فلسطين في كل مكان. غير أن خيانة المجتمع الدولي لهم قديمة قدم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 الذي قسم وطنهم التاريخي إلى دولتين عندما التزم بتنفيذ جزئي أحادي لهذا القرار، وقدم القرار رقم 194 الذي اتخذته الهيئة الأممية نفسها في العام التالي والذي ما زال المجتمع الدولي يتجاهل تطبيقه مثل العشرات من قرارات الأمم المتحدة اللاحقة. وإذا كانت كل القوى الفلسطينية مجمعة، بالرغم من كل اختلافاتها وانقساماتها الأخرى، على إدانة هذه "الخيانة" الدولية، فإن الرئيس عباس قد انضم إليها متأخرا جدا بعد أن راهن طويلا على هذا المجتمع عندما أعلن قراره بعدم ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثانية، وأعلن "خيبة أمله" من تراجع باراك أوباما وإدارته عن وعودهم له، ليجد "كل الطرق مسدودة" أمامه ولم تعد لديه "أوهام" لأنه كما قال لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية مؤخرا لا يستطيع أن يظهر بمظهر من هو أقل فلسطينية من أوباما قبل أن يتراجع الأخير عن وعوده.

في الخامس عشر من الشهر قال عباس للمجلس المركزي لمنظمة التحرير المنعقد في رام الله المحتلة إن الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي وملعب الولايات المتحدة. ويبدو عباس مصرا على أن تكون الكرة في "الملعب" الفلسطيني "دولية" فقط، كما يتضح من تعهده بمنع إلقاء "كرة الانتفاضة" الوطنية في ساحة الصراع، مع أن التقدم الذي أحرزته إدارة أوباما التي يقود المجتمع الدولي لاستئناف المفاوضات كان "صفرا"، بينما "لا يوجد أدنى دليل يدعو للاعتقاد بأن أي شيء سوف يتغير في ما تبقى من ولايته"، كما قال باري روبين، مدير مركز الأبحاث العالمي في الشؤون الدولية "غلوريا" في التاسع عشر من هذا الشهر.

إن تخصيص نصف مليار دولار لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية للسنة المالية 2010، منها مئة مليون دولار لمهمة الجنرال كيث دايتون لدى السلطة، لأول مرة في تاريخ ميزانيات المعونات الخارجية الأميركية، هو تمويل للوضع الراهن الفلسطيني المتفجر، وليس مؤشر تغيير يدعو إلى التفاؤل بتغير هذا الوضع إلى أفضل، بخاصة إذا ما قورنت هذه المخصصات بالمعونة "الأمنية" لدولة الاحتلال الإسرائيلي البالغة (2.775) مليار دولار، بزيادة (225) مليون دولار على هذه المخصصات للعام 2009، والمقرر بموجب "مذكرة تفاهم" موقعة بين الجانبين أن ترتفع إلى (3.1) مليار دولار عام 2013، وعلى الأخص إذا ما وضعت هذه المخصصات الفلسطينية في إطار استمرار واشنطن في منع المجتمع الدولي من الوفاء بتعهداته في شرم الشيخ المصرية العام المنصرم لإعادة إعمار قطاع غزة، مما يحول هذه المخصصات عمليا إلى تمويل غير مباشر "للأمن الإسرائيلي" من ناحية وإلى تمويل لاستمرار الانقسام الفلسطيني من ناحية أخرى.

وهذه المخصصات الأميركية للسلطة الفلسطينية هي جزء من أموال المانحين الدوليين الآخرين لها، وبخاصة الأوروبيين منهم. ومنذ توقيع "إعلان المبادئ" (اتفاق أوسلو) في واشنطن عام 1993، وافقت منظمة التحرير الموقعة على هذا الإعلان على إعفاء الدول المانحة الراعية لعملية السلام لدولة الاحتلال من التزاماتها المالية كقوة محتلة بموجب القانون الدولي كترتيب مؤقت ينتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية بتفاوض على الوضع النهائي يقود إلى إقامة دولة فلسطينية كما وعد "المجتمع الدولي" أولا عام 1999، ثم عام 2005، ومرة أخرى عام 2008، وحاليا خلال عامين بعد وصول أوباما إلى البيت الأبيض الأميركي.

غير أن استمرار المجتمع الدولي في "خيانة" وعوده للشعب الفلسطيني قد حول الترتيب المؤقت إلى وضع دائم، بحيث يتسع حاليا الشك الفلسطيني في الدور السياسي المشبوه لأموال المانحين، باعتبارها تمويلا لميزانية دولة الاحتلال وأمنها، وتمويلا لإطالة عمر الاحتلال، ووسيلة لتحييد العامل الاقتصادي في أي انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال، وقيدا يرتهن المفاوض الفلسطيني للشروط السياسية المرتبطة بمنح المانحين، مما يخلق إحساسا بالمهانة الوطنية يزيد في تفاقم الإحباط الفلسطيني. ومن الواضح أن الدور السياسي لأموال المانحين لم يعد قادرا على التحكم بمرجل الرفض الفلسطيني الذي يغلي تحت السطح ضد استمرار الوضع الراهن.

* كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*


الأحد، ديسمبر 27، 2009

الإسرائيلي الجديد في نابلس


د. فايز أبو شمالة
تقارير شهود العيان، وتقارير المراسلين الذين استقصوا الحقيقية من نابلس تؤكد أن تصفية شباب المقاومة كان عملاً عدائياً متعمداً، يقصد منه ترهيب المقاومين بالموت الفظيع وسط أولادهم وأهليهم، ويهدف إلى ترويع الأجيال القادمة من فكرة المقاومة، وإرعابهم لمجرد توارد ذكر إسرائيل في مخيلتهم، ولعل ما جاء على لسان الناطق باسم مجلس المستوطنات في الضفة الغربية: بأن القتل بهذه الطريقة هو الرد المناسب على كل من تسول له نفسه مهاجمة المستوطنين، فيه تأكيد على أن الفلسطينيين يواجهون الإسرائيلي الجديد الذي صاغته مقولة المتطرفين: "بأن السجون التي يزج فيها الفلسطينيون هي فنادق خمس نجوم، وما دام هنالك عمليات تبادل أسرى، فإنهم سيعودون إلى بيوتهم عودة الأبطال سالمين، وعليه فإن تصفية المقاومين ميدانياً، وعدم أخذهم أسرى هي الحل الأمثل لمحاربة الإرهاب.
إنها إسرائيل الجديدة، التي يتنافس قادتها على التطرف، والتمسك بالتعاليم اليهودية دون الخشية من ردة فعل العرب، ودون التهيب من المجتمع الدول، أو حتى العمل على ستر جرائمها بذرائع زائفة كما جرت العادة طوال السنوات الماضية، وإنما تعلن بشكل سافر عن حقيقة تكوينها القائمة على الإرهاب والاغتصاب، وهذا ما يفرض على رجال المقاومة في فلسطين أن يعيدوا ترتيب أنفسهم من جديد، وأن يعاودوا تنظيم مقاومتهم على افتراض أن عدوهم لا يريدهم أسرى، ولا يريدهم أحياء جرحى، وإنما يطلبهم أشلاءً ممزقة في الشوارع.
وسط هذا الانجلاء والوضوح في صورة العدو المجرم، يطل من جراح نابلس سؤالان كبيران؛ الأول: كيف اكتشفت المخابرات الإسرائيلية أن هؤلاء الشباب الثلاثة هم الذين نفذوا العمل العسكري الناجح الذي أسفر عن مقتل المستوطن اليهودي قبل يومين فقط؟ وما هي مصادر معلومات المخابرات الإسرائيلية الأكيدة التي حركت الجيش كي ينفِّذ جريمته؟
ويجيء السؤال الثاني مؤسساً للسؤال الأول: من هم أولئك الملثمون الذين ظهروا مع الجيش الإسرائيلي لحظة تنفيذ الجريمة، وأشاروا بأصبعهم إلى المستهدفين بالتصفية، وانسحبوا من المكان في عربات الجيش الإسرائيلي بعد أن تركوا رجال المقاومة غارقين بدمائهم؟.
سؤالان يعيدا القضية الفلسطينية إلى المشهد الأول من الاحتلال الإسرائيلي للأرض سنة 67، إلى ذلك الزمن الذي كان فيه العملاء مع المخابرات الإسرائيلية يتفاخرون بعمالتهم، وكانوا يمشون في الشوارع بخيلاء دون حياء، إلى ذلك الزمن الرديء الذي ساد قبل انتفاضتين، وقبل أن يصدر الشعب حكمة بتنظيف الوطن من العملاء قبل محاربة الأعداء.
fshamala@yahoo.com

الورقة التي حرمت ليزا من الصوص

الكولونيل شربل بركات

تزوجت كارلا من شاب لبناني يقيم في استراليا سنة 1998 وعاد العريس إلى البلد الذي يقيم فيه وأرسل الأوراق المطلوبة إلى زوجته لتتميم المعاملات والسفر إلى استراليا. وبما أنه من سكان المنطقة الحدودية في جنوب لبنان كان من الطبيعي أن يرسل الطلب إلى السفارة الأسترالية في تل أفيف، فأبناء المنطقة الحدودية لا يستطيعون الذهاب إلى الشام لملاحقة طلباتهم. وهكذا عندما انتهت المعاملات ونالت كارلا الفيزا كان عليها السفر من مطار تل أفيف.

صيف 2002 حاولت كارلا العودة إلى لبنان عن طريق مطار بيروت الدولي لرؤية والديها وقضاء شهر الصيف في ربوع لبنان وفوجئت بتوقيفها في المطار لأنها من أبناء المنطقة الحدودية. وبعد التحقيقات والذل الذي تعرضت له تم إطلاق سبيلها بعد أن "جرمت" بالسفر من أرض "العدو" في الوقت الذي كان يستقبل فيه النائب الإسرائيلي عزمي بشارة بكل حفاوة في لبنان وبعض الدول العربية الأخرى بدون عقد.

جريمة كارلا كبيرة لأنها اضطرت إلى السفر من مطار "العدو" يوم كانت دولة لبنان غير قادرة على بسط سلطتها على كامل أراضيها ولا هي كانت قادرة على حماية السفارات الموجودة في لبنان ليضطر المواطن إلى الذهاب إلى دول الجوار لتأمين تأشيرة السفر. ولكن جريمتها الكبرى أنها عادت بعد أربع سنوات عبر مطار بيروت ولذا فهي يجب أن تهان وتذل وتتبع "القنوات" الخاصة بأبناء المنطقة الحدودية فهولاء لم "يتمتعوا" بالذل قبلا ويجب أن يعرفوا معانيه.

كان على كارلا أن تذهب إلى صيدا بعد إطلاق سراحها بكفالة وإنهاء التحقيق ثم الذهاب إلى قيادة الجيش أيضا لتكملة جزء آخر من التحقيق وفي النهاية المثول أمام المحكمة العسكرية للحكم وقد قامت بكل هذه "العمليات" بصدر رحب معتقدة بأنها تتبع القانون، وعندما تجتاز هذه العواقب يعود لها حقها الطبيعي وينتهي فصل "التمييز العنصري" لأبناء المنطقة الحدودية الذين كان جرمهم أن جذورهم كانت أعمق من الأحداث فلم يرحلوا يوم رحلت الدولة عن أرض الجنوب وتعايشوا مع الواقع وتحملوا كل الصعوبات منتظرين بفارغ الصبر أن تعود إليهم دولتهم التي، يوم اعتقدوا بأنها عادت وهللوا لعودتها، اعتبرتهم خوارج وقامت بمعاقبتهم.

بعد أن انتهى فصل التحقيقات والمحكمة العسكرية أمضت كارلا بعض الوقت بين الأهل ما كاد أن ينسيها العذاب والذل وعندما توجهت إلى المطار للسفر فوجئت بتوقيفها مجددا ومنعها من السفر بحجة أنها لم تنه كافة الأوراق. وبعد ثلاثة أيام تمكنت أخيرا من السفر وكادت أن تلعن الساعة التي فكرت فيها بالذهاب إلى هذا البلد.

كان يرافق كارلا في هذه الرحلة ابنتها ليزا التي لم تكمل السنتين ولكن ليزا لم تعرف ما يدور حولها في هذه المرة سوى أن والدتها كانت تتركها أحيانا عند جدتها وتذهب مع جدها إلى بيروت.

قررت كارلا أنها لن تعود إلى لبنان، وفي صيف 2004 دعت والديها إلى الذهاب إلى استراليا لتمضية بعض الوقت معهم وتهنئتها بالمولود الجديد. ثم تغيرت الأمور بعض الشيء وقيل بأن السوريين خرجوا وأن البلاد أصبحت مستقرة أكثر وعاد بعض الزعماء من المنفى، حيث كان زوجها معجبا بالمواقف الوطنية للعماد عون. كل ذلك، إضافة إلى لجاجة الأهل الذين لم يريدوا تحمل صعوبات السفر للذهاب إلى أستراليا، جعل كارلا تقبل أن تسافر مجددا إلى لبنان في صيف 2009 وقد كان الاستقبال حافلا ولم يتعرض لها أحد في المطار ما جعلها تعتقد بأن لبنان بالفعل أصبح دولة راقية. وأمضت كارلا وابنتيها شهرا جميلا في ربوع البلد حيث تعرفت ابنتها الكبرى على بعض الرفاق وتعلمت الصغرى العربية وأمضى الجميع أحلى الأوقات بين الأهل والأصدقاء ولكن يوم السفر وعند الوصول إلى الأمن العام في المطار فوجئت كارلا بعدم السماح لها بالسفر ثم أعيد الأولاد إلى الأهل وتم توقيفها هذه المرة بشكل أكثر إذلالا فهي اقتيدت مكبلة في سيارة السجناء وأمضت ليلة في السجن ثم اضطرت إلى البقاء شهرا كاملا لإنهاء المعاملات الجديدة والحصول على "الورقة" التي ستخولها السفر.

اتصلت كارلا بالمدرسة في استراليا للحصول على مواد لتعليم ابنتها الكبرى كي لا تضيع سنتها وقامت الجدة بشراء صيصان صغيرة ليلعب معهم الأولاد كي لا يضجروا من الانتظار وبعد مضي شهر كامل حصلت السيدة كارلا على "الورقة" وقررت العودة إلى بلدها "الحبيب أستراليا" وعندما سألت الجدة الطفلة ليزا عن رغبتها بأخذ الصيصان معها إلى أستراليا أجابت الطفلة:

- لا يا تيتا بصير بدنا نتأخر تننتظر "الورقة" لأن الصيصان ما معن "ورقة"

هذه هي قصتنا مع هذه الدولة التي وعد رئيسها بأن يعيد حق اللبنانيين بالكرامة فإذا بحكومتها توعدهم بالذل وما يسمى بأجهزة الأمن، وهي التي لا تعرف من الأمن سوى ملاحقة اللبنانيين الشرفاء، تزيدهم إهانة يوما بعد يوم فهل يمكن أن يفهم أحد ليزا بأن الصوص يحق له بالخروج من لبنان بدون "ورقة"؟

كل عام وأنتم بخير...