الخميس، يناير 31، 2008

تشاد.. قاعدة أوروبا للإنطلاق عسكرياً نحو أفريقيا

علي عبدالعال
يترقب إقليم غرب أفريقيا وصول قوات عسكرية أوروبية قوامها (4000) جندي، سوف يجري نشرها أوائل شهر فبراير في كل من شرق تشاد (بالمنطقة الملاصقة لإقليم دارفور) وأفريقيا الوسطى، وتتشكل من 14 دولة عضو بالاتحاد الأوروبي على رأسها (فرنسا وبلجيكا وأيرلندا وبولندا).
وتأتي خطة نشر "يوفور" كأكبر عملية عسكرية ينفذها الاتحاد خارج القارة الأوروبية بدون مساعدة من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وحسب المعلن رسمياً فإن مهمة هذه القوات ـ التي سيتولى قيادتها الميدانية في ابيشي (شرق تشاد) الجنرال الفرنسي جان فيليب جاناسيا ـ تتمثل في حماية ما يقرب من (500) ألف لاجئ بعضهم سودانيين من دارفور مقيمين في شرق تشاد، وبعضهم من تشاد نفسها، و(20) ألفاً من مواطني جمهورية أفريقيا الوسطى، كلهم نازحون جراء أعمال عنف.
وهو ما دعا جهات عدة إلى التشكك في نوايا وحقيقة أهداف هذه القوات، وعلى رأس هذه الجهات الحكومة السودانية، والمعارضة التشادية ـ التي تسعى لإسقاط نظام إدريس ديبي في نجامينا ـ خاصة في ظل قلاقل واضطرابات تعاني منها المنطقة بأكملها، وأيضاً لأن أكثر من نصف العسكريين فرنسيين، وفرنسا هي القوة الاستعمارية السابقة لكل من تشاد وأفريقيا الوسطى، وتتواجد قواتها البرية وطائراتها الحربية ودباباتها داخل الأراضي التشادية منذ عشرين سنة في إطار قوة "إيبرفييه" بناء على اتفاق عسكري مع نجامينا، كان يهدف حينها إلى التصدي لما سمي بالمطامع الإقليمية والسياسية الليبية في تشاد.. ومن المتوقع ـ على نطاق واسع ـ أن ينتقل جنود فرنسيون من هذه القوات إلى "يوفور".
كما ستعمل تلك القوات أيضاً بالتنسيق الكامل مع القوات الأجنبية الهجينة التابعة للأمم المتحدة والأكبر حجماً فى إقليم دارفور(غرب السودان)، والتي كان قد تم نشرها في ظل ضغوط شديدة مورست على السودان من قبل قوى غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.
ومما أثار الاستغراب حول هذه القوات، أن تشاد كانت قد حذرت الاتحاد الأوروبي من أن تأجيل نشرها على حدوده الشرقية مع السودان يهدد "بإشعال المنطقة" بأكملها.. بل ومارس الرئيس إدريس ديبي ـ وهو طيار حربي سابق تلقى تدريبه في فرنسا ـ ضغوطه على بروكسل (عاصمة أوروبا الموحدة) لنشر قواتها، محذراً من حرب أهلية في بلاده ما لم يتم نشرها، واتهم السودان بتسليح المتمردين في بلاده من أجل عرقلة القوة الأوروبية.
ففي الآونة الأخيرة صعد النظام التشادي ـ وهو حليف قوي للغرب ـ من وتيرة المواجهة مع السودان "لاضعاف موقف حكومة الخرطوم في إقليم دارفور" وذلك بتكرار اعتداء قواته الجوية على بعض المناطق داخل الأراضي السودانية، تحت ذريعة مطاردة جماعات المعارضة.وفي ما يشير إلى درجة التداخل بين الأوضاع المتوترة في تشاد مع مثيلتها في السودان، شبهت (ماري روبنسون) ـ المفوضة السامية السابقة بالأمم المتحدة ـ في مقال لها نشرته "هيرالد تريبيون" ما أسمته "صراعي دارفور وشرق تشاد بطبقات حبة البصل في تداخل أحدهما مع الآخر".
إلا أنه وفيما ترزخ الخرطوم تحت وطأة الضغوط الغربية والعقوبات الأمريكية، تتدفق المعونات المالية والعسكرية بسخاء من الجهتين على النظام الحاكم في نجامينا بقيادة ديبي.
وكان آخرها مبلغ الـ (10) مليون يورو التي أعلن (لوي ميشيل) ـ المفوض الأوروبي المكلف بشؤون التنمية والمساعدات ـ أنه تم تخصيصها لدعم ما سماه الاستقرار في شرقي تشاد.
زاعماً أن هذه المبالغ تأتي فقط في إطار اتخاذ إجراءات للوقاية من أي صراعات مستقبلية. وفي أعقاب قصف تشاد للأراضي السودانية، ذهب حسن جيرمي ـ المتحدث باسم تحالف المعارضة التشادية ـ إلى أن الهدف من تنفيذ الهجوم يكمن في جر السودان إلى صراع إقليمي، تتدخل بموجبه فرنسا إلى جانب حكومة نجامينا حسب اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة بينهما، موضحاً أن القوات الفرنسية جهزت قوة بكامل عتادها بجانب طائرات المساعدة للتدخل في حال اندلاع القتال.
وهي مخاوف لم يخفها المراقبون للأوضاع في المنطقة، خاصة مع القصف الذي بادرت تشاد ـ إحدى أكثر الدول فقراً في العالم ـ بشنه على السودان، والتصعيد الظاهر من لهجة الحكومة في نجامينا وعلو نبرة تهديدها تجاه الخرطوم. وهو ما لم يكن يأتي من فراغ ـ حسب المحللين ـ إذ تدور تساؤلات عديدة بشأن الدعم العسكري الكبير الذي يتلقاه إدريس ديبي من الفرنسيين في ظل تحالف شبه أبدي، وبفضل العملية الأخيرة التي سلم خلالها ديبي حليفه نيكولا ساركوزي (6) فرنسيين، أعضاء بمنظمة ضبطت وهي متلبسة بتهريب أطفال من السودان وتشاد إلى فرنسا.. فالرئيس التشادي يدرك أنه لن يستطيع مواجهة السودان عسكرياً ولكنه يريد حرباً تزيد من رغبة الغرب في دعمه والدخول بقواته إلى المنطقة.
إذ تقدم القوات والطائرات الفرنسية ـ الموجودة داخل الأراضي التشادية ـ دعماً مهماً في مجال الإمداد والتموين العسكري والاستخبارات لجيش ديبي، الذي يقاتل جماعات المعارضة في شرق البلاد.. وتتحدث التقارير عن أن باريس سلمت نجامينا أسلحة حديثة ومتطورة، منها صواريخ (ميلان) الفرنسية الشهيرة والتي تطلق لاسقاط الطائرات وغيرها.وفي (ابشي) ـ مقر قيادة القوة الأوروبية القادمة ـ توجد قاعدة جوية فرنسية ضخمة، كما تحتل الطائرات الحربية الفرنسية جزءاً كبير من مطار المدينة الضخم، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من الدبابات والمصفحات الفرنسية.
وفي إطار الأجندة الغربية الموضوعة بشأن إقليم دارفور غربي السوداني، تتحدث تقارير صحفية بشأن مدفعية تشادية جرى تصويبها مؤخراً تجاه مدينة (الجنينة) ـ عاصمة ولاية غرب دارفور ـ وأن الآلاف من الجنود باتوا يعسكرون علي الحدود.
كما تتهم جهات إقليمية ومحلية إدريس ديبي بالتورط في عملية نقل أسلحة فرنسية لصالح حركة "العدل والمساواة" المتمردة في دارفور، عبر تاجر أسلحة تشادي يُدعى عبد الله هوكس وهو الشقيق الأكبر لزوجة ديبي، وكان وفد من "العدل والمساواة" وصل إلى مدينة (ابشي) لاستلام الأسلحة الفرنسية تحت غطاء أنها إمدادات للقوات التشادية بشرق البلاد.
وإذا كان هذا هو حال الدولة الأفريقية الفقيرة، التي يبدو أنها باتت مستعدة لتقديم تسهيلات لقوات أجنبية من أجل التحرك والانطلاق من أراضيها ضد أراضي دول بالمنطقة، وفي إطار الانتقادات الموجهة لنظامها الحاكم بشأن الهيمنة الغربية على القرار فيها.
لم تكن فرنسا هي اللاعب الغربي الوحيد بل تأتي تحركاتها بتوافق وتنسيق كاملين مع الولايات المتحدة، وكانا قد حسما معاً التدخلات الليبية التي اشعلت الأوضاع بعد أن سيطرت طرابلس على إقليم (اوزوا) التشادى فى بداية السبعينيات حتى 1988. وفي زيارته الأخيرة 19إبريل 2007 وجه جون نجروبونتي ـ مدير وكالة المخابرات الأمريكية السابق ـ "تعازي حكومتي الحارة لتشاد بالمدنيين الذين قتلوا ومؤاساتها لمن أُصيبوا بجراح أو شُردوا نتيجة هجمات مليشيات الجنجويد" التي يزعم الغرب أنها وراء أزمة دارفور وتدعمها حكومة السودان.
وفي سياق إشارته إلى دارفور ألمح نجروبونتي إلى أن أوضاع الإقليم تثير "اهتماماً كبيراً لدى الشعب الأمريكي والحكومة الأمريكية".ومن جهتها، تحقق الحكومة السويسرية في ما إذا كان نظام ديبي قد أرسل الطائرة السويسرية من طراز (PC-9) إلى إسرائيل من أجل تسليحها. مؤكدة أنه من الضروري الحصول على توضيحات بخصوص أنشطة تقنييـْن مختصّيْن في مجال الميكانيك تابعين لشركة (بيلاتوس) سُجل تواجدهما قبل عام في تشاد. ولمثل هذا الانصياع والممارسات التشادية يذهب المراقبون إلى إن المشكلة الأكثر تعقيداً فى حالة تشاد تكمن في أن الخارج يملك مفاتيح التغيير والتحول بأكثر مما يملك من يحكمون في الداخل.
وهي تجربة لها خلفياتها التاريخية بالنسبة لتشاد، إذ كانت ميزانية الدولة في نجامينا ـ قبل ظهور البترول ـ تعتمد بنسبة 90% على الحلفاء بالخارج وتحديداً فرنسا أو اللاعبين الإقليميين ليبيا تارة والسودان تارة أخرى. وقد شكل الوضع الاقتصادى المذرى الذى عرفته البلاد في الستينيات شكّل عنصراً حاسما فى جعل تشاد كدولة نهبًا لأجندات خارجية مختلفة.

من ذاكرة الأسر 20

راسم عبيدات
المناضلان علاء العلي وسائد سلامة
شموع على طريق الحرية

.........سلوان بلدة ملاصقة لأسوار البلدة القديمة،تتعرض لحملة شرسة من التهويد والأسرلة، حيث يدعي اليهود أنه وفق رؤيتهم التوراتية المشبعة بالعنصرية والتطرف،أن تلك البلدة هي مدينة داود، ومن هنا فهم يجندون كل امكانياتهم وطاقاتهم على كل الصعد والمستويات من أجل السيطرة عليها، فهناك عشرات البيوت التي تم الاستيلاء عليها بالقوة في سلوان وهناك عشرات يجري التخطيط للاستيلاء عليها، ناهيك عن ان الملياردير اليهودي "ماسكوفيتش" والذي يدير شبكة من النوادي الليلية ونوادي القمار في أوروبا، قام ببناء حي استيطاني في قلبها يدعى"عليه زيتيم"، ويخطط بالتعاون مع الجمعيات الاستيطانية والحكومة الإسرائيلية، لإقامة حي استيطاني أخر ملاصق له مكان مركز الشرطة هناك، والذي سيتم إخلائه لصالح المستوطنين.
وسلوان قدمت الشهداء والجرحى والأسرى في سبيل الدفاع عن أرضها وعروبتها ووجودها، فهي بلد الشهيد اسحق مراغة ،والذي استشهد في سجون الاحتلال عقب إضراب أسرى سجن نفحة عام 1980،وبلد الأسرى فؤاد الرازم أقدم أسير مقدسي، والذي مضى على وجوده في المعتقل أكثر من ربع قرن، والأسرى عبد الناصر الحليسي وطارق الحليسي وحازم عسيلة وعصام جندل، والذين مضى على وجودهم في المعتقلات الإسرائيلية أكثر من عشرين عاماً، وعدنان مراغة والذي دخل عامه الاعتقالي الثامن عشر وغيرهم، وضمن هذه الرؤيا والتوجه ،رأت مجموعة من الشباب المتحمس والمتقد بالعطاء والنضال والتضحية، أنه لا بد لسلوان ،الا أن تستمر مشعلاً للعطاء والتضحية،فمع بداية الانتفاضة الثانية أيلول/ 2000 ، قامت مجموعة من الشباب الممتلئين حيوية ونشاط،بدور نضالي وكفاحي في اطار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهؤلاء الشباب هم مجد بربر ومحمد الغول، والذين سيكونون عنوان حلقة قادمة، وعلاء العلي وسائد سلامة عنوان هذه الحلقة،والذين شكلوا كابوساً للاحتلال ليس على صعيد سلوان فحسب، بل وعلى صعيد منطقة القدس، حيث كان لهم دور نضالي وكفاحي بارز، ومن هنا كانوا هدفاً للاحتلال وأجهزته المخابراتية، فعلاء العلي استهدفته المخابرات الإسرائيلية، قبل أن يعتقل في نيسان/2001، ويحكم عليه بالسجن اثني عشر عاماً، ويبدو أنه كان هناك قرار إسرائيلي بتصفيته، حيث كان يجري اعتقاله لفترات قصيرة، وتهديده بالقتل والتصفية، وكذلك على الحواجز المنتشرة في القدس والضفة، كان يتم إنزاله واحتجازه لفترات طويلة،مع تعريضه للضرب والاهانات، مما اضطره لرفع قضية على شرطة الاحتلال ومخابراته، والاحتلال ومخابراته، كان يتخوفون من قناعات واراء وأفكار علاء، ودوره المؤثر والبارز في تأطير وتنظيم الشباب، ودفعهم لخيارات نضالية عنيفة، وعلاء اعتقل ضمن خلية للجبهة الشعبية عام 2001، وبدأ رحلته مع مراكز تحقيق الاحتلال وسجونه،واهم ما يميز المناضل علاء العلي روحه المرحة وخفة دمه، وما يتمتع به من قدرات ومواهب في الفن والتراث، فله قدرات عالية على التقليد، تقليد الأصوات والتصرفات والهيئة والمشية للمناضلين والقادة والزعماء وغيرهم ، وهذا الرفيق الشاب محبوب من قبل الجميع، ومن هنا ترى علاقاته الاجتماعية الاعتقالية الواسعة، مع كل الأخوة والرفاق والمجاهدين المعتقلين، وهو لديه قدرات جيدة في العمل الحرفي ألاعتقالي، وقاريء الى حد ما، وتراه في بعض الأحيان يسرح في عالمه الخاص، ويتذكر الأصدقاء والصديقات قبل الاعتقال، ويواظب على مراسلة من تبقى منهم.
أما ابن خالته الأسير المناضل سائد سلامة ، خريج الشهادة الجامعية الأولى في الرياضيات من جامعة القدس، فهذا الرفيق المحبوب والمخلص،والذي يقل من الكلام، ولا يستخدمه الا في محله ومجاله، فقد تعرفت عليه في سجني عسقلان ونفحة عامي 2001و2002 ، فعدا عن خصاله الإنسانية في التواضع والإخلاص وصدق الانتماء، وحرصه العالي على الاطار والرفاق، فانه إنسان قارىء من الدرجة الأولى، ويقضي ساعات طويلة على سريره"البرش" في القراءة والكتابة وسماع الموسيقى الهادئة، وتشعر أحيانا أنه لا يغادر "برشه" إلا من أجل الوقوف على العدد عندما يأتي السجانيين أو الخروج "للفورة" ساحة النزهة للمعتقلين، أو الذهاب للحمام أو الأكل، ومن هنا أطلقنا عليه لقب"تابوت"، والمناضل سلامه لديه خيال أدبي خصب وواسع، واصدر ديوان شعري أنجزه في المعتقل، وهو الآن تحت الطباعة، وسائد كان مثار فخر كليته العلوم وجامعته القدس، حيث عندما جرى اعتقاله،علقت له صورة ضخمة داخل سور الحرم الجامعي، والذي ربما تفاجيء الكثيرين منهم، كما تفاجئت أنا وغيري من الأهل والأصدقاء،أن يكون سائد ضمن خلية الجبهة الشعبية، والتي أطلق عليها خلية السيارات المفخخة، وسائد والحق يقال يتمتع بعقلية علمية ومنهاجية، ولدية قدرات عالية على التحليل واكتساب المعرفة، وله قدرة عالية على التكيف مع الظروف والأوضاع التي يوجد أو يوضع فيها، فهو عندما ترحلنا أو رحلنا معاً ، من سجن عسقلان الى سجن نفحة في أوائل عام 2002، لم يكن له مكان في غرف رفاق الشعبية، وعاش فترة في غرف المجاهدين من حركة حماس وكان مثالاً ونموذجاً لاحترام المشاعر والعلاقات الدافئة، وسائد عميق في أفكاره وقناعاته، ولا يبدل أو يغير هذه الأفكار والقناعات،الا اذا توصل الى قناعات أخرى تغايرها جذرياً، وهو يرى أن المعتقل، بحد ذاته مدرسة نضالية ، تزود المناضل في الكثير من المعارف والخبرات والقدرات والتجارب، اذا ما أحسن المناضل استغلال وجوده ودوره فيه.
والمناضلان علاء علي وسائد سلامة، يبقيان نموذجاً ومثالاً صارخاً ، على قصورات السلطة والأحزاب بحقهم، السلطة التي سلمت بالاشتراطات الإسرائيلية بحقهم، وهي عدم شملهم بأية عمليات إفراج،ضمن ما يسمى بحسن النوايا الإسرائيلية، والسلطة أيضاً والفصائل والأحزاب، بعدم إعارة قضيتهم الاهتمام الكافي واللازم، وترك قضية تحررهم من المعتقلات ، هم وأسرى مناطق عام 1948 ، رهناً بيد الاسرائيلين وأجهزة مخابراتهم، والتي تنظر لقضيتهم خاصة وقضية الأسرى عامة، على أنها ملف يجب ابتزاز الشعب الفلسطيني فيه ودفعه لتقديم تنازلات سياسية .
ومن هنا فإنني أدعو الى عدم ترك أسرى القدس والثمانية وأربعين فريسة لحسن النوايا والتصنيفات والتقسيمات الإسرائيلية.


القدس – فلسطين

Quds.45@gmail.com

لماذا يتعاملون معنا كقطعان بشرية..


عطا مناع

لا بأس من جلد الذات، وخاصة أن الفلسطيني عرضة للجلد النفسي والجسدي من قيادته بألوانها المختلفة، تلك القيادية التي تثبت مع مرور الوقت أنها دون مستوى شعبها القادر على الوقوف كما الزيتونة في وجه المخططات التصوفية والتجويعية منذ عشرينيات القرن الماضي على يد عصابات شتيرن والهاغاناة المدعومة من قبل الاستعمار البريطاني وعمليات التهجير لمئات الآلاف من الفلسطينيين تحث وقع المجازر في دير ياسين وكفر قاسم وقبية وصبرا وشاتيلا ناهيك عن الجرائم اليومية لدولة الاحتلال التي أودت بحياة عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب.

من المجدي الاعتراف أن مصيبة هذا الشعب تكمن في قيادته التي لم تؤمن في يوم من الأيام بة كشعب مناضل قادر على انجاز مهمات المرحلة بالتحرر والاستقلال، فكان التفرد منذ ثلاثينيات القرن الماضي بالقرارات التي عبرت عن تطلعات ومصالح ضيقة لشرائح تميزت بارتجالية القرارات التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنها في ثورة 36-39 وفي كافة المنعطفات الوطنية في الأردن ولبنان،سياسات جرتنا إلى مطبات سياسية كان اتفاق اوسلوا أخطرها، هذا الاتفاق النخبوي الذي لم يعبر عن مصالح الشعب المجيد أصلا والأكثر معاناة من انعكاساته التي جلبت التفكك والانقسام للشعب الفلسطيني.

يجب أن نعترف كشعب فلسطيني أن تأثيرنا كجماهير في الحركة السياسية معدوم ونتعامل بسلبية مع المخاطر التي تحدق بقضيتنا الوطنية،وننقاد بشكل عفوي لمواجهة الاحتلال من اجل تمرير أجندات لا تمت لمصالحنا الوطنية بصلة، ويجب أن نواجه حقيقة أننا كشعب ممتهنين من قيادتنا التي تتعامل معنا كقطيع بشري وتستخدمنا كحطب لانجاز تطلعاتها، ولا باس من التأكيد أن انتفاضة الحجارة جلبت لنا أوسلو وانتفاضة الأقصى جلبت لنا الانقسام الداخلي والانفصال بين قطاع غزة والضفة الغربية.

في الانتفاضة الأولى رفع الشعب الفلسطيني شعاره المعروف لا صوت يعلو صوت الانتفاضة لا صوت يعلو فوق صوت شعب فلسطين، ليتضح أن أصوات الأقزام من أصحاب المبادرات علت على صوت الشعب، ووقفنا كشعب فلسطين في وجه جدار الضم لنكتشف أن شخصيات قيادية فلسطينية تمد الجدار بالحديد والاسمنت، وآمنا كشعب فلسطين بالانتخابات كتعبير ديمقراطي لنكتشف أنها مصيدة للانقلاب الجغرافي والسياسي وأنها فخ للإيقاع بنا، ناضلنا من اجل الوحدة الوطنية وقدمنا من اجلها الكثير لتنهار في أول منعطف باسم الديمقراطية، جسدنا ثقافة وحدة الدم والحال ليقلبوا واقعنا رأسا على عقب ولنشهد الإعدامات الميدانية وعمليات القتل الغير مبرر باسم الم الفلسطيني.

حتى كرامتنا سلبوها وأصبحوا يتعاملوا معنا كحيوانات وكقطعان بشرية نساق بالعصا إلى حظيرة الخنوع والاستسلام وخير دليل على المشاهد المخزية التي شهدتها شوارع قطاع غزة والضفة الغربية، أغلقوا مؤسسات الشعب لوحق الوطنيون وطرحت الخطط الأمنية، وأهينت القيادات لتحلق الرؤؤس والشوارب وتعتقل النساء وتقتحم الأفراح وتمنع الرايات الحمساوية في الضفة والفتحاوية في غزة، وترتفع أصوات التخوين، لتكون مقدمة للدوس على كرامة المواطن المثقل بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

كل هذه الممارسات الإجرامية بحق الشعب أضف إليها فعل الاحتلال من عمليات القتل والإبادة في غزة والتوغلات والاعتقالات والاغتيالات في الضفة تعطي صورة واضحة ولكن مؤلمة عما يرتكب بحق الشعب الفلسطيني من قيادته التي، ومع ذلك تحاول القيادة الفلسطينية سواء في غزة أو رام اللة اقنعنا أن الصراع يستهدف مصلحة الشعب وان انعدام البرنامج المشترك وذهاب الديمقراطية وحقوق الإنسان الفلسطيني أدراج الرياح مؤقت وان المفاوضات الميتة قبل أن تولد مجدية وإطلاق الصواريخ التي تفتقر إلى الوحدة والإجماع والإستراتيجية نضالا.

من منطلق لا يصح إلا الصحيح، نحن نتعرض لعملية تضليل من كافة الأطراف المتصارعة، لذلك لا بد من وقفة جماهيرية مدعومة من القوى المناهضة للانقسام،لا بد من استعادة المبادرة وتصويب الأوضاع الداخلية، لا أميل إلى التفاؤل من تدخل القاهرة لحل الخلاف، ولا أميل أن احد الأطراف يحمل نوايا طيبة تجاه الآخر، وكل ما يطرح من تصريحات ما هو إلا شعارات اعتراضية وتكتيكية تهدف إحراج الأخر وقطع الطريق علية، وبناء علية فان الأطراف المتصارعة لن تعود عن سياساتها إلا بخلق واقع مناهض للموجود على الأرض، وبعكس ذلك سنبقى كشعب مجرد قطيع في نظرهم.

الضمير الأسود

رولا أحوش
مشهد يتكرر كل مرة يحاول أحد التعبير عن رأيه، وتثبيت نظرية بلد الحريات، فيقطع عليه بعض الأشخاص الطريق متخطين كل الأعراف الانسانية والأخلاقية والحريات العامة والخاصة دون تخطي الأحقاد الدفينة والأيام المريرة الماضية،مقررين ومن تلقاء نفسهم وقف ما يدّعون انه شغب وغير حضاري مطلقين العنان لشرهم بطريقة اكثر حضارية وتطوراً مستعملين رصاص الغدر في ظهر اخوة لهم في الانسانية...والوطنية!

يجر البعض البلاد الى هاوية لا نهاية لها بعد ان اعتاد هذا البعض نفسه على بناء أمجاده على دماء وأحزان وأوجاع وجراح الآخرين. لن نكرّر ما ذكرته الصحف عن ذاك الأحد الأسود المشؤوم ولكننا نتساءل طبعاً عن الأسباب والأهداف. لماذا لم يقبل فريق يمثل قلة من الناس بعد فكرة التعددية الطائفية وامكانية العيش والتعايش بين حضارتين وثقافتين مختلفتين، لماذا لم تقبل هذه القلة ولم تفهم بعد ان لبنان هو للجميع وهي نفسها تتبجح امام شاشات التلفزة كلّ يوم مدّعية أن لبنان لن يقوم إلا بجناحيه المسلم والمسيحي ولكنها في لحظة طائشة متسرعة تبرز مخالبها لتطيح بكل القيم الانسانية وتعود الى قوقعتها الطائفية التي لا تدمر في النهاية الا صاحبها.

أيعتقد هؤلاء كونهم ينتمون الى السلطة الحاكمة أنهم محصّنون ومغطّون؟؟؟ ولكن من سيغطيهم ان كان الصدام كاد ليؤدي إلى توريط المؤسسة العسكرية، التي ما زلنا على الأقل نعتقتد انها المصداقية الوحيدة المتبقية ونؤمن بشفافيتها وقدرتها على كشف الأمور دون الرضوخ للضّغوط السياسية والدينية...

في السنوات الخمسة عشر الأخيرة كانت ترافق المظاهرات الاحتجاجية على الجوع والفقر والنفي والسجن خراطيم المياه واكعاب البنادق الخاصة بأجهزة وحدة المسار والمصير اما منذ سنتين تقريباً فأصبحت نيران البنادق والمسدسات توجه الى قلوب المحتجحين على سياسة خاطئة قد يؤدي تصحيحها الى استفادة البلد بأكمله وليس فريق دون سواه، كما أصبحت العصي تنهال على الرؤوس والسيارات والاملاك العامة من قبل فريق نصب نفسه حاكماً بالتنصيب بعد ان انفصل عن توأمه المساري والمصيري بالجسد اما بالروح فما زالت "توأم الروح"

من ينسى يوم ال Attack الذي حلم به بعض الصبية في الأشرفية، ومن ينسى يوم الهجوم على كنيسة مار مارون وحرق السفارة الدانماركية وكيف تمّ الصمت من قبل هذا الفريق آنذاك لا بل اسوأ، قد تم تبرير الموضوع وتمريره ولملمته.... ومن ينسى الهجوم الدائم والمستمر على العماد عون منذ عودته الى لبنان مروراً بزيارته كنيسة مار مارون وصولاً الى التفاهم مع حزب الله واحتضان جمهور المقاومة خلال حرب تموز 2006 كما ولن ننسى رصاص الصباح والظهر والمساء الذي انهال على المعارضة يوم 23 كانون الثاني 2007 خلال المظاهرات الاحتجاجية حينها كما اختلاق اشكال في الجامعة العربية بعد يومين، لنشهد القناصة بوجوههم المعروفة المكشوفة يطلقون النار على مرأى من كل القوى السياسية والأمنية ولكنهم يعرفون جيداً كيف يطمرون حقيقتهم ويخفون آثار جرائمهم متناسين ان الله كما الشعب يمهل ولا يهمل....

هذا من ناحية القادة وقواعدهم وما تسببه لهم فكرة السلام والوحدة والتعايش، اما الأغرب والأعجب هو موقف الكنيسة من هذا كله. فالبطريرك صفير عاش التجربة كاملة التي سببها موقفه في عامي 1989-1990 وها هو اليوم يتخذ الموقف نفسه بالوقوف الى جانب طرف دون آخر بالرغم من ان صور العسكريين المرميين بالرصاص عراة على الحيطان ما زالت خير شاهد ودليل، كما وآنذاك مجزرة نهر الموت لم تمّح بعد من الذاكرة بالرغم من ادّعاء البعض ان مندسين مدججين بالاسلحة تغلغلوا بين المتظاهرين واطلقوا النار، كما عرضت هذا السيناريو احدى المحطات التلفزيونية اللبنانية الشهيرة حينذاك.

كما البطريرك صفير كذلك المطران بشارة الراعي الذي ابدى رأيه السياسي المنحاز منذ اسابيع قليلة كما والمطران الياس عودة الذي جعل اللبنانيين لسنوات يتسمرون لسماعه، شبههم حين اعتصموا في ساحة الشهداء بالغنم الذي لا يعرفون ماذا يفعلون ولماذا يعتصمون؟

كنيسة تعتبر نصف شعبها أو أكثر خارج عن المسيحية كونه يؤمن بالتعايش، وكنيسة اخرى تعتبر هذا النصف او اكثر غنماً لأنه يريد المشاركة الحقيقية للمسيحيين في ادارة البلاد وذلك بتحريض من بعض المسيحيّون الدجالون التابعين للقلة الحاكمة. أوليس من الأفضل لو ان الكنيسة تعود لتصبح كدستور الايمان "واحدة و جامعة" فتعكس صورة المسيح الحقيقية لأبنائها ولغيرهم في العالم ، صورة الأب والمخلص والمعلم ومثال الحب والرجاء والحق والتسامح والتواضع والتضحية... عندها قد يتعلم من استعمل العنف والقتل بحجة الحفاظ على وجوده المسيحي ان المسيح يبرز في التصرف الذي ينتج عن الايمان الحقيقي، فلا يمكن ان يقتل الانسان اخيه الانسان وقد قرأ يوماً آية: "احبوا بعضكم بعضاً..." كما لا يمكن ان يستعمل المسيحي الحقيقي المسيح لأهداف وغايات دنيوية شهوانية حاملاً رصاص القتل من اجله وهو الذي لا يأتي بالبطش ولا بالعواصف انما بالنسيم العليل، وهو القائل: "قد يضطهدونكم ويقتلونكم لأجلي فافرحوا وابتهجوا"... ولم يقل مرة اقتلوا ودافعوا عني واسفكوا الدماء، لأنه هو وحده واهب الحباة والحاكم العادل والعين الساهرة على جميع مخلوقاته....

ان اغرب ما في الأمر وأشدّه أسفاً، ان المسيح النائم في كل الأديان يصحو أحياناً عند المسلم الشيعي من خلال استيعابه ما حصل من اطلاق رصاص عشوائي على العشرات من ابنائه، وقدرته على ضبط النفس والصلاة من أجل راحة نفوسهم مدركاً ان: "من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ"، ولا يصحو في كثير من الأحيان عند المسيحي الذي يجب الا ينام المسيح فيه أبداً لا بل يجب ان يوقظ هذا المسيح في داخله مراراً وتكراراً، كما يوقظه المسيح في لحظات غفوات الضمير صارخاً من وجع الشوك على جبينه والمسامير في يديه:

"اسهروا لانكم لا تعلمون في اية ساعة يأتي ربكم، فطوبى للذي يجده مستيقظاً اما المتغافل فغير مستحق!"

وياليت رجال الدين يتعظون أولاً!!!!

الثلاثاء، يناير 29، 2008

شهادة بالمقاومة السياسية للحكومة

سعيد علم الدين
في الدولة العدوة إسرائيل تقرير فينو غراد الذي سيصدر بفصله الأخير بعد أيام، يقض مضاجع من أمر بشن الحرب أولمرت وطاقمه ومنهم من استقال مسبقا كوزير الدفاع بيرتس وغيره. كيف لا والتقرير سيقيس ما حدث في حرب تموز بالمقياس الديمقراطي الحساس العادل الشفاف: ليكتشف أقل الأخطاء، ويُظْهِر أصغر الهفوات، ويضع النقاط على الحروف لاستخلاص العبر والدروس، محملاً المسؤولية للمسؤول إن كان سياسيا أو عسكراً، لتدحرج أكبر وأعتى الرؤوس.
أما في لبنان المنكوب بآيات الله المرضى النفوس، وعتاة المخابرات البعثية وعملائهم اللصوص يحدث العكس تماما. حيث حسن نصر الله الذي شن مع حزبه وبأوامر مرشده عملية الخطف للجنود الإسرائيليين وتسببوا بكارثة تاريخية للبنان: يعربدون بنصرهم الوهمي على الشعب المنكوب بكارثتهم، ويقضون مضاجع اللبنانيين مكررين مشاهد الماضي الأليم مسببين لهم الأوجاع والآلام، ويربكون الدولة المغلوبة على أمرها، وينهكون الجيش وقوى الأمن بما يمارسونه من أعمال مخلة بالنظام العام وحرية المواطنين، ويهاجمون الحكومة البريئة المظلومة بشرورهم وشتائمهم وبذاءاتهم وانحطاطاتهم الأخلاقية.
والحكومة والله والعالم يشهد! أنها لم تتأخر لحظة واحدة عن القيام بواجبها الوطني الكامل على أفضل ما يكون أثناء الحرب وحتى الآن.
ولهذا فإن عجزهم الظاهر عن مواجهتها منطقيا وقانونيا ودستوريا بأخطائها في البرلمان على طريقة فينو غراد العاقلة وإسقاطها شرعيا دفعهم إلى الهذيان واحتلال الساحات وقطع الطرقات وحرق الدواليب والاعتداء على الجيش الوطني الأبي الصامد والتسبب بسقوط أبرياء، دمهم في رقبة هؤلاء.
لقد زرعوا الحقد والكذب والافتراء والتجني والتحريض على الحكومة وقوى السيادة والحرية والاستقلال وسيحصدونه خيبةً سترتد عليهم: شوكا في أيديهم، وعلقما في حلوقهم، وذلا على وجوههم، وعارا تاريخيا سيلاحقهم إلى الأبد.
يتهمون الحكومة بالعمالة لأمريكا كذبا ونفاقا وفجوراً وبهتانا وهم يعرفون تماما أنهم كاذبون ومنحطون.
في الوقت الذي يعلن فيه المندوب الاميركي السابق لدى الامم المتحدة جون بولتون امتعاضه وحنقه على حكومة السنيورة الممانعة والصامدة في وجه الأمريكان. هو يعطيها هنا عن غير قصد شهادة بالوطنية والحرص على مصالح لبنان العليا، عندما يتهم وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بالرضوخ للمطالب الفرنسية واللبنانية في شأن بنود اتفاق وقف الاعمال العدائية الذي أدى إلى صدور القرار الدولي 1701، مشيراً إلى انه أبلغ ذلك الى اسرائيل.وأوردت صحيفة "هآرتس" ان هذا الموقف ورد في كتاب وجهه نائب المندوب الاسرائيلي لدى الامم المتحدة السفير دانيال كارمون الى وزارة الخارجية الاسرائيلية الجمعة 11 آب 2006، أي قبل وقف الحرب بثلاثة أيام، وجاء فيه ان "مسودة القرار 1701 ستنص على أن تعمل القوة متعددة الجنسية التي سترسل إلى لبنان فقط بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، أي من غير أن تكون في يدها صلاحيات لضبط الأمن في جنوب لبنان، وأنه ستذكر مزارع شبعا في القرار، وفقاً لموقف الحكومة اللبنانية الذي تبنته فرنسا، وأن رايس وافقت على هذين الموقفين".
هذا الكلام هو فخر لحكومة السنيورة وباعتراف العدو ويؤكد أنها حقا كانت حكومة المقاومة السياسة بامتياز، ولا تحتاج إلى شهادة من الساقطين في الوطنية، والفاشلين في الحفاظ على مصالح الأمة العربية العليا، كهذه الأقلية الإلهية الغوغائية الباغية.
وبينما كانت حكومة السنيورة تقاوم سياسيا بشهادة العدو، كان نصر الله على الشاشات يستجدي خفيض الجناح وقف اطلاق النار.
كلام العدو واعتراف بولتون يؤكد مرة أخرى أن موقف حكومة السنيورة الوطني المشرف أوقف الحرب وخفف من وطأة القرار 1701 على لبنان وعلى حزب الله بالذات، وإلا لكان صدر تحت البند السابع وبشروط استسلامية لن يستطيع الحزب اللاهي رفضها آنذاك. الذي كان يمر في حالة يرثى لها بسبب قصف الطيران الإسرائيلي المتواصل في آخر أيام الحرب. عودة إلى أرشيف خطابات نصر الله في أواخر أيام الحرب وتسجيلاته بالصوت والصورية تظهره بوضوح كيف كان يستجدي الحكومة لتعمل كأولوية قصوى على وقف إطلاق النار. وفي أكثر من إطلالة.
فقط نقول لهؤلاء المشايخ والساسة يا عيب الشؤم على هكذا بشر ساقطة في الدنيا والآخرة .
حقا يقال بحق هؤلاء الساقطين المفلسين الغوغائيين: "اتق شر من أحسنت إليه".

شهر الحزن والوفاء الجبهاوي

راسم عبيدات

.....حسب التاريخ الإسلامي ،في السنة العاشرة للبعثة،توفي عم الرسول محمد(صلعم) أبو طالب الذي كفله ورعاه، وكان سنده القوي في الدفاع عنه أمام قريش، عندما كان يبشر بالإسلام، ومن ثم توفيت زوجته خديجة،التي أحبها وآزرته وناصرته في دعوته ورزق أولاده منها، ودعي هذا العام لكونه كان ثقيلاً وقاسياً على الرسول بعام الحزن، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حدث عندها ما يشبه ذلك، ففي شهر كانون ثاني/ 2008 ، خسرت اثنان من أبرز قادتها ورموزها ، الرفيق القائد والمؤسس جورج حبش(حكيم الثورة وضميرها)، مؤسس حركة القوميين العرب، ومن ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والرفيق القائد د.احمد المسلماني، عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة، والخسارة هنا لم تكن للجبهة لوحدها، بل خسارة لشعب وأمة بأسرها ، فالرفيق الحكيم بقدر ما كان زاهداً وبسيطاً في حياته، بالقدر الذي كان حاداً وحازماً في المبادىء والأفكار والحقوق، ولا يهادن أو يساوم على قضايا لها علاقة بالقضية والشعب والوطن، ويفيض دفئاً وحباً في القضايا الإنسانية والاجتماعية، ولم يتقاعد أو يتخلى عن دوره الوطني،حتى وهو على فراش الموت، كان يدعو ألوان الطيف السياسي الفلسطيني للوحدة والتمسك بالثوابت،ويسأل عن أحوال شعبه في القطاع، هل رفع الحصار وفتحت المعابر؟، وهذا القائد ظل مسكوناً بهاجس العودة ويرفض أية حلول تلتف على هذا الحق أو تنتقص منه، وكان يشكل كابوساً ثقيلاً للاحتلال الإسرائيلي الذي حاول اغتياله واختطافه أكثر من مرة، حتى أن الصحف الإسرائيلية وصفت جهاز الأمن الإسرائيلي"الموساد" بالمشلول لعجزه عن اغتيال الحكيم،الذي تتهمه بتنفيذ عمليات فدائية مؤلمة وقاسية،والحكيم كما قال صالح رأفت في لقاء مع تلفزيون فلسطين حول رحيل الحكيم ، انه لم يكن يسعى إلى وسائل الإعلام،بل وسائل الأعلام كانت تسعى إليه، فهو إنسان يحب العمل ولا يحب الأضواء والكاميرات،كما هو الحال عند العديد من القيادات الفلسطينية، حيث أن جل اهتمامه كان يكرسه للحزب والثورة والقضية والوطن، والحكيم اكتسب شعبيته وجماهيريته من خلال العمل بين الجماهير والتعلم منهم ،وحسن الاستماع إلى همومها ومشاكلها وقضاياها، ولم تكن بينه وبينهم سدود وحواجز، ومن هنا فانه ليس من الغريب،أن تخرج الجماهير في الوطن وأرض اللجوء والشتات في مسيرات جماهيرية حاشدة وغاضبة عفوية، عند سماعها نبأ رحيله وتشارك بكثافة وزخم غير مسبوقين في تشيعه لمثواه الأخير، وكذلك هناك عشرات المقالات التي كتبت حول رحيل الحكيم، والخسارة التي منيت بها القوى الوطنية والقومية والتقدمية ليس،في فلسطين والعالم العربي ،بل وفي العالم أجمع، مما يدلل على حجم الدور والثقة التي ،يتمتع بها الحكيم في أوساط تلك القوى والأحزاب. وكذلك فهو تعبير عن مدى حب وثقة ووفاء الجماهير لهذا القائد، الذي لم يخذلها ولم يساوم أو يتنازل عن حقوقها وثوابتها، وكانت تنظر اليه على انه البوصلة والضمير الحي لهذا الشعب.
أما الرفيق القائد" ابو وسام" احمد المسلماني، احد تلامذة الحكيم ، والذي تربى ونمى وتطور وصقل تجاربه وخبراته التنظيمية والحزبية والسياسية في مدرسة الحكيم ، ونهل من أفكاره ومبادئه وقيمه الثورية، فقد رحل قبل معلمه بعشرين يوم فقط ، رحيلاً مبكراً في وقت أحوج ما تكون فيه القدس لهذا القائد الذي كان أحد أعمدة عملها الجماهيري ، ومن أشرس المدافعين عن عروبتها ، ولم يغب عن أي لجنة أو نشاط له علاقة في حماية مؤسسات القدس من الضياع والإغلاق،بل كان العمود الفقري للجنة الشعبية لمواجهة الجدار والاستيطان،وبصفته المدير العام لاتحاد لجان العمل الصحي في الضفة الغربية، كان يجوبها شمالاً وجنوباً،في سبيل تقديم الخدمة للناس، وكان يقف على أدق التفاصيل،وأسر الشهداء والأسرى وكذلك الأسر المحتاجة تعرف جيداً،مدى عطاء المسلماني في هذا الجانب، وكما هو حال الحكيم فالمسلماني، عرف بمصداقيته ومبدئيته العالية، حتى أن البعض ومن أبناء حزبه في لحظات الردة والانكسار والإحباط، كان يقولون أن هذا الرجل يغرد خارج السرب، وفي رأسه "مية عتيقة"،وان أفكاره أصبحت منفصلة عن الواقع،وكذلك فهو يتشبث بقناعاته ومبادئه حتى النهاية،ويدافع عنها بالحجة والدليل والمنطق، وليس بشيء من العدمية أو الرفض من أجل الرفض،وكما هو الحكيم فهو أيضاً،لم يتلوث في قضايا الفساد المالي والإداري،الذي يعشعش ويتغلغل في جوانب وجدران الكثير من المؤسسات غير الحكومية،والتي أصبح الكثير من مدرائها العامون يملكون أرصدة بالملاين في البنوك،"وفلل" وسيارات فارهة في زمن فلكي،ورغم ثقل وضخامة حجم المهام والمسؤوليات التي كان يضطلع بها،في المؤسسة والنشاط الجماهيري والمؤسساتي، فهو أيضاً شكل أحد روافع الحزبية والتنظيمية للحزب، ولم يكن يترفع عن أي عمل أو مهمة يتكلف بها، مهما كبرت أو صغرت، وكان يعتبر نفسه جندياً في خدمة الحزب والوطن، وكان ينظر للأمور في إطارها وسياقاتها الشمولية والوطنية العامة، وليس في الإطار الحزبي والفئوي الضيقتين،وكان دائماً يقول في كل اللقاءات والاجتماعات وورش العمل التي كانت تعقد حول المدينة المقدسة،أن القدس تحتاج لكل جهد مهما كبر أو صغر،والقدس فوق الجميع وهي أكبر من كل الفصائل والأحزاب،ومواجهة مخططات أسرلتها وتهويدها،لا تتم من خلال"الفرمانات" والتعيينات الفوقية،بل من خلال مرجعية شعبية حقيقية،تعبر عن هموم ومصالح أهل المدينة المقدسة، وبخطوات جدية وعملية على الأرض، وليس من خلال دعوة بعض المكلفين بشؤون القدس الصحافة لعقد لقاءات ومؤتمرات صحفية،لتسليط الأضواء عليهم"وفقع" التصريحات في الصحافة ووسائل الأعلام،حول خطط وبرامج ومشاريع للقدس، تبقى حبراً على ورق وفي إطارها الإعلامي والصحفي.
نعم انه شهر الحزن الجبهاوي ،هذا الحزن بسبب الخسارة الثقيلة والمؤلمة لقيادات حزبية ووطنية وقومية ، منصهرة ومنتمية ومنغمسة في النضال حتى أخمص قدمها، وقد سبقها قبل نصف عام خسارة ثقيلة أخرى لقائد من طراز خاص ،كان دائمأ يلوذ بالصمت ، ولكن كان صاحب المهام الصعبة في العمل الحزبي والتنظيمي ، والعدو قبل الصديق يشهد أن الفولاذ يلين وهو لا يلين، وأسطورة من أساطير النضال والصمود،تعرفه كل مراكز التحقيق والزنازين الإسرائيلية،انه الرفيق القائد المهندس خالد باكير"أبو المجد"، عضو اللجنة المركزية العامة، ورغم خسارة الحزب والقدس والقضية والشعب والوطن لهؤلاء القادة العظام،الا أن العزاء كان في مدى وفاء واحتضان الجماهير لهم ،هذه الجماهير التي عبرت عن حبها ووفائها بالخروج بالآلف في وداع ورحيل هؤلاء القادة والقسم،على أن تبقى وفية لمبادئهم وأفكارهم وقيمهم الثورية والنضالية والإنسانية، وحتماً حزباً بهذه المواصفات قادته ومؤسسيه وأعضائه،يستحق أن يحيا ويتبوأ مكانة هامة في المجتمع وبين الجماهير بعيداً عن التذيل لهذا الفريق أو ذاك.

القدس – فلسطين

29/1/2008
Quds.45gmail.com

دكتور فياض وشعار ادفع بالتي هي أحسن


عطا مناع

صدق الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء في حكومة تصريف الإعمال عندما تحدث عن ثقافة عدم الدفع وتراكم الديون على المواطنين مما أثقل كاهل السلطة مما اضطرت الحكومة لاتخاذ قرار حصول المواطن الفلسطيني على براءة ذمة من الجهات ذات العلاقة وإلا،لسان حال السيد رئيس الوزراء يقول: لقد اعذر من انذر وان زمان التسيب والتهرب من الالتزامات ولى وان هناك قرارات صارمة ستتخذ بحق من لا يلتزم، القرارات ستكون بحرمان المواطن الفلسطيني الغير ملتزم بفرمان الحكومة من انجاز معاملاته وكل الرؤؤس سواء كما أكد السيد رئيس الوزراء.

إن مع قرار السيد رئيس الوزراء قلبا وقالبا لأنة لا يصح إلا الصحيح، ولكن... إلا يفترض من الحكومة الفلسطينية أن تقرن هذا القرار بخطوات من شانها إن تضمن حصول المواطن على الخدمات المتعارف علبها والتي تقدمها كل الحكومات في العالم الثالث والرابع والخامس، أليس من حق المواطن الفلسطيني أن يتلقى الخدمات المعقولة في المستشفيات الحكومية التي تفتقر للأدوية والكادر الوظيفي المتخصص، أين الحكومة من الخطط التطويرية والتنموية التي من شانها استيعاب جيش العاطلين عن العمل، وهل الحكومة في صورة وضع الفلاح الفلسطيني الذي يدور في حلقة مفرغة جراء الاعتداءات المستمرة لدولة الاحتلال وقطعان مستوطنيها، ماذا عن عشرات المصانع والمشاغل التي أغلقت أبوابها بسبب الحصار وفتح الباب على مصراعيه لانتهاك ما راكمة الاقتصاد الوطني من انجازات من خلال فتح السوق الفلسطيني أمام الاستيراد من الصين وتركيا وغيرهما من الدول.

رئيس الوزراء على حق، ولكن.. ماذا عمل السيد رئيس الوزراء وحكومته الموقرة للقضاء على نظام الدوام المسائي لعشرات الآلاف من الأطفال من شمال فلسطين إلى جنوبها، صحيح أن السيد رئيس الوزراء تحدث عن الشرائح الفقيرة في المجتمع الفلسطيني وقال أنة سيساعدها، ولكن المعطيات البحثية والدراسات الميدانية تشير ارتفاع مستوى الفقر إلى ما بعد الخط الأحمر، فالبطالة تعمقت في أوساط الفلسطينيين الذين اعتمدوا على العمل في الدولة العبرية، وهناك عائلات لا يتجاوز دخل الفرد فيها الدولار الواحد في اليوم،وهؤلاء هم الأكثر تضررا من الحصار والاجرءات الاحتلالية لأنهم دفعوا ضريبة مضاعفة الأولى للوطن والثانية للحصار الذي اخذ ما اخذ منهم، ليكون حالهم خبزنا كفاف يومنا.

إن دفع المستحقات واجب وطني على كل مواطن شريف أن يلتزم بة، ولكن مستوى الإنفاق ارتفع بشكل جنوني ، لتصبح قيمة السلة الشرائية أضعاف دخل المواطن، ولا أريد أن ادخل في مقارنة مع السلة الشرائية عند العائلة الإسرائيلية في ظل أن القيمة الشرائية واحد في الضفة الغربية وفي دولة الاحتلال، وفي ظل أن الإسرائيلي يحصل على نفس السلعة بثمن اقل ويتلقى خدمات ومنها الكهرباء بتكلفة اقل، وهذا سؤال يطرح على طاولة الحكومة الفلسطينية للإجابة علية.

نحن بحاجة إلى دعم السلع الأساسية التي لم يعد بمقدور العائلة الفلسطينية متوسطة الدخل توفيرها، نحن بحاجة إلى سلعة صالحة للاستخدام الآدمي وهذا واجب الحكومة، لا يعقل أن يتدخل الرئيس محمود عباس شخصيا في قضية الطحين الفاسد ببيت لحم بعد قرار قضائي بالإفراج عنة رغم اعتراف صاحبة باحتوائه على صراصير وتأكيد مديرية صحة المحافظة على انتشار الجرذان والكلاب في المستودع، لا يعقل أن يتحول الوطن إلى مجموعة من الاحتكارات لرأس المال الذي لا يرحم احد، اعتقد أن أهم واجبات الحكومة الدفاع عن مصالح المواطن باستصدار قوانين تحافظ على مصالحة وتنشيط القوانين النائمة.

ما للة وما لقيصر لقيصر، ولن ينجح شعار رئيس الوزراء ادفع بالتي هي أحسن لان فاقد الشيء لا يعطيه، فالمواطن الفلسطيني مواطنا ملتزما والتسيب والانفلاش ليس من شيمة، وبناء علية المطلوب من الحكومة مراجعة الذات واعتماد سياسات واقعية تراكم لتجاوز الأزمة والتأسيس لعودة الحيلة إلى طبيعتها وعلى كافة الصعد، المطلوب من الحكومة الابتعاد عن الوصفات الجاهزة والشعارات المثالية التي ستصطدم بالواقع المرير، المطلوب انتهاج سياسة اقتصادية تأخذ بالاعتبار مصلحة المواطن وحاجاته وامكانياتة، وإلا فان الفشل سيكون من نصيب الحكومة وسترحل دون أن ناسف عليها.

الأحد، يناير 27، 2008

أبو تريكة... كلمتين وبس


نيللي المصري
من اجل الصهاينة تقوم الدنيا ولا تقعد،، العالم بأسره يدعم خطواتهم وحروبهم وحصارهم ضد الشعب الفلسطيني الذي يعاني ويلاتهم على مر السنين...

نجم الكرة العربية والمصرية محمد ابو تريكة اتخذ بحقه قرارا ظالما ومجحفا لمجرد انه أعلن عن مشاعره كمواطن مسلم عربي المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني وتحديدا قطاع غزة الصامد أمام جبروت هذا الاحتلال بعد تسجيله للهدف الثاني لمنتخب بلاده أمام السودان خلع أبوتريكة قميصه ليظهر عبارة كتبها على قميصه الداخلي : (تعاطفا مع غزة SYMPATHIZE WITH GAZA ) لتذكير العالم المنشغل في متابعة بطولة الأمم الأفريقية بمعاناة الشعب الفلسطيني الامر الذي لاقى استنكارا شديدا من الكاف، وربما سيواجه ابو تريكة ايقافا لمبارتين قادمتين ضمن نفس البطولة بسبب هذا التعاطف..

أصبحت مشاعر التعاطف هذه مع الشعب الفلسطيني المحاصر بمثابة تهمة مجحفة بحق كل من يحاول الانتصار لهذا الشعب وتحت حجج واهية يتذرعون بمنع الفيفا لاستخدام الشعارات السياسية في المباريات الرسمية... فأين كانت قوانين الفيفا حين قام لاعب غانا جون بينتسيل برفع علم الكيان الصهيوني في كأس العالم 2006 وتحديدا بعد فوز غانا على التشيك والذي لم يلقى أي عقوبة حينها....
المسلمين والعرب يحذر عليهم رفع أي شعار تضامني أو حتى كلمة تضامنية بينما الكيان الصهيوني يتمتع بكافة الامتيازات والدعم ولاشك أن ما قام به ابو تريكة ستتعزز من مكانته في قلوب عشاق كرة القدم وغيرهم باعتباره رياضي خلوق مسلم ملتزم وعلى قدر من الاحساس بمعاناة العرب والمسلمين رغم انه كان يدرك خطورة ما قام به ،
ابو تريكة من خلال ما قادم به حمل رسالة واضحة تحميل مضمونا انسانيا بحتا، فهو لم يرفع عبارات الادانة والاستنكار ضد الكيان الصهيوني وانما عبر عن مشاعره المتضامنة كشاب مسلم عربي مع اهله في غزة وقد سبق له في البطولة السابقة التي استضافتها وفازت بها مصر عام 2006 أن عبر بنفس الطريقة عن استيائه من الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي نشرتها صحيفة 'يولاندز بوست' الدنماركية عام 2005، ثم أعادت نشرها عدة صحف غربية بدعوى حرية الرأي.
فهنيئا لك يا ابو تريكة حصولك على اشرف انذار في العالم

قضايا استراتيجية يفجرها معبر رفح


نقولا ناصر

ان الثغرات التي فتحتها متفجرات وبلدوزرات فلسطينية في السياج الحدودي بين قطاع غزة وبين مصر كانت منافذ هروب مؤقتة من الحصار المحكم الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة ، فيما وصفته احدى وسائل الاعلام بانه "أكبر عملية هروب من السجن في التاريخ" ، ويمكنها ان تتحول الى مخارج دائمة من هذا الحصار اذا امكن تحويلها الى قنوات تواصل للحوار الوطني الفلسطيني ، كما اقترحت حماس ومصر فعلا ، او ان تتحول الى فجوات جديدة توسع هوة الانقسام الفلسطيني كما يتضح من اصرار الرئاسة الفلسطينية على العودة الى قطاع غزة عبر نافذة معبر رفح التي فتحتها حماس لكن من خلال القناة الاسرائيلية لا من خلال الشراكة الوطنية مع حماس .

وموقف الرئاسة الفلسطينية هذا يرتهن امكانية فتح معبر رفح للتنسيق الامني بين الرئاسة وبين دولة الاحتلال ليعود فتحه كما كان قبل اغلاقه في حزيران / يونيو الماضي بوابة من بوابات الحصار المفروض على قطاع غزة بدلا من امكانية واقعية تلوح الان لفتحه بشكل منظم ودائم كثغرة دائمة في الحصار ، مما يحول عمليا دون اعادة فتحه في اطار الشراكة الوطنية مع حماس والتفاهم الفلسطيني مع مصر .

وقد تاكد موقف الرئاسة الفلسطينية هذا في الاجتماع الذي عقده الرئيس محمود عباس مع رئيس وزراء دولة الاحتلال ايهود اولمرت يوم الاحد (27 من الشهر الجاري) وقد اعلن عباس انه سيكرر ما طلبه من اولمرت باعادة فتع المعبر على اساس اتفاق عام 2005 لفتحه اثناء اجتماعه المقرر مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة يوم الاربعاء . ان مسارعة حماس لرفض ذلك تعني فقط ان المعبر سوف يبقى من الناحية القانونية والسياسية مغلقا وان الحصار على القطاع سوف يتواصل وان قرار فتح المعبر عمليا سوف يظل قرارا تفرضه ارادة الجماهير الفلسطينية المحاصرة كلما اقتضت الحاجة كما حدث في موسم الحج الماضي وحدث يوم الاربعاء الماضي .

والتنسيق الامني الفلسطيني مع الاحتلال كان مجرد قضية واحدة من القضايا التي تفجرت مع تفجير السياج الحدودي بين قطاع غزة وبين مصر .

ان الغضب الشعبي المشروع بكل المقاييس الذي هدم الحدود المصرية الفلسطينية في رفح يوم الاربعاء الماضي اتاح متنفسا انسانيا مؤقتا لتلبية احتياجات انسانية اساسية لكن الجريمة ضد الانسانية الناجمة عن العقوبة الجماعية التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة ما زالت مستمرة وتنذر بالتفاقم ، غير ان هذا الغضب قد خلق فرصة لاعادة نظر ، خصوصا فلسطينية واسرائيلية ومصرية واميركية ، في كثير من المواقف والسياسات السابقة التي قادت الى الوضع الراهن ، ومن المحبط ان جميع الاطراف المسؤولة عن ايصال الوضع الى ما آل اليه لم تتعظ وتسعى الى اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه بالرغم من المتغيرات التي اثارت قضايا استراتيجية في غاية الاهمية والخطورة .

لقد اعترفت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الاسبوع الماضي بالحاجة الى "البدء في محاولة التفكير بشكل خلاق في كيفية التعامل مع الوضع في غزة" لكن مواقف ادارتها ووزارتها لا تشير الى أي اعتراف بان "من الصعب الافتراض انه من الممكن اعادة الوضع الى سابق عهده" كما ان "البيانات المتناقضة لوزارتي الخارجية الاسرائيلية والمصرية تشير الى ان الجانبين يشعران انه طرا تغيير جوهري ، وربما استراتيجي ، في قطاع غزة ، ويطالبان باعادة العجلة الى الوراء ، وثمة شك في ان هذه الامكانية ما زالت قائمة" حسب صحيفة هآرتس الاسرائيلية في الخامس والعشرين من الشهر الجاري .

لقد فاجا الاجتياح الشعبي الذي هدم الحدود في رفح ، جارفا معه كل الترتيبات والاوضاع القانونية والسياسية التي كانت قائمة ، كل الاطراف المعنية ومخططيها الاستراتيجيين ومحلليها السياسيين ، ربما باسثناء حركة المقاومة الاسلامية "حماس" التي كانت مستهدفة بتلك الترتيبات التي يمكن تلخيصها باحكام الحصار الاسرائيلي على القطاع وفرض العقوبة الجماعية على مليون ونصف المليون انسان فيه وتحويله الى اكبر معسكر اعتقال في العالم شبيه بمعسكرات الاعتقال النازية والى ميدان طوله خمسة وعشرين ميلا وعرضه سته اميال للصيد البشري والاغتيالات خارج اطار القانون لطائرات اف-16 ودبابات الميركافا وقوات الاقتحام الخاصة الاسرائيلية ، مما اودى بحياة اكثر من مائة واربعين فلسطينيا كثير منهم اطفال ونساء وشيوخ مدنيين من غير المقاومين للاحتلال منذ انعقد مؤتمر انابوليس في 27 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ، بذريعة اطلاق مقذوفات بدائية من صنع محلي يدافع بها الفلسطينيون عن انفسهم ويسميها الاحتلال وحلفاؤه الاميركان ، ومعهم للاسف معظم وسائل الاعلام الفلسطينية والعربية ، "صواريخ" وللمفارقة المضحكة المبكية معا ان هذه "الصواريخ" لم تقتل اسرائيليا واحدا ولم تدمر منشاة اسرائيلية واحدة بالرغم من تاثيرها النفسي وبعض الجراح الطفيفة الناجمة عنها .

وكانت المعارضة اللفظية غير المقترنة باي احتجاج سياسي او دبلوماسي عملي للقيادة الفلسطينية في رام الله والموقف المماثل في جوهره للاجماع العربي الذي شارك في انابوليس ومطالبة تلك القيادة وكثير من الدبلوماسيين العرب بوقف اطلاق تلك المقذوفات بمثابة ضوء اخضر يعزز التذرع الاسرائيلي والاميركي بها لفرض العقوبة الجماعية على غزة ومسوغا لرد الفعل الاسرائيلي المفرط في استخدام القوة افراطا لا يتناسب معها ومع نتائج اطلاقها ، ومسوغا كذلك للحماية التي توفرها واشنطن لاسرائيل كي تواصل بحصانة اميركية كاملة الجريمة ضد الانسانية التي ترتكبها في القطاع المحاصر حد ان يتجرا رئيس دولة الاحتلال شمعون بيريس في دافوس ورئيس وزرائها ايهود اولمرت في مؤتمر هرتسليا على الاعلان عن مواصلة هذه السياسة دون أي رادع .

لقد اثبت الاجتياح الشعبي الغاضب لمعبر رفح فشل هذه السياسة واثبت خطاها وخلق على الارض وضعا جديدا تحاول جميع الاطراف المشاركة في صنع هذه السياسة الان تجاهله وكانه لم يكن للعودة الى الوضع السابق بالرغم من المتغيرات ذات الابعاد الاستراتيجية التي خلقها والحقائق الهامة التي سلط الاضواء عليها .

وياتي في مقدمة القضايا الاستراتيجية التي اثارتها هذه المتغيرات ضرورة اعادة النظر في معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية . واذا كانت اعادة النظر المثلى من وجهة نظر شعبية هي الغاؤها فان ضرورة تعديلها هو ما كشفته احداث الاسبوع الماضي . فطبقا لهذه المعاهدة عادت السيادة على شبه جزيرة سيناء الى مصر غير ان هذه السيادة منقوصة ويكفي هنا لاثبات ذلك الاشارة الى ما اشار اليه محمد حسنين هيكل يوم الخميس الماضي على شاشة قناة الجزيرة الفضائية عن التزام مصر بموجبها بعدم نشر ما يزيد على (750) جنديا على حدودها المشتركة مع فلسطين واسرائيل .

قالت هآرتس في عددها المشار اليه سابقا: "كان الاحتمال ضئيلا أن يتمكن عدة مئات من أفراد الشرطة المصرية منع الآلاف من الدخول، حتى لو أراد المصريون حماية الحدود بالقوة كما فعلوا في يوم سابق" . وظهر واضحا خلال الاسبوع الماضي ان تل ابيب تستغل معاهدتها مع مصر لمطالبتها بضبط حدودها مع القطاع لكنها ترفض المطالبة المصرية بتعديل المعاهدة تعديلا يسمح للقاهرة بدفع قوات تزيد على ال (750) جنديا المنصوص عليهم في المعاهدة الى حدودها لكي تتمكن من الاستجابة للطلب الاسرائيلي . وقال خبراء عسكريون غربيون لموقع "ديبكا" الاستخباراتي الاسرائيلي ان ضبط الحدود يتطلب نشر ثلاثين الف جندي مصري في منطقتي العريش ورفح مع توفير دعم لهم جوي وبحري ووحدات مصفحة مما يعتبر ان وقع انتهاكا للمعاهدة .

ثم ثانيا سلطت احداث الاسبوع الماضي الاضواء على القوة الدولية متعددة الجنسيات التي تراقب ، طبقا للمعاهدة ، تجريد سيناء من السلاح حيث يرابط (400) رجل من هذه القوة في قاعدة لهم في "الجورة" شمال شرق العريش . وقد ذكر موقع ديبكا ، المتخصص كما يبدو في الحرب النفسية ، ان هذه القوة مع معداتها اخلت قاعدتها صباح الخميس الماضي بعد اجتياح معبر رفح الحدودي .

ان السيادة المصرية المنقوصة في سيناء تصبح ذات علاقة لجدل وطني مصري وكذلك فلسطيني وينبغي ان تتحول الى موضوع جدل قومي عربي بسبب علاقتها الوثيقة بقضية استراتيجية خطيرة اثارتها احداث الاسبوع الماضي على الحدود المصرية الفلسطينية .

فقد علق نائب وزير "دفاع" دولة الاحتلال ، ماتان فيلنائي ، على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك يوم الخميس الماضي بأن مصر لن تسمح بتجويع الفلسطينيين في قطاع غزة ولن تسمح بنشوء كارثة انسانية على حدودها هناك بقوله: "عندما تنفتح غزة على الجانب الآخر لا تعود لنا أي مسؤولية عنها . لذلك نريد ان نقطع صلتنا بها ويجب على مصر ان تتحمل مسؤولية غزة" .

ان قطع أي صلة بالاحتلال ورحيله عن أي جزء من التراب الوطني هو هدف النضال الفلسطيني والعربي غير ان ما يسعى فيلنائي اليه هو ما استهدفه قبله رئيس وزراء الاحتلال السابق ارييل شارون عندما اضطر تحت ضغط المقاومة الى اعادة نشر قوات الاحتلال من داخل القطاع الى مواقع على حدود القطاع لحصاره من الخارج بينما نقل مركز ثقله العسكري والاستيطاني الى الضفة الغربية آملا ان يقود ذلك الى سلخ القطاع عن الضفة ثم تقاسم الضفة وفق ترتيبات مؤقتة طويلة الامد مع قيادة فلسطينية ، او عربية ، تقبل بذلك .

وفي هذا السياق فقط يمكن فهم التهديد الاسرائيلي بنقل مسؤولية القطاع الى مصر ، تهديدا يخير القاهرة بين تحمل هذه المسؤولية وبين ان تكون في الاقل متواطئة ان لم تكن شريكة لدولة الاحتلال في حصار القطاع وتجويعه وفرض عقوبة جماعية عليه تعتبر حسب القانون الدولي جريمة ضد الانسانية .

وقد رفضت مصر كلا الخيارين ، مخاطرة بأزمة مصرية – اسرائيلية انعكست ازمة مصرية – اميركية اثرت في المعونات التي تقدمها واشنطن للقاهرة بموجب ضماناتها لمعاهدة السلام بين مصر وبين دولة الاحتلال الاسرائيلي . وكشفت تصريحات دبلوماسيين ومشرعين مصريين وعيا مصريا تاما بالمخاطر الاستراتيجية المترتبة على التهديد الاسرائيلي سواء المخاطر الكامنة في نقل مسؤوليات الاحتلال عن القطاع الى مصر او الكامنة في استمرار الحصار المفروض على القطاع واحتمال ان يقود الى هجرة فلسطينية جديدة تستوطن سيناء وهو خطر حذر منه هيكل ايضا يوم الخميس الماضي .

وهذه المخاطر على مصر هي اكثر خطرا على القضية الفلسطينية وقياداتها المتناحرة . فالتهديد الاسرائيلي بتوريط مصر في سلخ القطاع عن الضفة الغربية هو تهديد استراتيجي يهدد "المشروع الوطني" للرئاسة الفلسطينية ويهدد الوحدة الوطنية الاقليمية للدولة الفلسطينية التي يسعى اليها هذا المشروع ويعمق الانقسام الوطني ويغلق باب فرج من الحصار فتحته الجماهير ب"اقدامها" بعد ان عجزت "الرؤوس" عن فتح مثيل له .

فاذا لم تكن كل هذه اسباب كافية لادراك ان المصالح الوطنية الفلسطينية العليا في خطر وان الشراكة الوطنية هي ضرورة حيوية لحماية هذه المصالح وانها تقتضي اعادة النظر في الاجندات الفصائلية للتعامل مع قضايا هي في سياقها وفي مضمونها وفي تفاصيلها قضايا وطنية فان هناك الف سؤال وسؤال حول الادعاءات الذاتية لتسويغ استمرار الجميع في التنطع لقيادة شعب فضل حل مشاكله باقدامه بعد عجزت قياداته عن حلها .

وهذا يقود للحديث عن قضية هامة اخرى اثارتها متغيرات الاسبوع الماضي وهي التريبات الخاصة بفتح معبر رفح كنافذة وحيدة لقطاع غزة على العالم الخارجي في ضوء الاصرار الاسرائيلي على مواصلة حصار القطاع . لقد سوغ الدبلوماسيون المصريون رفضهم للمطالبات الفلسطينية المتكررة بفتح معبر رفح من جانب واحد منذ اغلقت قوات الاحتلال معابر القطاع الاخرى بشكل كامل اواسط حزيران / يونيو الماضي بالتزام مصر بالاتفاق الفلسطيني الاسرائيلي المصري الاوروبي الاميركي على فتح المعبر بعد اعادة انتشار قوات الاحتلال من القطاع عام 2005 ، كما سوغوا رفضهم بالتزام الرئاسة الفلسطينية بهذا الاتفاق وبمطالبتها المتكررة للعودة الى تحمل المسؤولية عن معبر رفح على اساسه .

وهنا لا بد من التذكير بان ذلك الاتفاق فاوض عليه عن الجانب الفلسطيني السيد محمد دحلان بصفته الامنية دون ان تطلع على تفاصيله او تفاصيل عملية التفاوض حكومة السلطة الفلسطينية الا بعد ابرامه ودون ان تعرض تفاصيله على مجلسها التشريعي ، ليتكشف فيما بعد انه ابقى السيطرة الامنية للاحتلال لكن بالريموت كونترول "عن بعد" وانه اتفاق مؤقت يتجدد سنويا وكان قد تم تجديد العمل به لمدة ستة اشهر قبل انسحاب المراقبين الاوروبيين في حزيران / يونيو الماضي . وهذا هو الاتفاق الذي تطالب الرئاسة الفلسطينية بالعودة الى ادارة المعبر على اساسه وهو الاتفاق الذي سحقته جماهير القطاع باقدامها .

لقد اقترح رئيس حكومة تسيير الاعمال في غزة السيد اسماعيل هنية يوم الخميس الماضي اجتماعا يضمه والرئيسين محمود عباس وحسني مبارك في القاهرة للاتفاق على ترتيبات جديدة لفتح المعبر تستند الى الواقع الذي تمخض عن الاحداث التي وقعت منذ موسم الحج الماضي ، ترتيبات تقترح حماس توفير عنصرين فيها اولهما خلوها من أي دور للاحتلال وثانيهما الشراكة الوطنية دون الغاء دور المراقبين الاوروبيين .

ولم يصدر عن القاهرة حتى الان ما يشير الى معارضتها للاقتراح ، لا بل انها افصحت اكثر من مرة على السنة دبلوماسييها بانها تشترط الاتفاق الوطني الفلسطيني على فتح المعبر وتوافق على ما يتفق الاجماع الفلسطيني عليه . وقد عبر الرئيس مبارك يوم الخميس صراحة ودون مواربة عن ضيق مصر بالانقسام الفلسطيني عندما ناشد كل الفصائل الفلسطينية عدم الزج ببلاده في خلافاتها ، مما يزيد في صعوبة ادارة ازمتها مع دولة الاحتلال الاسرائيلي حول المعبر .

لكن لم يصدر حتى كتابة هذا المقال عن الرئاسة الفلسطينية ما يشير الى موافقتها على اقتراح السيد هنية او في الاقل موافقتها على الاجتماع الثلاثي المقترح لبحث الترتيبات المقترحة بينما استمرت في تكرار استعدادها لادارة المعبر دون ان توضح أي استعداد مماثل لاعادة النظر في الترتيبات السابقة لفتحه ، في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس عباس لعقد لقاء جديد له مع رئيس وزراء حكومة الاحتلال ايهود اولمرت ،امس الاحد ، ضمن اجتماعاتهما الدورية التي زادت على ثمانية منذ ايار / مايو الماضي وهذه المرة لبحث "ازمة غزة" اضافة الى ازمة المفاوضات !

وتبقى قضية هامة لا يمكن الحديث عن القضايا الاستراتيجية التي اثارتها احداث الاسبوع الماضي دون التطرق اليها وهي الرهان الفلسطيني ورهان الاجماع العربي على الولايات المتحدة للتوسط المحايد والنزيه في "حل عادل وشامل" للصراع العربي – الفلسطيني مع اسرائيل . فعندما يضطر حلفاء لواشنطن مثل مصر ومراهنون عليها مثل القيادة الفلسطينية في رام الله الى انتقادها علنا لموقفها المتواطئ مع الجريمة الاسرائيلية ضد الانسانية في قطاع غزة يكون الوقت قد حان فعلا لاعادة النظر في التحالف معها وفي الرهان عليها .

فمنذ الثلاثاء الماضي وواشنطن تعطل اصدار "بيان رئاسي" غير ملزم ، لا "قرار" ، من مجلس الامن الدولي يدعو اسرائيل لرفع الحصار عن القطاع وفتح معابره ووقف العقوبات الجماعية التي تفرضها عليه بالرغم من موافقة ال (14) عضوا الآخرين على أربع مسودات صاغ آخرها الاوروبيون لتشمل الاشارة الى "الصواريخ" الفلسطينية . ويذكر هذا الموقف الاميركي بموقف واشنطن الذي حال دون التدخل الدولي لوقف الحرب العدوانية الاسرائيلية الاخيرة على لبنان لمنح اسرائيل الوقت اللازم لتحقيق اهدافها من تلك الحرب .

ان تهديد المجموعة العربية في الامم المتحدة بالاستغناء عن اصدار "البيان الرئاسي" الذي يتطلب "اجماع" الاعضاء الخمسة عشر عليه باقتراح "مشروع قرار" بدلا منه يحرج الولايات المتحدة باضطرارها الى استخدام حق النقض "الفيتو" ضده هو تهديد اجوف لانه لا يوجد أي سبب يجعل واشنطن تخجل من نقضه وهي التي "نقضت" اصدار عشرات القرارات الدولية السابقة لحماية استمرار الاحتلال الاسرائيلي .

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com*

ورحل حكيم الثورة الفلسطينية..د.جورج حبش...!



د. صلاح عودة الله

رحل عنا يوم امس السبت في العاصمة الاردنية عمان المناضل الكبير والزعيم التاريخي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومؤسس حركة القوميين العرب الدكتور جورج حبش,واتقدم لأسرته ولشعبنا والحركة الوطنية وقادة وكوادر وأنصار الجبهة الشعبية التعازي الحارة بفقدان مناضل فلسطيني جسور وبطل قومي عربي.لقد كرس حكيم الثورة وضميرها، كما كان يطلق عليه الرئييس الشهيد ياسر عرفات، كل حياته في النضال والكفاح من أجل قضية فلسطين ومن أجل القضية القومية العربية.

اننا نفتقد وشعبنا العربي الفلسطيني وكل مناضلي وأحرار الأمة والعالم، هذا الرجل الكبير والقائد العظيم، في هذه المرحلة التاريخية الصعبة التي تواجه قضيتنا الوطنية، حيث شكّل على الدوام صمّام أمان في كل مراحل العمل الوطني، وعزّز العميق القومي العربي والدولي الأممي لصالح القضيّة الفلسطينية، وتحقيق تطلُّعات شعبه في الحريّة والعودة والاستقلال، مناضلاً صلباً وقائداً ثورياً شجاعاً. إنّ شعبنا لن ينسى لهذا القائد مآثره ومناقبه ودروه الوطني، حيث حرص على تعزيز الثورة ومواصلة دربها لتحقيق الأهداف التي قضى من أجلها القادة والشهداء.

قبل ايام خلت قرأت مقالا للرفيق راسم عبيدات بعنوان:"حكيم الثورة آخر ما تبقى من عمالقة النضال الوطني الفلسطيني"..فهل كان الرفيق عبيدات يعلم بان الرفيق القائد والمعلم د. جورج حبش في ايامه الأخيرة على وجه هذه الأرض؟ اجزم يا رفيقي راسم بان الحكيم كان اكبر واعظم عمالقة النضال الوطني الفلسطيني..ولكنني على ثقة تامة بان رحم وطننا الغالي سيبقى ولادا ولن يبخل علينا بانجاب مثله. وقد اختتم الرفيق عبيدات مقاله قائلا:" وختاماً نقول أن الحكيم، كان لربما كالمسيح فهو لم يتلوث في أي من قضايا الفساد لا المالي ولا السياسي، وما زال قابضاً على مبدئه، ومتسلحاً بنفس قناعاته وآرائه، وهو يمثل آخر جيل عمالقة النضال الوطني الفلسطيني، الذين تركوا بصماتهم على النضال العربي والفلسطيني، وحافظوا على أن تبقى قضية شعبنا حية"

الدكتور جورج حبش: مناضل فلسطيني كرّس حياته للعمل الدؤوب والمتواصل من أجل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ومستقبل أفضل للأمة العربية. طبيباً تحول إلى طريق النضال ليعالج جراح شعبه ويعيش هموم أمته، مؤمناً بالهوية العربية وبحتمية الانتصار وهزيمة المشروع الصهيوني على الأرض العربية.عندما بدأت الاتصالات السرية بين القيادة الفلسطينية وإسرائيل بإشراف ورعاية أمريكية بعد مؤتمر مدريد عام 1991 ونتج عنها اتفاق أوسلو عام 1993 عارض الدكتور حبش بشدة تلك الاتفاقيات التي أدت إلى إلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني في مرحلة لاحقة، إيماناً منه أن هذه الاتفاقيات لم تلب الحد الأدنى من طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة فوق تراب فلسطين وعودة اللاجئين إلى وطنهم. بعد قيام "السلطة الفلسطينية" وعودة الكثير من القيادات الفلسطينية إلى أراضي السلطة الفلسطينية، ربط الدكتور حبش عودته إلى تلك المناطق بعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين، رغم المناشدات والرسائل الكثيرة التي وجهت له، رافضاً التخلي عن اللاجئين. لقد مثل هذا القائد عشقه للوطن والثورة في سياق رده على مناقشة أتفاق السلام مع العدو الذي قال عنه الشهيد ياسر عرفات "إن هذا الاتفاق هو الممكن" فرد عليه حبش "إن الثورة الفلسطينية قامت لتحقق المستحيل لا الممكن".


من اقواله: "تستطيع طائرات العدو أن تقصف مدننا ومخيماتنا وتقتل الاطفال والشيوخ والنساء ولكن لا تستطيع قتل إرادة القتال فينا"."لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه"."أنا مسيحي الديانة ، اسلامي التربية، اشتراكي الفكر"."لا عذر لمن أدرك الفكرة وتخلى عنها".

الاستقالة
:

عام 2000 قدم استقالته من منصب الأمين العام للجبهة في المؤتمر السادس، فاتحاً بذلك فرصة لرفاق آخرين، معطياً بذلك المثل والنموذج للتخلي الطوعي عن المسؤولية الأولى، رغم تزامن هذه الاستقالة مع عدم رضاه على بعض المواقف السياسية التي اتخذتها الهيئات القيادية للجبهة آنذاك, وبذلك يكون قد حرص على تنفيذ قاعدة لم نعهدها في التاريخ العربي والتي تقول بانه لا يجوز للقيادات ان تبقي في مواقعها الي أن "يأخذ الله امانته" منها فأعطى جورج حبش مثالا حيا علي هذا المفهوم.

استمر الدكتور حبش بتأدية دوره الوطني والسياسي، فالاستقالة من الأمانة العامة للجبهة لم تكن تعني أبداً التخلي عن النضال السياسي الذي أمضى ما يزيد عن خمسين عاماً مكرساً حياته من أجله، فاستمر في تأدية هذا الدور، وخاصة في ظل الانتفاضة الثانية والمتواصلة، وبقي على تواصل دائم مع الهيئات القيادية للجبهة ومع كافة الفصائل الوطنية والمؤسسات والفعاليات الوطنية الفلسطينية والعربية، الرسمية منها والشعبية. في زمن كهذا قل أن تجد إنسان ملتزم بمبادئه ولا يحيد عنها قيد أنملة..

هذا هو الحكيم الذي عرفناه عن قرب,جبل المبادئ قد رسى ... فطأطأت التلال رؤوسا...! لقد زرع الراحل اسس الانضباط في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي هذا السياق تستحضرني مقولته الشهيرة-( والذي اطلق عليه الشهيد عرفات لقب"حكيم الثورة")- "إما وديع، وإما الانضباط" والتي قالها في اعقاب قرار الجبهة ايقاف اختطاف الطائرات والعمل العسكري الخارجي لانه استنفذ, ولكن وديع حداد رفض ذلك واتخذ قرار بفصله بالرغم من انه كان الرجل الثاني في الجبهة.. وانتصر الانضباط واستشهد وديع وحيداً لأنه لم يمتثل للإنضباط رغم عدالة موقفه الكفاحي.
رحل عنا حكيم الثورة الفلسطينية في وقت نحن بأشد الحاجة اليه..وقت تعصف فيه حالة من التشرذم والتمزق لم تشهد لها قضيتنا الوطنية مثيلا منذ انتصاب الكيان الصهيوني..ولكنه القدر الذي لا يرحم قد اتخذ قراره...!ستبقى ذكراه حية- فالمناضلون الذين وقفوا في مقدمة صفوف الكفاح ضد الظلم والاضطهاد لا يموتون إذ تبقى طريقهم وسيرتهم وتضحياتهم منارة تسترشد بها الأجيال المتعاقبة في مسيرة الكفاح من أجل تحرير الأرض والإنسان. وفي الختام ادعو الى إلى استلهام سيرة القائد الكبير وذكراه العطرة في سبيل توحيد الصف الفلسطيني ووضع حد للانقسام والانشقاق الحاصل في الساحة الفلسطينية.
القدس المحتلة

يجتاحنا البرد من بعدك يا حكيم



عطا مناع

لماذا أحببناك وتبعناك وآمنا بك وانصهرنا بحلمك وامتشقنا فكرك وخضنا معك المستحيل، من أنت يا ابن اللد لتفجر فينا ما مل جهدنا لتجاوزه ،غادرتنا في اللحظة الحرجة، ما أحوجنا إلى بقاءك تبعث فينا بعض الدفيء وتمدنا بأسباب الحياة وعدم الكفر بواقعنا الذي حولنا إلى مجرد مصاصي دماء لأبناء جلدتنا، لانترك فرصة إلا وننهش فيها لحم بعضنا، يا سيدي أخطئت التوقيت كان يجب عليك أن تتحمل مشاهد العار في أرضك المحتلة، على الأقل قل كلمتك أيها النبي المظلوم فيهم وارحل.

يا سيدي نحن في أرضك المحتلة موتى تكالبت علينا فئران السفينة الفاقدة لبوصلتك، لقد فقدت سفينتك شراعك الذي نسجته بعرقك ودمك، ليتحولوا إلى قراصنة يسطون على ثوابتك ومدينتك التي أحببت، لقد سلبونا حريتنا وها هم يستخدموننا عبيدا نذبح بعضنا ليشبعوا رغباتهم المريضة، لنتحول إلى حطب لمعركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، معركة تجرفنا بعيدا عن حلمك بفلسطين حرة عربية من نهرها إلى بحرها، معركة أتت على كل ما بنبتة وبشرت بة من عودة للاجئين ووحدة وطنية تستند لصخرة متينة لاتلين.

لن أضيف على ما قيل وما سيقال فيك، كقائد ومؤسس وملهم ومفكر تميز برؤية ثاقبة وعقائدية صلبة آمنت بان فلسطين لشعبها مها طال الانتظار وبغض النظر عن المتساقطين والمهرولين إلى التسوية التي رفضت، ما اعرفه انك آمنت بشعبك ووقفت إلى جانب فقراء شعبك في مخيمات اللجوء وكنت القائد والحكيم تدوي جراحهم وتبشرهم بالعودة للجنة المفقودة قولا وفعلا، لذلك أحببناك نحن اللاجئون والعمال والفلاحون وعشت فينا ولم نقبل بغيرك قائدا رغم تنحيك الاختياري عن قيادة سفينتنا، إلا انك بقيت فينا نذكرك في مجالسنا ونحمد اللة على وجودك يا حكيمنا ولو مقعدنا مريضا فلا باس فأنت عنوان ديمومتنا.

لقد قال الكاتب زياد أبو شاويش إن رحليك بطعم العلقم وقد أصاب، وقال الكاتب راسم عبيدات وقبل رحيلك عنا انك آخر من تبقى من عمالقة النضال وقد أصاب كبد الحقيقة، لقد قيل عنك الكثير، ولكن شتان ما بين الكلمة والواقع، انة الفراغ المخيف الذي ينذر باقتراب الجحيم، جحيم الترهل واللامبالاة والتشظي والشعور بالبرد الذي يجتاح أعماقنا ويكشف عن حقيقتنا، حقيقة دخول الشعب الفلسطيني في دائرة اليتم السياسي والفكري ووضوح الرؤيا، حقيقة غياب القادة الأوائل الذين لم يفجروا ثورة وحسب بل حافظوا على استمراريتها ، حقيقة غياب الوعي في أوساطنا لعدم إدراكنا لهول المصيبة التي نحن فيها، مصيبة الاقتتال الذي لا نهاية له، والتنازل الذي لا مبرر له، والقادة الموتى وهم إحياء، ينشرون فكر الانتقام بعكسك ويقودون الوطن إلى أسواق النخاسة في انابولس وغيرها، دون الأخذ بما قدمتم وضحيتم طيلة عقود مضت انتم الرعيل الأول.

لقد رحل الحكيم وستستمر الحياة ، حياة مليئة بالتناقض والتناحر الفلسطيني على ارض لا زالت محتلة، لن يجلسوا إلى طاولة الحوار، وستغلق المعابر من جديد، لنبدأ بجمع أشلاء ضحايا صواريخ الطائرات الاحتلالية، سيلتقي السيد الرئيس باولمرت ، وتتوالى اجتماعات قريع مع تسيفي لفني، ولن يتوقف تهويد القدس وبناء الشقق الاستيطانية، وستبقى حماس أسيرة تعنتها، رحل الحكيم وسيشيع جثمانه الطاهر في الأردن حيث مخيمات اللجوء التي عاشها في البدايات، حقه عليكم أن تكرموه وتحملوه كما حملكم وانحاز لقضيتكم، فهو الرجل الذي ذهب وترك لكم الكثير ولكنكم لا تعرفون.

السبت، يناير 26، 2008

هوية المجرم سورية إيرانية، وأهدافه معروفة ومعلنة



الياس بجاني
الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية


"لا شك أن النظام السوري، بعد الانسحاب العسكري، سيترك خلفه الكثير من أدوات الإرهاب، وكذلك جهازه الاستخباراتي شبه العسكري".
"إن لبنان الذي تسيطر عليه دكتاتورية سورية راعية للإرهاب، لا يتلائم أبداً مع طبيعة الشعب اللبناني ولا يخدم مصالحه. وفي المقابل، إن غض الطرف والتغاضي عن تحويل دولة ديموقراطية إلى دولة تدور في فلك القمع والتعسف، أمر لا يتلائم مع الطبيعة الأميركية، ولا مع المصالح الأميركية."
(من شهادة الرئيس العماد ميشال عون في الكونغرس الأميركي/ واشنطن 17 أيلول 2003)


من المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية نقدم أحر التعازي القلبية لذوي شهداء "جريمة الشفروليه النكراء" التي أدت إلى استشهاد النقيب وسام عيد ومرافقه المعاون اسامة مرعب، والمدنيين الآن صندوق، وجو سركيس، وايلي فارس. نطلب لهؤلاء المفجوعين جميعاً ِنعم الإيمان والصبر والسلوان، ونتضرع لله أن يُسكِن فسيح جناته إلى جانب الأبرار والصديقين أرواح الضحايا الأبرياء الذين انضموا إلى قافلة شهداء وطن الأرز.

إن هوية المجرم (السورية – الإيرانية) هي معروفة للقاصي والداني، كما أن أهدافه ومراميه الشيطانية ليست خافية على أحد، وهو يعلن عنها بشكل يومي وبوقاحة موصوفة. في حين أن دور أدوات هذا المجرم المحلية من مرتزقة وميليشيات وأصوليين ومأجورين في تنفيذ كل الجرائم التي استهدفت نواب ووزراء وصحافيين ومفكرين من قادة ثورة الأرز، هو دور واجب ضبطه بالقوة العسكرية الرادعة، وكشفه ومحاكمة أصحابه من قِبل العالم الحر ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية.

لا يمكن لأي عاقل إلا أن يشير بأصابع الإتهام، وبراحة ضمير إلى كل من إيران وسوريا، وإلى أدواتهما اللبنانية والفلسطينية التي تتولى التنفيذ العملاني. فقد دفع الرائد بسام عيد حياته ثمن الانجازات التي حققها في سياق كشفه أسبار الإجرام السوري-الإيراني بحق أحرار لبنان وقادته السياديين. فإضافة إلى كشفه خيوط جريمة عين علق، كشف أيضا العلاقات التي تربط "فتح الاسلام" بالمخابرات السورية، وتحديدا باللواء آصف شوكت، وكان ساهم مساهمة فعالة في تحليل الاتصالات الهاتفية التي اماطت اللثام عن معطيات مهمة تتصل باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ومع اقتراب موعد قيام المحكمة ذات الطابع الدولي وتعيين رئيس جديد للجنة التحقيق الدولية، برز للرائد عيد دور أساسي مع اللجنة وكانت الاجتماعات متواصلة مع رئيسها الجديد. وتفيد المعطيات المتصلة بالدور الذي كان يضطلع به عيد، انه كان ضمن المجموعة الأساسية في شعبة المعلومات التي وضعت يدها على عناصر مهمة في عدد من الجرائم الكبرى، كما كانت له مساهمات مهمة في ملفات أمنية أبرزها كشف بعض ملابسات جريمة بعبدا التي أودت في 12 كانون الأول الماضي باللواء الركن فرنسوا الحاج. يشار هنا إلى أن جريمة الشفروله هي أول استهداف بارز لشعبة المعلومات بعد محاولة اغتيال المقدم سمير شحاده عام 2006 والذي كان يقوم بالمهمات الحالية لعيد.

لم يعد في أمر المجرم السوري – الإيراني ما يمكن التستر عليه حيث يكاد التشابه في مسلسل التفجيرات الذي يستهدف رموزاً سياسية وإعلامية وعسكرية وأمنية سيادية لبنانية، والذي بدأت حلقاته منذ الأول من تشرين الأول 2004 بمحاولة اغتيال الوزير مروان حماده في منطقة المنارة، يكون بمثابة توقيع يؤشر إلى أن المجرم هو نفسه وهو مسؤول بشكل مباشر تخطيطاً ورصداً وتنفيذاً عن كل عمليات الاغتيال الدامية والمترابطة منذ ذلك التاريخ.

فما اكبر الشبه بين مسرح الجريمة التي أودت بالرائد عيد ومعه مرافقه، إضافة إلى كوكبة من المدنيين عابري طريق الحازمية – الشفروليه، ومسارح الجرائم الإرهابية الأخرى التي طالت الرئيس رفيق الحريري، والوزير بيار الجميل، والنواب جبران تويني، ووليد عيدو، وانطوان غانم، والقيادي جورج حاوي، والصحافي سمير قصير، ومدير العمليات في الجيش اللواء فرنسوا الحاج، حاصدة عدداً من المرافقين والمواطنين، وما بينهما من محاولات اغتيال استهدفت الوزيرين حماده والياس المر والإعلامية مي شدياق، والمقدم في قوى الأمن الداخلي سمير شحادة وآخرين.

إن مسلسل الإجرام السوري- الإيراني الذي يتعرض له لبنان منذ خروج الجيش السوري منه، هو تدمير مدروس ومنهجي يهدف إلى إرهاب وتطويع وتركيع وإفقار اللبنانيين مواطنين وقياديين، "تطفيش" السفراء والمبعوثين العرب والأجانب، ضرب الاقتصاد، تهجير أكبر عدد ممكن من المواطنين اللبنانيين، شل قدرات الجيش والقوى الأمنية، إحداث حالة من الفوضى الأمنية، إفراغ الدولة من جميع مؤسساتها الدستورية، وتفتيت البلد ككل لتسهل عودة الجيش السوري إليه بدور المنقذ، أو أقله الحفاظ على الوضع القائم لجهة دويلة حزب الله والدويلات الفلسطينية الـ 13 والمعسكرات السورية الثلاثة (الناعمة، قوسايا والحلوى)، والأهم سورياً، منع قيام المحكمة الدولية وتعطيل أمر تنفيذ القرارات الدولية.

إن ما يجهله أو يتجاهله قادة محور الشر وأدواتهم المحليين من المرتزقة والصنوج والأبواق هو أن مسلسل الاغتيالات والتفجيرات والتهديدات والاتهامات والتخوين ومهما طال وطاول لا يمكن أن يحسم المواجهة مع ثورة الأرز لصالحهم.

يبقى أن مسلسل الفوضى والتعطيل والاغتيالات التي يشهده لبنان باتت أمراً لا يمكن القبول به، ولا يصح السكوت عنه، لا عربياً ولا دولياً. لقد بات من واجب العالم الحر أن يهب لنجدة لبنان عسكرياً بلجم إيران وسوريا بكل الإمكانيات المتوفرة واللازمة وذلك قبل أن يسقط وطن الأرز نهائياً في فك محور الشر، وقبل أن تحل دويلة حزب الله وصواريخها، مكان الدولة اللبنانية.

ليعلم العالم الحر ومعه الدول العربية كافة، أن سقوط لبنان في مخالب محور الشر السوري الإيراني هو ببساطة متناهية سقوط مدوي للديموقراطية والحريات والسلم الأهلي والإقليمي والدولي، ونحر عن سابق تصور وتصميم لمبدأ التعايش ومفهوم قبول الآخر، وهزيمة منكرة لثقافة الحياة لحساب ثقافة الموت والانتحار، وفشل مروع لأسس المجتمع المدني والحضارة والعلم،

من القلب نتمنى الشفاء العاجل لكل الجرحى الذين أصيبوا في حادثة تفجير الشفروليه.

نختم بلفت المجرمين وأدواتهم، وأيضاً "الضالين"، و"اليوداصيين"، و"البيتانيين"، و"الملجميين"، من أهلنا الذين أمسى ماضيهم يخجل من حاضرهم بعد أن انتقلوا من قاطع إلى آخر، وانقلبوا دون خجل أو وجل على كل شعاراتهم ووعودهم والعهود، وراحوا يتسترون على الإجرام والمجرمين طمعاً بكرسي "مخلع" ومال ونفوذ، نلفتهم إلى ما جاء في "سفر الأمثال" عن جحود وكفر وضلال وممارسات أمثالهم:
"إن الزارع إنما يحصد بليةً، وعصا سخطه تفنى". (الأمثال: 22-8)
"من يحفر حفرة يسقط فيها، ومن يدحرج حجراً يرجع عليه". (الأمثال 26-27)
ومن عنده أذنان صاغيتان فليسمع قبل فوات الأوان.

تورنتو – كندا
عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

غزة تحاصر المجتمع الدولي


سعيد الشيخ

لا يحتاج الكيان الصهيوني الى ذرائع ومبررات ليستمر في دفع عجلة عدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني اينما كان واينما حل منذ ان قام هذا الكيان على التراب الوطني الفلسطيني.

كيف يحتاج الى هذه المبررات وبذرة الاجرام تكمن في عمق فكره منذ ان تطلعت قيادة الحركة الصهيونية الى بلادنا لاقامة وطنا لليهود عليها. وكان من نتيجة هذا الفكر الجهنمي ان وجد شعبنا نفسه في بقاع الارض مقتلعا ومنفيا، مشتتا ومشردا. اما القلة الباقية التي بقيت على أرضها من جماهير شعبنا وجدت نفسها تعاني القهر والاضطهاد من سياسات التمييز العنصري. هذه الوقائع باتت من المسلمات المعروفة للقاصي والداني في هذا الكوكب المترامي، ولكن المنطق المقلوب كيف يطالب الضحية بالهدوء والسكينة لمنح المجرم الامن والسلام؟

لا يمكن حجب الشمس بغربال.. ان القضية الفلسطينية باتت تتمتع بشفافية تستطيع العين المجردة عن بعد آلاف ألاميال ان ترى وتتلمس حجم المعاناة التي يكابدها شعبنا، وهي معاناة تاريخية ومتراكمة لو انزلت بثقلها على الجبال الشاهقة لانهارت هذه الجبال. الا ان شعبنا الفلسطيني يأبى الانهيار.

لماذا لا يريد قادة الكيان الصهيوني ومن خلفهم الادارات الامريكية المتعاقبة فهم هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس؟ ويقبلوا الى سلام حقيقي باعادة الحقوق لاصحابها بدل سياسة اشعال الحرائق هنا وهناك في العالم العربي... وهنا نطرح الكثير من علامات السؤال حول جولة الرئيس الامريكي جورج بوش في المنطقة التي حاول الاعلام الامريكي تسويقها على انها تندرج في اطار العمل من اجل السلام في "الشرق الاوسط"...ولماذا كلما اكثروا من الحديث عن السلام رأينا تساقط الكثير من الضحايا على جبهتنا؟ وكأن السلام في قواميسهم ملهاة تختبئ في كواليسها مأساتنا التي لا تنتهي... وهذا السلام ان لم يكن في مصالحة وارضاء الضحية في عودتها الى الوجود بكرامة مع كامل الحقوق فهو لن يكون ابدا! هذا الدرس الاول لشروط السلام الذي لا يريد تعلمه اباطرة القوة والمال وبدل ذلك يمعنون في خنق شعبنا ويسوغون مبررات الحصار على انه دفاعا عن النفس.

اذا كان قطاع غزة اليوم تحت حصار النار والجوع والضفة الغربية مكبلة بحديد الاحتلال،
فان غزة هي التي تحاصرهم وهم لا يدرون .هي تحاصرهم وتحاصر المجتمع الدولي كله وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية ، حيث كيف لمبادئ وشرائع العالم الحر ان تمر وهناك "اسرائيل" تقترف ابشع المجازر والجرائم وتدوس على كل الاعراف والشرائع الدولية وهي فوق المساءلة والعقاب بل وابعد من ذلك انها تتلقى الدعم والتأييد والمساعدة اللوجستية اذا لزم الامر. فهل مقياس الحضارة هو مع الذي يملك ادوات القتل والابادة على مستوى ابادة شعب كامل؟

ان هذه الحضارة امام امتحان عسير وعليها اعلان اصطفافها بشكل شفاف غير قابل للجدل او التمترس خلف الكلام والخطابات المجوّفة.عليها القول انها مع الضحية ضد جلادها ام مع الجلاد ضد ضحيته ...لئلا يتحول عالمنا المعاصر الى بريّة يسودها صراع غريزة الافتراس الحيوانية، وبالتالي فان على هذه الحضارة الانتصار لانسانيتها.. وقضية فلسطين كانت ولا زالت اول هذه القضايا.

ستون عاما وجنرالات الكيان الصهيوني يحاولون بشتى السبل ابادة ونفي شعبنا من الوجود. ولكن ها هو شعبنا يناضل ويكافح من اجل تأكيد وجوده فوق هذه الارض.. تحت هذه السماء. فلا حصار
يستطيع تفتيت عزيمته، ولا بقاء الا له على هذه الارض.

سعيد الشيخ/ كاتب وشاعر فلسطيني

وترجل العملاق.. حكيم الثورة وضميرها

راسم عبيدات

........ الحكيم مؤسساً،قائداً،ثورياً،مناضلاً،رمزاً،عنواناً،مسكوناً بهاجس العودة، وجرعة الحب الزائد للوطن،وبجرأته العالية،وصلابته وثباته على المباديء والثوابت، وطهارته وعدم تلوثه المالي والسياسي، بكل هذه الصفات وتجلياتها المادية والملموسة،سيبقى اسمه وتاريخه محفورين في أعماق أعماق الذاكرة والوجدان الشعبي الفلسطيني والعربي،وسيبقى الملهم والمثل الأعلى للكثير من القادة الثوريين وحركات التحرر العالمية.
والحكيم في كل سجاياه ومزاياه وتجاربه الإنسانية والثورية والنضالية والكفاحية،هو مدرسة بحد ذاته ،بالضرورة أن يعكف على دراستها ،كل الثوريين والمناضلين فلسطينيين وعرب وعالميين، فهو قائد من طراز خاص، جمع بين القومية العربية والأممية،وآمن أن لا تعارض بين القومية والأممية، وكان من أشد المعارضين لتأليه النظرية، والنسخ الميكانيكي للفكر وإسقاطه القسري على الواقع، وكان قانعاً ومؤمناً بأن نجاح الفكر الاشتراكي في العالم العربي، بحاجة إلى إنتاج النظرية المتوائمة مع الواقع، وخاض نضالاً دؤوباً وطويل النفس، مع ما سمي بالتيار اليساري في حركة القوميين العرب، والذي كان يصر على أنه ليس بالإمكان تحول حزب برجوازي صغير إلى تنظيم ماركسي، وأرادوا بذلك حرق المراحل والقفز عن الواقع، مشدودين إلى نجاح التجربة الاشتراكية وحالة المد الشيوعي والثوري في العالم العربي،مما أسقطهم في النقل الميكانيكي والتبعية الكاملة لمركز الاشتراكية(الاتحاد السوفياتي) سابقاً، وليثبت الواقع بعد نظر الحكيم وصوابية وجهة نظره، رغم كل الحملات الظالمة التي كانت تشن على الجبهة، وتنعتها بأقذع الأوصاف مثل القومجية والتطرف وغيرها.
والحكيم لم يعرف المهادنة ولا المجاملة في الحقوق والمباديء، وهذا جعل رأس الجبهة مطلوب، ومطاردة قيادتها وكادراتها لأكثر من عاصمة ودولة عربية، بل وحتى لرفاق الدرب والنضال والكفاح، والذين سعوا إلى أضعاف الجبهة ودورها الكفاحي والنضالي، من خلال إحداث شرخ وتصدعات وانشقاقات في صفوفها، وإغلاق صنابير الدعم المالي عنها، وإغلاق مكاتبها ومقراتها في أكثر من دولة عربية، وطرد ومطاردة عناصرها وقياداتها، وتعريضهم للسجن والاعتقال، كل ذلك من أجل تطويعها وابتزازها، ودفعها لتقديم تنازلات في المواقف على حساب المباديء والثوابت، والحكيم عندما عرض عليه الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات والقيادة الفلسطينية المشاركة في أوسلو، قال الرفيق القائد الحكيم، هل هناك حق عودة ؟ وهل هناك قدس؟ وهل هناك إزالة مستوطنات؟ فقيل له لا يا حكيم، فقال إذاُ لماذا نشارك؟ والحكيم رغم أن الجبهة الشعبية اتخذت قراراً في هيئاتها المركزية،بالسماح لأعضائها بالعودة إلى الوطن عقب اتفاقيات أوسلو،الا أن الحكيم تمنى على رفاق دربه أن لا يتم الضغط عليه في هذا الجانب، وهو لن يعود فلسطين الا الى مسقط رأسه في اللد وفلسطين محررة، وهو لا يريد أن يشعر بالذل والاهانة بعودة لا يكون فيها شامخاً مرفوع الرأس،أو يدخل لفلسطين بإذن اسرائيلي أو يمر من تحت العلم الاسرائيلي ،كيف لا وهو مسكون بهاجس العودة الى فلسطين، وهو الذي قال ان أية حلول جزئية وترقيعية، تقفز عن حق العودة لفلسطين، لن يكتب لها النجاح.
الراحل القائد الحكيم يشهد له العدو قبل الصديق، فهو قائد تفولذ وتربى على النضال والتواضع، وهو عنيد وصلب في الدفاع عن مواقفه وأرائه ومعتقداته، وفلسطين عنده خط أحمر،اختلف بشأنها مع أقرب الحلفاء،فعندما وافق الراحل الرئيس عبد الناصر على مبادرة روجرز بوقف اطلاق على الجبهة المصرية،انتقد ذلك بشدة،رغم ما تربط الجبهة مع مصر من علاقات، وكم من مرة اختلف مع رفاق الدرب والسلاح حول ضرورة التمسك بالحقوق والثوابت وعدم التنازل عنها، وكم من مرة خرجت الجبهة من هيئات منظمة التحرير احتجاجاً على التساوق مع مشاريع تسووية، لا تلبى الحد الأدنى من حقوق شعبنا الفلسطيني، ولكن الرفيق القائد الراحل الحكيم، كانت لديه ثوابت وخطوط حمراء ترجمها بالفعل لا بالقول، كما يفعل البعض فلسطينيا ًحالياً، فالراحل القائد الحكيم في ذروة الخلاف الفلسطيني،ورغم الحجم الهائل من الضغوطات التي كانت تمارس على الجبهة الشعبية، لشق وحدة الصف الفلسطيني ، وتشكيل منظمة بديلة، الا أن القائد الراحل الحكيم ،كان يرفض ذلك بشدة، ويرى أن ذلك من شأنه أن يعمق الانقسام على الساحة الفلسطينية، ويبدد المكتسبات والمنجزات الفلسطينية، ويدمر المشروع الوطني، ولذلك سرعان ما يتم تجاوز الخلاف والانقسام في سبيل مصلحة الوطن والقضية ولو على حساب الجبهة الشعبية،وليس كما يحصل الآن حيث البعض في سبيل المصالح والمراكز والامتيازات والصراع على وهم السلطة ،المغلف بالدفاع عن المصالح العليا الشعب الفلسطيني، يدمر الأخضر واليابس ويتجاوز كل الخطوط والمحرمات.
وأيضاً في أزمة فتح عام 1983، كان موقف الراحل القائد الحكيم واضحاً وحازماً،بأن الدم الفلسطيني خط أحمر، والجبهة لن تسجل في سجلها وتاريخها،أنها شاركت في إراقة الدم الفلسطيني، ومن يشارك في إراقة الدم الفلسطيني،فهو يستحق الادانة والتجريم،وأيضاً فهو لم يأبه بالجغرافيا ويجعلها عائقاً،أمام توجيه النقد والإدانة الى كل من يحاول شق وحدة الصف الفلسطيني، أو دفع الساحة الفلسطينية الى الإقتتال الفلسطيني،ولو كان ثمن ذلك طرد الجبهة واغلاق مقراتها ومكاتبها في تلك الدولة، كما حدث مع سوريا أثناء حرب المخيمات ،فالجبهة انتقدت سوريا بشدة على دورها في دعم ومساندة حركة أمل في حربها على المخيمات الفلسطينية.
ولا شك أن الرفيق القائد الراحل الحكيم، الذي بنى وأسس حركة القوميين العرب ومن بعدها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لم ينظر الى ذلك على أنه مزرعة أو ارث شخصي وعائلي، كما هو حال العديد من الأحزاب العربية ليس الرسمية منها، بل وحتى المسماة بالديمقراطية والتقدمية، فهو بنى حزباً ثورياً رسخ فيه المباديء والقيم الثورية، حزباً تخلى طواعية وديمقراطياً عن قيادته، ليس كما يحلو للبعض القول،أن تخليه عن ذلك بسبب المرض الذي أقعده، فالرفيق القائد الراحل الحكيم، كان مطلب قيادات وكوادر وأعضاء الجبهة ،أن يبقى على رأس التنظيم في المؤتمر الوطني السادس تموز/2000، ولكنه أصر على التنحي بشكل طوعي وديمقراطي،لكونه انسان يحترم الأصول والقواعد الحزبية، تخلى لرفيق آخر،رفيق قال "عدنا لنقاوم لا لنساوم" ودفع حياته ثمناً لهذا لشعار الخالد،انه الشهيد القائد أبوعلى مصطفى، والذي تسلم الراية من بعده رفيق، جبل في النضال والكفاح،انه الرفيق القائد احمد سعدات، الذي أقسم على الانتقام للرفيق الشهيد القائد أبو علي مصطفى،والذي تنقل بين سجون سلطوية محروسة أمريكياً وبريطانياً ليختطف هو ورفاقه من قبل العدو الاسرائيلي، حيث يقبع الآن في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وللتزامن محكمته مع استشهاد الرفيق المؤسس والقائد الراحل جورج حبش.
ومما لا شك فيه أن رحيل الرفيق القائد والمؤسس جورج حبش ، خسارة كبيرة ومؤلمة جداً،ليس للجبهة الشعبية والنضال الوطني الفلسطيني، بل خسارة لكل كل القوى الثورية والتقدمية عربياً وعالمياً، وعزائنا الوحيد أن شعبنا وثورتنا ليست عاقراً، فالحكيم بنى وأسس حزباً ثورياً، ما زال ممسكاً وقابضاُ على مبادئه ، وسائراً على نهجه ودربه وتعاليمه، حزباُ شهدت أقبية التحقيق والزنازين الاسرائيلية لأعضائه وقياداته بالصمود، حزباً لم يوغل قط في الدم الفلسطيني، ولم يتنازل عن الثوابت والمباديء، ولم يشق الساحة الفلسطينية في سبيل مصالح ومكاسب فئوية وذاتية على حساب مصالح الوطن والشعب والقضية.
وبترجل حكيم الثورة وضميرها ، يكون آخر عمالقة الرعيل النضالي الفلسطيني الأول ،قد رحل في وقت الساحة الفلسطينية فيه أحوج ما تكون الى مثل هؤلاء القادة العظام.


القدس- فلسطين

ليس من حقنا!!


أسامه طلفاح

بعد زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة والتي كانت ذات طابعٍ مميزٍ و رائعْ، بحيث تم استقباله بها من قِبل إخواننا العرب بالأهازيج و التصفيق و القُبلات و الورود، كان لا بُدَّ لبوش أن يُرضي الصهيونية و يعطي الضوء الأخضر لاجتياح غزة و انتهاك حرمتها و حرمة أهلها و ناسها ، بعد ذلك الاستقبال العربي الأصيل لِمُشعِلِ فَتِيلِ الحرب و الدمار في هذه الأمة.

كان لا بُدّ للرئيس الأمريكي أن يهدد إيران من خلال زيارته للمنطقة، كي ترد إيران التهديد بآخر لدول الخليج العربي التي تطمح اليوم بالأمن و الأمان و خصوصاً من قِبل إيران، لأن أمريكا هي الحليف و الصديق و الشقيق و المنقذ المحرر للكثير من أبناء هذه الأمة مثل ما اتضح الأمر من خلال تصريحات البعض الذين وصفوا الرئيس الأمريكي بأنه منقذ و محرر و حليف و صديق يجدر بنا استقباله بكلّ ما أوتينا من نفط و زهور!!

يحق للأستراليين أن يستقبلوا بوش و هم عراه مع كلمات مفادها لا أهلاً بكَ و لا سهلاً ، و من حق اللندنيين أن يخرجوا مظاهرات ضد زيارة بوش لهم ، و من حقّ شعوب أمريكا اللاتينية أن تخرج و تندد بزيارة بوش لها، و من حقّ الفضائيين كذلك أن يخرجوا و ينددوا بزيارة مجرم الحرب و سفاك الدماء بوش لهم، و ليس من حقّ العروبة أن تتحدث عن بوش و عن أفعاله التي جاءت و تأتي دوماً لمصلحة إسرائيل على حساب العرب، فليس من حقهم أن ينددوا بزيارة بوش و ليس من حقهم إظهار مدى بشاعة هذا الإنسان الذي جلب للأمة العربية الدمار و التفتيت و التقسيم و الدماء.

ليس من حقنا بتاتاً أن نتحدث عن زيارة بوش التي جاءت لإشعال فتيل الحرب من جديد، و بشيءٍ من عبث و كراهية كُبرى، و ليس من حقنا أن ندعو لعدم استقباله، لكن مشكلتنا للأسف ليست مع بوش و ليست مع الأمريكيين الذين هم أنفسهم يتحدثون عن مدى حماقة هذا الرئيس ، مشكلتنا الأساسية مع المتأمركين العرب، أصحاب ديمقراطية بوش العُظمى.

ديمقراطية بوش التي ينادي بها بعض أبناء العروبة هي التي حررت العراق و جعلته ساحة للأمنِ و الأمان ، و ديمقراطية بوش هي التي ستحرر فلسطين و تعطي الأمن للأمة العربية و تحميها من التهديدات الإيرانية، بوش لم يشعل يوماً فتيل الحرب على هذه الأمة ، فحريٌ بنا أن نستقبله استقبال الفاتحين بالزهور و الورود و الأهازيج و حريٌ بنا أن نُلبسه العباءة العربية و أن نسقيه القهوة العربية السمرا ...

فكانت هدية إيهود أولمرت بمناسبة زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش للمنطقة هو ما يجري اليوم في غزة هاشم الأبية الصامدة ، و لا زالت تصفيقات بعض أبناء هذه الأمة و أهازيجهم تدوي لبوش و لديمقراطيته و حريته.

ما يحدث في غزة اليوم، رسالة لأبناء الشعب الواحد ، رسالة للفصائل الفلسطينية أن اتحدوا معاً ضد العدوان و الغطرسة الصهيونية ، و رسالة أخرى للأمة العربية أن تقف و لو مرّة واحدة وقفة مشرفة من أجل الحدّ من الجبروت و الغطرسة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة ، و رسالة إلى كلّ المتأمريكين دعونا منكم و من ترهاتكم الفارغة التي لا تسمن و لا تغني من جوع.

و من حقنا أن نستقبل بوش بالأحذية و الحجارة!!

otelfah@hotmail.com

على الحكومة أن تتصرف!

سعيد علم الدين
لقد طفح الكيل وزاد، ولا بد من قطع دابر خفافيش الليل، وإلا ستذوي الحقيقة وتذبل، وينجو القتلة من العقاب، ويضيع الوطن تحت ضربات الإرهاب، وهذا هو ما يريد تحقيقه باغتيالاتهم المستمرة لأحرار لبنان وأفذاذه هؤلاء الأوغاد.
فلا الاستنكارات ستجدي مع القتلة نفعا، ولا الإدانات سيكون لها صدى عند المجرم، ولا التنديد سيكترثُ له الجبناء، ولا بكاء الأيتام ونحيب الأرامل وصراخ الأطفال سيسمعه هؤلاء الأنذال، ولا حتى إعلان الحداد! كيف لا وهم جاهزون لذرف دموع التماسيح وإصدار بيانات الإدانة والاستنكار والتنديد الشديد وحتى تنكيس الأعلام والمشاركة في الحداد تغطيةً لجرائمهم.
فمن يهرب من الحكومة عشوائيا ليتهمها بفقدان دستوريتها غوغائيا، ومن يغلق البرلمان في وجه المحكمة ويلوم الحكومة باللجوء إلى الأمم المتحدة، ومن يرفض إقرار المحكمة لبنانيا ويحمل المسؤولية لمذكرة الأكثرية، ومن يعطل المبادرات لانتخاب العماد سليمان ويتهم الآخرين بتعطيلها، ومن يسرق الكهرباء مسبباً بقطعها واحتراق المولدات، ثم يتظاهر اعتباطا ضد الحكومة، ومن يحتل الساحات متسبباً بإقفال المؤسسات التجارية ومضراً أفدح الضرر بالاقتصاد، ثم يأتي بعد ذلك ليدعو إلى الإضراب بسبب لقمة العيش، ولا يكتفي بذلك بل ويقطع الطرق ويحرق الدواليب ويعتدي على المواطنين غاضباً لإسقاط الحكومة، هو ذو بضاعة فاسدة، منافقٌ كاذبٌ بلا ضميرٍ وذمةٍ وأخلاق، فاقدٌ للمصداقية ومدان، خائن للوطن والشعب ولا أمن في العيش معه ولا أمان.
فكفى ضبط نفس يا حكومة السنيورة ومراعاةَ من ليس لهم ضميرٌ ولا وجدان، وشعب لبنان النازف وأحراره الشجعان يدفعون من أرواحهم ودمائهم وأرزاقهم أغلى الأثمان.
ولهذا فعلى الحكومة مجتمعةً مع رئيسها الأستاذ فؤاد السنيورة أن تنتفض، وكما انتفضت على الإرهاب في نهر البارد وتتصرف برد الصاع صاعين، لمواجهة هذا الواقع المأساوي المدمر الدموي الاستبدادي البشع، والغير مقبول وغير معقول، وتغييره لمصلحة شعب لبنان وأمنه واستقراره.
هذا الواقع يعمل عملاء وإرهابيو التحالف الإيراني السوري من خلال سياسة: التفجير والإلغاء، والاغتيالات والاحتلالات، والإضراب والاعتداء على الأبرياء، والتحريض على الفتن وخلق الأزمات ورفض المبادرات، فرضه كأمر واقع على لبنان.
على الحكومة أن تتصرف اليوم قبل الغد، والساعة العاشرة قبل العاشرة وثانية واحدة، لأن المجرمين يخططون في مربعاتهم بهدوء ويعملون بالثانية وليس بالدقيقة.
ولا عذر هنا للحكومة لكي لا تتصرف لأنها مسؤولة!
وعليها أن تتصرف لكي لا نخسر التضحيات العظيمة التي قدمها ويقدمها الشعب، والأمل بالمستقبل وبقيامة دولة لبنان الغد.
ولا يكفي أبدا أن يعلن الرئيس السنيورة "عزم الدولة اللبنانية على الاستمرار في ملاحقة المجرمين الذين خططوا ونفذوا جريمة اغتيال الرائد الشهيد وسام عيد ومن سقط معه. متابعاً "نحن إزاء ذلك ليس لدينا إلا خيار المواجهة والصمود".
هذا الكلام لا يكفي لمعالجة الواقع اللبناني الذي يتطلب إضافة إلى المواجهة والصمود أيضا استباق الضربات بالمراقبة وتكثيف الدوريات واقامة الحواجز الطيارة الفجائية والهجوم على مواقع الإرهاب دون هوادة. وهذا لا يمكن أن يتحقق من خلال نظرية الأمن بالتراضي مع الإرهاب، وما دام لبنان من شماله إلى جنوبه ومن بقاعه إلى جبله وبيروته يعج بالدويلات والمربعات الخارجة عن سلطة الدولة والجزر الأمنية والمعسكرات الثورجية والمخيمات المسلحة بالإضافة إلى خلايا المخابرات الإيرانية والسورية اللصيقة بكل أنواع الإجرام. هنا الحل الذي لا مفر منه ومهما كانت النتائج هو أن تطلب الحكومة الشرعية والدستورية من المجموعة العربية والدولية الدعم العسكري لتطبيق قرار مجلس الأمن 1559 الذي لم يطبق حتى الآن، ولكي تفرض سيادة الدولة على كامل أراضيها وتنزع أسلحة الميليشيات وتنهي كل الدويلات التي تشكل الخطر الأكبر على لبنان وشعبه وتحاول فرض هيمنتها عليه وابتلاعه. هذه الدويلات بقيادة دويلة نصر الله تشن حربا ضروسا سياسية علنية من خلال أبواقها وألسنتها الحاقدة، وعسكرية سرية من خلال شبكاتها القاتلة، على الدولة اللبنانية الشرعية ومؤسساتها المدنية والعسكرية، وعلى الحكومة اللبنانية أن تتصرف كما أشرنا.
عليها أن تتصرف من خلال: ثوابتها الوطنية والعربية وديمقراطيتها وشعبيتها وأكثريتها وشرعيتها التي لا غبار عليها، وسلطاتها الدستورية المعطاة لها بحكم القانون دون أن تنتزعها بالقوة من أحد.
عليها أن لا تنتظر مكبلة اليدين شبه مشلولة ما يقرره عنها الآخرون، وهي ولبنان وشعبه وقياداته المخلصة الأمينة تتعرض للضربات الإرهابية القاضية الواحدة وراء الأخرى. حتى أن انتخاب العماد سليمان لن يحل المشكلة. الذي أصبح موضوع انتخابه أيضا أسير هذه الضربات المتواصلة وتسارع عمليات التفجير والاغتيال القاتلة. ولهذا فلا عجب أن يكون ردهم السريع على ترشيحه من قبل قوى 14 آذار، اغتيالهم للشهيد اللواء الركن فرنسوا الحاج، رفضا لهذا الترشيح. الدليل الواضح على ذلك هو ما وضعوا بعد ذلك من تعجيزات وعراقيل ورفضوا من مبادرات فرنسية وعربية. هنا يوجد ربط سياسي محكم مع هذه التفجيرات والاضرابات والاغتيالات التي توالت مع التهديدات اليومية المكشوفة من جماعة 8 آذار وأشياخه.
إنها الحرب الخفية المخابراتية على لبنان ولا يمكن أن تواجه إلا بالحرب!
والدفاع كما تفعل الحكومة اللبنانية حتى اليوم وتلقي الضربات لن ينفع مع هذه الوحوش الكاسرة. لا بد من الانتقال إلى الهجوم أو الاستسلام. والاستسلام للإرهاب وشيوخه ودوله مرفوض ومهما عظمت التضحيات!
فمن يعرقل انتخاب سليمان بسلاله التعجيزية هو ومن ورائه من الدول من يضعون أيضا في السلال هذه العبوات القاتلة.
ولأن هذه الحرب الإرهابية لن تتوقف دون الإذعان لشروط القتلة في الهيمنة على لبنان وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإلغاء المحكمة الدولية كما يفتخر نصر الله بإلغائه القرار 1559 الذي كما حدثنا في عاشوراء بأنه: سيظل حبرا على ورق، على الحكومة أن تتصرف الآن لإنقاذ لبنان من التدمير، وشعبه من التفجير، وأحراره من الاغتيال، وانتفاضة الاستقلال من الاندثار، والقوى الأمنية النظامية من الاستهداف اللصوصي الجبان!
ومع انطلاق المحكمة الدولية ستتسارع وتتكثف وتيرة التفجيرات والاغتيالات، كرد مباشر من القتلة على المحكمة. الصراع هنا وبوضوح هو بين الخير والشر، بين منطق الدولة وهرطقة اللادولة، وبين شريعة القانون وشرعة الغاب، ولكي ينتصر منطق الدولة على هرطقة جماعات الإرهاب يجب أن يكون للقانون أنياب! وبدعم عربي ودولي على الحكومة أن تطلبه دون الاكتراث لأبواق الإجرام الإلهية!

مرسوم سرى للغاية من والي فيينا



ناصر الحايك

بعد تقديم فروض الطاعة والولاء لمولانا وسيد نعمتنا "أمير المؤمنين" سيدنا المنصور بالله أطال الله فى عمره وأدام العز والتمكين لجلالته ...

أتشرف أن أطلع مقامكم العالى على اخر المستجدات والتطورات فى ولاية فيينا...

بفضل تبريكاتكم وتوجيهاتكم وقيادتكم الحكيمة وبفضل أوامركم السامية ولأن الرعية تتبع الراعى ومدينة لكم بالطاعة العمياء والتبعية الخرقاء، بفضل ذلك كله أصبحت الجالية الاسلامية فى ولاية فيينا التى نتحدث باسمها "رغما عن اللى....." ترزح تحت سيطرتنا الشاملة والكاملة ...

مولانا أمير المؤمنين :

نحن كما تعلمون محصنون بالرياء والنفاق وسمتنا الانبطاح والتزلف والتملق وأحيانا نضطر لارتداء ثوب الحكمة والعفة والشجاعة والاقدام وذلك لنحكم قبضتنا على الرعاع الذين يتلقون الصفعات تلو الأخرى ويعتقدون بأننا لقضاياهم أوفياء...

مولانا المطاع :

نعلم بأن جلالتكم تجوبون العالم بأسره باسم أربعمئة ألف مسلم لشرح الوجه المعتدل والحضارى للاسلام لارضاء أسيادكم ولا تملكون الا القليل من الوقت كما نعلم بأنكم تتلقون أموالا طائلة بذريعة دعم الجالية و الاكاديميات الاسلامية والمساجد المتناثرة هنا وهناك و التى تسخرون فيها أئمة مرائين لخدمة أجندة معينة ولتحقيق مصالحكم الذاتية ...

مولانا المعظم :

نبشركم بأننا استطعنا ترويض وتهدئة وامتصاص نقمة بعض المسلمين فى ولاية فيينا الذين امتعضوا وغضبوا من تصريحات مرشحة حزب يمينى يوصف زورا بأنه متطرف!! للانتخابات المحلية فى ولاية جراتس ، حيث ادعوا الجهلة بأنها أساءت للنبى محمد (صلعم) علما بأن هذه المرأة دمثة الخلق وطيبة القلب ومرهفة الأحاسيس ولم تقصد أبدا ايذاء مشاعر المسلمين أو التعدى على مقدساتهم بحسب تشخصينا الدقيق للواقع و دراستنا المستفيضة للأحداث ، وقد نفذنا أوامركم بحذافيرها حيث قمنا بتوحيد خطب الجمعة فى المساجد الخاضعة لسلطاتنا "ولملمنا الموضوع" عملا بالمثل الشعبى القائل "هنا حفرنا وهنا طمرنا" وقد أجاد شيوخنا المرتزقة الادوار والمهام الموكلة اليهم على أحسن وجه...

لكن ما يقلقنا يا مولانا فى الآونة الأخيرة هو تنامى بعض الحركات المتمردة والمثيرة للشغب...

هذه الثلة ياسيدنا المطاع تألب الرأى العام عليكم وتطالب باصلاح وتقويم سلوك ولاة الأمر الذين أمر المولى عز وجل بطاعتهم. هؤلاء الحمقى "كتبة الانترنت" لايكفون عن نشر سمومهم الفتاكة على صفحات الانترنت، كما يبدو أنهم غافلون عن أمر فى غاية الخطورة وهو أنه لولا حكمكم العادل وتسييركم الحكيم لشؤون الأمة ، لما كان لنا شأن فى الولاية ، ولما تمكنا من اكمال مشروع بناء مقبرة اسلامية تتسع لرفات الأموات ....

مولانا المفدى :

نحن الآن مشغولون بجمع الجزية والمسلمون يدفعون التبرعات عقب كل صلاة جمعة بسخاء، بعد أن يشبعهم الخطباء المأجورون مواعظ وحكم تحثهم على كراهية الدنيا الغرور وتحضهم على الانفاق بسخاء حتى يظفروا بالجنة والنعيم والحور العين لكننا نعدكم بأننا سنعاقب العصاة واللئام وسنعمل على تقزيمهم وعزلهم وذلك بحرمانهم من الدعوات والولائم على موائد الكرام وعلية الاقوام .

الامضاء
خادمكم المطيع: والي فيينا والممثل الدائم لجمعية ( لا لختان الاناث)
بولاية مدغشقر

الجمعة، يناير 25، 2008

بوش في أحضان ملوك العرب

أسعد أبو خليل
الأخبار
سَجَدوا له، واحداً واحداً. أميراً أميراً، وملكاً ملكاً، وشيخاً شيخاً.
هبّ شيوخ الزيت الأسود للقاء المحبوب الأميركي كمن يهرع لموعد غرامي. تحرّقت قلوبهم شوقاً للقاء. رأيناهم ورأينا «الرؤوس المطأطأة إلى الأرض قياماً بواجبات السجود» (على ما قال الأخطل الصغير). يسبّحون بحمده ليلاً ونهاراً، وشفاعته هو فقط تُجدى من قبلهم. حتى الملك الذي لا يصلّي إلا من على كرسي مذهّب ومرصّع، هرَع إلى المطار كالملهوف. سارع إلى أسفل درج الطائرة، لم يصدّق ما رأته عيناه.
بوش بلحمه وشحمه وعجرفته يطأ أرض المملكة. آه لو أنه اصطحب معه جيوشه الجرّارة. أبدى الملك «المُنتخب ديموقراطياً» ـ إذ إن كل حلفاء أميركا في المنطقة «منتخبون ديموقراطياً» ـ حماسة غير معهودة. كاد أن يقفز قفزاً في أرض المطار. ترنّحت الأرض تحت قدميه.
قمّة النجم عندهم موطئ قدم المُفدّى. لا ندري ماذا دار بينهما من حديث، لعلّ ملوك النفط العربي وأمراءه صدحوا له: بالروح، بالدم، نفديك يا بوش (هل هناك أبشع من هذا الهتاف، بالمناسبة؟). بدا الحوار حميميّاً بين الاثنين. هل عرض خادم العائلة المالكة أن يحظى بشرف تلميع حذائه؟ أو هل حثّه على شنّ مزيد من الحروب؟ أو هل استجدى منه فتاوى لتعميمها في وسائل الإعلام العربية؟
عقمت النساء بعد ولادة بوش، هم قالوا له. ما رأوا مثله من نظير. شرفٌ وأيّ شرف أن يزورهم سيّدُهم. أتى ليلقي التحية، وليصدر الأوامر. هو أمَر: طَبِّعوا مع إسرائيل، وخَفِّضوا أسعار النفط، وأَظهروا مخافة من إيران. الأوامر كانت واضحة، لا لبس فيها.
هؤلاء الملوك والامراء والشيوخ ـ صار عندنا في لبنان شيوخ أيضاً بفضل آل من «يحسب أن ماله أخلده»، يا للفخر ـ كان يُقال لهم: العراق خطر عليكم، فيجيبون بصوت واحد: العراق خطرٌ علينا. اليوم يُقال لهم: إيران خطرٌ عليكم. يجيبون بصوت واحد: إيران خطرٌ علينا، ويزيدون من عندهم أن إسرائيل وترساناتها من أسلحة الدمار الشامل برد وسلام.الإعلام السعودي كاد أن يطير فرحاً. زَغرَدوا وهَلّلوا وكبّروا. المذيعة في قناة «العربية» نجوى قاسم (خرّيجة المدرسة الحريرية في الإعلام)، لم تتمالك نفسها.
كرّرت للجمهور اسم طائرة بوش بالإنكليزية أكثر من مرّة، ودعت المشاهدين (لا المشاهِدات ـ المرأة عورة بنظر هؤلاء) إلى انتظار انطفاء محرّك الطائرة المقدّسة.
طائرة من السماء هي، ولا كالطائرات. حَملها رفّ من الملائكة إلى أرض المملكة. معبودهم وطأ الأرض، فزادت قداستها وعظُمت جلالتها.
لو تسنّى لملوك العرب وأمرائهم، لرافقوا بوش على بساط الريح، ولأطعموه المنّ والسلوى أثناء الرحلة. مشهد ولا كالمشاهد. ملوك وأمراء نفط العرب بدوا كما ألفناهم، صغاراً صغاراً. فرحوا إذ إنّ إلههم المعبود أتى في آخر أيام ولايته ليزف لهم نبأ إعلان بيعهم أسلحة.
نثروا الأرز والزعفران والرياحين فوق رأسه. فعلوا أكثر من ذلك لتكريمه. نثروا أشلاء أطفال فلسطين ولبنان والعراق أمامه زيادة في التكريم. هذه يد طفل من غزة، وتلك يد طفلة من قانا، وهذا رأس طفل قضى في مخيم جنين، وذاك طفل محترق من العراق. مشى الضيف الموقر فوقهم.
قهقه المضيف. فعلوا المستحيل لإسعاده.أولاد زايد (من السلالة الشخبوطية ـ وكان ياسين الحافظ مصرّاً على تسمية الحقبة السعودية بالحقبة الشخبوطية للتدليل على إيغالها في الرجعية، وإن لاحظنا أن حازم صاغية استعان بالحافظ أخيراً لتسويغ سياسة تأييد الحريري والسعودية، مثلما استعان يساري سابق آخر بكارل ماركس لتسويغ سياسة تأييد أمين الجميل وسمير جعجع. لكن اليساري السابق الأخير يستعين بمن يتوافر ـ حتى بيوحنا فم الذهب الذي كتب له ابتهالات دينية في جريدة «السفير» من دون أن يذكر للقراء والقارئات أن يوحنا كتب من أخبث ما كُتب في اليهود كيهود وقد وجدت فيه النازية خير معين.
لكنّ اليمين العربي يتسامح مع معاداة السامية من الغرب، ويتبرّم من معاداة الصهيونية من الشرق) أخذوه إلى خيمة، وعرضوا صقورهم عليه. أحاطوه كالحرّاس الشخصيين. عزّزوا التعميمات النمطية عن العرب، وكأنّ هؤلاء (أو القذافي) فعلاً يعيشون في الخيم (ذكرت حاشية في تقرير 11 أيلول الأميركي الرسمي أن أحد أمراء الإمارات كان يصطاد مع بن لادن في التسعينيات).أثنى بوش على تجربة دبي. ولمَ لا؟ تجربة مدينة قائمة على هرميّة من التسلسل الطبقي الفظ، والإثنيّة والعرقيّة العنصرية، بالإضافة إلى اقتصاد يفتح الذراعين والساقين أمام غزو الشركات المتعددة الجنسية. تقرأ كتاب محمد بن راشد (الذي تلقّى مديحاً من دانييل بايبس لأنّ فلسطين لا ترد على شفاهه)، وتتبين خططهم: رأسمالية متوحشة وسياحة خدمات ودعارة ـ كم سعى رفيق الحريري لتطبيقها في لبنان.
نموذج دبي هو الراجح، لا نموذج الديموقراطية، وخصوصاً بعدما اكتشفوا أن الديموقراطية لا ترجّح كفة أمثال سلام فيّاض (حاز الأخير نحو 1% من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأخيرة، ويريدون تنصيبه زعيماً على فلسطين مع الدحلان) وأياد علاوي وأحمد الشلبي. نموذج دبي أفيون الجيل العربي الجديد. عليك أن تخلع ثوب الثورة، أو حتى ثوب التعاطف مع شعب فلسطين، قبل أن تدخل تلك الجنة الاصطناعية.
يا أدعياء التُّقى والورع، هل تخدعون إلا أنفسكم في ادعاءاتكم؟ «يواقيتُ الصِّلات أعلق» بقلبكم من مواقيت الصلاة، على ما قال الحريري في المقامة الصنعانية، ثم تفرضون علينا أكثر العقائد الدينية تزمّتاً ومحافظة وانغلاقاً ومعاداة للمرأة. أنتم الذين عاديتم وحاربتم التنوير والانفتاح والاشتراكية والعدل الطبقي والجنسي بين الناس. أنتم الذين فرضتم علينا تعصّباً وأصولية لم تكن موجودة قبلكم، أو كانت في طريق الزوال. أنتم الذين دربتم ومولتم وسلحتم الظلاميّين لمحاربة عبد الناصر والشيوعية. أنتم الذين أنجبتم بن لادن، ولا تختلفون معه حتى اليوم إلا على السياسة الخارجية. يا ناشري التعصب المذهبي بيننا، ألا تشعرون بفقدان الشرعية؟
ماذا تكونون من دون ثرواتكم ونفطكم؟ هل تصدقون تلك المدائح التي تُكتب فيكم؟ قِبلتُكم في ملاهي مدن الغرب ونواديها، لا في الجزيرةالعربية.ماذا فعلتم بنا يا ملوك النفط وأمراءه، ماذا فعلتم بنا؟ إذا كانت مصر هبة النيل، فأنتم هبة المتسعمِر. والتين والزيتون ما اندلعت ثورة في العالم الثالث إلا وحاربتموها بالمال وبالوسائل السرية بالاتفاق مع المستعمر الغربي، من ظفار، إلى فلسطين، إلى لبنان، إلى بوليساريو، إلى اليمن. أنتم عالة على قضايا شعوبكم، ولكنكم لم تكترثوا يوماً لآراء شعوبكم. ما اتصلت حركة تحررية بكم إلا واتسخت.
نقرأ اليوم في ما يُنشر من وثائق السياسة الخارجية الأميركية ونتبيّن مدى تأثيركم على حركة فتح بالنيابة عن أميركا، والأخيرة بالنيابة عن إسرائيل.كم شوّهتم من صورة العربي في العالم نتيجة مسلككم وسعيكم الدائم وراء اللذّة. أنتم الذين تعرفكم ملاهي الغرب ومواخيره أكثر من كثبان الرمل في بلادكم. أبحتم بلادكم ومقدساتكم للاستعمار، وحوّلتم النفط إلى ألعوبة بأيدي الغرب، تزيد من خيراته وازدهاره، وتزيد من فقرنا وبؤسنا. نفط العرب للغرب، لا للعرب. حتى تموركم لا تملكونها.تشترون سلاحاً فقط من أجل ملء خزائن الغرب بثرواتكم. وعندما تتهدّد عروشكم من الخارج لا تطلقون رصاصة، بل تستجدون كالأطفال مساعدة الحكومات الغربية المشغولة بمصالحها الاقتصادية. ساركوزي عندما يزوركم لا يمثل قيم الثورة الفرنسية، بل شركات النفط والحنين الاستعماري الدفين. أنتم أقوياء وجبابرة أمام شعوبكم المقهورة، لكن فرائصكم ترتعد أمام حكّام الغرب.
ترقصون أمامهم بالسيف. ملك البحرين أهدى الرئيس المُفدّى القادم من وراء البحار سيفاًمذهباً. يا أمراء النفط العربي وملوكه، فلينضب نفطكم، فلينضب نفطنا. لم تسخّروه إلا لغايات المستعمر القديم والمتجدد، وسعياً وراء لذات تحرّمها كل الأديان وتحرّمون حتى المُباح منها، في الوقت الذي تبتكرون فيه وسائل للذّة لم تعرفها إلا مخادعكم. تحرّمون العشق بين الناس وتحللون لأنفسكم عشق الجماد والحيوان. ارحلوا عنا، فأنتم لقوم سوانا «أمْيَلُ». حرّروا عبيدكم وجواريكم وعودوا إلى الصحارى مع نياقكم، أنتم الذين لم تأخذوا من البدواة إلا النواقص والذكورية. ارحلوا عنا وعودوا إلى قرون أقرب إلى مزاجكم وفكركم وتعصّبكم.إن كان نفطكم سينضب فستسمعون ـ وسيُطرب الرأي العام العربي لسماع ـ الآراء الحقيقية لأبواقكم في الصحافة والسياسة في لبنان.
عندها فقط، سيستفيق الليبراليون العرب الوهابيّون المنتشرون في الصحافة العربية إلى خروق حقوق الإنسان في ممالك القهر. عندها فقط ستستفظعون طقوس قطع الرؤوس الدوري في الساحات العامة، ورجم العشاق من الجنسين. عندها فقط سيصارحكم هؤلاء وسيلاحظون أن ملككم لا يتوافق مع أي من مفاهيم العصر والحداثة التي تملأ الصحافة هذه الأيام. ارحلوا عنا ودعوا شعوبكم تختط طريقها من دونكم ومن دون وكالتكم عن الاستعمار الذي نصّبكم وأبقاكم في الحكم بالرغم من إرادة شعوبكم. لوّثتم بيئتنا الطبيعية والسياسية والأخلاقية. عودوا إلى الصحراء وأريحونا، إذ جثمتم ثقيلاً فوق صدورنا. ما عدنا قادرين على التنفّس بوجودكم. أما اكتفيتم بقهر شعوبكم وقمعها؟ ألا تشبعون من اضطهاد مواطنيكم، ومواطني كل الدول العربية، يا حلفاء الطغاة في كل العالم. لم يجد عيدي أمين وجعفر النميري ملاذاً إلا عندكم، يا حلفاء موبوتو وفرانكو.يا ملوك النفط وأمراءه، لو يتسنى لي أن أُسمعكم ما يقوله فيكم وعنكم العربي والغربي. آه لو كان بقدرتي أن أسجّل لكم أحاديث الشرق والغرب عنكم.
لو نضب نفطكم لعلمتم مدى احتقار العالم لكم، يا رموز التعصب والرجعية وتعدّد الزوجات. ما أبعدكم عن «نور العقل» كما كان ابن العربي يسميه. ما أبعدكم. أثقلتم علينا وضيّقتم (وأحصيتم) علينا أنفاسنا. ما حللتم بنفوذكم على بلد ألا أفسدتموه بأموالكم وجعلتموه أكثر تعصّباً وتزمّتاً وضيقاً وسلطويّة وقهراً. تمارسون القمع والاستثناء والإبعاد الديني والمذهبي وتعظون شعب لبنان حول التعايش، أنتم الذين لا تصدّرون إلا النفط وفتاوى ابن باز. لو كان للعربي العادي أن يصل إليكم بعد نضوب النفط، لسمعتم منه (وخصوصاً منها) عن عمق مأساتنا بسببكم. كنتم خير عون لكل أعداء العرب والمسلمين، وأتاح لكم النفط أن تنطقوا باسم العرب والمسلمين.
كم طالت غيبوبتنا وغيبوبتكم: غيبوبتنا من جراء سطوتكم المتأتية عن نفطكم وثرواتكم، وغيبوبتكم لأن الحق والحقيقة بعيدتان عنكم. لو نضب نفطكم لعلمتم آراء الناس وحتى بعض العلماء في فتاوى ابن باز في حكم التصوير وفي دوران الشمس، وفي الصلاة في الفضاء. لو أن هذا النفط سينضب قريباً لربما اندلعت ثورات أو انتفاضات في كل منابع النفط، ولتخلصت الثورة الفلسطينية مما علق بجسمها من أوساخ منكم.ماذا نقول فيكم، ونحن لن نستودعكم إذا رحلتم. سيستودعكم من تلقى عطاياكم وعطايا صدام ومدحه، إلى أن توقفت. أنتم قوم إذا عاهدوا كذبوا، وإن عقدوا تخلّفوا، بالإذن من المهلهل. لن نشتاق إلى نفطكم، ولن يبقى من عروشكم وقصوركم إلا ما بقي في ذاكرتكم.
أنتم الذين استنزفتم الجيش المصري في حرب اليمن، ودعمتم الحركات اليمينية حول العالم خدمة لعيون رونالد ريغان. يا ملوك العرب وأمراءهم. ابتعدوا عنا، فما نشرتم بيننا إلا الزهري والسعال والقيح. لو أن الحطيئة ما زال حيّاً، لعرف كيف يتعامل معكم. برحيلكم، سيعود إلى الجزيرة بريقها.
كانت مكة قبلكم مدينة للجدل والنقاش الفكري والفلسفي والفقهي (والعشق والشعر) وحوّلتموها إلى مركز للتزمّت والانغلاق والتعصّب. أعيدوا يا ملوك العرب وأمراءهم جزيرة العرب إلى العرب، وأطلقوا سراح مواطنيكم. الربع الخالي يناديكم.* أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة كاليفورنيا(موقعه على الإنترنت: angryarab.blogspot.com)