الاثنين، ديسمبر 31، 2007

دراسة خاصة لبعض مواد الدستور اللبناني


لاحظ حداد

المتعلقة بشرعية وميثاقية الحكومة اللبنانية الحالية بعد استقالة وزراء حزب الله وحركة أمل منها..
وكشف دور المعارضة في تعطيل انتخاب رئيس

مجلس النواب والعيش المشترك،
المادة 27 من الدستور تنص: عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز أن تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه..
إذن، لا يمكن لأحد، خاصة رؤساء الكتل النيابية أو الأحزاب، الإدعاء بأنهم يمثلون فئة من اللبنانيين، مسيحية كانت أم مسلمة وإلاّ كانت وكالة هؤلاء النواب مقيدة، وهذا مخالف لهذه المادة..
هنا، ليس من الجائر القول: نحن نمثل أغلبية طائفة من الطوائف، والقائل بذلك كأنه يختصر طائفته حيث أن كل نائب في مجلس النواب بات الآن يمثل الأمة بأكملها وليس طائفته وحدها إذ أيٍّ منهم لم ينلْ وكالته عن الأمة بانتخابه من قبل طائفته وحدها بل شارك في انتخابه أفراد من جميع الطوائف وبالتالي لا يجوز اختصار طائفته وإلاّ فقد تمثيله للأمة..

نقول: النائب المنتسب للطائفة الشيعية مثلاً، لا يمثل طائفته وحدها بل يمثل باقي الطوائف التي ساهمت في إيصاله إلى مجلس النواب؛ ولا يغرب عن البال هنا أن الطائفة الشيعية مثلاً لم تكن بأجمعها منتخبةً لهذا النائب.. وهذا القول ينسحب على جميع النواب المنتخبين في المجلس..
بناءً عليه، فإن اعتراض اللبنانيين على تصرفات أي نائب في مجلس النواب تأتي من منطلق تمثيله لهم " كنائب عن الأمة" وليس الطائفة أو التكتل الذي ينتمي أو انتمى إليه إنتخابياً..
إنطلاقاً من هذا المبدأ، يجب تفسير الفقرة [ ي ] في مقدمة الدستور القائلة بأن: لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك. والتي جاءت مكملةً للجملة الواردة في الفقرة [ ط ] السابقة والقائلة: ...، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين..

وعلى هذا، تنتفي كافة إدعاءات التكتلات الحزبية أو الانتخابية في تمثيلهم فئات أو طوائف محددة من طوائف لبنان وإلاّ كانت شكّلت اعتداءً مباشراً على هذه الفقرة [ ط ] التي تُعـتَبر شرحاً بيانياً لسلطة الشعب الوارد ذكرها في الفقرة [ د ] والقائلة: " الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة ..." وهي تنهي أي جدل حول السيادة المقترحة بقولها: " ... يمارسها عبر المؤسسات. بمعنى أن نائب الأمة هو الحجر الذي يشكّل ، مع غيره ، أول مدماك في بناء العيش المشترك الوطني.. فلو أراد المشرّع خلاف ذلك لكان اقترح وجوب انتخاب النواب من قبل طوائفهم وليس من قبل الأمة وقد تمَّ تأكيد هذا القول في المادة 95 بإطلاق حرية الاعتقاد واحترام كافة الأديان والتقيّد بالنظام العام..[ المادة 9]..
مجلس الوزراء
لم يرِدْ في أيِّ مادة من مواد الدستور المتعلقة ب " السلطة الإجرائية " التي تتناول رئاسة الجمهورية أو رئاسة الحكومة والحكومة ككل، لم يرِد أيُّ نصٍ يحدد عدد ممثلي كل مذهب في الطائفة، المسيحية أو المسلمة، بل جعل هذا التمثيل عُرفاً دستورياً [ نسبياً ] إلى أن يحين أوان تحقيق بند إلغاء الطائفية التي تبقى هدف وطني أساسي بحسب الفقرة [ ح ] في مقدمة الدستور..

إن القول بأن خروج وزراء الطائفة الشيعية من الوزارة لا يعني أن هذه الوزارة قد فقدت شرعيتها بخروجهم إذ ... إذا ما راجعنا نص المادة 28 من الدستور والقائلة: يجوز الجمع بين النيابة ووظيفة الوزارة.. أماالوزراء فيجوز انتقاؤهم من أعضاء المجلس النيابي أو من أشخاص خارجين عنه أو من كليهما، يتبيّن بوضوح أن المشرّع ، في هذه المادة، يؤكد أولاً أن النيابة هي تمثيل عام للأمة وليست محصورة بطائفة أو مذهب وثانياً أعطى لرئيس مجلس الوزراء حرية اختيار وزراء من غير النواب المنتخبين أي من خارج التكتلات الحزبية أو الانتخابية.. ومع اعتبار الوزارة وظيفة يكاد يقول أن من يتولى مثل هذه الوظيفة يجب أن يمتلك المؤهلات التي قد تكون منتقصة، لدى بعض النواب ، بسبب الانتماء للتكتلات الحزبية أو الانتخابية..
هنا ، وعند شغور إحدى الوظائف الوزارية لأي سبب من الأسباب، يصبح بأمكان رئيس الحكومة، بموجب هذه المادة الدستورية [ 28 ]، اختيار من يشاء من الأشخاص لملئ هذه الوظيفة دون التقيّد بالمجلس النيابي الذي لا صلاحية له في الاختيار..
في نظرنا ، إن المشرّع لهذه المادة قصد بشكل عام رفع تسلّط المجلس النيابي على مجلس الوزراء ولا يبقى له إلاّ سلطة حجب الثقة أو منحها للشخص المختار لهذه الوظيفة الشاغرة - الوزارة..
وهذا بالطبع، ما يمنع التكتلات الحزبية أو الانتخابية من أمكانية خلق أزمة حكومية لا فائدة منها قد تطيح بهذه المؤسسة الاجرائية التي عليها يتوقف عمل الدولة ككل وبكافة مؤسساتها..
وعلى النقيض من ذلك، قد يكون قد ورَدَ في خاطر المشرّع، عند وضع هذه المادة [ 28 ] من الدستور، أن يمنح رئيس الحكومة حرية اختيار وزرائه الذين يجب أن يكون بينهم انسجام تام واتفاق على تنفيذ برنامج حكومته " البيان الوزاري " وبالتالي حرية إقالة أيٍّ من الوزراء الذي يحاول تعطيل عمل الحكومة ، لا سيما وأنه فرضَ أن " ... قراراته توافقياً . فإذا تعذّر ذلك فبالتصويت ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور ..." المادة 65..

مما سبق، فإن خروج أو استقالة وزراء من الحكومة بسبب انتماءاتهم الحزبية أو الانتخابية يُعتبر خرقاً فاضحاً لهذه المواد الدستورية ولا يجوز الأخذ بها وإلاّ بطلت الحكومة أن تكون مؤسسة دستورية وأصبحت مؤسسة حزبية انتخابية..
وعليه، فإن على رئيس الحكومة أن يبادر إلى اختيار الأشخاص الذين يجد فيهم المؤهلات اللازمة للحلول مكان الوزراء المستقيلين أو المُقالين وليس بالضرورة أن يكونوا من فئات المستقيلين الحزبية [ نظامنا ليس إلى الآن حزبياً ] وأن يطلب على الفور إلى مجلس النواب منحهم الثقة على أساس تنفيذ برنامج الحكومة بموجب بيانها الوزاري الذي مُنِحت الثقة على أساسه..
أما المادة 66 من الدستور فتقول: يتحمل الوزراء إجمالياً تجاه مجلس النواب تبعة سياسة الحكومة العامة ويتحملون إفرادياً تبعة أفعالهم الشخصية .
في هذا النص، يجعل المشرّع الوزراء مجتمعين مسئولين عن تنفيذ البيان الوزاري أمام البرلمان الذي منحهم الثقة لهذه الغاية وفي آن مسئولين إفرادياً عن تصرفاتهم وأفعالهم الشخصية، سيما وأنه منحهم في المادة 67 " ...أن يستعينوا بمن يرون من عمّال إداراتهم ... " وإذا ما جاءت أفعالهم مغايرة أو مناقضة للبيان الوزاري فإنهم يجعلون أنفسهم عرضةً لحجب ثقة المجلس، وفقاً للمادة 37، "وَ... وجب على هذا الوزير أن يستقيل " المادة 68..
نخرج من هذا كله بِ : أن الوزراء المستقيلين من الحكومة لا يفقدوها شرعية وجودها طالما شكل باقي أعضائها الأكثرية العددية اللازمة لتأمين النصاب القانوني لاتخاذ القرارات التوافقية بين أعضائها وبالتصويت بأكثرية الحضور ..." بحسب المادة 28 الوارد ذكرها.. ولا يفقدوها ميثاقيتها إلاّ بالقدر الذي يخلّ ببيانها الوزاري الذي يجب أن يحترم كلياً..

إن المشرّع لدى اعتباره الوزارة وظيفة سحب عنها صفة الحزبية أو الطائفية وإن ما صار عُـرفاً فهو أن النظام اللبناني، ومنعاً لاعتراضات الطوائف والتكتلات الحزبية والإنتخابية، اعتمد الأسلوب المعروف بالمحاصصة والذي ألغى إلى حدٍ كبير الدور الحقيقي للحكومة التي تتألف من موظفين يحملون صفة الوزراء وفرض عليهم أخذ الثقة من المجلس النيابي كي يقوموا بتأدية واجباتهم الوظيفية بحسب القانون الخاص بهم [ بيانهم الوزاري ] وقيّدَهم به وجعلهم أسوة بباقي الوظائف العامة التي تعمل بموجب القوانين المشرّعة من قبل مجلس النواب والمرعية الإجراء.. ومما يؤكد هذا هو سماح المشرّع لرئيس الوزراء باختيار بعض الأشخاص، من خارج مجلس النواب.. [ نقترح في هذا المقام أن يصار إلى تأدية قسم خاص بالوزراء بالتقيُّد بالبيان الوزاري ]..

لذلك، فإن استقالة الوزراء - وزراء الطائفة الشيعية - تندرج :
أولاً ضمن اعتراضهم وعدم رغبتهم في تنفيذ بعض أو كل بنود البيان الوزاري.. وهذا التصرف يجب اعتباره استقالة من الوظيفة التي انتُدِبوا لملئها.. وهو تصرّف إفرادي وحدهم يتحملون تبعته [ المادة 66 ] ووجب على رئيس الحكومة التصرف بما يمليه عليه الواجب لسد الفراغ الوظيفي في حكومته والناتج عن هذه الاستقالة..

ثانياً إن الادعاء بفقدان الحكومة شرعيتها ، بعد استقالة وزراء الطائفة الشيعية هو إدعاء باطل لأن استقالتهم إنما جاءت بناءً على طلب تكتلاتهم الحزبية والإنتخابية، وهذا مخالف كلياً للمادة 27 الوارد ذكرها في مقدمة هذه المطالعة..

نختصر المقال بأن خروج الوزراء - وزراء الطائفة الشيعية - ذوي الانتماء الطائفي والحزبي لا يعني إطلاقاً وجوب التقيّد بما يفرضون من خلال تكتلاتهم الحزبية والانتخابية بل على العكس من ذلك تماماً، كان من الواجب إقصاؤهم فور إدعائهم تمثيل طائفتهم الشيعية.. وهم في ذلك على خطأ ، كما أسلفنا، ومناقض لروح الدستور ومقدمته المحافِظَة على العيش المشترك وبالتالي فهم قطعاً لا يمثلون سوى تكتلاتهم الحزبية والإنتخابية..

ولو كان النظام اللبناني قائماً على التكتلات الحزبية وحدها، أسوةً بباقي الدول ذات الأنظمة اليمقراطية، لكانَ خروج هؤلاء النواب مقبولاً.. لكن بما أن النظام اللبنان يقوم حالياً على ديمقراطية توافقية بين الطوائف فإن خروجهم بسبب قيود تكتلاتهم الحزبية والانتخابية، فإن على رئيس الحكومة اختيار غيرهم من الأشخاص المتوفر وجودهم بكثرة في الطائفة الشيعية لتحقيق هذه الديمقراطية إذ ليس من المقبول أن يصار إلى إستغلال الطائفة لتحقيق مبادئ حزبية وعقائدية وغايات وانتخابية من خلال اشتراكهم في الحكومة.. وماذا لو كان الوزراء الشيعة من غير الحزبيين.. هل كانوا اعتكفوا أو استقالوا لذات الأسباب المعلنة؟

نخلص من هذه المطالعة إلى أن الحكومة تتمتع بالشرعية طالما لم تُسحَب منها ثقة مجلس النواب .. وهي ميثاقية طالما لم تُقبا استقالة الوزراء المستيقيلين أولا تُعتَبر مستقيلة بحسب المادة 69.. وليست متهمة بالخيانة العظمى أو الإخلال بواجباتها بحسب المادة 70.. وبالتالي تسقط كافة الادعاءات لجهة عدم شرعيتها وميثاقيتها.. وكان من باب أولى أن يجتمع المجلس النيابي لمناقشة أفعال الحكومة، وفي حال الاقتناع أو التوافق يُصار إلى استقالة الحكومة داخل المجلس النيابي..
... . ...
دور المعارضة في تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية

المجلس النيابي ودور رئيسه،
1) طوال الأشهر الأخيرة من عمر الأزمة المفتعلة باستقالة وزراء حزب الله وحركة أمل الشيعيتين، أصرَّ رئيس المجلس على إلغاء دور المجلس النيابي وأعطى لنفسه سلطة تعطيل عمل النواب المنتخبين من قبل الشعب اللبناني الذي له وحده السلطة وبالتالي منع هؤلاء النواب من القيام بواجباتهم التشريعية ومناقشة أعمال الهيئة الإجرائية، الحكومة، ومحاسبتها..

2) أمام تعرُّض القيادات اللبنانية السياسية والاعلامية للإغتيالات المتتابعة، والتفجيرات المدمرة والعطالة التي أحاقت بالاقتصاد اللبناني ككل جرّاء احتلال الوسط التجاري للعاصمة، وما تسببت به من إغلاق لمؤسساتٍ تجارية أو تخليها قسراً عن ألاف الموظفين والأجَراء متسببةً بضائقة مالية متفاقمة أو هجرة إلى خارج الوطن.. كل هذا لم تطرف عين رئيس المجلس النيابي فيدعو إلى عقد جلسات مناقشة، داخل مجلس نوابه، للتدارس والخروج من الأزمة السياسية، بل هو على العكس من ذلك، حوّل عمل النواب إلى تصرّفٍ فردي لشخصه مباشرة تارةً ونيابةً عن أطراف المعارضة تارةً أخرى ولدى إفلاسه التام أمام تدخلات ومبادراتٍ عربية ودولية وبعدَ فقدانه كافة أنواع المصداقية التي جربها الجميع، أحال دون وجه حق حلّ الأزمة السياسية برمتها إلى من ستقع عليه الملامة بأكملها.. إلى الطرف الأكثر عنفاً وتطرفاً في ثلاثي أطراف العارضة أي رئيس تكتل الإصلاح والتغيير، الجنرال ميشال عون..

3) إن إصرار رئيس المجلس النيابي على رفض التعاطي مع الحكومة الوطنية التي منحها لها مجلس نوابه جعل من نفسه طرفاً سياسياً معارضاً بامتياز متخلياً بصورة نهائية عن مهامه كرئيس لهذا المجلس الأمر الذي أوجَبَ على نواب الأكثرية المبادرة إلى إقصائه عن موقعه إلاّ أن هؤلاء فرضوا على ذواتهم الكثير من اللياقة الوطنية والحرص على المؤسسة التشريعية ومصداقية رئيسها.. لكن هذا التصرف الحكيم قوبل بالمزيد من التعنّث العبثي وغير المسئول متيحاً في المجال أمام المزيد من الاغتيالات السياسية والشحن النفسي للفئات اللبنانية المختلفة كأنَّه بذلك يدعوها إلى التصادم والاقتتال..

4) أما دور رئيس المجلس في تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، فهو ناتج قطعاً عن تشبّثه في اعتبار الحكومة غير شرعية وميثاقية وقد شرحنا فيما سبق عدم صحتها.. ولا يمكن إلاّ الشك الكبير في نوايا رئيس المجلس الواضحة والهادفة إلى تأمين مصالح النظام السوري وأدواته التنفيذية في السلطة التنفيذية المستقبلية والتسلّط على قراراتها المتعلقة بالقرارات الدولية الخاصة بسلاح المليشيا الوحيدة التي لا زالت تحتفظ به تحت شعار المقاومة الإسلامية أولاً، ووقف مسيرة المحكمة الدولية لمحاكمة النظام السوري عن اقترافاته الاجرامية والاغتيالات السياسية في لبنان ثانياً.. هذه المحكمة التي تكشف يوماً بعد آخر عن علاقة مباشرة للمقاومة الاسلامية بهذه الاقترافات..

الجنرال ميشال عون، الذي اغتبط بهذه الإحالة ( التفويض )، وكان هذا أقصى ما تمناه.. اختصر المجلس النيابي بشخصه فبادر إلى فرض نفسه رئيساً للجمهورية بالوكالة وداعياً الجميع إلى محاورته شخصياً حول السياسة المقبلة للدولة اللبنانية التي أدرج جدول أولوياتها على ورقة حل سحري مبهمة، في جيبه، غير مفصحٍ عن محتوياتها التي باتت معروفة من الجميع..

هذا الجنرال الذي فقد كل أمل له في الوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، وهذا الرجل السياسي الفذ جلّ اهتمامه أصبح استقطاب أقطاب السياسة إلى تنصيبه بطريركاً سياسياً للمسيحيين بعد إحالة البطريرك الروحي إلى الاعتكاف.. فهو، وبعد سقوط كافة أوراق التين التي تستر عورات طروحاته الغريبة، آلَ على نفسه الحلول محل السلطان العثماني، الذي كان يعين الرؤساء والأمراء ويحدد نهجهم، ولاغياً، وهو الخبير في حروب الإلغاء، جميع القادة المسيحيين وفارضاً على المسلمين، بكافة مذاهبهم، مذهبه السياسي الجديد الداعي إلى تهديم الهيكل اللبناني على رؤوس الجميع كي يُعيد بناءَه مجدداً..

يتبادر إلى الذهن هنا، إلى أنَّ هذا الجنرال، وبعد رفع أسقف مطالباته إلى الحد الأقصى، لم يعد أمامه سوى هذا السبيل الذي يسلكه.. ولن نشك للحظة واحدة أن الجهل السياسي بلغ عند هذا الرجل حدود التعامي عن مشاريع من فوضَّه وضع الحل لأزمة بدأت بسلوكيات معارضة عادية ذات مصالح حزبية وعقيدية وأمست اليوم تدميرية للكيان الوطني كله..

هذا الجنرال وذاك الرئيس للمجلس، غاب عن باليهما أن المكان الصحيح لمناقشة الحلول للأزمة السياسية المستعصية ليست ولم يكن ولن يكون يوماً ورقة ابتزاز في جيب أيٍّ منهما بل هو المكان المخصص له أي المجلس النيابي أو بيت الأمة كما يجب أن يُسمى.. كما ان الاعتصامات والاضرابات والتعديات الشوارعية لن تنتج سوى الفوضى والخراب والهجرة .. فمن أراد البحث عن الحلول السياسية لا يباشر عمله في الاعلام وعلى صفحات الجرائد وفوق السطوح المائلة..
وإذا كان هذان الرجلان صادقين في ادعاءاتهما عليهما التوجّه إلى المجلس النيابي ومناقشة كافة الحلول ولهما في البرلمان الياباني أفضل الأمثلة إذا كانا جادان..

المؤسف حقاً، ان الديمقراطية التوافقية المعمول بها حالياً والتي من المفترض التحوّل عنها إلى الديمقراطية الحقيقية عندما يتم تحقيق بند إلغاء الطائفية السياسية ويُصار إلى تحويل النظام اللبناني الطائفي إلى نظام مدني لا يسمح لأية فئة استغلال طائفته واستنفارها لنحقيق مآربه الشخصية والخاصة..

انتخاب رئيس البلاد
انتخاب رئيس للبلاد أصبح أضحوكة كبرى لدى جميع دول الأرض، عربية وأجنبية وأعجمية أيضاً.. فلماذا هذا الحق الذي يُراد به باطلاً أيها السيدان؟ ألم يصبكما الخجل بعد ممّا أنتما فاعلان؟ وهل بلغت بكما السذاجة حد استغباء جميع اللبنانيين في العالم ومعهم جميع متتبعي أخباركما من شعوب الأرض؟ نحن في الواقع بتنا نخل من أنفسنا أن نتكنى بقيادتكم لهذه الأمة التعيسة بوجودكم... ألا تخجلان؟ أين أنتما من الديمقراطية التي تدَّعيان!

إلى رئيس المجلس النيابي نقول: كفاكَ تلكئً وافتراءات على حكومة بلدك وتسلطاً على حقوق نوابه.. آن لك أن تعود إلى وطنك وأهلك فمن تخلى عنهم تعرّى ومن أودعَ وطنه جيب الغيب فقد حقه فيه.. دعكَ من الابتزاز السياسي والطائفي فلن ينلك منه سوى الندم.. صدقنا إن زيوان بلدك خير من قمح الأغراب والأشقاء فبادر فوراً إلى وقف كافة المهاترات وخذ مكانكَ الحقيقي واحمل مطرقة الاعلان عن انتخاب الرئيس العتيد.. إن العالم ينظر إليكَ بعينٍ واحدة فسارع إلى تفتيح كلتا عينيك وأرهم قدرة اللبنانيين في استرجاع كرامتهم في وطنهم الذي لن يبقى لكَ بعده وطن.. إنه وطن الأوطان... لبنان.

وأنتَ أيها الجنرال: العسكري الأريب هو الذي يعرف حدود استراتيجيته فلا تدع غوغائية الطارئين والصائدين في مياة المسيحيين، العكرة إلى الآن، يُفقدون توازن التخطيط السياسي.. إن خسارة معركة في ساحة تُعوّضُ في أخرى وكثيراً ما كان انتصار جندي سبباً في ترقية ضابطه فلا تعكس الآية فتضحي برتَبك من أجل ترقية مجندين من حولك.. وما ناله اللواء سليمان لم يأتِ من فراغ بل هو نتاج فكرٍ عسكري، ربما كان لك بعضُ فضلٍ فيه.. ولا نظننهُ يخيّب المرتجى متى كانت يدكَ والمخلصين معه.. فبادر إلى تسليمه ورقة مطالبك المحقة وهو الأولى بتحقيقها بعد هذا الصراع اللامتناهي حولها.. وندعوكَ إلى دعوته إلى مباشرة نهجه بإجراء مصالحة وطنية كبرى يتبعها بتأليف حكومة إئتلاف وطني تقود البلاد إلى واحة الاستقرار والسلام..
في النهاية،
نأمل من الجميع التحلي بروح المسئولية الوطنية ويثبتوا للعالم، ولشعبهم بشكل خاص، أن الإنتماء الطائفي لا يقيم دولة وأن يقوم مقام الولاء الوطني وحده هو القادر على خلاص الجميع والدليل الأبسط في هذا هو إن أي فرد له انتماء طائفي بإمكانه إيجاد طائفته في أيِّ مكان في العالم لكن ليس هناك بديل من الوطن في أي مكان في العالم..

صانك الله ... لبنان

التيار السيادي اللبناني العالمي/ نيوزيلندا

قوات دولية لغزة أم للضفة الغربية ... ولماذا ؟


نقولا ناصر
عادت فكرة إرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 إلى عناوين الأخبار ، لكن كاقتراح رسمي هذه المرة تقدمت به فرنسا ووافقت عليه القيادة الفلسطينية وأيدته إسرائيل بقوة ، في تزامن لافت للنظر مع حملة إعلامية إسرائيلية على مصر تتهمها بالعجز عن ضبط حدودها مع قطاع غزة مقرونة بتسليط الأضواء على عجز السلطة الفلسطينية عن ضبط الأمن في مناطقها وفي تزامن أيضا مع إعلان السلطة عن استعدادها لإدارة معابر القطاع ، وهو اقتراح يثير من الأسئلة أكثر مما يجيب عليها ويخلق مشاكل أكثر مما يحلها .

قال مبعوث الإتحاد الأوروبي للشرق الأوسط مارك أوتي خلال كانون الأول / ديسمبر إنه يمكن "بسرعة وضع خطة" لآلية تواجد "قوة أمنية دولية" في قطاع غزة إذا اتفق الإسرائيليون والفلسطينيون على ذلك وقد وافق الطرفان فعلا على تواجد قوة كهذه من حيث المبدأ لا بل إن إسرائيل تبدو أكثر حماسا من القيادة الفلسطينية في رام الله في تجنيد الدعم الدولي لإخراج الفكرة التي تحولت إلى اقتراح رسمي أعلنته فرنسا في السابع عشر من الشهر الماضي في مواجهة رفض فلسطيني شبه إجماعي للمقترح الفرنسي .

ففي السابع عشر من الشهر الماضي دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس إلى إنشاء قوة دولية "عندما يحين الوقت المناسب" لتعزيز أجهزة الأمن الفلسطينية التابعة للرئيس محمود عباس الذي سارع إلى الإعلان في مؤتمر صحفي بباريس: "إننا نرحب بهذه الفكرة ونحن نعمل لكي تتحول إلى موقف دولي في المستقبل القريب" . وكان عباس قد ناشد مرتين نشر قوة كهذه في القطاع منذ الحسم العسكري الذي قاد حماس إلى السيطرة على القطاع في حزيران / يونيو المنصرم.

ففي العاشر من تموز / يوليو الماضي مثلا سوغ عباس مطالبته بقوات دولية لغزة بقوله بعد مباحثات في رام الله مع رئيس الوزراء الإيطالي الزائر رومانو برودي بقوله: "لقد أكدنا على ضرورة نشر قوة دولية في قطاع غزة لضمان إيصال المعونات الإنسانية والسماح للمواطنين بالدخول والخروج بحرية" .

غير أن الناطق بلسان حركة "حماس" فوزي برهوم سارع على الفور إلى انتقاد المقترح باعتباره "تدخلا صارخا" في الشؤون الفلسطينية الداخلية "وخطة جديدة لتدمير الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني" . وتساءل نائب رئيس كتلة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني يحي دعبيسة في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط منتصف الشهر الماضي: "لماذا لا يدعو عباس إلى نشر قوات دولية في الضفة الغربية التي ما تزال تحت الاحتلال؟"

والمفارقة أن فكرة تدخل قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني كانت قد طرحت بقوة أثناء "عملية السور الواقي" التي دفعت بقوات الاحتلال الإسرائيلي في أواسط نيسان / أبريل عام 2002 إلى إعادة احتلال مناطق سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية ، التي لم تنسحب منها حتى الآن ، إذ اقترحها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان باعتبارها خطوة "لم يعد من الممكن تأجيلها" ، لكن نداءه الذي سحقته جنازير الدبابات الإسرائيلية الغازية آنذاك ما يزال يمتلك حاليا كل المسوغات التي أعلنها عنان في حينه لأن المنظمة الدولية لأسباب "أخلاقية" كما قال "لا يسعها أن تقف محايدة" .

إن الأسباب الأخلاقية التي ذكرها عنان للتدخل في الضفة الغربية عام 2002 هي الآن أقوى وأكثر إلحاحا في قطاع غزة لكن القوتان الإسرائيلية والأميركية اللتان منعتا تدخل الأمم المتحدة وحالتا دون إرسال قوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني في الضفة قيل خمسة أعوام هما نفسهما اللتان تسعيان الآن لإرسال قوات دولية لدعم قوات الاحتلال التي تحاصر القطاع وتقتحمه يوميا من البر والجو والبحر بثمن باهظ من الدم الفلسطيني ولإملاء إرادتهما على القطاع خارج نطاق الأمم المتحدة وبالضد من أية معايير أخلاقية .

وكانت وزيرة خارجية دولة الاحتلال الإسرائيلي تسيبي ليفني أوائل الشهر المنصرم قد بحثت فكرة نشر قوة من حلف شمال الأطلسي "الناتو" في قطاع غزة مع أمين عام الحلف جاب دي هوب شيفر في بروكسل . وكان رئيس وزرائها إيهود أولمرت أكثر تحديدا منها عندما اقترح نشر أي قوة دولية كهذه على حدود القطاع مع مصر بحجة منع تهريب الأسلحة والأموال إلى حماس وغيرها .

وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الإعلام الفلسطيني رياض المالكي في رام الله يوم الثلاثاء الماضي قال إن السلطة مستعدة لإدارة المعاير في القطاع "دون التعامل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع حماس" إذا وافقت إسرائيل طبقا لخطة وضعها رئيس الوزراء سلام فياض وعرضها على وزراء الإتحاد الأوروبي في بروكسل الذين وافقوا عليها ، حسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية "وفا" .

وتثير هذه الخطة أسئلة هامة لا تزال بحاجة إلى أجوبة . فعلى سبيل المثال هل ستوافق إسرائيل ؟ وهل ستوافق حماس ؟ وما هي وسيلة خطة فياض لضمان أمن المعابر ؟ إن خيارات فياض لضمان أمنها محصورة إما بموافقة حماس على خطته وإما بموافقته على دور أمني إسرائيلي خصوصا على معبر رفح ، وكلا الخيارين مستبعد ، أو باستقدام قوات دولية توافق عليها إسرائيل وهذا هو خياره الأرجح والمعلن الذي لا تعارضه حماس فقط بل فصائل رئيسية من منظمة التحرير الفلسطينية ومن خارجها .

كما أن خيار الاعتماد على قوات أمن السلطة نفسها مستبعد تماما لسببين أولهما سيطرة حماس على غزة حيث لم تعد لقوات السلطة أي سلطة وثانيهما التقرير الذي نشرته "الشرق الأوسط" اللندنية يوم الخميس الماضي عن خيبة أمل القيادة الفلسطينية مما نقله ممثلون عن الإدارة الأميركية إليها عن حاجة السلطة إلى "خمس سنوات في الأقل من أجل تنفيذ الاستحقاقات الأمنية كما وردت في المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق" وهي الاستحقاقات التي "تخشى" القيادة الفلسطينية "أن تكون الإدارة الأميركية قبلت بالموقف الإسرائيلي القائل إن السلطة الفلسطينية مطالبة بتطبيق استحقاقات خارطة الطريق في قطاع غزة وليس في الضفة الغربية فقط" .

وفي هذا السياق لا يمكن الفصل بين تغيير إسرائيل المفاجئ لموقفها من الرفض إلى التأييد لاستقدام قوات دولية إلى قطاع غزة الفلسطيني المحاصر وبين المبالغة الإسرائيلية حول "الأنفاق" بين القطاع وبين مصر وكذلك الضجة الإعلامية التي تثيرها تل أبيب حول العجز المصري المزعوم عن ضبط الحدود مع غزة ، حد أن تتجاوز وزيرة خارجيتها تسيبي ليفني حدود الدبلوماسية في هذه الضجة المتصاعدة حد البجاحة في تطاولها على مصر .

إذ يبدو واضحا أن لا هدف لهذه الضجة والمبالغة المقترنة في الوقت نفسه برفض إسرائيلي قاطع لطلب مصر زيادة قواتها المرابطة على هذه الحدود لضبطها سوى تهيئة الرأي العام الدولي وتحريض الولايات المتحدة الأميركية على مصر وابتزازها للموافقة على استقدام قوات دولية تعرف جميع الأطراف المعنية أن استقدامها للقيام بمهام قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اضطرت مرغمة لإعادة انتشارها من داخل القطاع إلى ما حول القطاع هو أمر يلقى شبه إجماع فلسطيني على رفضه باستثناء موافقة حكومة رام الله عليه .

إن تصريحات ليفني أمام "لجنة الشؤون الخارجية والدفاع" في الكنيست يوم الاثنين الماضي تشي بأهداف الضجة الإعلامية الإسرائيلية ، فهي أولا عرضت بكفاءة قوات الحدود المصرية ، واتهمتها بالتواطؤ مع ناشطي حماس ، وقالت إنها وثقت هذا "التعاون" في أشرطة فيديو أرسلت نسخا منها إلى الرئيس الأميركي جورج دبليو. بوش مما دفع الكونغرس إلى تجميد صرف (100) مليون دولار من مخصصات المعونة العسكرية السنوية لمصر ، لتخلص بأن انعدام كفاءتها سيجعل "سيطرة القوات الفلسطينية المعتدلة أكثر صعوبة" في القطاع لتتخذ من ذلك ذريعة للقول إن إسرائيل لن توقع أي اتفاق مع الفلسطينيين "حتى تسيطر سلطة قوية ومسئولة في غزة" ، أي أن أي اتفاق سلام مع الجانب الفلسطيني لن يتم قبل تحقيق ذلك ، وبالتالي فإن استقدام قوات دولية إلى غزة لتحقيق هذه السيطرة التي فشلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تحقيقها بعد أربعين عاما من الاحتلال هو الحل الذي لم تقله ليفني صراحة لكن تقوله أي قراءة سريعة لتصريحاتها .

ويبدو أن التحالف بين المحتلين الأميركان للعراق وبين المحتلين الإسرائيليين لفلسطين غير واثق من أن النجاح السياسي الذي حققه في أنابوليس والنجاح المالي الذي أحرزه في باريس هو نجاح يكفي لفرض مشروعه على الشعب الفلسطيني فأضاف إليه مقترح عصا عسكرية لضمان النجاح .

فقد اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووافق الرئيس الفلسطيني محمود عباس "رسميا" على اقتراحه ، على ذمة وكالة أنباء "معا" من العاصمة الفرنسية في الثامن عشر من الشهر الجاري ، إرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وقال عباس: "قوات دولية مقبولة من طرفنا تماما" .

ومن المعروف أن القيادة الفلسطينية طالما طالبت بقوات دولية لحماية الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي لكن دولة الاحتلال وحليفها الأميركي كانا يرفضان مجرد طرح الفكرة أو مناقشتها في أي منتدى دولى أو في أي مباحثات ثنائية أو متعددة مع الجانب الفلسطيني .

فما الذي تغير حتى تستنفر الدبلوماسية الإسرائيلية كل امتداداتها الأخطبوطية لتجنيد الدعم للفكرة وحتى تعطي الضوء الأخضر لحلفائها لاقتراح الفكرة علنا وتأييدها "رسميا" في مؤتمر يضم ممثلين لتسعين دولة ؟ إن هذا التغير النوعي في الموقف الإسرائيلي حري به أن يشعل الضوء الأحمر في كل مواقع صنع القرار الوطني الفلسطيني ، فالموافقة الإسرائيلية على الفكرة لا يمكن تفسيرها إلا بأنها تخدم الاحتلال ومكاسب إسرائيل من هذا الاحتلال وحماية مشروع سياسي للاحتلال يعرف قادة الاحتلال أنه لن يحظى بتأييد الشعب الفلسطيني .

لقد شرحت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الإطار الإستراتيجي لعمل القوات الدولية المقترحة بما لا يدع مجالا لأي شك في الأهداف المتوخاة من استقدامها ، وكانت إدارتها قد استحدثت منصبا جديدا هو منصب المبعوث الأميركي للأمن في الشرق لأوسط وعينت فيه الجنرال جيمس جونز ، القائد الأعلى لحلف الناتو من 2003 – 2005 ، بعد مؤتمر أنابوليس في 27 الشهر الماضي وأعلنت رايس تعيينه مباشرة بعد انفضاض أعمال مؤتمر المانحين في باريس يوم الإثنين الماضي دون أن تكشف عن أية تفاصيل عن دوره في المستقبل .

ونقلت الجروزالم بوست عن جونز أنه بحث مفهوم "الأمن الإقليمي" في اجتماعاته مع كبار المسئولين الإسرائيليين يوم الثلاثاء قبل الماضي وقال مارك ريجيف الناطق بلسان رئيس وزراء دولة الاحتلال إيهود أولمرت إن أولمرت "ملتزم بالدعم الكامل والتعاون الكامل مع الجنرال (جونز) في مهمته" .

غير أن المتوقع أن تكون صلاحيات جونز أوسع بكثير من صلاحيات الجنرال كيث دايتون المبعوث الأمني الأميركي الذي ينسق الأمن بين أجهزة سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية وبين قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي سوف يتفرغ بعد تعيين جونز للتركيز على تطوير قوى الأمن الفلسطينية ، كما قالت رويترز في 18 الجاري ، بما يكفل حسن أدائها في التنسيق الأمني مع إسرائيل .

قالت رايس في باريس إن جونز سوف يساعد في التوسط بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين لإبرام اتفاقيات أمنية تضمن ألا ينجم عن أي انسحاب لقوات الاحتلال الإسرائيلي أي "فراغ أمني" ، كالحال الراهن في غزة ، وذلك "لأن الأمر ببساطة هو أن الدولة الفلسطينية عندما تتشكل يجب أن إضافة خاصة لأمن المنطقة" ، على حد قولها للمراسلين وهي في طريقها إلى مؤتمر باريس .

وفي هذا الإطار ستكون مهمة القوات الدولية المقترحة ، التي لم يتحدد جنسيات الدول التي ستشارك فيها والتي ستكون على الأرجح خارج إطار الأمم المتحدة ، هي "دعم قوى الأمن الفلسطينية" التي يدربها دايتون ويحدد مهماتها جونز وكلا المبعوثين الأمنيين الأميركيين موكل بتطبيق المرحلة الأولى من "خريطة الطريق" التي تعطي الأولية لتفكيك البنية التحتية لل"إرهاب" ، أي بنية المقاومة الوطنية للاحتلال .

ويتضح تماما أن مؤتمر أنابوليس قد وضع الأساس السياسي لتصفية هذه المقاومة بحجة خروج عمود فقري لها مثل حماس على القانون الفلسطيني بذريعة الانقلاب على الشرعية الفلسطينية ومؤتمر باريس وفر التمويل لبناء أداة فلسطينية يأمل التحالف الإسرائيلي الأميركي في أن يكون لها دور في هذه التصفية بينما يضمن اقتراح إرسال قوات دولية ضبط الإيقاع الأمني الفلسطيني على الساعة الأميركية - الإسرائيلية لتطبيق خريطة الطريق .

إن استقدام قوات دولية في إطار الأمم المتحدة كقوة عازلة تفصل بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وبين الشعب الأعزل لتحميه وتوفر له الظروف لتقرير مصيره حتى يمتلك حريته وسيادته في دولة مستقلة كان مطلبا وطنيا وهو اليوم مطلب وطني للضفة الغربية تحديدا ، لكن كل المؤشرات تدل على أن الهدف السياسي لأنابوليس (الذي اعتمد خريطة الطريق مرجعية وحيدة) والتمويل الباريسي لرام الله (الذي سيذهب 70% منه لتأهيل أداة أمنية فلسطينية) والاقتراح الفرنسي (لدعم الأداة الفلسطينية) تستهدف جميعا تأهيل الضفة الغربية لإعادة قطاع غزة إلى حضن شرعية الرئاسة الفلسطينية ، أو تأهيلها لإعادة القطاع إليها ، تأهيلا تكاد تكون جميع عناصره أجنبية .

إن وقفة فلسطينية للتساؤل عن التكوين المتوقع لهذه القوات وعن المكان الذي يكاد يكون مؤكدا لانتشارها وعن الاجتهادات الوطنية الفلسطينية التي ستوجه ضدها وعن الأسباب التي جعلت إسرائيل توافق عليها بعد طول رفض لها وعن الأهداف المرسومة لدورها لا تترك مجالا لأي شك في أنها سوف تستخدم كقوة إضافية تعضد قوات الاحتلال لفرض حل للصراع بالشروط الإسرائيلية لاغتنام "فرصة" يراها التحالف الأميركي – الإسرائيلي "تاريخية" لإملاء إرادته على الشعب الفلسطيني .

ويبدو أن القيادة في رام الله لا تريد أن تصحو على حقيقة أن هناك "حربا حقيقية" تدور في غزة ، كما أكد أولمرت وبيان حكومته عن اجتماعها يوم الأحد قبل الماضي ، وأن هذه الحرب سوف تتصاعد وأن إسرائيل تريد من أي قوات دولية مستقدمة أن تكون عضدا لها في هذه الحرب ، وأن هناك حربا استيطانية مستمرة في القدس ، وأن الملوحين لهذه القيادة بوهم الدولة الفلسطينية يستخدمون شراءها لهذا الوهم كغطاء فلسطيني لمواصلة الحربين تماما كما استخدموا جنوح منظمة التحرير إلى السلام كغطاء لمواصلة خلق الحقائق الإسرائيلية على الأرض منذ عام 1991 ، وأن كلا الحربين تستهدفانها هي والقيادة التي تعتبرها خصما لها في غزة على حد سواء وتستهدفان مصداقيتها وآمالها وآمال شعبها في دولة فلسطينية .

واختبار صدق النوايا الإسرائيلية – الأميركية ليس صعبا إذ تكفي المطالبة بتوجيه الجزء الرئيسي لتمويل باريس إلى غزة لإنقاذها من كارثتها الاقتصادية بدلا من توجيهه إلى بناء مؤسسات أمنية فلسطينية في الضفة ، أو المطالبة بتحويل مهمة هذه المؤسسات من تطبيق خريطة الطريق إلى حماية الشعب الفلسطيني من قوات الاحتلال ، أو المطالبة بنشر القوات الدولية المقترحة في الضفة الغربية بدل قطاع غزة ، أو المطالبة بإعادة صياغة الشروط المسبقة للتعاطي مع القيادة في رام الله على قاعدة الوحدة الوطنية لا على قاعدة الانقسام ، يكفي ذلك لكشف الأهداف الحقيقية لاقتراح استقدام قوات دولية !

إن إرسال قوات دولية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى لا يكون اقتراحا لا تشوبه الشبهات ينبغي أولا أن يتم على قاعدة الوحدة الوطنية الفلسطينية وينبغي ثانيا أن يتم في إطار الأمم المتحدة وثالثا أن يستند في تحديد مهماته إلى قرارات الشرعية الدولية ورابعا أن يكون مؤقتا ومرتبطا بعملية سياسية هدفها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ضمن سقف زمني معلوم ، وإلا فإنه سيخدم أهداف الاحتلال وإطالة أمده فقط !

*كاتب عربي من فلسطين
nicolanasser@yahoo.com

رد على موضوع العميد الركن الخضرالحسني

عادل السياغي
رد على موضوع العميد الركن / الخضر الحسني حول موضوعه (نحو الكيان (الجنوبي) الجديد...ولكن؟؟
بداية أضم صوتي لما كتبه العميد الخضر عن أنه ليس من الغريب أن يتداعي أي أناس أو مجموعة لنصرة مظلوم أو ظالم على السواء.
ويدفعني عدم الاستغراب هذا إلى العكس في وصف العميد المتقاعد الخضر أو المقعد بــ (التعبوي) فما المقصود بالتعبوي؟ وهل الجزء أو جنوب الوطن الواحد وأذكر هنا الواحد لأقطع الطريق عن استنتاجاتي التي لم يذكرها نائب رئيس تيار المستقلين الجنوبيين (ولهذا ذكر سنأتي عليه لاحقاً) واكتفى فقط بالتمليح تارةً والتلويح كثيراً في مقاله عن خفاياه.
الرجل العسكري العميد الخضر لشخصك منّي ألف تحية وتقدير فأنا لست على معرفة جيدة بك أو بتاريخك النضالي. ولكن لي سؤال وتذكير لك بأن أرشيف صحيفة (26 سبتمبر) يعج بكتابتك فلماذا توقفت؟؟؟
أيها المقدام تعلم جيداً كما يعلم الجميع أن صب الزيت على النار يسبب كارثة، وقودها إخواننا وأبنائنا وأطفالنا والنساء أيضاً.
صدقني لست حزبياً مع أحد وأفخر باستقلاليتي برأي كي لا أكون تابعا لطرف معين، ولو رأيت في ردي عليك أي تمايل أو تناغم أو انسجام فأرجو أن يجيرّ لصالح اليمن واليمن فقط كاملاً قبل جنوب أو شمال، ومن هذا المنطلق الوحدوي أدعوك لتقف معي على ما ذكرته أنت في مقالك أو بيانك لأنني أراه بيانا.
أيها العسكري الفطن ذكرت أنه لا تمويل أو أستقواء أو تحريك خارجي لما تسميه أنت وبعض الأخوة المحترمين في التيار (الجنوبي) للمستقلين وهذا من حقك تنفي ما تحب، وذكرت أيضاَ أن الحراك (القادم) بأنه (جنوبي) خالص ولا مجال فيه لأصحاب المشاريع الجاهزة ووصفتهم بالحاضرين إلى حفل دون دعوة، وفي هذا قل ما تشاء لأسباب تعلمها أنت جيداً في المقام الأول وهي قيادية بحته بينكم في التيار وبين المشترك تتلخص في (القيادة) والتحريك ولست هنا بصدد هذا أيضاً.
وذكرت تمجيدك وتذكيرك لنا بأصحاب الفضل وأصحاب الجهد والشرارة الأولى لا بأس في ذلك ولا ضير عزيزي. لكن دعني أقف وإياك عند تحفيز الجنوبيين وأتحفظ للأمانة على هذه التسمية ولكنها يبدو قد تأصلت في معتقدك وقيادتك يا خضر!!!
أنفهم تحفيزهم وتعريفهم بقضيتهم دعوة (للانفصال) أم (الكراهية) إسمحلي من أنت ومن وراءك تقرر هذا تقرر مصير (23مليون) نسمة كم رقمك أنت في هذا العدد وما حجمك فيهم أنت وقيادات هذا التيار أو ذاك، وأين كنت فيما يسمى بحرب صيف (94) أوضح للقارئ ليعلم ما دورك في حرب (94).
أدعوك لتقرأ ما أكتبه عن الحزب الحاكم وعلى رأسه علي عبد الله صالح وعن أحزاب الفرصة المشتركة أقصد اللقاء المشترك لتعرف أنني أرد عليك بوازع أخلاقي أولاً ولست من قرّاع الطبول ثانياً والأهم من هذا وذاك حقناً لدماء هذا الشعب أولاً وأخيراً.
أيها العسكري المناظر أراحني قليلاً قولك (ولتعتبروا ما أقوله هنا مجرد رؤية شخصية) فليكن هذا وسأفترض أنها مجرد التجريد مفهوم ومعلوم معناه ولكن يبدو عليك فطن الذكاء فقد أصبت أهدافاً عدة برمية للأسف ليست صائبة.... كيف هذا؟
أقول لك أيها العسكري البطل المغوار كتبت ونفيت وكذّبْت وتهجمت ثم مدحت ومجدت وبرأت نفسك من عدم طلبك أي مناصب عليا كما سبق ودعيت ولكنك لم توفق، فكل ما كتبته جملة وتفصيلاً متضارب ومتعارض يناقض بعضه الآخر. إسمحلي نسيت أن أذكر لأهدافك التي ذكرتها أنا هدفاً فهي أنك (تظاهرت) حسب ما ذكرت. ثم عدت من جديد لتجسد
شخصية الدكتور فاروق والذي جميعنا نعلم جيداً خلافاته مع (اليمنية) وما أصابه من إقصاء. فلتكن يا فندم خضر قضيتك هي قضيتنا ولا يوجد هناك من سميته أنت والدكتور فاروق مستقلو الجنوب كان يجب أن يعمق هذا الاسم ليشمل كل المهمشون في اليمن الواحد أرضاً وتسميةً وشعباً.
وكررت العود الحميد بالنسبة لك طبعاً لتحدث عن صفتك الرسمية وعن رؤية تيارك والدكتور فاروق لترسل رسالة مفادها (أنا أعلن عن قبول أعضاء) والواقع يقول أن لا أحد يرغب لنفسه بإراقة دمه. لا أفهم دعواكم هناك معضلات لا شك في ذلك صدقني. لكن أن تدعو علانية للانفصال وبتسمية مستعارة لن تمر مرور الكرام وأدعوك لتراجع ما ذكرت وتعتذر ليس لي ولكن لهذا الوطن أولاً ثم للشعب ولنفسك.
وأذكرك ونفسي أن لا بديل عن دعواتك سوا الحلم بالأماني، فلا تفكر يا عزيزي سوى بوحدة الشعب والأرض والاسم وزوال الفاسد وأتباعه والمشترك وأنصاره هكذا وبهذا نصل إلى طريق سديد سليم واعٍ ومتحضر بعيداً عن الأحقاد الشخصية لهذا وذاك فلسنا هنا دعاة سفك دماء وإنني إذ أنصحكم وقيادتك بالعودة والعودة عن ما لم تظهره في باطن ما كتبته.
وليتم توسيع وشمل أسم التيار لكل اليمن واليمنيين فلا تزيدوا بشعاراتكم التوسعة والتفرقة بيينا يا رجل. أتقي شر نفسك فأنت كما سميت نفسك مسئولاً إعلامياً أم بوقاً إعلامياً.. تذكر أن تقول خيراً أو أصمت وكفاك تحريض.
دعني أذكر بما كتبت لآخر مرة وأختم أعلم جيداً أنك كتبت بشكل صوري عن النضال السلمي ولكن العكس ظهر في ظروفك فحديثك كثيراً معاد ومكرر في مقالك وأنت كما تدعي كاتب والكاتب لا يلاحق نفسه في التكرار لماذا تستهويك الفرقة والحنين إلى المزايدات والمكايدات وتذكر أن هناك مهمشون في شرق وغرب وشمال كما في جنوب اليمن الوااااحد يا عميد ؟؟ خضر الحسني !!!
نهاية أقول لك (تناطع) أنت ونظام صنعاء والقصر) لكن لا وألف لا أن تحرض على الكراهية أو الانفصال بين أبناء الوطن الواحد ولا تتمناه حتى في أحلامك. وتذكر قوله سبحانه: (ومن نعمره ننكسه في الخلق) ولك أن تفهم سيادة العميد.

انطلاقة الدم....؟

محمد داود
مع كل ذكرى وطنية وتاريخية فلسطينية نقف ونتحسس ونتساءل هل ستمضي القافلة بسلام دون سقوط ضحايا أو أبرياء أم أنها كما تعودنا ستكون كغيرها من الذكريات الأليمة محفوفة بسيل رهيب من الدماء الفلسطينية الزكية لأن تغدو فلسطين فيها دمعة أسيرة على خدود الزمن، ندفع فاتورتها مع كل ذكرى وطنية فلسطينية غالية على نفوسنا،هي ذكرى إحياء انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي رسم حروفها الأولى الشهيد القائد 'ياسر عرفات' وكل شهداء الثورة الفلسطينية، عبر صيرورة تاريخية من العطاء والتضحية رسموا من خلالها علامات النصر والتحرير وصولاً إلى أهدافنا الوطنية وقرارنا الوطني المستقل لتذكرنا بالأرضية التي وقف عليها هؤلاء العظماء من أبنا فلسطين.

فمنذ أن بدأت حركة 'فتح' أول هجومها الفدائي، قبل ثلاثة وأربعين عاماً، ذلك في الأول من كانون الثاني – يناير 1965م حتى أصبح لقب 'الفدائي الفلسطيني' يتداوله البشر في كل بقعة على هذه البسيطة، فكان عنوان الثوار الأحرار 'العاصفة' الجناح العسكري، بإرادة لا تنكسر، وإن جاز لهم التقديس فأحيت الكوفية رمز الثورة ورفعت العلم الفلسطيني خفاقاً عاليا فوق كل الرايات.
هذه الانطلاقة التي أخذت على عاتقها تعميم ثقافة الثورة والمقاومة وإنجاح العمل المسلح المقاوم وضمان ديمومته، إذ سرعان ما بدأت شراراتها الأولى عندما قال الشهيد 'ياسر عرفات' مقولته الشهيرة 'حتى لا يغيب القمر'، وأصر على أن يقرأ أول بيان لها 'أول الرصاص' متبنياً فيه العملية الفدائية معلناً أن تحرير الأوطان يحتاج لعزيمة ومثابرة، من خلال المقاومة الباسلة والانتفاضة العقلانية، بأتباع أسلوب الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية طويلة الأمد كخيار استراتيجي لتحرير فلسطين، بعد أن انكشفت الحرب 'الكلاسيكية' و أثبتت الهزائم العربية المتتالية ضعف قدرة جيوشها في كل معركة فأفقدتها الثقة بنفسها لا سيما عقب هزيمة عام 1967م والتي عرفت 'بالنكسة'، فخرجت الجيوش محطمة العزيمة والنفس منهارة معنوياً وعسكرياً. وأطلقوها مدوية عالية ،،، لتعش ثورة العاصفة.

كانت تجربة المقاتل الفلسطيني درباً من الفخر والعزة أعادت للأمة أمجادها عبر عملياتهِ الفدائية على كل جنب وسفح من هذا الوطن، منذ مشاركته في عملية إيلات الفدائية مروراً بمعركة الكرامة وما شهدته المرحلة من عمليات أوشكت في العام الواحد على ما يقارب ألفين عملية فدائية نوعية لا كمية، نفذتها فصائل 'منظمة التحرير الفلسطينية' ضد الاحتلال الصهيوني، لينتقل المسرح الفدائي الذي أنطلق مشروعه التحريري انطلاقاً من أرض لبنان والتي هي الأخرى كان للفدائي الفلسطيني النصيب الأكبر ودور بارز في معارك اشد من معركة الكرامة انتهت بنصر منظمة التحرير الفلسطينية رغم محاولات سلب القرار الفلسطيني وما تبعها من طعنات كانت أشد فتكاً من جرائم الاحتلال الصهيوني، عندما باعت بعض القوى الإقليمية نفسها بثمن بخس لها فارتكبت مجازراً بشعة بحق أبناء شعبنا من أيلول الأسود مروراً بصبره وشاتيلا وصولاً لجرائم العدو الصهيوني وجرائم أبناء جلدتنا التي لن تقل تأثيراً عن غيرها بل فاقتها قهراً في المعاناة والعذاب، لتغطي كل رقعة من مساحة خارطة الوطن والعرب والعروبة حسرة الظلام والويلات والأزمات التي تحتل السواد الأعظم من مساحة حياتنا اليومية.
لقد مضى شهر ونصف على تلك المجزرة البشعة التي لن تغيب عن أذهاننا الفلسطينية، مادام التاريخ سجلها بأحرف من نار ولعنةُ على مرتكبيها عندما هبت جماهير شعبنا الفلسطيني تلبية للزحف المليوني لإحياء الذكرى الثالثة لرحيل القائد 'أبو عمار' الذي دعت إليه قوى ائتلاف منظمة التحرير، فراح ضحيتها العشرات من أبناء شعبنا الفلسطيني على أرض الكتيبة الطاهرة المجبولة بدماء الفتحاويين والشرفاء، ونحن نتذكر في هذه اللحظات التي يمنع فيها القيام بالاحتفالات و الأنشطة الإعلامية المختلفة التي تعبر عن قضايانا التاريخية التي نفتخر لها ولرموزها الوطنية والفصائلية التي لن تنجلي بالبساطة التي يعتقدونها، لتبقى إرث حضاري وثقافي وأصالة تاريخية وتاج على رأس فلسطين لننقلها لأجيالنا المناضلة والمقاومة لتبقى شجرة مضيئة ومغروسة في عقول الأحفاد، بل وصل الحد بهم إلى الملاحقة والمطاردة والاختطاف والتعذيب، وكل ما يأتي في سياق الأمراض والآفات المستشرية المتأصلة في ثقافة الحزب الضيقة والمنغلقة من تزييف للوقائع وتحجر فكري وثقافي منوط بالأنانية المطلقة الرعناء والمخادعة والتضليل والنفاق الاجتماعي والسياسي ومخادعة الرأي العام بالكذب وبث الشائعات المغرضة التي سادت شريعة الغاب بطرق الأسافين الفكرية وإقصاء الرأي الآخر وسط انحدار وانقسام في الأزمات السياسية والاجتماعية والجغرافية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والفكرية والنضالية وتخريب مجتمعاتنا باستهداف قيمنا وكينونتنا وهويتنا التراثية والتشكيك بثوابتنا وحقوقنا الوطنية.
وأخيراً أتمنى أن
تمضي هذه الذكرى الغالية دون سقوط الشهداء والأبرياء..!
و كل عام و شعب فتح والثورة و العاصفة بخير ولتبقى أم الجماهير ديمومة الثورة وشعلة الكفاح الوطني الحر حتى التحرير وصولاً للدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، 'ولِي ما يعجبه يشرب من بحر غزة'.
كاتب وباحث

قادة ثورة الأرز الكبرى... نفذوا تعهداتكم!

لاحظ س. حداد

إن التصرّف غير المسئول لرئيس المجلس النيابي والبعيد كل البعد عن موقع الرجل الثاني في الدولة الذي يتبوءه قادَ البلاد إلى فراغٍ غير مسبوق في تاريخ رئاسة الجمهورية اللبنانية.. ومن غير المنظور أن يغير موقفه طالما بقي يأتمر بغير ضميره الوطني.. آخر مواقفه المميزة رفض تدخل جامعة الدول العربية نهائيا بعد تفشيلها مبدئياً..
إن الخيلاء التي يمتطي الجنرال المخلوع صهوَتَها، لم تعد تسمح له بالتراجع عن مواقفَ جـرَّ نفسه والآخرين إليها، لذلك نراه يجهد في استنباط مواقع ليست في الأساس له ولن يتمكن من البقاء فيها، لا سيما بعد التمادي في فرض وصايته على الدولة، رئيساً وحكومة، وعلى أعلى سلطة كنسية والتغاضي عن سيئات تُرتكب بحقها وحق أحبارها..

إن المجلس العالمي لثورة الأرز يقدر عالياً ما فعلته الحكومة اللبنانية في استعمالها السلطة المخولة لها في غياب رئيسٍ للجمهورية في فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي وإرسال مشروع تعديل المادة 49 من الدستور، كي يتسنى لنواب الأمة انتخاب رئيس للبلاد..
نحن نرى أن الوقت قد حان للتخلي عن مسح الجوخ والمراضاة لهذين الرجلين الذين لن يثنيهما أمر عن تحقيق مآربَ يعتبرانها محقة ووطنية وما هي في الواقع سوى مجموعة مطالب لا تقرها الانظمة الديمقراطية المعمول بها في كافة دول الأرض..
نحن نرى إلى فرض شروط سياسية على الرئيس المنتخب سوف تحدّ من صلاحياته الدستورية وإمكانية عقد مؤتمر مصالحة حقيقية بين جميع السياسيين والانطلاق مع حكومة ائتلاف وطني لإعادة تنشيط مؤسسات الدولة العتيدة كيما يُصار إلى اعتماد قانون انتخابي ناجح يعيد إلى الندوة النيابية اللبنانية زهوها وافتخارنا.. وفيما بعد، وفي أجواء هادئة، يُصار إلى اختيار لجنة علماء دستوريين تنكبُّ على إعادة درس جميع نصوص الدستور اللبناني القديم والمعدل بوثيقة الطائف والخروج بنصوصً دستورية جديدة تخدم الجمهورية اللبنانية وترعى مصالح شعبه..

إن أدعاء المعارضة بحقها في فرض مشاركتها المشروطة قسراً تحت التهديد بعدم توفير النصاب لجلسة انتخاب الرئيس العتيد، يجب اعتبارها تخلياً عن حقوق الناخبين اللبنانيين الذين أولوهم الثقة بانتخابهم فخيبوا أمالهم فيهم.. فلوا علمَ هؤلاء بما فعله ويفعله نواب المعارضة من تدمير اقتصادي واجتماعي وتعبئة وشحن نفسي ضد أخوتهم اللبنانيين لما كانوا انتخبوهم قط..
إن المجلس العالمي لثورة الأرز يطالب قادتها السياسيين بإلحاح أن يقوموا بواجبهم القومي والوطني والمبادرة إلى عقد جلسة نيابية، في أي مكان من لبنان، برئاسة نائب رئيس مجلس النواب وانتخاب اللواء ميشال سليمان، الذي توافق عليه الجميع، رئيساً للبلاد دون تأخير..

إن أي تراخي أو تهاون في انتخاب الرئيس سوف يزيد من عنجهية أطراف المعارضة التي يعارض تطرّفها جميع اللبنانيون في العالم ويئِسَ من تصلبها جميع دول العالم المحبة للبنان، عربية وأجنبية؛ وسوف يدفع الشعب اللبناني ثمن تنفيذ تهديداتهم... دماراً ودماء..

إن ثورة الأرز تثمن بيان قيادة الجيش اللبناني بأن الأمن الوطني خطاً أحمر.. من هنا لن يكن باستطاعة المتهورين من أزلام المعارضة اختلاق إخلالاتٍ أمنية تهزّ الاستقرار.. وعليه فإن المسئولية سوف تقع، أمام العالم، على كل مَن يقف وراء هؤلاء ويتوجب معاقبتهم..

بعد كشف جميع الأقنعة، وعلى أيدي رؤساء الدول العربية والغربية لدول النظام السوري المعطل للحياة الدستورية في لبنان وإعاقة انتخاب رئيس للجمهورية بات من الملح جداً قيام نواب الأغلبية بواجبهم الوطني وإلاّ توجب عليهم التخلي عن مسئوليتهم إلى قيادة الجيش اللبناني والوقوف خلفها أو الانصراف إلى منازلهم مشكورين..

صانك الله لبنان
التيار السيادي اللبناني في العالم / نيوزيلندا

الأحد، ديسمبر 30، 2007

لماذا هذا الإصرار على الثلث المعطل؟

سعيد علم الدين
فبعد أن استقال وزراء الأقلية من الحكومة نافرون من موضوع المحكمة بخبثٍ وهلعٍ ووجوم، لن يمحى وهو ما زال على وجوههم مرسوما، وذلك لكي لا تقرَ كما كانوا يأملون، ولا تنكشف الحقيقة، ولا يعاقب القتلة المجرمون.
ولكن لماذا استقالوا هؤلاء أَو شبه استقالوا؟
فقط لكي يخترعوا حجةً يتعلقون بتلابيبها وعلى الحقيقة يحتالوا، حتى ولو كانت سخيفةً. هي في الواقعِ كذبةٌ عظيمةٌ. ولكنها في نظرهم مهمةٌ جدا لكي يتسنى لهم من خلالها تشويه عمل الحكومة وإرباك الأكثرية، وإقناع السذج والعوام ليصدقوهم الطعنَ بشرعية الحكومة ودستوريتها وميثاقيتها، وهذا هو حديثهم الوحيد اليوم وما يثرثرون قبل النوم وبعد النوم.
وبعد أن أغلقوا البرلمان أم المؤسسات الشرعية لنفس الهدف، أي لكي لا تقر المحكمة، ولا تَرى النور وتقوم. ولولا تدخل مجلس الأمن لإنقاذها من المصير المحتوم لتحولت إلى أماني عند الشعب اللبناني وسرابِ آهاتِ قلبٍ مكتوم.
وبعد أن أفشلوا كل محاولات انتخاب رئيس الجمهورية بتخلفهم عن الحضور وبوضع الشروط التعجيزية والعراقيل المخالفة للأعراف والتقاليد والدستور، مبتزين الأكثرية على أبشع ما يكون، و إلى حد إيصال البلاد إلى الفراغ الرئاسي المعلوم.
أي أنهم استطاعوا شل السلطة التشريعية بإقفالهم للبرلمان وأفرغوا قصر بعبدا من رئيس يقود لبنان، ولم يبق أمامهم لشل البلاد نهائيا، والسيطرة عليها سوى ضرب أو شل السلطة التنفيذية أي الحكومة وبأي طريقة غير شرعية، لأنهم عاجزون عن إسقاطها بالطرق الدستورية في البرلمان.
وبما أن الحكومة ما زالت صامدةً بوجه أعاصيرهم واغتيالاتهم وتفجيراتهم و"فتح مخابراتهم" وتهديداتهم صمود الصخور، راسخة أمام هرطقاتهم الدستورية وألاعيبهم رسوخ الجبال، ثابتةً ثبوت الحق المكين بدستوريتها وشرعيتها وميثاقيتها وقراراتها وشعبيتها وأكثريتها وعكس ما كانوا يتوقعون.
وبما أنها ما زالت تقوم بواجباتها الوطنية كاملة لمصلحة الوطن والمواطنين، حيث أربكت أسيادهم في مؤامراتهم ومخططاتهم ومشاريعهم وما كانوا به يحلمون.
النتيجة كانت أنه جن جنونهم الحالي المكشوف، وانهالوا عليها بالجملة والمفرق، وحتى التهديد يوميا بإسقاطها بالثورة بعد أن فشل ما هو أكثر من انقلاب لكي تذعن، وتخنع وتنصاع وتفرغ لهم الأجواء.
ومن هنا يأتي الهدف الوحيد من صراخهم بالحصول بالبلطجية على الثلث المعطل، كابتزاز للحكومة المقبلة لكي تكون في قبضتهم وبالأخص تعطيل أي قرار يتعلق بالمحكمة واستمرارية عملها الذي يتطلب التعاون الوثيق مع السلطات اللبنانية. خاصة وأنها محكمة دولية خاصة بجرائم الاغتيالات البشعة التي حصلت في لبنان. مثلا إذا أرادت الحكومة تسليم الضباط الأربعة المعتقلين إلى المحكمة، والذين طالب نصر الله وغيره بالإفراج عنهم عدة مرات واعتبرهم حتى معتقلين سياسيين أصحاب فكر مقموع ورأي آخر مطارد من قبل السلطة الباغية، وليسوا متهمين بالمشاركة بارتكاب جرائم بشعة. ممكن هنا للأقلية من خلال ثلثها المعطل إسقاط الحكومة بسهولة وتعطيل تسليمهم أو حتى ابتزاز الحكومة المقبلة بالإفراج عنهم.
أي أن البلد من خلال ثلثهم الغير دستوري ستقع في مشاكل لن تنتهي على خير وستؤدي حتما إلى التفجر بالفوضى والخراب والحرب.ولأنهم بحصولهم على الثلث المعطل سيستطيعون إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء وإجهاض ثورة الأرز وإنهاء طموحات انتفاضة الاستقلال، وإهدار دماء شهداء الاغتيالات السياسية والتفجيرات بعدم التعاون مع المحكمة ومجلس الأمن، وهدر كل التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب اللبناني في حرب تموز حيث سينقلبون بحيلهم وألاعيبهم وابتزازاتهم بسهولة على حيثيات القرار 1701 ، ليس هذا فحسب بل سيفتح لهم الثلث المعطل شهيتهم على التهام الجبنة اللبنانية بالكامل وعودة الوصاية البشارية وفرض ولاية الفقيه الفارسية على الدولة اللبنانية وسيعتبر نصر الله ذلك تكملة للنصر الإلهي الذي ما كان يوما نصرا على إسرائيل، المرتاحةُ جدا اليوم بوجود قوات دولية ولبنانية عازلة بينها وبين الحزب اللاهي. وأكدت الأحداث المتتالية بأن هذا النصر الإلهي المزعوم الذي أعلنه خامنئي ونجاد وبشار ونصر الله، كان نصراً فقط على الدولة اللبنانية المصادرة وعلى الشعب المغلوب على أمره.

السبت، ديسمبر 29، 2007

الحجاج الفلسطينيون" بهدله على الدخله وبهدله على الطلعه"

راسم عبيدات

,,,,,الأزمة تطحن الجميع، وشيوخ القبائل الفلسطينية في سبيل مصالحهم ومراكزهم وامتيازاتهم، والمغلفة بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني، يتاجرون بهذا الشعب ومعانياته والآمة ، ومسألة الخلاف السياسي الفلسطيني بين قطبي السياسة الفلسطينية( حماس وفتح)، وفي ظل غياب القطب الثالث( القطب الديمقراطي)، وحالة التحشييد والتجييش والتحريض والتحريض المضاد، من قبل الفريقين، عكست نفسها على كل مناحي الحياة الفلسطينية، حياتياً،اجتماعياً ،اقتصادياً وخدماتياً، واختلط الحابل بالنابل ( والكل يغني على ليلاه).
ومن ضمن هذه القضايا قضية الحجاج لهذا العام، والتي أرادت كل من حكومتي رام الله وغزه، أن تثبت كل منهما للأخرى، أنها الآمر الناهي في هذا الملف، ولا شرعية إلا شرعيتها، وطبعاً كل طرف استعان بشبكة علاقاته العربية والإقليمية لخوض هذه المعركة" القومية"، معركة "بهدلة" حجاج بيت الله الحرام، وطبعاً ساحة المعركة الرئيسية، كانت حجاج غزه، حيث الخلاف على تسجيل الحجاج، وشرعية ولا شرعية جوازات السفر لهؤلاء الحجاج ، وعدد الحجاج المسموح بهم لكل حكومة، وشرعية وعدم شرعية القرعة التي أجرتها حكومة غزة، وطرق خروج حجاج القطاع، وفق إرادة حكومة غزه أو رام الله ، والخروج عبر معبر رفح أو عبر معبر كرم أبو سالم وحاجز " إيرز" وغيرها من القضايا الأخرى.
وفي ظل غياب المرجعية والتنسيق وجهة الاختصاص والحسم في هذا الجانب، وعندما أصرت حكومة غزة على أنه لا خروج لحجاج القطاع، إلا من خلال معبر رفح، نشطت "مافيات" الحج في الضفة الغربية من أصغر مؤسسة إلى أعلة هيئة مسؤولة في قمة هذا الهرم، والمسؤولية هنا تطال أولاً حكومتي رام الله وغزه ، ومن ثم هيئة الحج والعمرة والأوقاف الإسلامية، ناهيك عن دخول الاحتلال الإسرائيلي وأطراف عربية وإقليمية كلاعبين في هذا الملف من أجل تعميق الشرخ والخلاف فيه، وبسبب حالة الخلاف تلك، والتي دفع ويدفع ثمنها الحاج الفلسطيني الغلبان لبيت الله الحرام، فما أن أعلنت حكومة غزه عن أنها لن تسمح لأي حاج من القطاع، بالخروج الا من خلال معبر رفح، حتى نشطت"مافيات" الحج في الضفة لبيع حصة القطاع من الحج لحجاج الضفة الغربية، وطبعاً البيع في السوق السوداء، وتحت يافطة الحجاج المميزين، أي الذين لم ترد أسماؤهم ضمن الدفعة المسموح لها بالحج لهذا العام، وتكلفة الحجة المميزة ، تراوحت في السوق السوداء ما بين 2200 – 3100 دينار للحاج الواحد، أي ما يعادل 3- 4 أضعاف تكلفة الحجة العادية بالقرعة، وهذه المبالغ المدفوعة، والتي جرى تقاسمها بين "مافيات" الحج وطبعاً كل حسب دوره وموقعه ومسؤوليته في هذه الصفقة، بعد أن نجحت حركة حماس في إخراج حجاج القطاع عن طريق معبر رفح، بدأت بالبحث عن مخرج لهذه الأزمة، تمثل في تأخير خروج قسم من حجاج القرعة لمناطق القدس ورام الله الخليل إلى الحج، على أمل أن تنجح الواسطات والمناشدات إلى الحكومة السعودية وجلالة خادم الحرمين الملك خالد بحل هذه المشكلة، وعندما لم يسفر هذا الأسلوب عن حل المشكلة إلا في الإطار الجزئي، فإنه ليس من المعقول، أن تضحي" مافيات" الحج بالحجاج المميزين والذين يحققون لهم أرباح خيالة، فلا بد من ضحية، ولتكن الضحية جزء من الحجاج الغلابا، حجاج القرعة والذين ينتظرون هذه الفرصة منذ سنوات، ولربما البعض منهم جمع فلوس الحج فلس على فلس ووفرها عن قوت عياله حتى يؤدي هذا الفرض، وقام بسداد ديونه، وشراء كل مستلزمات الحج من سجاد ومسابح وشراء الذبائح لحين العودة من مناسك الحج وغيرها من المصاريف لهذه المناسبة، ولم يدر في خلده أنه سيكون ضحية صراعات وخلافات "ومافيات"، والمسألة هنا ليس في الذين حرموا بغير حق من الحج لهذا العام ،والذين قد تنجح"مافيات" الحج في منعهم من الحج في السنة القادمة، وهؤلاء الحجاج أرى أن عليهم أن يرفعوا صوتهم عالياً، ويقوموا برفع قضايا على كل من شارك في التلاعب في هذه القضية، حتى على الأقل، يشكل رادعاً مستقبلياً لهذه"المافيات" والتي تفتقر إلى أي وازع أخلاقي وضميري، من أجل كبح جماحها، على أمل تصفيتها مستقبلاً، حيث أن الفساد فرخ هياكل ومؤسسات، والمحاسبة هنا تحتاج إلى جهود جبارة ومسائلة ومحاسبه وقضاء نزيه ، وكل ذلك غير متوفر حتى اللحظة الراهنة.
والمسألة ليست وقفاً على هذه القضية، بل يجب الدقيق بشكل أساسي والتحقيق مع الذين يخرجون بشكل سنوي، للحج كمرافقين للحجاج، أو حصة للوزير الفلاني، أو الجهاز العلاني، أو مكرمة رئاسية، و غيرها، فهؤلاء عدا عن أنهم يأخذون أمكنة حجاج غلابا ينتظرون منذ سنوات، فهم يتقاضون رواتبهم، ويحجون مجاناً، ناهيك عن أن العديد منهم يتلقى بدل مادي لقاء ذهابه، باختصار هذا ملف يجب التحقيق فيه بشكل جدي ومن جميع جوانبه، ناهيك عن أن المسألة الخلافية بين حكومتي رام الله وغزة، هي السبب الرئيسي لما يتعرض له حجاجنا من بهدلة خروجاً ودخولاً، حيث أن حجاج غزة والذين خروجوا، عن طريق معبر "ايرز" لهذا العام ، تعرضوا إلى الكثير من" البهادل" من حيث عدم توفر السكن، وغياب المرشدين وغير ذلك، وحجاج القطاع الذين خرجوا وفق رغبة حكومة غزة عن طريق مغبر رفح، ما أن انتهت مناسك الحج حتى بدء البعض فلسطينياً، وقبل الاحتلال بالتطبيل والتزمير أن قيادات من حماس، استغلت موسم الحج لإدخال ملايين الدولارات للقطاع من خلال الحجاج.
وهذا بدوره انعكس على الحجاج والذين حتى اللحظة ما زالوا في عرض البحر وفي سفنهم يقاسون ويعانون، تحت رحمة هذه الحكومة العربية وتلك، فيما يخص العودة من خلال المعبر الذي خرجوا منه، أو الخضوع لإملاءات واشتراطات البعض بالعودة من خلال معابر أحرى، وما يحمله ذلك من مخاطر على العديد من الحجاج، مثل الاعتقال الأمني لهم من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وهذه المسألة مهما كان الخلاف السياسي وحدته بين قطبي السياسة الفلسطينيين( حماس وفتح)، فمن الضروري أن يتم القفز عن هذه المسألة، وأن يكون هناك موقف فلسطيني موحد، بأن عودة حجاج القطاع يجب أن تكون من خلال معبر رفح، وليس التصيد والرقص على عذابات والآم الحجاج، وهنا يجب الإشارة إلى أن الأطراف العربية التي علاقة بهذه المسألة تتحمل مسؤولية كبرى في هذا الجانب، وعليها أن لا تخضع للإشتراطات والإملاءات الإسرائيلية والأمريكية في هذا الجانب، وقضية الحجاج هذه بالضرورة ،أن تشعل الضوء الأحمر أمام كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وبالتحديد فتج وحماس ، أنه لا مناص من العودة للحوار وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وبدون ذلك فإن الجميع سيستمر في دفع الثمن، والخاسر الوحيد هو شعبنا الفلسطيني شعب وأرض وهوية وحقوق ومنجزات ومكتسبات، والمستفيد الوحيد هم أعداء شعبنا الفلسطيني وفي مقدمتهم الإحتلال الإسرائيلي .

القدس – فلسطين


Quds.45@gmail.com

الجمعة، ديسمبر 28، 2007

سلامٌ على روحك الطاهرة يا بنازير!


سعيد علم الدين
سلامٌ على روحك الزكية الطاهرةِ، المعطرةُ بأريج الورودِ ورحيق الأزاهير، أنت يا بنازير!
يا أميرة الشهداء!
يا حمامةَ "البنجاب" الرائعةِ الجميلةِ الوديعةِ البيضاء!
يا صاحبة البسمة التي انتصرت على الموت لتبتسم الحياة لشعب باكستان!
سلام على كل شهيدات وشهداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامة واستقلال الأوطان في هذا الشرق الموبوء المدان، والرافض للعلاج وهو المريض في القلب والروح والكيان، والمصاب بالجنون والهذيان وقتل الفكر الحر، ومعاندة الحقيقة الواضحة، ومخالفة المنطق السليم، واعوجاج وخبث في اللسان!
سلامٌ عليك أيتها البطلة المقدامة يا صنو الشجعان
وإلى الأمام يا شعب باكستان لإرساء قيم الديمقراطية ومبادئ الحرية وأسس الإسلام المعتدل المتقبل للآخر، وقيام دولة العدالة والقانون التي دفعت ثمنها الشهيدة بوتو بغالي الدماء!
إن الأمم الحية التي تقدم رموزها قرابين على محراب ديمقراطيتها وصَرْحِ حريتها وكرامة شعبها وحقها في استقلالها ستنتصر على كل من يقف في وجهها ومهما اغتال وأجرم، وطغى واستكبر، واستبد وفَجَرَ واستعبدَ وفَجَّر!
تعزية حارة إلى الشعب الباكستاني المفجوع وآل بوتو وحزب الشعب بهذا المصاب الجلل الذي تعرضوا له بخسارة السيدة الكبيرة المناضلة الجريئة، أخت الرجال وعظيمة الأمة الباكستانية الشهيدة الخالدة رئيسة وزراء باكستان السابقة بنازير بوتو.
رغم أنها بعودتها إلى باكستان استقبلت بعملية اغتيال مزدوجة جبانة ووحشية ذهب ضحيتها المئات من الشهداء وخرجت من براثن الموت بأعجوبة، إلا أنها لم تتراجع قيد أنملة عن أفكارها التحررية الديمقراطية النيرة، بل زادتها تلك العملية النكراء عنادا على متابعة المسيرة الديمقراطية بالكلمة الجريئة المحملة بالفكر، وإصرارا على نجاح الشعب الباكستاني في بناء مجتمعه المدني التقدمي الحر، واستشراساً في ضرب الإرهاب الخبيث الخائن والفاشي المتوحش الخارج كالأفعى تلسع من الجحر.
وتضرجت الوردة الباكستانية الحمراء بلونها القاني مرتفعة بروحها المعطاء إلى السماء لكي تنتصر الديمقراطية والحرية والعدالة وقيم السلام على الاستبداد والعبودية والتخلف والإرهاب.وستنتصر لا محال وكما الشمس تشرقُ من خلف الجبال: مشاعل الديمقراطية والحرية والسلام وحقوق الإنسان التي رفعها خيرة الشهداء الأبطال من الجزائر إلى السودان ومن فلسطين إلى أفغانستان ومن لبنان إلى باكستان!

حكومة سوليدير السنيورية إلى أين...

وليد قاطرجي
من المؤسف أن الأوضاع المعيشية المذلة التي يعاني منها اللبنانيين لن تنتهي قريبًا، بل مرشحة للاستمرار وكما يبدو إلى ما لا نهاية مع وجود حكومة سوليدير السنيورية المتفوقة في إفقارهم وإذلالهم، ومن المؤسف والمعيب في الوقت نفسه أن المواطن اللبناني وقف وما يزال عاجزًا أمام هذه الحكومة المدعومة من ممثليه الذين أوصلهم إلى البرلمان خلال انتخابات عام 2005 المشئومة، التي أوجدت ما يسمى اليوم بالأكثرية المشبوهة والمطعون بشرعية عدد كبير من نوابها.
إن القوى السياسية الداعمة لهذه الحكومة منشغلة بالصفقات المتبادلة فيما بينها وبين معظم الوزراء المحسوبين على كتلها النيابية المنضوية تحت ما يسمى 14 شباط، فيما المواطن يقف ذليلاً أمام جشاعة رئيس الحكومة وفلتات وزير ماليته، وعجز قوى المعارضة الفاضح في إسقاط الحكومة السنيورية.
في ضوء هذه الأوضاع المعيشية الصعبة يئن المواطن خاويًا تحت ضغط الضرائب والغلاء المعيشي الفاحش، ومن الواضح بأنه لم يعد يثق بمرجعيتيه الدينية والسياسية لما يربطهما من مصالح آنية مشتركة تصب بأكملها في مصلحة الإقطاع السياسي، الذي عمل بحريّة مطلقة منذ التسعينات إلى اليوم ضد مصالح اللبنانيين مستغلاً الفراغ الذي ساد في تلك الفترة وما زال بسبب الانقسام الطائفي والمذهبي. فأغرقهم في الديون في غفلة تحت مبرر إعادة الأعمار.
إن غياب المسائلة والمحاسبة في الإدارات والمؤسسات الحكومية يأتي نتيجة التراخي الشعبي المخيف تجاه هذه الحكومة وقراراتها في هذا الزمن الحريري المزدهر في تعميق الخلافات بين اللبنانيين على قاعدة فرق تسد للاستئثار أكثر فأكثر بالسلطة، وذلك عبر تحريك الغرائز الطائفية والمذهبية ضد فريق المعارضة بشقيه المسيحي والمسلم كلما دعت الحاجة لذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوع إسقاط الحكومة.
الحقيقة المؤلمة هي أن حرية الاختيار التي أتيحت للمواطن اللبناني بعد انسحاب الأجهزة السورية القسري من لبنان لم تمكنه حتى اليوم من اختيار ممثليه السياسيين على الشكل المطلوب بسبب قانون الانتخاب الظالم، والاصطفاف الطائفي والمذهبي، وقوة المال السياسي المستخدم عند كل استحقاق، إلى جانب هول الخدع التي تمارس عليه من قبل بعض رجال الدين الذين يوظفون الدين من أجل مصالح الأثرياء من أهل السياسة، مما مكن بعضهم من الانقضاض على مؤسسات الدولة.
إن معاناة اللبنانيين الاقتصادية والاجتماعية ستضطرهم في النهاية إلى إعلان العصيان المدني ضد هذه الحكومة التي لا تمثل المسلمين والمسيحيين، وهما منها براء بالطبع، وإلى قلب الطاولة على رؤوس جميع الوزراء والكتل النيابية الداعمة لها من أجل إعادة الأوضاع إلى طبيعتها وحماية المجتمع من اللصوص والمجرمين، وهو الواجب الأهم على رجال الدين قبل غيرهم من المواطنين، واستبدالها بحكومة وحدة وطنية قادرة على رعاية مصالح اللبنانيين قبل مصالح الآخرين.
الأيام القاسية القادمة كفيلة في تغيير ذهنية اللبنانيين خاصة عند الاستحقاقات الكبرى المقبلة، ويبدو أنها ستبدأ في إسقاط هذه الحكومة السنيورية غير الشرعية التي اغتصبت صلاحيات رئيس الجمهورية.

الخميس، ديسمبر 27، 2007

عمداء الحركة الأسيرة الفلسطينية


راسم عبيدات
.... بداية لا بد من التنويه أن البلاد العربية وحتى الواقعة منها تحت الاحتلال كحال الشعب الفلسطيني، لديهم الآلاف من العمداء والذين لم ينال الكثير منهم هذه هذه الرتب عن استحقاق وجدارة، لا في معارك البطولة الشرف ولا دفاعاً عن الأوطان المغتصبة والأعراض المنتهكة في طول الوطن العربي وعرضه، ولا تقديراً لأدوارهم ونضالا تهم وأمجادهم، بل الكثير منهم منح هذه الرتب والأوسمة والنياشين، والتي يجرى توزيعها عليهم "بفرمانات" من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لعلاقاتهم الشخصية والنسب والمصاهرة والجهوية والعشائرية والطائفية والحزبية وقربهم ودفاعهم عن أهل البيت والسلطان، ودورهم في قمع الجماهير وإذلالها، حتى مالت أكتافهم من ثقل نياشين لا يستحقونها وأضحوا بلا رقاب من كثرة الولائم والعزائم، وفي المقابل فإن الشعب الفلسطيني، ربما هو الوحيد من كل شعوب الأرض الذي له جيش من العمداء ، يستحق هذا اللقب عن جدارة واستحقاق، ودفع لقاء هذا اللقب، دم ودموع وتضحيات وصمود أسطوري،انه جيش الأسرى،هذا الجيش الذي قضى 232 من خيرة أبنائه أكثر من خمسة عشر عاماً من أعمارهم وشبابهم في سجون ومعتقلات الاحتلال، 73 منهم قضوا عشرين عاماً و10 اكثر من ربع قرن، هؤلاء هم العمداء الحقيقيين والذين نعتز ونفخر بهم، بل ولولا اختتام النبوة والرسل، لقلنا انهم الأنبياء والرسل، فرغم كل ظروف الانكسار والتراجع والانحطاط التي تمر بها الأمة العربية عامة وشعبنا الفلسطيني خاصة ،إلا أنهم بقوا قابضين على مبادئهم كالقابض على الجمر، وفي وقت تعز فيه المباديء والقيم، وإذا كان هذا الجيش ،هو مصدر فخر واعتزاز وتشريف لنا، فهو في المقابل مصدر الم وشعور بالذل والمهانة والتقزم أمامهم ، لعجزنا عن تأمين شروط إطلاق سراحهم، فحتى من وقع اتفاقيات أوسلو من الشعب الفلسطيني، لم يشترط نصاً واضحاً وصريحاً لإطلاق سراحهم، فهذه الاتفاقيات والتي لم تلبي حتى الحد الأدنى من حقوق شعبنا الفلسطيني، تركتهم فريسة ولقمة صائغة للاحتلال وحسن نواياه، هذا الاحتلال المغرق في الغطرسة والعنجهية والتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني،رأينا كيف أخضع هذا الملف للابتزاز والشروط التعجيزية،وتقسيمات وتصنيفات ولدت وخلقت عند الكثير من الأسرى حالة من الصدمة، وعدم الثقة بالسلطة القائمة ورموزها، بل وحتى من كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، وإزاء ذلك حاول الفريق الفلسطيني المفاوض، أن يمتص الغضب والنقمة العارمة عند الأسرى وأسرهم وذويهم، من خلال نص جاء في اتفاقيات شرم الشيخ 1999 نص على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والذين اعتقلوا قبل اتفاقيات أوسلو أيلول 1993 ،دون سقوف وجداول زمنية، وهذا جعل العدو الإسرائيلي، يستمر في سياسة المماطلة والتسويف، وإخضاع الملف للمزيد من الابتزاز والاشتراطات التعجيزية، فرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق وزعيم الليكود الحالي " بنيامين نتنياهو"، تبجح وقال لن نقدم للفلسطينيين، أي شيء بالمجان، وإمعاناً في اهانة وإذلال الطرف الفلسطيني المفاوض، كان جزء من دفعات الأسرى الذين جرى الإفراج عنهم في فترة رئاسته للحكومة الإسرائيلية، هم من المسجونين بحجة دخول القدس والخط الأخضر بدون تصاريح وكذلك من المعتقلين الجنائيين. والعالم المسمى بالحر والديمقراطي وكذلك ما يسمى دعاة ومنظمات حقوق الإنسان، الذين لم يحركوا ساكناً تجاه هذه المأساة ،التي تشكل وسمة عار في جبين كل من يدعون الحرص على الديمقراطية وحقوق الإنسان، فهؤلاء غارقين في المعايير المزدوجة والانتقائية حتى أخمص أقدامهم،وهم يرددون نفس الاسطوانة الإسرائيلية المشروحة ،بأن أسرانا الأبطال هم ، "قتلة وإرهابيين" ، في الوقت الذي تتلطخ فيه أيدي كل قادة إسرائيل وحكامها وضباطها وجنودها بدماء شعبنا الفلسطيني، هذا النفاق الدولي وتحديداً الأمريكي والغربي تجلى بشكل صارخ، عندما أسرت المقاومة الفلسطينية(حركة حماس) ومن بعدها المقاومة اللبنانية ( حزب الله) في النصف الثاني من 2006 ، ثلاثة من الجنود الإسرائيليين ، حيث تحركت حكوماتهم رؤساء ووزراء وبرلمانيين وهيئات ومؤسسات دولية لظرف الدموع والحزن والإدانة والاستنكار لأسر هؤلاء "الجنود الأبرياء" ودون أن ينبسوا ببنت شفة عن الأسرى العرب والفلسطينيين والذين قضى 73 منهم أكثر من عشرين عاماً في معتقلات وسجون الاحتلال، حتى أن العديد منهم استشهد في سجون الاحتلال ومعتقلاته، وبطريقة فيها إساءة لكل المشاعر الإنسانية، فالشهيد الأسير محمد حسن أبو هدوان استشهد، في مستشفى "أساف هروفيه " الإسرائيلي بعد قرابة عشرين عاماً من الأسر عام 2004،وهو مقيد اليدين والقدمين إلى سريره ، وفي حالة نزاعه الأخير، فأي إنسانية وحقوق إنسان التي يتحدث عنها الأمريكان والغرب الغارقة قياداتهم في دماء شعوبنا؟.
واليوم عندما تلوح في الأفق بوادر صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، فإنني لا أرى أي معيار لنجاح هذه الصفقة ،دون أن تشتمل على إطلاق سراح ،الجزء الأكبر من الأسرى ممن أمضوا خمسة عشر عاماً فما فوق، وجميع من أمضوا عشرين عاماً فما فوق، فهؤلاء مع خبرتنا وفهمنا العميق للعقلية الإسرائيلية العنجهية والمتغطرسة، لن تطلق سراحهم بوادر حسن النية، والتي هي ليست أكثر من ذر للرماد في العيون، فكل الإسرائيليين فيما يتعلق بأسرى شعبنا من أقصى أقصى يسارهم إلى يمينيهم هم يمينيين، وكل من يفكر أو يعتقد ولو للحظة واحدة، أن أمثال عبدالله البرغوثي وحسن سلامة ويحيى السنوار وعباس السيد وفؤاد الرازم وأحمد أبو السعود ومؤيد عبد الصمد وعبد الكريم عويس وأبناء أبو حميد وفخري ونائل البرغوثي وأحمد سعدات وحمدي القرعان ومروان البرغوثي ووليد دقه وأبو علي يطا وغيرهم، ستحررهم حسن النوايا فإن الأوهام تعشعش في أعماق تلافيف دماغه، فالإسرائيليين والذين يذرفون الدموع على ما يسمى بالسلام ، ويتحفوننا خطباً وشعارات عن التنازلات المؤلمة ، يمارسون على الأرض عكس ذلك كلياُ.
ومن هنا فعلينا أن نتعظ ونستفيد من التجارب، فكل الافراجات التي طبل وزمر لها، على أنها جاءت لدعم قوى الاعتدال الفلسطينية والعربية، جاءت في الإطار الشكلي والديكوري، ولم تضمن أية افراجات جدية وحقيقية، والذين جرى الإفراج عنهم ، جرى اعتقال ما يعادلهم، بل وحتى وأكثر من ذلك وفي نفس الفترات، ولذلك فكما أن الكثيرين من قادة شعبنا وفصائلنا وأحزابنا، ما قدر لهم أن يتبواؤا هذه المراكز والمواقع، لولا صفقة عملية الجليل التي نفذتها الجبهة الشعبية القيادة العامة أيار 1985، بل ولربما أصبح الكثيرين منهم شهداء في سجون الاحتلال، أو اقتربوا من عامهم الاعتقالي الأربعين، وحتى لا يصبح أسرانا كذلك، فلا بديل في اللحظة الراهنة والملموسة إلا بالإصرار على إطلاق سراح المعتقليين ذوي الأحكام العالية، وتحديداً القدماء منهم، وهذا هو المعيار الجدي والمقبول لآية صفقة تبادل محتملة.
القدس – فلسطين
Quds.45@gmail.com

الثلاثاء، ديسمبر 25، 2007

إذا كنتم فعلاً لبنانيين إفعلوا ما يريده اللبنانيون!. فحص ضمير!


لاحظ س. حداد

انكشفت لعبة " الغمَّيْضة "التي يقوم بها كل من حزب الله ورئيس المجلس النيابي والجنرال ميشال عون.,. وسوريا..

حزب الله، بعد أن سحب وزراءَه وفرض سيطرته على الشوارع تحت تهديد السلاح المقاوماتي، قدَّم التغطية الكاملة لحليفه الكبير رئيس المجلس، نبيه بري، كي يأخذ عنه مهمة الدفاع عن هذا السلاح في محاولة مكشوفة للسيطرة الفعلية التامة على زعامة إحدى أكبر المذاهب في طائفة المسلمين اللبنانية وجاعلاً منه كبش محرقة سياسية داخلية لمخططه الاقليمي في الاستيلاء على الدولة اللبنانية وتحويلها إلى دولة عقيدية..
كذلك أفلح هذا الحزب في تحويل الأنظار والمعالجات السياسية المحلية والإقليمية وحتى الدولية إلى حليفه والمتفاهم معه، الجنرال ميشال عون.. ذلك في تفويضه مباشرةً للتحاور مع باقي الأطراف.. في هذا ينأى بنفسه عن الهجومات المباشرة إلاّ دفاعاً عن طروحات هذا الجنرال وتحفيزاً له لإعلاء سقف مطالبه إلى الأقصى.. علينا هنا أن نتصوَّر حزب الله يدعم طروحات الجنرال المسيحية جداً، بنظره، هذه التي ستأخذ من طريق هذا الحزب مواقع عَمِلَ ويعمل في سبيلها منذ نشأته!

رئيس المجلس النيابي الأستاذ نبيه بري، بتعطيله عمل مجلس النواب طوال أكثر من سنة، يمارس أكبر عملية تلاعب بالدستور اللبناني مخوِّلاً لذاته اتخاذ صفة المدعي والمحكمة معاً في حق الحكومة التي منحها مجلسُه الثقة.. إنَّ استئثار رئيس المجلس بالتسلُّط على حق مجلس النواب يستوجب محاكمته للاخلال بوظيفته والتعدي على صلاحية المجلس في مناقشة الأمور الوطنية التي انتُخِبَ من أجلهاً..
وتعطيل مجلس النواب ليست المهمة التدميرية الوحيدة التي يمارسها في حق الشعب اللبناني بل إنه يساهم مساهمة كبرى في تعطيل الاقتصاد الوطني ودفع الشباب اللبناني إلى اليأس.. رئيس المجلس النيابي، بسحِهِ هو الآخر وزراءه من الحكومة، فقط من أجل اعتبارها غير ميثاقية وبالتالي رفض التعامل معها، أدى إلى الفراغ الدستوري الكامل في سدة رئاسة الدولة.. وهذا يصبُّ تلقائياً في غير مصلحة الدولة ككل وهو تصرفٌ يستوجب محاكمته أيضاً إذ لا يمكن لأي فردٍ مهما علا شأنه أن يعطل مسيرة دولة وأمـة دون محاسبة..

الجنرال ميشال عون، بعد فشله في إقناع الجميع بأحقيته في الرئاسة، وبعد رضوخه وحلفائه لمشيئة الأكثرية الشعبية والمسيحية تحديداً، استقطع من هؤلاء الحلفاء تفويضاً غريباً لم يجدوا أكثر منه جرأة لمجابهة المسيحيين، قادة روحيين وسياسيين، فينوب عنهم في توجيه إهاناته اليومية.. متناسياً تماماً أن ما أوصله إلى ما هو عليه، هو انتسابه الصوري إلى طائفة هؤلاء القادة.. وقد بلغت به القحة حدَّ تعيين ذاته بطريركاً سياسياً على طائفة لها تاريخها المجيد في المحافظة على لبنان.. ومؤخراً أولى نفسه حق تقييم أحد كبار مطارنة الطائفة، المشهود له ببعد النظر والقدرة على الارشاد، متهماً أياه بعدم المسئولية ووجب المحاسبة! الأمر الذي أتاح لمدعي العلم من أتباع المتفاهم معه في توجيه ما لم يتجرّء أحد من قبل فيتطاول على محرمات دينية لو أنها وُجِّهت إلى قيادات حزبه لأحرق الأشرفية ودمر المناطق المسيحية كما فعل من قبل.. ولربما كان استعمل الخناجر والسيوف لذبح أكبر عدد من المسيحيين ومنه أنصار الجنرال المخلوع!
... . ...

الكذب ملح الرجال وعيب علي بيُصْدُق !

مثل دراج قديم، نعتذر لعدم توفر أي مثل آخر أكثر تعبيراً منه عن الواقع، ينطبق على جميع أطراف المعارضة أولهم قيادة حزب الله وثانيهم رئيس المجلس النيابي وأخيرهم وليس آخرهم قائد حرب التحرير وحرب الإلغاء، بطريرك السياسة المسيحية الجنرال المخلوع ميشال عون..
حزب الله المتلفع عباءة الأعراب تمويهاً والمتوّج بريش طاووس الأعاجم يحتجب خلف اثنين من غلاة المطالبين بإسقاط النظام اللبناني ويلبسهما عمامةَ القيادة الطائفية، حتى إذا أفلح الأثنان أو أحدهما كان انتصاره مدويّاً وكانت خسارتهما لا تعوَّض.. إن أكاذيب قادة هذا الحزب كشفتها حقائق أعلنها أولياؤه!
رئيس المجلس وعدنا بهدايا وعيديّات أفضت إلى شل المجلس النيابي لأكثر من سنة.. مرةً يجترح طاولة حوار لا تمثل سوى نواب المجلس وقيادات كتلهم ويدعو نفسه طرفاً في مناقشاتها، ومرة يفرض حواراً حول نقطة أو اثنتين لا ثالث لهما.. وتفشل الحوارات والمشاورات.. مرةً أخرى يدعي السير خلف البطريرك الماروني وطروحاته الوطنية ويلزم النائب سعد الحريري المفاوض عن الأكثرية النيابية فيأخذ من مناقشاته كلمة ليبني عليها متناسياً جميع التزاماته أمام مجلس نواب الأمة والشعب اللبناني بأسره..
نحن في غاية الأسف أن يبلغ السفاف في المنطق المعتمد لدى رئيس المجلس النيابي هذه الحدود من الاستخفاف ليس بالشعب اللبناني وحسب بل وبالرأي العام العالمي كله.. ولا نجد غضاضة في القول أن الرجل يقود الأمة اللبنانية، بالتعاون والتعاضد والاتفاق مع حلفائه، إلى مهاوي الاقتتال الطائفي الذي بدأ يذر قرنه علناً على ألسنة الصف عير المصنّف من رجال المعارضة الذين على ماذا يعترضون فعلياً.. أمثال وهاب القنديل واليكن!.. ونسأله: أمثل هؤلاء تكون الحكومة الشرعية والميثاقية أيها الرئيس؟
الجنرال المخلوع، عليه القبول بالغير حتى يقبله.. تفويض حزب الله لك لا يجعله أكبر من غيره، فالكل في نظر القانون سواسية.. إدعاؤه بطريركاً سياسياً لا يخوله التهام مطارنة السياسة.. وَ.. إذا كان فعلاً بطريرك السياسة للمسيحيين فكيف يُجيز لنفسه تسمية بطاركة السياسة عند المسلمين ليحاورهم.. لا أبن الحريري ولا وليد جنبلاط يصفان نفسيهما بطاركة السنة أو الدروز.. على الأقل عليه واجب التنازل إلى موقعيهما أو رفعهما علناً إلى سدة البطريركية في طائفتيهما.. أليس هذا من التساوي في المقامات؟
أيها الجنرال، المطارنة لا تركع للبطريرك فلماذا تريد تركيع السياسيين لك.. بربك قل لنا، منذ متى أصبحت الرابية بكركي السياسة في لبنان؟ هل إذا اجتمع عندك بعضُ المخَجَّلون المصفِّقون يصبح مقرك محجة أهل السياسة؟ ألم تتعلم دروس بعبدا؟ ألم تعلم بعد أن المتفاهم معك، والمفوّض لك يختبئان خلف غوغائيتك ويلبسانك طربوش المسئولية الأدبية أمام بني طائفتك حتى إذا فشل حزب الله في إقامة دولته العقيدية وهو لا شك فاشلٌ، لن يتبقى، في نظر السيد بري، إلاّه زعيماً يتوَج عليها.. وأن السيد بري لن يجد طريقه إلى رئاسة المجلس مجدداً إلاّ إذا كنت أنت الرئيس وهيهات أن تكون!
... , ...
فحص ضمير،،،
حزب الله، حطَّ عن جَمَلِه وتولى أولياؤه في طهران خيط المحور الإقليمي..
رئيس المجلس، أنزلَ حملَ حزب الله ولم يُنْزل حمل النظام السوري بل تولى هذا الأخير تثبيت أكتافه في عين التينة فلن يفتح مجلس نوابه إلاّ على أجداث الحكومة.. حكومة صناعة دمشقية بامتياز..
الجنرال المخلوع، لن تنخلف كتفيه ما لم يخلع أكتاف قادة المسيحيين لذا نراه باشر في خلع عباءة رئيس طائفته الأرجوانية الممنوحة له إجلالاً من أعلى سلطة دينية ينتمي سيادته إليها.. وهو وشَّحَ نفسه رداء الأرجوان الفينيقي أسوةً بأباطرة روما الذين شواطئ لبنان لاصطياد الموريكس الثمين.. وها هو يرزح تحت إعلان شرع دمشق ومعلمها ووزير اعلامها فيتبناه بجملته.. دون خجل أو مواربة..
هؤلاء: الأثافي الثلاث، لم يعد هناك من صفات تطلق عليهم سوى صفة الخيانة الوطنية فوجب محاسبتهم ومعاقبتهم.. ألا يمكن للدولة اللبنانية محاكات النظام السوري، مرة واحدة فقط، فتحاكم هؤلاء كما حاكم النظام السوري أحد النواب بسبب كلمة اعتُبِرت مساساً بأمن الدولة؟
هلا فحص هؤلاء ضمائرهم فوجدوا في تصرفهم خلالاً يتوجب الاصلاح؟ أم أننا نطالب بما لم يعد موجوداً!
ألا تفضَّلَ هؤلاء بتوجيه السؤال البديهي إلى الشعب اللبناني المقيم والمغترب فيتبينوا الحقيقة.. حقيقة الإشمئزاز والقرف مما هم في وطنهم فاعلون!
إن اللبنانيين في شتى أصقاع الدنيا يتطلعون بشفقة إلى تردي الفكر والوطني والإفلاس السياسي المدقع الذي أوصل هؤلاء، مدعو القيادة والحصانة، وطنهم إليه ويتخوفون بصدق من مهاوي الانزلاق إلى الفتن المخطط لها من قبل أولياء أمور هؤلاء القادة، وهم لا يدرون، وفي أن يتمنون لو أن في وسع حضارتهم اللبنانية الأصيلة الانقضاض على هؤلاء بقوة الحق الوطني وألقت القبض عليهم وزجهم في سجون مؤبدة مع الاشغال الشاقة لعلهم يرعوون وعن غيهم إلى الوطن يئوبون!

وطن دون رئيس، كعائلة لطيمة فكيف بهذا يقبلون؟
فإذا كنتم حقا، لبنانيين فاعلوا ما يريده اللبنانيون!
ثقوا أيها السادة أن لن ينفعكم ولي أو وصي أو حتى نبي عند زوال الوطن ولن يزيدن، هذا وذاك وذلك، عددكم عدده بل أنتم الخاسرون.. فمن فقد وطنه لا وطن له كمن غير مذهبه لا مذهب له... الآ اتعظوا وأنقذوا وطن الأوطان .. لبنان!
أنقذوا وطن الأرز قبل تُنقذه من براثنكم ثورة الأرز الكبرى...

صانك الله لبنان

المجلس الوطني لثورة الأرز الكبرى / نيوزيلندا
المجلس العالمي لثورة الأرز الكبرى.

الجوع كافر

عادل السياغي
ليس الجوع ( الأكل) فقط مااعنيه هنا في كتابتي وهو كالعمل والتعليم والصحه بل وفي الزواج فكله من انواع الجوع ولا يقل أهميه عن الجوع...........؟
ولو ان الاسعار يجب ان اتوقف عندها قليلا حيث وبعد قرار السيد وزير الصناعه وبعد يوم فقط تفاقمت الاسعارمجددا حيث وصلت الزياده الى ما يقارب 50% بسبب ما قضى به قرار تعبئة المواد الغذائيه وبأوزان محدودة سلفا ووضع لها سعر محدد ومحدود وثابت وسيعمل بهذا القرار بعد ستين يوماً من صدوره.
واكد اقتصاديون متخصصون ان هذه الزوبعه الجديدة لإرتفاع الأسعار هي إذ تعتبر جريمة سعرية جديدة رسميه (غير معلنة ) وهذا ما يرغب به المستغلون لحاجات الشعب فى التلاعب قدر المستطاع وكسب فترة تنفيذ القرار (هذا اذا نفذ).
والملاحظ وبغضب شديد وتشنج غير مسبوق من الشعب وما يعانيه لا تعير حكومة (الخيل) اى اهتمام لمشاعر هؤلاء المساكين .
ويبدو ان (حوكمة) الحكومة ستعزو وكعادتها غلاء الاسعار الى ارتفاعها عالميا (برغم الإنخفاض الملحوظ لسعر الدولارعالميا ايضا كما يدعو). متجاهلين (أي حوكمة جكومة الخيل) ان هذا الغلاء سبباً رئيساً في تاجيج الشارع .
وعن ذلك التاجيج وهو حق مشروع كفله الدستور بل وحتى الدين قبل الدستور ايضا اكد وكفل إحقاق الحق لكل ذى حق منهوب او مغتصب.
وحقوقنا كثيره كثيره مسروقه ومنهوبه فالوثائق تتناثر هنا وهناك في هذا المقال او ذاك وفي تلك الصحيفة او تاك.
فبالأمس نتطالع فساد النفط ممثلاً في وزيره( بحاح) الذي بحنا قبيل ايام بخبر كالصاعقه وهو استيراد الغاز (ياعيباه)الوزير المحترم يذكر جيدا المحضر الرسمي الذي وقعه في 11/11/2006م علي اعاده غرامه تاخير خصما من مشروع طرق.
ولم يكتف بذلك بل حاول عبر وسطائه رشوة(القانوني) انذاك لتسهيل وتمرير (السرقة) وحين رفض قام بتغيرة...بل وصل ذاك اللعين ( الفساد ) الى الصحة ( راصع ) يعلم جيداً مخالفاته للقانون في اجرءاات الصرف. والتفاصيل متداولة.
وهناك لمن يريد المزيد من قصص الفساد المستشري كـــ (الغرغرينة )في جسد الوطن. وتعود اسباب المعضلة هنا لعدةعوامل منها : فساد الحاكم وشلته وعدم قدرته علي التوبه والصلاح.1
- ضعف المعارضه وتخبطها بعد موجات الحاكم.
مفترق قريب.........؟شدني ما كتبه زياد ابو شاويش والرجل بالمناسيه ليس يمني وهو فلسطيني يقيم في دمشق ومقرب من الرئيس السابق (علي ناصرمحمد) وكان قد ذكر السيد (ابو شاويش) ان الرئيس علي عبدالله صالح (استشعر الاخطار المحدقه) باليمن وحسب قول ابو شاويش فقام بدعوة من بالخارج الي العودة للداخل ولكنه عاد وتدارك ان ردة الفعل اخطر بكثير من الدعوة التي وجهت لمن بالخارج . معللاً ذلك بانعدام (الثقه).
وأجد هنا فرصة للتعليق علي السيد ابو شاويش بإختصار شديد وبسيط وبالعامية الدارجة لدينا فاليمن (ما في ابوهم خير كلهم لاعلي ولاعلي). واَن للشعب نفسه بنفسه ان يعرف طريقة اَن للعمال والمزارعين ومن الرعية ان يعلموا حقوقهم وان يكفوا عن التبلد الذي اصابهم منذ فتره وخدرهم.
وان كان الأولى والاجدى ان يقوم عنهم النخبة من أبناء الشعب النخبة المطلعين والمثقفين والطبقه الوسطى (ان وجدت) بهذا الدور في تفقيهم الأبجديات الضرورية للعيش بكرامة والمهمات لمستقبلهم وكما هو ايضاً ضروري لوقف كل فاسد.. وردعه وتقديمة للمساءله
1- لتحشد الندوات والاعتصامات و المسيرات السلمية
2- ليكتب الكاتبون العارفون بالصغائر فضلا عن الكبائر
3- ليقاطعوا التلفزيون الرسمي للحاكم وما يقدمة من خرافات صدأت وملها السواد الأعظم
4- كما وعلى الأمن والجيش ان لا ينسى أنه من الشعب اذا ما وضع(الميري).

وفازت ايران


يوسف فضل

أنا مستعدة لزيارة دمشق وايران لانه ليس لدينا اعداء دائمين
وزيرة خارجية امريكا
**
لقد فاز الحلف الايراني
وليد حنبلاط

ثالث يوم عيد الاضحى قمت بزيارة لاحد الاصدقاء (المناضلين ) القدماء في العمل في السعودية ، مع أنه كان يغطي جسمة بدثار الفروة فقد قدم الكعك بالعجوة (التمر)والقهوة السادة التي تسبب الحرقة للبعض . اثار اشجاني عندما قدم الفواكه المجففة (التين والمشمش والزبيب الخليلي) والمكسرات (الجوز واللوز ) والملبن والقمر دين مع طبق تغميس لها من الطحينة ، وهي احدى مكونات المأكول الفلسطيني الرخيص (سابقا ) الذي عادة ما نتناوله في فصل الشتاء للحصول على السعرات الحرارية لكن عدوي مرض السكر منعي من التمادي في التمتع بذكرى هذه الاطاليب التي تعكس تاريخ من بساطة العيش . لم يبق إلا ان يقدم الكينر والقرفه حتى نعيش ايام زمان مقهى النباتات في مدينة جنين .

تجاذبنا اطراف الحديث وكان الموضوع الرئيس هو حديث السياسة لاننا نهوى وجع الرأس والحكي ما عليه جمرك لكن بعد توديعه السلام نكأت فكرة كتابة ما دار بيننا من حديث فيما يتعلق بالسياسة الايرانية لانها حديث الساعة للسياسي ورجل الشارع والصالون (المثقف ) .

جاءت امريكا بوجودها العسكري الفاضح عام 2003 اي عندما غزت واحتلت العراق وكان
لمحسني الظن بها وهم كثر في العالم العربي بخاصة الحكام العربي (سني المذهب ) انها جاءت بداعي الخوف النووي العراقي ثم بدلت امريكا ادعاءات احتلالها بسبب الخوب من الاسلحة الكيماوية العراقية ثم بقدرة قادر انها جاءت لنشر مرض الديمقراطية ويا سبحان الله اخيرا اماطت اللثمام عن دوافعها الانسانية في تواجدها في العراق لحماية ارواح السنة والشيعة واصلاح ذات البين بين الاخوة الاعداء العراقيين . وهي التي اثارت نعرات الطائفية في العالم العربي .

جرى نهر من دماء الجنود الامريكان وانهار من دماء العراقيين في سبيل تنفيذ المشروع الامريكي في العراق . قد يقول البسطاء منا ان سبب وجود امريكا في العراق هو لحماية اسرائيل وهذا مستبعد لان به اساءة لنخوة الحكام العرب الذين اخذوا على أنفسهم عهدا بحماية هذه الدويله المسكينة والصغيرة من اي رصاصة صيد تخرج من بندقية اي هاو من الشعب العربي .

من غرائب الامور ان الدولة الوحيدة التي احتجت عمليا على التواجد العسكري في العراق , مع ان احتلال العراق وافغانستان تم بالاتفاق معها , وعارضت واختلفت مصالحها مع المشروع الامريكي هي ايران . يجب أن نأخذ بعين الاعتبار ان المواقف الايرانية التي قد تبدو متناقضه في الظاهر ما هي إلا مرونه ومناورات سياسة لحماية مصالحها والحصول على افضل شروط الاتفاق مع امريكا . وهذا من حق ايران ان تبحث عن مصالحها ، أليست السياسة هي لعبة تحقيق المصالح . وقد فهمت ايران ما جاء في تقرير هاملتون – بيكر بانه " لا بد او يجب على امريكا ان تشرك ايران للحفاظ على مصالحها في الشرق الاوسط " اي ان تخرج ايران بنصيبها من الكعكة . وقد فهمت ايران هذه الرسالة بانها وامريكا ستحصلان على ما لا تملكان . وان ما بينهما هو صراع ارادة للحصول على افضل شروط التفاوض . وقد جرت مواجهات عسكرية بين ايران وامريكا على الساحة اللبنانية ممثلة بحزب الله وعلى الساحة العربية العراقية ممثلة بالاحزاب الشيعية وقد فازت ايران عسكريا على امريكا .

لا نسمع إلا اخبار ايران وامريكا سواء على الساحة العراقية او الافغانية او اللبنانية او الفلسطينية . ونكاد ان نجزم ان اتفاقية السلام السرية بين امريكا وايران قد تمت . ولنقفز خطوة تحليلة إلى الامام ونطرح سؤال ما هي بنود اتفاقية السلام ؟ وهل اتفاقية السلام هي بين قوتين سياسيتين متساويتين ؟ ولماذا نستخدم اتفاقية السلام ؟ لاننا نود التذكير بان اتفاقية السلام لا تتم إلا بين الاعداء .

وبينما نحن وسائر المواطنين العرب الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بمتابعة الاحداث عبر الفضائيات والجرائد والانترنت والتنقل منقطعين عما يجري حقيقة ما وراء الكواليس لكن منشغلين بما يجري من اخبار موجهة مثل اخبار النصف + واحد في لبنان والثلث الضامن والثلث المعطل بينما تجري اتفاقيات في الخفاء ،بين القوات التي حطت علينا عسكريا في العراق وايران , ستغير مجرى احداث وتاريخ المنطقة . ولزيادة الشغف والالهاء المتعمد طل علينا السيد\ جورج بوش في اسلوب قوي من الابهام والتعتيم والتضليل وطالب بحل معضلة الرئاسة اللبنانية باعتماد النصف زائد واحد وان صبره قد نفذ من الرئيس السوري . وتفسير هذا الكلام إما ان السيد\جورج بوش ينفخ الوطنية في النظام السوري على اساس انه جزء مكمل للاتفاق مع ايران او انه يريد التخلص من الانظام السوري بالاتفاق مع ايران التي قد تكون تنازلت عن حليفها . وهذا يحصل في لعبة السياسة بان يترك الحليف للعدو للتخلص منه .

إن قراءة لمجريات الاحداث تعطي القدرة على التنبؤ لما سيحدث في الواقع المستقبلي المنظور . من معرفتنا بواقع السياسة الايرانية وطريقة تفكير قادتهم في ادارة المفاوضات ان ايران لا يمكن ان تتنازل عن شيء الا بحصولها على مكاسب مقابلة وقد تكون مضاعفة وان يثبتوا امر استمرار ايران على انها لاعب رئيس في المنطقة :-
1- ما طرحه السيد احمد نجادي من افكار واقتراحات في اجتماع مجلس التعاون الخليجي في قطر : إلغاء التأشيرات , الاقتصاد الحر بين دول مجلس تعاون دول مجلس الخليج وايران ، تزويد ايران للخليج بالماء والغاز ، المشاريع الاقتصادية المشتركه ، الغاء الضريبة ، كل ذلك نصت علية اتفاقية السلام وهذا ما وعد به السيد احمد نجادي من امريكا لصالح ايران .

المحزن في الامر أن جاء تصريح وزير خارجية السعودية ، وهي الدولة الاكثر تضررا من اتفاقية السلام ، لا يعبر عن اي مستوى من القلق ، حين علق على ما طرح السيد\ احمد نجادي بقوله " إذا حييتم بتحية فردوا بأحسن منها " وهذا تعليق يصلح للمجاملات الاجتماعية بين كبار السن في ملجأ للعجزة وليس مناسبا حين التحدث عن مصير منطقتنا التي اصبحت بين ايدي ايران وامريكا .ونتيجة التغيرات البطيئة فان الاوضاع ستتغير وستكون السعودية هي المنطلق الذي يقود مشروع التغيير العربي وهذا ما تعيه امريكا . وحينها سيدرك السنة ان مصالحهم لا تتوافق مع المصالح الامريكية . وهذا تكرار لنفس الخطأ الذي وقعت فيه امريكا حينما دعمت الجهاد السني في افغانستان فانقلب عليها المجاهدون . وامريكا تكسب مؤقتا من تغذية سياسة التفرقة الطائفية لكنها ستحصد العداء السني في النهاية .
2- ينص البند الاقتصادي من اتفاقية السلام على ان البترول ورسم سياسته بيد امريكا والدورة الاقتصادية في المنطقة لصالح ايران .
3- اقرار امريكا بان ثلث العراق تحت تصرف ايران .
4- مساعدة ايران لامريكا في استيطانها في العراق الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا

أما تنازلات ايران وامريكا فهذا بعلم الغيب لكن في محاولة للتوقع بناء على سياق الاحداث فان اربعة تنازلات يمكن لايران تقديمها لامريكا وهي :
1-حماية الامن القومي الامريكي في العراق اي حماية الاستيطان الامريكي بتواجد الجنود الامريكان واسرهم ومشاريعهم واستثماراتهم النفطية طويلة الامد.
2- الاحلال بدل الانظمة العربية التي تستشعر امريكا منذ فترة انها غير قادرة على حماية الدولة اليهودية .
3- اجهاض اي نشاط او بذرة نشاط جهادي من قبل المسلمين السنة لتغيير واقع الحال .
4- التضحية بحزب الله وحركتي حماس والجهاد وربما النظام السوري . عمليا تم سحب الصلاحيات من السيد/نصر الله ووكل بها نائبه .

حتى تستمر ايران في ضمان اتفاقها مع امريكا فلا بد ان تعتمد على ذاتها اي ان تكون ايران قد وصلت ، وهذا ما يرجح ،الى ان تكون قوة نووية فلم تعد بحاجة لحزب الله لتلعب به كورقة تفاوض ولا هي بحاجة لعداء اسرائيل ولا لدعم المقاومة الفلسطينية بل كونها دولة قوية تستطيع ان تحافظ على مكاسبها مع دول الخليج العربي حسب اقتراحات السيد\ احمد نجادي في اجتماع دول مجلس التعاون في قطر . ومما يؤكد ان ايران هي دولة نووية ما قدمتة مخابرات السي أي إي من الكشف عن تقرير (سري ) حول توقف برنامج ايران النووي منذ اربعة سنوات . أليس هذا انهاء لوجع رأسنا من مسألة النووي الايراني .

باختصار المصيبة ستعم على العالم العربي الذي ليس لدية مشروع حضاري للمنطقة بديل عن تزاوج المشروع الامريكي الايران فقامت ايران بسد الفراغ وقد اعطت بندا من البنود السابقة والكارثه إذا اعطت ايران كل الضمانات السابقة لامريكا .

تدثروا جيدا في فصل الشتاء حتى لا تصابوا بلفحات ونزلات البرد القادمة . وما اكثرها !

editor@grenc.com

عن أي سلام يتحدثون ؟؟!!


د. عدنان بكريه
ما يحصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تكثيف لعمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي يبرهن على أن اسرائل ورغم تظاهرها الشكلي بحرصها على فتح آفاق الحوار إلا أنها بخطواتها الكارثية هذه تنسف أية فرصة للحوار وتسد طرق السلام بجدران المستوطنات الصهيونية التي تقام على مرأى ومسمع من العالم وخاصة الدول الراعية لعملية السلام .
لم يمض شهر على انفضاض لقاء انابوليس بصيغة المتعددة حتى بدأ البلدوزر الإسرائيلي بتجريف آلاف الدونمات التابعة للمواطنين الفلسطينيين بهدف بناء المستوطنات عليها أما الهدف الغير معلن يبقى أكبر من مجرد عمليات توطين وتوسيع ليصل إلى حدود فرض واقع ديموغرافي استيطاني يُصَّعب عملية الإخلاء مستقبلا فيما لو تم التوصل إلى اتفاقات نهائية بين الأطراف وعليه قد تتمكن إسرائيل من الحفاظ على بؤرها الاستيطانية التي ستكون بمثابة (مناطر ) إسرائيلية مستقبلية بقلب الكيان الفلسطيني .
إن ما حذرنا منه سابقا ودائما وهو عدم جدية الطرف الإسرائيلي في إيجاد مخرج للوضع القائم يبدو الآن جليا للعيان من خلال إخلال إسرائيل بالمبادئ الأساسية لأية حوار ومفاوضات حول الحل النهائي ،إذ لا يمكن الحديث حول مفاوضات سلمية في الوقت الذي تقوم فيه إسرائيل بزرع أشواك المستوطنات على طريق المفاوضات وفي الوقت الذي تهدد فيه باجتياح قطاع غزة وإبقاء الحصار على ما هو عليه .
إن سياسة التجويع والترويع التي تنتهجها إسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني يجعل مجرد الحديث عن السلام أمر مضحك وغير واقعي.. فأي سلام يجب أن يسبقه إبداء حسن نوايا وإيقاف كل المظاهر التي تكرس الاحتلال مثل الاستيطان والحصار والتهديد والوعيد ! وما هو ظاهر على الأرض الفلسطينية يقطع الشك باليقين بان إسرائيل غير ذاهبة نحو السلام والمفاوضات بل نحو تكريس السيطرة على الأراضي الفلسطينية وشحن الأجواء في المنطقة واستفزاز الطرف الفلسطيني دون رقيب أو حسيب !
إسرائيل تسعى من خلال تكثيف الاستيطان إلى قطع الطريق أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وهي لن تدخر جهدا في سبيل إفشال كل محاولات العودة إلى طاولة المفاوضات في ظل غياب المطالبة العربية والدولية بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في لقاء انابوليس .
لقد كان واضحا منذ البداية على أن الطرف الإسرائيلي يسعى جاهدا إلى جر العالم العربي إلى التطبيع معها دون قيد أو شرط.. وحتى لو تم التطبيع فليس هناك ما يلزم إسرائيل على دفع استحقاقات العملية السلمية كونها لا تجنح للسلام الحقيقي بل تنادي بسلام جزئي مشروط بفتح العواصم العربية أمامها.
إن الرؤية الإسرائيلية للسلام لا تتعدى إقامة حكم ذاتي فلسطيني لا يشمل القدس وحق العودة بالمقابل إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع العالم العربي وإغلاق ملف القضية الفلسطينية نهائيا..لذا فهي معنية ببقاء حالة الانقسام الفلسطيني ... معنية بوجود كانتونات فلسطينية لا أكثر ... محافظات مقطعة الأوصال لا تتمتع بشرايين الحياة وغير موصولة بأي عالم آخر ! هذا هو التوجه الإسرائيلي للسلام والحل .
إن الرهان على الولايات الأمريكية وإسرائيل هو رهان فاشل.. إذ لا يمكن الانتظار بان تتنازل إسرائيل عن القدس وتسمح بعودة لاجئي شعبنا إلى ديارهم.. فقد أعلنها أكثر من مسؤول إسرائيلي بان الحل الجذري لقضية الشعب الفلسطيني لا يتعدى منح القيادة الفلسطينية صلاحيات إدارة بلدية كبيرة أو محافظة على حد تعبيرهم وبالنسبة لقضية اللاجئين فمن الأفضل وحسب تعبير المسؤولين الإسرائيليين القبول بالتعويض وتوطينهم داخل الدول العربية !! هذه هي الرؤية الإسرائيلية الشاملة للحل .
إسرائيل تريد التخلص من العبء الثقيل التي تشكله الضفة وغزة فهي تسعى لرمي هذا العبء عن كاهلها من خلال منح السلطة الوطنية حكم ذاتي إداري لا أكثر وهي تحاول استحداث قيادات مهادنة تسير في ركب المحتل كما كانت روابط القرى في السبعينات .. تريد التخلص من العبء الاقتصادي الذي تشكله الضفة وقطاع غزة لذا تسعى وبكل الوسائل إلى تفعيل الدبلوماسية العالمية والعربية لإقناع الطرف الفلسطيني للقبول بما تطرحه من حلول هشة لا تلبي أدنى ثوابت الحق الفلسطيني .
إن ما نخشاه بأن تتبنى بعض الأطراف العربية الرؤية الإسرائيلية للحل وتقوم بتفعيل ضغوطاتها على الطرف الفلسطيني .. وما نخشاه أكثر أن تقبل بعض الأطراف الفلسطينية ما تطرحه إسرائيل في إطار صفقة تطيح بحق العودة والقدس الأمر الذي سيشعل الشارع الفلسطيني من جديد ويعزز حالة الانقسام القائمة !
في ظل الحراك الدبلوماسي القائم والهادف إلى نسف ما تبقى من ثوابت الحق الفلسطيني مطلوب من الإخوة في حركتي فتح وحماس تجاوز كل الخلافات القائمة واللجوء إلى طاولة الحوار الأخوي النابع من المصلحة الفلسطينية العليا لتفويت الفرصة على المآرب الإسرائيلية التي تحاك وبمشاركة بعض الأطراف العربية .. ودون ذالك سنجد أنفسنا في بحر من المؤامرات والضياع... سيكون من السهل على إسرائيل ضرب أركان الحل والتهرب من دفع استحقاقات العملية السلمية المزعومة .
إن استمرار الوضع الفلسطيني المنقسم على ما هو عليه سيجعل إسرائيل تستسهل ابتلاع الحق والإتيان بحلول هشة تتجاوز الحقوق الفلسطينية وتقفز عن ثوابتنا الوطنية .. وحدة الشارع الفلسطيني من شأنها أن تصّعب مهمة إسرائيل وقد تجعلها عاجزة عن إجتياح قطاع غزة ... من هنا فان ما هو مطلوب فورا تدخل كل الفصائل الفلسطينية لإنهاء حالة الانقسام السائدة وإعادة المياه إلى مجاريها... فشعبنا لم يعد يحتمل المعاناة والحصار المفروض والذي يزداد يوما بعد يوم.
إننا نخشى أن يصل المواطنين المحاصرين في غزة إلى التمني بعودة الاحتلال.. لا حبا بالاحتلال بل بحثا عن تأمين لقمة العيش والخروج من الحصار المفروض ولألا يصل المواطن لهذه المرحلة .. على قيادة شعبنا أن تسعى لفك الحصار المفروض.. وهذا الأمر لن يحصل إلا إذا عادت اللحمة إلى أبناء شعبنا
الدكتور عدنان بكريه / فلسطين / الجليل

الاثنين، ديسمبر 24، 2007

لازمة "الصفقة" وسلاح الإيمان والرجاء



الياس بجاني
الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

عادت الأبواق السورية والإيرانية مع صبيانها من أصوليين ومرتدين وطرواديين في وطننا الأم وبلاد الانتشار، عادت بغباء إلى النفخ في أبواق الرياء "الكوبلتزي" والتسويق الوقح لـ "لا.زمة الصفقة" بين سوريا وأميركا على حساب لبنان. إنهم يحاولون اللعب بأعصاب أهلنا وبث سموم الخوف والانهزامية والتشكيك بينهم.

فات عقول هؤلاء الكفرة أن هذه البضاعة الشيطانية البالية لم يعد لها، أسواق، ولا مشترين، بعد انتصار ثورة الأرز، واندحار الجيش السوري وخروجه المذل من لبنان. تناسوا أن زمن الصفقات على حساب لبنان قد ولى إلى غير رجعة، وأن والولايات المتحدة ملتزمة الحفاظ على لبنان السيد الحر والمستقل، كما أكد ويؤكد مراراً وتكراراً الرئيس جورج بوش ووزيرة خارجيته وكبار الرسميين الأميركيين.

إن رد الأحرار والسياديين اللبنانيين الصارخ على كل هذه الخزعبلات، وعلى المروجين لها من أبواق وصنوج وطرواديين وحاملي مباخر هو التشبث أكثر وأكثر بالإيمان والرجاء والعنفوان.

فليس بإمكان أي قوة مهما عظمت أن تُشعر الإنسان اللبناني بالهزيمة إن كان سلاحه الإيمان والثقة بالنفس، كما أنه لا يمكن لأحد أن يشعر بالنصر مهما ربح من معارك ونفوذ إن كان قليل الإيمان وتعيش روح الهزيمة بداخله.

يا حكام سوريا وإيران، ويا أيها المرتزقة من الأتباع المغرر بهم والحاقدين من ناسنا: إن اللبناني الحر والسيادي سلاحه الإيمان والرجاء، وهو لا يقهر، ولا تقلل من عزائمه شدائد أو صعاب أو أكاذيب، لأن نعم الرب تملأ روحه، وعقله وتنيره بومضات الأمل ولمعات الرجاء.

يا أهلنا: لقد شدد المعلم على أن من له ذرة إيمان كحبة خردل يمكنه نقل الجبال، ووبخ تلاميذه لضآلة إيمانهم يوم خافوا مرتبكين من هبوب رياح عاصفة على المراكب، قائلا لهم: "ما بالكم مضطربين يا قليلي الإيمان، ثم زجر الريح فسكن البحر وحدث هدوءُ تام" (متى 9-19-20)

يا أهلنا، أما تُعلم شريعة الناصري أن الإنسان العاري من الإيمان، هو إنسان فارغ من الحسّ الكمالي، لا يُؤتمن له جانب، لا رجاء منه، ولا خير فيه على هذه الأرض الفانية، ولا في الفضاء السرمدي؟ هذا وتعلمنا شهادات الرسل إن المؤمن بالله والمتشبث بشرائعه يسلك طرق الحياة ومفارقها والتعرجات بشجاعة وثبات، وهو شامخ الجبين دون تردد أو فزع، أما المجرّد من نعمة الإيمان وأضواء الرجاء فهو بالعار يرضى، والهوان دون مشاكسة أو عناد، ويتحول مطية مطواعة تتحرك غب إرادة شياطين الأرض ورغبات الأبالسة الصارخة في قادة أقزام، وسياسيين أوباش، وأحزاب وتجمعات هي أوكار للفساد والإفساد.

علمنا أبطالنا الذين تقدموا قرابين على مذابح وطن الأرز، أن المؤمن بوطن وحرية وحقوق مواطنيه يذود عنهم ببسالة ولا أشرس، وتفان ولا اشرف، غير آبه بتهديد ظالم، ووعيد مستبد، أو بفقدان مركز وخسارة مُلك، أو زوال ثروة.

ليعلم السوري والإيراني ومن لف لفهما في وطننا أن لا وجود للأنانية في قاموس الإيمان بمقتضى الشرع والناموس والوجدان. إن من يحب يبذل ذاته في سبيل الآخرين، ومن يحب وطنه يصونه ويحميه ويرد عنه كل شر.

يا أهلنا، اليوم ونحن نحتفل بذكرى ميلاد المخلص دعونا لا ننسى أن سير الأبرار والأحرار تعلمنا أن المؤمن منا لا يمكن أن تهزمه شدائد ولا تسحقه تجارب: "فالشدة تلد الصبر، والصبر يلد الاختبار، والاختبار يلد الرجاء، والرجاء لا يخيب صاحبه، لأن محبة الله أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا" (رومة 5 - 4 و5).

يا أهلنا: قولوا لا بصوت صارخ لكل ما يُشاع عن "لازمة الصفقة" وتشبثوا بإيمانكم، ففاقد الإيمان يجعل من نفسه عبداً لشهواته والأطماع، والقديس بولس جسّد هذا الأمر بقوله: " ألا تعلمون أنكم إذا جعلتم أنفسكم عبيداً في خدمة أحدٍ لتخضعوا له صرتم عبيداً لمن تخضعون؟ إما للخطيئة التي تقود إلى الموت، وإما إلى الطاعة التي تقود إلى البر" (رومة 6-15)

يغيب عن بال قليلي الإيمان وفاقدي الرجاء أن شعبنا اللبناني ما رضخ يوماً من الأيام لمشيئة الشيطان، وأنه والإيمان صنوان، وصخور نهر الكلب تشهد على هذا الواقع التاريخي المجيد.

نُذكِّر القادة والسياسيين والمواطنين الذين شح زيت إيمانهم وخاب رجاؤهم، ونخص بالتحديد من انقلب على كرامة وطنهم وثوابته وأعلن العصيان الفج والوقح على مرجعية بكركي التي أعطي لها مجد لبنان، نذكرهم أن سكان مدينة صيدا سنة 350 ق.م وبعد أن قاوموا ببسالة الغازي الفارسي ارتحششتا، قاموا بحرق مدينتهم بمن فيها مفضلين الموت بكرامة على الذل والاستسلام.

ونذكرهم أن مدينة صور التي قاومت اسكندر المقدوني سبعة شهور (سنة 332)، لم تستسلم ولم تركع، مما حدى به بعد الاستيلاء عليها إلى صلب العديد من سكانها وبيع ألفين منهم كعبيد.

نسأل الجنرال الذي كفر بكل ما هو لبناني وتمرد على بكركي، كيف يمكنه أن يُغفل بطولات وشهادات بطاركتنا الأوائل؟ ودليلنا الناطق هنا هو البطريرك الماروني جبرائيل حجولا الذي إيماناً منه بالرسالة التي لها نذر اختار الموت حرقاً سنة 1367 في مدينة طرابلس أمام الجامع العمري رافضاً التخلي عن خلاص بني قومه المعذبين المهانين في قبضة المماليك الظلمة المجرمين. كما اختار قبله البطريرك دانيال الحدشيتي نفس المصير إلا انه مات شهيدا في مكان مجهول سنة 1282.

نداء إلى الذي قتلته الأنانية وغرق في أوهام كرسي الرئاسة الأولي، إلى من يدعي زوراً الدفاع عن حقوق المسيحيين، وإلى من يخبطون مهزومين في دواخلهم لقلة إيمانهم ونفاد رجائهم، أن يتعظوا بكلام السيد المسيح: "إن ثبتّم في كلامي، كنتم حقاً تلاميذي تعرفون الحقّ والحق يحرركم (يوحنا 8-32)

وبمناسبة ذكرى ميلاد المخلص نتقدم من الجميع بأحر التهاني والتبريكات طالبين من المولود الإلهي الفرج للبناننا الحبيب، والرحمة لأهلنا الصامدين بوجه الأبالسة، والهداية للمرتدين والشاردين، والبصيرة للمغرر بهم، والتوبة لحاملي مباخر التبجيل والنفاق.
ميلاد مجيد وعام سعيد

عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com



تأييد المواطنين العرب الجارف للخدمة المدنية يذهل المعارضين

مسار عبيد

*
الخدمة لا علاقة لها اطلاقا بأي موضوع أمني أو عسكري * الخدمة ليست الزامية انما تطوعية * لا توجد أماكن كافية لجميع الراغبين في التطوع * قريبا سيقر القانون الذي ينظم الخدمة المدنية *

أج رى باحثان من جامعة حيفا ، هما البروفيسور سامي سموحة ، والدكتور نهاد علي ، استطلاعاً للرأي حول القضية الملتهبة التي تشغل الوسط العربي في الاشهر الاخيرة ، قضية الخدمة المدنية .
النتائج التي نشرت أثارت وما تزال تثير ردود فعل واسعة بين الدهشة والاستهجان ، لدرجة ان بعض الاوساط السياسية المعارضة ، ذهبت نحو تكذيب نتائج الاستطلاع ، والادعاء ان البروفيسور سامي سموحة صاغ الاسئلة بشكل يوصله الى هذه النتيجة .والبعض وضع مصداقية استطلاعات بروفيسور سموحة موضع الشك ، وتجاهلوا مشاركة باحث عربي مرموق في الاستطلاع هو الدكتور نهاد علي . وكان من اندر ما قيل ان عدد مؤيدي الخدمة المدنية من بين المشاركين بالاستطلاع لم يتجاوز ال 10% . والملاحظ ، ان العديد من السياسيين العرب المعارضين يتحدثون عن الخدمة المدنية الالزامية . بينما المطروح هو خدمة مدنية تطوعية وغير الزامية ، أي هناك حرية كاملة للشباب العرب ، بعدم الخدمة المدنية ، ويستطيع كل من يعرف القراءة ان يطلع على وثائق مديرية الخدمة المدنية التي صدرت عن مكتب رئيس الحكومة ووزارة الرفاه الاجتماعي ،حيث يجري التأكيد الواضح ان الخدمة المدنية هي خدمة تطوعية غير الزامية .، وهي مقترحة مقترحة وليست مفروضة على الشباب المعفيين من الخدمة العسكرية يهودا وعربا على حد سواء. وكان من المثير ما قاله رئيس انشاء مديرية الخدمة المدنية الدكتور روبين غال بأن الموضوع بيدأ يأخذ معالمه على أثر التماس للمحكمة العليا قدمته صبية عربية قبل عدة سنوات من منطلق رؤيتها انه من حقها ان تخدم مجتمعها وتنال نفس الهبات والامتيازات التي تنالها الفتاة أو الشاب اليهودي،وصدر في وقته قرار من العليا يلزم الحكومة بتوفير الحق في الخدمة المدنية لمن يطلبها من مواطني الدولة العرب او اليهود وبنفس الشروط ، وهي خدجمة تطوعية لمن لا يخدمون في الجيش أو المجالات الأمنية والذين لا يستدعون لمثل تلك الخدمة بموجب القانون .
ويؤكد البند الثالث من قرار انشاء مديرية الخدمة المدنية ، ان المشاركة في الخدمة المدنية الوطنية ، ستكون تطوعية وتقوم على رغبة الفرد في توظيف اوقاته وقدراته في خدمة المجتمع . ويذكر ، ان لجنة المتابعة العربية العليا ، وممثلي القوى السياسية المختلفة ، اتخذت موقفاً ضد الخدمة المدنية خوفاً من ان تكون باباً للخدمة العسكرية .


نتائج الاستطلاع : يستدل من نتائج الاستطلاع ان 73.6% من الجمهور العربي يؤيد الخدمة المدنية ، رغم انهم لا يعرفون الكثير عن تفاصيل المشروع ، ورغم اجواء العداء من الاجسام السياسية العربية للمشروع .
شمل الاستطلاع 910 اشخاص من الوسط العربي في اسرائيل من القسم الأول من الفئات السكانية العامة ، والقسم الثاني من اهالي لهم ابناء في جيل الخدمة المدنية ، والقسم الثالث من الاستطلاع شمل فئة من الشبان والفتيان بجيل الخدمة – وكانت صيغة السؤال كالتالي :
هل توافق على اداء الخدمة المدنية مقابل الحصول على الحقوق التي يتمتع بها الجنود الذين يؤدون الخدمة العسكرية ؟
وكانت نسبة المؤيدون من الفئات العامة 73.6% وبين الاهالي 72.5% وبين الشباب انفسهم 65% . واشار الدكتور نهاد علي ، الى ان نسبة كبيرة من الجمهور (60%) لا يعرفون شيئاً عن الخدمة المدنية ، وقد بنوا مواقفهم بناء على صيغة السؤال ، واضاف ان وجود 60% من الجمهور يجهلون أي شيء عن الخدمة المدنية ، يعتبر فشلاً للقيادات السياسية . ومن المتوقع ان يثير هذا الاستطلاع ردود فعل اوسع في الاسابيع القادمة . وقد علمت من مديرية الخدمة المدنية ان عدد المتطوعين يفوق قدرة المديرية على استيعابهم ،لعدم وجود ميزانيات كافية ولأن الخدمة في اساسها تطوعية منظمة مقابل أجر ومنح وهبات مختلفة تساعد الشاب على شق طريقهم التعليمية أو المهنية ، وان هناك آلاف الشباب ( يقدر عدد المسجلين للتطوع بين 4000 – 5000 شاب وفتاة ) المستعدين للتطوع فوراً من مختلف انحاء البلاد ، وان عدد المتطوعين هذه السنة فاق بأكثر من الضعف عدد الملاكات الموجودة لدي مديرية الخدمة المدنية ( المفروض 250 متطوع ) مما أقتضي التوجة للوزارة للحصول على زيادة الملاكات والميزانيات لاستيعاب المزيد من الشباب والفتيات العرب ، فوصل عدد المتطوعين الى 900 متطوع . وهو رقم لم تستطع الأحزاب ان تجمع في اجتماعها القطري ضد الخدمة المدنية في حيفا تحت شعار " انا مش خادم " الا ربع هذا الرقم ، بل وبرامج لجنة المتنابعة العربية العليا لا تجند هذا العدد في نشاطاتها السياسية ، فكيف لو كان بالأمكان قبول كل من أبدى استعداده وحماسته للتطوع ؟
زمن المثير ما قاله الدكتور نهاد حداد في تلخيصه للاستطلاع ، بأن هناك معطى مهم في الستطلاع ، انه عندما وجه للمستطلعين سؤال ما اذا كانت موافقته على مشروع الخدمة المدنية هي مبدأية ام قابلة للتغيير اذا ما عارضتها غالبية القيادات السياسية العربية او غغالبية القيادات الدينيةاو العائلية المقربة ، الملاحظ هنا ان النسبة هبطت الى أقل من 50% .
من هنا يمكن القول ان نصف المواطنين العرب لن يثنيهم أي شيء عن تأييد الخدمة المدنية ، وهو الأمر الذي يجب ان ي دفع القيادات السياسية لأعادة حساباتها ، وربما لتتعلم المنطق السياسي والمصلحة الاجتماعية والرؤية المستقبلية من جماهيرها ، وقد تعيد النظر نحوا المشاركة في صياغة قانون الخدمة المدنية الذي يجري اعداده وسيكون مفتوحا للمناقشة أمام مختلف الهيئات ، بما فيهم النشيطين العرب أيضا.

وكانت لجنة عبري قد دعت من اليوم الاول ممثلي الجماهير العربية ، وعلى رأسهم رئيس لجنة المتابعة العربية العليا شوقي خطيب للمشاركة في صياغة مشروع الخدمة المدنية بما يتلائم واحياجات المجتمع العربي في اسرائيل ، ولكنهم رفضوا وبعضهم وافثق ثم تراجع أمام المعمعة الحزبية العربية ، وبعضهم أعلن تأييده للمشروع ، وأعتذر من المشاركة حتى لا يدخل في صدام مع أصحاب سياسة الرفض .
يقول الدكتور روبين غال ان أبواب المديرية مفتوحة دائما لمشاركة الأحزاب العربية في صياغة بنود القانون ومناقشتها واقرارها بالشكل الذي يرونه مناسبا لخدمة مجتمعهم في المجالات المدنية الحيوية لكل مجتمع انساني .
ويذكر ان هذا المشروع ليس اكتشافا اسرائيليا ، انما هو مشروع ينفذ في اكثر من 55 دولة في العالم على اساس تطوعي ، الا في الدولة الألمانية التي تنفذه بشكل الزامي لكل من يرفض بخياره ولأسباب ضميرية الخدمة العسكرية.

مسار عبيد - كاتب ومحلل سياسي - حيفا
mostkbel@017net.il