الأحد، أغسطس 31، 2008

الخيار الاردني الوحيد

نقولا ناصر

(الاردن تكيف مع الاعتراف العربي والدولي وحتى الاسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد لشعبها مسؤول عن تقرير مصير الضفة الغربية كجزء من الاراضي المحتلة عام 1967 ولم يعد في الاردن من يرغب او يسعى للقفز عن هذه الحقيقة السياسية)

لا يمكن ان يكون الاردن غير معني بانحلال منظمة التحرير الفلسطينية او باي انقلاب عليها يقود الى الغاء دورها المعترف به عربيا ودوليا كممثل شرعي وحيد لعرب فلسطين ، ليس فقط صيانة للتضحيات التي قدمها الشعب الشقيق لتحقيق هذا الانجاز بل قبل ذلك لان أي تطور كهذا سيكون المقدمة المؤكدة لدخول القضية الفلسطينية في نفس المتاهة التي كانت فيها قبل انشاء المنظمة بكل ما يعنيه ذلك من مضاعفات ذات مخاطر استراتيجية على الاردن وجواره القومي ، ولانه سيكون كذلك المقدمة الموضوعية لاحياء فكرة اختيار الجار الاردني الاكثر تاهيلا ، بحكم عوامل جيوبوليتيكية قاهرة ، لوراثة دور المنظمة في حمل اعباء قضية اعجزت اهلها ومعهم العرب جميعهم حتى الان ، وبالتالي فان الاردن لا يمكن الا ان يكون معنيا بالمتاهة التي تعيشها منظمة التحرير حاليا ، فالوضع الراهن للمنظمة وشعبها لا يغيظ عدوا ولا يسر شقيقا او صديقا .

ان الواقع على الارض قد اسقط الى غير رجعة الخيار "الاسرائيلي" لاي دور اردني مامول اسرائيليا في الضفة الغربية حسب المفاهيم الاسرائيلية السابقة ، بحيث لم يبق للاردن عمليا سوى خيار ان يصد المحاولات الاسرائيلية الساعية الى ان تفرض عليه احتواء الانقاض الفلسطينية لانهيار "عملية السلام" الذي بذل الاردن قصارى جهده ، وما يزال ، لانجاحها ، مثلما فرض عليه احتواء انقاض النكية الفلسطينية عام 1948 بكل مضاعفاتها السياسية والانسانية ، لكن الظروف التي املت عليه احتواء حطام النكبة انذاك قد تغيرت جذريا الان تغييرا يحصنه ضد أي تكرار للتجربة الاردنية والفلسطينية المرة بحيث لم يبق للاردن سوى خيار وطني وحيد اوحد هو رفض الخيار او الخيارات الاسرائيلية التي توصف تضليلا ب"الاردني" و"الاردنية" وهي بضاعة اسرائيلية خالصة ، صناعتها اسرائيلية صرف .

ويكفي ذكر تطورين استراتيجيين لاثبات ان الشروط الموضوعية التي كانت تجعل خيار اسرائيل "الاردني" ممكنا في السابق قد اصبحت مستحيلة الان ، واول التطورين مادي على الارض وهو حقائق الاستيطان الاستعماري التي خلقه الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية منذ عام 1967 وهي حقائق لم تبق حدا ادنى من المقومات لاقامة الدويلة الفلسطينية المامولة عن طريق التفاوض ، وبالتالي فانها لم تبق شيئا ايضا في الجناح الغربي السابق للمملكة يعود الاردن اليه ، لا بل ان هذه الحقائق تكاد لا تبقي للاردن أي جار فلسطيني على حدوده الغربية .

وثاني التطورين سياسي ، فالاردن قد تكيف مع الاعتراف العربي والدولي وحتى الاسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد لشعبها تحت الاحتلال وخارجه مسؤول عن تقرير مصير الضفة الغربية كجزء من الاراضي المحتلة عام 1967 ولم يعد في الاردن من يرغب او يسعى للقفز عن هذه الحقيقة السياسية التي حكمت الحراك السياسي العربي والدولي طوال الاربعين سنة ونيف الماضية .

لكن مؤشرات كثيرة تترى الى ان دولة الاحتلال الاسرائيلي بقدر ما تسعى الى تغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي في الضفة تغييرا استراتيجيا ينسف معادلة الارض مقابل السلام التي جرت على اساسها المفاوضات منذ عام 1991 بقدر ما تسعى كذلك لتعزيز كل العوامل التي تقود الى نسف الحقيقة السياسية لمنظمة التحرير ودورها ، ويجد الاردن نفسه معنيا مباشرة في الحالتين لان نجاح دولة الاحتلال في المسعيين سوف يقود عمليا الى نسف الشروط الموضوعية التي قادت صانع القرار الاردني الى توقيع معاهدة السلام معها ويقود كذلك الى نسف الاهداف التي توخاها من توقيع تلك المعاهدة .

ولا غرابة نتيجة لذلك ان تبدو الحقيقة السياسية لمنظمة التحرير الان قد هرمت وبهت دورها ، بينما تتوالى الدلائل والقرائن والمؤشرات الى ان "انقلابا" يجري عليها من الخارج والداخل معا لتصفيتها كدور ، مع الابقاء عليها اسما بلا مسمى كاطار ، لاستثمار شرعيتها في اضفاء الشرعية على تسوية سياسية بشروط اسرائيلية – اميركية تصفي القضية نفسها التي سوغت انشاء المنظمة في المقام الاول وتنهي الصراع العربي الاسرائيلي ، وهذا بالتحديد هو المعبر الموضوعي الى "الخيارات الاردنية الاسرائيلية" .

ان البديل والوارث الشرعي الوحيد للمنظمة الذي يوجد توافق وطني فلسطيني عليه هو قيام دولة فلسطينية "كاملة السيادة" ، وكل النهج السياسي الاردني الرسمي يؤكد باستمرار انه مع هذا التوافق الفلسطيني ، ويكرر باستمرار التزامه بمنظمة التحرير وباقامة الدولة الفلسطينية معا ، لذلك فان ما يجري من حراك لاستبدال المنظمة بحكومة لسلطة الحكم الذاتي هي الان في اضعف حالاتها بينما افاق تطويرها الى دولة قد وصلت الى طريق مسدود انما هو بالتاكيد تطور يتعارض مع الموقف الرسمي الاردني ، ومع ذلك فان الدبلوماسية الاردنية مدعوة لتاكيد هذا التعارض منعا لسوء الفهم وقطعا للطريق على أي محاولات للاصطياد في مياه عكرة .

ومما يزيد الطين بلة ان حكومة السلطة الحالية هي الاضعف والاقل تمثيلا لشعبها بين كل سابقاتها وتستمد شرعيتها من شرعية وطنية مجتزاة هي شرعية الرئاسة المنتخبة التي تعيش اواخر ايام ولايتها ، ولا يبقيها عائمة سوى كونها الاكثر تساوقا مع شروط المانحين وهي نفسها شروط الاحتلال التي تبناها المانحون لها بحذافيرها ، وجدول اعمالها الاقتصادي يقرره المانحون ويحصرونه في الرواتب والامن بينما يقرر جدول اعمالها الامني المجلس الثلاثي للجنرالات الاميركيين وليم فريزر وجيمس جونز وكيث دايتون ، وهو المجلس الذي يمثل المرجعية الحقيقية لبرنامج هذه الحكومة والذي يضع في راس جدول اعماله تصفية كل المعارضين للرؤية الاميركية – الاسرائيلية لحل الصراع وفي مقدمتهم بالطبع منظمة التحرير وحركة فتح في الخارج وامتداداتهما الداخلية بخاصة وحركة حماس في الداخل على الاخص .

ان الصراع غير المعلن بين سلطة الحكم الذاتي وبين مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية ، وفي اطار كل منهما على حدة ، بين تيارين يصطرعان داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" على قيادة السلطة والمنظمة وعلى دوريهما ، وبين فتح "الداخل" وفتح "الخارج" وبين فتح اوسلو وفتح المعارضة لاوسلو ، وبالتالي بين المنظمة في الداخل وبين المنظمة في الخارج ، هو صراع يذكر بدوري جولد ، سفير اسرائيل الاسبق لدى الامم المتحدة واحد اهم مستشاري رئيس وزراء دولة الاحتلال السابق ، ارييل شارون ، السادر في غيبوبته منذ بضع سنوات والذي اورث سياساته لخلفه ايهود اولمرت ولحزب "كاديما" الذي يقود الائتلاف الحاكم حاليا ، عندما حث في دراسة له بعنوان "الضفة الغربية لاسرائيل" عام 1987 على تطوير سلطة للحكم الذاتي الفلسطيني تحل محل منظمة التحرير كممثلة للشعب الفلسطيني وتفرز قياداتها المحلية في الضفة وقطاع غزة كبديل لقيادات المنظمة لتوقع في النهاية باسم الشعب الفلسطيني على انهاء الصراع مع دولة الاحتلال ، ولا بد من الاعتراف لدوري جولد ببعد النظر وبان رؤيته المبكرة تكاد تتحول الان الى واقع سياسي .

لذلك فان الصراع – الانقسام بين السلطة وبين المنظمة اقدم واخطر من الانقسام الراهن بين فتح وبين حماس ، لا بل انه كان الانقسام الذي فتح ثغرة واسعة في دور المنظمة دخلت منها حماس كبديل لطرفي الاصطراع الذي يوظف الصراع الفتحاوي – الحمساوي للتغطية على "الانقلاب" الحقيقي الجاري في الساحة الفلسطينية برعاية اميركية – اسرائيلية معلنة ، والذي يجري التعتيم عليه كشرط لازم لانجاحه . وفي هذا السياق يندرج ما يدور من صراع وجدل حول انعقاد او عدم انعقاد المؤتمر الحركي السادس لفتح وحول مكان وزمان انعقاده ان اتفق على عقده ، وحول انعقاد او عدم انعقاد المجلس الوطني لمنظمة التحرير كما حول مكان انعقاده في "الداخل" او في "الخارج" ناهيك عمن يحضره -- ان اتفق على انعقاده ، ثم ردود الفعل على مصادقة الرئيس محمود عباس على تعيين رئيس للدائرة العسكرية للمنظمة من غير الاعضاء الاصلاء في اللجنة التنفيذية ومن غير ممثلي الفصائل الكبرى فيها ، وكذلك السجال العلني بين مستشاري الرئيس عباس وبين رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي للسلطة عزام الاحمد حول توقيع الاخير لاعلان صنعاء كتتويج للمبادرة اليمنية تم اجهاضه خلال دقائق بعد توقيعه ، وكذلك حول وجود "فيتو" اميركي على الحوار بين فتح وبين حماس ، كما قال الاحمد ، او عدم وجود مثل هذا الفيتو كما كرر عباس نفسه القول ، الخ .

والدليل الملموس الاحدث على التوجه لالحاق المنظمة بحكومة السلطة ، التي تستمد تفاصيل سلطاتها من مصادقة الحاكم العسكري للاحتلال الاسرائيلي عليها (بموجب الاتفاقيات الموقعة) ، كان مبادرة حكومة سلطة الحكم الذاتي الى اشتراط مصادقتها والرئيس عباس على هيكليات مؤسسات المنظمة كشرط مسبق لصرف رواتب موظفيها ، وقد جاء هذا التطور متاخرا لكنه كان تحصيل حاصل لحلول وزارة مالية السلطة محل الصندوق القومي الفلسطيني كمصب لتمويل منظمة التحرير وسلطتها مما حول خزينة السلطة الى قناة لتمويل المنظمة فارتهنت المنظمة بذلك للسلطة ولمنح مانحيها المشروطة سياسيا بشروط املاها الاحتلال نفسه .

لقد افرز الانقسامان الاقدم والاحدث قوة او قوى "ثالثة" لم تتبلور وطنيا بعد في اطار سياسي معلن وواضح لكن اركانها وسياساتها واضحة تماما في تقاطعها بل تطابقها مع "الرؤية" الاميركية – الاسرائيلية لتسوية الصراع سياسيا ، او تصفيته لا فرق ، وهذه القوة او القوى متداخلة مع تيار ينسجم معها في فتح والفصائل المؤتلفة معها في اطار منظمة التحرير ، وهي تسعر كلا الانقسامين ، لانها الوحيدة المستفيدة من استمرارهما ، وتناور بينهما وتقتطع لنفسها يوميا نفوذا متناميا على حسابهما فهي ، لا فتح ، التي تتولى عمليا مقاليد حكومة الحكم الذاتي في رام الله ، وتسعى الى السيطرة على مؤسسات صنع القرار في فتح والسلطة والمنظمة ، بينما تحرص على استمرار حصار حماس سياسيا واقتصاديا وعسكريا بسبب عدم توفر الامكانيات العملية التي تتيح لها تغلغلا مماثلا في صفوفها ، بحيث يكاد يكون هذا هو الانقلاب الفعلي الذي يستحق هذا الوصف على الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة وعلى كل مؤسسات اطراف انقساماتها الحالية ، فيما تنشغل هذه الاطراف في الفعل ورد الفعل على الانقسامين وتشغل معها الاشقاء العرب في البحث عن طرق ووساطات لاحتوائهما .

وهذا الوضع المعكوس الذي يتطور للعلاقة بين السلطة وبين المنظمة يتناقض تماما مع القرار الواضح الذي اتخذه المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقدة بتونس بين 10 – 12 تشرين الاول / اكتوبر 1993 بانشاء "السلطة الوطنية الفلسطينية" كسلطة تابعة لمرجعية المنظمة التي انشاتها ، وهو وضع يضع عربة قيادة منظمة التحرير امام حصانها في وضع خطر يهدد فيه أي انهيار للسلطة بانهيار المنظمة ذاتها ، وربما يكون هذا هو الهدف النهائي للتحالف الاميركي الاسرائيلي الذي يشجع ويمول تغول السلطة وحكومتها على منظمة التحرير ، لضرب الطرفين ببعضهما تمهيدا لتصفية "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" المعترف به عربيا ودوليا .

ولم يعد خافيا على احد ان استمرار هذا الانقسام الفلسطيني الاقدم والاخطر يمثل العقبة "الداخلية" الاكبر امام نجاح أي حوار وطني بين فتح وبين حماس وان حسم هذا الانقسام الاقدم هو شرط مسبق لانهاء الانقسام الراهن بين الحركتين اللتين تقودان النضال الوطني ، وخير دليل على ذلك الطريق المسدود الذي وصلته ثلاث سنوات تقريبا من جولات الحوار وسلسلة الوساطات العربية وغير العربية بين الحركتين والذي لخصته "الاهرام الاسبوعي" باللغة الانكليزية في عددها الاخير الصادر في الثامن والعشرين من الشهر الماضي في عنوان تقريرها الرئيسي: "لا تقدم على الاطلاق" ! والمفارقة ان حماس غير العضو في المنظمة وهي تطالب بتفعيلها على قاعدة الشراكة الوطنية وفقا لاتفاق القاهرة تبدو "خشبة النجاة" الرئيسية لانقاذ المنظمة من التصفية التي تخطط لها كما انها تبدو اكثر حرصا على المنظمة ممن يستخدمون المنظمة ومرجعيتها سلاحا ضدها .

ان النجاح الساحق الذي حققته حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006 لم يكن هزيمة لفتح بقدر ما كان هزيمة مرة لمنظمة التحرير بكل فصائلها الاعضاء وهزيمة لبرنامجها السياسي ومن هنا الصدمة القوية التي اصابت الائتلاف الدولي الذي يرعى هذا البرنامج دبلوماسيا وسياسيا وماليا باعتباره اساسا عمليا صالحا لتسوية الصراع العربي – الاسرائيلي سياسيا عن طريق المفاوضات ، ومن هنا ايضا الخطا الفادح الذي ارتكبه هذا الائتلاف بتبنيه للاستراتيجية التي تبنتها دولة الاحتلال الاسرائيلي للانقلاب على نتائج تلك الانتخابات التي وجدت تل ابيب فيها فرصة ذهبية اولا للتحلل من استحقاقات العملية السياسية الجارية منذ مؤتمر مدريد عام 1991 والتي انطلقت على اساس ذلك البرنامج ، وثانيا لشق الوحدة الوطنية الفلسطينية وفرز طرف فلسطيني اضعف واسهل ابتزازا واكثر تساوقا مع رؤيتها ل"انهاء" الصراع ، وثالثا لكسب المزيد من الوقت لفرض المزيد من الحقائق الاسرائيلية على الارض لكي يتحول التفاوض على اساس برنامج المنظمة من مفاوضات على تبادل الارض "المحتلة" مقابل السلام الى مفاوضات على تقاسم ارض "متنازع عليها" .

وهذا الخطا الفادح الذي انساق اليه الائتلاف الدولي المؤيد لبرنامج منظمة التحرير انساقت اليه ايضا الدول العربية ، وخصوصا الدولتين المجاورتين الملتزمتين بمعاهدتي سلامهما مع دولة الاحتلال في مصر والاردن ، لكن الاخطر من ذلك ان قيادة المنظمة نفسها قد وقعت في فخه .

وبالرغم من ان القطيعة بين الاردن وبين حماس سابقة على الانتخابات الفلسطينية ولها اسبابها الثنائية وبالتالي فان لاعادة وصل ما انقطع اسبابه الثنائية ايضا ، فان الانفتاح الاردني الاخير على حماس من جانب اخر يشير الى توجه سليم لتدارك ذلك الخطا الفادح يؤهل الاردن لوساطة اكثر نجاعة في الاصطراع الفلسطيني باتجاه مساعدة قيادة منظمة التحرير في تدارك الخطا نفسه الذي وقعت فيه للخروج من الفخ الاسرائيلي عبر الطريق الوحيد المفتوح للخروج من ذلك الفخ وهو اعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال تفعيل المنظمة على قاعدة الشراكة الوطنية بين مختلف اطياف الاجتهاد الوطني الفلسطيني .

*كاتب عربي من فلسطين

nicolanasser@yahoo.com


تسليم القاتل لا يكفي

سعيد علم الدين
الشعبُ غاضبٌ، بألم عارمٍ، وحنقٍ دائمٍ، وصراخِ في وجه القتلة ومَن وراء القتلة، ودعاءٍ صادقٍ من أعماق القلب سيستجيب له الرب، وسينتهي عهد الطغاة الجدد الظالمين الفاسدين المفسدين المستبدين في الأرض قريبا وسيدفعوا ثمن جرائمهم دما، كما أدموا وما زالوا يدمون قلوب اللبنانيين الشرفاء.
فدماء هذا الشعب الطيب الأمين ليست رخيصة الى هذا الحد لتراق بهذه البساطة في اقليم التفاح وعلى تلة "سجد" دفاعا عن المشروع النووي الإيراني المقدس وحماية للنظام السوري المفلس.
ولا يكفي هنا أبدا تسليم القاتل أو القتلة، بل يجب انهاء هذا الوضع الميليشاوي الشاذ جذريا بكل الوسائل الممكنة وبدعم عربي ودولي تطبيقا لقرارات الشرعية الدولية وتسليم السلاح الغير شرعي في كل انحاء لبنان للدولة!
والا فان مؤامرات حزب الله المتكررة وخبثه في نشر ثقافة الفتنة وممارساته الميليشياوية الاستفزازية مع أذنابه والمتنقلة من الشمال الى الجنوب ومن البقاع الى بيروت ستثمر حتما وسينفجر لبنان في وجه الجميع وعندها لن يبقى لا دولة ولا جيش ولا شعب ولا كيان! وسوريا وإيران يصبون الزيت يوميا على نار البركان لتحقيق هذا الهدف المدان، وكأن لبنان ولاية أمريكية ومزرعة لهم ودكان.
وتبريرهم مثير للسخرية عندما يبررون جريمتهم النكراء بالقول أنهم لم يستطيعوا التمييز بين المروحية اللبنانية المذيلة بالعلم اللبناني والمروحية الاسرائيلية.
ويتساءل المواطن العادي:
لماذا ومنذ التمديد للحود وصدور القرار 1559 الداعي الى قيام الدولة ونزع سلاحهم لا يُستهدف ولا يتم اغتيال الا الماروني والسني والارثوذكسي والدرزي ولا تحدث الانفجارات والمشاكل والتعديات والاستفزازات الا ضدهم وفي عقر ديارهم وقلب مناطقهم؟
هل للقضاء على لبنان الديمقراطي العربي التعددي والذي هو النقيض الصارخ للنظام السوري الطائفي العشائري الفردي المستبد وللمشروع المجوسي المذهبي الشمولي؟
ولهذا لا بد من تصفية كل من يقف بوجههم ويدعو لقيام الدولة القادرة ونزع سلاحهم!
دماء اللبنانيين ليست رخيصة الى هذا الحد ولا يجب ان تمر هذه الجريمة المتعمدة النكراء التي ذهب ضحيتها النقيب الطيار المميز الشاب سامر حنا مرور الكرام.
على الجيش ان يأخذ زمام المبادرة بعد أن فقدها بسبب مؤامرة حزب الله وافتعاله لأحداث الشياح: لكي يفقد الجيش المبادرة ويتم لجمه وتحييده. وهذا تحقق للحزب المتآمر بشكل كبير.
الجيش يمثل الشعب والشرعية ويحظى بتعاطف واحتضان اللبنانيين واذا لم يحسم امره وياخذ المبادرة فسيخسر احتضان الشعب له.
رحم الله الشهيد البريء سامر حنا وألهم أهله ورفاقه وأبناء منطقته الكرام في البترون وتنورين والشمال الحزين ولبنان المنكوب بصبية المجوس الصبر السلوان.
سامر الذي اغتيل قنصاً وغدراً وظلما وعدونا في وضح النهار وعلى تلال وطنه وبأيدي من اعتبرهم إخوته ودافع عنهم مع رفاقه الجنود البواسل في حرب تموز، التي ورطوا هم أنفسهم بها لبنان حماقة ومن ثم ندامة، حيث سقط من الجيش اكثر من خمسين شهيدا في مواجهة اسرائيل، أما هم صبية ولاية الفقيه الفارسي، خونة الوطن، ميليشا الفتنة او ما يسمى سابقا "مقاومة" فقد كانوا ألدَ من ألد الاعداء، وفُرسَ غرباء، وقتلةً أشداءَ على اللبنانيين الشرفاء وردوا الجميل لسامر وللجيش على طريقتهم المعروفة في نكران الجميل.
فحقدهم على الجيش معروف عندما كانوا يمنعونه دون مبرر من دخول الجنوب ليبقى لبنان ساحةً سائبةً لهم ولتبقى السيادة منقوصة والاستقرار هش، والاستقلال غير ناجز، والاختراقات الاسرائيلية مستمرة، والدولة بلا قرار والوطن الصغير خاضعا لمشاريع المحور السوري الإيراني الكارثية على لبنان فقط.
حقدهم زاد على الجيش عندما دخل بترحيب شعبي عارم وبقوة إلى الجنوب وثبت أقدامه وحماه من أي اختراق إسرائيلي. حيث عم السلام المنطقة الجنوبية بوجود الجيش الوطني وقوات اليونيفيل الصديقة.
حقدهم زاد أكثر على الجيش عندما قبض على شاحنة سلاحهم التي سماها نصر الله مهددا متوعدا الجيش ب"السلاح الغصوب".
حقدهم زاد أكثر وأكثر على الجيش بعد أن حقق انتصارا لبنانيا تاريخيا على مؤامرتهم التي حاكوها مع المجرم العبسي في نهر البارد للسيطرة على الشمال وطرابلس.
حقدهم زاد اكثر واكثر لان الجيش احتضن ثورة الارز ولم يبطش بها كما كانوا يخططون مع السوريين ويحلمون.
حقدهم على الجيش هو حقدهم على قيام الدولة السيدة القادرة المستقلة حيث جيشها هو عمادها الذي يحمي السيادة والامن والاستقرار والاستقلال.
ومن هنا فالجيش مستهدف لكي لا يكون للدولة عماد يرفع شأنها ويصون قرارها ويعيد لها هيبتها.
حقدهم دفعهم الى اغتال اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج في الخفاء لقطعه خطوطهم الأرضية الحمراء حماية لعصابة العبسي السورية.
حقدهم دفعهم أيضا على اغتال النقيب الشهيد سامر حنا في وضح النهار لقطعه خطوطهم الجوية الحمراء.
وهذه هي طريقتهم الجاحدة المعروفة في رد الجميل.
وهكذا ردوا الجميل للرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي دعمهم بأكثر ما يمكن لتحرير لبنان وشرع المقاومة دوليا، على طريقتهم المعروفة. فالمجرم الذي اغتال الرئيس الشهيد للهيمنة النهائية على لبنان وقمع الطائفة السنية وسلبها قرارها الحر، هو نفسه المجرم الذي احتل بيروت وتعرض لكرامات اهلها وأحرق مؤسسات الحريري التي فتحت قلبها لهم وأكرمتهم وقدمت لهم المأوى والطعام في حرب تموز.
ولكن وكما قال الشاعر الفذ:
إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا
فهؤلاء صبية المجوس أثبتوا للشعب اللبناني والعالم أنهم بلا شرف وناموس ، بلا عزة ولا كرامة ، ولا أصل ولا أصالة، شيمتهم الغدر والنذالة وقلوبهم ملئ بالحقد والعمالة.
مع احترامنا الكبير للبنانيين والعرب الأحرار من ابناء الطائفة الشيعية! وما هدف ولاية الفقيه الصفوية الحاقدة سوى تغريب الشيعة العرب وضربهم باخوانهم السنة للاستيلاء على ثروات المنطقة العربية وطمس تراثهم الاسلامي المشترك الصحيح.
وهكذا ردوا الجميل للرئيس السنيورة، الذي أنقذهم من الهزيمة النكراء وانهى الحرب والحصار، على طريقتهم المعروفة، بشتمه وتخوينه وهم أنفسهم الآن يتشرفون بالجلوس الى جانبه.
فمن هو الخائن الحقيقي يا ترى؟
فاتقوا جميعا ايها اللبنانيون موحدين حذرين شر من أحسنتم اليهم!
اما دولة الشاويش عون أبو الميش رب الاستغلال السياسي والتحريض والغش والتشويش، فهو يدعو الى عدم الاستغلال السياسي للجريمة وهو الذي استغل استشهاد الشهيد الوزير بيار الجميل أبشع استغلال سياسي.
هو بذلك يحاول الدفاع يائسا عن وثيقة التفاهم البائسة التي تلوثت بدماء الأبرياء وتحولت الى وثيقة التهام فارسي للبنان"
الخلاصة ان على الجيش ان لا يكتفي بتسليم القتلة بل بانهاء هذا الوضع الشاذ.
فالجيش الذي لا يحمي شعبه لن يستطيع حماية نفسه.
الجيش يدفع اليوم بالدم وسيدفع اكثر ثمن تخاذله عن حماية اهله من المجرمين والعصابات الهمجية.
حتى ولو سلم حزب الله مطلق النار فانه يستطيع باساليبه البلطجية اخراجه من السجن في أي وقت من الباب الخلفي.
فمن مارس بلطجيته على الجيش في احداث الشياح واستطاع بعد تلك البلطجية شل قرار الجيش الذي تخاذل عن حماية اهل بيروت يستطيع ممارستها وبكل وقاحة في أي وقت.
الجيش اللبناني مستهدف من المحور الإيراني السوري بشكل عام ومن مخلبه الجارح حزب الله بشكل خاص ومن بقية الاذناب والميليشيات والتنظيمات الإرهابية المتواجدة بطريقة غير شرعية على الارض اللبنانية.
فالجريمة الجديدة مقصود منها النيل من هيبة الجيش والزامه الخطوط الحمرا التي يضعها له حزب الله.
وان تأسفوا فلا تصدقوهم! إنها التقية شعار الدولة الصفوية!

التغيير "عندهم".. والجمود عندنا

صبحي غندور

تشهد كلٌّ من أميركا وإسرائيل تفاعلات داخلية عميقة وحملات انتخابية وسياسية لإحداث تغيير في القيادات الحاكمة، مما يجعل المنطقة العربية في حالة ترقب الآن وانتظار حذر لما سينعكس من تغيير محتمل في السياستين الأميركية والإسرائيلية بشأن التعامل مع القضايا العربية الساخنة، جملةً وتفصيلا.

فمعظم الأحداث والتطورات الراهنة بالمنطقة العربية ارتبطت وما زالت بثلاثة محاور رئيسة: المحور العربي، المحور الإسرائيلي، والمحور الأميركي.

وبينما نجد أن المحورين الأميركي والإسرائيلي هما في حالة تكامل وتنسيق عمره من عمر الدولة الصهيونية، نجد المحور العربي في حالة تشرذم وصراعات وتباين في المواقف والمصالح بين أكثر من 20 دولة عربية.

أيضاً، بينما يتميز المجتمع الأميركي و"المجتمع الإسرائيلي" بحيوية سياسية داخلية تتغير في حصيلتها الحكومات والرؤساء عبر الاقتراع الشعبي، نجد المنطقة العربية تعيش حالة الركود السياسي ومحدودية فرص التغيير السلمي في الحكم والحكومات.

وبينما نقرأ تصريحاتٍ لمسؤولين حكوميين عرب عن "احترامهم لإرادة شعب إسرائيل في اختيار حكوماته وقادته"، فإنّنا لا نسمع منهم تأكيداً مماثلاً لاحترام إرادة الشعوب العربية في اختيار حكوماتها.

ووجه الغرابة في هذه المقارنات بين المحاور الثلاثة، أنَّ كلاًّ من "الأمَّة الأميركية" و"الأمَّة الإسرائيلية" قامت أصلاً على قهر شعوب آخرين والاستيطان مكانهم بواسطة القوة والعنف، ثم بنت هذه "الأمم" الجديدة مجتمعات مركبة من جماعاتٍ بشرية قادمة من أممٍ أخرى متنوعة في ثقافاتها ونظمها السياسية والاجتماعية، كما نجحت في بناء مؤسسات دستورية حافظت على استمرارية هذه "الكيانات" الجديدة المصطنعة، وطبّعت العلاقة بين الفئات المتعددة المنتمية إلى "الكيان" الجديد، فأوجدت "هويةً" جديدة مشتركة ل"أمَّة" جديدة مصطنعة.

أمَّا على الصعيد العربي، فإنَّ الأمَّة الواحدة ذات الثقافة الواحدة والتاريخ المشترك، تتصارع في داخلها الآن حكومات وجماعات، وتتهجّر من أرضها كفاءات وعقول وخيرات، وتتعمّق في مجتمعها الواحد دعوات لمزيد من الانقسامات على أسسٍ عرقية أو طائفية أو حتى مناطقية أحياناً !!

المؤلم في واقع الحال العربي أن الأمَّة الواحدة تاريخياً وجغرافياً وثقافياً تتنازع فيها الآن "هويات" جديدة على حساب الهوية العربية المشتركة. بعض هذه الهويات "إقليمي" وبعضها الآخر "أممي"، كأنَّ المقصود هو أن تنزع هذه الأمَّة الثوب السليم لهويتها ولا يهم ما ترتدي بعده من مقاييس أصغر أو أكبر، فالمهم هو نزع الهوية العربية !!



لكن، ونحن في مجال المقارنات بين المحاور الثلاثة، نتساءل ما الذي جعل "المصطنع" يتحول إلى طبيعي مستقر، ثم ما الذي جعل "الطبيعي" يترنّح ويبحث عن بدائل مصطنعة ويعيش أزمة الانقسام وعدم الاستقرار؟ هل هو فقط تآمر من الخارج أم أن أساس المشكلة يكمن في كيفية بناء الداخل وانعدام المؤسسات السليمة التي تكفل هضم التطورات التي تحصل في المجتمع وحوله؟

فلو أنَّ كيانات هذه الأمَّة العربية قائمة على أوضاعٍ دستورية سليمة تكفل حق المشاركة الشعبية في الحياة السياسية وتصون حقوق الحريات العامة للمواطن، هل كانت لتعيش ضعفاً وتنازعاً كما هي عليه الآن؟

صحيح أنّ هناك قوى خارجيّة تعمل على تأجيج الصّراعات الدّاخليّة العربيّة، وأنّ هناك مصلحة أجنبيّة وإسرائيليّة في تفكيك المجتمعات العربيّة، لكن العطب أساساً هو في الأوضاع الدّاخليّة الّتي تسمح بهذا التدخّل الخارجي، الإقليمي والدولي.

إنّ البلاد العربيّة لا تختلف عن المجتمعات المعاصرة من حيث تركيبتها القائمة على التّعدّديّة في العقائد الدّينيّة والأصول الإثنيّة، وعلى وجود صراعات سياسيّة محليّة. لكن ما يميّز الحالة العربيّة هو حجم التّصدّع الداخلي في أمّة تختلف عن غيرها من الأمم بأنّها أرض الرّسالات السماويّة، وأرض الثّروات الطّبيعيّة، وأرض الموقع الجغرافي الهام. وهذه الميزات الثلاث كافية لتجعل القوى الأجنبيّة تطمح دائماً للاستيلاء على هذه الأرض أو التحكّم بها والسّيطرة على مقدّراتها.

وقد كان من الطّبيعي أن تمارس القوى الأجنبيّة الطامعة بالأرض العربيّة، سياسة "فرّق تسد"، وبأن تفكّك الأمّة إلى كيانات متصارعة فيما بينها وفي داخل كل منها، وبأن تزرع في قلب هذه الأمّة جسماً غريباً يقوم بدور الحارس لهذا التّفكّك، فأصبحت الأمّة العربيّة تبعاً لذلك، رهينة لمخطّطات الخارج ولأجندة خاصّة أيضاً بهذا الجسم الغريب المزروع في قلبها.

لكن هل يجوز إلقاء المسؤوليّة فقط على "الآخر" الأجنبي أو الإسرائيلي فيما حدث ويحدث في بلاد العرب من فتن وصراعات طائفيّة وعرقيّة؟! أليس ذلك تسليماً بأنّ العرب جثّة هامدة يسهل تمزيقها إرباً دون أي حراك أو مقاومة؟

إنّ إعفاء النّفس العربيّة من المسؤوليّة هو مغالطة كبيرة تساهم في خدمة الطّامعين بهذه الأمّة والعاملين على شرذمتها، فعدم الاعتراف بالمسؤوليّة العربيّة المباشرة فيه تثبيت لعناصر الخلل والضّعف وللمفاهيم الّتي تغذّي الصّراعات والانقسامات.

نعم، هناك انقسامات سياسية حادة في أميركا وإسرائيل، لكنّها انقسامات محكومة بوسائل التغيير الديمقراطية وبالعودة إلى صناديق الاقتراع. لكن في المنطقة العربية، فإنّ الانقسامات تجاوزت الحدّ الفكري والسياسي لتصبح انقسامات عرقية وطائفية ومذهبية محكومة بمخاطر العنف المسلّح، وبالعودة إلى جاهلية الصراعات القبلية، وجاهلية المفاهيم لكلٍّ من الدين والفقه والهويّة الوطنية والقومية.

قد تكون هناك مراهنات عربية وإقليمية على متغيّرات قد تحصل بعد الانتخابات الأميركية، لكن ذلك لا يسقط أيضاً بعض المراهنات الأميركية والإسرائيلية على متغيّرات في جغرافية أوطان المنطقة وكياناتها السياسية.

لقد عاشت دول أوروبا الكثير من ويلات الحروب والصراعات الدموية والتنافس على الهيمنة، لكن مجرد إعادة بناء مجتمعات الدول الأوروبية على أسسٍ سليمة أوصلها إلى قناعة بأهمية التكامل والاتحاد فيما بينها فجمعت بين حكمٍ ديمقراطي في الداخل، وبين تكاملٍ أوروبي تجاوز صراعات الماضي كلها وتباينات الثقافة واللغة والتاريخ -القائمة في الحاضر- لكن من أجل بناء مستقبل مشترك أفضل.

وهذا ما افتقدته وتفتقده بلدان الأمَّة العربية (ماضياً وحاضراً) من تلازم حتمي بين التكامل والديمقراطية وصولاً إلى مستقبل أفضل على الصعد كافة، وبناء القدرات العملية للحفاظ على عقول الأمَّة وخيراتها، ولمواجهة ما يعترضها من تحديات ومشاريع هيمنة إقليمية ودولية.

الانقسام الفلسطيني "الاخر" هو الاخطر

نقولا ناصر
يجري توظيف الانقسام الراهن بين فتح وبين حماس ، وبين الشرعيتين الفلسطينيتين التشريعية والرئاسية وبين حكومتيهما في رام الله وغزة لخدمة والتغطية على الانقسام الاقدم والاخطر منه بين سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية وبين مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية ، وفي اطار كل منهما على حدة ، بين تيارين يصطرعان داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" على قيادة السلطة والمنظمة وعلى دوريهما ، اصطراعا يسهل ويمهد ل"الانقلاب" الحقيقي الجاري في الساحة الفلسطينية برعاية اميركية – اسرائيلية معلنة ، والذي يجري التعتيم عليه كشرط لازم لانجاحه ، وهو انقلاب سوف يؤثر حسمه بالتاكيد ، سلبا او ايجابا ، على قضايا ونتائج الحوار بين قطبي الانقسام الراهن بين فتح وبين حماس .

وقد افرز الانقسامان قوة او قوى "ثالثة" لم تتبلور وطنيا بعد في اطار سياسي معلن وواضح لكن اركانها وسياساتها واضحة تماما في تقاطعها بل تطابقها مع "الرؤية" الاميركية – الاسرائيلية لتسوية الصراع العربي والفلسطيني – الاسرائيلي سياسيا ، او تصفيته لا فرق ، وهذه القوة او القوى متداخلة مع تيار ينسجم معها في فتح والفصائل المؤتلفة معها في اطار منظمة التحرير ، وهي تسعر كلا الانقسامين ، لانها الوحيدة المستفيدة من استمرارهما ، وتناور بينهما وتقتطع لنفسها يوميا نفوذا متناميا على حسابهما فهي ، لا فتح ، التي تتولى عمليا مقاليد حكومة الحكم الذاتي في رام الله ، وتسعى الى السيطرة على مؤسسات صنع القرار في فتح والسلطة والمنظمة ، بينما تحرص على استمرار حصار حماس سياسيا واقتصاديا وعسكريا بسبب عدم توفر الامكانيات العملية التي تتيح لها تغلغلا مماثلا في صفوفها ، بحيث يكاد يكون هذا هو الانقلاب الفعلي الذي يستحق هذا الوصف على الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة وعلى كل مؤسسات اطراف انقساماتها الحالية ، فيما تنشغل هذه الاطراف اما في الفعل ورد الفعل على الانقسامين او في البحث عن طرق ووساطات لاحتوائهما .

ومن احدث مظاهر هذا الانقسام القديم – الجديد الاخطر ما يدور من صراع وجدل حول انعقاد او عدم انعقاد المؤتمر الحركي السادس لفتح وحول مكان وزمان انعقاده ان اتفق على عقده ، وحول انعقاد او عدم انعقاد المجلس الوطني لمنظمة التحرير كما حول مكان انعقاده في "الداخل" او في "الخارج" ناهيك عمن يحضره -- ان اتفق على انعقاده ، ثم ردود الفعل على مصادقة الرئيس محمود عباس على تعيين رئيس للدائرة العسكرية للمنظمة من غير الاعضاء الاصلاء في اللجنة التنفيذية ومن غير ممثلي الفصائل الكبرى فيها ، وكان من اخر هذه المظاهر ايضا السجال العلني بين مستشاري الرئيس عباس وبين رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي للسلطة عزام الاحمد حول توقيع الاخير لاعلان صنعاء كتتويج للمبادرة اليمنية تم اجهاضه خلال دقائق بعد توقيعه وكذلك حول وجود "فيتو" اميركي على الحوار بين فتح وبين حماس ، كما قال الاحمد ، او عدم وجود مثل هذا الفيتو كما كرر عباس نفسه القول ، الخ .

غير ان المثال الاحدث على هذا الاصطراع والدليل الملموس الاوضح على التوجه لالحاق المنظمة بالسلطة ، التي تستمد تفاصيل سلطاتها من مصادقة الحاكم العسكري للاحتلال الاسرائيلي عليها ، كان مبادرة حكومة سلطة الحكم الذاتي الى اشتراط مصادقتها والرئيس عباس على هيكليات مؤسسات المنظمة كشرط مسبق لصرف رواتب موظفيها ! وقد جاء هذا التطور متاخرا بعد ان حذر من وقوعه منذ مدة طويلة الشركاء المجمدة شراكتهم لفتح في اطار المنظمة ، اذ كان تحصيل حاصل لحلول وزارة مالية السلطة محل الصندوق القومي الفلسطيني كمصب لتمويل منظمة التحرير وسلطتها مما حول خزينة السلطة الى قناة لتمويل المنظمة فارتهنت المنظمة بذلك للسلطة ولمنح مانحيها المشروطة سياسيا بشروط املاها الاحتلال نفسه .

وكان هذا الانقسام الاقدم والاخطر قد اتضح في خلافات فتح – فتح العلنية التي سبقت انتخابات كانون الثاني / يناير 2006 التشريعية ثم تفاقمت بعدها بسبب تبادل الاتهامات حول المسؤولية عن الفشل في الانتخابات لكي تسلط الاضواء الساطعة عليها اثر ذلك بسبب الاختلاف الحاد حول زمان انعقاد المؤتمر الحركي السادس ومكانه وبرنامجه السياسي وهو الاختلاف الذي اخرج شخصية فتحاوية دولية مرموقة مثل مراقب فلسطين السابق لدى الامم المتحدة ناصر القدوة من اللجنة التحضيرية لعقد المؤتمر التي تتوالى الانباء عن الخلافات بينها وبين الرئيس عباس وهي الخلافات التي حالت دون الرئيس وحضور اجتماعاتها .

وهذا الخلاف الفتحاوي الداخلي حال دون تنفيذ اتفاق القاهرة حول "تفعيل" المنظمة اوائل عام 2005 وبدلا من تنفيذ هذا الاتفاق فان ذاك الطرف في الانقسام الفتحاوي المسؤول عن مرحلة تهميش المنظمة وتجاهلها منذ توقيع اتفاق اوسلو قد انتقل الان ، مستقويا بالقوة "الثالثة" اياها ، الى مرحلة تصفية خصمه الفتحاوي داخل المنظمة منزلقا بذلك بوعي او دون وعي نحو خطر تصفية المنظمة نفسها وبالتالي واد اتفاق القاهرة في مهده بدفن "تفعيل" المنظمة الى غير رجعة ومعه الامكانيات العملية للحوار مع حماس والوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة في اطار منظمة يجري يسرعة اخضاعها لسلطة حكم ذاتي اصبح للخلاف مع حماس لديها اولوية على "الخلاف" مع دولة الاحتلال .

وهذا الوضع المعكوس للعلاقة بين السلطة وبين المنظمة يتناقض تماما مع القرار الواضح الذي اتخذه المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقدة بتونس بين 10 – 12 تشرين الاول / اكتوبر 1993 بانشاء "السلطة الوطنية الفلسطينية" كسلطة تابعة لمرجعية المنظمة التي انشاتها ، ويضع عربة قيادة منظمة التحرير امام حصانها في وضع خطر يهدد فيه أي انهيار للسلطة بانهيار المنظمة ذاتها ، وربما يكون هذا هو الهدف النهائي للتحالف الاميركي الاسرائيلي الذي يشجع ويمول تغول السلطة وحكومتها على منظمة التحرير ، لضرب الطرفين ببعضهما تمهيدا لتصفية "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" المعترف به عربيا ودوليا .

والمفارقة ان حماس غير العضو في المنظمة وهي تطالب بتفعيلها على قاعدة الشراكة الوطنية وفقا لاتفاق القاهرة تبدو "خشبة النجاة" الرئيسية لانقاذ المنظمة من التصفية التي تخطط لها كما انها تبدو اكثر حرصا على المنظمة ممن يستخدمون المنظمة ومرجعيتها سلاحا ضدها وخصوصا القوة او القوى "الثالثة" التي افرزتها سلطة الحكم الذاتي بدعم خارجي والتي تحاول الان السيطرة على "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" من اجل اضفاء شرعية وطنية على برنامجها السياسي الذي ما كان له ان يمر او يستمر حتى الان لو لم يجر توقيع اتفاقيات اوسلو دون مشاركة المنظمة وفتح التي تقودها ولو لم يجر تهميش المنظمة وتجميد مؤسساتها وتعطيل دورها القيادي منذ توقيعها . ولم يعد خافيا على احد ان استمرار هذا الانقسام الاقدم والاخطر يمثل العقبة "الداخلية" الاكبر امام نجاح أي حوار وطني بين فتح وبين حماس وان حسم هذا الانقسام الاقدم هو شرط مسبق لانهاء الانقسام الراهن بين الحركتين اللتين تقودان النضال الوطني .

ان المذكرة التي قدمها عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة عبد الرحيم ملوح باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى عباس مؤخرا -- (حول وضع اللجنة التنفيذية واقتصار دور عدد من اعضائها على مجرد حضور اجتماعاتها وحول عدم وجود أي دور لها كمرجعية لاداء السلطة وحول العلاقة الغامضة او الغائمة بينها وبين السلطة وحكومتها قبل ان يخلص الى القول "اننا لا نشعر باننا شركاء حقيقيين في القرارات السياسية وفي تطبيقاتها") -- هي شهادة "شاهد من اهله" ، تنكا جرحا وطنيا متقيحا حد التسمم ، وبالرغم من كونها مؤشر صحوة متاخرة لشركاء فتح في المنظمة ، فانها شهادة هامة وجديرة بالمتابعة والتطوير والبناء عليها لانقاذ المنظمة مما قال عضو لجنتها "المجمد" اسعد عبد الرحمن في مقال اخير له انه "ايام مظلمة" تنتظرها نتيجة لتغول حكومة السلطة في رام الله على كل مؤسساتها .

ومما يزيد الطين بلة ان حكومة السلطة الحالية هي الاضعف بين كل سابقاتها ، ولا يبقيها عائمة سوى كونها الاكثر تساوقا مع املاءات الاحتلال وشروطه التي تبناها المانحون لها بحذافيرها ، وجدول اعمالها الاقتصادي يقرره المانحون ويحصرونه في الرواتب والامن بينما يقرر جدول اعمالها الامني المجلس الثلاثي للجنرالات الاميركيين وليم فريزر وجيمس جونز وكيث دايتون وهو المجلس الذي يمثل المرجعية الحقيقية لبرنامج هذه الحكومة والذي يضع في راس جدول اعماله تصفية ككل المعارضين للرؤية الاميركية – الاسرائيلية لحل الصراع وفي مقدمتهم بالطبع منظمة التحرير وحركة فتح في الخارج بخاصة وحركة حماس في الداخل على الاخص .

كما ان هذه الحكومة ايضا هي الاقل تمثيلا لشعبها بين كل حكومات الحكم الذاتي السابقة فهي لا تحظى بتاييد الفصائل المؤتلفة مع فتح في اطار المنظمة ، ولا بتاييد فتح نفسها ولجنتها المركزية التي كانت تعين الحكومات السابقة ، بينما تطعن في شرعيتها حركة حماس ، لتظل مجرد "حكومة تسيير اعمال" تستمد شرعيتها من شرعية وطنية مجتزاة هي شرعية الرئاسة المنتخبة التي تعيش اواخر ايام ولايتها ، وربما لهذا السبب يستمر الاحتلال في اعتقال نواب حماس من اعضاء المجلس التشريعي لكي يظل هذا المجلس معطلا لان مجرد تفعيله سيقود بالتاكيد الى نزع الغلالة الشفافة المتبقية من شرعيتها .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*

شهيدٌ جديد من أجل لبنان

لاحظ س. حداد
نفهم أن يستشهد عسكريٌ في ساحة الوغى، دفاعاً عن الوطن.. لكن ما عو عصيٌ على الفهم أن يسقط الشهيد على أيدي من يطالب بالاستراتيجية الدفاعية مع المؤسسة العسكرية!
إنها ليست الأولى ولن تكن الأخيرة، هذه التي سمّوها حادثة، في سلسلة الاغتيالات المبرمجة ضد الجيش الوطني..
منذ أيام قليلة تم اغتيال عشرة شهداء وجرح عدداً أكبر من جنود جيشنا.. وقبل أشهر ليست عديدة سقط، في البارد، قبله وبعده، العشرات من الشهداء وأيضا العشرات من الجرحى!

إننا نسأل الحكومة اللبنانية المفترَض أنها حكومة وحدة وطنية:
1- ألا ترون في الاعتداء على المؤسسة العسكرية إجهاضاً لتثبيت هذه الوحدة المزعومة وهي القوة الوحيدة التي بإمكانها دعمها؟
2- هل بالسكوت عن الاعتداء الأخير وسقوط الضابط الشاب، سامر حنا، على أيدي عناصر حزب الله ( المقاومة ) تبنى الاستراتيجية الدفاعية؟
إننا نسأل رئيس البلاد والعباد:
1- هل هذه هي المقاومة التي تعتبرها ركناً هاماً من أركان الديمقراطية؟
2- هل باتت جغرافية الأرض اللبنانية كلها مجالاً حيوياً لتصرفات المقاومة؟ وأين هي أمداء الجيش؟
3- هل يجب إرسال جنودنا وضباطنا للتدريب في بلدان تشابه جغرافيتها جغرافية لبنان؟
إننا نسأل جهابذة السياسة في المعارضة والموالاة على حدٍ سواء:
1- عن أية استراتيجية دفاعية تبحثون وتفتشون؟
2- هل هي استراتيجية للدفاع عن المؤسسة العسكرية في المدن والدساكر اللبنانية المترامية الأطراف أم للدفاع عن حزب الله ( المقاومة ) في مواجهة إسرائيل؟
إلى جميع هؤلاء نقول:
كفى عبثأ بأرواح ضباطنا وجنودنا، فأهلهم لم ينجبونهم ويربونهم ويدفعون بهم إلى المؤسسة العسكرية إلاّ دفاعاً عنكم وعن وطنكم وليس كي تُهدر دماؤهم على أيدي شذاذ الآفاق ومدّعي المقاومة!
إن دماء الشهادة المهراقة على مراقد الجنود والمهدارة على طرقات الوطن وعلى تلال التدريب يجب أن توقظ ضمائركم فتوقفوا سيلانها وتمنعوا استمرار استنكارها..
أيها السادة،
سقوط الشهيد البطل سامر حنا لم تكن حادثة تستوجب تصريحات الاستنكار أو تسليم مرتكبها إلى العدالة.. إنها جريمة اغتيال كبرى تمت عن سابق تصميم وتصوُّر ويجب التصرُف حيالها بكل شدة وصرامة.. ويجب محاكمة السؤول الأول عنها أي المخطط وليس المنفذ فقط..
من خطط وأعطى الأوامر لاقتناص كل من يقترب من أمكنة تواجد عناصر المقاومة هو المجرم الحقيقي وليس العنصر المنفذ لأمره.. والرأس المدبر لهذا المخطط هو قائد المقاومة الأعلى وليست قياداته العسكرية التي تأتمر بأمره.. هذا الرأس يجب أن يحاسب ويُعاقب أنَّ من كان!

في هذا نحن نحمّل السيد حسن نصرالله مباشرة وزرَ هذه الجريمة وكل جريمةٍ أخرى سبقتها إذ أن هذه، إنما اقتُرِفَت بعد صدور قانون العفو العام في التسعينيات.
ونحمّل كذلك المسئولية الأدبية لكل من وقف ويقف وراء أو بمحازات هذا الرجل وشجّعه على الاستمرار في معاصيه ضد الجيش الوطني وضد اللبنانيين الأبراياء الذين يسقطون شهداء مخططه الشرير!

فخامة الرئيس سليمان وعطوفة الرئيس بري ودولة الرئيس سنيورة ووزرائه،
استراتيجية الدفاع عن الوطن تخطط لها وزارة الدفاع وقيادة الجيش اللبناني وتودعها الحكومة لثتبيها وليس العكس.. فالجيش هو عماد الوطن وليس أي كيانٍ آخر.. فالجيش لا يُخترق أما غير كيان فهو عرضةً لكل اختراقٍ غريبٍ أو قريب!
الوطن ليس أكبر من شعبه فشعبه هو الذي يبنيه ويجيِّش أبناءَه لحمايته..
وطنّا ليس ساحة صراع ولا يمكن أن يكون..
شعبنا، أسوةً بباقي الشعوب، يجب أن يرتاح من عبث الحرب والمحاربين ولم يعُد بامكانه الاستمرار على هذا المنوال..
عوضَ أن تجيشوا الشعب تحت جناح المقاومة التي لا ولن تشبع من سفك الدماء وهذا من مقوّمات وجودها، أعيدوا لبنان إلى سنوات ما قبل الاستعداد للحرب- أيام لبنان الحرية والفرح- وحيّدوا نظامه عن محاور الشر الغريبة، القريبة والبعيدة..

قديماً صرخ مندوب لبنان في الأمم المتحدة أن : دعوا وطني يعيش! ونحن اليوم نصرخ: لبنان يجب أن يعيش!

صانك الله لبنان

السبت، أغسطس 30، 2008

النور محبة

وجيهة الحويدر

ليل طويل، ومخاض صعب، وألم ولادة شديد، كادت "ام ملاك" ان تسامح الزمن عليه، لكن الحياة لم تشأ لها ذلك.

بالرغم من انها كانت تحلم طوال شهور الحمل بطفلة متعافية وسليمة، لكن ثمة رائحة غدر كانت تلوح في الافق، لم تتوقع "ام ملاك" حدوثه، ولم تكن قادرة على تفادي تبعاته.

بعد ان ولِدَت "ملاك" لم تبكي مثل بقية الصغيرات، ولم تفتح عينيها، ولم ترتسم فيهما بريق الدهشة والتعجب. لم تتلفت يميناً ويساراً باحثة عن رزقها من ثديي امها.

استغربت "ام ملاك" من نظرات ابنتها الشاردة في السراب. اخبرت طبيبها ان ابنتها لا تستجيب للنور، ولا للصوت..ويبدو انها لم تتعرف عليها بعد!

لم يحتج فحص دكتور العيون وقتاً طويلاَ ليحدد المشكلة. أخبر والدة "ملاك" بأن مولودتها اتت الى الدنيا فاقدة البصر، لذلك لم تتعرف على احد.. لكنه زفّ لها خبراً مهماً وهو انه ثمة امل كبير في زراعة قرنية في عيني "ملاك"، ومن بعدها ستسترد بصرها وتتعافى..."ملاك" تحتاج تلك العملية في اسرع وقت ممكن!

اندلقت دموع "ام ملاك" على خديها، وتقاسيم حزن وفرح ارتسمت على وجهها في آن ..

تساءلت .. كيف وأين ستجد لوليدتها من يشفيها؟؟ وهل ستصبح "ملاك" قادرة على النظر مثل كل الاطفال؟؟ وهل ستستطيع "ام ملاك" تحمل تكاليف علاجها؟؟

بالطبع لا.. فهذا هو حال من يقطنون حول خط الفقر، حلول مشاكلهم موجودة، لكنها ليست في متناول ايديهم..

الطعنة في خاصرة "ام ملاك" اشد مما كانت تتحمل، ان لم تُجرى لها العملية كيف ستعيش "ملاك" كفيفة طوال حياتها؟؟ من سيقوم على خدمتها ؟؟ ومن سيعتني بها ومن سيتكفل بمصاريفها؟؟ والسؤال الأهم لماذا تقضي "ملاك" حياتها بلا عينين سليمتين طالما ثمة شفاء لهما؟؟؟

اسندت "ام ملاك" رأسها على الحائط، وبكت بنبرات صوت حزين، لا يعرفه سوى من مرّت به محنة فوق التحمل..

______________________

ملاك طفلة يمنية الأصل متبناه من قبل "مؤسسة اطفال وجيهة" Wajeha's Children Foundation،

بالتعاون مع جمعية مريم السعد الخيرية.

ولِدَت "ملاك" كفيفة وبحاجة الى عملية زراعة قرنية عاجلة لكنها مكلفة. بإمكان "ملاك" ان تستعيد بصرها لو صدر لها تصريح من الديوان الملكي السعودي بالعلاج في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون.

الله محبة والنور محبة، فمن سيمد جسر محبته "لملاك" ويعيد النور لعينيها؟؟

__________________

من يرغب في المساعدة او التبرع للوليدة "ملاك" الرجاء التواصل معي مشكورا، او الاتصال بالارقام المرفقة:

0097336883300

39633001 973+

39628886 973+

من غزة المحتلة للقيادي الفتحاوي سمير المشهراوي

محمد حسن

الأخ القيادي سمير المشهراوي "أبو باسل" عضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح وأحد الرموز التاريخيين لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ... ورجل أمن من الطراز الأول، شغل مناصب حساسة في المجال الأمني أكسبها لإخوانه الأسرى القابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من أجل التصدي لمحاولات المخابرات الإسرائيلية التي تستهدف أسرانا الأبطال للنيل من عزيمتهم ووطنيتهم، فكان المدرسة والأب الحنون المدافع عن حقوق الأسرى كما كان لهم الحامي والمنظم، والإداري والمهني والأمني المخضرم، رغم سياسة القمع التي تنفذها إدارة السجون بحقه، حتى أصبح اسمه يجوب كافة الأقسام والسجون، فعرفته فلسطين كما عرفته فتح بل وكل الفصائل الفلسطينية على حد سواء التي تشهد بجهوده الوطنية والثورية خلف القضبان وزنازين الاحتلال وفي ساحات الوغى.

كان يتحدث بعقلانية راقية وواقعية وضرورة توظيف العمل السياسي جنباً مع العسكري، والاهتمام بالعنصر الدولي في إدارة أي صراع، رغم إدراكه لمعايير الشرعية الدولية الظالمة، وهو ما اتسم به خطابه الشهير على وكالة رمتان الإعلامية قبل انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية عندما قال : "أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى خطاب وطني يوحد الساحة الفلسطينية كما دعا إلى ضرورة أن تسير الحكومة الفلسطينية والرئيس عباس في قارب واحد لمواجهة المخاطر بعيداً عن ما وصفه بالنظرة الفئوية والضيقة والهروب من تحمل المسئوليات"، ... وبهذا التصريح انكشف اللثام عن خصومه في حركة حماس الذين يكنون له العداء والحقد والكراهية، والتي بدأت فصولها المختلفة لتسقط أوراق التوت عنهم فكانت أخرها مهاجمة بيته وعائلته الآمنة والاعتداء على أفراد أسرته المناضلة، وهي تأتي في سياق سلسلة اعتداءات سابقة نفذتها حماس وعناصرها المسلحة، لأنه قال كلمة حق أن : لا علاقة لـ حركة فتح بالانفجار الذي أودي بحياة عدد من عناصر القسام في غزة قبل شهر ونصف على الأقل، كما استنكر "المشهراوي" أسلوب حماس الإجرامي وعناصرها المسلحة بحق أبناء الشعب الفلسطيني وحركة فتح في القطاع من اعتقال وتدمير للمؤسسات والمقدرات ومهاجمة عدد من العائلات المناضلة وإعدام العشرات رمياً بالرصاص وسلب ممتلكاتهم، وهو ما أغضب كل وطني حر، غيور يخشى على شعبه، معتبراً أن حماس عار على الأمة العربية والشعب الفلسطيني، وهنا أسجل تضامني وأقول أيضاً أنها عار على ديننا الإسلامي الحنيف الذي ينبذ الجرم ويدعوا إلى احترام حقوق الآخرين في الحياة والعيش بكرامة وصون حقوقه لاسيما الإنسانية، كما دعا إليها قدوتنا رسولنا الكريم "محمد صلى الله عليه وسلم" في دولة المدينة، فما بالنا مقدمين على شهر الرحمة والمغفرة "شهر رمضان المبارك".

ربما كان الخطأ الفادح هنا عندما سمح الشهيد الرئيس "ياسر عرفات"، بأن تمتلك حماس السلاح، ظناً منه أن هذا السلاح سيكون يد عون ومساندة بجانب السلطة الوطنية الفلسطينية وفصائل العمل الوطني وعلى رأسها حركة فتح رائدة المشروع الوطني التحرري، فأطلق لهيب انتفاضة الأقصى، فكان الرد الإسرائيلي بتدمير مؤسسات السلطة واستهداف قياداتها وعناصرها، وكل ما شيدته السلطة طوال أعوامها السابقة بالحصار والقصف والاغتيال، وتدمير ما يتعلق بمعالم السيادة، بل قام الرئيس عرفات بدعم حركة حماس مادياً وعسكرياً ولوجستياً وقد دفع ثمن ذلك حياته، ظناً منه أن المشروع الفلسطيني واحد، وهذا ما لمسناه عبر خطاباته المنادية بالمحافظة على الوحدة الوطنية، ومؤازرته وتقبيله للشيخ احمد ياسين وقيادات حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية،.... في المقابل من ذلك كله كان التعاظم والتجيش في صفوف حركة حماس باسم المقاومة، لتبرز مراسيمها فجأة يوم 14/6/2007م عندما انقلبت على المشروع الوطني الفلسطيني، لتقتل الحلم الفلسطيني الواعد وتقسم ربوع الوطن الواحد، وليس فحسب بل قرارنا الفلسطيني وكفاحنا التاريخي، فأفرزت واقع جديد عنوانه الانقسام والتشرذم السياسي والجغرافي والتفسخ في النسيج الاجتماعي، نعم عنوانه القتل والفقر والكره والحقد والتخلف، والمشهد الغزي يروي لنا التفاصيل المملة لحالة التدهور والتردي في مختلف مجالات الحياة والتي كان أخرها التعليم ليؤكد لنا آلا مسؤولية الوطنية وألا أخلاقية التي بات يعيشها ويمتع بها الانقلابين أوصلوا من خلالها شعبنا إلى نكبة جديدة شبيهة بنكبته الأولى مع الاحتلال الإسرائيلي على حد وصف القيادي المشهراوي.

كانت حكاية عائلة المشهراوي التي تقطن قرب مسجد "الجولاني" في حي التفاح، هي أحد المشاهد التي تكشف صفة المتأسلمين، بعد أن شهد هذا المسجد المتواضع ظلم حركة حماس وعناصرها الدموية الخارجة عن القانون والتي حولت أحد بيوت الله إلى أقبية لتعذيب المناضلين أبناء فتح وغيرها من الفصائل، وأقصد هنا أبناء حركة الجهاد الإسلامي، الذين ذاقوا الأمرين، وللمسجد حكاية طويلة في تاريخ الجهاد الإسلامي التي شيدته بدماء أبنائها الشهداء، لتدخل في معترك دموي هي الأخرى مع حماس بعد أن هدمت الأخيرة مكتبته التاريخية وسلبت محتوياتها وحولتها إلى قلعة وسجن يعذب فيه المناضلين الشرفاء، وللقضية تفاصيل دقيقة لست بصددها الآن.

لقد كان الهجوم على منزل عائلة المشهراوي انطلاقاً من هذا المسجد الأسير بأيدي عصابات شيطانية لا تكن احتراماً لبيوت الله كما فعلت في مسجد الرباط سابقاً والتي راح ضحيتها مواطنين وإصابة آخرين وتدنيس المسجد وإطلاق النار بداخله، والهجوم على مسجدي الرحمة والهداية التابعين للجماعة السلفية، ليتضح الهدف للجميع وهو نسف البيت وهدمه، وهو أحد أساليب الاحتلال لمعاقبة المناضلين وكسر إرادتهم وإقلاعهم عن تنفيذ عمليات فدائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، لكن التحدي الذي أبداه سكان الحي الذين خرجوا عن بكرة أبيهم غاضبين منددين بهذا العمل التعسفي فتراجعت تلك العناصر الإجرامية المسلحة عن اقتراف فعلتها الدنيئة بتفجير المنزل الذي يمثل قلعة الصمود الفتحاوي في الحي، والمكون من ستة طوابق و اكتفت بطرد ساكنيه الذين يقدروا سبعون مواطناً من الأطفال و النساء و الشيوخ، بالقوة ورفعت رايات حماس فوق سطح البناية ثم قامت بإغلاقه بالكامل بواسطة لحام الأكسجين، وكتبت على جدرانه "مغلق بأمر من القسام"، بل لم تكتفي هذه الحركة الحاقدة على الشعب الفلسطيني ومناضليه الأبطال، الذين سطروا أروع البطولات في تاريخ الثورة الفلسطينية، وخلف زنازين الاحتلال، بل قامت بإغلاق منزلين آخرين أحدهما يعود لشقيقة المشهراوي المقعدة عن الحركة و قاموا بسرقة كرسيها المتحرك بعد أن قاموا بإخلائها من منزلها .

هذه الأساليب الحمساوية الدنيئة لن تثني عزيمة القيادي أبو باسل، ولا كل القيادات الفتحاوية الشابة وعلى رأسهم النائب "محمد دحلان" صاحب المشروع الفتحاوي النهضوي بالحركة وبفلسطين، من خلال تعزيز المنهج الديمقراطي ومسيرة الإصلاح في كافة مؤسساتنا الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار ووضع نهاية لفوضى السلاح والفلتان الأمني التي تكتسح الشارع الغزي بفعل انقلاب حماس على الشرعية الفلسطينية. وكما قال السيد المشهراوي سابقاً "إننا نسعى لتأمين جبهة داخلية فلسطينية قوية متكاتفة تستطيع أن تبلور إستراتيجية فلسطينية تقودنا إلى بر الأمان لمواجهة التحديات بثقة وباعتزاز وباقتدار تسمح بمشاركة كافة ألوان الطيف السياسي الفلسطيني في إطار عملية إصلاح شاملة وواسعة تتلقى الدعم الشعبي والوطني للخروج بميثاق ديمقراطي نزيه "

إن حركة فتح مقدمة على خطوات جريئة قد تكون مفصلية في تاريخ الحركة العملاقة، ويقود هذا المشروع النهضوي القيادات الشابة ذوي التجربة النضالية العظيمة والكبيرة، معظمها اكتوى بنار الاحتلال، وأمضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال، ولهم تجربة في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية في القطاعات المختلفة، ليسجل بذلك عنوان المرحلة القادمة التي ستشمل ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، بما فيها حركة فتح، ومع بروز هذه الوجوه المنتخبة المشرقة، القادرة على العطاء والنهوض بحركة فتح، أسرعت إلى تشكيل لجان تقييم وآليات عمل ومتابعة منها : لجنة الساحة في الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل استنهاض الوضع الفتحاوي بقوة إلى مجده، وعلى كافة مستوياته في الأقاليم أو المكاتب والأطر الحركية التابعة للحركة وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو إنجاح عقد المؤتمر السادس للحركة الذي أصبح معيار وضرورة ومطلب ملح بدءاً من القاعدة الجماهيرية إلى قمة الهرم الفتحاوي، من أجل ضخ دماء جديدة للمركزية التي تعاني من حالة الترهل المؤسساتي، والمعطلة تماماً، والغائبة عن تقرير مصير العمل والبرنامج الفتحاوي، يرافقها انفلات الأوضاع وفق ما يعرف باسم "تعدد المرجعيات والمنابر"، بالتالي يجب الخلاص من هذه الإشكالية المصدعة والمزمنة لجماهير فتح الطموحة والغيورة، من أجل تدعيم أركان النظام السياسي الفلسطيني بما يسمح الشراكة والتعددية السياسية وتداول السلطة بشكل ديمقراطي، ووضع نهاية جادة للحالة المأساوية لأهلنا في قطاع غزة بفعل الظلم والطغيان التي تقوده الحركة الانقلابية الدموية الحمساوية التي لا تعرف إلا لغة القتل والنفي والخطف والترويع وفرض نظرتها الظلامية على الآخرين بالقوة رغم الدعوات المستمرة للحوار.

لذلك ندعو جماهير شعبنا الفلسطيني إلى الالتفاف حول سيدة المشروع الوطني الفلسطيني التي تقود ه صاحبة وحاضنة هذا المشروع "حركة فتح"، خلف قائد المسيرة الرئيس "محمود عباس". والتحية كل التحية للأخ النائب محمد دحلان "أبو فادي" والتحية أيضاً للأخ القائد سمير المشهراوي "أبو باسل" ولعائلته المناضلة، وعاشت غزة الصامدة، ولا ننسى الشكر للأخوة المعلمين والأطباء وكل الموظفين القابضين على الجمر والمحافظين على الثبات على مطالبهم وحقوقهم الشرعية التي تحميها الشرعية الفلسطينية وكل مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان، الرافضة لأساليب العصابات الدموية المنقلبة في قطاعنا الحبيب.

انهم يرقصون ليلة عيد الموسيقى

‬سعيد الحمد

– كاتب واعلامي بحريني

إنهم‮ ‬يرقصون ليلة عيد الموسيقى هذا العنوان مستوحى من فيلم شهير عرض في‮ ‬السبعينات‮ »‬انهم‮ ‬يرقصون ليلة رأس السنة‮« ‬صفقنا له كثيراً‮ ‬آنذاك وهو‮ ‬يعرض في‮ ‬درامية رائعة بعض صور‮ »‬توحش الرأسمالية‮« ‬في‮ ‬البعد الاجتماعي‮ ‬وهي‮ ‬الرأسمالية نفسها التي‮ ‬نقرأ اليوم فيما نقرأ انها تفتح قصورها وشوارعها ليلة احتفال عيد الموسيقى للجمهور،‮ ‬ليعبر عن بهجة اخرى في‮ ‬عالم آخر‮ ‬يفهم ويعلم ان للموسيقى وجهاً‮ ‬وجدانياً‮ ‬آخر‮ ‬يشع داخل الروح ويتألق بالوجدان الانساني‮ ‬إلى ذرى الشفافية والابداع‮.

قصر الاليزيه في‮ ‬فرنسا قرأنا انه وبقرار من الرئيس‮ »‬المختلف‮« ‬نيكولا ساركوزي‮ ‬فتح ابوابه امام الجمهور للمرة الاولى بمناسبة‮ ‬يوم الموسيقى او عيد الموسيقى،‮ ‬وصدر بذلك بيان ان اوركسترا الحرس الجمهوري‮ ‬ومن ثم جوقة الجيش تفتتحان الحفل في‮ ‬ساحة الشرف في‮ ‬الايليزيه مع عزف موسيقى ومؤلفات شوبان وتشايكوفسكي‮ ‬وموزارت واختتمت الحفل فرقة برازيلية بمعزوفات وقطع موسيقية اخرى منتقاة من المؤلفات العالمية‮.‬

ليست لحظة عادية وليس خبراً‮ ‬عادياً‮ ‬ولكنه وعي‮ ‬حضاري‮ ‬تجاوز لحظته‮ »‬الرسمية‮« ‬ليعيد للفن للموسيقى اعتبارها وليكشف لنا هنا كم هي‮ »‬الموسيقى‮« ‬تعيد صياغة الانسان ذوقاً‮ ‬واحساساً‮ ‬وجمالاً‮ ‬ورقياً‮ ‬عندما تلامس مسام روحه فتنقيها من شوائب لحظة حياتية عاصفة لترتفع بها إلى فضاءات التذوق والتألق والانتقال إلى عوالم الابداع والبهجة التي‮ ‬تصحرت وجفت ارواحنا بدونها بعد ان خاصمنا الابداع وطاردنا الموسيقى ولاحقناها في‮ ‬كل زاوية ومكان لنخنق صوتها فنخنق روح الابداع فينا،‮ ‬تلك التي‮ ‬يبثها داخلنا لحن موسيقي‮ ‬شفاف‮ ‬يلامس شغاف القلب والروح‮.‬

ولو لم تكن الموسيقى كذلك لما‮ ‬غردت البلابل في‮ ‬سيمفونية صباحها ومسائها،‮ ‬ولما تمايلت الاغصان في‮ ‬معزوفة ابدية هي‮ ‬روح الموسيقى في‮ ‬الطبيعة وفي‮ ‬الطيور،‮ ‬فما بالنا بالانسان الذي‮ ‬يحتاج شيئاً‮ ‬من البهجة،‮ ‬وشيئاً‮ ‬من الفرح،‮ ‬وشيئاً‮ ‬من المرح،‮ ‬صادرناه وطاردناه ولاحقناه،‮ ‬حتى تصحرت من حولنا كل الاشياء،‮ ‬وجفت حناجر بلابلنا عن مجرد تغريدة صباحية او مسائية‮..

‬اسألكم متى سمعتهم آخر تغريدة بلبل،‮ ‬حتى بلابلنا وعصافيرنا كفَّت عن التغريد،‮ ‬وغادرتنا لتحل الغربان مكانها في‮ ‬اطلالة ذات بعد‮ ‬يكشف عن تصحرنا نحن الذين حاربنا تغريد البلبل وفجعنا بالغربان،‮ ‬تقف عند كل صباح على نوافذنا وفوق اغصان اشجارنا‮.. ‬لا تسألوا اين البلابل والعصافير بل اسألوا اين الموسيقى واين اللحن واين الشجن‮..‬؟؟‮!!

‬ قصر الاليزيه واحد من قصور اوروبية عديدة وساحة،‮ ‬الاليزيه واحدة من ساحات اوروبية عديدة فتحت ابوابها وهيأت مكانها ليلة عيد الموسيقى للموسيقى،‮ ‬تعيد فيهم تخليق الوجدان وتنشر حولهم البهجة في‮ ‬رقصة ايقاع واحد‮.. ‬تذكرت كل ذلك وانا استعيد كيف نجحنا في‮ ‬السنوات الاخيرة وفي‮ ‬زمن قياسي‮ ‬قصير في‮ ‬اجتثات آخر اشكال البهجة والفرح بمصادرات وملاحقات ممنهجة لا تترك ثغرة‮ »‬يخترقها‮« ‬صوت‮ ‬يغني‮ ‬او حفلة موسيقى تقام‮.‬

هل تتذكرون حفلة‮ ‬غنائية او موسيقية اقيمت في‮ ‬منطقتنا في‮ ‬الفترة الاخيرة دون ان تعترضها التنديدات والتهديدات،‮ ‬ودون ان تتحرك جماعات منع الفرح وقمع البهجة لوقفها حتى لا‮ ‬يفرح الناس ولا‮ ‬يبتهجوا؟؟

انتهت روسيا القيصرية بما لها من سطوة وانهارت روسيا الشيوعية بما لها من قوة،‮ ‬وتساقطت تماثيل القياصرة الروس وزعماء البلاشفة.

وحده تمثال الموسيقار تشايكوفسكي‮ ‬ظل شاهداً‮ ‬وظل علامة على ان كل شيء إلى زوال ما عداه‮ ‬الفن الذي ‬يبقى اضاءة في‮ ‬التاريخ ودليلاً‮ ‬في‮ ‬جغرافية المكان‮.‬ وليست المفارقة في‮ ‬جغرافية المكان ففي‮ ‬العصر المعولم سقطت المسافات ولكنها المفارقة والفارق في‮ ‬جغرافية الوعي‮ ‬وتحولاته ان‮ ‬يمضي‮ ‬إلى الامام دائماً‮ ‬مستشرفاً‮ ‬انوار العقل وانوار الروح وبين ان‮ ‬يمضي‮ ‬الوعي‮ ‬إلى الوراء مستدلاً‮ ‬بعلامات انغلاق الوعي‮ ‬وانغلاق الروح‮. ‬لذا هم هناك في‮ ‬جغرافية وعيهم‮ ‬يخلقون البهجة ويصنعونها ونحن هنا في‮ ‬جغرافية وعينا نذبح البهجة‮.. ‬وهذا هو الفارق الذي‮ ‬لم ندركه،‮ ‬احتضنوا الموسيقى فابتهجوا وطاردناها فاكتأبنا‮..!!‬

الجمعة، أغسطس 29، 2008

خلصونا ورسموا حدود دولة حزب الله

الياس بجاني

دولة ولاية الفقيه الخمينية، دولة حزب وجيش إيران في لبنان، هي دولة أمر واقع مفروضة بقوة السلاح والدين الممذهب على وطن الأرز الساحة، وعلى كل مواطنيه الضحايا والكباش، اللذين هم من كل الطوائف والأطياف والإثنيات والحضارات اللبنانية.

دولة ولاية الفقيه الخمينية برئاسة السيد حسن نصرالله، هي دولة إيران عندنا بامتياز طبقاً لكل الممارسات الإرهابية والإستعلائية والقمعية المنظورة والمحسوسة والمعاشة بمرارة على أرض الواقع المؤلم والمأساوي.

دولة ولاية الفقيه على أرضنا وبين ظهراننا هي دولة متكاملة وكاملة بكل مقوماتها الهرمية والإدارية والعسكرية والمالية والقضائية والتعليمية والخدماتية.

اللبنانيون من كل مكونات مجتمعات لبنان الثمانية عشرة، وبأغلبيتهم الساحقة، مقيمين ومغتربين، هم ضد دولة حزب الله وضد فكره وممارساته ومشروعه، إلا أنهم رهائن مغلوب على أمرهم، في حين لم يكن لهم أي قرار أو رأي أو قول في شأن ولادة هذه الدولة الخمينية المذهبية والسرطانية، أو في أمر رعايتها واحتضانها وتطورها وافتراسها التدريجي والمبرمج والممنهج للدولة اللبنانية المركزية.

لقد رأت هذه الدولة الهجينة النور سنة 1982 خلال حقبة الاحتلال السوري الستاليني للبنان، في ظل حرابه وإرهابه وإجرامه وكفره، وركوع وخنوع السواد الأعظم من القيادات والأحزاب اللبنانية، وقد حلت مكان الدولة اللبنانية تدريجياً من ضمن أهداف هدامة لمخطط سوري – إيراني جهنمي مُحكم لا تزال مفاعيله السرطانية سارية ومعمول بها على كافة الصعد.

نلفت إلى أنه يوم أُجبر الجيش السوري سنة 2005 على مغادرة لبنان عملاً بالقرار الدولي 1559 وبنتيجة غاندية ثورة الأرز، حل جيش دولة حزب الله مكان الجيش السوري، وحول وجهة سلاحه من الجنوب إلى الداخل اللبناني حيث عطل عمل مجلسي الوزراء والنواب وأعاق انتخاب رئيساً للجمهورية، وأقام خطوط التماس في وسط بيروت محاصراً. ومن ثم احتل غرب بيروت وحاول إركاع الجبل بدروزه ومسيحييه. بعد ذلك وسع بيكار انتشاره العسكري والميليشياوي علنية في كل المناطق من البقاع إلى صنين وعكار مروراً بجبيل وطرابلس.

السؤال أين هو موقع 14 آذار، وأين ردعها ودورها من ولكل هذه التطورات، وهي المفترض ورقياً أنها تشكل الأكثرية النيابية المدعومة من العالم الحر وغالبية الدول العربية؟ للأسف لم تقم بدورها، وهي أمست كما الشعب المغلوب على أمره، رهينة بيد حكام دولة ولاية الفقيه. لم تحسم أمرها، ولم تتخذ موقفاً واضحاً وحازماً، ولم تتحلى بالشجاعة اللازمة لتسمية الأمور والأشياء بأسمائها. مارست سياسة وعقلية "اجر بالفلاحة واجر بالبور"، حتى بتر جيش حزب الله ساقيها وقطع يديها ولف حبله حول رقبتها.

أنه أمر مؤسف ومحزن ومحبط، أن يصل حال الحكام عندنا إلى هذا الدرك الهرطقي بحيث يقبلون صاغرين بأن يضع جيش حزب الله خطوط حمر أرضية وجوية وأيضاً "نطقية"، لجيش كل الوطن ومن ثم يغتال علنية ودون خجل أو وجل أحد ضباطه، الملازم الطيار سامر حنا عقاباً له على تخطي هذه الخطوط.
إنها جريمة موصوفة ارتكبت عن سابق تصور وتصميم ومن المفترض قانوناً أن يتم اعتقال ومحاكمة من أمر بها ومن نفذها.

وزعت وكالات الأنباء الخبر التالي، وهو برسم كل السياسيين ورجال الدين في لبنان ونخص منهم جنرال الرابية الذي كان زار دولة حزب الله في جزين بعد إعلان صهره معالي الوزير جبران باسيل استعادة العونيين لجزين!! جنرال الرابية الذي ربط مصير سلاح حزب الله بعودة الفلسطينيين إلى بلادهم وتبنى الخطاب السوري – الإيراني بالكامل.

الخبر جاء تحت العنوان التالي: "مصادر قريبة من "حزب الله": تم إسقاط مروحية الجيش لأنها تجاوزت الخطوط الحمر
(وكالات/28 آب/08/أوضحت مصادر متقاطعة وواسعة الاطلاع أنّ إطلاق النار على مروحية الجيش اللبناني في أجواء إقليم التفاح والذي أدى إلى استشهاد النقيب الطيار سامر حنا "قام به مقاومون تابعون لحزب الله متمركزون في المنطقة. ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ المنطقة التي أسقطت المروحية فوقها هي منطقة حساسة جدًا بالنسبة للمقاومة، وكانت قيادة حزب الله قد شدّدت أكثر من مرة على أهمية هذه المنطقة التي يقع فيها تقاطع اتصالات تابعة للمقاومة فوق الأرض كما تحتها. هذا وأكدت مصادر قريبة من حزب الله أنّ عناصر المقاومة هم من أطلقوا النار على مروحية الجيش اللبناني، وأن المروحية تم إسقاطها لأنها تجاوزت الخطوط الحمر التي سبق لحزب الله أن حذّر وزارة الدفاع وقيادة الجيش بشأنها وأبلغهم بوجوب الالتزام به". وأضافت نفس المصادر إن الحزب يعتقد أنّ وزارة الدفاع وقيادة الجيش لم يكونا على علم بأن المروحية العسكرية ستدخل إلى هذه المنطقة الأمنية المحظور الدخول إليها بحسب التنسيق والاتصالات السابقة بين حزب الله وكل من الوزارة وقيادة المؤسسة العسكرية")

من هنا نقول وبصوت عال لـ 14 آذار ولحكام لبنان وقادته وسياسييه، عليكم إما إنهاء دولة حزب الله، أو الاستعانة بمن هو قادر على تنفيذ هذه المهمة العسكرية، أو الاعتراف بهذا الواقع وإعلان عجزكم للعالم واللبنانيين على حد سواء.

يكفينا تكاذب وزندقة وتقية وذمية وهرطقات، فقد بات من الضرورة القصوى بعد اغتيال حزب الله المتعمد للنقيب الطيار سامر حنا تحت راية وحجة الخطوط الحمر ترسيم الحدود بين دولة حزب الله وبيم ما بقي من الدولة اللبنانية، وذلك لوقف مسلسل افتراس تنين حزب ولاية الفقيه لعسكرنا وشبابنا والأحرار من أهلنا.
وخلصونا من هالمسخرة، بيكفي!!

يا عرب ويا مسلمين القدس في خطر.. الأقصى في خطر

راسم عبيدات

مرة تلو الأخرى....والرسالة تلو الرسالة .....والمناشدة تلو المناشدة...والمقالة تلو المقالة...والبيان تلو البيان....،خاطبنا كل قادة وزعماء هذه الأمة،وأحزابها ومؤسساتها،وقلنا لهم القدس تتعرض لمخاطر التهويد والأسرلة،وقدمنا لهم كل الشواهد والدلائل على ذلك،ووضعناهم أمام مسؤولياتهم التاريخية والدينية والوطنية والقومية،ولكن كل ذلك لم يجد الاذان الصاغية.

وكلما كانت اسرائيل تلمس وتشعر وتجد أن ردود الفعل الفلسطينية والعربية والاسلامية،لن تتعدى لغة البيان والشعار والادانة والشجب والاستنكار،كلما زادت من وتيرة قمعها وشددت من اجراءتها العقابية بحق المقدسيين العرب،على طريق تهجيرهم وطردهم من أرضهم،فعلى سبيل المثال لا الحصر سياسة هدم المنازل زادت عشرات الاضعاف،وأصبح عدد المنازل المهددة بالهدم بألاف لا بالمئات،والمقدسيين أصبحوا ممنوعين من التعبير عن شعورهم القومي والوطني،وحتى اقامة أي نشاط ذات صبغة اجتماعية أو انسانية،حتى لو كان اقامة حفل تخريج لطلبة ناجحين أو اقامة بيت عزاء لشهيد أو قائد وطني،أو حتى اقامة أمسية رمضانية أو سهرة فنية ،والنسيج المجتمعي المقدسي آخذ بالتفكك والتحلل بدرجات سريعة وكبيرة،والانسحاب نحو العشائرية والقبلية والجهوية والطائفية،يزداد ويتعزز،"ومافيات" التزوير والاعتداء على الأملاك العامة والغائبين وجمع "الخاوات"،تجوب الشوارع والحارات بسياراتها الفارهة،وتنسج لها خيوط وقنوات وعلاقات مع النافذين والذين يعتبرونهم مصدر قرار ونفوذ،ويضمنون دعمهم وحمايتهم لهم،ومن كان منبوذاً أو مقاطعاً وعلى سلوكه الوطني والاجتماعي مليون علامة استفهام وسؤال،أصبح اليوم يصول ويجول علناً وجهراً،بل ويفتي في الشأن والهم العام،والشيء المضحك المبكي أن من خدموا ويخدمون في شرطة ومؤسسات الاحتلال الآمنية،يتباكون على المصلحة العامة،والكثيرين منهم في شهر رمضان الفضيل يتحولون الى دعاة ووعاظ؟،وهم لو نظروا الى ما فعلته أيديهم،أوالشعار الذي يزين الطواقي الموضوعة على رؤسهم،لربما خجلوا أو استحوا قليلاً،وأيضاً الناشطون في التطبيع والتطويع،يجدون من يدافع عنهم ويبرر لهم سلوكهم وأعمالهم،بفضل أموالهم ومشروباتهم وحسناواتهم،والحبل على غاربه،والمرحلة القادمة ستشهد مطاردة أعضاء الحركة الوطنية وجلبهم للمحاكم والمعتقلات،عقاباً لهم على دورهم الوطني والاجتماعي،في وقت تغيب فيه الفواصل والتخوم،والمساءلة والمحاسبة،والمرجعيات والعناوين.

واسرائيل في حربها الشاملة على المقدسين،تستهدفهم كبشر وشجر وحجر،وفي كل مرة تقيس وتدرس وتخطط للخطوة التالية،والتي تلي الخطوة التي اتخذتها تجاه المقدسيين وردود أفعالهم،والفعل الفلسطيني والعربي والاسلامي تجاه ذلك،فإذا ما وجدت على سبيل المثال لا الحصر،ان ردة الفعل على اقامة أحياء استيطانية يهودية ،في قلب الأحياء العربية،سلوان، المكبر، صورباهر وغيرها،لم يتجاوز الندب والبكاء والشجب والاستنكار،خطت خطوة أخرى بالاستيلاء على المنازل والأملاك العربية،أو شرائها من بعض مرضى النفوس والسماسرة،والذين أصبحوا يسرحون علناً ويجاهرون بما قاموا به،دون أي حسيب أو رقيب،أوحتى قليل من الحياء،تماماً كالفتيات العربيات اللواتي يتباهين من عرب 48 ،بالخدمة المدنية في أجهزة شرطة ومخابرات الاحتلال ،ويقمن احتفالاً بذلك.

هذا الحال شجع الكثيرين من الصهاينة المشبعين بالأفكار التوراتية والايدولوجيا المغرقة بالعنصرية، للقيام بالكثير من الأعمال على طريق هدم المسجد الأقصى،واقامة الهيكل المزعوم مكانه، والخطوة الأولى على هذا الطريق كانت،قيام أحد المتطرفين وغلاة المستوطنين بعملية حرق المسجد الأقصى في اب/ 1969 ،ورئيسة الوزراء الاسرائيلية السابقة"غولدا مائير" والتي قالت أنها لم تنم طوال الليل خوفاً من زحف عربي- اسلامي شامل على اسرائيل،كردة فعل على هذه الجريمة البشعة،عندما وجدت أن الميت قد يتحرك ولا تتحرك هذه الأمة،بدأت مرحلة جديدة على طريق هدم الأقصى،ومن خلال سياسة رسمية مشرعة،حيث جرى حفر الكثير من الانفاق تحته بقصد أن ينهار،وجرت الكثير من المحاولات لاقتحامه من قبل عناصر يهودية متطرفة،ووضع حجر الهيكل فيه،ناهيك عن خطط جرت وجارية على طريق تقسيمه بين المسلمين واليهود،على غرار الحرم الابراهيمي في الخليل،تمهيداً للسيطرة عليه وهدمه واقامة الهيكل المزعوم.

وخطوات هدم المسجد الأقصى أو السيطرة عليه،تجري على قدم وساق،وهناك الكثير من الظواهر والشواهد تدلل على ذلك،عدا عمليات حفر الأنفاق واقامة المعابد والكنس الاسرائيلية تحته،فهناك حديث جدي وقوي عن أن هناك معلومات استخبارية اسرائيلية،تقول بنية عدد من غلاة المستوطنيين ادخال عدد من قاذفات الصواريخ الى البلدة القديمة لقصف المسجد الأقصى بها،وهذا التسريب قصد منه،قياس ردة الفعل الفلسطيني والعربي والاسلامي على مثل هذا العمل،وعليه تجري وضع خطط التنفيذ الفعلية،والية السيطرة على المسجد الأقصى،ولعل عملية اعتقال الشيخ رائد صلاح زعيم الحركة الاسلامية في الداخل أكثر من مرة ،وابعاده عن القدس والأقصى،تندرج في هذا الاطار والسياق،وما قامت به أجهزة المخابرات الاسرائيلية العامة" الشاباك"، من اغلاق لمؤسسة اعمار الأقصى في شفا عمرو وعرعرة قبل ما لا يزيد على عشرة أيام،سوى خطوات على هذا الطريق،ونحن نلحظ مع بدء شهر رمضان،خطوات وتحركات اسرائيلية في هذا الاتجاه،حيث الكثير من الكاميرات،تنصب حول الأقصى،ويتم احاطته بالكثير من الأسلاك الشائكة.

ان ما يجري في القدس،وما يمارس اسرائيلياً على الأرض من خطوات وأفعال،بحقها وبحق مقدساتها وبالتحديد مسجدها الأقصى،يثيت بشكل قاطع حقيقة الأهداف والنوايا الاسرائيلية تجاها،وأن هناك مخاطر جدية وحقيقية وغاية في الخطورة،تحدق بالمدينة وسكانها،والذين هم وحدهم يشكلون رأس الحربة،في التصدي للممارسات والاجراءات الاسرائيلية،ولكنهم رغم كل ثباتهم وصمودهم وتشبثهم بأرضهم،فإن حجم الهجمة الاسرائيلية الشاملة عليهم،أكبر وأوسع من امكانياتهم وقدراتهم وطاقاتهم،وهذا يستدعي وقفة عربية واسلامية شاملتين،ودعم فعلي وعملي لصمودهم وثباتهم،وليس مجرد خطب وشعارات،وبيانات شجب واستنكار،فهذا لن يشكل بأي شكل من الأشكال حماية للمدينة وسكانها من الأسرلة والتهويد،واذا كان هناك من يتحفظ على تقديم الدعم والعون والمساعدة للمقدسيين،بسبب أن العديد من الشخوص التي قدم من خلالها الدعم،أساءت استخدامه أو استغلته لأغراض وغايات شخصية،أو استثمرته في مشاريع خارج القدس،فهذا لا يعني أنه لا توجد الكثير من العناوين والمؤسسات المقدسية،التي تحظى بالثقة والمصداقية،ويمكن لها أن تشكل عنواناً لهكذا دعم أو مساعدة.

الحرية للمعتقلين السياسيين في السجون الفلسطينية

عطا مناع

هناك في الزنازين المظلمة التي افتتحت خصيصا للوطنيين من أبناء الشعب الفلسطيني يقبع المئات من المناضلين الذين اختطفوا من بيوتهم لمعارضتهم للحالة السياسية البائسة في فلسطين التي تجلت بانقسامات وصراع غير مسبوق على الساحة الفلسطينية، هذا الانقسام الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنه دما وألما وإهانة للقيادات الوطنية التاريخية التي لا زالت مؤمنة بحتمية زوال غمامة الصيف السوداء مهما طالت.

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك حيث الحصار المفروض إسرائيليا على مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة وتهديدات عتاة المستوطنين المتطرفين بقصف المسجد الأقصى المبارك الذي انفض من حوله العرب والمسلمون وتركوه وحيدا في مواجهة البلد وزر الإسرائيلي الذي يعيث فيه فسادا كمقدمة لهدمة تحت نظر وبصر العرب الذين يتشدقون بالسراب الذي يشكل انعكاسا طبيعيا لحالة الانحطاط والتوهان العربي الذي انخرط في علاقات تطبيعية اقتصادية وسياسية وثقافية مع دولة الاحتلال، مع اقتراب شهر رمضان الفضيل هناك المئات من العائلات الفلسطينية التواقة لاحتضان الأب أو الأخ أو الابن الذي اخطتف وزج به في زنزانة ما في قطاع غزة أو الضفة الغربية باسم شعارات فارغة وتعبئة سياسية عقيمة خاصة أن الإسرائيلي يعمل على تعزيز هذه الحالة لما تشكلة من ركيزة أساسية لديمومة الاحتلال الإسرائيلي وسهولة تمرير سياساته الاستيطانية.

الملفت أن كافة الذين زج بهم في الزنازين الفلسطينية بسبب سياسة الفعل ورد الفعل وطنيون غيورين على وطنهم وتواقين للتحرر من قهر الاحتلال كل على طريقته، وقد يكون لمعظمهم تجارب مريرة في سجون الاحتلال مما يدخلهم في مقارنة غير محمودة بين ظلم ذوي القربى الذي هو اشد غضاضة وظلم دولة الاحتلال التي لم تترك أي فلسطيني إلا واستهدفته.

المعادلة معقدة وصعبة، ولكنني في هذا المقام أحاول أن اشدد على العامل الإنساني والوطني وانهيار التخريجات التي يصرح بها أطراف الصراع لتبرير تعذيبهم لأبناء شعبه وحرمانهم من العيش بحالة الأمان النسبي بين أولادهم وأهلهم، ومهما حاولت تقمص دور العائلات التي فجعت بهذه التجربة لن أستطيع أن اعبر عن ما يجول في داخلها من تفاعلات مؤلمة تنهار لها الجبال، فكما قلت المقارنة غير عادلة ولكنها موجودة ولا يمكن القفز عنها، وهذا ما يتحدث به الناس فرادا وجماعات في منازلهم وملتقياتهم العامة والخاصة مما راكم حالة اليأس والإحباط التي تنخر المجتمع الفلسطيني وتفقده أسمى تقاليده الوطنية التي على ما يبدوا ذهبت بغير رجعة لنغرق في التيه الذي لا يعلم إلا اللة متى نخرج منة.

من ينتظر معجزة فقد ولى زمن المعجزات، لان اللة لن يغير ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم، والتغير يبدأ برفع الصوت في وجه ظاهرة الاعتقال السياسي الغير مبرر وطنيا، وقد يشكل شهر رمضان الفضيل سبب معقول لإعلان حركة حماس بشكل خاص الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والكف عن ذر الرماد في العيون وبالطبع هذا ينطبق على سلطة رام اللة التي تنادي بالحوار الفلسطيني، هذا الحوار الذي لن يكتب له النجاح بزج الوطنيين في السجون وإغلاق المؤسسات الاغاثيه وتسمين شرائح عقدت العزم على التفريط بالوطن وبيعة بالرخيص والانقلاب على التراث الوطني للشعب الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية وغض النظر عن الفساد وانتشار ظاهرة الرشوة السياسية.

ما يعني الشعب الفلسطيني الخروج من حالة الصراع ألعدمي بالتوجه للحوار الوطني الصادق، ولن يكتب لهذا الحوار النجاح بإتباع تكتيكات مكشوفة من طرفي الصراع، وببدو أن مقدمات الحوار الثنائي في القاهرة لا تبشر بخير، وخاصة أن هناك من يصب الزيت على نار الخلاف الداخلي لان مصالح هؤلاء لا تتحقق إلا بتعميق الخلاف والإبقاء على حالة الاقتتال الإعلامي، لذلك لا بد ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك المسارعة في تفعيل لجان الإفراج عن المعتقلين السياسيين في السجون الفلسطينية لان من حق الشعب الفلسطيني على قيادته أن تنتبه للحالة التي تسيطر على عشرات الآلاف من البيوت الفلسطينية التي أما فقدت أبنائها جراء الجرائم الإسرائيلية أو لا زالت تنظر أن يفك اللة أسرهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي، والأكيد لا يمكن المقارنة بين المفتاح الذي يحمله السجان الإسرائيلي ومفتاح السجون الفلسطينية ففي الثانية الإمكانية واردة لتبيض السجون ووضع حد للفتك بالوطنيين الذي آن الأوان أن يتحرروا من السجون الفلسطينية ويقضوا رمضان بمعيية أسرهم لا في الزنازين المظلمة التي جلبت العار والخجل لشعبنا.

الخميس، أغسطس 28، 2008

أمراء الخليج

محمد كوحلال
أمراء الخليج, عنوان ملف أعده السيد كاي سيتبون بأسبوعية ماريان الفرنسية العدد 591( 16-22/08/2008) , ونظرا لأهمية ما تضمنه الموضوع, من معلومات قيمة و دسمة و رزمة من الفضائح ربما يسقط لعاب الكثير من الإعلاميين في الغرب, لأجل الحصول عليها, على الأقل فهؤلاء يتميزون بالاحترافية العالية و الاستقلالية و الشفافية في النبش.. طبعا الإعلاميين العرب و خصوصا رواد الجزيرة, لا يستطيعون الكشف عن مثل هده المواضيع, لأنهم ليسوا سوى خدم عند أسيادهم.

ما علينا... قلت الملف عبارة عن فضائح تزكم الأنوف ارتأيت أن أقدم لكم الترجمة الكاملة لمقال الاستاد كاي سيتبون مشكور على ما قدمه للقارئ العربي الغارق في متاهات التضليل الإعلامي العربي و زغاريد الخنزيرة عفوا أقول الجزيرة,.لنتعرف على رموز الفساد المالي. القطط السمان التي نهبت البلاد و العباد ما أحوجنا إلى معرفة وجوه الخبث من ( شفطوا) خيرات الوطن العربي في البر و البحر .و حتى لا أطيل عليكم اطلب من الجميع أن يشدوا أحزمتهم قبل أن ننطلق.داخل جحور الفساد و تبذير ثروات الشعب العربي .سنطير رفقة كاي سيتبون و البداية ستكون مع شاهبندر المال و الأعمال الوليد بن طلال

الوليد بن طلال.

الوليد بن طلال في عقده الخامس وصلت ثروته إلى 30مليار دولار , يحتل المرتبة الخامسة في تصنيف اغني أغنياء العالم.والدته لبنانية تنحدر من عائلة الصلح , فبعد طلاق والدته كانت تلك صدمة عنيفة يتلقاها الأمير الصغير المدلل. تزوجت أمه احد أمراء آل سعود , أحفا د مؤ سس مملكة آل سعود, عبد العزيز بن سعود باني مجد عائلة آل سعود , الذي أنجب 45 ذكرا معترف بهم, و تبقى الإحصائيات مجهولة حول عدد الفتيات . و كان عدد زوجاته22, أما الإماء اللواتي حبلن منه و تزوجهن لليلة واحدة فهن لم يخضعن للإحصاء,رغم ان نسل الأمير الفحل, الذي أصبح ملكا يحوم حوله 30الف أمير ينتسب إليه نسبة الدم.

الوليد بن طلال يسافر في طائرة البوينغ 747 العملاقة و هناك أخبار تقول, انه يسعى إلى للحصول على طائرة االايرباص ا380 .الطائرة الخاصة للأمير الوليد بن طلال, توفر له مساحة 900متر مربع صالحة للإقامة المريحة في أجواء السماء. و في عرف أمراء النفط يعتبر المرء متخلفا ادا لم يسافر على متن البوينغ747 المخصصة ل 500 راكب, حيت ان عدد زوجات و جواري و خدم الأمراء لا يعد و لا يحصى. هؤلاء النماذج البشرية المتخمة بعائدات النفط , كانوا دائما مولعون بالبهرجة, فقد كان أسلافهم يقتنون أفضل الجمال و أخفها, و اليوم صار الأحفاد شيوخ النفط يتسابقون على اقتناء أحدت الطائرات المجهزة بكل الضروريات و الكماليات' من ديكورات و أفرشة و حمامات و المبلغ لا يتعدى 300مليون دولار مبلغ معقول جدا مادام سعر البرميل اقترب من القمر , نظرا للارتفاع المهول لتمن برميل النفط في الأسواق العالمية.الوليد بن طلال لا يختلف عن هؤلاء الشيوخ و معروف عنه حبه للتنافس و التباهي أمام أبناء عمومته, مستعد أن يفقئ عينيه على أن يبدو اقل منهم.

طائرته العجيبة البوينغ 747 و اخرى الايرباص ا380 لازالت بين أيدي الخبراء و المهندسين قيد الصنع داخل اوراش شركة الايرباص العملاقة.

البوينغ747 تستحق لقب قصر طائر حيت الاتات من الخشب الرفيع و الأرائك من الجلد الرفيع إنها إقامة فاخرة تحوم في السماء , لا ينقصها أي شيء عن إقامة من اسمنت و لبنات و أعمدة, فوق الأرض .يقضى الوليد بن طلال نصف السنة يطوف حول العالم , داخل قصره الطائر, على ارتفاع 35الف قدم فوق الأرض. يخدمه طاقم من الخدم و الطباخين و الحلاقين و الأطباء, أما الغرف الواسعة بحماماتها فربما تنافس أجود الحمامات داخل اكبر الفنادق العالمية , تم هناك قاعة خاصة للأكل و قاعة للرياضة و صالون للتجميل و صالونات للاستقبال و غرف للضيوف , كل دالك على تلاتة طوابق, مكان مستودع الحقائب صممت فيه قاعة للعرض سينما و كازينو. جدران الطائرة من الخشب المنحوت و الأرضية من رخام الكارار. ( تعليق خارج الترجمة// أنا عمري مسمعت عن الكارار و لا أبويا الله يبشبش الطوبة لي تحت نفوخو) رغم كل ما تتوفر عليه طائرته إلا ان المهندسين و الخبراء عجزوا عن تصميم مسبح, ليس لضيق المكان , بل لان المسألة لها طابع تقني, و المهندسون يؤكدون ان الماء أتقل من الهواء و بالتالي سيحدث تدفق للمياه, عند تحرك الطائرة , و عندما اخبروا الأمير بالأمر, ثارت ثائرته و صرخ في و وجوههم ( ادن مادا تفيد كل هده المختبرات المخصصة للبحوث و هؤلاء العلماء اللذين يكلفون الكثير عدبموا الفائدة اصفار ليس في إمكانهم حتى تركيب مسبح.)

تعليق// خارج الترجمة// يبدو ان الرجل زعل ربنا يستر مش عارف مين يستحق الاصفار هل الأمير أم الخبراء ؟؟يا الله... نكمل.

رغم كل هده الأموال السائبة و الثروات المشتتة في كل أرجاء المعمور , لم يقدم هؤلاء شيئا في مجال المعرفة و الفكر فلازالوا يشتاقون إلى حياة البدو و ركوب الجمال و الرقص بالسيوف على أنغام شعبية و أهازيج فولكلورية.

لنفترض ان آبار جفت كيف سيعيش هؤلاء القطط السمان , أصحاب ربطات العنق من الحرير و أحدية من جلد التمساح و بدلات من تصميم كبار مصممي الأزياء في العالم.

سيجدون أنفسهم موزعون بين نيويورك و لندن و باريس, و ستتوسع مشاريعهم وتزداد ممتلكاتهم و تضاف أرقام و أرقام الى حساباتهم البنكية السمينة.

تحفة تاريخية.

في جزيرة سان لوي الفرنسية يوجد فندق لو ميير , حيت كانت أشهر افامة فاخرة, في القرن 17( 1642)مازالت قائمة , تحفة تاريخية معمارية غاية من الروعة و التصميم, للنابغة لويس لوفو و اعيد ترميمها في القرن 19 من قبل دولاكروا و فيولي لودوك , و بعد دالك جاء روسو و فولتير و عاشا فيه حياة مفعمة بقصة حب جياشة مع الماركيز دو شاتليه.

زبون استثنائي و من عيار تقيل.

أما الشيخ حمد بن خليفة ال تاني شيخ قطر و حرمه الشيخة موزة بنت ناصر , فما كان يتخيلان مكانا آخر يقضيان فيه عطلتهما الباريسية, و المقابل شيك بمبلغ 65 مليون دولار تمنا لاكتراء الفندق , أمر ألهب غيرة أمراء الخليج من سلطنة عمان إلى الكويت .. و صار الجميع يردد بصوت واحد و الغضب يتملكهم ( أنا أريد أيضا قصري التاريخي في باريس.).

فانطلق السماسرة في ماراتون يتسابقون على إيجاد عقارات بمواصفات معينة تشبه فتدق لومبير و اشتعلت سوق الأسعار و تضاعفت الاتمان بشكل مهول, فباريس مجرد مكان للفولكلور أما الوطن الحقيقي لأمراء الخليج, و المكان المفضل لأبنائهم, فهي لندن يقصدها الأبناء للدراسة في أرقى الجامعات, و يتعرفون لأول مرة على الشقراوات و يعيشون حياة الحب و العواطف الجياشة على النمط الغربي, و يتكلمون الانجليزية أفضل من اللغة العربية الفصحى. و لا يشعرون إلا بالاحتقار و الشفقة على التخلف الذي يعيشه شعبهم. و بعد وصولهم إلى الحكم يفتحون حدودهم في وجه أصحاب العيون الخضراء رعايا التاج البريطاني, الانجليز و كل الأجناس بلا تأشيرة , إلا الجنس العربي فيمارسون عليهم رقابة شديدة تم يحتاطون منهم مثل الجرب. في الإمارات يعتبر الانجليز الاكتر عددا من السكان الأصليين , و يشغلون أعلى المناصب , بعدما صارت مملكتهم عبارة عن لهيب مس كل القطاعات و كان العقار على رأس قاطرة ارتفاع الأسعار. فقد استولى امير الكويت على بقعة أرضية مساحتها 50الف متر مربع من المكاتب و سط لندن, و تمت العملية عن طريق المقايضة , حيت كان المقابل 6 ملايين برميل من النفط, أي ما يعادل 600مليون اورو. حسب السعر المعمول به أنداك .

(ان الصناعة العقارية أصبحت كلها في أيديهم) هادا ما صرحت به إحدى المنعشات العقاريات التي أفلست بسبب الأزمة.

لعبة القمار.

لعبة القمار واحدة من أهم وسائل الترفيه الفكرية الاكتر شيوعا بين أمراء الخليج,فكل فكرهم مشدود نحو سباق الخيول و الجمال و الماعز و قريبا الحلزون و النمل, على ما اعتقد. فقد حصل الشيخ حمد بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي على الجمل الذي لا مثيل له على كوكب الأرض بسعر 27 مليون دولار, و قد سبق أن دفع في الجمال وزنها ذهبا,و يتكون قطيع الجمال لدى الأمير الولهان بسباق الجمال من 300راس , و لا يمكن أن تقام منافسة في المنطقة دون أن يحضرها , و هو أيضا صاحب الاكتشاف التكنولوجي الكبير الذي دخل به التاريخ من أوسع أبوابه, ونظرا لعدد مشاركاته التي لا تعد و لا تحصى في مسابقات الخيول في لوشان و ايتبون,تعلم انم الفرسان يفوزون كلما كان وزنهم خفيفا, و هكذا تفتق دهنه و تحرك ذكاؤه الثاقب الخارق إلى فكرة رائعة. ..

لما لا افعل الشيء نفسه مع الجمال؟؟ فبقد رما يكون الفارس خفيفا نحيلا يعاني الحيوان بشكل اقل , ومند دالك الحين صار الأطفال هم من يركبون الجمال, و قد زلزلت الفكرة الجهنمية و العبقرية ( المكتومية) أرجاء الخليج كله, اكتر مما فعلته نظرية اينشتاين .و نظرا لصعوبة الحصول على أطفال من دول الجوار,فقد فكر الأمير, الإماراتي العبقري في إحضار صبية من الباكستان و الهند و دول أخرى أسيوية فقيرة, باتمان رخيصة جدا, فهناك الأطفال اكتر من حبات الرز, و هكذا حصل الأمير على مبتغاة و اصطف داخل زريبته كوكبة من الصبية بسعر 100 دولار, لكل صبي فبعد خضوعهم للتدريب الجيد و المكتف و تغذيتهم بالقليل من الطعام , فقد فعل الصغار الأعاجيب و المعجزات , و ربحوا من اجل سيدهم كل السيارات المرسيديس500 , التي كانت تقدم كجوائز للأمير في العاب القمار أو التيرسي .

سؤال كوحلالي خارج الترجمة// انا مش فاهم ليه الإخوة في السويد , لا ينظمون جائزة نوبل لسباق الجمال على غرار جائزة نوبل للسلام؟؟

الإماراتيون( عجنتهم و خبزتهم) بريطانيا على مقاسها في الوقت التي كانت تتحكم فيه مباشرة في الخليج. حيت ان _هؤلاء الأمراء غارقون في نعمة لكنهم في الواقع فارغون, و بالرغم من كل الأسلحة التي نزودهم بها فهم غير قادرين على حماية أنفسهم , أي بمعنى آخر فهم يشكلون مجموعة من الدول الخاضعة للحماية الأمريكية, و أي هجوم عسكري من أي كان إيران أو سوريا , ادا لم يتصدى لها الأمريكان فستسقط قلعة الأوراق كلها دفعة واحدة و في لمح البصر, هدا التحدي الهائل – الاقتصاد العالمي- يمكن أن يغري بعض المجرمين , فالإرهاب على طريقة بن لادن لا يهمه إدخالنا إلى الإسلام , و إنما هدفه وضع حد لحالة الجمود التي يعيشها العالم العربي و الإسلامي. فأهل الخليج لديهم فكرة واضحة, و هي أنهم ل لا يعيشون إلا بفضل الحماية الأمريكية ,. و التي لا يرفضون لها طلب , فكل طلباتها مستجابة.

الملف من إعداد الاستاد كاي سيتبون عن أسبوعية ماريان الفرنسية العدد 591( 16-22/08/2008).

خاتمة كوحلالية.

ينصر دينك يا كي سيتبون و يقصف عمرك يا كوحلال.

إلى اللقاء و دمت و دام الوطن بألف خير.

مذكرات طالب

رضوان عبد الله

هذه السطور التي اخطها عبر هذه المقالة المذكرات، ليست من نسج الخيال، ولا هي من اختراعات بنات افكاري ولن تكون وهمية ولو قرأها القارئون بعد عشرات السنين .

رب سائل ما الهدف من هذه السطور، ولمَ اكتبها بمقالة وليس بكتاب كعادة من يرغب بكتابة مذكراته او خواطر ذكرياته؟! وهل تكفي مقالة بسطور معدودة لتغطي مذكرات حقيقية؟ الجواب ياتيكم بعد قراءة السطور فستثلج قلوبكم وتجاوبون على هوامس افكاركم وبرحابة صدركم طبعا. عبر السنوات العشر الاولى من حياتي الطلابية التي قضيتها في مدارس الاونروا حيث وبسبب الحرب وظروف التهجير، تلقيت التعليم الابتدائي والمتوسط في اربع من تلك مدارس في منطقة صور، لا ضرورة لذكرها فالهدف ليس المديح ولن يكون التشهير طبعا بل التذكير بامور ربما تكون جميلة ، وربما لا !

المهم من الامر انه في احدى تلك المدارس كان مدير مدرستنا انذاك يقف امامنا في الطابور الصباحي لدقائق تتراوح ما بين الخمسة والعشرة ليلقننا "درس اليوم" وهو عبارة عن نصائح وادبيات ودروس ومواعظ لنا المستقبل كي نستفيد منها لحياتنا المقبلة اذا اردنا ذلك، وهذا طبعا جانب ايجابي يتحلى به مدير المدرسة اطال الله بعمره . الطابور كان بدون اي نفس من اي طالب وطالبة، وكانت الابرة ترن على مسامعنا لو سقطت من اي فتاة او حتى من اي شاب، فالخوف موجود والاقرام معقود والالتزام بالانضباط وقتها كان معهودا.

الامر المهم الاخر ان نفس المدير كان يكابد من اجل ان يسعدنا حين يكون اي مدرس غائب ويدخل ليعطينا درسا في الموسيقى (كونه كان عضو كشافة في فلسطين) وكان من جانب اخر يلاعبنا كرة قدم، عسى ان ننفع منتخبنا الوطني او يتخذ منا منتخبا من المدرسة في دوري كروي ما.

في جانب اخر العديد من مدرسينا، ان لم يكن غالبيتهم، ولكن ليس كلهم، كانوا يهمون بأمرنا وبدراستنا وكان الخوف يعترينا حين نواجه احدهم في الحارة او في احد طرقات المخيم حتى ولو كنا مع اهالينا، لان القصاص سيكون قاسيا في اليوم التالي لدرجة كرهنا لمادة معينة بسبب تجاوز العديد من المدرسين حدود القصاص التي كانت تصل الى "الارهاب" او حتى الانتقام من التلميذ او التلميذة اذا لم يكن على قدر مهم من المذاكرة لدروسه (او لدروسها)، ولا انكر اني عانيت مثل كثير من زملائي الطلاب، خصوصا في المرحلة المتوسطة، من "جهل" بعض المعلمين لشعورنا واحاسيسنا وافكارنا، التي لم يرغبوا حتى بسماعها وليس فقط مناقشتها. واتجرا بضرب مثل احد مدرس اللغة الانكليزية كان محبب لي كثيرا يقابله احد مدرسي اللغة العربية الذي اوشكت ان اكره تلك اللغة، رغم قدسيتها لنا كعرب وكمسلمين، بسبب التعاطي السيء في طريقة تعليمنا اياها، يضاف اليه مدرس مواد الاجتماعيات (تاريخ، جغرافيا، وتربية مدنية) الذي لا اعتقد اني استطيع مسامحته لان درجتي كانت تتراجع من الاول الى الثاني او الثالث بسبب بخله بالعلامة معي وبسبب عدم مزاجية اسلوب مذاكرتي مع عصاه الغليظة، ومع طريقة استيعابه لنا كطلاب، وهذا ينطبق على عشرات من الطلاب بل مئات كانوا يعانون مثلي طبعا من ظلم وتعسف المدرس ، وربّما المدرّسة لتلميذٍ او تلميذة آخرين ، حيث انه لم يحصل وان تعلمت على يد مدرّسة على الاقل في مرحلتي الابتدائية و المتوسطة .

و اذكر منها الذكريات الاليمة ما حصل مع احدى الزميلات التي تجرأت على "جواب" المدرس المناوب ان تنضبط بالصف كان قالت له انها منضبطة فاعتبر ذلك "تطاولا" على مقامه الرفيع الذي لم يكن "بسماكة" عصاه بالطبع فإنهار على جنباتها ولم يتجرأ اي من "الارانب" الذين ربما تجاوز عددن وقتها "800" ارنب وارنبة" ان يردوا ظلمة عن زميلتهم التي قاومته برد عصاه عنها بيديها، الى ان جاء مدير المدرسة وزميلين له على صوت الصراخ والحوار الفظ الذي وصل صداه الى داخل الادارة وجوار المدرسة العازل لنا عن الفرار الى حرية العطلة التي كنا نفكر ، فردوه عنها بعد ان تهشم وجهها وبكل اسف شديد و ربما كسرت بعض اضلعها ، وكادت تلك المشكلة ان توقع خلافا كبيرا ليس بين عائلتي المدرس والتلميذة بل بين اهالي المخيم بحد ذاته لولا تدخل المخلصين من لجان اهل محلية و غير ذلك وقتئذٍ ، وتدخل مباشر من قيادة التنظيمين اللذين كانا ينتميان اليهما المدرس واهل التلميذة.

اكثر من ذلك فان المدرس الاخر الذي كان يعلمنا خطأ، او على الاقل يحل لنا بعض مسائل الرياضيات خطأ وحين تجرأنا بعرض مسالة منهن على مدرس اخر رفض حل المسألة لنا لعدم احراج زميله امامنا ونحن الذين "اكتشفنا" خطأه "ومسكنا عليه ممسك " ، ولكن ذلك المدرس اخاب املنا في اخذ ذلك "الممسك " الى المدير. ولكن بعد طول العمر المدرس الاول صار مدير مدرسة خاصة ويتاجر ما يتاجر بالطلاب، اما المدرس الثاني فإن تواضعه الزائد عن اللزوم جعله يرفض (المديرية) في احدى المدارس بسبب له او لاخر... وبعد جهد جهيد زرجاي متكرر ومتعدد تسلم ادارة احدى المدارس .

ربما " احك على جرب" بكتابتي هذه الوقائع الحقة وكتلميذ لم اكن افكر يوما بانني ربما اذكرها في مقالة وعلى الملأ، ولكن رغم كل ذلك كانت مدارس الاونروا تحترم النخبة الفلسطينية الحقة، رغم النسبة الكبير غير المتعلمة التي كانت من اهالينا، ورغم المستوى التعليمي المتوسط لكثير من معلمينا اذ لم يكن الكثير من المعلمين يحملون اجازة جامعية. الذي كان يكد ويجد من اجل يدرسنا بامانة كان يمازحنا حيث تتواصل العلامات العالية معنا (نحن الاوائل) وبما انه يستعير قلم احمر منا لتصحيح العلامات لنشاط معين او امتحان معين ان يقول لنا "ان القلم مخاوز معكم، ولكن تستاهلو علامات مش مثل اولئك الهناشل"، والهنشل حسب ما استفسرنا من احدهم يومها انه تعريب لكلمة هنكل وهي الشاحنة الكبيرة الضخمة بالهيكل الفارغ او ما شابه من شيء ضخم فارغ.

على كل حال فان المذكرات تستمر، والباب مفتوح للجميع ان يحك دماغه ليتذكر ولكن لم يكن الهدف اخذ العبرة وليس المديح الا بمكانية ولا التشهير كا خلت قلت اعلاه ولو بمكانه.

المهم يا اخوة ويا اصدقاء لو جاء لأحدكم ابنه او إبنته الآن بكسل لمدحتموه ولم تعاقبوه لأنه الحق على المعلم ! وهذا غير صحيح الى حد ما فـ " فاللحمات لك والعظمات لنا" هذا كان شعارا الاهالي القدامى ، اليوم لا نريد ان نأخذ ذلك قدوة لنا لكن على الاقل فقد اصبحنا اهالي لابنائنا ونحن على الاقل متعلمون بجزء كبير من اكثر من اهالينا "القدامى".

فرصة التعلم توفرت لنا اكثر من جيل النكبة، و اكثر طبعا بكثير وهذا بمعرفتكم جميعا، والطالب الذي كان يذهب مشيا من بيته الى المدرسة لمسافات طويلة تحت مطر الشتاء معتمرا النايلون او قبوعة فوق مريوله والجزمة البلاستيك ليتحاشى الغوص في وحل الزواريب والطرقات وفي الجانب الاخر يتمطى تحت شمس الربيع واوائل الصيف صار اليوم مثيله لا يذهب لمدرسته التي يراها من نافذة بيته الا بالباص او بالبسيارة ان لم يكن بالرانج روفر او بالـ....!

والمدرسة التي كانت تهدر الرياح الخمسينية او عواصف الشتاء تكسر زجاجها من قصف جوي او مدفعي او حتى بحري ويضطر الاهالي ومدراء المدارس وضع لوائح النايلون عليها الى ان تتوفر الامكانيات لاصلاح ما تكسر منها، ام المختبر المتواضع الذي كنا ندخله لاجراء بعض التجارب البسيطة فيه او في المشغل الاكثر تواضعا والذي كنا نمضي فيه حصة جميلة من المهارات اليدوية والابداعية لا يمكن ان يكون اجمل وسائل الايضاح المتطورة الحالية فلو توفرت بالمدارس لابدع اليوم من ابدع من الطلاب بشتى الاجيال. حتى البوق الكشف الذي كان مديرنا المحبوب يعلمنا عليه نشيد (اه يا زين العابدين) وكنا نستمتع به لا اعتقد انه كان يلبي طموح المدير نفسه، بل يا ترى ما ذا يحصل او توفرت الادوات الموسيقية الجميلة والمتطورة من ضمن مشتريات المدرسة؟!

ماذا يمكن ان اتذكر بعد لاعبر لكم ولنا عن خالص تحياتنا لمدرسينا الذين كنا نحبهم والى اولئك الذين اخطأوا بحقنا ربما كانوا على صواب وربما كانوا يهدفون بان يصنعوا منا جيلا ما صنع منه جيل من قبل... ولا من بعد؟ ربما كنا نشعر بالظلم ولكن (الله يرحم من بكانا وبكى علينا وليس من ضحكنا وضحك علينا) كما كان يرددها علينا ذلك المدير نفسه في طابور الصباح.

الطابور الذي كنا نغادر عبره من صفنا الى بوابة المدرسة (واحد ورا واحد دون نظرة الى الوراء وبدون نفس) اين هو اليوم؟ الانضباط اولا وثانيا واخرا... الخوف وليس الرعب مطلوب ان تفرض شخصية المدرس حتى توحيد اللباس الموحد (مش ضروري كاكي) يعطي رونقا جميلا يعتز به الطلاب كما كنا فعلا نعتز به ولو بلونه الكاكي الذي لم يكن محببا الينا لانه يذكرنا بالجندي البريطاني الذي وهب وطننا الى الاعداء بل ان من لم يكن يلبسه يعاقب ورغم ظلم العقاب الا انه كان ياتي بنتيجة ويجعل الطالب واهله منضبطين بالمحافظة على اللباس ولو اضطروا لغسله مساءا وكويه صباحا....

هل من ذكريات اخرى الحقكم بها واتحفكم بسماعها ؟! نعم ، احدى المدارس التي تعلمنا تحت اسقف جمعتنا ، طلاب و طالبات ، و بين حيطان قديمة هي جدران صفوفها ، كان المدرسون يجعلون من عامل المنافسة يغزو قلوبنا حتى ان احد المدرسين لمادة الرياضيات حفزنا بجائزة معنوية لمن ينهي الامتحان كاملا صحيحا بعشر دقائق، وحين كان ذلك تفاجأ المدرسين الذي كان يناوب بالملعب اننا (اول ثلاثة طلاب) خارج الصف، لكنه فوجئ بأننا انهينا مسابقة الرياضيات بعشر دقائق وبعد ان تأكد من مدرس مادتنا سمح لنا بمغادرة المدرسة الى المنزل. الى هنا لم تنته القصة، فمن ناحية حين وصلت الى الممنزل "تناولتني والدتي "ليش راجع من المدرسة بكير، في اضراب او عطله"مستدركة " بس ما في قصف على شي مخيم ولا مناسبة وطنية او غير وطنية ؟ وفوجئتت والدتي الحنون بإني انهيت الامتحان وسردت لها قصتنا نحن الثلاثة الاوائل... وطبعا باليوم التالي اخبر زميلي الاخرين ان امهما ايضا استجوبتهم بنفس استجواب والدتي، فالآباء كانوا بالعمل وقتئذ، فرغم امية امهاتنا كن يهتممن بعلمنا ويعرفن كيف يتابعون امور دراستنا في غياب الوالد الذي كان يسعى ويكد من اجل لقمة عيشنا وقوت العائلة .

لا نستطيع ان نختصر المذكرات ولا الذكريات بصفحات معدودة ولكن الايام الماضية نستطيع تذكر الجميل فيها والامر السيء لا يمكن ايضا ان ننساه، ولهذا وفي الايام العصيبة التي كنا نمر بها في فترة ما بين 76 الى 82، حيث كانت ايام قصف وتهجير ودمار وحروب والغاء متكرر للشهادات الحكومية وربما لامتحانات نهاية السنة، وهذا رغم المه كان يريحنا من الدراسة ولا انكر ذلك....

هذه الذكريات من المرحلة الابتدائية والمتوسطة، اما المرحلتين الاخريين (الثانوية والمتوسطة كان لها لقاء اخر... ربما يكون هنا على هذه الصفحات الغراء... ربما يكون في كتاب... وربما لا يكون، لماذا؟ اقلبوا الصفحة وتذكروا ما كان يحصل معكم، واعرضوا تجاربكم على الاقل على ابنائكم او اخوتكم الاصغر فابنائهم وبناتهم علّ العبر تفيدهم وتفيدنا جميعا... ولا تنسوا ان تتذكروا الماضي البعيد فالاقرب فالاقرب، ربما يُزال الصدأ عن الذاكرة كي نحيي الامل الجميل... تذكروا فأحيوا لتحيوا ونحيا !!!

وترحموا على من توفي من اساتذتنا ومدراء مدارسنا واطال الله بعمر من بقي وامدّهم من عنده مدا جميلا .

*كاتب وباحث فلسطيني مقيم في لبنان

احبسوا انفاسكم : وزير العلوم والثقافة والرياضة هدد بالاستقالة

نبيل عودة

تناقلت وسائل اعلام عربية ان سعادة وزير العلوم والثقافة والرياضة ، غالب مجادلة ، العربي الأول الذي أشغل منصب وزير في دولة اسرائيل. أبلغ رئيس الحكومة ايهود اولمرت انه لا يستطيع الاستمرار في منصبه اذا تواصلت سياسة التمييز في الميزانيات .
كلام وموقف سليم .. وهل التمييز لم يكن قائما حين قبل غالب مجادلة منصب وزير عربي أول في حكومة اسرائيلية؟
والأهم من سياسة التمييز ان مجادلة جاء للوزارة بأعقاب استقالة الوزير السابق أوفير بينيس ، احتجاجا على ضم الفاشي العنصري افيغدور ليبرمان الى حكومة اسرائيل.
موقف أوفير بينيس هو موقف سياسي أخلاقي وقيمي بكل المقاييس ، أثبت فيه اوفير بينيس انه ضد الفاشية وضد العنصرية التي ترفع راسها وتشكل خطرا ، ليس على الجماهير العربية فقط ، بل وعلى اخلاقيات وسياسات اسرائيل ، وعلى الشعب اليهودي ، وعلى صورتها أمام العالم.
فهل كانت خطوة غالب مجادلة صحيحة سياسيا في قبول توزيره في حكومة يجلس فيها ليبرمان الذي يرفض يهودي ان يبقى فيها بسببه؟
وهل لا يعلم الوزير مجادلة ان التمييز ضد العرب ، وسياسة الاضطهاد القومي ، هي سياسة وضع خطوطها العريضة ونفذها ، حزب العمل بالأساس ، والليكود ورثها منه ، والبعض يعتقد ان الليكود كان أفضل في تعامله مع العرب ؟!
اليست مجرد العضويته في حزب العمل هي دعم لسياسة هذا الحزب التي لم تتغير منذ اقامة الدولة تقريبا ؟ حتى الغاء الحكم العسكري عام 1966 كان ضد سياسة الحزب وضد نوابه العرب الذين صوتوا مع ابقاء الحكم العسكري، بينما اليميني مناحم بيغن وحزبة الحيروت والليبراليين صوتوا مع الغاء الحكم العسكري… وبدون ذلك ربما كنا نعيش في ظل الأحكام العسكرية حتى اليوم .
حتى محمود درويش الذي يريد الوزير ان ينشئ جائزة على أسمه ، عانى من الاقامات الجبرية والسجن المنزلي بعد غياب الشمس،عدا الاعتقالات والسجون .. ولا أظن ان جائزة على اسم درويش هي عمل لائق من حكومة اسرائيل حتى لو قررها وزير عربي . هل ستحمل الجائزة الشعار والعلم الفلسطيني ، أم شعار وعلم دولة اسرائيل؟
اما موضوع استقالتك فيبعث على السخرية ، أصلا لماذا قبلت منصب وزير بدل وزير يهودي شريف استقال من دوافع سياسية معادية للفاشية والعنصرية التي يروجها ليبرمان ضد العرب؟
معلوماتنا تشير ان زعيم حزب العمل ايهود براك لا يريدك في تركيبة قائمة حزب العمل الانتخابية للكنيست القادمة . وانك بدات تبحث عن مكان جديد . هذا الأمر لا يهمنا كثيرا ، في الكنيست من هم دونك في الفهم أيضا. المؤسف ان تحول قضية هامة ، مثل قضية التمييز ، لمنصة دعائية لن تساعدك كثيرا !!
كنا سنحترم مواقفك ، وتخدم قضية نضال شعبنا ضد الفاشية والتمييز ، لو رفضت ان ترث اوفير بينيس ، وأكدت على صحة مواقفه السياسية والأخلاقية من وجود ليبرمان في الحكومة!!

مركز اعلام يرصد الصحافة العربية - ولا يبق الحصوة !!

رصد الصحافة المحلية الذي صدر عن مركزاعلام أثار ردود فعل عديدة في الأوساط الصحفية ، ولكنها تميزت بالذاتية المفرطة.
لا أنفي أهمية التقرير ، ولا صحة معلوماته ، ولكني أدعي ان الواقع أكثر سوءا مما يطرحه التقرير… لدرجة تجعلني أسأل :هل توجد لدينا صحافة حقا؟
نحن نعيش في عصر الاعلام الألكتروني ، اعلام سريع يفرض على الصحافة المطبوعة خاصة معايير عمل جديدة كليا وفهم جديد للخبر المناسب ومضمونه . اقول بوضوح ، لم اجد ان صحافتنا المطبوعة تتجاوب مع المعايير الجديدة … ما تزال تدور بنفس الحلقة القديمة. فهل بالصدفة هذا الركود الصحفي ، وتراجع البيع الحاد ، والتحول الى الصحافة المجانية؟.. ولو لم تكن مجانية لما حملها أحد تقريبا..؟
هناك فقر واضح في المستوى الفكري والاعلامي للعاملين في الصحافة ، هناك غياب لمحققين صحفيين ، ولتمويل مناسب لعمليات التحقيق الصحفية المكلفة كثيرا والتي تتطلب فريقا مميزا مع مستشار قانوني وصرف غير عادي أحيانا للوصول الى المعلومات..
لا اريد التحدث عن الفقر اللغوي ، وقد واجهت هذه الحالة مع مراسلين انهوا دراستهم الجامعية باللغة العربية ، وانا أبن الصف الثامن باللغة العربية ، كنت أعيد صياغة نصوصهم لتصلح للنشر كخبر .
البارزون لا يشتغلون بالصحافة ، لأنها تعني حياة العوز وشظف العيش. وصحافتنا لم تستوعب بعد مفاهيم اولية للصحافة ، مثل حرية الرأي ، وحق الاختلاف والنقد وتعدد الثقافات والأفكار ، والمصداقية في النشر .
لا أكشف سرا اذا قلت ان بعض الأخبار مجرد اكاذيب ، وحتى لو وصل للصحيفة تصليح مناسب لا ينشر. وان موقف صاحب الجريدة هو موقف الجريدة . وأحيان يشوه الخبر ليتلائم مع وجهة نظر المحرر .
مثل هذه الصحافة تعيش على وقت اضافي .
مثل هذه الصحافة لا تخدم مجتمعها ولا تخدم أي قضية اجتماعية تطرحها ، لأنها سلفا متحيزة أو مبيوعة.
ان واجب مركزاعلام أيضا التنبيه لحالة الصحافة المتهاوية. الموضوع ليس خطأ في تعبير .. بل غياب لغة صحفية ، وفوضى اصطلاحات ، وفقر فكري ، وعدم وجود رؤية اجتماعية او سياسية عامة ، احيانا تقع في حيرة من تفاهة المواد المنشورة ، حتى الموقعة منها مثل المقالات او الأدب مجازا. وحجة المحرر انهم يملأون صفحاته الفارغة . وأقول هذا عن معرفة ..!!
هل طرح مركزاعلام واقع الصحافة الحزبية الهزيل والمؤذ لمجتمعنا وللعقل السليم ؟
هل طرح مركزاعلام واقع الفقر في أوساط الصحفيين ، الذي ينعكس سلبا على الصحافة وعلى العاملين فيها؟
هل طرح مركز اعلام ، أهمية تحول الصحافة الى منابر للآراء وللقضايا الملحة ، الاجتماعية ، الاقتصادية ، التعليمية ، السياسية والفكرية ، ومن مختلف الاتجاهات والأفكار؟
الأمر الآخر : يجب الفصل بين الاعلام الألكتروني والصحافة المطبوعة التي تتهاوى الى حضيض بعد حضيض. مجرد انغلاقها، وعدم فهمها لمرحلة الصحافة الألكترونية وما يطرحه ذلك من ضرورة لتغيير مضامينها ونوعية أخبارها وتقاريرها وخدماتها الصحفية ، هو حكم بالموت على نفسها .. آسف انتحار باسلوب ياباني !!
بعض المواقع الألكترونية أفضل اليوم من الصحافة المطبوعة ، من ناحية المواد والمستوى ، ولكن الموضوع يحتاج الى دراسة وفرز . ان تحويل المواقع الألكترونية الى ما يشبه المواخير ، ونشر ما دون المستوى لمجرد وجود مساحة لا نهائية ، هي أيضا مسالة يجب ان تطرح بوضوح ، ان ما يجري هو تدمير للمواقع أيضا .

نبيل عودة – كاتب ناقد واعلامي – الناصرة

غزة تنتصر .. الإضراب خطوة على طريق العصيان المدني

د. احمد موسى سلامة
فلسطين تنتصر .. والوطن يكتمل فيه الحلم .. وكل يوم تتفتح ورده في بستان الدولة الفلسطينية .. وكل يوم يكبر فينا الانتماء والفرح القادم وتكبر فينا فلسطين .. كل يوم ننتصر لغزة واليوم غزة تحقق الانتصار بالشرعية الفلسطينية .. تحقق الانتصار بالوحدة والتلاحم والعمل والبناء , رغما عن دائرة الحرب الأهلية التي قادتها (حركة حماس ) وأرغمت شعبنا الفلسطيني في الدخول بدوامة العنف والقتل والدماء وممارسة السياسات الحزبية الضيقة البعيدة كل البعد عن الأخلاق الفلسطينية وإلى الممارسات القمعية والاعتداءات الصارخة والإجراءات التعسفية التي تقوم بها عصابات الانقلاب ، والتي تمثلت في عمليات الإقصاء والاختطاف وإغلاق ونهب وتدمير مقرات النقابات والجمعيات والهيئات الوطنية، وإجراء تنقلات تعسفية بين الموظفين وتحويل المؤسسات الوطنية والمدارس والمستشفيات إلى مقرات لخدمة الانقلابيين.
وفي سابقة هي الأخطر من نوعها بعد أن أقدمت عصابات الانقلاب على سرقة المؤسسات الأمنية ونهب مؤسسات الدولة الرئاسية والسيادة لجأت عصابات الانقلاب إلى اللعب بأوراق محرمة وكان يجب أن لا تلعب بها لأنها تعبث بحياة أبناء شعبنا الآمنين في بيوتهم وتعبث بمستقبل أطفالنا وصحة شعبنا , فبعد أن قاموا بتدمير كل شيء في غزة .. قاموا بفرض حملات الاستعراض الغبية والعبثية .. وفي خطوة عديمة الأخلاق والضمير قاموا بفرض قرارات جاهلة وحزبية بحق سلك التعليم في قطاع غزة من أجل تحميس المدارس وإقصاء أبناء فتح العاملين في التربية والتعليم .. وفي خطوة استعباطية تنم عن غباء أعمى تجاه من أقدم عليها ومن فكر فيها قاموا بالإجراءات القمعية بحق الموظفين الذين يبذلون الجهد والعرق للحفاظ على سمعة ومكانة الشعب الفلسطيني وإعلاء شأن العملية التربوية والصحية الفلسطينية وبناء أجيال قادرة على المساهمة في تحرير الوطن وبنائه، مما أدى إلى إعلان إضراب المعلمين في المدارس الحكومية وموظفي وزارة التربية والتعليم في القطاع الذي يتواصل لليوم الرابع على التوالي، بعد قيام سلطة حماس الانقلابية بمداهمة المقر العام لاتحاد المعلمين ومصادرة محتوياته وإغلاقه واختطاف العاملين دون أدنى مبرر سوى محاولات فرض سيطرة الانقلابيين على النقابات والجمعيات والهيئات الوطنية.
و أن الفصائل والقوى السياسية في قطاع غزة أدانت هذا الاعتداء، وأن زمرة الانقلابيين لم تكتف بهذا الاعتداء وإغلاق المقر، بل قامت باختطاف مدراء المدارس وإجراء تنقلات تعسفية لتحويل المدارس إلى مقرات في خدمة الانقلابيين، مما أدى إلى إعلان الإضراب العام من قبل المعلمين في قطاع غزة بهدف إعادة المقر وإعادة المدراء والمعلمين إلى مدارسهم كما في السابق.
إن ما يجري في قطاع غزة يكشف إفلاس الانقلابيين، وإن شعبنا الفلسطيني لن يرضخ لهذه التهديدات والممارسات الوحشية بحق أبنائه.
إن حركة حماس وانقلابها الأسود قد أوغل في الاعتداء على كل مقومات حياتنا الوطنية وتقاليدنا الراسخة في محاولة فاشلة لتركيع المجتمع وقواه الحية لمصلحة الانقلابيين وإدامة حكمهم المرفوض من شعبنا.
وهنا نوضح عدم شرعية كافة الإجراءات الصادرة عن سلطة الانقلاب التي استباحت الدم الفلسطيني ودنست مؤسساتنا التربوية والصحية والوطنية وتهدد مشروعنا الوطني الذي بنيناه بدماء الآلاف من شهدائنا الأبرار وبطولات آلاف من أسرانا البواسل وتضحيات عشرات آلاف الجرحى الأبطال.
وانه مخطئ كل من اعتقد أن فتح قد ماتت وتم قتلها , متناسين أن فتح لم يكن يوما في حسابها أن تدخل في أتون المعركة , بل كانت تضمد جراحها بصمت الأبطال وبحكمة الرجال وذلك من أجل فلسطين كل فلسطين ومن أجل الوطن وحماية لتاريخنا ومستقبل أجيالنا ومن اجل تاريخ شهدائنا قررت فتح ومن اللحظة الأولى لمعرفتها بطبيعة الصراع وأبعاده أن لا تدخل في المواجهة لان هذه المواجهة خاسرة من الأساس .. وان المنتصر فيها هو مهزوم أصلا ولا يمكن أن يشكل يوما ما حلقة للانتصار أو تحقيق أي تقدم يذكر لأنه علي حساب دماء شعبنا , فهذه المعركة يكون المنتصر فيها هو المهزوم وان أبناء وقيادات وكوادر فتح بالتأكيد لا يشرفهم أن يدخلوا في أتون الحرب الأهلية , وسيبقي أبناء الفتح وفي كل المواقع صامدين مرابطين متضامنين مع شعبهم حتى ملاحقة المهزومين الانقلابين وفرض عزلة عليهم وكشف مخططاتهم وعزلهم عن الإطار المجتمعي والنسيج الفلسطيني .
وفي خطوة هامة وتحقيقا للعدل والمساواه تحرك المعلمين الأوائل والطليعة ليكونون في مقدمة من يتصدى لعصابات الانقلاب وقاموا بتحدي قرارات سلطة الانقلاب , ومن ثم قام العاملين في المؤسسات الصحية باتخاذ خطوات تحذيرية لرفض ممارسات سلطة الانقلاب وتراجعهم عن قراراتهم الحزبية ليتصدوا لجرائم سلطة الانقلاب وممارساتهم الغير قانونية والمنافية للأخلاق على طريق إعلان العصيان المدني الشامل في قطاع غزة رفضا للانقلاب وتحقيقا لوحدة الوطن وحماية دولتنا الفلسطينية المستقلة .. ورفضا للجرائم التي تمارسها عصابات القتلة في غزة علي طريق محاكمة قادة الانقلاب الذين ارتكبوا جرائم حرب بحق أبناء الشعب الفلسطيني وقاموا بإعدام أكثر من خمسمائة مواطن في اقل من عام بدم بارد وإصابة ما يقارب ألف مواطن معظمهم إصابات بالغة وخطيرة عدا عن تدمير مؤسسات الشعب الفلسطيني وقاموا بسرقة المؤسسات الفلسطينية الشرعية والقيام بأعمال إجرامية تنم عن الحقد الأعمى للانقلابين القتلة .
إن العصيان المدني شكل من أشكال التعبير عن الرأي والرفض السلمي لاضطهاد مجموعات وعصابات تسيطر على البلد بالقوة , والعصيان المدني وأنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما حتى ولو كانت غير مقيدة بالقانون .
هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع .
النتائج أو التبعات الشخصية هي جزء مهم من النشاط ولا ينظر إليها على أنها نتيجة سلبية.. وتتلخص جوهر مفهوم العصيان المدني بالنقاط والقضايا الآتية :
• العصيان المدني هو نشاط شعبي

• يعتمد أساسا على مبدأ اللاعنف

• أنشطة العصيان المدني هي ليست قانونية وهي عبارة عن تحدي لأمر ما أو لقرار ما

• هدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع

• النتائج أو التبعات الشخصية للنشاط هي الجزء المهم من الرسالة التي يوصلها هذا النشاط

كلمة " مدني " صفة تتصل بالمواطن ولهذا فأول ما يتبادر إلى الذهن أولا العصيان المدني يعني عصيان المدنيين أي المواطنين ولكن في حركة اللاعنف فان كلمة " مدني " تعني عكس ما تعنيه كلمة عنف وهذا معناه أن المشاركين في أي نشاط للعصيان المدني إنما أصلا يتصرفون بشكل مدني أي متحضر ويظهرون احتراما شخصيا للخصم وأعني بكلمة الخصم المشارك في عملية النقاش والذي صمم نشاط العصيان ضده.
والعصيان يقوض من سلطة الدولة إلى حد بعيد، إذ يقول 'لو أن الرجل يشعر أنه ليس من الرجولة أن يطيع القوانين الجائرة فلن يستطيع أي طاغية أن يستعبده .
إن العصيان المدني ينبغي أن ينظر له كوحدة متكاملة، حيث تكون العقوبة بنفس أهمية الأنشطة. إن العقوبات أو بالأحرى التغلب على الخوف من العقوبة هو أساس رئيسي في مبدأ العصيان المدني .
إن العصيان المدني لا يهدف فحسب إلى التأثير في الرأي العام؛ ولكنه يتجاوز ذلك ليصبح طريقة لتحفيز المواطنين على العصيان. والفعل أو النشاط وحده لا يكفي لتحقيق هذا الهدف. ولكن امتزاج عنصر الأنشطة بعنصر العقوبات يحدث الحافز القوي للعصيان والتغلب على الخوف من العقوبات.
من هنا جاءت فكرة العصيان المدني , وان شعبنا الفلسطيني والذي يرفض الانقلاب يسير في خطوات هامة علي طريق فرض العصيان المدني والاستجابة إلى نداءات الاتحادات والنقابات المهنية في تحملها المسؤولية والتصدي لعصابات الانقلاب في غزة .. فهذا من ابسط الحقوق أن تعلن إضرابك عن العمل وعدم استجابتك لفرض قرارات بقوة السلاح ورفض سياسة الاملاءات بالقوة فلا يمكن أن يكون الموظف ذليل في وظيفته ولا بد أن يعيش حر كريم مرفوع الرأس غير مهان محافظا على شخصية وغير منتقص الحقوق , فالعصيان المدني طريقنا نحو فضح جرائم الانقلابين وعزلهم بداخل المجتمع وفرض حرية الرأي واحترام الرأي الآخر هو من أهم أولويات عمل النقابات المهنية التي يجب أن تعلن عن حالة العصيان المدني بخطوات واثقة محترمة مواقف موظفيها والعاملين فيها .. على طريق حماية مؤسسات المجتمع المدني من السرقة والاغتصاب وإن العصيان المدني قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد.

0 ملاحظة : تم الرجوع إلى بعض المراجع في كتابة المقال
am111956@gmail.com

الأربعاء، أغسطس 27، 2008

ثقافة الأرجيلة ومساواة الأنثى

سامي الأخرس
بالكاد قطعة قماش تستر جسدها أو المناطق المثيرة في جسدها والتي يعاقب القانون عليها تحت بند التعري ، وتجلس ساقاً على ساق وتتحدث بثقافة الأرجيلة ولسان معوج بلكنه عربية مشوهة وهي تتسامر بأحد المقاهي حتى ساعة متأخرة ، والسيجارة الأنيس الليلي الدائم وهي تمضي ما تبقي من سكون الليل أمام جهاز الحاسوب والانترنت .
لا تتوانِ لحظة واحدة بأن تنعت محدثها بكل الألفاظ والصفات المعيبة والمريبة انطلاقاً من مبدأ المساواة والحرية المطلقة التي لا قيد لها ، ومن ثم تغادر عالم مساواتها وحريتها لتتراخي على فراشها حتى ساعات الظهر أو المساء بعد يوم مُنهك خارت به قوي الصمود على ربط الليل بالنهار لتصحو على دقات منبه جهازها الخلوي مع موعد مسلسل سنوات الضياع المدبلج تنتظر هذه العجوز (الأم ) لتقدم لها طعامها وشرابها وتدللها بعد رحلة العناء والكد اليومية في السهر وقضاء الليل متسمرة أمام جهاز الحاسوب ، وما أن تنتهي من عملية تركيزها الدقيقة بأحد المسلسلات المدبلجة حتى تسارع لأخذ حمامها وارتداء قطعة القماش المنتقاة بدقة وتبدأ رحلة التسكع الثقافي المعهودة في شوارع العاصمة الصاخبة بالأضواء المبهرة والموسيقي الصاخبة على أنغام السمسمية وعيناها تتربصان يميناً وشمالاً ، إيماناً منها بالمساواة بالمجتمع الذكوري العنيف القاسي المغرور.
هذه صورة المساواة التي تفهمها الأنثى العربية في ظل الواقع الجديد الذي أصبح يفرض إملاءاته على كل مظاهر حياتنا ، المساواة التي لن ترحم أب أو أخ أخذته الغيرة على كرامته من تمرد أبنته أو أخته وربما يجد نفسه أمام القضاء وتقارعه في دهاليز الشرطة والمحاكم ، فهو حق أصيل كفلته لها ثقافة الأرجيلة والرقص في المهرجانات والاحتفالات العامة في الشوارع مع أي مناسبة ، فالكتف بالكتف ، والصدر بالصدر ، والمساواة بالمساواة .
لسنا عبيد للذكور ولسنا جواري للإنجاب وأعمال المنزل ، نحن شركاء لكم بكل شيء .
جميلة تلك العبارة شركاء لكم بكل شيء ، جميلة ورائعة عندما تدرك هذه الأنثى مضامينها ومراميها ، نعم نريدهن شركاء لنا بكل شيء ، بالقرار ، والمصير والهم ، شركاء بالعقل والاتزان وغرس الأخلاق والتربية ، شركاء بأعباء الحياة وويلاتها ، شركاء بالعلم وتربية الأجيال ، شركاء بالإبداع والتألق ، بالجهد والعرق والبناء ، أما شراكة الأرجيلة والسيجارة والرقص فهي شراكه شيطانية تحولنا لماخور عام نفقد به قيمنا وأخلاقنا وأدبياتنا ، ماخور يحمل الرذيلة لمعول هدم مجتمعاتنا المأزومة سياسياً ، واقتصادياً ، واجتماعياً فهل تبقي لنا الأزمة الأخلاقية ؟
المساواة لا تتحقق بالجسد وإنما تتحقق بمفهوم الشراكة هذا المفهوم الذي علينا إعادة صياغته من جديد بعدما توغل لعقول فتياتنا وأبنائنا وأصبح شراكة هدامة فاسدة ، دفعت الأب لممارسة وحشية ، والأخ للاحتقان ، وأصبحنا نخشي عودة الطالبة الجامعية تحمل جنين غير شرعي بدلاً من الشهادة الجامعية ، وتحمل عازل جنسي في حقيبتها بدلاً من القلم والكتاب .
المساواة تبدأ بالاستقلال العلمي والثقافي والاقتصادي الذي تستطيع من خلاله الفتاة من تحقيق ما تصبو له من شراكة وحرية ، استقلالية القوة الأخلاقية التي تؤمنها وتحميها من السعار الجنسي الملتهب في واقعنا ، هذا العار الذي أصبح وحشاً هائجاً بيننا لا يرحم المحارم أو غير المحارم ، يفترس كل ما في طريقة لتعبير عن أزمته وأزمتنا وليدة ثقافات أسرية جديدة لم تعد تمتلك وسائل الرقابة التربوية ، هذه الثقافة التي تهمل من خلالها الفتاة والرجل كل شيء من حولهما لمواكبة التطور والعصرنة التكنولوجية في المفاهيم والثقافات وتحولنا لأدوات تتسمر خلف جهاز نمضي عشرات الساعات حوله .
" سي السيد " والمتخلف هذه الصورة التي يحملها الوجه القديم الذي كان يحمي بيته وعرضه بجبروته الذكوري وشواربه الكثيفة ، صورة توحي بالاشمئزاز لفتاة وتباغتك بها إ، حاولت أن تخوض حوار أخلاقي معها ، أو تدفعها للتخلص من أرجيلة السمر وسيجارة السهر .
فالمسؤولية جماعية لا يتحمل أعبائها جنس أو جيل بعينة ، بل مسؤولية تبدأ من البنيان الأسري الذي فقد قيمة وأركانه ووسائله الرقابية التربوية ، والمؤسسات العلمية والأكاديمية التي لم تعد تولي أهمية لثقافة الأخلاق سواء في مناهجها أو ضوابطها الأكاديمية الطلابية ، والمجتمع الذي أصبح يعيش في هوة كبيرة افتقد فيها لمعاني التضامن والتعاضد والتكاثف والتلاحم والانسجام ، نسيج اجتماعي ممزق تحكمه لغة المال والمصالح وأدوات ووسائل السوق والإنتاج .فالجميع أصبح سلعة تحتاج لقنوات ترويج وتوزيع وتسويق .
إنها المساواة التي تبحث عنها الأنثى في ثقافة الأرجيلة والسيجارة ، وقطعة القماش التي بالكاد تستر الجزء اليسير من العورة التي يُجرمها القانون ، والتي تدخل في دائرة العري والفعل الفاحش . فأين تسير أم المستقبل؟!